دبلوماسية المسار الثاني ومراكز الأبحاث
يهدف المسار الثاني إلى مناقشة المشكلات العالقة بعيدا عن الأضواء، بمنأى عن سلطة وضغط وحاكمية القرار الرسمي، بهدف الوصول إلى صيغة مناسبة لتعزيز السلام وحل النزاعات بين مختلف الأطراف المتنازعة، ولعل أفضل من يقوم بذلك هي مراكز الأبحاث المهنية الجادة والتي تملك القدرة على فتح حوار معمق حول مختلف الإشكالات الحاصلة، ومناقشتها بمنهجية هادئة بعيدا عن أي ضغوط من أي نوع كانت.
وتكمن أهمية المسار الثاني في كونه يسمح بتجاوز القيود الرسمية، كما يتيح التواصل والتبادل خارج القنوات الدبلوماسية، وهو ما يساعد على بناء الثقة والتأسيس لعلاقات متينة بين مختلف الأطراف، ويسهم في معالجة جذور الصراع ودعم حلول ناجعة، كما يعزز الفهم المتبادل بين مختلف الأطراف المتعارضة.
أشير إلى إمكانية الاستفادة من سياسة دبلوماسية المسار الثاني بشكل منفرد، بمعنى أن يكون ذلك من جهة واحدة، إن تعذر أن يكون من الطرفين، وأقصد أن تهتم الجهة الرسمية المعنية بمعالجة الإشكال بوجود خط اتصال آخر غير رسمي، موثوق من الجهتين، بهدف فتح حوار مباشر مع الطرف الآخر، وتأسيس مسار تفاوضي متين يُنهي كل مظاهر الإشكال المختلف حولها، ويُؤسس لعلاقات متينة بعد زوال كل غبش وفهم خاطئ، انطلاقا من مركزية الثابت المتفق عليه، ومروحة المتحرك ضمن الإطار والمسافة المتفق عليها أيضا.
أخيرا، ما أحوجنا اليوم إلى أن نستفيد من هذا المسار في حل كثير من بؤر الصراع في المنطقة والإقليم، لا سيما في الحالات التي تكون فيها المفاوضات الرسمية معقدة أو غير فعَّالة. والمهم أن يتولى ذلك أشخاص أكفاء يملكون مهارات متنوعة، ليس أولها الموثوقية، وليس آخرها الفطنة والإلمام والهدوء ووسع الأفق وحسن الاستماع وإجادة مهارة الذكاء العاطفي، علاوة على أن يكونوا غير مجروحين لدى الطرف الآخر بقول قالوه، أو فعل قاموا به أساء بشكل واضح.
ذلك أن دبلوماسية المسار الثاني تقوم على تصالح الأفئدة أو على الأقل حيادها إزاء بعضها البعض، للوصول إلى حل يُرضي الجميع، ولنا في مفاوضات صلح الحديبية بين سُهيل بن عمرو والنبي عليه الصلاة والسلام مثالا يُحتذى، مع الإشارة إلى أن قريشا حين اختارت سُهيلا، قد أدركت بأنه سيكون مقبولا لدى الطرف الآخر، لكونه لم يوغل في الخلاف مع النبي وصحبه، مع احتفاظه بولائه المطلق لقومه قريش.
وفي العصر الحديث، تتعدد صور المفاوضات الناجحة لدبلوماسية المسار الثاني، كما الحال في جنوب أفريقيا في فترة ما بعد الفصل العنصري، حيث لعبت منظمات المجتمع المدني دورا في بناء الثقة والتعاون بين مختلف المجموعات؛ كذلك الحال في مفاوضات إيرلندا الشمالية، والتي ساهمت جهود المسار الثاني في تقريب وجهات النظر بين الأطراف المتنازعة، مما مهد الطريق لإجراء مفاوضات رسمية بعد ذلك؛ ومثلها في البلقان، حيث ساهمت الحوارات غير الرسمية التي شارك فيها خبراء وأكاديميون وقادة دينيون في بناء الثقة وتسهيل التعاون بين المجتمعات المختلفة.
مكة
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

سرايا الإخبارية
منذ 40 دقائق
- سرايا الإخبارية
جهاد المنسي يكتب: ترتيبات إقليمية .. تتطلب حضورا نيابيا فاعلا
بقلم : تسير الترتيبات الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط بوتيرة متسارعة، وتحمل في داخلها تحديات عميقة، بعضها سيؤثر علينا بشكل أو بآخر، الأمر الذي يضعنا في أتون منعطفات إقليمية شديدة التعقيد، فمن يعتقد أن حرب الـ12 يوما التي جرت بين إسرائيل وإيران إثر العدوان الإسرائيلي الذي طال طهران لن ينتج عنها خلق تحالفات إقليمية جديدة فهو واهم. فالمنطقة ستشهد تحولات غير مسبوقة، وتغييرا في موازين القوى، وسينتج عن ذلك ظهور تحالفات إقليمية جديدة، وزيادة التحديات الأمنية والاقتصادية، فإسرائيل الذي تعرّضت لضربات إيرانية في قلبها لن تنسى ذلك، وإيران التي لمست الرفض الدولي لبرنامجها النووي ستأخذ ذلك بنظر الحسبان، ولهذا بات علينا في الأردن قراءة القادم والتعامل مع المجريات وفق رؤية سياسية عميقة، ولعب دور فاعل فيما يجري. ولأن القضية الفلسطينية حجر الرحى في المنطقة، وأساس أي تغيرات جذرية فإنه يتوقع أن نشهد في قادم الأيام تحركات إقليمية بقيادة دول محورية كالولايات المتحدة لإيجاد حلول لن تكون مرضية- كما العادة - وستذهب لصالح إسرائيل ورغباتها، وتطلعاتها التوسعية، من خلال إسقاط حق العودة للاجئين الفلسطينيين، وفرض حلول اقتصادية كبدائل عن الحلول السياسية والحقوقية، وتقسيم الأراضي الفلسطينية وتحويل القضية إلى (أزمة إنسانية)، وتغيير الوضع القانوني والديموغرافي في القدس والضفة الغربية، وتطبيع العلاقات مع الاحتلال دون تحقيق أي مكاسب للفلسطينيين، وإنكار الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني كالحق في العودة، وإقامة الدولة الفلسطينية، ومقاومة الاحتلال بكل أشكاله، وتقويض القانون الدولي والشرعية الدولية، وخلق واقع جديد بالقوة من خلال التوسع الاستيطاني، وتهويد القدس، والسيطرة على الموارد. هذا يتطلب منا في الأردن قراءة المشهد بكل أبعاده ووضع تصورات مسبقة، والاستناد لحقيقة ثابتة أن الأردن له موقف ثابت تم التعبير عنه في كل المحافل الدولية وهو دعم حل الدولتين، والتمسك بالوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، ومعارضة الترتيبات الأحادية التي تمس الوضع القانوني للقدس أو أي ترتيبات خاصة بالقضية الفلسطينية لا تستند إلى قرارات الشرعية الدولية، وحل مشكلة اللاجئين. هذا الموقف الواضح حتى يتحقق بشكل تكاملي وسياسي يتطلب وجود مؤسسات قوية تدعم وتساند، وعلى رأس تلك المؤسسات يبرز مجلس النواب، فالمجلس لا يمثل فقط سلطة تشريعية، بل يشكل أيضًا ركيزة وطنية في دعم القرار السيادي، وصوت الشعب في وجه التحولات الجيوسياسية، وقيام النواب بدورهم الكامل، سواء عبر الرقابة أو التشريع أو المشاركة السياسية الفاعلة، بات ضرورة وطنية، ولا يجوز أن يبقى المجلس بعيدا عما يجري وينظر إليه كمراقب فقط، وإنما عليه الانغماس والتعاطي معه ليشكل سدا للدفاع عن السيادة والمصلحة العليا للدولة، ويقف لمنع أي محاولات إقليمية أو دولية لفرض ترتيبات لا تخدم مصالح الأردن، وبالتالي فإن غياب مجلس النواب عن المشهد لا يستقيم، ويتطلب منه التداعي والتشاور وعدم الاتكاء بأن مجلس النواب في دور عدم الانعقاد، والمسارعة لتشكيل رؤية وطنية جامعة وترك أي خلافات داخلية بين الكتل والأحزاب والتعامل مع المرحلة بشكل جمعي وليس من خلال منظور فردي أو أحادي. اكتفاء مجلس النواب بإصدار بيانات لم يعد كافيا، وغياب النواب عن المشهد السياسي والإقليمي يضع علامات سؤال لا منتهية حول قدرتهم على مجارات المرحلة، ولذا فإن الأصل أن ينتبه المجلس لدوره ويفعله بالشكل الذي يجب أن يكون، فهذا ليس خيارًا بل ضرورة وطنية تفرضها التحديات الراهنة وتستدعيها متطلبات المرحلة القادمة. الغد

الدستور
منذ 44 دقائق
- الدستور
موسكو: عقد أول قمة روسية عربية في تشرين الأول المقبل
موسكو أعلنت وزارة الخارجية الروسية، اليوم الجمعة، عن إنه تم الاتفاق على عقد أول قمة روسية-عربية، في موسكو في الخامس عشر من تشرين الأول المقبل. وذكرت الخارجية الروسية في بيان صحفي:"تأمل موسكو بمشاركة الزعماء العرب في القمة الروسية العربية المنوي عقدها وفق الترتيبات في الخامس عشر من تشرين الأول المقبل، والتي ستعزز التعاون والعلاقات بين جميع روسيا والعواصم العربية في مختلف المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وغيرها من المجالات ذات الاهتمام المشترك". --(بترا)

السوسنة
منذ ساعة واحدة
- السوسنة
حماس: جاهزون بجدية للدخول فوراً في المفاوضات
السوسنةنقلت وكالة رويترز عن قياديّ في حركة حماس، اليوم الجمعة، قوله إنّ الحركة سلّمت الوسطاء ردّها على "المقترح الأميركي لوقف إطلاق النار" في غزة، في حين أفادت الوكالة، نقلاً عن مسؤول فلسطيني مطّلع على جهود الوساطة، أنّ "رد حماس إيجابي، وسيساعد في التوصل لاتفاق".وفجر اليوم الجمعة، أكّدت حركة حماس أنها ستسلم ردّها النهائي بشأن مقترح وقف إطلاق النار في قطاع غزة بعد انتهاء المشاورات التي تجريها مع باقي الفصائل والقوى الفلسطينية. وجاء ذلك في بيان للحركة أكّدت فيه أنه في إطار حرصها "على إنهاء العدوان الصهيوني على شعبنا، وضمان دخول المساعدات بحريّة، فإنّ الحركة تجري مشاورات مع قادة القوى والفصائل الفلسطينية بشأن العرض الذي تسلّمته من الإخوة الوسطاء"، وأشارت حماس إلى أنها "ستسلّم القرار النهائي للوسطاء بعد انتهاء المشاورات، وستعلن ذلك رسمياً".وأمس الخميس، قالت وكالة الأناضول إنّ حركة حماس "تتجه نحو الموافقة" على المقترح القطري المصري لتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار، لكنّها لم تتخذ قراراً نهائياً بعد، وتواصل التشاور مع الفصائل والقوى الفلسطينية المختلفة قبل تسليم ردّها الرسمي. وأوضحت الوكالة، نقلاً عن مصادر فلسطينية مطلعة، أنّ الولايات المتحدة ومصر وقطر قدمت "ضمانات واسعة" لتنفيذ الاتفاق، مشيرة إلى أن تركيا ربما تكون ضمن قائمة الدول الضامنة للاتفاق.مخلفات قصف إسرائيلي استهدف مدرسة بمدينة غزة، 3 يوليو 2025 (Getty)أخبار"حماس": سنسلم ردنا بشأن مقترح الهدنة في غزة بعد انتهاء المشاوراتوفي وقت سابق من اليوم، قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إنّه من المرجّح معرفة رد حركة حماس على اقتراح وقف إطلاق النار مع إسرائيل في غزة "خلال 24 ساعة". وكان ترامب قد قال، الثلاثاء، إنّ إسرائيل قبلت "الشروط اللازمة" لوقف إطلاق النار لمدة 60 يوماً، معرباً عن أمله في أن توافق عليها حماس.وأثتاء حديثه للصحافيين في قاعدة آندروز المشتركة بينما كان في طريقه إلى تجمع في ولاية أيوا، مساء أمس الخميس، قال ترامب إنه يريد "الأمان" لسكّان قطاع غزة، في وقت يستعدّ فيه لاستقبال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الاثنين المقبل، للدفع باتّجاه وقف لإطلاق النار.