logo
جدد التأكيد على الثبات في الموقف نصرة لفلسطين.. قائد الثورة : الإمام الحسين.. مدرسة ملهمة للأجيال في مواجهة الطغاة

جدد التأكيد على الثبات في الموقف نصرة لفلسطين.. قائد الثورة : الإمام الحسين.. مدرسة ملهمة للأجيال في مواجهة الطغاة

يمرسمنذ 9 ساعات
وقال السيد القائد في كلمة له ايوم امس ، ضمن مسيرات إحياء استشهاد الإمام الحسين عليه السلام بأمانة العاصمة والمحافظات، "المخطط الصهيوني هو مخطط عدواني تدميري، يستهدف الأمة في دينها ودنياها، فلن نألوا جهدًا في مواجهة ذلك العدو مع إخوتنا في محور القدس والجهاد والمقاومة وأحرار الأمة".
وأضاف "مهما كانت التحديات والصعوبات وحجم التضحيات ومستوى اللوم والضغوط والهجمات الإعلامية، وغير ذلك مما نواجه به من كل أشكال الحرب والاستهداف من أمريكا وإسرائيل وعملائهما الموالين والمؤيدين لهما والمعادين لأي توجه لا يقبل بالخنوع لأمريكا ، فإن ثباتنا على مواقفنا هو خيارنا الحاسم الذي لا يمكن التراجع عنه، مستعينون بالله ومتوكلون عليه، واثقون به وهو حسبنا ونعم الوكيل، نعم المولى ونعم النصير".
وأشار قائد الثورة إلى ثبات الشعب اليمني على الانطلاقة الإيمانية في المشروع القرآني المبارك الذي يقوم على أساس التمسك بالقرآن الكريم وحمل راية الإسلام، والتحرك في إطار المسؤوليات الإسلامية المقدسة في الجهاد في سبيل الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وأوضح أن إحياء ذكرى استشهاد الإمام الحسين، مواساة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولما يعنيه من امتداد من موقع الهداية والأسوة، مشيرًا إلى أن الإمام الحسين عليه السلام هو صاحب قضية، وقضيته هي الإسلام.
وأوضح أن الإسلام الذي مضى عليه الإمام الحسين عليه السلام هو الإسلام الذي يصنع السلام لا استسلام، مبينًا أن تحول المعالم الكبرى للإسلام أوصلت إلى أن يواجه سبط رسول الله الإمام الحسين الغربة والتخاذل.
ولفت السيد القائد إلى أن الإمام الحسين عليه السلام، قدّم للأمة من بعده حتى قيام الساعة أعظم الدروس في الاستجابة الإيمانية لله والنهضة للحق، والقيام لله بأمر الإسلام والعزة الإيمانية، ومعه أهل بيته والقلة القليلة من الأنصار.
وتابع "الإمام الحسين عليه قدّم أيضًا أعظم الدروس في الإيمان والصدق والوفاء والثبات على الحق، في أقسى الظروف والمراحل وكسر حاجز الصمت وأحيا في الأمة الحرية وتتابعت الثورات من بعده حتى أطاحت بطغاة بني أمية وأعطى للحق دفعًا وامتدادًا عبر الأجيال".
واستشهد بكلمات خالدة للإمام الحسين حينما حاصره الأعداء الذين امتلأت بهم صحراء كربلاء ووضعوه بين خيارين إما الذلة والاستسلام للطغاة والمجرمين، وإما الحرب والقتل والإبادة فقال عليه السلام "ألا وأن الدّعي بن الدعي قد ركز بين اثنتين بين السلة والذلة، وهيهات منا الذلة، يأبى الله ذلك ورسوله والمؤمنون، ونفوس أبية، وأنوف حمية، تؤثر مصارع الكرام على طاعة اللئام".
مدرسة ملهمة
وعد الإمام الحسين، مدرسة ملهمة للأجيال ومواجهة الطغاة في كل زمان ومكان، ولاتخاذ القرار الصحيح حينما توضع الأمة بين هاذين الخيارين، إما السلة وإما الذلة في كل ساحة من ميادين المواجهة وليبقى للحق امتداده وليسعى المؤمنون لاستعادة الإسلام في نقائه وكماله ومعالمه الكبرى ومبادئه الأساسية التي تتحقق بها ثمرته في الدنيا تحررًا من الطاغوت وسموًا في الأخلاق والقيم وعزًا وكرامة وعدلًا ونورًا وبصيرة ومنهجًا ربانيًا للحياة.
وقال "إن معركتنا في مواجهة الطغيان الأمريكي، والإسرائيلي، هي من منطلق ثورة الإمام الحسين، لما يمثله الأمريكي، والإسرائيلي من خطر على الأمة في طمس هويتها الدينية واستهداف مقدساتها والسعي للسيطرة عليها والاستبعاد لها وإذلالها واستباحتها".
إبادة جماعية
وأشار السيد القائد "إلى ما يرتكبه العدو بحق هذه الأمة بدءًا بما يفعله في فلسطين من إبادة جماعية وانتهاك لحرمة المقدسات وكل أشكال الظلم والإجرام، وفي غير فلسطين من العالم الإسلامي وفي حربه الناعمة الشيطانية، التي يستهدف بها الأمة، ومخططه العدواني الهادف لاحتلال الأوطان ونهب الثروات واستعباد المجتمعات، كل ذلك يحتم علينا كمسؤولية إيمانية دينية وأخلاقية أن نواجه الطغيان الأمريكي والإسرائيلي، والتصدي لإجرامهما".
التصدي للطغيان
وأضاف "مسؤوليتنا الدينية أن نتصدى لإجرام الطغيان الأمريكي والإسرائيلي وأن نتحرك ضد فسادهم وباطلهم، وألا نقبل أبدًا بالخنوع لهم، ولا بالطاعة للطغيان الأمريكي والإسرائيلي، لأن في ذلك خسارة في الدنيا والآخرة".
وأكد قائد الثورة، "أنه مهما كانت الصعوبات والتحديات وحجم التضحيات فالقضية مقدسة تستحق منا التضحية التي لها أعظم ثمرة في الدنيا والآخرة، في الدنيا أن نكون أحرارًا أعزاء، نتشرف بذلك ونتشرف بقيم الإسلام وننعم بذلك، وفي الآخرة ما وعد الله به من الجنة والرضوان والنجاة من عذاب الله والفوز العظيم، وهو الخيار الأسلم في مقابل خسارة الاستسلام والخنوع التي ثمنها فظيع ونتائجها كارثية في الدنيا والآخرة".
وتابع "إن انطلاقتنا في مسيرة الحق والإسلام والقرآن، هي بثقة تامة بوعد الله تعالى بالنصر لعباده المؤمنين، ونحن نشاهد تنامي هذه الانطلاقة لأمتنا في الموقف الحق ضد الطغيان الأمريكي والإسرائيلي".
وتطرق السيد القائد إلى أن من النماذج الراقية، الصمود والثبات والاستبسال في غزة ولبنان، والجمهورية الإسلامية في إيران وأحرار العراق والنهضة الإيمانية الكبرى في يمن الإيمان وأحفاد الأنصار بزخمها المليوني وتضحياتها الكبيرة وثباتها الحديدي وصبرها العظيم واستمرارها دون كلل ولا ملل".
فيما يلي نص الكلمة :
أَعُوْذُ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيْمِ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ المُبين، وَأشهَدُ أنَّ سَيِّدَنا مُحَمَّداً عَبدُهُ ورَسُوْلُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّين.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَارضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أَصْحَابِهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَالمُجَاهِدِين.
السَّلَامُ عَلَى سِبطِ رَسُوْلِ الله، سَيِّدِ الشُّهَدَاء الإِمَامِ الحُسَيْن، وَعَلَى أَهْلِ بَيتِهِ وَأَنْصَارِه؛؛؛
السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ وَالأَخَوَات فِي كُلِّ السَّحَات وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛
وَعَظَّمَ اللَّهُ لنَا وَلَكُمُ الأَجْر، فِي ذِكْرَى الفَاجِعَةِ الكُبْرَى: ذِكْرَى اسْتِشْهَادِ سِبْطِ رَسُوْلِ اللهِ مُحَمَّد "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ" الإِمَامِ الحُسَيْنِ، مَعَ أَهْلِ بَيتِهِ وَأَنْصَارِهِ الأَوفِياء، فِي كَرْبَلَاء، سَنةَ إِحْدَى وَسِتِينَ لِلهِجرَة.
إن إحياءنا لهذه الذكرى هو أولاً: من المواساة لرسول الله "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ"، فلو كان رسول الله على قيد الحياة حين استشهاد سبطه وحفيده، لكان العزاء له، وفي منزله في المدينة.
وثانياً: لما يعنيه لنا الإمام الحسين "عَلَيْهِ السَّلَامُ"، وهو سبط رسول الله "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ"، والامتداد الأصيل له في موقع الهداية، والقدوة، والقيادة، والأسوة، وهو كما قال فيه وفي أخيه الحسن "عَلَيْهِمَا السَّلَامُ": ((الحَسَنُ وَالحُسَين سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الجَنَّة))، وكما قال عنه أيضاً: ((حُسَينٌ مِنِّي، وَأَنَا مِنْ حُسِين، أَحَبَّ اللهُ مَنْ أَحَبَّ حُسَينًا، حُسَينٌ سِبطٌ مِنْ الأَسبَاطِ))، إضافةً إلى غير ذلك من النصوص النبوية، التي تُعَرِّفُنا من هو الحسين، وماذا يعنيه لنا، وما هي منزلته عند الله تعالى، وعن دوره في الإسلام، وعن كماله الإيماني العظيم، الذي تجلَّى أيضاً مع النصوص النبوية في مسيرة حياته، وتجلَّى في أعلى المستويات في نهضته "عَلَيْهِ السَّلَامُ" في مرحلةٍ مصيريةٍ، تُشَكِّل خطورةً رهيبةً جدًّا على المسلمين في إسلامهم؛ وبالتالي في حُرِّيَّتهم، وكرامتهم... وكل المبادئ والقيم العظيمة، التي أتى بها الإسلام، وأخرجهم بها من ظلمات الجاهلية، إلى نور الله ونهجه الحق، بكتابه القرآن الكريم، ورسوله خاتم النبيين محمد "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ".
فالحسين "عَلَيْهِ السَّلَامُ" هو صاحب قضية، وقضيته هي الإسلام بأصالته ونقائه، وهي الحق الذي أرساه الإسلام نهجاً للحياة، وأساساً لمسيرة الأُمَّة المنتمية للإسلام.
الإسلام الذي يُحَرِّر الناس من كل أشكال العبودية للطاغوت، إلى العبودية لله وحده ربِّ العالمين.
الإسلام الذي يُزَكِّي النفوس، ويربيها على مكارم الأخلاق، ويسمو بالإنسان في قيمه وأخلاقه ومبادئه؛ فتتجلَّى في أعماله، ومواقفه، وتصرفاته، ويتطهَّر من الرذائل والمفاسد، ويتنزَّه من الجرائم، كما كانت مهمة التزكية من المهام الأساسية في الرسالة الإلهية؛ ولذلك أتى الحديث عنها في القرآن الكريم في هذا السياق: في الحديث عن مهام رسول الله "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ"، بقول الله تعالى: {وَيُزَكِّيهِمْ}، وتكرَّرت في القرآن الكريم كثيراً، وتحدث القرآن كثيراً عن أهمية التزكية في رسالة الله تعالى، وعن القيم والأخلاق التي تُحقِّق زكاء النفس.
الإسلام الذي يَمْقُتُ الظلم، ويلعن الظالمين، ويواجه المستكبرين، ويُقَدِّم العدل والقسط منهجاً، ونظاماً، وحكماً، ومسؤوليةً أيضاً لأتباعه والمنتمين إليه، كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ}، وآياتٍ كثيرة عن هذا المعلم المهم للإسلام.
الإسلام الذي يبني أتباعه والمنتمين إليه في إطار مسؤوليتهم المقدَّسة والعظيمة، التي نهض بها رسول الله "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ"، والأخيار من الأُمَّة، وصفوتها وأبرارها، لتبقى مسؤوليةً قائمةً على الأُمَّة في كل زمان، تتحرَّك فيها على أساس القرآن الكريم منهجاً، والنبي قدوةً وهادياً، هذه المسؤولية التي تقترن بها خيرية الأُمَّة، وإذا أضاعتها فلا خير فيها، ولا يبقى لها أيضاً أي خير، وهي كما أعلنها الله في القرآن الكريم، في قوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}.
الإسلام الذي يبني أتباعه والمنتمين إليه ليكونوا أُمَّةً مجاهدةً، قادرةً على حماية نفسها، وعلى دفع الشر عنها، وعن المستضعفين في الأرض، وعلى مواجهة الطغيان والأشرار، وعزيزةً، منيعةً، قويةً، ليست بنياناً ضعيفاً هشاً في بنيتها الاجتماعية، ومعنوياتها النفسية، ولا فريسةً للمجرمين والمستكبرين، ولا لقمةً سائغةً للطامعين والظالمين؛ بل كما قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ}، وكما قال تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ}، وكما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ}، أُمَّةً تحقِّق لنفسها السلام الحقيقي، من موقع القوَّة، والقدرة، والثبات على الحق؛ وليس عبر الاستسلام، بالتنازل عن المبادئ والقيم، والعرض والأرض، والخنوع للكافرين، ثم تسمِّي ذلك سلاماً وتطبيعاً.
الإسلام بنوره، وهدايته، وبصيرته، بالقرآن الكريم، والرسول "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ"، في معلمٍ أساسيٍ من معالم الإسلام، ومهام الرسالة الإلهية، كما في قول الله تعالى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ}، وكما في قوله تعالى: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}، وكما في قوله تعالى: {قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا}، بهذا النور، وبهذه البصيرة، وبهذا الهدى، مقترناً أيضاً بالهداة الذين يسيرون بالأُمَّة عليه، يرتقي الإسلام بأتباعه والمنتمين إليه، وبحسب إقبالهم، وتقبُّلهم، والتزامهم، إلى أرقى مستوى من الوعي والفهم، ويُحَصِّنهم ويحميهم من كل المضلِّين، والمخادعين، والملبِّسين، والمحرِّفين، والمزورين، والمنحرفين، من الكافرين والمنافقين، ومن كل وَسْوَاسٍ خَنَّاس، يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ، مِنَ الجِنَّةِ وَالنَّاسِ.
هذا الإسلام، أرسى دعائمه، وأقام بنيانه، وشيَّد أركانه، رسول الله وخاتم أنبيائه، محمد "صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ"، بجهده الدؤوب، وجهاده الكبير، وصبره العظيم، وتضحياته الكبيرة، مع أتباعه وأنصاره، بدءاً من نقطة الصفر، وصولاً إلى سيادة الإسلام في الجزيرة العربية، ثم انتشار نوره إلى مختلف أرجاء الدنيا، وانتقل بالعرب من أُمَّةٍ أُمِّيَّةٍ، جاهليةٍ، وثنيةٍ، مشركةٍ، متناحرةٍ، وضائعةٍ، ليس لها هدف ولا رسالة، وغشومةٍ، يسودها الظلم والإجرام، وتَئِدُ البنات، وتقتل البنين خشية الإملاق، ويأكل القوي منها الضعيف، وترتكب الفواحش، وتعتقد الخرافات والأباطيل، ولا تعرف حلالاً ولا حراماً؛ نقلها بنور الإسلام إلى صدارة الأمم؛ فارتقت بالإسلام عن جاهليتها، وأصبحت عند المقارنة بغيرها من الأمم الأرقى، والأهدى، والأزكى، وتبوَّأت- آنذاك- مكانتها المميَّزة، وتهاوت الإمبراطوريات الكبرى أمام نور الإسلام في ذلك العصر.
هذا الإسلام، الذي هو إرث الأنبياء والرسل "صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِم أَجْمَعِين"، بخاتمهم، وأكملهم، وأعلاهم منزلةً عند الله: رسول الله محمد "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ"، الذي اصطفاه الله، ليكون هو القائد، والقدوة، والأسوة، والهادي لهذه الأُمَّة، وللبشرية جمعاء؛ وبالقرآن الكريم، أعظم كتب الله، وأقدسها، والمهيمن عليها، والمحفوظ من الله في نصه المبارك إلى قيام يوم الدين، والنور التَّام، والهدى الكامل، والمعجزة الكبرى الباقية الدائمة للرسول والإسلام.
هذا الإسلام، الذي هو رحمةٌ للعالمين، وسموٌ وكرامةٌ للإنسانية، وعزٌّ ومنعةٌ، وحمايةٌ من الظلم والطغيان والإجرام، ما الذي جرى حتى تحوَّلت معالمه الكبرى، وعناوينه الرئيسية، بعيدةً إلى حدٍ كبير عن واقع الأُمَّة، وأشبه بالمدائح لحقبةٍ في غابر الزمن، وإلى أُمْنِيَّةٍ يتمناها من يكتوي من نار جاهلية العصر، وإلى أن يكون امتداده في الأُمَّة، على مستوى الفكرة، ومحاولات التطبيق، محارباً، وغريباً، ومستهدفاً بكل أشكال الاستهداف، إلى درجة أن يكون سبط رسول الله "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ": الإمام الحسين "عَلَيْهِ السَّلَامُ"، وهو النسخة الأصلية الراقية للإسلام في كل معالمه تلك، وفي تلك المرحلة المبكِّرة من التاريخ، يواجه تلك الغربة، وذلك التخاذل، ثم يتجنَّد عشرات الآلاف لقتله، وقتل أهل بيته ورفاقه، في حادثةٍ لم يسبق مثلها في تفاصيلها الإجرامية والوحشية في تاريخ العرب، حتى في جاهليتهم الأولى، وفي يومٍ فريدٍ في حجم المظلومية والمأساة، وكان ذلك بقدر الموقف الجاهلي من القيم والحق والمبادئ الكبرى للإسلام، التي يحملها الإمام الحسين "عَلَيْهِ السَّلَامُ"، واستمرَّت مأساة الأُمَّة جيلاً بعد جيل، فما الذي حدث؟ إنَّه الانقلاب الأموي على الإسلام.
إنَّ الزُّمرة الأموية، التي كانت تقود جبهة الشرك، وحملت رايته في محاربة رسول الله محمد "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ"، والإسلام، سعت بكل جهدها للقضاء على الإسلام، وحاولت قتل رسول الله "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ"، وشنَّت عليه الحروب العسكرية، والدعائية، والاقتصادية... وكل أشكال الحروب، وواجهته بعدائها وصدِّها عن سبيل الله، تحت راية الشرك والكفر الصريح على مدى عشرين عاماً، حتى مكَّنه الله من فتح مكَّة، حيث ظهر أمر الله وهم كارهون، وحينها استسلمت الزُمرة الأموية- آنذاك- مرغمةً صاغرة، هي وأتباعها وأنصارها، وسمَّاهم رسول الله "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ" ب (الطلقاء)؛ ليكون عنواناً يُبَيِّن حقيقتهم؛ حتى لا يخترقوا عنوان المهاجرين، أو الأنصار، أو يدَّعوا لأنفسهم منزلةً في الإسلام، أو مِنَّةً على المسلمين.
وقد يئست الزمرة الأموية بعد فتح مكَّة، وما تلاه من انتصاراتٍ أخرى، ودخول الناس في الإسلام أفواجاً، من إمكانية القضاء على الإسلام، من خلال محاربته تحت راية الشرك والكفر المعلن؛ فقررت الانتقال إلى مُرَبَّعٍ آخر، وهو مُرَبَّع النفاق؛ لتتحرك من خلاله، وتواصل مشوارها الهادف إلى تحريف مفاهيم الإسلام، وإلى استعادة نفوذها، والاستعباد للمسلمين، والاستئثار بخيرات الأُمَّة، واستغلالها في الترف، وتقوية النفوذ، وإحكام السيطرة، وشراء الذمم والولاءات.
وكان رسول الله "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ" قد حذَّر الأُمَّة منهم، ومن أهدافهم تلك، وسعى للفت انتباه الأُمَّة إلى ذلك، في عناوين ثلاثة، جامعة، وشاملة، وكاملة، لخَّصت كل تلك التفاصيل المهمة، وكشفت النَّهج الشيطاني، الإجرامي، المضل، الذي سيسير عليه طغاة بني أُمَيَّة، إذا استحكمت قبضتهم على الأُمَّة، ووصلوا إلى موقع السلطة والقرار، والإمرة والقيادة، قال عنهم: ((اتَّخَذُوا دِينَ اللَّهِ دَغَلًا، وَعِبَادَهُ خَوَلًا، وَمَالَهُ دُوَلًا))، إلَّا أنَّهم استفادوا من الغفلة، والأخطاء، وما هندسوا له من فتنٍ، وما مارسوه من أساليب الخداع والإغراء من بعد وفاة رسول الله "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ"... وغير ذلك من الأسباب والأساليب التي استخدموها وساعدتهم للوصول- في نهاية المطاف- إلى موقع القيادة، والسلطة، والتحكُّم بالأُمَّة، ثم ساروا فيها بتلك السيرة، التي حذَّر رسول الله "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ" أمَّته منهم ومنها، فعملوا على الإفساد للناس، والتحريف لمفاهيم الدين، والاستعباد للناس بالترغيب والترهيب، وتحويل الأُمَّة وإمكاناتها ومقدراتها إلى ثروةٍ بشريةٍ وماديةٍ لهم، وفرَّغوا الإسلام من مضمونه الحقيقي، وأسسه الكبرى؛ لتبقى بعض طقوسه وشعائره مفصولةً عن أهدافها وغاياتها، ومحرَّفةً حتى في شكلها، ثم كانت الطَّامة الكبرى عندما أتوا بيزيد، ليجعلوه حاكماً على رقاب المسلمين، ومن هو يزيد؟
للاختصار نذكر ثلاثة عناوين، تكشف عن حقيقة شخصيته:
العنوان الأول: كان يزيد في حقيقة أمره غير معترفٍ بالإسلام، وصرَّح بذلك في عِدَّة مناسبات، حتى في أبيات شعرية، وكانت الأبيات الشعرية ذات أهمية كبيرة جدًّا بالنسبة للعرب، في التعبير عن مواقفهم وآرائهم، ومن شعره الذي عبَّر عن هذه الحقيقة بالنسبة له، قوله:
لعبت هاشم بالملك فلا خبرٌ جاء ولا وحيٌ نزل
وهو هنا يجحد بالوحي (بالقرآن الكريم)، وبالوحي على رسول الله "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ"، وتصوره عن رسول الله أنَّه مجرَّد انتهازي ومخادع للناس باسم الوحي والرسالة، وهذه رؤية كفر، ونظرة كفر.
ثانياً: كان حاقداً شديد الحقد على رسول الله "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ"، ويحمل عقدة الانتقام منه، ويريد أن يصفِّي حساباته في الثأر لجده عتبة، وكذلك لخاله الوليد، ولأخيه وقومه الذين قُتِلوا في غزوة بدرٍ الكبرى، وهم يقاتلون رسول الله "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ"، ويقاتلون المسلمين، وكان قد اتَّخذ قراره أن يحقق هذا الثأر من رسول الله "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ" بقتل عترته، وقتل أيضاً من حضر من صحابة رسول الله "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ" في غزوة بدرٍ الكبرى، ممن بقي منهم على قيد الحياة، إلى حين وصل يزيد إلى موقع السلطة، فهو اتَّخذ قراراً بقتل من بقي منهم جميعاً، وكذلك بقتل الأنصار، والاستباحة لهم، (الأوس، والخزرج)، الذين يعتبر أنَّ لهم الدور الكبير في نصرة رسول الله "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ".
ثالثاً: كان مستبيحاً لكل الحرمات، معلناً بالفسق والفجور، ومُحِلاً لما حرَّم الله، وكان صريحاً في ذلك، لا يُقِرُّ بحلال ولا بحرام، ينتهك كل الحرمات، ومعلناً بذلك.
رابعاً: كان مستبيحاً لحرمة كل المقدَّسات؛ ولذلك استباح قتل عترة رسول الله "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ"، والاقتحام لمدينة رسول الله، والاستباحة لحرمة مسجد رسول الله "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ"، والقتل حتى للمستضعفين من أهل المدينة على قبر رسول الله حتى أغرقه بالدماء، والاقتحام لمكَّة، والإحراق للكعبة، والقصف لها بالمنجنيق.
خامساً: كان غشوماً، مسرفاً في الدماء، ظلوماً، ليس لديه أي حرمة للنفس البشرية.
بكل هذه المواصفات الإجرامية والفظيعة، كان تمكُّنه واستحكام قبضته على الأُمَّة، يعني: ضياع الإسلام، كما قال الإمام الحسين "عَلَيْهِ السَّلَامُ": ((وَعَلَى الإِسْلَامِ السَّلَام، إِذ قَد بُلِيَّتِ الأُمَّةُ بِرَاعٍ مِثْلَ يَزِيد)).
وقد تجلَّت الآثار السيئة بشكلٍ كبير جدًّا للدور الأممي في واقع الأُمَّة، فحينما نهض الإمام الحسين "عَلَيْهِ السَّلَامُ"، وهو معروفٌ في أوساط الأُمَّة بمكانته، ومقامه، ومنزلته، إضافةً إلى أنَّه يحمل قضيةً هي حقٌّ واضح، وهي لنجاة الأُمَّة، ولمصلحتها وإنقاذها، فكان التخاذل في أوساط الأُمَّة إلى مستوىً رهيب، لم تستجب له، ولم تتحرَّك معه، رغم مكانته الواضحة والمعروفة، وقضيته الواضحة، والحق الواضح، وتجنَّد في المقابل عشرات الآلاف في صف الباطل.
لقد كانت الوضعية كما عبَّر عنها الإمام الحسين "عَلَيْهِ السَّلَامُ" بقوله: ((أَلَا تَرَونَ أَنَّ الحَقَّ لَا يُعمَلُ بِه، وَأَنَّ البَاطِلَ لَا يُتَنَاهَى عَنهُ))، هذا هو التأثير للدور الأموي، يصل بالأُمَّة إلى ألَّا يبقى للحق لديها أي قيمة، الحق في الموقف، الحق في المبدأ، الحق في المعتقد، الحق في كل مجالاته، لا يبقى له أي قيمة في حيِّز الواقع، وفي مقام العمل، والالتزام، والاتِّباع، بقي عنواناً قد يُطْلَق على سبيل التحريف على مضامين باطلة. ((وَأَنَّ البَاطِلَ لَا يُتَنَاهَى عَنهُ))، وهي حالة خطيرة حينما تصل الأُمَّة إلى درجة التَّقَبُّل للباطل، الخنوع للباطل، عدم الاستيحاش من الباطل، فيبقى الباطل سائداً لا يُتَنَاهى عنه، ((لِيَرغَبِ المُؤمِنُ فِي لِقَاءِ اللهِ مُحِقًّا، فَإِنِّي لَا أَرَى المَوتَ إِلَّا سَعَادَة، وَلَا الحَيَاةَ مَعَ الظَالِمِين إِلَّا بَرَمًا وَشَقَاوَة))؛ لأنه إذا ضاع الحق من واقع الحياة، وحلَّ محلَّه الباطل؛ يَحِلُّ الظلم، والطغيان، والجبروت، ويسوء واقع الحياة، وتضيع القيم، يتحوَّل واقع الحياة إلى واقع سيء جدًّا.
ومع كل ما عاناه الإمام الحسين "عَلَيْهِ السَّلَامُ"، من جهة المتخاذلين، وأيضاً من الناكثين والغادرين، وما عاناه أيضاً من وحشية وطغيان وإجرام المجرمين، الذين تجنَّدوا مع الفراعنة الأمويين؛ إلَّا أنَّه قدَّم للأُمَّة من بعده، وإلى قيام الساعة، أعظم الدروس في الاستجابة الإيمانية لله، والنهضة للحق، والقيام لله بأمر الإسلام، والعِزَّة الإيمانية، ومعه أهل بيته، والقِلَّة القليلة من الأنصار في قافلته، حيث قدَّم أعظم الدروس في الإيمان، والصدق، والوفاء، والثبات على الحق، في أقسى الظروف، وأصعب المراحل، وكسر حاجز الصمت، وأحيا في الأُمَّة الحُرِّيَّة؛ فتتابعت الثورات من بعده؛ حتى أطاحت بطغاة بني أميَّة، وأعطى للحق دفعاً وامتداداً عبر الأجيال، وكانت كلماته الخالدة، وقد حاصره الأعداء، الذين امتلأت بهم صحراء كربلاء، ووضعوه بين خيارين: إمَّا الذِّلَّة، والاستسلام للطغاة المجرمين، أمثال: ابن زياد، ويزيد؛ وإمَّا الحرب، والقتل، والإبادة؛ فقال "عَلَيْهِ السَّلَامُ": ((أَلَا وَإِنَّ الدَّعِي ابن الدَّعِي قَد رَكَزَ بَينَ اثنَتِين: بَينَ السِّلَّةِ، وَبَينَ الذِّلَّة، وَهَيهَاتَ مِنَّا الذِّلَّة، يَأبَى اللَّهُ لَنَا ذَلِكَ، وَرَسُولُهُ، وَالمُؤمِنُون، وَنُفُوسٌ أَبِيَّة، وَأُنُوفٌ حَمِيَّة، تُؤثِر مَصَارِعَ الكِرَامِ عَلَى طَاعَةِ اللئَامِ))، كانت هذه الكلمات وغيرها أيضاً في خطبه ورسائله، مصحوبةً ومقترنةً بأعظم المواقف، وأعظم التَّضحيات، مدرسةً هاديةً وملهمةً لكل الأجيال، ولمواجهة الطغاة في كل زمانٍ ومكان، ولاتِّخاذ القرار الصحيح، حينما توضع الأُمَّة بين هذين الخيارين: إمَّا السِّلَّة، وإمَّا الذِّلَّة، في كل زمان، وفي كل ساحةٍ من ميادين المواجهة، وليبق للحق امتداده، وليسعَ المؤمنون إلى استعادة الإسلام في نقائه وكماله، ومعالمه الكبرى، ومبادئه الأساسية، التي تتحقَّق بها ثمرته في الدنيا: تَحَرُّراً من الطاغوت، وسمواً بالأخلاق والقيم، وعِزّاً وكرامة، وعدلاً، ونوراً، وبصيرةً، ومنهجاً ربَّانياً للحياة.
أيُّها الإخوة والأخوات في كل الساحات: إنَّ معركتنا في مواجهة الطغيان الأمريكي والإسرائيلي هي من هذا المنطلق، فما يمثِّله العدو الأمريكي والإسرائيلي من خطرٍ على الأُمَّة: في طمس هويتها الدينية، واستهداف مقدَّساتها، والسعي للسيطرة عليها، والاستعباد لها، ولإذلالها واستباحتها، وما يرتكبه العدو بحق هذه الأُمَّة، بدءاً بما يفعله في فلسطين ، من: إبادةٍ جماعية، وهتكٍ للأعراض، وانتهاكٍ لحرمة المقدَّسات... وكل أشكال الظلم والإجرام، وفي غير فلسطين من العالم الإسلامي؛ وفي حربه الناعمة، المفسدة، المُضِلَّة، الشيطانية، التي يستهدف بها الأُمَّة والمجتمعات البشرية؛ وفي مخططه الظالم العدواني، الهادف إلى الاحتلال للأوطان، ونهب الثروات، واستعباد المجتمعات؛ كلُّ هذا يُحَتِّم علينا كمسؤوليةٍ إيمانيةٍ، دينيةٍ، أخلاقيةٍ:
أن نواجه الطغيان الأمريكي والإسرائيلي.
وأن نتصدى لإجرامهم.
وأن نتحرَّك ضد فسادهم وباطلهم.
وأن لا نقبل أبداً بالخنوع لهم، ولا بالطاعة لهم؛ لأن في ذلك الخسارة في الدنيا والآخرة، والخزي والذل.
ومهما كانت الصعوبات والتحديات، وحجم التَّضحيات، فالقضية مقدَّسة، تستحق منَّا التَّضحية، التي لها أعظم ثمرةٍ في الدنيا وفي الآخرة:
في الدنيا: أن نكون أحراراً، أَعِزَّاء، نتشرَّف بذلك، ونتشرَّف بالإسلام، بشرفه وقيمه، وننعم بذلك.
وفي الآخرة: ما وعد الله به من الجنَّة، والرضوان، والنجاة من عذاب الله، والفوز العظيم.
وهي الخيار الأسلم، في مقابل خسارة الاستسلام والخنوع، التي ثمنها فظيع، ونتائجها كارثية في الدنيا والآخرة.
إنَّ انطلاقتنا في مسيرة الحق والإسلام والقرآن، هي بثقةٍ تامَّة بوعد الله تعالى بالنصر لعباده المؤمنين، ونحن نشاهد تنامي هذه الانطلاقة في أُمَّتنا، في الموقف الحق ضد الطغيان الأمريكي والإسرائيلي، ومن النماذج الرَّاقية: هذا الصمود والثبات والاستبسال في غزَّة، ولبنان، والجمهورية الإسلامية في إيران ، وأحرار العراق ، والنهضة الإيمانية الكبرى في يمن الإيمان، وأحفاد الأنصار، بزخمها المليوني، وتضحياتها الكبيرة، وثباتها الحديدي، وصبرها العظيم، واستمرارها دون كللٍ ولا ملل.
وإننا في يوم الحسين "عَلَيْهِ السَّلَامُ"، يوم الوفاء والعطاء، والتأكيد على الثَّبات على الموقف الحق، نؤكِّد على التالي:
أولاً: نؤكِّد ثباتنا على الانطلاقة الإيمانية القرآنية، في مشروعنا القرآني المبارك، الذي يقوم على أساس التَّمَسُّك بالقرآن الكريم، وحمل راية الإسلام، والتَّحَرُّك في إطار المسؤوليات الإسلامية المقدَّسة، في: الجهاد في سبيل الله تعالى، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر.
ثانياً: نؤكِّد ثباتنا على موقفنا في نصرة الشعب الفلسطيني ، والعداء للعدو الإسرائيلي والأمريكي، الذي هو عدوٌ للإسلام وللمسلمين، ويشكِّل خطورةً على الأُمَّة الإسلامية بكلها، ومخططه الصهيوني هو مخططٌ عدوانيٌ تدميريٌ، يستهدف الأُمَّة في دينها ودنياها؛ ولذلك فلن نألو جهداً في مواجهة ذلك العدو، مع إخوتنا في المحور (محور القدس والجهاد والمقاومة)، ومع أحرار الأُمَّة.
ثالثاً: مهما كانت التحديات والصعوبات، ومهما كان حجم التضحيات، ومهما كان مستوى اللوم، والضغوط، والهجمات الإعلامية... وغير ذلك مما نُوَاجَه به من كل أشكال الحروب والاستهداف، من أمريكا وإسرائيل، ومن عملائهم الموالين لهم، المؤيِّدين لهم، المعادين لأي توجُّه لا يقبل بالخنوع معهم لأمريكا ، فإنَّ ثباتنا على مواقفنا هو خيارنا الحاسم، الذي لا يمكن التراجع عنه، ونحن مستعينون بالله تعالى، متوكِّلون عليه، واثقون به، وَهُوَ حَسْبُنَا وَنِعْمَ الوَكِيل، نِعْمَ المَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِير.
أَيُّهَا الْإِخْوَةُ وَالأَخَوَات: أَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى أَنْ يَكْتُبَ أَجْرَكُم عَلَى هَذَا الحُضُورِ الكَبِير فِي هَذِهِ المُنَاسَبَة، وَأَنْ يُوَفِّقَنَا وَإِيَّاكُم لِلثَّبَاتِ عَلَى نَهجِهِ الحَقّ، فِي دَرْبِ الْإِمَامِ الحُسَينِ "عَلَيْهِ السَّلَامُ"، دَرْبِ الهُدَى، صِرَاطِ اللهِ المُسْتَقِيم، طَرِيقِ الحَقِّ، وَالِاقْتِدَاءِ بِرَسُوْلِ اللهِ مُحَمَّد "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ"، طَرِيقِ أَعْلَامِ الهُدَى، طَرِيقِ الأَخْيَارِ وَالصَّالِحِين مِنْ أَبْنَاءِ الأُمَّة.
وَنْسَألُ اللهَ تَعَاَلَى أَنْ يَرْحَمَ شُهْدَاءَنَا الأَبْرَار، وَأَنْ يَشْفِيَ جَرْحَانَا، وَأَنْ يُفَرِّجَ عَنْ أَسْرَانَا، وَأَنْ يَنْصُرَنَا بِنَصْرِه، وَأَنْ يُعَجِّلَ بِالفَرَجِ وَالنَّصْرِ لِلشَّعْبِ الفِلَسْطِينِيِّ المَظْلُوم، وَمُجَاهِدِيهِ الأَعِزَّاء.
السَّلَامُ عَلَى سِبْطِ رَسُوْلِ اللهِ سَيِّدِ الشُّهَدَاء الْإِمَامِ الحُسَينِ، وَعَلَى أَهْلِ بَيتِهِ وَأَنْصَارِه؛؛
السَّلَامُ عَلَيْكُمْ- أَيُّهَا الْإِخْوَة- وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛
رَعَاكُمُ اللَّه، وَكَتَبَ اللهُ أَجْرَكُم، وَبَارَكَ فِيكُم.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

نافذة أميركا.. إعلان حصيلة جديدة لضحايا فيضانات تكساس الكارثية
نافذة أميركا.. إعلان حصيلة جديدة لضحايا فيضانات تكساس الكارثية

نافذة على العالم

timeمنذ ساعة واحدة

  • نافذة على العالم

نافذة أميركا.. إعلان حصيلة جديدة لضحايا فيضانات تكساس الكارثية

الاثنين 7 يوليو 2025 05:20 صباحاً نافذة على العالم - أعلنت السلطات المحلية في تكساس الأحد أن حصيلة ضحايا الفيضانات في وسط الولاية الواقعة في جنوب الولايات المتحدة ارتفعت إلى 78 قتيلا. وقال لاري ليثا قائد الشرطة في مقاطعة كير الأكثر تضررا إن 68 شخصا لقوا حتفهم، من بينهم 28 طفلا. وكان غريغ أبوت حاكم ولاية تكساس قد أشار في مؤتمر صحافي سابق إلى تسجيل عشر وفيات في مقاطعات مجاورة. ولا تزال 11 فتاة وأحد المرشدين في عداد المفقودين من مخيم "كامب ميستيك" الصيفي بالقرب من نهر غوادالوبي الذي فاض بعد هطول أمطار غزيرة في وسط تكساس يوم الجمعة الذي كان عطلة عيد الاستقلال في الولايات المتحدة. ووفق مسؤولين فإنه تسنى إنقاذ أكثر من 850 شخصا، بما في ذلك بعض الذين كانوا يتشبثون بالأشجار، بعد أن تسببت عاصفة مفاجئة في هطول أمطار وصل منسوبها إلى 38 سنتيمترا في هيل كونتري بالولاية على بعد 140 كيلومترا تقريبا من شمال غرب سان أنطونيو. وقالت وزيرة الأمن الداخلي كريستي نويم، المشرفة على الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي، إن تحذيرا بوقوع سيول "من الدرجة المتوسطة" أصدرته الهيئة الوطنية للأرصاد الجوية يوم الخميس لم يتنبأ بدقة بهطول هذه الأمطار الغزيرة. ترامب يعلن "كارثة كبرى" في تكساس أعلن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الأحد، توقيعه إعلان "كارثة كبرى" لمقاطعة كير بولاية تكساس، وذلك في أعقاب الفيضانات العارمة التي اجتاحت وسط الولاية. وكتب ترامب، عبر منصة "تروث سوشيال": "لقد وقّعتُ للتو إعلان كارثة كبرى لمقاطعة كير، تكساس، لضمان حصول مستجيبينا الأوائل الشجعان على الموارد اللازمة فورا. تعاني هذه العائلات من مأساة لا توصف، حيث فقدنا أرواحا كثيرة، ولا يزال الكثيرون في عداد المفقودين." وأكد أن إدارته تتابع التنسيق عن كثب مع المسؤولين المحليين، مشيرا إلى تواجد وزيرة الأمن الداخلي كريستي نويم على الأرض، برفقة حاكم الولاية غريغ أبوت. وأضاف: "كانت وزيرة الأمن الداخلي كريستي نويم على الأرض أمس برفقة الحاكم غريغ أبوت، الذي يعمل جاهدا لمساعدة سكان ولايته العظيمة." وأشاد ترامب بالجهود المبذولة في عمليات الإنقاذ، قائلا: "لقد أنقذ خفر السواحل الأميركي الرائع، بالتعاون مع مستجيبينا الأوائل في الولاية، أكثر من 850 حياة. بارك الله في هذه العائلات، وبارك الله تكساس".

الإرهاب… الشيطان الأسود
الإرهاب… الشيطان الأسود

وطني

timeمنذ 2 ساعات

  • وطني

الإرهاب… الشيطان الأسود

عانت مصر، بلدُنا الحبيب، كثيرًا من ويلات الإرهاب، ومن دمارٍ وقتلٍ للأبرياء، ومحاولاتٍ خبيثة لإشعال الفتن بين قطبَي الوطن الواحد. فتارةً يُحرِقون الكنائس ويفجّرونها، ويقتلون الأطفال والنساء بلا رحمة، وتارةً يغدرون بحماة الوطن من رجال الشرطة والجيش، وتارةً يُدمّرون المرافق العامة، فيزيدون أنين الوطن، ويثقلون كاهل المواطن. ويا لوقاحتهم حين يتّخذون من الدين قناعًا لأفعالهم! فأيُّ دينٍ يُحلّل الدماء ويُنكر الحياة؟ وأيُّ شريعةٍ تُبارك الكراهية، وتنطق بالبغضة على أنها غيرة مقدسة؟ إن الله لا يُعبد بسفك الدم، ولا يُرضى بالغدر والانتقام! الدين منهم براء، والسماء ترفض صلاتهم، والملائكة تغلق آذانها عن أنينهم، لأنهم مسخوا صورة الله في الإنسان، وجعلوا من أوطانهم مسارح للموت. كانت مصرُنا الغالية، لسنوات، كتلةً من الخوف والخراب، لا أمان فيها ولا سلام. أبواب مغلقة، قلوب مرتعشة، ودموع لا تجفّ من عين الوطن. لكن الله، في رحمته، لم يتركنا ، بل أرسل لنا رئيسًا يعرف أن دماء الأبرياء لا تُغفر بالسكوت، سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي أقسم أمام الله وشعبه: ألا يظلَّ في أرض مصر إرهابيٌّ واحد! وبالفعل، قام، وسار، وخاض حربًا لا تعرف الهوادة، حربًا سلاحها الشرف، ووقودها دماء الأطهار، من خيرة شباب مصر . واليوم، نرى المأساة تتكرّر في سوريا، شقيقتنا التي على قلوبنا حبيبة، ذات التاريخ العريق والكنائس العتيقة والآذان العتيقة… بلدٌ يشبهنا، يُصلب اليوم كما صُلبنا، ويُهاجم كما هُوجمنا. فإن لم تُدرك حكومتها حجم الكارثة، وإن لم تتحرك بجدية، فقد تندثر ملامح سوريا، وتبكي حجارتها من وحدتها! رحم الله شهداء كنيسة مار إلياس بدمشق، شهداء الصلاة، الذين دخلوا الكنيسة وهم يحملون السلام، لكن خرجوا منها محمولين على أكفّ السماء. اللهم، احفظ مصر من كل شر، واحفظ رئيسها، وأعطه حكمةً ونعمةً في قيادة الوطن، وامنحه قلبًا كبيرًا يسع هذا الشعب. واجعله رسولًا للسلام، لا في مصر فقط، بل بين الأمم. وليكن نورك يا الله أبهى من ظلامهم.

50 صاروخا وقنبلة أسقطتها مقاتلات إسرائيلية على اليمن ضمن «الراية السوداء»
50 صاروخا وقنبلة أسقطتها مقاتلات إسرائيلية على اليمن ضمن «الراية السوداء»

مصرس

timeمنذ 2 ساعات

  • مصرس

50 صاروخا وقنبلة أسقطتها مقاتلات إسرائيلية على اليمن ضمن «الراية السوداء»

أطلق سلاح الجو الإسرائيلي 50 قذيفة وصاروخا فجر اليوم الإثنين على أهداف تابعة لجماعة الحوثيين في اليمن، في عملية وصفت بأنها "غير اعتيادية" استهدفت موانئ ومنشآت حيوية وسفينة تجارية. اقرأ أيضا: عضو المكتب السياسي لجماعة الحوثي: العدوان الإسرائيلي جاء بدعم أمريكي وغربيوأطلق الجيش الإسرائيلي على العملية اسم "الراية السوداء"، حيث استهدفت الغارات مينائي رأس عيسى والحديدة، بالإضافة إلى ميناء الصليف ومحطة رأس قتيب لتوليد الكهرباء، فضلا عن السفينة "جالاكسي ليدر".وأكدت القوات الجوية اليمنية أنها "تتصدى للعدوان الصهيوني على بلدنا"، فيما أكدت القوات المسلحة اليمنية أنها "تطمئن شعبنا وأحرار أمتنا أنها بجهوزية عالية وقادرة بعون الله على التصدي للمعتدين وأن هذه الاعتداءات لن تؤثر عليها أو على قدراتها العسكرية وأن عمليات الإسناد لغزة وفلسطين ستستمر بوتيرة عالية، وسندافع عن بلدنا وأمتنا بكل ما أوتينا من قوة بإذن الله".وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس أن العملية تأتي في إطار الرد على استمرار الهجمات الحوثية على إسرائيل.وأشار الجيش الإسرائيلي إلى أن الغارات استندت إلى معلومات استخبارية دقيقة من جهاز الأمن العام (الشاباك) وسلاح البحرية.من أبرز الأهداف التي شملتها الغارات السفينة جالاكسي ليدر، والتي زعم الجيش الإسرائيلي أنها "تحولت إلى منصة رادارية يستخدمها الحوثيون لتتبع حركة السفن التجارية والعسكرية في البحر الأحمر". كما ادعى أن قصف محطة الكهرباء في رأس قتيب بسبب "استغلال الحوثيين للبنية التحتية المدنية لخدمة أغراض عسكرية"، مضيفا أن هذه المحطة كانت توفّر الطاقة لعملياتهم الميدانية.ومنذ دخول اتفاق وقف إطلاق النار مع إيران حيز التنفيذ في 24 يونيو، استأنف الحوثيون هجماتهم باتجاه إسرائيل في إطار مساندة المقاومة الفلسطينية في غزة. وسمعت مؤخرًا صفارات الإنذار في منطقة البحر الميت، بعد إطلاق صواريخ من اليمن.وتأتي هذه التطورات وسط استمرار الحوثيين في استهداف إسرائيل بمعدل أسبوعي تقريبا، وفق الجيش الإسرائيلي، في تصعيد يبدو أنه يدفع تل أبيب إلى نقل المواجهة مباشرة إلى الساحة اليمنية.في تعليقه على التطورات، قال وزير الدفاع الإسرائيلي، إسرائيل كاتس: "من يرفع يده ضد إسرائيل، ستقطع يده. بعد أن ضربنا رأس الأفعى في طهران، سنضرب أذرعها في اليمن أيضا".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store