
حركة الشباب تسيطر على بلدة وسط الصومال وتواصل تقدمها
وأوضح الضابط محمد عبد الله لرويترز أن تاردو -وهي مفترق طرق رئيسي يربط بين المراكز الحضرية الأكبر حجما- سقطت أول أمس الأحد بعد أن طرد مقاتلو حركة الشباب المتحالفة مع تنظيم القاعدة مقاتلي العشائر المتحالفين مع الحكومة.
وقال عبد الله: "الجماعة تتقدم نحو مناطق أخرى بعد سقوط تاردو"، مضيفا أن القوات الصومالية ومقاتلي العشائر يحشدون لشن هجوم مضاد.
وأكد زعيم محلي ومقاتل من العشائر ومشرع بإحدى المناطق السيطرة على تاردو، وهو ما قد يساعد حركة الشباب على الانتقال إلى بلدات أخرى أكبر بسبب موقعها.
وتصاعدت هجمات حركة الشباب في المنطقة منذ مطلع هذا العام. ووصلت في فترات تقدم سابقة إلى مسافة 50 كيلومترا من العاصمة مقديشو ، إلا أن القوات الصومالية استعادت تلك القرى.
وقال عبد الله: "نناقش مع أهالي هيران خططا لاستعادة البلدات من حركة الشباب". وأضاف أنه جرى نشر نحو 100 جندي لدعم المقاتلين المحليين.
بدوره، أكد المشرع المحلي ضاهر أمين لرويترز أن أكثر من 12 ألف أسرة فرت من تاردو وبلدة موكوكوري القريبة التي قالت حركة الشباب إنها سيطرت عليها في الأسبوع الماضي.
وتشن حركة الشباب هجمات في الصومال منذ عام 2007 في محاولة للإطاحة بالحكومة المركزية المدعومة دوليا وإقامة حكمها الخاص.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 5 ساعات
- الجزيرة
عبد الكريم قاسم أول رئيس وزراء للعراق بعد إسقاط الملكية
ضابط عسكري وأحد أبرز السياسيين الذين أعادوا تشكيل تاريخ العراق الحديث. ولد عام 1914 ببغداد ، وتوفي في التاسع من فبراير/شباط 1963. انضم إلى حركة الضباط الأحرار عام 1954، وتولى منصب وزير الدفاع إلى جانب رئاسته للوزراء، بعد مشاركته في انقلاب يوليو/تموز 1958 الذي أطاح بالملك فيصل الثاني، ولقب بألقاب عدة من بينها "الضابط الشهم". المولد والنشأة ولد عبد الكريم قاسم محمد البكر الزبيدي في 21 نوفمبر/تشرين الثاني 1914، في محلة المهدية ببغداد عاصمة العراق. وكان والده قاسم محمد البكر ينتمي إلى عشيرة زبيد القحطانية. أما والدته كيفية حسن اليعقوبي فتنتمي إلى عشيرة تميم العدنانية. عاش طفولة صعبة، فقد كان والده نجارا ولم يقدر على إعالة أفراد أسرته فقرر أن يسافر بهم إلى مدينة الصويرة (جنوب العاصمة بغداد) عام 1922. وبعد وصولهم هناك بدأ عبد الكريم ووالده بالعمل في مزرعة خاله علي وعمره آنذاك 7 سنين، وهذا أشعل لديه حسا عاليا بالمسؤولية ورغبة في العمل على نفسه لإخراج عائلته من براثن الفقر. تلقى تعليمه الأول في مدرسة الصويرة الابتدائية وتخرج فيها عام 1927 ثم التحق بالثانوية المركزية ونجح بتفوق رغم إصابته بمرض ألزمه الفراش لأسابيع، وحصل على شهادة في الأدب. وعقب تخرجه من المرحلة الإعدادية، قدم على التوظيف في وزارة المعارف (وزارة التعليم)، وعين معلما في المدرسة الشامية الابتدائية عام 1931. وكان عبد الكريم طفلا منطويا يحب العزلة، فقد قال أستاذه "طالب مشتاق" عنه، إنه تلميذ هادئ يقضي فترة التنفس في زاوية منعزلة، مكتئب النفس وعابس الوجه ضعيف البنية، وأكد شقيقه عبد اللطيف أنه لم يكن يخالط زملاءه في المدرسة إلا في المناسبات العامة، كما أنه كان صبورا جدا. المسيرة العسكرية عام 1932 أعلن الجيش العراقي عن حاجته للضباط وفتح أبواب التطوع لكافة طبقات الشعب، فكان عبد الكريم من الأوائل الذين قدموا أوراقهم، وقبل رسميا بتاريخ 15 سبتمبر/أيلول 1932. عرف داخل الكلية العسكرية بالتزامه وعمله الدؤوب، وكان مثالا للعسكري الجيد الحريص على إتمام عمله على أكمل وجه، لكنه رغم كل هذا ظل محبا للعزلة وقليل المخالطة فلقبه زملاؤه "بكريم أبو جنية". كوّن إلى جانب بعض الطلاب بالكلية مجموعة تعاهدوا فيها على العمل من أجل مصلحة الوطن، ومنها بدأ نشاطه السياسي واتهم أجهزة النظام أنها السبب في الفقر الذي يعيشه الشعب. تخرج من الكلية العسكرية في 15 أبريل/نيسان 1934، وعرف في تلك الفترة بحقده تجاه القومية العربية ودعاتها، كما كان رافضا للوحدة العربية. وفي 1938 أعيد إلى الكلية ليشغل منصب آمر فصيل. في 12 سبتمبر/أيلول 1939 رفع إلى رتبة نقيب، وتوفق في تلك الفترة بامتحان الضباط في اللغة الإنجليزية، ثم تنقل بين وحدات الجيش المختلفة ودخل في دورات عسكرية عدة، حصل عبرها على درجات عالية. كتب عنه آمر جحفل اللواء الثالث في تقريره السنوي في أكتوبر/تشرين الأول 1945 أنه ضابط شهم ومخلص، وكان ذلك عقب الاشتباكات المسلحة التي جرت بين الحكومة العراقية وثوار "حركة بارزان الثانية" الداعين لإقامة حكم ذاتي للأكراد في منطقة الزيبار بالموصل. وقال عنه آمر لوائه في العام نفسه، إنه رقيق القلب وعفيف النفس ولا يبالي بالمتاعب النفسية والجسدية والفكرية ما دامت متعلقة بالواجب الوطني. تنظيم الضباط الأحرار انضم قاسم إلى اللجنة العليا لتنظيم الضباط الأحرار في سبتمبر/أيلول 1954، وحضر اجتماعها الأول في دار الرائد محمد سبع، وحينئذ أقسم أنه لا يمتلك لا تنظيما ولا تكتلا بعد اتهامه بعكس ذلك. وكان بعض الضباط قد ذكروا في مذكراتهم أنه كان يرأس تنظيما للضباط الأحرار في المنصورية، إضافة إلى "كتلة بغداد" التي أسسها مدير المخابرات العسكرية في بغداد رفعت الحاج سري، ولم يخبر اللجنة العليا بذلك، إلا أن إسماعيل العارف أكد أنه هو الذي دعا قاسم للانضمام إلى حركة الضباط الأحرار في أواخر 1954. وفي الاجتماع الثاني جاء قاسم رفقة صديقه المقرب عبد السلام عارف ، وهذا الأمر أجبر أعضاء الحركة على قبوله ضمنهم، واعتبر ذلك مخالفة أولى للشروط التنظيمية التي وضعتها الحركة. وفيما يتعلق باجتماع الجادرية الذي عُقد في أغسطس/آب 1957، فقد شارك فيه معظم أعضاء اللجنة العليا، باستثناء عبد الكريم قاسم وعبد السلام عارف، اللذين تغيبَا بسبب تمركز وحداتهما العسكرية خارج العاصمة بغداد. وخُصص الاجتماع لمناقشة مسألة قيادة التنظيم، وتم الاتفاق على تعيين عبد الكريم قاسم قائدا له، نظرا لأنه الأقدم رتبة بين أعضاء اللجنة. كما أُقرّ مبدأ "صوت واحد لكل عضو" في اتخاذ القرارات، إلى جانب تعيين نائبين لمساعدته في مهامه. وفي 14 يوليو/تموز 1958 ثار الضباط الأحرار ضد النظام الملكي الهاشمي واقتحموا قصر الرحاب في بغداد وأطاحوا بالعائلة الملكية وقتلوا عددا من أفرادها، وفي اليوم ذاته أعلنوا عبر الإذاعة الوطنية سقوط الحكم الملكي وقيام الجمهورية العراقية. "الثورة التصحيحية" تفكك تنظيم الضباط الأحرار بعد تحقيق الهدف المعلن بـ"تحرير العراق من قبضة الملك فيصل"، وبقيت الصداقة هي الرابط الوحيد بين الضباط. وبرز في تلك الفترة بعض الشخصيات التي تقلدت مناصب سياسية مهمة في الدولة رغم عدم مشاركتها في ثورة يوليو/تموز. شعر الضباط بالاستياء خاصة في ظل استبعاد أغلب الضباط الذين كان لهم دور محوري في الثورة، فقاد ذلك إلى تشكيل تكتل الضباط من جديد حول مدير الاستخبارات العسكرية رفعت الحاج سري، وطالبوه بإعادة تشكيل حركة الضباط الأحرار. وبعد إبعاد عبد السلام عارف من الواجهة السياسية وحبسه، انفرد عبد الكريم قاسم بالحكم وأصبح رئيسا للوزراء بمساعدة حلفائه (منهم شيوعيون) الذين عرفوا بمهاجمتهم القومية العربية ومحاربتهم قادتها، كما وُجّهت اتهامات إلى بعض العناصر المحسوبة على التيار الحليف له بالتطاول على الدين، عبر نشر كتب ذات طابع مادي تناولت الذات الإلهية والنبي الكريم ﷺ بأسلوب وُصف بأنه مسيء للتاريخ الإسلامي. وقد تصاعدت تلك الممارسات إلى حد الاعتداء على المصلين داخل المساجد، بما في ذلك رشقهم بروث الحيوانات أثناء أداء الصلاة، إلى جانب تعرّضهم للتهديد والضرب. وبحلول 1959 تجمع الضباط القوميون من الحركة تحت قيادة مدير المخابرات العسكرية في بغداد وقائد الفرقة الثانية ناظم الطبقجلي في كركوك وأطاحوا بحكم اللواء عبد الكريم قاسم. وانضم بعد ذلك عدد كبير من الضباط القوميين إلى حركتهما، وأعاد الضباط الثائرون بناء حركتهم في الموصل شمال غربي العراق، بقيادة الرائد الركن محمود عزيز بهدف وصفوه بأنه "تصحيح لمسار ثورة يوليو/تموز". انقلاب فبراير/شباط 1963 قاد حزب البعث العربي الاشتراكي بالتعاون مع ضباط قوميين في الثامن من فبراير/شباط 1963، انقلابا عسكريا للإطاحة بعبد الكريم قاسم، وجاء ذلك نتيجة تصاعد التوترات السياسية والاجتماعية ورفضه للانضمام إلى المشاريع القومية العربية مثل الوحدة مع مصر وسوريا. وفي صباح التاسع من فبراير/شباط 1963، وبعد يوم من الانقلاب تحصن عبد الكريم قاسم في مبنى وزارة الدفاع ببغداد، وبعد مواجهة بينه وبين الانقلابيين التي استمرت حتى ظهيرة اليوم التالي، تمكن الانقلابيون من السيطرة على المبنى واعتقال رئيس الوزراء وبعض مساعديه. ونقل المعتقلون إلى قاعة الشعب المجاورة، وحينئذ أجرى عبد الكريم قاسم اتصالا هاتفيا مع نائبه عبد السلام عارف، وطلب منه التفاوض أو السماح له بمغادرة العراق، لكن عارف أنكر علاقته بالانقلاب مؤكدا عدم قدرته على تنفيذ مطالبه. سلم عبد الكريم قاسم نفسه، ونقل إلى دار الإذاعة والتلفزيون حيث أجريت محاكمة صورية لم تعلم بها السلطات العليا إلا بعد انعقادها، وصدر بحقه حكم بالإعدام رميا بالرصاص، ونفذ في التاسع من فبراير/شباط 1963.


الجزيرة
منذ 6 ساعات
- الجزيرة
مستوطنون يخلفون دمارا واسعا ببرقة شرقي رام الله ويشعلون الحرائق
شهدت قرية برقة دمارا واسعا خلفه مستوطنون إسرائيليون عقب اقتحامهم القرية الواقعة شرقي رام الله، حيث أحرقوا عشرات المركبات وحاولوا إحراق منزلين. اقرأ المزيد


الجزيرة
منذ 6 ساعات
- الجزيرة
ما التحديات التي تواجه الاستخبارات الإيرانية لتفكيك شبكات الموساد؟
في شهر يونيو/حزيران 2025، استفاقت طهران على صدمة اغتيال صفوة قادتها العسكريين، بمَن فيهم رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة اللواء محمد باقري، وقائد الحرس الثوري اللواء حسين سلامي ، فضلا عن مقتل قائد القوات الجو فضائية بالحرس الثوري اللواء أمير حاجي زاده رفقة هيئة أركانه، وذلك في الساعات الأولى للهجوم الإسرائيلي. وأعقب تلك الهجمات ببضعة أيام تصفية قائد استخبارات الحرس الثوري العميد محمد كاظمي وعدد من مساعديه. بمرور الوقت تتكشف تفاصيل إضافية لما حدث خلال الحرب، حيث كشفت وكالة أنباء "فارس" الرسمية، في 13 يوليو/تموز الجاري، عن أن إسرائيل استهدفت في اليوم الرابع للحرب اجتماعا رفيع المستوى للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، حضره رؤساء السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية، حيث هوجمت مداخل ومخارج قاعة الاجتماع في الطابق السفلي لمبنى محصن غرب طهران بقنابل ثقيلة بهدف شل حركة الخروج وقطع تدفق الهواء، على غرار ما رشح من معلومات في عملية اغتيال أمين عام حزب الله حسن نصر الله. تمكّن المجتمعون من النجاة عبر فتحة طوارئ، لكنّ عددا منهم، وبينهم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، أُصيبوا بجروح طفيفة. وتُجري السلطات تحقيقا في احتمال وجود اختراق بشري مباشر مَكّن تل أبيب من معرفة توقيت الاجتماع وموقعه. عكَسَ هذا التطور لحظة انكشاف إضافية لأعلى مستوى في منظومة القرار السيادي الإيراني. فلم تكن الضربات مجرد تصعيد عسكري في الحرب التي اندلعت فجأة، بل كانت إعلانا فجًّا عن نصر استخباراتي إسرائيلي بُنِي على مدى عقدين من التغلغل والاختراق، وأصبح السؤال الرئيسي عن حجم الشبكات الاستخبارية التي مَكّنت إسرائيل من تنفيذ تلك العمليات النوعية في قلب طهران. الملمح الأساسي في تلك الضربات هو طبيعة أهدافها ودقة تنفيذها وتنوّع أدواتها، فبعضها تم بطائرات مسيّرة، والبعض الآخر بعبوات ناسفة داخل مركبات، وبعضها بفرق اغتيال فضلا عن القصف الجوي. هذا التنوع في أساليب التنفيذ كشف وجود طبقات متعددة من العملاء داخل المؤسسات الإيرانية ذاتها، وجعل من الصعب التنبؤ بنمط الضربات أو منع تكرارها. وتشير المعطيات الميدانية إلى أن الموساد لم يعتمد فقط على التكنولوجيا، بل على شبكات بشرية مزروعة في محيط القيادات، وفي دوائر لوجستية سهّلت مراقبة التحركات وتوفير معلومات حساسة عن الاجتماعات والمواكب والسيارات المستخدمة وحتى المنازل ومقرات القيادة الآمنة والبديلة. التراكم الاستخباراتي الإسرائيلي ما جرى في يونيو/حزيران 2025 لم يكن سوى تتويج لمسار طويل من حرب الظل. فمنذ أكثر من عقد، كثّف جهاز الموساد من أنشطته داخل إيران، مستهدِفا العلماء النوويين، ومنشآت التخصيب، وكوادر في الحرس الثوري. ونفّذ عمليات اغتيال لعلماء نوويين مثل مسعود محمدي وداريوش رضائي ومصطفى روشن مطلع العقد الماضي، ثم سرق نصف طن من وثائق الأرشيف النووي عام 2018، واغتال العالِم البارز محسن فخري زاده في 2020، ثم اغتال العقيد في فيلق القدس حسن صياد خدائي برصاص مسلحين قرب منزله في طهران عام 2022 بذريعة إشرافه على محاولات تنفيذ عمليات اختطاف واغتيالات لإسرائيليين في قبرص ودول أخرى، وأخيرا اغتيال قائد حركة حماس إسماعيل هنية في غرفته بمجمع تابع للحرس الثوري في طهران عام 2024. أشارت تلك الهجمات إلى مراكمة ممنهجة لقدرة إسرائيل على ضرب إيران من الداخل، وأن الموساد نقل الصراع من ميدان المواجهة العسكرية إلى شوارع طهران، وهو ما كان من المفترض أن يدفع إلى عملية مراجعة عميقة وإعادة هيكلة لأجهزة الأمن الإيرانية لتحديد الخروقات وعلاجها. وفي هذا السياق، يُذكّرنا جيمس أولسون، الرئيس السابق لقسم مكافحة التجسس في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية ، بطبيعة هذا النوع من الصراعات الاستخبارية، حيث شدّد في كتابه "كيف تقبض على جاسوس؟" على أن أفضل أساليب مكافحة التجسس هي اختراق أجهزة الاستخبارات المُعادية، وتجنيد الضباط المسؤولين عن شبكات الاختراق، وهي مقاربة تؤكد أن الردع الاستخباري لا يُبنى على الدفاع وحده، بل على المبادرة الهجومية. تعدد الأجهزة وتشظي القرار الأمني تُعاني إيران من مأزق يتجلى في تعدد مؤسساتها الأمنية وتضارب صلاحياتها. فبدلا من وجود جهاز استخبارات مركزي موحد، تتوزع المهام بين وزارة الاستخبارات (إطلاعات) واستخبارات الحرس الثوري، إضافة إلى أجهزة استخبارات تابعة للشرطة، والقضاء، والباسيج، والجيش. ورغم أن وزارة الاستخبارات أُنشئت عام 1984 بهدف دمج الأجهزة الأمنية المتناحرة بعد الثورة، فضلا عن تخويلها "بالحصول على معلومات الاستخبارات الأجنبية ومعالجتها، وإجراء عمليات مكافحة التجسس لمنع المؤامرات الداخلية والخارجية ضد الثورة الإسلامية والجمهورية الإسلامية الإيرانية"، حسب ما ورد في قانون تأسيس الوزارة، فإنها فشلت في احتواء هذا التشظي. ومع صعود الحرس الثوري في العقدين الأخيرين، تحولت وزارة الاستخبارات التي يشترط قانون تأسيسها أن يكون الوزير شخصا حاصلا على درجة الاجتهاد الديني وفق المذهب الشيعي، إلى جهة بيروقراطية تخضع لإشراف السلطة التنفيذية، وتتقاسم النفوذ مع جهاز استخبارات الحرس الذي تأسس بعد احتجاجات 2009. وبينما يُفترض أن تتكامل المؤسستان، فإن العلاقة بينهما ظلت على الدوام مشوبة بالتنافس. لقد علَّق قائد الحرس الثوري السابق وأمين مجلس تشخيص مصلحة النظام محسن رضائي على حادث التخريب في مفاعل نطنز واغتيال العالم النووي فخري زاده بالدعوة إلى تطهير مجتمع الاستخبارات، فيما ألقى وزير الاستخبارات السابق محمود علوي (2013-2021) باللوم على الحرس الثوري في اغتيال زاده لمسؤوليته عن أمن كبار المسؤولين والشخصيات البارزة، كما اتهم استخبارات الحرس الثوري بتعرضها للاختراق من طرف الموساد. فيما ألقى علي يونسي، وزير الاستخبارات الأسبق (1999-2005) في عهد خاتمي، باللوم في إخفاقات مكافحة التجسس على إنشاء منظمات موازية، والتنافس بين الأجهزة الأمنية، وتسييس الأمن عبر التركيز المفرط على المعارضين بدلا من حماية البلاد من التهديدات الخارجية. هذا التشظي الهيكلي حال دون بناء منظومة استخبارات مضادة متماسكة، وجعل الأمن الإيراني مشلولا، حيث تسعى كل جهة إلى توسيع نفوذها، حتى لو أدى ذلك إلى فوضى في توزيع المسؤوليات، وإلى ثغرات يستغلها الموساد بنجاح، مما سمح له بالتحرك في الفراغات الناتجة عن صراع النفوذ بين المؤسستين بحسب تحليلات عدد من المختصين الإيرانيين ولذا لم يكن غريبا أن تتكرّر عمليات تسلل العملاء أو أن يتنقل عناصر يُشتبه بتخابرهم بين المؤسسات دون كشفهم. أبرز مثال على ذلك هو علي رضا أكبري، نائب وزير الدفاع الذي أُعدم لاحقا عام 2023 بتهمة التجسس، بعدما شغل مناصب رفيعة رغم وجود إشارات أمنية تحذيرية، مما كشف أن مَن يجاهرون بولائهم الكامل للنظام أصبحوا هم الحلقة الأضعف أمنيا، كونهم أقل خضوعا للرقابة، وأقرب إلى مواقع النفوذ. إشكالية الاستمرارية الطويلة في القيادة الاستخباراتية: حالة حسين طائب يُظهر بقاء حسين طائب على رأس جهاز استخبارات الحرس الثوري منذ تأسيسه في عام 2009 حتى عام 2022 نموذجا لمشكلة أعمق في بنية القيادة الأمنية الإيرانية، وهي غياب التداول المؤسسي في المواقع الحساسة كما فعلى مدار أكثر من عقد، ارتبطت السياسات الاستخباراتية لطائب بمرحلة حساسة من التحديات الخارجية، لا سيما مع تصاعد أنشطة الموساد داخل إيران. ورغم أن الاستمرارية قد توفّر أحيانا نوعا من الثبات والاستقرار، فإن بقاء القادة في مواقعهم لفترات مطوّلة دون تجديد في المناهج يفتح الباب أمام تكرار الأنماط، ويُقلل من قدرة الجهاز الأمني على التكيف مع طبيعة التهديدات المتغيرة. كما أن طول بقاء المسؤول في منصبه يُنتج بالضرورة شبكات نفوذ داخل الجهاز نفسه، ما قد يُضعف الرقابة الداخلية والتقييم المهني لمجريات الأمور. هذا النمط من الجمود القيادي لا يُسهّل الاختراقات الخارجية فقط، بل يعوق أيضا التطوير التكنولوجي وتحديث العقيدة الأمنية، خاصة في مواجهة خصم يُراكم أدواته ويُجدد آلياته باستمرار كما هو حال الموساد. الرد الأمني الإيراني ردًّا على التصعيد الإسرائيلي داخل العمق الإيراني، أطلقت الأجهزة الأمنية حملة موسعة لتأمين الجبهة الداخلية بطريقة أقرب إلى إعلان الطوارئ الأمنية الشاملة. فنُشرت آلاف العناصر الأمنية في شوارع طهران والمدن الكبرى، وأُقيمت نقاط تفتيش دائمة في مداخل الأحياء والطرقات الرئيسية، وصودرت الأجهزة المحمولة من المواطنين بحثا عن إشارات اتصال مشبوهة أو محتوى سياسي، وأُعلن عن تفكيك شبكات متعاونة مع الموساد، وملاحقة الأنشطة الرقمية التي قد تُستغل لاختراق المنظومات الدفاعية، كما أُعدم 5 أشخاص على الأقل سبق إدانتهم بالتعاون مع الموساد. وضمن هذا السياق، أعلنت وزارة الاستخبارات واستخبارات الحرس الثوري ضبط نحو 10 آلاف طائرة مسيرة صغيرة في طهران وحدها، وضبط ورشة في أصفهان لتصنيع الطائرات بدون طيار والمتفجرات، واعتقال 18 شخصا إثر ضبط مصنع للطائرات المسيرة الهجومية والتجسسية في مدينة مشهد، وضبط ورشة سرية كبيرة في مدينة "ري" لتصنيع طائرات مسيرة صغيرة وقنابل موقوتة، واعتقال عملاء أطلقوا مسيرات صغيرة من الجبال الشمالية الغربية المُطلة على طهران، واعتقال 50 شخصا في سيستان وبلوشستان بتهم التجسس والإرهاب. وقد وثّق تقرير لموقع "هرانا" الحقوقي اعتقال أكثر من 1500 شخص خلال أسبوعين، بينهم مئات اتُّهموا بالإخلال بالأمن القومي أو دعم إسرائيل عبر منصات التواصل، وتنوّعت التهم بين "نشر محتوى مضلل"، و"إعادة نشر صور للهجمات"، و"التجسس"، و"توجيه طائرات مسيرة". كما شملت الحملة اعتقالات في أوساط المواطنين الإيرانيين اليهود والبهائيين، بدعوى التواصل مع جهات أجنبية، إضافة إلى مداهمات ومصادرة هواتف مهاجرين أفغان بزعم احتمال استغلالهم في جمع المعلومات. وقد أفادت وزارة الداخلية الإيرانية بعودة 772 ألف أفغاني إلى بلادهم خلال العام الجاري، وهو ما تصاعد إثر حملات ترحيل قسرية بحجة ضلوع بعض اللاجئين الأفغان في عمليات التجسس. تُقدَّم هذه الإجراءات باعتبارها جزءا من تحصين الأمن الداخلي في لحظة اشتباك استخباراتي عنيف، لكن هذه الحملات، على اتساعها، لم تُفضِ بعد إلى تفكيك الشبكات التي نفّذت الاغتيالات أو وفّرت معلومات دقيقة عن مواقع الاجتماعات القيادية، ما يثير شكوكا حول قدرتها الفعلية على معالجة منابع الاختراق لا أعراضه. وفي المجال التشريعي، حاول البرلمان الإيراني تمرير قانون يغلظ عقوبة "التعاون مع الدول المعادية"، ويصنفه ضمن تهم "الإفساد في الأرض" التي تصل عقوبتها إلى الإعدام. غير أن مجلس صيانة الدستور تحفّظ على المشروع، مشيرا إلى غموض مفاهيمه، وعدم تحديد الجهة التي تُعرّف "العدو". كما لجأت الحكومة إلى فرض قيود رقمية واسعة، فحجبت بعض التطبيقات الأجنبية، وقنَّنت سرعة الإنترنت، وراقبت شركات الاتصالات حركة الرسائل والمكالمات، بما في ذلك الرسائل النصية التقليدية. الخاتمة.. حلول محتملة كشفت المواجهات الأخيرة بين إيران وإسرائيل أن التحدي الذي تواجهه الأجهزة الإيرانية لا يقتصر على صدّ اختراق أمني هنا أو هناك، بل يتمثل في إعادة تعريف العقيدة الأمنية ذاتها، وتطوير أدواتها لتتلاءم مع طبيعة التهديد المتغير الذي يستخدم التكنولوجيا والشبكات البشرية والنفوذ الرقمي بوصفها وسائل رئيسية للتأثير والاختراق. فما حدث من عمليات اغتيال دقيقة، واستهداف لاجتماعات سيادية، يعكس وجود فجوة عميقة في آليات الكشف والردع، فجوة لا يُمكن معالجتها بإجراءات ظرفية أو بحملات أمنية داخلية موسعة فقط. فبينما نجحت الأجهزة في توقيف عدد من الأفراد المشتبه بتورطهم أو تعاونهم مع جهات أجنبية، بقيت الأسئلة قائمة حول هوية الفاعلين الحقيقيين ومسارات الاختراق النوعية. وفي المقابل، لا يُمكن إنكار أن طبيعة المواجهة غير متكافئة في كثير من أوجهها، فإسرائيل تحظى بدعم أجهزة الاستخبارات الغربية بشكل كبير، ولديها أحدث التقنيات، بينما طهران لا تحظى بدعم مثيل من دول أخرى، ورغم ذلك فالواقع يفرض عليها تطوير منظومتها الأمنية بعقلانية بعيدا عن منطق المعالجات الانفعالية. إن المرحلة المقبلة تضع إيران أمام استحقاق مزدوج: الحفاظ على الأمن والسيادة من جهة، وتعزيز ثقة المجتمع بمؤسساته من جهة أخرى. ولن يتحقق هذا التوازن إلا إذا استندت السياسات الأمنية إلى رؤية إستراتيجية طويلة المدى تُبنى على دراسة الأخطاء السابقة، والاعتماد على أصحاب الكفاءة، وتخصيص الموارد اللازمة لبناء منظومة مكافحة تجسس فعالة. في النهاية، لا تُقاس السيادة فقط بمدى السيطرة على الأرض، بل أيضا بقدرة الدولة على حماية نُخَبها ومواطنيها من الاختراق، وعلى التكيّف مع أنماط التهديد الجديدة، دون أن تُفرط في أمنها أو تُقوّض نسيجها الداخلي.