
من هندسة الصوت إلى كسْر القلب... كارمن تعزف آخر نغمة لزياد
وكتبت لبّس: "فكّرت بكل شي، إلا إنو الناس تعزيني فيك... الوجع بقلبي أكبر من إنّي اقدر أوصفو. أنا مش شاطرة بالتعبير، إنت أشطر منّي بكتير تعبّر عنّي".
وتابعت: "لو كان في بعد، بس كنت موجود، وهلّق بطّلت... صعبة كتير يا زياد ما تكون موجود".
وختمت رسالتها بالقول:"رح ابقى اشتقلك على طول لو إنت مش هون، وحبّك... بلا ولاشي"، في إشارة إلى الأغنية الشهيرة التي كتبها ولحّنها الرحباني، والتي كانت قد كشفت كارمن في إطلالة إعلامية سابقة أنها كُتبت خصيصًا لها خلال فترة ارتباطهما.
تُعدّ قصة الحب بين كارمن لبّس وزياد الرحباني واحدة من أكثر القصص التي شغلت الوسط الفني اللبناني على مدى أكثر من عقدين، لا سيّما أن زياد كان في تلك الفترة لا يزال في طور إنهاء إجراءات طلاقه من زواجه الأول. وكانت كارمن قد صرّحت في مقابلات إعلامية عدّة بأن العلاقة بينهما وصلت إلى حدّ "الزواج المكتوب على ورقة"، غير أنّه لم يكن موثّقًا رسميًا.
واستمرت العلاقة بين الطرفين نحو 15 عامًا، قبل أن ينفصلا، من دون أن تفلح محاولاتهما المتكررة في العودة لبعضهما خلال السنوات العشر التي تلت الانفصال. وقد انقطع التواصل بينهما كليًا في السنوات الأخيرة، وفق ما صرّحت به لبّس.
زياد الرحباني، الذي وُصف بأنه "عازف السياسة والمسرح والكلمة الساخرة"، كان قد صرّح في إحدى مقابلاته بأنّه كتب أغنية "عندي ثقة فيك" لكارمن، وهي من أشهر ما غنّت والدته، السيّدة فيروز. كما ظهرت لبّس إلى جانبه كمغنية كورال في بعض الألبومات، وساهمت في هندسة الصوت، وشاركت في البرنامج الإذاعي الشهير "العقل زينة"، وفي المسرحية المعروفة "فيلم أميركي طويل". وقد شكّلت تلك المرحلة انطلاقة فنية مهمّة لكارمن، التي وصفت تجربتها معه بأنها "موسيقية أكثر من كونها تمثيلية".
وقد امتنعت كارمن مرارًا عن الدخول في تفاصيل علاقتها بزياد، معتبرة أن الأمر بات جزءًا من ماضيها الخاص، لكن ظلّت ملامح تلك العلاقة تظهر في كل مقابلة أو سؤال عن بداياتها، أو عن علاقتها بالفن والمسرح والموسيقى.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


النهار
منذ ساعة واحدة
- النهار
زياد الرحباني... انتفاضتان وإبادة
لم يكن زياد الرحباني فناناً عادياً؛ كان مختلفاً بفنه، وبكونه ابن فيروز وعاصي. كان متمرداً على كل القوانين والأنظمة الدينية والاجتماعية، وعلى كل ما يمكن أن يكون "عادياً" في هذه الحياة. لم يكن يوماً من القطيع، لا كإنسان ولا كفنان. كان متميزاً، له فلسفته الخاصة، وكان مزيجاً من تشي غيفارا وكارل ماركس. كان ذلك الطيف الخفيّ الذي يخترق الوجدان سريعاً. كم كنّا بحاجة إلى زياد لنكسر حواجز الوعي بين الاحتلال والحرية، بين الممنوع والمرغوب، والمسموح و"التابو". كان مزيجاً من الكوميديا السوداء والسخرية من واقع مرير، ومن الاصطفاف مع المظلومين والمضطهدين في مواجهة كل السلطات الشمولية والأنظمة الديكتاتورية. كان صادقاً، حقيقياً، لا ينافق أحداً، وله رؤيته الخاصة في الحياة، والحرب، والطائفية المقيتة، والعنصرية. نقل مشاعره بصدق، وتأثّرنا به وعشنا تفاصيله في فصل جميل من حياتنا. أحببناه لأنه زياد... "أبو الزوز" كما ناداه محبّوه، بحكم العِشرة، واستحق هذا اللقب المحبّب لأنه القريب البعيد. بدأت معرفتي بزياد في عمر مبكر، لأسباب كثيرة، من أهمها أن المذياع الذي كان رفيق العائلة لا يُغلق أبداً. في منتصف ثمانينيات القرن الماضي – كم يبدو ذلك بعيداً! لكنه الأمس القريب – لم تكن هناك شبكة عنكبوتية تقرّب المسافات وتحوّل العالم إلى قرية صغيرة. كنّا نستمع لإذاعة "مونت كارلو" من باريس، فدغدغت أغنيات زياد الحواس وألهبت المشاعر الثورية. ومع بداية الانتفاضة الأولى واشتداد حدتها أواخر عام 1987، بدأ وعيي السياسي يتشكّل سريعاً؛ ووسط حركة العصيان المدني التي عمّت الضفة الغربية والقدس وإغلاق المدارس، كان لا بد من إيجاد روتين مختلف لحياتي. كنت أحمل كتبي وملفاتي، التي كنت أستلمها سراً من المدرسة، وأشقّ طريقي إلى مكتبة رام الله العامة، حيث أقضي يومي أدرس وأقرأ وأبحث بين الكتب. في الطريق، كنت أمرّ مباشرة بـ"ساوند أوف ميوزك"، أحد أشهر محال بيع الأسطوانات والكاسيتات الموسيقية في رام الله، وكان يملكه الراحل توفيق البومباشي، صاحب الذوق الرفيع. كنت أسأله عن آخر الإصدارات، فكثير من الألبومات آنذاك كانت ممنوعة، نشتريها خلسة، بلا غلاف أو طابع يدل على محتواها، ومنها ألبومات زياد الرحباني، ومارسيل خليفة، وأحمد قعبور، والشيخ إمام. وبعد الشراء، كنت أضع الكاسيت في "الوكمان" الذي أهدتني إياه جدتي من الولايات المتحدة. كانت ثنائية جوزيف صقر وزياد رفيقتي اليومية. حتى في أيام الإضرابات أو منع التجوال، كنت أتسلّق الشجرة خلف البيت، وأجلس بالساعات مع كتبي، وكان زياد رفيقي هناك أيضاً. أستمع لكل ما يمكن الحصول عليه من أغنياته ومسرحياته. في الانتفاضة الثانية عام 2000، وفي مرحلة النضوج، لم يغب زياد عن وجداني. كنت أبحث عنه أكثر، أغنيات، مسرحيات، مقابلات. أذكر أننا كعائلة انتظرنا لقاءه الطويل مع الراحلة جيزيل خوري، الذي استمرّ ست ساعات على حلقتين، وكان حديث الناس لأيام. بعد انتقالي إلى باريس، كانت مسرحيات زياد رفيقة نهاية الأسبوع: "نزل السرور"، "فيلم أميركي طويل"، "ميس الريم"... كانت تخفف من وطأة الغربة وتترك تلك اللمسة التي تشعرني بالانتماء إلى مكان وثقافة رغم البعد. ببساطة، لم يغب زياد يوماً، كما لم تغب السيدة فيروز عن صباحاتنا. ولا ننسى أن كثيراً من الفرق الموسيقية الفلسطينية تأثرت بفلسفة زياد ونهجه، أبرزهم فرج سليمان في أغنيته "إسا جاي"، وألبومه "أحلى من برلين". اليوم، في زمن الإبادة الجماعية والنكبة المستمرة، تحولت كلمات زياد: "أنا مش كافر، بس الجوع، والذل، والقهر كافر"، إلى عنوان فصل كارثي نعيشه وسط حرب ومجاعة تجاوزت 22 شهراً. تجد تلك الكلمات متجلّية في كل مكان. واقعية زياد السريالية تطفو وسط إيديولوجيا التعتير، في بلدٍ كله مهزوز. الكلمة واللحن... رفقة أجيال يقول الصحافي الفلسطيني في إذاعة "مونت كارلو" يوسف حبش، لـ"النهار": "عندما استضفنا زياد في برنامج 'هوى الأيام'، بدأت أستعيد الذكريات تدريجاً. الأغاني التي سمعتها أول مرة كانت في جامعة بيرزيت، خلال فترة العمل الطلابي، خصوصاً أثناء إضراب الطعام دعماً للأسرى. أغنية 'أنا مش كافر' ظلت ملتصقة بذاكرتي". ويتابع حبش: "أغاني زياد وكلماته الناقدة للواقع اللبناني والعربي وارتباطها بالقضية الفلسطينية رافقتنا في تكوين هويتنا الوطنية. حتى عندما التقيته في باريس، وأثناء تبادلنا سريعاً للكلمات، لم أتذكر أن لقاءنا كان في بيروت، وكان الشعور وكأنني ألتقيه للمرة الأولى". ويضيف: "اليوم مع عودة الذاكرة بقوة لكل ما يمثله لنا زياد، أذكر صورته على المسرح في شارع الحمرا، حيث دعيت من بعض الرفاق في الحزب الشيوعي اللبناني لحضور ذكرى جمول والاحتفال المركزي". ويتابع: "كان زياد حاضراً يومها، وكان شعوراً ممزوجاً بين الفرح والترقب بكل الحواس. أن تكون حاضراً لتسمع كل كلمة، وكل تنهيدة ونفس، وكل نقد موسيقي، وكلمات تحملك من المكان الذي عشت تستمع فيه لصوته لتراه أمامك بصوته وجسده وصورته. إنه شعور مختلف". ويستذكر حبش: "في ختام الحفلة، قدّم زياد فرقة موسيقاه عبر طوائفهم، شيعي، سنّي، درزي، مسيحي أرثوذكسي وكاثوليكي... في نقد صريح للطائفية اللبنانية. وعندما ذكر الأرثوذكس، أشار إلى جورج حبش ووديع حداد، ليختم بذكر فلسطين ومبادئها وقيمها". كان زياد حالة تربوية وفنية وفكرية لن تتكرر، كما كثير من الرموز اللبنانية والعربية اليسارية. للأسف، رحل زياد ولم يلتقِ جورج، وجورج لم يلتقِ زياد. هل في ذلك مغزى؟ بالتأكيد، فلبنان احتضن جورج، وسيودّع زياد، وبينهما فلسطين، واليسار، والمنطقة، وكل القيم التي تربّينا عليها... ستبقى حيّة، بوجودهم، وبرحيلهم.


النهار
منذ 5 ساعات
- النهار
قبلة من فيروز لزياد؟ النهار تتحقّق FactCheck
المتداول: صورة تظهر، وفقا للمزاعم، "السيدة فيروز تقبل صورة نجلها زياد الرحباني بعد وفاته" أمس السبت. الحقيقة: الصورة زائفة، غير حقيقية. وهي مقتطعة من فيديو منشأ بالذكاء الاصطناعي. FactCheck# "النّهار" دقّقت من أجلكم تظهر الصورة السيدة فيروز وهي تقبل صورة لنجلها زياد الرحباني موضوعة في اطار رُبط به شريط اسود. وقد انتشرت الصورة خلال الساعات الماضية عبر حسابات، لا سيما في الواتساب، بعد وفاة الفنان اللبناني. الا ان الاعتقاد ان الصورة حقيقية اعتقاد خاطئ. في الواقع، يبيّن البحث ان الصورة اقتُطِعت من فيديو نشره حساب bu3amcha -BuAli(Ai)@ في تيك توك، امس السبت 26 تموز 2025. لقطة من الفيديو المنشور في حساب bu3amcha في تيك توك في 26 تموز 2025 ومع ان bu3amcha@ لم يحدّد ماهية هذه المشاهد، الا انه امكن ملاحظة مؤشرات فيها تدل على الذكاء الاصطناعي: اصابع اليد اليمنى للسيدة فيروز تمددت لدى امساكها بالصورة، في شكل غير طبيعي (التوقيت 0.00). وفي التوقيت 0.01، سترون طرف اصبع صغيرة يبرز بين بقية اصابع اليد اليمنى للسيدة فيروز. وأمكن العثور على الصورة الاصلية للسيدة فيروز، والتي نراها في الفيديو الزائف، و هي تعود الى وثائقي للجزيرة الوثائقية ، بعنوان: فيروز قصة عمر (التوقيت 8.45). ويتضمّن مقابلة نادرة مع الفنانة فيروز ومشاهد من طفولتها ، وصولا الى نجاحاتها في عالم الفن وعلاقتها بعاصي والعائلة. لقطة من الوثائقي فيروز قصة عمر- Daily motion وتبين جولة في حساب bu3amcha@ انه ينشر فيديوات منشأة بالذكاء الاصطناعي، علماً انه اقرن اسمه BuAli بـAI، اي ذكاء اصطناعي، بما يدل على محتوى حسابه. ومن هذه الفيديوات، عناق بين زياد ووالدته السيدة فيروز. لقطة من الفيديو المنشور في حساب bu3amcha في تيك توك وفاة الفنان اللبناني زياد الرحباني وقد غيّب الموت، أمس السبت، الفنان زياد الرحباني عن 69 عاما، بعد مسيرة فنية تركت بصمة عميقة في الموسيقى والمسرح في لبنان والعالم، على ما ذكرت وكالة "فرانس برس". وزياد الرحباني هو نجل الفنانة فيروز والراحل عاصي الرحباني، وقد أحدث ثورة في الفن المسرحي والغنائي والموسيقي، وعُرف بأعماله الساخرة الناقدة للوضع الاجتماعي والسياسي. وأعلن نعي العائلة أنه سيدفن الاثنين الساعة الرابعة بعد الظهر (13,00 ت غ) بعد الصلاة لراحة نفسه. وأعلنت إدارة مستشفى "بي أم جي" (مستشفى فؤاد خوري) في منطقة الحمرا في بيروت في بيان "توقف قلب الفنان الكبير والمبدع زياد الرحباني عن الخفقان" الساعة التاسعة صباحا، من دون أن توضح سبب الوفاة. وعانى زياد الرحباني الذي عُرف بأسلوب حياة بوهيمي الى حدّ بعيد، خلال السنوات الأخيرة، من وعكات صحية عدّة أثّرت على نشاطه الفني. وقال وزير الثقافة غسان سلامة عبر منصة "إكس"، "كنّا نخاف من هذا اليوم، لأننا كنا نعلم تفاقم حالته الصحية وتضاؤل رغبته في المعالجة". وقال إنه "مبدع سنبكيه بينما نردد أغنيات له لن تموت".


الديار
منذ 6 ساعات
- الديار
جوبيتر يقع في غرام
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب ... وأنت ذاهب الى هناك، يفترض أن تحمل معك كمية اضافية من الخيال. أنت لست فقط في حضرة القياصرة، ورهبة القياصرة. أنت في حضرة الآلهة، ورهبة الآلهة. هكذا قال لي الشاعر الفرنسي الفذ لوي أراغون، في سهرة على شرفة أحد فنادق المدينة، بعدما عرض احدى مسرحياته في القلعة. بهره بهاء القمر هناك. سألني «هل رأيت مثلي باخوس وهو يقدم كأس النبيذ الى القمر»؟ وقال «في احدى الليالي الأندلسية كنت بصحبة السا (عشيقته الروسية السا تريوليه التي كتب لها «مجنون السا» بخلفية أندلسية آسرة)، أحسست بجنون القمر، وهو يرى عاشقين عند حافة الجنون يرشفان الحياة حتى الثمالة». في بعلبك لاحظ أن الرومان بنوا قلعتهم في هذا المكان لأنه يليق بالآلهة. وها أن جوبيتر يبدو وقد وقع في غرام كارمن البعلبكية، كثيراً تختلف عن كارمن الباريسية. هنا الشرق الذي قال فيه جان ـ بيار فيليو «لقد أرهق الأنبياء بكثرة الأسئلة، وحتى بفوضوية الأسئلة». هذه ليلة، بحضور لم تفارق الدهشة وجهه، لكأنها خارجة للتو من الميثولوجيات القديمة. لطالما حدثنا سعيد عقل عن «الميثولوجيا اللبنانية»، وهي تضاجع الأزمنة. اخراج سحري لجورج تقلا التي كانت أصابعه ماثلة في الوجوه، وفي الأزياء، وفي اللحظات المثقلة بآلام الجسد وآلام الروح ؟ أليست قضية جورج بيزيه حين وضع مسرحية كارمن «قضية الألم». الألم بسبب حريتنا المحطمة، وسط مجتمع نجح التاريخ في تدجينه، مثلما يتم تدجين الزواحف. هنا الكثير من العتب على الله، لأنه يغض الطرف عما يفعله القساة في هذا العالم. فتنني تعقيب مثير للكاتب الفرنسي جان دانيال على المسرحية «لقد خلقنا لكي نتألم، ولا أعتقد أن هذا قد حدث بالصدفة»! تقلا ذهب بعيداً، وهو ابن هذا الشرق الذي لا يعلم أهله أكانوا على أبواب الجنة أم على ابواب جهنم، في القراءة الفذة للجزء اللامرئي من المسرحية. لم أكن أتصور أبداً أن هذه المسرحية تحتوي على ذلك القدر من التكثيف الدرامي، وحتى الفلسفي . كارمن الغجرية التي ولدت في التيه، وهي تعمل في مصنع للسيكار، دون أن تتشكل شخصيتها بين جدران البيت، أو بين جدران المدرسة، وانما في الريح. ذات مرة قبض عليها الشرطي المنضبط (دون جوزيه) بعدما طعنت زميلة لها بالسكين وشوهت وجهها. لكنها تمكنت من اغوائه لقاء قضائه ليلة حارة معها، انتهت بحالة عشق أحدثت تغيييرأً عاصفاً في شخصية الشرطي، ليخرج من وظيفته، ويتخلى عن خطيبته، البريئة والمرهفة، ويعيش مع عشيقته حياة الخارجين على القانون. لكن كارمن، ابنة الريح ما لبثت أن بدأت تضيق ذرعاً بذلك الحب الذي ربطها بالسلاسل، لتقع في حب مصارع شاب أثار اعجابها، ما دفع بدون جوزيه الى قتلها بالسكين، ليغرق في دموعه، وهي ملقاة على الأرض. كارمن ولدت وترعرعت من أجل أن تهدم الهيكل، دون أن تكتشف أنها تهدم الحياة (أي حياة ؟). لطالما حلمت بأن يصل قلبها مع ذلك الرجل الى نهاية المطاف، باضاءة المرأة ـ المرأة العاصفة ـ في المرأة. شيء من رقصة الفالس على ضفاف الأزل. «يا الهي... انه الرقص على ضفاف العدم». لماذا يفترض بالمرأة أن تبقى رهينة اللامعنى. ها هي تغضب، وها هي تثور. تخلع الخاتم كمن تخلع قلبها. ثمة ثلاجة لا نهاية لها يولد فيها العالم ويموت فيها العالم. هكذا قال أندريه مالرو، صاحب «الوضع الانساني». مشكلة كارمن، ايها السادة الحضور في «الوضع الانساني>. ألهذا رأينا كارمن في بعلبك كارمن البعلبكية ؟ المخرج ترك لنا حرية النحيب. لكن صوت ماري غاترو الأوبرالي كان يكسر البكاء بقدر ما يكسر الفرح. هي التي تأثرت بماريا كالاس حين قالت «كان صوتي هو الذي يقودني لكي أكتشف بهاء ذلك العالم، ومرارات ذلك العالم». هل حقاً أن الحياة الحقيقية، وكما أوحت لنا كارمن، أن نعيش في الطبقة الدنيا من الحياة، ثم نحاول ونحاول، ثم نقع ويسدل الستار ؟ لا بد أن كارمن كانت تنظر بذهول الى من يدخنون السيكار. لم يكن ونستون تشرشل هناك لتسمعه يقول «ادخن السيكار واتأمل في رقصة الدخان، كما لو أنها رقصة الغجر في ضواحي المدن، لكي اشعر بقوة اللاأشياء». كارمن لم تكن الشيء، ولا اللاشيء. قالت عنها ماري «الجميلة بقدر ما الخطيئة جميلة». كم تتعذب حواء لأنها ارتكبت تلك الخطيئة الجميلة ـ الفائقة الجمال ـ لتكون أم كل المعذبين والمعذبات على هذه الأرض. هي امرأة، مثلما رأيناها على المسرح، لا تريد فقط أن تكون الصلاة، ولا أن تكون فقط الاعصار. بلغة مقتضبة، ولا تمت بصلة الى الفلسفة، هي الحياة كما هي، لا كما ينبغي أن نحلم بها. لا ندري ما كان تأثيرها في الحضور، أكان مأخوذا بالمشاهد الخلابة، أم بما في وراء الوجوه، وما وراء الأصوات ؟ شخصياً، رحت أراقب ردة فعل الحجارة التي تشاركنا تلك اللحظات الباهرة، مبعثرة , كما أيامنا المبعثرة. وكانت تصغي،لـ جوبيتر وتتمايل جذلاً وافتتاناً الى الموسيقى وهي تلعب في رؤوسنا، كما لو أنها أناشيد بنات الجن في استقبال أوليس الذي كانت بنيلوب تنتظره، وهي تغزل خيوط الصوف، خيوط الزمن، حين يغترب الزمن ويبتعد. وقيل انها كانت تغزل ثوباً للدهر. أجل لكأن الحجارة دموع الأباطرة. لا، لكأن دموع الآلهة في حقبة الجفاف البشري. قطعاً لم نكن هناك لنكون تماثيل الرخام، ولا تماثيل الفحم البشري. كارمن البعلبكية دخلت الى اقاصي اللاوعي، واستقرت هناك. كانت ليلة الليالي في ظل تلك التراجيديا اللبنانية (التراجيديا الاغريقية) التي لا تنتهي، ولن تنتهي..