المزارع اللبنانيّة والسوريّة تُحدّدها إتفاقيّة 1947 بين البلدين بالأرقام والمساحة
ويحتلّ العدو "الإسرائيلي" اليوم 12 مزرعة من أصل 15 مزرعة أو أكثر، تعود ملكيتها للبنان. وإذا لم تكن "لبنانية" فعلاً كما يدّعي البعض، فهي حُكماً "سورية" وليست "فلسطينية"، لكي يضع "الإسرائيلي" يده عليها، من خلال الإدعاء بأنّها "غير لبنانية". وهذا يعني بأنّ حسم وضعها يجب أن يحصل بين لبنان وسوريا، إذ أنّ أي إتفاق لا يُمكن أن يحصل من قبل إعلان طرف واحد، ومن دون موافقة الطرفين، وليس بين لبنان و"إسرائيل" التي لا علاقة لها لا بالمزارع ولا بالأراضي اللبنانية، والقرارات الدولية تدعوها للإنسحاب من جميع الأراضي العربية، وليس فقط من الأراضي اللبنانية.
ولأنّه لا يُمكن السكوت عمّا هو حقّ للبنان، ولإنّ التخلّي عن أرض لبنانية يُعتبر بمثابة "خيانة عظمى"، وفقاً لما ينصّ عليه الدستور اللبناني، لا بدّ من العودة إلى مضمون هذه الإتفاقيات وما تضمّنته من خرائط، وافقت عليها الدول الثلاث المعنية، (لبنان وسوريا وفلسطين في أربعينات القرن)، وذلك حسماً لأي جدل أو نقاش غير موثّق حول حقيقتها.
ومع الزيارة الثانية المرتقبة للمبعوث بارّاك إلى لبنان الإثنين المقبل، يبدو أنّ واشنطن تريد إنهاء ملف لبنان وسوريا بهدف إحلال الاستقرار في المنطقة، بالتزامن مع الإتفاق على هدنة في قطاع غزّة. ويأتي المبعوث الأميركي ليتسلّم من المسؤولين اللبنانيين الردّ اللبناني على ورقته التي تضمّنت ثلاثة عناوين أساسية، ناقشها معهم خلال زيارته الأولى إلى لبنان (في ١٩ حزيران المنصرم)، هي: حصرية السلاح، إقتصاد "الكاش"، والعلاقات اللبنانية - السورية. وتدخل ضمن النقطة الثالثة، على ما تقول مصادر سياسية مطلعة، مسألة ترسيم الحدود ومعالجة وضع مزارع شبعا المحتلّة، لكي يتمكّن في ما بعد من وضع اتفاقية ترسيم الحدود البريّة بين كلّ من لبنان وسوريا و"إسرائيل"، لمعالجة مسألة الإنسحاب "الإسرائيلي" من التلال الخمس الحدودية، وحلّ النقاط الـ 13 المتنازع عليها، وإنهاء الإحتلال "الإسرائيلي" من المزارع وتلال كفرشوبا والجزء الشمالي من بلدة الغجر، وترسيم الحدود البحرية بين لبنان وسوريا كذلك، لبدء الإستفادة من البلوكات البحرية الشمالية في التنقيب عن الغاز والنفط.
ومن المعلوم، أنّه سبق وأن قامت الدولة اللبنانية بإرسال رسائل ونسخ، عن سندات ملكية ومستندات ووثائق وخرائط مفصّلة الى الامم المتحدة في العام 2000، تُثبت بشكل قاطع أنّ مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وقرية النخيلة هي أراضٍ لبنانية اقتطعتها "إسرائيل" خلال حرب عام 1967، وهي تخضع لأحكام القرار الدولي 425 وليس للقرار 242.
ويؤكّد السفير الدكتور بسّام النعماني، الخبير في قضايا الحدود في هذا الإطار أنّ مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وقرية النخيلة، هي جزء لا يتجزّأ من الأراضي اللبنانية. فما دامت شبعا لبنانية، لا يُمكن أن تكون المزارع التابعة لها غير لبنانية، وهذا الأمر مثبت تاريخياً. فاتفاقية القاضيين الغزّاوي- الخطيب الموقّعة بين لبنان وسوريا والتي تعود إلى العام 1947، مرفقة فيها خريطة تصوّر المزارع السورية في المنطقة الحدودية... لا المزارع اللبنانية، وهي ليست ضمن مزارع شبعا. ويظهر ذلك من خلال الخط الفاصل الذي تمّ الإتفاق عليه بين البلدين.
والخريطة (المرفقة من اتفاقية 1946-1947) للمناطق والمزارع السورية في المنطقة الواقعة بين بلدة مغر شبعا وموقع عين التينة (غير عين التينة في بيروت) جنوب قرية خربة الدوير، تُظهر المزارع السورية داخل مزارع شبعا بالرقم والمساحة بشكل واضح ومفصّل، وباعتراف السوريين أنفسهم في الإتفاقية. فأرقام العقارات السورية في عين التينة محدّدة ومرسّمة على الخريطة بين الرقم 50 إلى الرقم 72. أما أرقام العقارات السورية في مغر شبعا فهي محددة ومرسّمة بين الرقم 276 إلى الرقم 358. ويبقى عقاران يمثلان مشاعات تتشارك فيها شبعا اللبنانية ومغر شبعا السورية وهما 276 و277. أما النخيلة فكانت السلطات اللبنانية تمارس عليها "سيادة" عقارية، أي أنّ سكانها كانوا يعتبرون أنها أراض لبنانية، ويقومون بدفع الضرائب وتسجيل الأراضي في الدوائر اللبنانية. وفي حالة بلدة الغجر في العام 1947، كان وضعها "ملتبساً"، فبعض الخرائط الفرنسية تضعها داخل لبنان، وبعضها الآخر يضعها في سوريا. أما سكانها فكانوا على عكس ما حصل في النخيلة، يعتبرون أنهم سوريون ويسجّلون عقاراتهم لدى السلطات السورية في القنيطرة.
أمّا مزارع شبعا اللبنانية، أو المزارع التي يطالب بها لبنان منذ العام 2000، فهي تضمّ كلّ ما هو شمال الخط مغر شبعا-عين التينة، ويحدّها شرقاً وادي العسل وتشمل: خلّة الغزالة، فشكول، قفوة، جورة العقارب، بسطرة، ضهر البيادر، رمثا، مشهد الطير (أوقاف شبعا)، زبدين، العقبة، شعب سعيد، مراح الملول، مفرق الشوبنة، جواوير النقر، وبرختا، وصولاً إلى بركة المن. وتوجد مزارع لبنانية تقع على الحافة الشرقية لوادي العسل، إلا أن الموقف اللبناني الرسمي برسم الحدود على وادي العسل، يعني من الناحية العملية التخلي عن هذه المزارع لسوريا، وتقع في منطقتي العاص، وقاطع برختا وكفر دورة وبيت البراق.
فكلّها إذاً مزارع لبنانية مرسّمة ومفرزة باعتراف سوري رسمي. أما إذا كان السوريون قد تراجعوا عن هذا الموقف الرسمي، ويعتبرون بأن المزارع شمال هذا الخط قد أصبحت "سورية" أيضا، فعليهم اليوم إعادة النظر في هذا الأمر مع الرئيس السوري الجديد، الذي يتمسّك باتفاقية الهدنة التي تعود إلى 1949، والتي تُحدّد أيضاً الحدود البريّة بين دول المنطقة.
وعلى أي حال، هذه الخريطة وهذا الكلام، على ما يتابع النعماني، ليس موجّهاً لا إلى الأميركي السابق آموس هوكشتاين، ولا إلى المبعوث الحالي باراك، أو إلى السفيرة الأميركية في بيروت ليزا جونسون، فإجاباتهم معروفة سلفاً وجاهزة: "هذه الخريطة والخرائط الأخرى قديمة، ولا يعتد بها، ولنصرف النظر عنها، ودعونا لا ننبش الماضي، ونحن في عصر جديد. ولنتطلع إلى شراكة جديدة مع كل الدول في مرحلة "ما بعد سايكس- بيكو". إلا أن هذا الكلام موجّه في الحقيقة إلى الحكومة السورية الحالية لا غيرها: ألم يسبق أن اتفقنا منذ سبعين سنة على أنّ مزارع شبعا لبنانية؟ فلماذا تتنصلون الآن من هذا الإتفاق؟
كذلك على اللبنانيين، على ما يشير النعماني، أن يقرروا ماذا يريدون. هل تريدون "كل" المزارع، أم وادي العسل شرقاً وغرباً؟ تريدون الوصول إلى بانياس، وبالتالي نقل كلّ الغجر الى السيادة اللبنانية وان تلتحق النخيلة بلبنان؟ كلها مسائل سيادية يقرّرها الشعب اللبناني. وهي ليست مشكلة ترسيم او مساحة عقارية تقنية هندسية. فهذه المنطقة حصل خلاف سوري - لبناني حول ملكيتها، وعلى بسط السيادة عليها منذ العام 1923 وحتى يومنا هذا.
وصحيح بأنّ خريطة الإتفاقية المذكورة لا تُظهر مزارع شبعا اللبنانية، على ما يوضح النعماني، ولكن نص الإتفاق فيه الكثير من التفاصيل التي تشرح الخريطة وماذا تعني. لكن بما أن الإتفاق رسمي، فإنّه يُبيّن المدى الذي كان السوريون مستعدين للموافقة عليه.
ويطرح النعماني حلّاً وسطاً مع سوريا بالنسبة لمزارع شبعا، والتي تحاول واشنطن انتزاعه من الجانب السوري قبل زيارة بارّاك إلى لبنان، يقضي بتوقيع اتفاق تعتبر فيه جزءاً من مزارع شبعا أراضٍ لبنانية بموجب اتفاق 1946، واعتماد الخريطة المرفقة بالاتفاق والتي رسمت في العام اللاحق في 1947، والتي حددت الحدود بين سوريا ولبنان المثلث الذي يربط وادي العسل- مغر شبعا- عين التنور، على ان تبقى النخيلة وبلدة الغجر داخل الاراضي السورية.
ويقول النعماني لمن يقترح استبدال الاحتلال "الإسرائيلي" لمزارع شبعا بقوّات "اليونيفيل" بشكل مؤقّت، بأنّه تتمّ الموافقة على مثل هذا الإقتراح، لأنّ هذا يعني إدراجها تحت القرار 425 بدلاً من الـ 224.
دوللي بشعلاني -الديار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

القناة الثالثة والعشرون
منذ 24 دقائق
- القناة الثالثة والعشرون
"لن نختار الذل" ..نائب الحزب : لو سلّم العالم كلّه لإسرائيل، نحن أتباع علي لن نسلّم"
أكد عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب ايهاب حمادة، في مجلس عاشورائي في بلدة النبي عثمان، أن "النقاش حول سلاح المقاومة ليس مطروحاً على الطاولة ولن يكون، وما يُطرح في الداخل هو فقط الاستراتيجية الدفاعية، وهي شأن لبناني داخلي بامتياز، لا يحق لأي جهة خارجية، عربية كانت أم إسلامية، أن تتدخل فيه حتى تحت عنوان النصيحة". أضاف: "نحن اليوم بين خيارين: السلة أو الذلة، ولن نسلّم تسليم الذليل، ولن نقرّ إقرار العاجز. إذا كان المطلوب تسليم السلاح ليُذبح لبنان على مذبح المصالح الإسرائيلية والأميركية، فهذه أمانيهم، ولن تتحقق". ولفت إلى أن "أي بحث في استراتيجية دفاعية يجب أن يحظى بإجماع وطني لبناني كامل، لا أن يُفرض من الخارج أو يُناقش تحت الضغط، فالسلاح الذي حرر الأرض وحمى السيادة ليس مادة للمساومة". وختم: "لو سلّم العالم كلّه لإسرائيل، نحن أتباع علي بن أبي طالب لن نسلّم، وسنواصل القتال دفاعاً عن لبنان، عن فلسطين، وعن كرامة الأمة". انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News


لبنان اليوم
منذ 32 دقائق
- لبنان اليوم
تصعيد سياسي بين 'حزب الله' والدولة اللبنانية: ورقة أميركية تفتح معركة السلاح
في تطور لافت على الساحة اللبنانية، أفادت مصادر 'العربية/الحدث' بأن 'حزب الله' قد سلّم رئيس مجلس النواب نبيه بري ردّه على الورقة الأميركية التي طرحت مؤخراً لحل أزمة السلاح خارج إطار الدولة. الرد جاء بعد إنذار وجهته رئاسة الجمهورية صباحًا، ما عكس حجم التوتر المتصاعد في الملف. ووفق المصادر، فإن الحزب لم يُظهر نية واضحة في التخلي عن سلاحه، ووصف الورقة الأميركية بـ'الاستسلامية'، في إشارة إلى رفضه القاطع للمطالب المطروحة. وبحسب المعلومات، فإن بري بدوره أبلغ الحزب برسالة حاسمة: 'إذا لم تردوا، سنمضي من دونكم.' توافق رئاسي على إنهاء فوضى السلاح المصادر نفسها أكدت أن الرئاسات الثلاث في لبنان أجمعت على أن زمن السلاح الخارج عن الدولة قد انتهى، واتفقت على ضرورة منع أي طرف من جر البلاد إلى الفوضى مجددًا. وفي خطوة ميدانية لافتة، أعلنت السلطات بدء ملاحقة العناصر التابعة لحزب الله الذين ظهروا في استعراضات مسلحة في شوارع بيروت ليل الجمعة. كما كشفت مصادر القناة أن رئيس الجمهورية، جوزيف عون، كان قد طلب من الحزب، منذ نحو شهر، تسليم صواريخه إلى الجيش اللبناني، دون أن يتلقّى أي رد حتى الآن. سلام يندد بمظاهر التسلح من جهته، علّق رئيس الحكومة نواف سلام على مشاهد الاستعراض المسلح، واصفًا ما حدث بأنه 'غير مقبول تحت أي ذريعة'، وأضاف في منشور عبر منصة 'X'، أنه وجّه وزيري الداخلية والعدل لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ومحاسبة المتورطين. وكانت شوارع الحمراء في بيروت قد شهدت مساء الجمعة تحركات مسلحة لعناصر من الحزب، ظهروا ملثمين ومدججين بالسلاح، في مشهد أعاد إلى الأذهان أيام الحرب الأهلية، وأثار ردود فعل سياسية وشعبية واسعة. حزب الله يراجع موقعه العسكري… دون تسليم السلاح بالتوازي، أفادت وكالة 'رويترز' أن الحزب بدأ مراجعة استراتيجية شاملة عقب المواجهات الأخيرة مع إسرائيل. وتدرس قيادته تقليص دوره العسكري، دون التخلي الكامل عن سلاحه، وسط قناعة متزايدة بأن الترسانة الثقيلة أصبحت عبئًا أكثر منها رصيدًا. وبحسب الوكالة، فإن الحزب قد يفكر في تسليم جزء من ترسانته، خصوصاً الطائرات المسيّرة والصواريخ البعيدة المدى، مقابل انسحاب إسرائيلي من الجنوب. لكنه يتمسك في الوقت نفسه بالاحتفاظ بأسلحة خفيفة وصواريخ مضادة للدبابات لاعتبارها ضرورية في حال أي اعتداء مستقبلي. بنود الورقة الأميركية الورقة الأميركية التي سلّمها المبعوث توماس باراك للمسؤولين اللبنانيين، نصّت على مجموعة من البنود المفصلية، أبرزها: سحب سلاح 'حزب الله'، الانسحاب الإسرائيلي من النقاط الخمس الحدودية، تنفيذ إصلاحات اقتصادية ومالية، وترسيم الحدود مع سوريا وإسرائيل. وقف النار مهدد رغم الاتفاق يشار إلى أن اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيّز التنفيذ في نوفمبر 2024، بعد عام من المواجهات بين حزب الله وإسرائيل، ما زال هشًا. فالغارات الإسرائيلية لم تتوقف، خصوصًا في الجنوب اللبناني، وسط تكرار تل أبيب لتصريحاتها بأنها لن تسمح للحزب بإعادة بناء قدراته العسكرية. الاتفاق الذي تم بوساطة أميركية، نص على انسحاب الحزب من جنوب الليطاني وتعزيز وجود الجيش واليونيفيل، مقابل انسحاب إسرائيل من المناطق التي احتلتها خلال النزاع، إلا أن الأخيرة لا تزال متمسكة بخمس نقاط استراتيجية، يطالب لبنان بإخلائها.


الديار
منذ 33 دقائق
- الديار
الاتحاد الأوروبي يدرس 5 إجراءات ضد "إسرائيل" لانتهاكها حقوق الإنسان
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب ذكرت إذاعة "مكان" الإسرائيلية أنّ الاتحاد الأوروبي يناقش 5 خيارات محتملة للرد على انتهاك "إسرائيل" لبند حقوق الإنسان في اتفاقية الشراكة الموقعة بين الجانبين. وتشمل المقترحات، التي ستعرضها وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي الجديدة كايا كالاس على وزراء الخارجية الأوروبيين: تعليقاً كاملاً أو جزئياً لاتفاقية الشراكة، وفرض عقوبات على شخصيات رسمية من بينها وزراء وضباط ومستوطِنون، وتقييد العلاقات التجارية، وحظر تصدير السلاح، وتعليق مشاركة "إسرائيل" في برامج علمية مثل "هورايزن يوروب". وتُعد اتفاقية الشراكة، الموقعة عام 1995، الإطار القانوني للعلاقات بين الجانبين، وتشمل التعاون في مجالات سياسية وتجارية وصحية وتعليمية. ويأتي هذا التوجه بعد قرار لمجلس الاتحاد الأوروبي في أيار الماضي بضرورة مراجعة العلاقة مع "إسرائيل"، على خلفية "العمليات العسكرية في غزة والضفة الغربية، بما في ذلك منع دخول الغذاء والوقود والمساعدات الطبية إلى القطاع"، وفق ما ورد في القرار. مصادر دبلوماسية داخل الاتحاد أكدت أنّ هذه الخيارات تواجه معارضة قوية من دول مؤثرة، أبرزها ألمانيا، والتشيك، وهنغاريا، والنمسا، ما يجعل فرص اتخاذ خطوات عملية ضد "إسرائيل" ضعيفة. ويشترط تعليق الاتفاقية إجماع الدول الأعضاء، فيما تتطلب خيارات مثل التعليق الجزئي أو الإجراءات التجارية أغلبية خاصة يصعب تحقيقها في ظل الانقسام الراهن. كما يتوقع أن تعارض دول مثل ألمانيا وإيطاليا فرض حظر على تصدير السلاح، نظراً لعلاقات التسليح الوثيقة مع "إسرائيل"، بينما تتطلب العقوبات الفردية أيضاً إجماعاً أوروبياً، وهو ما وصفته المصادر الدبلوماسية بالأمر غير الواقعي حالياً. الخطوة الأكثر ترجيحاً، بحسب التقرير، هي تعليق مشاركة "إسرائيل" في برنامج "هورايزن يوروب"، لكنها بدورها تحتاج إلى أغلبية خاصة (15 من أصل 27 دولة، تمثل 65% من سكان الاتحاد). إلا أن غياب "الزخم السياسي"، في ظل الحديث عن اقتراب التوصل إلى صفقة تبادل ووقف لإطلاق النار في غزة، قد يعرقل هذه الخطوة، تفادياً لأي تفسير بأنها تقويض للجهود الأميركية. وكانت دول مثل إسبانيا، إيرلندا، وسلوفينيا قد دفعت باتجاه اتخاذ إجراءات ضد "إسرائيل"، فيما عارضت دول أخرى، بينها ألمانيا، والنمسا، ورومانيا، واليونان وكرواتيا، أي خطوات عقابية، ما أدى إلى إسقاط مشروع قرار بهذا الخصوص قبل أسبوعين في بروكسل. من جهتها، رفضت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين خلال جلسة مغلقة اقتراحات بفرض عقوبات تجارية على "إسرائيل". فيما نُقل عن مصدر مقرّب من وزيرة الخارجية كايا كالاس أن هدفها "وقف سفك الدماء وضمان إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، بغض النظر عن الوسيلة". وفي موقف لافت، وجّه المستشار الألماني فريدريش ميرتس انتقادات لطريقة إدارة "إسرائيل" للحرب، قائلاً إن "التسبب في معاناة بهذا الحجم للسكان المدنيين لا يمكن تبريره في سياق محاربة الإرهاب"، رغم تأكيد مصادر أن الحكومة الألمانية لا تزال تدعم الكيان بشكل كامل.