
عدن بين نارين: انهيار العملة ومقصلة الغلاء... من يُنقذ المواطن؟
تعيش العاصمة عدن على وقع أزمة اقتصادية خانقة تتصاعد حدتها يوماً بعد آخر، مع استمرار انهيار العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، ما أدى إلى موجة جديدة من الارتفاع الحاد في أسعار السلع الأساسية، ومع كل تراجع في قيمة الريال اليمني، تتعمق معاناة المواطن، الذي وجد نفسه عاجزاً أمام متطلبات الحياة اليومية.
أسواق تلتهم الجيوب
في جولة ميدانية لـ"العين الثالثة" بعدد من أسواق عدن الشعبية، تظهر الحقيقة بلا رتوش: الأسعار تقفز بشكل جنوني، والدخل ثابت – أو منعدم لدى كثيرين، كيلو الأرز بات يحلّق فوق 2000 ريال، وسعر كيس الدقيق يهدد مائدة الأسر الفقيرة، أما الزيت، فقد أصبح رفاهية لا يقدر عليها إلا القادرون، بينما تتلاشى الطبقة المتوسطة سريعًا بين طبقتين: غنية متهربة وفقيرة منهكة.
يقول المواطن صالح محمد لـ"العين الثالثة"، وهو موظف حكومي في الخمسينات من عمره، "نحن لا نعيش، نحن نحاول فقط أن ننجو، كل يوم نعود من السوق محبطين.. الأجور لم تعد تساوي شيئاً أمام الأسعار، والراتب لا يكفي لأسبوع."
الريال يتهاوى... والحلول غائبة
منذ بداية العام الجاري، تجاوز الدولار الأميركي حاجز 1800 ريال يمني، وسط غياب أي تدخل حكومي جاد لضبط سعر الصرف.. البنوك عاجزة، والرقابة على شركات الصرافة لا تتجاوز التصريحات الإعلامية، وتحول المواطن إلى ضحية في معركة غير متكافئة بين تدهور اقتصادي وفوضى سوق.
وتعليقًا على ذلك، يقول الخبير الاقتصادي د. نبيل عبدالحميد: "ما نشهده اليوم هو نتيجة تراكمات طويلة من الفساد وسوء الإدارة.. انهيار العملة ليس فقط انعكاسًا للأوضاع المالية، بل أيضًا تعبير عن هشاشة النظام الاقتصادي برمته، دون سياسة نقدية فاعلة، سيظل المواطن يدفع الثمن".
الحكومة... صامتة أم عاجزة؟
في ظل كل هذا، يواجه المواطنون صمتًا رسميًا مطبقًا، لا برامج دعم، ولا آلية حقيقية لضبط الأسعار، ولا رقابة حازمة تردع جشع التجار.. وتتكرر الوعود في نشرات الأخبار وتصريحات المسؤولين دون أن تلامس أرض الواقع، تاركة المواطن في مواجهة يومية مع المجاعة المقنّعة.
ويضيف المواطن محمد أمين، أحد سكان مديرية المعلا: "نشعر أننا متروكون. لا حكومة تشعر بمعاناتنا، ولا مؤسسات تحمينا من الجشع. الناس تنهار بصمت".
بين الخبز والكرامة
ما يحدث اليوم في عدن لا يقتصر على أرقام في سوق الصرف أو نسب في تقارير اقتصادية، بل هو مساس مباشر بكرامة الإنسان وحقه في الحياة الكريمة، ومع ارتفاع أسعار الغذاء بشكل غير مسبوق، تتزايد معدلات الفقر والجوع، وتكافح الأسر يوميًا لتأمين أبسط الوجبات.
في هذا السياق، شدد ناشطون حقوقيون على ضرورة التدخل الإنساني العاجل من قبل المنظمات الدولية، إلى جانب الضغط على الجهات الحكومية لتحمل مسؤولياتها تجاه المواطنين.
صرخة في وجه التجاهل
يطالب المواطنون – كما في كل أزمة – بتشكيل لجان رقابية فاعلة في الأسواق، ومحاسبة المتلاعبين بالأسعار، والتدخل العاجل لإنقاذ العملة المحلية عبر إجراءات اقتصادية حقيقية لا ترويجية.
لكن في الوقت الذي تتضخم فيه أرباح تجار الحروب، تزداد جراح الفقراء، ولا يبدو أن هناك أفقًا قريبًا للخلاص. عدن، المدينة التي واجهت الحروب والكوارث، تقاوم اليوم عدوًا آخر: الجوع المقنّع بغلاء الأسعار... والتجاهل.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


اليمن الآن
منذ 27 دقائق
- اليمن الآن
أسعار صرف العملات ظهر اليوم
كريتر سكاي/خاص شهدت أسواق العملات في صنعاء وعدن تقلبات جديدة اليوم، حيث سجلت الأسعار التالية: أسعار في صنعاء: - الدولار الأمريكي: شراء 534.5 إلى 535 ريال - بيع 536.5 إلى 537 ريال. - الريال السعودي: شراء 139.8 إلى 139.9 ريال - بيع 140.1 إلى 140.2 ريال. أسعار في عدن: - الدولار الأمريكي: شراء 2729 إلى 2731 ريال - بيع 2744 إلى 2746 ريال. - الريال السعودي: شراء 717 إلى 718 ريال - بيع 720 إلى 720.5 ريال.


اليمن الآن
منذ ساعة واحدة
- اليمن الآن
تعرف على أسعار الصرف اليوم الأحد في عدن وصنعاء
أسعار صرف العملات الأجنبية أمام الريال اليمني في عدن وصنعاء، اليوم الأحد 29يونيو2025: أسعار الصرف في عدن: الدولار الأمريكي: سعر الشراء: 2732 ريال يمني سعر البيع: 2765 ريال يمني الريال السعودي: سعر الشراء: 719ريال يمني سعر البيع: 722ريال يمني أسعار الصرف في صنعاء: الدولار الأمريكي: سعر الشراء: 535 ريال يمني سعر البيع: 537 ريال يمني الريال السعودي: سعر الشراء: 140ريال يمني سعر البيع: 140.20 ريال يمني


اليمن الآن
منذ ساعة واحدة
- اليمن الآن
صنعاء.. المواطنون يعبرون عن غضبهم من قرار التربية والتعليم
عبّر عدد من المواطنين في العاصمة صنعاء عن غضبهم الشديد إزاء قرار وزارة التربية والتعليم، التابعة لحكومة صنعاء غير المعترف بها دولياً، بفتح باب التسجيل في المدارس للعام الدراسي الجديد، دون أخذ الظروف الاقتصادية والمعيشية القاسية التي يعاني منها السكان في الاعتبار. وأكد مواطنون أن القرار جاء في وقت ترزح فيه الأسر تحت أعباء مالية ثقيلة ناتجة عن مصاريف شهر رمضان الماضي وعيد الفطر، مشيرين إلى أن فتح المدارس بهذه السرعة وعدم انتظار تحسن الوضع المعيشي يُعد تجاهلًا تامًا لواقعهم المأساوي. وقال أحد المواطنين: "خرجنا للتو من كلفة رمضان والعيد الكبيرة، وإذا بنا نتفاجأ بفتح باب المدارس دون أي اعتبار لوضعنا المعيشي، في الوقت الذي لا تزال فيه الوظائف شحيحة، والمرتبات متوقفة منذ أشهر طويلة". وأضاف آخرون أن آلاف الطلاب يواجهون خطر عدم الالتحاق بالمقاعد الدراسية مع بداية العام الدراسي الجديد، بسبب عدم قدرة أسرهم على توفير متطلبات الدراسة، موضحين بأن تكلفة التعليم في المدارس الحكومية بلغت نحو 15 ألف ريال يمني لكل طالب، بينما تتراوح المصروفات في المدارس الخاصة ما بين 300 إلى 400 دولار أمريكي سنويًا. وأشار المواطنون إلى أن هذه الأوضاع تهدد بحرمان جيل كامل من حقه في التعليم، مما سيؤدي إلى كارثة تعليمية حقيقية تُضاف إلى سلسلة الأزمات الإنسانية التي يشهدها اليمن منذ سنوات. واختتموا حديثهم بالقول: "نحن مقبلون على كارثة ستتسبب في تجهيل جيل بأكمله، إذا لم يتم التدخل العاجل لتوفير حلول حقيقية ودعم ملموس للأسر المتضررة".