
أحكام قضائية ضد قياديين في «جبهة الإنقاذ» الجزائرية
خرج المتعاطفون مع القياديين في حزب «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» الجزائري المحظور، مخذولين من محكمة الجنايات في العاصمة، بعد إدانتهم بالحبس النافذ لمدد تتراوح بين 3 سنوات والمؤبد. وقد اعتقلهم الأمن في عام 2023 إثر نشرهم بياناً على الإنترنت يتعاطى مع الأوضاع السياسية والاقتصادية في البلاد، رأت فيه السلطات محاولة لبعث الحزب بعد 33 سنة من حلّه.
استمرت محاكمة عناصر «الجبهة الإسلامية للإنقاذ الأصيلة» الـ18 لمدة 10 ساعات كاملة، تخلّلها شعور بالأمل في تبرئتهم من التهم في بدايتها، ويأس عند اقترابها من النهاية، حين التمس ممثل النيابة الحبس 12 سنة مع التنفيذ بحق الموقوفين الـ16، والمصير الأبدي خلف القضبان لشخصين متهمين «هاربين من القضاء»، وفق تقرير النيابة بشأن الملف.
كما ظهرت إشارات إيجابية لفائدة المتهمين عند انطلاق المحاكمة، لما أعلنت هيئة المحكمة التخلي عن التهمة الجنائية «إنشاء تنظيم إرهابي» التي وُجهت لكل القياديين الإسلاميين، وأبقت جنحتي «المسّ بوحدة الوطن» و«استخدام جراح المأساة الوطنية والاعتداد بها». ويُقصد بها «توظيف الآلام التي خلّفها الإرهاب خلال تسعينات القرن الماضي لتحقيق مكاسب سياسية»، حسب المفهوم الذي تتضمنه هذه التهمة في «قانون المصالحة والسلم» الذي أصدرته السلطات عام 2006 لطيّ صفحة الاقتتال الدامي مع الجماعات الإرهابية، الذي ترى أن «جبهة الإنقاذ» هي المتسبّب الوحيد فيه.
علي بن حجر (يمين) المتهم الرئيسي في القضية (حسابات ناشطين إسلاميين)
وأنزلت المحكمة عقوبة الحبس 4 سنوات مع التنفيذ ضد 6 من الموقوفين، هم: علي بن حجر، ويوسف بوبراس، وأحمد الزاوي، ونصر الدين تركمان، ومحفوظ رحماني، وبدر الدين قرفة. ودانت بالحبس 3 سنوات مع التنفيذ 9 آخرين، هم: مرزوق خنشالي، ومبروك سعدي، وحشماوي بن يمينة، ومكي سي بلحول، وشمس الدين برحال، وقدور بوتشيش، وكمال كانون، وحمزي مولود، وعيسى محمد.
وشملت الأحكام الحبس النافذ لمدة سنتين ضد الناشط الإسلامي بلقاسم خنشة، والحبس المؤبد غيابياً ضد الناشطين إبراهيم غربي، ولخضر عزيزي.
وأكثر المتهمين شهرةً علي بن حجر، الذي تزعم تنظيماً مسلحاً في أواسط التسعينيات سمّاه «جماعة الدعوة والجهاد»، وأعلن بنفسه حلّه عام 1997 في إطار ما عُرف آنذاك بـ«الهدنة مع الذراع المسلحة لجبهة الإنقاذ»، التي أفضت مطلع عام 2000 إلى عفو عن 6 آلاف مسلّح.
كما يبرز في المجموعة أحمد الزاوي، الذي غادر البلاد في تلك الفترة هارباً من الملاحقة الأمنية، وأمضى سنوات طويلة في الخارج بين لاجئ سياسي ومعتقل. وعاد منذ فترة قصيرة ليقيم بين عائلته في مدينة المدية جنوب العاصمة، حيث يعيش بن حجر أيضاً.
وتعود وقائع القضية إلى أواخر شهر سبتمبر (أيلول) 2023، عندما بثّ بن حجر مقطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، تلا فيه بياناً باسم «أطر الجبهة الإسلامية للإنقاذ الأصيلة»، وتضمن انتقادات حادّة للأوضاع السياسية والاقتصادية في البلاد، وطالب برفع القيود المفروضة على النشطاء السياسيين، إلى جانب الإفراج عن نحو 30 سجيناً إسلامياً يقضون أحكاماً بالسجن المؤبد منذ التسعينيات، بتهم تتعلق بـ«الإرهاب»، في أعقاب اندلاع المواجهات بين الإسلاميين المسلحين وقوات الأمن، بعد تدخل الجيش لإلغاء نتائج الانتخابات التي فازت بها «الجبهة» في نهاية عام 1991.
علي بن حاج نائب رئيس جبهة الإنقاذ سابقاً (الشرق الأوسط)
كما طالب البيان بالإفراج عن علي بن حاج، نائب رئيس «الجبهة» السابق، الذي يخضع للإقامة الجبرية منذ أكثر من عام، وكذلك إطلاق سراح حوالي 200 من نشطاء الحراك الشعبي، الذين يعتبرهم الحقوقيون معتقلين سياسيين، بينما تنفي السلطات هذه الصفة عنهم.
وقد قُوبلت هذه الخطوة برد فعل غاضب من السلطات، التي اعتبرتها «محاولة لإحياء نشاط الجبهة الإسلامية للإنقاذ» المحظورة. ورأى مراقبون أن سجنهم وإدانتهم قضائياً يشكّلان رسالة تحذير لبقية نشطاء «جبهة الإنقاذ» في حال فكّروا في إطلاق أي مبادرة سياسية مماثلة ميدانياً. بمعنى آخر، تسعى السلطات إلى طيّ صفحة التسعينات ورموزها، وقد نصّ «قانون المصالحة» على عقوبات تُفعّل بحق أي شخص، بمن فيهم الصحافيون، في حال الخوض في المجازر أو الاغتيالات أو حالات الاختفاء القسري التي وقعت خلال تلك المرحلة.
وفي اليوم نفسه كانت المحكمة ذاتها في قاعة أخرى بصدد معالجة «قضية الباحث في التاريخ محمد الأمين بلغيث»، الذي التمست النيابة بحقه 7 سنوات حبساً نافذاً، بناء على تهمتي «نشر خطاب الكراهية والتمييز عن طريق تكنولوجيات الإعلام والاتصال»، وأيضاً «الترويج المتعمد لمعلومات أو أخبار كاذبة من شأنها الإضرار بالنظام العام، والمساس بالسلامة والوحدة الوطنية».
وأعلن القاضي في ختام المرافعات أنّ الحكم سيصدر في الثالث من يوليو (تموز) المقبل.
وتعود أسباب المشاكل القضائية التي يواجهها الباحث إلى تصريحاته المثيرة للجدل خلال مقابلة مع قناة تلفزيونية، حيث زعم أن اللسان الأمازيغي، الذي يتحدث به ملايين الجزائريين، هو «مشروع آيديولوجي فرنسي صهيوني يهدف إلى تقويض وحدة شعوب المغرب العربي»، وذلك ضمن ما وصفه بـ«تصوّر فرنسي استعماري يسعى إلى خلق مغرب عربي ناطق بالفرنسية».
وقد أثارت هذه التصريحات جدلاً واسعاً وانقساماً في الأوساط الحزبية والسياسية؛ فبينما رأى بعض الناشطين أن ما عبّر عنه بلغيث «لا يعدو أن يكون رأياً أكاديمياً لا يستوجب ملاحقة قضائية»، وكان الأجدر الرد عليه بالحوار والحجج في قضايا الهوية والثقافة، اعتبر آخرون أنه «كان يعبّر عن موقف شخصي معادٍ للأمازيغ»، خصوصاً أنه معروف بمواقفه المدافعة بشدة عن عروبة الجزائر.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربية
منذ ساعة واحدة
- العربية
السيسي لحفتر: نؤكد على ضرورة إخراج القوات الأجنبية من ليبيا ومنع التدخلات
أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على ضرورة التصدي للتدخلات الخارجية في ليبيا، وإخراج جميع القوات الأجنبية والمرتزقة منها. واستقبل السيسي، اليوم الاثنين، المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الليبي. وشدد السيسي على أهمية تعزيز التنسيق بين الأطراف الليبية لوضع خارطة طريق سياسية شاملة لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية متزامنة. صرح المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية بأن اللقاء أكد خصوصية العلاقات بين مصر وليبيا. وشدد السيسي على أن استقرار ليبيا جزء لا يتجزأ من الأمن القومي المصري. وأوضح أن مصر تبذل أقصى جهودها، بالتنسيق مع الأطراف الليبية والجيش الليبي، لدعم الأمن والاستقرار في ليبيا، والحفاظ على وحدتها وسيادتها، واستعادة مسار التنمية فيها. وأكد السيسي دعم مصر الكامل للمبادرات التي تستهدف تحقيق تلك الأهداف، معربًا عن حرص مصر على الحفاظ على وحدة وتماسك مؤسسات الدولة الليبية. من جانبه، أكد حفتر تقديره للدور الذي تلعبه مصر في استعادة الأمن والاستقرار في ليبيا، مشيدًا بالجهود المصرية في دعم الشعب الليبي منذ اندلاع الأزمة، في إطار العلاقات التاريخية التي تجمع البلدين.


العربية
منذ يوم واحد
- العربية
"وثيقة كوكو".. نص حرم نساء جزائريات من الميراث لقرون
تخضع النساء في عديد المناطق الجزائرية إلى عقاب جماعي بسبب وثيقة يعود تاريخ توقيعها لسنة 1749، وتقضي بالحرمان من الميراث مدى الحياة. لا يحق للنساء الميراث ففي مناطق كثيرة في الجزائر يسيطر عليها النظام القبلي، لا يحق للنساء الحصول على حصتهن من الميراث في العائلة. غير أن هذا الحرمان يتفاوت من منطقة لأخرى، بل من عائلة لأخرى، فبينما تحرم بعض الأسر النساء من ميراثهن كاملا، تحرم أخرى نساءها من ميراثهن في الأرض فقط، وقد تعوضهن عن تلك الأرض مالا. لكن قرار الحرمان من الميراث تعدى ذلك، ووصل لمنع الزواج من رجال أجانب عن المنطقة، وهو ما تم توارثه أبا عن جد منذ 3 قرون ماضية. إلى أن اتضح أن وراء هذا القرار قصة رواها مؤرخون تعود إلى سنة 1749، حيث وقعت حادثة غيرت مصير نساء تلك المناطق إلى الأبد بل ونشرت فكراً تم تبنيه في مناطق مختلفة من الوطن إلى اليوم. قصة تاريخية وراءه إذ قال المؤرخ عبد الحق شيخي، إن رجالا ينحدرون من جبال جرجرة (سلسلة جبلية تقع شمال الجزائر بين ولايات تيزي وزو، والبويرة وبجاية والمدية)، كانوا بحارة في الجيش العثماني، احتجزوا في الأندلس لفترة تزيد عن العشرين سنة، ولدى إطلاق سراحهم وعودتهم إلى الديار، وجدوا زوجاتهم قد تزوجن رجالا غرباء عن المنطقة. وأضاف شيخي في تصريحه لـ"العربية.نت"، أن ذلك أنتج حربا أهلية بين البحارة المأسورين المفرج عنهم وبين هؤلاء الرجال، ما جعل أعيان ونبلاء المنطقة ينظمون اجتماعا بقرية "لجمعة نسهاريج" بولاية تيزي وزو، سنة 1749، حيث كان ممثلون عن قرى مثل بني يني، بني سيق، بني بدران ووصيف وغيرها، وبحضور إمام المنطقة الذي كانت كلمته مسموعة في تلك الفترة. ونتج عن ذلك الاجتماع، تحرير وثيقة تنص على حرمان المرأة من الأرض حتى لا تذهب إلى الغرباء، وسميت بوثيقة "كوكو" نسبة لمملكة كوكو الأمازيغية. كما لفت إلى أن جميع الروايات تنسب حرمان المرأة من الميراث لهذه الوثيقة، لكن ما حدث هو أن المرأة تحرم من الأرض فقط، وما تفعله بعض الأسر بحرمانها من الميراث كله هو تعسف زائد، إضافة إلى أن العادة أو التقليد لا نجده فقط في ولايات تيزي وزو، البويرة وبجاية، بل في مناطق من المغرب العربي وأفريقيا، حيث هناك قناعة سائدة بأن الأرض لا تخرج عن دائرة العائلة، وفق تعبيره. عادة تتجه نحو الاندثار أما عن تمسك العائلات بتلك العادة اليوم، فقال المختص الاجتماعي عبد الحفيظ صندوقي لـ"العربية.نت"، إن كثيراً من العائلات حتى اللاتي تسكن المدن الكبرى تتبنى هذا التقليد، حيث تحرم بنسب متفاوتة بناتها من الميراث، لكن في نفس الوقت، تستقبلهن في حال انفصلن عن أزواجهن ولم يكن لهن شيء كنوع من التعويض. وأضاف المتحدث أن هذه العادة تندثر تدريجيا بفعل علم المرأة بحقوقها، وإدراكها لما لها، حتى إن الكثير من القضايا صارت تصل المحاكم بين المرأة وإخوتها الذكور بفعل الحرمان من الميراث. يذكر أن هذه العادة لم تنه المشاكل أبداً، بل أصبحت وفق مختصين، سبباً رئيسياً لآفات اجتماعية وصلت إلى القضاء، وتسببت في تفكك الأسر، فضلاً عن كونها تعسفية في حق المرأة.


الشرق الأوسط
منذ 2 أيام
- الشرق الأوسط
تيتيه تؤكد التزام البعثة إخراج ليبيا من حالة «الجمود»
أكدت المبعوثة الأممية إلى ليبيا هانا تيتيه، التزام الأمم المتحدة بـ«العمل إلى جانب الجميع للمساهمة في إخراج البلاد من حالة الجمود الراهنة نحو مستقبل أكثر سلماً واستقراراً وازدهاراً». وتيتيه التي تواجه للمرة الأولى منذ تسلّمها منصبها الأممي، حالة من الغضب في ليبيا بعد تقديم إحاطتها أمام مجلس الأمن الدولي، تسعى للحصول على دعم شعبي ودولي لمخرجات اللجنة الاستشارية المعنية بالانتخابات العامة. واستغلت المبعوثة الأممية مناسبة العام الهجري الجديد، وتقدمت بالتهنئة للشعب الليبي، متمنية أن يحمل هذا العام فرصاً جديدة لتحقيق السلام الدائم، والوحدة، والاستقرار. وقالت: «هذه مناسبة لنجدد التأكيد على أننا سنظل ملتزمين بالعمل على كسر الجمود». وسعى ليبيون غاضبون إلى اقتحام مقر البعثة الأممية في جنزور غرب العاصمة طرابلس، بدعوى أن «الإحاطات التي يتقدم بها المبعوثون لا تُقدّم حلاً للأزمة السياسية»، ورأوا أن البعثة «ملزَمة بإيجاد حل أو ترحل عن البلاد». ودخل نواب برلمانيون على الخط موجهين اتهامات للبعثة بـ«الانحياز» و«إدارة الأزمة السياسية وليس حلها»، لكن مسؤول بالبعثة الأممية يرى أنها «تعمل على إيجاد توافق بين جميع الأطراف المختلفة دون إملاءات». في سياق مختلف، قالت بعثة الأمم المتحدة، (الجمعة)، إن لجنة قانونية «أرست الأسس لمشروع قانون خاص بالمفقودين في ليبيا». وضمّت اللجنة، بحسب الأمم المتحدة، خبراء من مؤسسات تشمل مجلسي النواب و«الأعلى للدولة»، ووزارة العدل، والمجلس الأعلى للقضاء، والهيئة العامة للبحث والتعرف على المفقودين، بالإضافة إلى ممثلين عن المجتمع المدني. ونوهت البعثة إلى أن الاجتماع يهدف إلى تعزيز الدعم المقدّم لعائلات المفقودين من خلال تحديد التعديلات اللازمة لمواءمة القانون الليبي مع المعايير الدولية، مع زيادة التعاون والتنسيق بين مختلف المؤسسات المشاركة في عمليات البحث والتعرّف. وانتهت إلى أنه «بناءً على نتائج المسح الشامل للإطار التشريعي الليبي الحالي الذي أنجزه خبراء مستقلون؛ سيشكل مشروع القانون المقترح أساساً للمناقشات وجهود المناصرة المستقبلية». لجنة ليبية تنتهي من وضع أسس مشروع قانون خاص بالمفقودين برعاية أممية (البعثة الأممية) في السياق ذاته، جدد الاتحاد الأوروبي، من خلال بعثته لدى ليبيا، التزامه بدعم تطلعات الشعب الليبي لإنهاء حالة عدم الاستقرار والانقسامات، مشيراً إلى أنه «يدعم بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا؛ والمضي قدماً نحو مستقبل يسوده الوحدة والسلام والازدهار للجميع». وكان «المجلس الأوروبي» قد قرر، (الخميس)، تمديد ولاية بعثة المساعدة الأوروبية لإدارة الحدود المتكاملة في ليبيا «يوبام – ليبيا» عامين إضافيين حتى 30 يونيو (حزيران) 2027. وقالت البعثة الأوروبية لدى ليبيا في بيان، إن بعثة المساعدة الأوروبية لإدارة الحدود في ليبيا «تساهم في تعزيز قدرة السلطات الليبية على إدارة حدود ليبيا، ومكافحة الجريمة العابرة للحدود، بما فيها الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين ومكافحة الإرهاب». ولفتت إلى أنها تقدم أيضاً «المشورة الفنية، وتنفذ أنشطة لبناء القدرات التشغيلية والتقنية، وتنفذ مشاريع، مدعومة بتدريبات وورش عمل متخصصة». وانتهت إلى أن «ضمان الاحترام الكامل للمعايير الدولية لحقوق الإنسان وتعزيز نهج يراعي الفوارق بين الجنسين يُعد من الجوانب الأساسية لعمل البعثة». وأُطلقت البعثة في إطار السياسة الأمنية والدفاعية المشتركة (CSDP) في مايو (أيار) 2013.