
مسوغات قرارات ترمب هي الانطباع الذي تتركه
لا يلام الرؤساء الأميركيون على تكيفهم مع الظروف الدولية المتغيرة، فجيمي كارتر (1924- 2024) انتخب بناء على برنامج تعاون مع الاتحاد السوفياتي، وانتهى به الأمر إلى انتهاج سياسة متوترة غداة غزو الاتحاد السوفياتي أفغانستان. وانتخب رونالد ريغان (1911- 2004) بناء على نهج متشدد، تحول مفاوضاً رئيساً مع الزعيم السوفياتي ميخائيل غورباتشيف. وتبوأ جورج دبليو بوش السلطة وبرنامجه المعلن يدعو إلى نهج شبه انعزالي يخالف السياسة التي انتهجها في أواخر ولايته، وخاض بموجبها حربين مدمرتين في أفغانستان ثم في العراق، غداة هجمات الـ11 من سبتمبر (أيلول) 2001. وعلى خلاف أسلافه، يشير جوستان فايس، المؤرخ ومؤسس منتدى باريس للسلام، في "لوموند الفرنسية" إلى أن اللافت في قرار دونالد ترمب المشاركة في هجمات إسرائيل على إيران، ليس اتخاذه من غير واقعة بارزة أو علة مباشرة تبرره، خمسة أشهر فقط بعد عودة للسلطة صحبها إعلان متكرر عن إرادة الإمساك عن التدخل العسكري في الخارج. ففي الـ20 من يناير (كانون الثاني)، صرح ترمب مفتتحاً تقلده الولاية: "لن نقيس نجاحنا بالمعارك التي ننتصر فيها فحسب، بل كذلك بالحروب التي ننهيها، وبما يفوق الأمرين أهمية، ربما أي بالحروب التي لا نخوضها أبداً". وينبه فايس إلى خروج ترمب عن وعوده الانتخابية بعد إرساله إشارة قبول إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أتاحت له الهجوم على إيران، مهدت لخطر الانزلاق جراء أمرين: الأول هو تعثر الحملة الإسرائيلية، والآخر هو انجرارها إلى ضرب البرنامج النووي الإيراني على نحو حاسم.
وفي الأحوال كلها، ينبغي الإقرار لترمب بتماسك سياسته: فهو أراد على الدوام إلغاء البرنامج النووي الإيراني. وفي 2018، انسحب من خطة العمل الشاملة والمشتركة (الاتفاق النووي) التي فاوضت عليها الدول الكبرى إيران ووقعتها في 2015، على رغم إظهارها نجاعتها واتخذ ترمب قراره هذا باسم معاملة طهران معاملة متشددة. ولأن باراك أوباما كان المفاوض وصاحب التوقيع، إلا أن الإلغاء أدى إلى حرب 2025.
الانزلاق
ولكن من العسير أن يناقض تماسك نهج ترمب القرار على قدر مناقضة قرار الانخراط في الحرب هذا التماسك، وهو يخالف البرنامج الانتخابي الترمبي، ومزاج جمهور المؤيدين والناخبين المنضوين في حركة "ماغا" (مايك أميركا غرايت أغاين). والأمر لم يبلغ بعد حد الإعداد لغزو (إيران)، ولا حد إشراك قوات برية في العملية العسكرية. ولكن لا يغيب عن الأذهان أن الحروب يعلم أين تبتدئ وتبقى خاتمتها في طي المجهول. وإذا استدعى إنجاز تدمير المنشآت النووية الاستعانة بقوات خاصة؟ وإذا هاجم النظام (الإيراني) القواعد الأميركية أو حلفاً من غير أن تحول القنابل من دون ردعه؟ وإذا تفككت إيران وهدد تفككها البلدان المجاورة؟
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وحركة "ماغا" إنما تبلورت سنداً لترمب في مواجهة انزلاق مثل هذا ورفضاً لمغامرات عسكرية خارجية في أعقاب الحرب الباردة، وفي الشرق الأوسط على وجه الخصوص، والذريعة هي عدم جدواها، وعدم جدوى حروب تخاض في سبيل تغيير الأنظمة (وترمب لا يدعو علناً إلى مثل هذا التغيير، على خلاف نتنياهو). وتشترك هذه المواقف في موقف عام هو تخلي الولايات المتحدة عن الاضطلاع بدور شرطي العالم الذي تؤديه منذ 1945، ويلزمها بضمان النظام الدولي باسم نهج "أميركا أولاً"، وهو مزيج من الانعزالية والأحادية، على أن تستبدل هذا الدور بالاقتصار على خدمة المصالح الأميركية، الاقتصادية أولاً، وحدها.
ولم يكتم إيديولوجيو حركة "ماغا"، من مقدم البرامج ثيو كيركارلسون إلى ممثلة ولاية جورجيا مارجوري تايلور غرين، خيبتهم العميقة. "الحروب العميقة، والعمليات العسكرية، وحملات تغيير الأنظمة، تؤخر مكانة أميركا، وتقتل الأبرياء، وتلحق الدمار بنا وتؤدي في نهاية المطاف إلى انهيارنا"، كتبت مارجوري تايلور غرين في الـ17 من يونيو (حزيران)، على منصة X. ونشر أليكس جونز، الناشط في "ماغا" ومعتنق نظرية المؤامرات، على X صورة مركبة تمزج وجه ترمب بقسمات بوش، دلالة على انعطاف صوب سياسة المحافظين الجدد.
ولا شك في أن ترمب لم ينقلب إلى محافظ جديد: فهو، شأن نتنياهو، لا يأبه بفرض الديموقراطية على إيران، أو غيرها. ويدافع عن سياسته بالقول إنه "يحل السلام بواسطة القوة"، ويتباهى بتأييد الناخبين، خارج جمهور "ماغا" له. وهذا ما أوحى به نائب الرئيس، جي. دي. فانس، على رغم تشككه في سياسة الرئيس وضيقه بما يحصل ("لا شك في أن الناس محقون حين يقلقهم الانزلاق الخارجي بعد الأعوام الـ25 الأخيرة من انتهاج سياسة خارجية غبية"). وهو يعلن أن قصارى همه الدفاع عن المصالح الأميركية وحدها في الشرق الأوسط، واقتراح حل نهائي وناجز للخطر الذي يتهدد هذه المصالح في المنطقة، ويتهدد المنطقة معها.
الوفاء للزعيم
ويقر استراتيجي "ماغا" ستيف بانون بأن الحركة لا يسعها مخالفة ترمب، فالحركة يعرفها وفاؤها للرجل فوق تعريفها بالوفاء لأفكار أو مبادئ. أي أن انخراط الولايات المتحدة في حرب اختارت طوعاً الانخراط فيها، على مسرح الشرق الأوسط، يبدو على نقيض مبادئ "ماغا": وعلى رغم هذا، على المبادئ أن تماشي التغيير، وليس العكس، أياً كانت النتائج المترتبة عليه في مسألة مثل دور إسرائيل، وتلاعبها بترمب وجرها إياه إلى خوض الحرب في خدمة مصلحتها.
ويبقى السؤال عما دعا الرئيس الأميركي إلى انتهاج سلوك يخالف ميول قاعدته الانتخابية، وطموحه المعلن إلى تقديم قضية السلم، وتفضيله عقد "الصفقات"؟ ويحسم فايس الجواب وينبه إلى عامل نفسي. ويقول: يقتضي فهم الأمر الانتباه إلى عدد من العوامل الشخصية جداً، بل النفسية (السيكولوجية)، وغير الجيوسياسية. فهو لاحظ نجاح الهجوم الإسرائيلي، ورغب في مشاطرة دور مجيد فيه. وأراد الظهور في مظهر رئيس حل معضلة تاريخية وعصية على الحل، ولم يقنع بإدارتها شأن سابقيه الكثرة واستهواه إثبات قوة قراره الشخصي، وقدرته على الإقناع بمجرد الوعيد أو التلويح بالمفاوضات المقبلة".
فترمب، غالباً ما يعول على الانطباع المتخلف عن قوله أو فعله، فوق تعويله على المفعول نفسه. هذا بينما ينبغي التعامل مع نتائج عمليات القصف، على المدى الطويل، لأجل شق طريق إلى السلم في وقت يسلط مراقبون الضوء على رص العملية الإسرائيلية – الأميركية صفوف النظام الإيراني وترجيح كفة عزمه على التسلح النووي.
وكان ريد سميث نبه في فورين أفيرز إلى ضرورة عدم الانجرار وراء حروب حلفاء الولايات المتحدة وشركائها. وإلى اليوم لم ينجم عن ضربات جوية أميركية ضد أهداف إيرانية مساع لتغيير النظام الإيراني وحرص ترمب على عدم نشر قوات أميركية برية في الميدان الإيراني. فهل نجح ترمب في الموازنة بين دواعي الحليف الإيراني ودواعي بلاده وتجنب أخطاء واشنطن في الشرق الأوسط؟

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


Independent عربية
منذ 44 دقائق
- Independent عربية
عائلتا رهينتين فرنسيتين في إيران تنشدان دليلا على أنهما حيان
وجهت عائلتا سيسيل كولر وصديقها جاك باريس، وهما مواطنان فرنسيان محتجزان في إيران منذ عام 2022، نداءات عاجلة اليوم الجمعة لإثبات أنهما لا يزالان على قيد الحياة، وذلك بعد أيام من قصف إسرائيلي استهدف سجن إيفين في طهران حيث يُحتجزان. ويُعرف سجن إيفين بأنه أسوأ السجون سمعة في إيران، إذ إنه مخصص للسجناء السياسيين وغالباً ما يُحتجز المواطنون الأجانب، بمن فيهم باريس وكولر المتهمان بالتجسس والسعي إلى إثارة الاضطرابات. ووصفت فرنسا هذه الاتهامات بأنها لا أساس لها من الصحة وطالبت بالإفراج الفوري عنهما منذ ثلاثة أعوام. وقصفت إسرائيل السجن الإثنين الماضي، وهو أحد آخر الأهداف التي ضربتها في حملتها الجوية التي استمرت 12 يوماً وانتهت بوقف إطلاق النار في صباح اليوم التالي. وقالت إيران إن بعض الأشخاص لقوا حتفهم في الهجوم، لكن مصير السجينين الفرنسيين لم يتضح بعد. ونددت فرنسا بالغارات على السجن، متهمة إسرائيل بتعريض اثنين من مواطنيها للخطر. وقالت آن لور باريس، ابنة جاك، "يستبد بنا اليأس والرعب"، داعية السلطات الإيرانية إلى تقديم دليل فوري على نجاة السجينَين وإطلاق سراحهما خلال ساعات. وتقول عائلتاهما إن آخر اتصال مؤكد مع السجينين كان في الـ30 من مايو (أيار) الماضي خلال زيارة قنصلية. وقالت نويمي كولر، شقيقة سيسيل، "لم يتمكن أحد، لا نحن ولا العائلتان ولا السلطات الفرنسية، من إجراء اتصال مباشر معهما"، وأضافت، "نحن ننتظر إشارة فورية من سيسيل وجاك... لنتأكد من أنهما حقاً بخير وعلى قيد الحياة". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وتحث العائلتان الحكومة الفرنسية على دعم "عملية الإجلاء لأسباب قاهرة"، مشيرتين إلى الأخطار التي يشكلها الصراع الدائر ووقف إطلاق النار غير المستقر. كذلك يجري إعداد طلب رسمي لتقديمه خلال ساعات إلى مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالتعذيب. وكانت فرنسا رفعت في مايو الماضي دعوى في محكمة العدل الدولية على إيران لانتهاكها الحق في الحماية القنصلية، في محاولة للضغط على طهران في شأن احتجاز مواطنيها. واعتقل الحرس الثوري الإيراني عشرات المواطنين الأجانب ومزدوجي الجنسية في الأعوام القليلة الماضية، بتهم يتعلق أغلبها بالتجسس. وتتهم جماعات حقوقية ودول غربية طهران باستخدام المعتقلين الأجانب ورقة مساومة، وهو ما تنفيه إيران.


الشرق الأوسط
منذ 2 ساعات
- الشرق الأوسط
ترمب منفتح على المشاركة في قمّة سلام روسية
وافق الرئيس الأميركي دونالد ترمب على حضور محادثات سلام محتملة بين أوكرانيا وروسيا في تركيا «إذا شارك فيها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين»، وفق ما كشف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الخميس. وفي رحلة العودة من قمة «حلف شمال الأطلسي» في لاهاي، حيث التقى مع ترمب لأول مرة منذ عودته إلى البيت الأبيض، قال إردوغان إنه أبلغ الرئيس الأميركي بأن أنقرة تتطلع لجمع الزعيمين الروسي والأوكراني في تركيا لإجراء محادثات سلام. ونقل مكتب إردوغان عنه القول للصحافيين: «قال (ترمب) إذا جاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى إسطنبول أو أنقرة لإيجاد حل، فسأحضر أنا أيضاً». تزامنت تصريحات الرئيس التركي مع استكمال كييف وموسكو، الخميس، جولة جديدة من تبادل الأسرى في إطار اتفاق أُبرم في إسطنبول قبل أسابيع. وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على وسائل التواصل الاجتماعي: «اليوم، يعود محاربون من القوات المسلحة والحرس الوطني وحرس الحدود إلى ديارهم»، ونشر صوراً للعسكريين المحررين وهم يبتسمون. أسرى حرب روس عقب استكمال جولة جديدة من تبادل السجناء مع كييف في 26 يونيو (رويترز) بدورها، قالت وزارة الدفاع الروسية في بيان: «عادت مجموعة أخرى من العسكريين الروس من الأراضي التي يسيطر عليها نظام كييف». في المقابل، نقلت وكالة «إنترفاكس» للأنباء عن الكرملين أنه لم يتم إحراز أي تقدم حتى الآن فيما يتعلق بتحديد موعد للجولة المقبلة من محادثات السلام. في حين نقلت وكالة «تاس» عن دميتري بيسكوف، المتحدّث باسم الكرملين، قوله إن روسيا تؤيد استمرار جهود الوساطة الأميركية. أسرى حرب أوكرانيون بعد عودتهم إلى بلادهم عقب استكمال جولة جديدة من تبادل السجناء مع موسكو في 26 يونيو (رويترز) وبعد انقطاع دام أكثر من ثلاث سنوات، استأنفت روسيا وأوكرانيا محادثات مباشرة في إسطنبول في 16 مايو (أيار) وفي الثاني من يونيو (حزيران)، فيما أدى إلى سلسلة من عمليات تبادل الأسرى وإعادة جثث الجنود القتلى، إلا أن هذه المحادثات لم تحقق أي تقدم يُذكر نحو التوصل إلى وقف إطلاق النار الذي تسعى أوكرانيا، بدعم من الغرب، من أجل الوصول إليه. وقّعت أوكرانيا ومجلس أوروبا المعني بحقوق الإنسان اتفاقاً يُشكّل حجر الأساس لإنشاء محكمة خاصّة، تهدف إلى محاكمة كبار المسؤولين الروس بتهمة «ارتكاب جريمة العدوان على أوكرانيا». زيلينسكي مخاطباً مجلس أوروبا بعد الإعلان عن إنشاء محكمة خاصّة جديدة في ستراسبورغ يوم 25 يونيو (أ.ف.ب) ووقّع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، والأمين العام لمجلس أوروبا، آلان بيرسيه، الاتّفاق الأربعاء بمقرّ المجلس في مدينة ستراسبورغ الفرنسية. وقال زيلينسكي خلال مراسم التوقيع إن «هذه خطوة بالغة الأهمية حقاً. يجب أن يعرف كل مجرم حرب أن العدالة ستتحقق، وهذا يشمل روسيا. نحن الآن نعزز العمل القانوني بطريقة جادة». وأضاف: «ما زال الطريق طويلاً أمامنا. واتفاق اليوم ليس إلا البداية. علينا اتخاذ خطوات حقيقية حتى ينجح. وسيتطلب الأمر تعاوناً سياسياً وقانونياً وثيقاً للتأكد من أن كل مجرم حرب روسي سيواجه العدالة، بما في ذلك (الرئيس فلاديمير) بوتين». وطالبت أوكرانيا بإنشاء مثل هذه المحكمة منذ بداية الحرب في فبراير (شباط) 2022، مُتّهمة القوات الروسية بارتكاب آلاف من جرائم الحرب. ووافق مجلس أوروبا المُكوّن من 46 عضواً، والذي تأسّس في أعقاب الحرب العالمية الثانية لدعم حقوق الإنسان وسيادة القانون، على المحكمة في مايو (أيار)، قائلاً إن الهدف منها هو أن تكون مكملة للمحكمة الجنائية الدولية، وتسُدّ الثغرات القانونية في الملاحقات القضائية. وكانت المحكمة الجنائية الدولية قد أصدرت مذكرة اعتقال بحقّ بوتين، تتهمه بترحيل مئات الأطفال من أوكرانيا بشكل غير قانوني. قال أمين عام «حلف شمال الأطلسي» مارك روته، لوكالة «رويترز»، في مقابلة الأربعاء، إن جميع دول الحلف بما فيها الولايات المتحدة «ملتزمة تماماً» بدعم استمرار أوكرانيا في الحرب ضد روسيا. زيلينسكي والأمين العام لـ«حلف شمال الأطلسي» مارك روته (أ.ف.ب) وفي ختام قمة قادة الحلف في لاهاي، قال روته إنه لا يوجد أحد في «حلف شمال الأطلسي» لديه تصوّر ساذج بشأن روسيا، وإن جميع الأعضاء «لديهم تقريباً نفس التقييم» تجاه موسكو. وبينما أثار موقف الرئيس الأميركي دونالد ترمب الأكثر تصالحاً تجاه روسيا، تساؤلات حول التزامات الولايات المتحدة تجاه كييف، قال روته إن «جميع دول (حلف شمال الأطلسي)، بما في ذلك الولايات المتحدة، ملتزمة تماماً بدعم أوكرانيا في الحرب، للتأكد من أنه في حالة التوصل إلى اتفاق سلام أو وقف لإطلاق النار، سيكون الأمر مستداماً ومستمراً». وقال إن التوجه الواضح هو أن الأوروبيين سيكونون مسؤولين عن المزيد من المساعدات العسكرية لأوكرانيا. لكنه أضاف أن الولايات المتحدة ستظل «منخرطة بشكل كبير في تبادل المعلومات الاستخباراتية، مع دعم عسكري عملي» يمكن أن يشمل أنظمة دفاع جوي. جانب من اجتماع قادة حلف «الناتو» في لاهاي يوم 25 يونيو (رويترز) وأبلغت إدارة ترمب الأوروبيين بضرورة تولّيهم المسؤولية الأساسية عن أمنهم، بدلاً من الاعتماد على الولايات المتحدة في إطار «حلف شمال الأطلسي». وقال روته إن هذه العملية ستكون ممكنة؛ لأن الأوروبيين التزموا بزيادة الإنفاق على الدفاع، وستكون «منظمة بشكل جيد» لتجنب أي ثغرات قد تستغلها روسيا. وفي ردّ فعل مباشر على التزام دول «الناتو» برفع إنفاقهم الدفاعي، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إن قرار الحلف «لن يؤثر كثيراً على أمن روسيا». ووافقت الدول الأعضاء في «حلف شمال الأطلسي»، خلال قمّة الأربعاء في لاهاي، على زيادة هدف الإنفاق الجماعي إلى خمسة في المائة من الناتج المحلي الإجمالي خلال السنوات العشر المقبلة. وأرجعت ذلك إلى ما وصفته بأنه تهديد طويل الأمد تُشكّله روسيا، فضلاً عن ضرورة تعزيز الصمود المدني والعسكري. وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف متحدّثاً في مؤتمر صحافي في موسكو يوم 26 يونيو (رويترز) وقال لافروف خلال مؤتمر صحافي: «بالنسبة لتأثير هدف الإنفاق الدفاعي للحلف البالغ خمسة في المائة على أمننا، لا أعتقد أنه سيكون ذا أهمية». وأضاف: «نعرف الأهداف التي نسعى لتحقيقها، ولا نخفيها، بل نعلنها. وهي قانونية تماماً من منظور أي تفسير لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي. ونعرف دائماً الوسائل التي سنضمن بها تحقيق هذه الأهداف». واعتمد الحلف هدف الإنفاق الأعلى استجابة لضغوط من الرئيس الأميركي على الأعضاء الأوروبيين لبذل المزيد من الجهد، وأيضاً بسبب مخاوف أوروبية من التهديد المتزايد الذي تُشكّله روسيا على أمنها. وتنفي روسيا نيتها مهاجمة أي دولة عضو في «حلف شمال الأطلسي». وتُنفق موسكو أكثر من 40 في المائة من ميزانية هذا العام على الدفاع والأمن. واتّهم الكرملين الحلف هذا الأسبوع بتصوير روسيا على أنها «شيطان من الجحيم»، لتبرير «الإفراط في العسكرة». وفي تطوّر لافت، تُخطّط كوريا الشمالية لإرسال مزيد من القوات إلى روسيا لمساعدتها في حربها ضد أوكرانيا، ربما في موعد أقربه في يوليو (تموز)، حسبما قال نائب كوري جنوبي مستنداً إلى معلومات من وكالة الاستخبارات في سيول، الخميس. نشرة إخبارية كورية جنوبية حول مشاركة قوات كورية شمالية في عمليات بكورسك يوم 28 أبريل (أ.ب) وتأتي هذه التأكيدات بعد أسبوع على تصريح لرئيس مجلس الأمن القومي الروسي سيرغي شويغو، قال فيه إن كوريا الشمالية سترسل عسكريين وخبراء متفجرات للمساعدة في إعادة بناء منطقة كورسك الروسية، وذلك خلال زيارة له إلى بيونغ يانغ. وقال النائب لي سيونغ كوين بعد إحاطة من وكالة الاستخبارات، إن «كوريا الشمالية تواصل إرسال قوات وتزويد روسيا بالأسلحة، ونرى أن دعمها لعب دوراً مهماً في جهود موسكو لاستعادة كورسك». وأضاف أنه «بعد إرسال 11 ألف جندي في أكتوبر (تشرين الأول) العام الماضي، أعلنت روسيا بالفعل عن نشر ثانٍ لـ4000 جندي، ثمّ 6000 جندي إضافي من قوات البناء للمساعدة في إعادة بناء كورسك». وبحسب تقييمات جهاز الاستخبارات الوطني، فإن النشر الجديد للقوات «قد يتم في موعد أقربه في يوليو أو أغسطس (آب)». والدليل على ذلك هو أنه خلال عمليات النشر السابقة، زار شويغو بيونغ يانغ قبل ذلك بشهر تقريباً، وفق لي، إضافة إلى «تقارير حديثة تفيد بأن كوريا الشمالية بدأت في اختيار أفراد لإرسالهم»، معتبراً أن تلك «مؤشرات على أن الاستعدادات جارية بالفعل». الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال زيارة له إلى كورسك في 21 مايو (أ.ب) وأصبحت كوريا الشمالية أحد الحلفاء الرئيسيين لروسيا خلال حربها في أوكرانيا المستمرة منذ أكثر من ثلاث سنوات؛ إذ أرسلت آلاف الجنود وحاويات محملة بالأسلحة لمساعدة الكرملين في إخراج القوات الأوكرانية من كورسك. وأضاف لي: «يُعتقد أن كوريا الشمالية زودت روسيا بما يُقدر بعدة ملايين من قذائف المدفعية، إلى جانب صواريخ وأنظمة صواريخ بعيدة المدى نُقلت على متن سفن وطائرات عسكرية». ووقّعت روسيا وكوريا الشمالية اتفاقية عسكرية العام الماضي تتضمن بنداً للدفاع المشترك، وذلك خلال زيارة نادرة للزعيم الروسي فلاديمير بوتين إلى كوريا الشمالية المسلحة نووياً. وقُتل نحو 600 جندي كوري شمالي وجُرح الآلاف في المعارك إلى جانب روسيا، على ما قال لي نقلاً عن جهاز الاستخبارات الكوري الجنوبي. وأكّدت بيونغ يانغ في أبريل (نيسان) لأول مرّة أنها نشرت قوات لدعم حرب روسيا في أوكرانيا، واعترفت بمقتل جنودها في المعارك. وأفادت وسائل الإعلام الرسمية في كوريا الشمالية بأن الزعيم كيم جونغ أون أكّد خططاً لمزيد من التعاون، لكنها لم تُقدم أي تفاصيل.


الشرق الأوسط
منذ 2 ساعات
- الشرق الأوسط
5 قتلى و23 جريحاً في قصف روسي على دنيبروبيتروفسك الأوكرانية
أعلن سيرغي ليساك، حاكم منطقة دنيبروبيتروفسك، الواقعة في وسط شرق أوكرانيا، مقتل 5 أشخاص على الأقل وإصابة 23 آخرين، 4 منهم في حالة خطيرة، وذلك في غارة جوية روسية استهدفت مدينة سامار، يوم الجمعة. وقال سيرغي ليساك على «تلغرام»: «قتل الروس 5 أشخاص، وأحصينا حتى الآن 23 جريحاً، 4 منهم في حال خطيرة»، بعد «هجوم صاروخي» على سامار أدّى إلى «اندلاع حريق». وتقع سامار شمال شرقي مدينة دنيبرو الكبيرة، على مسافة أقل من 150 كيلومتراً من الجبهة الشرقية؛ حيث تُواجه القوات الأوكرانية صعوبات أمام الجيش الروسي الذي يُهدد دخول منطقة دنيبروبيتروفسك. وجاءت هذه الضربة الدامية للجيش الروسي بعد يومين من تأكيد الرئيس فولوديمير زيلينسكي لنظيره الأميركي دونالد ترمب، على هامش قمة حلف شمال الأطلسي في لاهاي، أنه مستعد لشراء أنظمة دفاع جوي أميركية من طراز «باتريوت»، لإحباط القصف الروسي. لكنّ ترمب قال للصحافيين إنه «سيرى ما إذا كان بوسعنا توفير بعضها»، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة «تحتاج أيضاً» إلى هذه الأنظمة شديدة الدقة.