
توجيه ضربة محدودة لإيران على رأسها .. ملامح أجندة نتانياهو أثناء لقاءه ترمب الإثنين المقبل
كشف تقريرٍ دولي، اليوم السبت، أن جدول لقاء الرئيس الأميركي؛ 'دونالد ترمب'، مع رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي؛ 'بنيامين نتانياهو'، في 'البيت الأبيض'، يوم الإثنين المقبل، متُخمًا بالملفات، وعلى رأسها الملف الإيراني.
ونقل التقرير عن خبراء قولهم؛ إن: 'نتانياهو يرغب في الحصول على ضوء أخضر أميركي تجاه توجيه ضربات عسكرية متفاوتة لمفاعلات ومواقع إيرانية، دون تحول ذلك إلى حرب إقليمية'، مشيرًا إلى أنه: 'يسعى لضوء أخضر يتعلق بالموافقة على ضم مناطق في الضفة الغربية، مقابل حلحلة إسرائيلية في غزة، دون تقديم أي تنازلات جوهرية'.
وعلى أجندة القمة أيضًا؛ تطويّع دول مثل 'لبنان وسورية' للتطبيع مع 'إسرائيل'، مع مراجعة الاستراتيجية الأميركية مع 'إسرائيل' بغرض مضاعفة الدعم الذي يضمن لـ'تل أبيب' تفوقها العسكري والأمني والاستخباراتي.
وبحسّب مسؤول أميركي؛ يستّضيف 'ترمب'، 'نتانياهو'، الإثنين، ضمن جهود 'واشنطن' لإنهاء 'حرب غزة'، والدفع نحو اتفاق بين 'إسرائيل' و'سورية'.
وستكون هذه ثالث زيارة لرئيس الوزراء الإسرائيلي إلى 'البيت الأبيض'؛ منذ عودة 'ترمب' إلى منصبه في كانون ثان/يناير الماضي.
ويقول أستاذ العلاقات الدولية؛ 'أمجد شهاب'، إن: 'زيارة نتانياهو إلى البيت الأبيض؛ تحظى باهتمام عالمي كبير في ظل التصعيدات المستَّمرة سواء على الجبهة الإيرانية أو في قطاع غزة'.
وأضاف 'شهاب'؛ أن: 'الزيارة تعكس أهمية التنسيّق الأمني والاستراتيجي بين الولايات المتحدة وإسرائيل، وستحمل مطالبة من نتانياهو بدعم عسكري وسياسي أميركي أكثر في الشرق الأوسط'.
ويُرجّح 'شهاب'؛ أن: 'يُجهز نتانياهو مع ترمب في الزيارة؛ توجّيه ضربات متفاوتة جديدة إلى بنك أهداف إيرانية، لا سيّما مواقع نووية لم يتم الوصول إليها، ولكن دون الذهاب بذلك إلى حربٍ إقليمية من جانب إسرائيل أو أن يسَّفر ذلك عن توجيه ضربات إيرانية كرد على القواعد العسكرية الأميركية'.
وكانت هناك مؤشرات في الأوساط الأميركية والإسرائيلية بأن ضربات حرب الـ (12) يومًا لم تكن بالمستوى الذي تحدث عنه 'نتانياهو' و'ترمب'.
ويعتقد 'شهاب' أن: 'واشنطن ستمنح الضوء الأخضر لنتانياهو بضربات على إيران مقابل حلحلة إسرائيلية في قطاع غزة ببعض الانسحابات وإدخال المساعدات في إطار تقديم الإغاثة دون القيام بتنازلات جوهرية؛ مقابل الحصول على الأسرى المتبقين لدى حركة (حماس)'.
وذكر: 'من شأن ذلك أن يُخفف الضغوط على نتانياهو ويُظهره كبطل، وأن يُنسب إلى الرئيس الأميركي أيضًا تحقيق الإنجاز'.
ورأى 'شهاب'؛ أن: 'الزيارة لن تشهد حلًا جذريًا لأزمة قطاع غزة؛ لأن ما تقوم به إسرائيل يُغذّي المشروع المتطرف لنتانياهو في فلسطين، ومن المَّمكن أن تشهد الزيارة إعطاء ضوء أخضر لضم مناطق في الضفة الغربية'.
وذكر الخبير في الشؤون الإسرائيلية؛ 'سامر عنبتاوي'، أن: 'الزيارة تأتي في ظل تمسك نتانياهو باستمرار الحروب وتصفية الحسابات بين جميع الأطراف، إلى جانب تقلب مزاجه وتصريحاته من موقفٍ إلى آخر'.
وبيّن 'عنبتاوي'؛ أن: 'نتانياهو يذهب إلى واشنطن تحت ضغوط مختلفة؛ بين أزماته مع المتشدَّدين المتدينين ومواجهاته مع المعارضة والضغط الشعبي لإنجاز في غزة، ومن الضغط العسكري الذي يُعاني منه الجيش الإسرائيلي في القطاع، ومن ضربات إيران التي جعلت الداخل الإسرائيلي يُعاني كثيرًا'.
وبحسّب 'عنبتاوي'؛ فإن الزيارة تلتقي مع رغبة 'ترمب' الحاضرة في الخروج من المواجهات التي تتطلب تورطًا أميركيًا كبيرًا في الشرق الأوسط، وسط فقدانه القُدرة على صنع السلام ورغبته في الحصول على جائزة (نوبل).
ويؤكد 'عنبتاوي'؛ أن: 'كل هذه المعطيات تبَّرز نفسها؛ ولكن يبقى أسلوب المراوغة لنتانياهو، الذي يُريد المماطلة في الأمور حتى عطلة (الكنيست)؛ في الـ 28 من الشهر الجاري، حتى يُصبح مطلق اليدين أكثر في كل التصرفات'.
وفي هذا الإطار؛ يُحاول 'نتانياهو'، وفقًا لـ'عنبتاوي': 'تأجيل بعض القضايا، وأن ينتزع استسلامًا من قطاع غزة مع إبقاء الحصار العسكري الإسرائيلي في ظل حضور مشروع التهجير في ذهنه'.
وأشار إلى أن: 'البعض يُراهن على إحداث الزيارة بعض المتغيَّرات، ولكن ثمارها بحاجة إلى وقت وعوامل مختلفة للوصول إلى تغييّرات حقيقية'.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الحركات الإسلامية
منذ ساعة واحدة
- الحركات الإسلامية
انتهاء الجلسة الأولى من المحادثات بين حماس وإسرائيل دون حسم/إسرائيل تعلن اعتقال "خلية إيرانية" داخل سوريا/سلاح الفصائل في العراق.. بين شرعية الدولة وولاء طهران
تقدم بوابة الحركات الإسلامية أبرز ما جاء في الصحف ووكالات الأنباء العالمية، بخصوص جماعات الإسلام السياسي وكل ما يتعلق بتلك التنظيمات، بكافة أشكال التناول الصحفي (أخبار – تعليقات – متابعات – تحليلات) اليوم 7 يوليو 2025. أ ف ب: الجيش الإسرائيلي يعلن قصف موانئ الحديدة ورأس عيسى والصليف في اليمن أعلن الجيش الإسرائيلي فجر الاثنين، قصفه أهدافاً في مدينة الحديدة الساحلية ومناطق أخرى في اليمن تقع تحت سيطرة جماعة الحوثي. وبعد ساعات معدودة، أعلن «الجيش» على تطبيق تليغرام أن صاروخين أطلقا من اليمن باتجاه إسرائيل، وجرى العمل على اعتراضهما. وقالت إسرائيل، إن طائراتها المقاتلة «ضربت ودمرت بنى تحتية تابعة للنظام الحوثي. وكان من بين الأهداف موانئ الحديدة ورأس عيسى والصليف»، مضيفة أن ذلك جاء «رداً على الهجمات المتكررة التي يشنها النظام الحوثي ضد دولة إسرائيل». والأحد، أوردت قناة «المسيرة» التابعة للحوثيين على منصة «اكس»، أنّ «الطيران الإسرائيلي شن سلسلة غارات على الحديدة»، قبل أنّ تحدد أنّ الغارات استهدفت «موانئ الحديدة ورأس عيسى والصليف ومحطة الكهرباء المركزية برأس الكثيب» في المحافظة المطلة على ساحل البحر الأحمر. وجاءت الهجمات، بعد أقل من نصف ساعة من إطلاق الناطق باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي تحذيراً على مواقع التواصل الاجتماعي للمتواجدين قرب المواقع المستهدفة. ومن بين الأهداف التي أعلنت إسرائيل أنها ضربتها سفينة الشحن «غالاكسي ليدر» التي استولى عليها الحوثيون في 2023 ويقول الإسرائيليون إنها زُودت بنظام رادار لتتبع الشحن في البحر الأحمر. ومنذ اندلاع حرب غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، نفّذ الحوثيون عشرات الهجمات الصاروخية ضدّ إسرائيل، وضدّ سفن في البحر الأحمر أكّدوا ارتباطها بها، في خطوة أدرجوها في إطار إسنادهم للفلسطينيين. ولاحقاً، وسعوا دائرة أهدافهم لتشمل سفناً مرتبطة بالولايات المتحدة وبريطانيا، بعد أن شنت الدولتان حملة عسكرية تهدف إلى تأمين الممر المائي في يناير/ كانون الثاني 2024. وفي مايو/أيار الماضي، توصل الحوثيون إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مع الولايات المتحدة أنهى أسابيع من الغارات الأمريكية المكثفة ضدهم، لكنهم تعهدوا مواصلة استهداف السفن الإسرائيلية. ترامب متفائل بـ"فرصة جيدة" للتوصل إلى اتفاق مع حماس بشأن الرهائن قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إن هناك "فرصة جيدة" للتوصل إلى اتفاق بشأن الرهائن في غزة "خلال هذا الأسبوع"، وذلك قبل اجتماعه المرتقب في واشنطن مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو. وصرّح ترامب للصحافيين "أعتقد أن هناك فرصة جيدة للتوصل إلى اتفاق مع حماس خلال هذا الأسبوع، الأسبوع المقبل، يتعلق بعدد لا بأس به من الرهائن"، مع تزايد الضغوط على رئيس الوزراء الإسرائيلي لإنهاء الحرب في غزة. وأعرب نتانياهو الأحد عن أمله بأن تساعد محادثاته في واشنطن على "التقدم" نحو التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة. ومن المقرر أن يجتمع ترامب مع نتانياهو اليوم في البيت الأبيض، وهو اللقاء الثالث بينهما منذ عودة الرئيس الجمهوري إلى السلطة في يناير. وبدأت مساء الأحد في الدوحة مفاوضات غير مباشرة بين إسرائيل وحماس لبحث وقف إطلاق النار وإطلاق سراح رهائن في غزة. وقال ترامب "نجحنا بالفعل في إخراج العديد من الرهائن، ولكن في ما يتعلق بالرهائن المتبقين، فسيتم إخراج عدد لا بأس به منهم. ونتوقع أن يتم ذلك هذا الأسبوع". وأضاف أن الولايات المتحدة "تعمل على قضايا عدة مع إسرائيل"، ومن بينها "ربما اتفاق دائم مع إيران". وكرر ترامب ادعاءاته بأن الضربات الأمريكية "محت" المنشآت النووية الإيرانية خلال المواجهة الإيرانية الإسرائيلية التي استمرت 12 يوما. ومن بين 251 رهينة خطفوا في هجوم حماس عام 2023، لا يزال 49 محتجزين في غزة، بينهم 27 أعلنت إسرائيل أنهم لقوا حتفهم. وأتاحت هدنة أولى لأسبوع في نوفمبر 2023 وهدنة ثانية لحوالى شهرين في مطلع 2025 تم التوصل إليهما عبر وساطة قطرية وأمريكية ومصرية، الإفراج عن عدد من الرهائن المحتجزين في قطاع غزة في مقابل إطلاق سراح فلسطينيين من السجون الإسرائيلية. ومع عدم التوصل إلى اتفاق للمرحلة التالية بعد الهدنة، استأنفت إسرائيل هجماتها على قطاع غزة في منتصف مارس وكثّفت عملياتها العسكرية في 17 مايو، قائلة إن الهدف هو القضاء على حركة حماس التي تتولى السلطة في القطاع منذ 2007. مقتل فلسطينيَّين برصاص الجيش الإسرائيلي في الصفة الغربية أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية الأحد مقتل رجلين برصاص الجيش الإسرائيلي قرب مدينة نابلس في الضفة الغربية المحتلة. وأشارت الوزارة في بيان إلى مقتل وسام غسان حسن اشتية (37 عاما) وقصي ناصر محمود نصار (23 عاما) "برصاص الاحتلال الإسرائيلي في قرية سالم شرق نابلس". وارتفعت وتيرة العنف في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل منذ العام 1967، بعد هجوم حماس في أكتوبر 2023 واندلاع الحرب في غزة. وقتلت القوات الإسرائيلية ومستوطنون مذاك ما لا يقل عن 949 فلسطينيا، عدد منهم من المسلحين، وفق أرقام وزارة الصحة الفلسطينية. ومدى الفترة نفسها، قُتل ما لا يقل عن 35 إسرائيليا في هجمات فلسطينية أو خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية، وفق الأرقام الإسرائيلية. رويترز: انتهاء الجلسة الأولى من المحادثات بين حماس وإسرائيل دون حسم أكد مصدران فلسطينيان مطلعان أن الجلسة الأولى من محادثات وقف إطلاق النار غير المباشرة بين حركة «حماس»، وإسرائيل في قطر انتهت بشكل غير حاسم، وأضافا أن الوفد الإسرائيلي لم يكن لديه تفويض كاف للتوصل إلى اتفاق مع حماس. استؤنفت المحادثات اليوم الأحد، قبيل الزيارة الثالثة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى البيت الأبيض، منذ عودة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى السلطة قبل نحو ستة أشهر. وقال المصدران لرويترز: «بعد الجلسة الأولى للمفاوضات غير المباشرة في الدوحة، الوفد الإسرائيلي غير مفوض بشكل كاف، وغير مخول بالوصول إلى اتفاق مع حماس، حيث لا صلاحيات حقيقية له». وقال نتنياهو، قبل مغادرته إلى واشنطن إن المفاوضين الإسرائيليين المشاركين في محادثات وقف إطلاق النار لديهم تعليمات واضحة بالتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، وفق شروط قبلت بها إسرائيل. وفي مساء السبت، تجمعت حشود في ساحة عامة في تل أبيب قرب مقر وزارة الدفاع للمطالبة بالتوصل لاتفاق وقف إطلاق النار، وعودة نحو 50 رهينة لا يزالون محتجزين في غزة. ولوح المتظاهرون بالأعلام، وهتفوا وحملوا ملصقات تحمل صور الرهائن. ويُعتقد أن حوالي 20 من المحتجزين الإسرائيليين ما زالوا على قيد الحياة في غزة، وذلك من ضمن 250 أسيراً جرى اقتيادهم إلى القطاع في هجوم السابع من أكتوبر. وأطلق سراح غالبية الرهائن من خلال المفاوضات الدبلوماسية، على الرغم من أن الجيش الإسرائيلي استعاد بعضهم أيضاً. وتقول وزارة الصحة في غزة إن الهجوم العسكري الإسرائيلي على القطاع، أدى إلى مقتل أكثر من 57 ألف فلسطيني. كما تسبب أيضا في أزمة جوع ونزوح السكان، في الغالب داخل غزة وحوّل القطاع إلى أنقاض. سكاي نيوز: تهدئة على نار التهجير.. غزة بين مطرقة ترامب وسندان الإعمار على وقع حرب تتجاوز العشرين شهرا، وبين تعقيدات المشهد السياسي والأمني، يعود الحديث مجددا عن صفقة تهدئة مرتقبة في قطاع غزة، تترافق مع خطة إسرائيلية لإقامة "منطقة إنسانية" جنوب القطاع، وبينما تسعى أطراف إقليمية ودولية لوقف إطلاق النار، تبرز على السطح رؤية أميركية مثيرة للجدل يقودها الرئيس دونالد ترامب، تتمثل في تهجير الفلسطينيين كمدخل لإعادة إعمار غزة. ورغم المؤشرات الإيجابية التي حملتها زيارة الوفد الإسرائيلي إلى الدوحة، إلا أن حقيقة الخلافات العميقة بين الأطراف، وصيغة الحلول المطروحة، تجعل المشهد مفتوحًا على جميع الاحتمالات، بما فيها إعادة إنتاج واقع جديد في غزة، قد يُفهم على أنه نكبة متجددة تحت غطاء إنساني. المفاوضات في الدوحة.. تفاؤل حذر وتضييق للفجوات وصل الوفد الإسرائيلي إلى العاصمة القطرية في مهمة حساسة، هدفها بحث التوصل إلى تهدئة شاملة، وسط ما وصفته مصادر مطلعة بتضييق في الفجوات بين الطرفين. ورغم عدم تفويض الوفد بصلاحيات تفاوضية كاملة، فإن إيفاده بحد ذاته يُعد مؤشرا على وجود نية سياسية لدى نتنياهو بعدم إغضاب الرئيس دونالد ترامب، لاسيما في ظل زيارته المرتقبة إلى واشنطن. مصادر إسرائيلية أكدت أن المقترح الأميركي المعدل حظي بتجاوب نسبي من حركة حماس، التي قدمت تعديلات محدودة، أبرزها الانسحاب الإسرائيلي إلى خطوط 2 مارس. إلا أن إسرائيل، بحسب صحيفة "معاريف"، لا تزال ترفض التنازل عن مطالبها الأمنية، حتى وإن تسبب ذلك في تأخير إتمام الصفقة. من جهة أخرى، كشفت وسائل إعلام إسرائيلية أن نتنياهو تعهد لوزراء بارزين بعدم إنهاء الحرب إلا بعد ضمان نزع السلاح من غزة، وهو ما يُعد جوهر الخلاف مع حماس، ويعكس إصرارًا حكوميًا يمينيًا على إنهاء الحرب بشروط إسرائيلية خالصة. ترامب ومشروع التهجير.. إعادة إحياء لسياسات قديمة في تطور لافت، كشفت صحيفة "إسرائيل هيوم" أن ترامب لا يزال متمسكًا بخطة تهجير سكان غزة كمدخل لإعادة إعمار القطاع. وذكرت أن ثلاث دول أبدت موافقة مبدئية على استقبال لاجئين فلسطينيين من غزة، بينما تدرس ثلاث دول أخرى الأمر، في مؤشر على وجود تحركات موازية للدبلوماسية التقليدية. فكرة التهجير، التي عادت للواجهة، أثارت ردود فعل فلسطينية غاضبة، إذ رأى فيها الكثيرون محاولة جديدة لإفراغ القطاع من سكانه الأصليين، وفرض وقائع ديمغرافية تتجاوز حتى حدود الصراع السياسي. المنطقة الإنسانية جنوب غزة: حلا مؤقتا أم تكريس للوصاية؟ ضمن الرؤية الإسرائيلية لمرحلة ما بعد الحرب، يجري إعداد خطة لإقامة منطقة إنسانية جنوب القطاع، تمتد بين محوري موراج وفيلادلفيا، وتكون خاضعة لسيطرة الجيش الإسرائيلي. الهدف المعلن، بحسب مصادر إعلامية، هو تجميع السكان وتقديم مساعدات إنسانية، بعيدًا عن سيطرة حماس. لكن مراقبين يرون أن هذه الخطوة، رغم تسويقها على أنها إنسانية، قد تمهد لتكريس واقع سياسي جديد، من خلال إعادة تموضع السكان تحت إشراف عسكري مباشر، وخلق بيئة قابلة للتوجيه السياسي والأمني، تُقصي حركة حماس وتُعبد الطريق لترتيبات جديدة تشمل دورًا عربيًا مبدئيًا، وربما لاحقًا السلطة الفلسطينية. إسرائيل أمام فرصة استراتيجية وصف الباحث في معهد الأمن القومي يوحنان تسوريف الموقف الإسرائيلي بالتحول الاستراتيجي، معتبرًا أن الحكومة ترى أن الوقت بات مناسبا لإنهاء الحرب، بعد تحقيقها عدة أهداف عسكرية وسياسية، أبرزها تفكيك معظم منظومة المقاومة، والحصول على دعم أميركي غير مسبوق. تسوريف أكد في مقابلة مع سكاي نيوز عربية أن حماس في وضع صعب، وقد قبلت بمرحلة تهدئة أولى لمدة 60 يومًا، تحت ضمانات أميركية - مصرية - قطرية. كما أشار إلى أن إسرائيل تريد الحفاظ على حقها في العودة إلى العمليات العسكرية إذا فشلت المفاوضات اللاحقة، والتي ستُعنى بمستقبل غزة، ودور حماس فيها. وأوضح تسوريف أن أي ذكر لحماس كقوة عسكرية داخل غزة لم يعد مقبولًا إسرائيليًا، وأن نتنياهو يحظى بدعم شعبي في هذا الموقف، خاصة في ظل الضغوط السياسية من اليمين المتطرف. كما اعتبر أن أي تنازل للفلسطينيين قد يؤدي إلى انهيار الائتلاف الحكومي، ما يجعل نتنياهو بحاجة إلى دعم ترامب لتبرير خطواته أمام اليمين. مؤشرات خطيرة على نوايا التهجير من جهته، حذّر أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأزهر في غزة، الدكتور مخيمر أبو سعدة، خلال حديثه إلى غرفة الأخبار من أن المقترح الإسرائيلي لا يهدف فقط إلى التهدئة، بل يُعد جزءًا من خطة أكبر لإعادة تموضع سكان غزة، وربما تهجيرهم لاحقًا. وقال أبو سعدة إن إرسال الوفد الإسرائيلي إلى الدوحة مؤشر إيجابي، لكنه أشار إلى أن الوفد لا يمتلك صلاحيات تفاوضية واسعة، مما يقلل من فرص تحقيق اختراق حقيقي. كما لفت إلى أن أحد أبرز التعديلات التي طرحتها حماس هو الانسحاب الإسرائيلي إلى حدود 2 مارس، وهي نقطة حساسة قد تعرقل التفاهم. وحذر أبو سعدة من تحويل المناطق الجنوبية إلى ما يُسمى بـ"المنطقة الإنسانية"، مشيرًا إلى أن هذه المنطقة مدمرة بالكامل، ولا تصلح لإقامة مراكز إيواء. كما شكّك في قدرة الجيش الإسرائيلي على إدارة هذه المنطقة، خصوصًا مع التوتر الحاصل بين نتنياهو ورئيس الأركان حول دور الجيش في توزيع المساعدات. التهجير.. سياسة بدأت منذ أكتوبر 2023 يرى أبو سعدة أن خطة التهجير ليست وليدة اللحظة، بل بدأت فعليًا منذ الأسبوع الأول من هجوم 7 أكتوبر، حين أُجبر السكان على مغادرة شمال غزة نحو الجنوب. ويضيف أن تصريحات ترامب في فبراير حول التهجير أعادت إحياء الفكرة، مما أعطى دفعة لليمين الإسرائيلي لتبنيها بشكل علني. وأشار إلى أن مئات الآلاف من الفلسطينيين لا يزالون في شمال غزة ويرفضون مغادرة مناطقهم، رغم التجويع والقصف. كما لفت إلى أن بعض العائلات قد تضطر للانتقال إلى المنطقة الإنسانية تحت وطأة الحاجة، مما يعزز المخاوف من تحول هذه المناطق إلى مراكز عزل طويلة الأمد. مخاطر المواجهة الداخلية كشف أبو سعدة عن صدور بيان من الغرفة المشتركة لفصائل المقاومة يهدد من يتعاون مع إسرائيل في توزيع المساعدات. واعتبر أن هذه المعطيات تنذر بمواجهات داخلية مستقبلية، سواء مع الجيش الإسرائيلي أو مع جهات فلسطينية قد تُتهم بالعمالة. السيناريوهات المحتملة: ما بعد الستين يومًا؟ بحسب مجمل التصريحات والتحليلات، فإن المرحلة المقبلة من التفاوض ستتوقف على مدى الالتزام بتطبيق المرحلة الأولى من التهدئة. لكن الأهم يبقى مصير غزة بعد هذه المرحلة. هل سيتمكن الفلسطينيون من استعادة حكمهم الذاتي عبر السلطة الفلسطينية؟ هل تُكرّس المنطقة الإنسانية كحل دائم؟ وهل تكون هذه بداية لصفقة أكبر تشمل تهجيرًا ممنهجًا؟. تشير بعض الأوساط الإسرائيلية إلى أن عودة السلطة الفلسطينية تبقى خيارًا مطروحًا، ولكن بشرط تنفيذ إصلاحات داخلية كبيرة، وهو ما ربطه تسوريف بقدرة فتح على إعادة إنتاج نفسها ككيان سياسي قادر على الإدارة. تهدئة مشروطة أم بداية واقع جديد؟ بين المساعي الأميركية - الإسرائيلية - القطرية - المصرية للتوصل إلى تهدئة، والتباينات بين المكونات الفلسطينية، تبقى غزة أمام مفترق طرق حاسم. أي تسوية لا تراعي الحقوق الفلسطينية الكاملة، وتستند إلى خطط إنسانية ظاهرية تخفي مشاريع تهجير أو إعادة هندسة ديمغرافية، لن تكون سوى وقودًا لتوترات قادمة. إن التساؤل المحوري اليوم لم يعد فقط: "هل تتوقف الحرب؟"، بل أصبح: "أي سلام سيُفرض على غزة؟ وبأي ثمن إنساني وسياسي؟". وإلى حين بلورة الإجابات، يبقى المدنيون في غزة أسرى لحرب بلا نهاية واضحة، ولصفقات تتفاوض على مستقبلهم وهم خارج طاولة القرار. إسرائيل تعلن اعتقال "خلية إيرانية" داخل سوريا أعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أنه استنادا إلى معلومات استخباراتية تم الحصول عليها عبر تحريات الوحدة 504، نفذت قوات الجيش الإسرائيلي عملية ليلة الأحد أسفرت عن اعتقال خلية من العناصر التي قام فيلق القدس الإيراني بتفعيلها في منطقة تل قدنة بجنوبي سوريا، وفقا لما ذكرته صحيفة يديعوت أحرونوت. وتعد هذه هي المرة الثانية خلال الأسبوع الماضي التي تنفذ فيها القوات الإسرائيلية عملية ليلية محددة وتعتقل خلالها عددا من العناصر الذين شكلوا تهديدا في المنطقة، بحسب الصحيفة الإسرائيلية. وجرى ضبط الخلية الإيرانية الأولى في منطقة أم اللوقس وعين البصلي في الجنوب السوري، وذلك بالتعاون مع المحققين الميدانيين المنتمين للوحدة 504. وتأتي العمليتين في سياق تصاعد التوتر الأمني بين إسرائيل وإيران على الساحة السورية، حيث تخوض تل أبيب منذ سنوات "حرباً بين الحروب" تهدف إلى تقويض التمركز العسكري الإيراني المتزايد في سوريا، وخصوصاً في المناطق القريبة من هضبة الجولان. ومنذ اندلاع الحرب في سوريا عام 2011، استغلت إيران الفوضى الأمنية لتوسيع نفوذها العسكري والاستخباراتي عبر ميليشيات تابعة لها مثل حزب الله اللبناني، ولواء "زينبيون" و"فاطميون"، إلى جانب عناصر من الحرس الثوري الإيراني. وتعتبر إسرائيل أن هذا الوجود يشكل تهديداً مباشراً لأمنها القومي، وخاصة في الجولان المحتل. وتعتمد إسرائيل في مواجهتها لهذا التهديد على عمليات استخباراتية وجوية مركّزة تستهدف قواعد ومستودعات أسلحة ومواقع مراقبة ومراكز قيادة تابعة لإيران ووكلائها. وقد تزايدت هذه العمليات في عام 2024 و2025 بالتزامن مع التوتر الإقليمي الأوسع الناجم عن الحرب في غزة والضغوط الدولية على برنامج إيران النووي. وتلعب الوحدة 504 التابعة للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، دوراً رئيسياً في جمع المعلومات من داخل الأراضي السورية، وهي وحدة مختصة بتجنيد العملاء والتحقيق الميداني، وتعمل غالباً بالتعاون مع وحدة العمليات الخاصة في الجيش (مثل لواء 474) المنتشر على الجبهة الشمالية. سلاح الفصائل في العراق.. بين شرعية الدولة وولاء طهران في لحظة تبدو فيها المنطقة على شفا انفجار، تعود إلى الواجهة مجددا عقدة "السلاح غير الشرعي" الذي تحتفظ به الفصائل الموالية لإيران في العراق. ومع تصاعد الدعوات لحصر السلاح بيد الدولة، كان رد الفصائل المسلحة واضحا: "السلاح خيار استراتيجي لا تفاوض عليه". وفي وقت تتسارع فيه التحولات من غزة إلى لبنان مرورًا بالبحر الأحمر، يبرز سؤال ملح: هل ما يجري توزيع منسق لأدوار الوكلاء الإيرانيين؟ أم محاولة طهرانية أخيرة للحفاظ على "غلاف الردع" الذي بدأ يتشقق منذ 7 أكتوبر؟.. وسط هذا الزخم، تتعزز فرضية أن العراق بات مجددًا في قلب لعبة الأمم، محاطًا بأشباح الحرب ومخاوف الانهيار السياسي. سلاح الفصائل.. تحدي الدولة أم معركة بقاء؟ تُعد الفصائل المسلحة في العراق، وخاصة كتائب حزب الله، حركة النجباء، وكتائب سيد الشهداء، واحدة من أبرز أذرع إيران في المنطقة، وقد أعلنت بوضوح رفضها أي دعوات لنزع السلاح، معتبرة أن هذا الملف "خارج التفاوض". في المقابل، جاءت دعوة المرجع الشيعي الأعلى في العراق، علي السيستاني، لحصر السلاح بيد الدولة، لتُسلّط الضوء على انقسام واضح داخل البيت الشيعي بين مرجعية النجف وحسابات قم. لكن المثير في هذه اللحظة السياسية والعسكرية أن دعوة السيستاني جاءت متزامنة مع إعلان هدنة مؤقتة بين إيران وإسرائيل بوساطة أميركية، ما يعكس – بحسب مراقبين – إدراك المرجعية لخطورة المرحلة وحتمية تقليص نفوذ الفصائل التي باتت تحرك من خارج الحدود. يرى الخبير العسكري والسياسي مهند العزاوي، خلال حديثه إلى التاسعة على "سكاي نيوز عربية"، أن إيران تُعيد تحريك أوراقها الإقليمية بعد اهتزاز موقفها التفاوضي، خاصة بعد الضربات التي طالت منشآتها النووية. ووفقًا للعزاوي، فإن السلاح بيد الفصائل لم يعد مجرد "تحد للدولة"، بل أصبح رأس حربة في لعبة تفاوض دولية تستخدمها طهران لموازنة الضغط الأميركي المرتكز على ثلاثية: النووي، الصواريخ، ودعم الميليشيات. ويضيف العزاوي أن فتوى السيستاني بتأسيس الحشد الشعبي في 2014 كانت مشروطة بمواجهة "داعش" وضمن إطار عسكري غير سياسي، إلا أن الواقع اليوم يكشف انحرافا واضحا: "الفصائل تمارس نفوذا سياسيا واسعا، وتحتفظ بأسلحة استراتيجية، وبعضها يمتلك مصانع، تمويل، وحتى أجهزة استخبارات مصغّرة"، في إشارة إلى تحوّلها إلى ما يشبه "جيوشًا موازية". تقاطع الساحات.. من بغداد إلى بيروت وصولا للبحر الأحمر ليس من قبيل المصادفة – كما يلفت التقرير – أن تزامن التصعيد في المواقف العراقية مع رفض حزب الله في لبنان تسليم سلاحه، واستئناف الحوثيين في اليمن هجماتهم على السفن قرب الحديدة. هذه الفصائل، رغم تباعد الجغرافيا، تتقاطع في مرجعيتها مع الحرس الثوري الإيراني، الذي يدير "شبكة الردع" عبر وكلاء يشكلون ما يسمى بمحور المقاومة. ووفق العزاوي، فإن التحركات الحوثية في البحر الأحمر واستخدامهم لأسلحة صغيرة وقذائف، "يُشبه لعبة شجرة عيد الميلاد" من حيث إشغال الخصم بوميض متقطع في ساحات متفرقة لتفكيك مركز الثقل الأساسي – أي طهران – عن أي هجوم مباشر. منطق الردع الإيراني أمام اختبار 7 أكتوبر أحدث هجوم حماس على إسرائيل، والذي اعتبرته إيران "جزءًا من معادلة الردع"، كشف واقعًا مغايرًا. الرد الإسرائيلي كان ضخمًا، والرد المقابل من الفصائل الأخرى بقي في حدوده الدنيا، ما أطاح – عمليًا – بفكرة وحدة الساحات التي تبنتها طهران لسنوات. يشير العزاوي إلى أن المعادلة تغيرت: "حزب الله في لبنان تعرض لتجريف شامل، وغزة دمرت، فيما بقيت بقية الفصائل في العراق واليمن في مواقع المشاغبة المحدودة". وهذا التراجع ليس اعتباطيًا، بل يعكس حسابات استراتيجية لدى طهران، تضع في أولويتها الحفاظ على النفوذ السياسي بدل المجازفة العسكرية. هل تستطيع الدولة العراقية نزع السلاح؟ هنا يطرح العزاوي تشخيصا دقيقا: "نزع السلاح ليس ممكنًا في المدى القريب، لأن هذه الفصائل باتت جزءًا من الدولة العميقة"، مشيرا إلى أنها ممثلة بوزراء ومدراء عامين وفاعلين داخل مؤسسات الدولة، خاصة بعد انسحاب التيار الصدري من العملية السياسية، وهو ما عزز هيمنة "الإطار التنسيقي" الموالي لطهران. لكن الأهم، بحسب العزاوي، أن الفصائل ترفض استخدام الأراضي العراقية لضرب القوات الأميركية أو الإسرائيلية حاليا، إدراكا منها أن ذلك سيكون عبئًا على الدولة، ومع ذلك تبقى مستعدة للتحرك متى اقتضت المصلحة الإيرانية، ما يضع العراق بين خيارين كلاهما مر: الرضوخ للواقع أو المخاطرة بالتصعيد. الحوثيون يعاودون التصعيد.. الشجرة التي تضيء أينما أرادت طهران في اليمن، عاد الحوثيون لاستهداف السفن في البحر الأحمر، في خطوة اعتبرتها تقارير أمنية بريطانية "منظمة ومقصودة"، حيث أُطلق النار من زوارق صغيرة قرب سواحل الحديدة، ما اعتبره مراقبون "رسالة لإسرائيل وأميركا على السواء". وتعليقًا على ذلك، شدد مايك هاكبي، المستشار الأميركي لدى إسرائيل، أن "أي طلقة من اليمن هي طلقة من إيران"، ملوّحًا بـ"ضربات محتملة على مواقع الحوثيين"، معتبرًا أن "هدنة ترامب مع الحوثيين باتت مهددة". هنا يظهر ما يسميه العزاوي بـ"تكتيك شجرة عيد الميلاد"، حيث تُفتح جبهات بشكل غير متزامن من لبنان إلى اليمن، بهدف "إشغال الخصوم وتخفيف الضغط عن إيران". نتنياهو في واشنطن.. والملف بانتظار الحسم زيارة بنيامين نتنياهو إلى واشنطن يُتوقع أن تكون لحظة حاسمة، بحسب العزاوي، في تحديد ملامح المرحلة المقبلة، سواء عبر دفع إدارة ترامب نحو التصعيد المنضبط أو تعزيز خط التفاوض مع طهران وفق شروط أكثر صرامة. ترامب، كما يشير العزاوي، "لا يؤمن بالخسارة، وسيسعى إلى فرض اتفاق نووي جديد بالقوة إن تطلب الأمر، طالما أن أدوات الردع لم تؤت أكلها بعد". في مشهد تتقاطع فيه البنادق مع الدبلوماسية، والميليشيات مع الحكومات، يقف العراق أمام استحقاق مصيري: إما السير على طريق الدولة الوطنية الجامعة، أو البقاء رهينة لمعادلة الوكلاء التي لم تعد تحمي أحدًا، بل تقود الجميع نحو الهاوية. وفيما تتجه الأنظار إلى واشنطن وطهران، يبقى القرار العراقي مؤجلًا، معلّقًا على ميزان الصراع الإقليمي... وعلى أمل أن لا يُحسم هذا القرار بصوت الرصاص. حزب الله يرفع السقف وإسرائيل تحذر.. هل اقتربت المواجهة؟ فيما يواصل لبنان تلمّس طريقه بين ألغام التوازنات الداخلية والانفجارات الإقليمية، يعود شبح الحرب ليلقي بثقله على المشهد. حزب الله يتوعّد ويُصرّ على "استمرار المقاومة"، وإسرائيل تحذر وتلوّح بـ"نفاد الصبر". وفي خلفية المشهد، تتراقص المبادرات الدولية فوق جمر ساخن، آخرها زيارة مرتقبة للمبعوث الأميركي توم باراك، محملاً بـ"ورقة تسوية" يبدو أن بيروت الرسمية تعاملت معها كمن يضع العربة أمام الحصان. فهل تُطفأ النيران بآخر رصاصة دبلوماسية؟ أم أن طبول المواجهة ستُقرع من جديد؟. "لا للاستسلام"... حزب الله يرفع السقف في موقف يتسم بالتصعيد، أعلن الأمين العام لحزب الله، نعيم قاسم، قبيل زيارة المبعوث الأميركي، تمسك الحزب بخيار "المقاومة" ورفضه تقديم أي تنازلات تحت الضغط أو التهديد. وقال قاسم إن التهديدات الإسرائيلية لن تدفع الحزب إلى الاستسلام، مشددًا على أن "شرعنة الاحتلال الإسرائيلي لا يمكن أن تكون بديلاً عن شرعية المقاومة". ويرفض الحزب كذلك أن يتحول الرد اللبناني إلى بند على طاولة مجلس الوزراء، ويرفض كليا فرض جدول زمني لتسليم السلاح، مطالبًا بضمانات مسبقة تشمل الانسحاب الإسرائيلي، ووقف الاغتيالات، وإطلاق مسار لإعادة الإعمار، وهو ما يعقّد جهود الوساطة ويضع العراقيل أمام التوافق اللبناني الداخلي. تحذيرات إسرائيلية واتهامات مباشرة من الجانب الإسرائيلي، لا تبدو النوايا أقل تصعيدا، إذ حذر وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، الأمين العام لحزب الله، قائلا: "نعيم قاسم لم يتعلم من مصير قادة الحزب السابقين". وأشار إلى أن تحركات الحزب تأتي "بأوامر مباشرة من المرشد الإيراني علي خامنئي"، ملمحا إلى قرب نفاد صبر إسرائيل تجاه التهديدات. هذه التصريحات تأتي في ظل معطيات استخباراتية تتحدث عن استعدادات إسرائيلية "للحسم"، وسط تسريبات عن تزايد وتيرة استهداف الكوادر العسكرية للحزب، والتي لم تتوقف حتى الآن، بحسب ما كشفته مصادر أمنية لبنانية مطلعة. تفكك القرار اللبناني.. وغياب الدولة في موازاة ذلك، تزداد الهوة داخل الدولة اللبنانية بشأن آليات الرد، حيث أقر رئيس الوزراء نواف سلام بوجود تقصير مزمن في مسألة حصر السلاح بيد الدولة منذ اتفاق الطائف، معتبرا أن "الدولة فشلت في تنفيذ أبرز جوانب الطائف، كالمركزية الموسعة والتنمية المتوازنة، مما فتح الباب أمام تغوّل السلاح غير الشرعي". تصريحات سلام، وإن أتت متأخرة، تعكس اعترافا رسميا بعدم قدرة الدولة على فرض هيبتها، بينما تستمر المفاوضات في مسارات خارج المؤسسات الرسمية، ويتصدر رئيس مجلس النواب نبيه بري عملية التفاوض، وهو ما اعتبره كثيرون "خروجًا عن الآليات الدستورية". الدولة خارج اللعبة في حديثه لبرنامج "التاسعة" عبر سكاي نيوز عربية، اعتبر الخبير العسكري والاستراتيجي العميد خليل الحلو أن "شبح الحرب لم يغب عن الساحة اللبنانية"، مشيرا إلى أن حزب الله قَبِل سابقا باتفاق وقف إطلاق النار في 27 تشرين الأول 2024 بعد تكبده خسائر فادحة، لكن دون أن يلتزم بكامل بنوده. وأكد الحلو أن "السلطة التنفيذية الحقيقية مغيبة تماما عن المفاوضات"، مستغربًا أن لا يكون وزير الدفاع أو الخارجية على دراية بتفاصيل الاتفاق. وشدد على أن ما يجري هو إعادة إنتاج لحقبة الوصاية السورية، حيث يتم تجاوز الحكومة لصالح تسويات فوقية بين الرؤساء الثلاثة. كما أشار الحلو إلى أن الرد اللبناني "يمكن تفسيره وفق مزاج كل طرف: الأميركي، الإسرائيلي، أو حزب الله"، وهو ما يفرغ أي مضمون تفاوضي من قيمته السياسية والقانونية، ويضع البلاد على سكة الانفجار بدلًا من التهدئة. تراجع النفوذ الإيراني.. والتصعيد بالوكالة وسط هذا المشهد، يربط الحلو بين ارتفاع وتيرة التصعيد الإقليمي وبين رغبة إيران وأذرعها العسكرية في فرض وقائع جديدة على الأرض. وقال: "انخفض النفوذ الإيراني في لبنان وسوريا والمنطقة، ومع ذلك نرى استعراضات عسكرية من حزب الله في بيروت وعلى الشاطئ، وتحركات حوثية في البحر الأحمر، وهجمات من الميليشيات العراقية". ورأى أن التصعيد الحالي "مرتبط بخيط واحد": الرغبة في منع حسم ملف سلاح حزب الله أو حتى فتح النقاش بشأنه، عبر الإيحاء بخطر داهم أو عدو مشترك، تارة باسم إسرائيل وتارة باسم داعش. واقع القوة.. والرهان على الوهم في الواقع العسكري، شكك الحلو في قدرة الحزب على خوض مواجهة واسعة مع إسرائيل، متسائلا: "هل لدى حزب الله اليوم نفس القدرات؟ هل أعاد بناء مخازنه التي دمّرتها إسرائيل؟ هل يملك تمويلًا كافيًا لحرب طويلة؟". وأكد أن الحزب لم يرد حتى اللحظة على اغتيالات تطاله بشكل يومي، مما يعكس واقعًا جديدًا لا يبدو لصالحه. وأضاف: "إذا كان حزب الله يريد المواجهة، فأين هي؟ وإذا كان يحمّل الدولة المسؤولية، فلماذا لا يدفع نحو تسليم القرار الأمني للدولة بدلًا من انتقادها إعلاميًا؟". النار أقرب من التسوية في ضوء هذه المعطيات، يبدو أن لبنان يقف على شفير مفترق حاسم. فالمساعي الأميركية تصطدم بجدار المواقف المتناقضة، والدولة اللبنانية عاجزة عن توحيد قرارها الرسمي، فيما يحتفظ حزب الله بموقف مزدوج: التمسك بالسلاح والقول بالاستعداد للتهدئة. وفي ظل موازين قوى لا تسمح بمغامرات، تبقى نقطة الانفجار قائمة، وتزداد احتمالات التصعيد المحدود أو حتى الحرب بالوكالة، خصوصًا مع غياب ضمانات حقيقية واستمرار تحييد المؤسسات الشرعية عن القرار السيادي. ربما تكون الرسالة الأكثر وضوحًا، هي أن لبنان لا يعيش أزمة سلاح فحسب، بل أزمة دولة.


وكالة الصحافة المستقلة
منذ 4 ساعات
- وكالة الصحافة المستقلة
ترامب يبحث مع نتنياهو إمكانية التوصل إلى اتفاق دائم مع إيران
المستقلة/- في خطوة مفاجئة وسط التوترات المتصاعدة في الشرق الأوسط، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، اليوم الاثنين، أنه سيبحث مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إمكانية التوصل إلى اتفاق دائم مع إيران، وذلك خلال لقائهما المرتقب في البيت الأبيض بالعاصمة واشنطن. وقال ترامب في تصريحات أدلى بها للصحفيين من مطار نيوجيرسي قبيل توجهه إلى واشنطن: 'سأناقش مع نتنياهو العمل على اتفاق دائم مع إيران.' وتأتي هذه التصريحات في ظل تحولات إقليمية حساسة، حيث وصل نتنياهو إلى الولايات المتحدة قبل ساعات قليلة، استعدادًا لاجتماعات مع الإدارة الأمريكية، تتناول عدة ملفات، أبرزها الحرب المستمرة منذ أكثر من 21 شهراً بين إسرائيل وحركة 'حماس' في قطاع غزة، إضافة إلى بحث سبل تهدئة التوترات مع إيران. وقف إطلاق النار بعد تصعيد خطير وتتزامن الزيارة مع اتفاق لوقف إطلاق النار تم التوصل إليه مؤخرًا بين إسرائيل وإيران، بعد حرب استمرت 12 يومًا، شهدت خلالها المنطقة تصعيدًا خطيرًا، بلغ ذروته بتنفيذ ضربة جوية أمريكية استهدفت ثلاث منشآت نووية إيرانية، في تحرك وصفه مراقبون بأنه يهدف إلى كبح قدرات طهران النووية دون الانجرار إلى حرب شاملة. تحركات أمريكية لتهدئة الجبهة الإقليمية وتشير التصريحات الأخيرة إلى أن الإدارة الأمريكية، بقيادة ترامب، تسعى لإعادة ضبط العلاقة مع إيران ضمن إطار تفاوضي طويل الأمد، ربما يُمهّد لصيغة اتفاق بديلة عن الاتفاق النووي الذي انسحبت منه واشنطن عام 2018. وتحمل المباحثات بين ترامب ونتنياهو أبعادًا سياسية وأمنية بالغة الحساسية، خصوصًا أن إسرائيل طالما عارضت أي اتفاق مع إيران ما لم يتضمن قيودًا صارمة على برنامجها النووي وتدخلاتها الإقليمية. ملف غزة على طاولة البحث ومن المتوقع أن يتناول اللقاء أيضًا سبل إنهاء الحرب في قطاع غزة، التي خلّفت أزمات إنسانية كبيرة وتوترًا دائمًا في المشهد الإقليمي، وسط ضغوط أمريكية متزايدة على الطرفين لاحتواء الصراع ومنع تفجّره مجددًا.


شفق نيوز
منذ 5 ساعات
- شفق نيوز
كيف يستخدم ترامب "نظرية الرجل المجنون" لمحاولة تغيير العالم (وينجح بالفعل)؟
عندما سُئل الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الشهر الماضي عما إذا كان يخطط للانضمام إلى إسرائيل في مهاجمة إيران، قال: "قد أفعل ذلك. وقد لا أفعل. لا أحد يعلم ما سأفعله". أوحى للعالم بأنه وافق على مهلة لمدة أسبوعين للسماح لإيران باستئناف المفاوضات. ثم قصفها، كما تعلمون. ثمة نمط آخذ في الظهور: أكثر ما يمكن التنبؤ به في ترامب هو عدم القدرة على التنبؤ بتصرفاته، فهو يغير رأيه، ويناقض نفسه، إنه متناقض. يقول بيتر تروبويتز، أستاذ العلاقات الدولية في كلية لندن للاقتصاد: "لقد بنى ترامب عملية صنع سياسات شديدة المركزية. يمكن القول إنها الأكثر مركزية، على الأقل في مجال السياسة الخارجية، منذ عهد ريتشارد نيكسون". "وهذا يجعل قرارات السياسة أكثر اعتماداً على شخصية ترامب وتفضيلاته ومزاجه". لقد وظّف ترامب هذا الأمر سياسياً؛ لقد جعل من عدم قابليته للتنبؤ رصيداً استراتيجياً وسياسياً أساسياً لنفسه. لقد ارتقى بعدم قابليته للتنبؤ إلى أن باتت مبدأً. والآن، تُوجّه سمات الشخصية التي جلبها إلى البيت الأبيض السياسة الخارجية والأمنية. إنها تُغيّر شكل العالم. يُطلق علماء السياسة على هذه النظرية اسم "نظرية الرجل المجنون"، حيث يسعى زعيم عالمي إلى إقناع خصمه بأنه قادر على فعل أي شيء وفق حالته المزاجية المتقلبة، لانتزاع تنازلات. إذا استُخدمت بنجاح، فقد تُصبح شكلاً من أشكال الإكراه، ويعتقد ترامب أنها تُؤتي ثمارها، إذ تضع حلفاء الولايات المتحدة في المكان الذي يريده. ولكن هل هذا نهج يُمكن أن يُجدي نفعاً ضد الأعداء؟ وهل يمكن أن يكون العيب في هذا الأسلوب أنه ليس مجرد خدعة مصممة لخداع الخصوم، بل هو في الواقع مبني على سمات شخصية راسخة وموثقة بوضوح، مما يجعل من السهل التنبؤ بسلوكه؟ بدأ ترامب رئاسته الثانية بالانفتاح على الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ومهاجمة حلفاء أمريكا. أهان كندا بقوله إنها يجب أن تصبح الولاية الحادية والخمسين للولايات المتحدة. وقال إنه مستعد للنظر في استخدام القوة العسكرية لضم غرينلاند، وهو إقليم يتمتع بالحكم الذاتي تابع لحليفة أمريكا، الدنمارك. وأضاف أن على الولايات المتحدة استعادة ملكية قناة بنما والسيطرة عليها. تُلزم المادة الخامسة من ميثاق حلف شمال الأطلسي (ناتو) كل عضو بالدفاع عن جميع الأعضاء الآخرين. وقد أثار ترامب شكوكاً حول التزام أمريكا بذلك. وصرح بن والاس، وزير الدفاع البريطاني السابق، قائلاً: "أعتقد أن المادة الخامسة على وشك الانهيار". وقال المدعي العام المحافظ دومينيك غريف: "في الوقت الحالي، انتهى التحالف عبر الأطلسي". كشفت سلسلة من الرسائل النصية المسربة عن ثقافة الازدراء السائدة في البيت الأبيض بقيادة ترامب تجاه الحلفاء الأوروبيين. وقال وزير الدفاع الأمريكي، بيت هيغسيث، لزملائه (في إدارة ترامب): "أشارككم تماماً كراهيتكم للمستغلين الأوروبيين"، مضيفاً: "هذا مثير للشفقة". في ميونيخ، في وقت سابق من هذا العام، صرّح نائب الرئيس ترامب، جيه دي فانس، بأن الولايات المتحدة لن تكون بعد الآن ضامنة للأمن الأوروبي. بدا أن هذا يُطوي صفحة 80 عاماً من التضامن عبر الأطلسي. يقول البروفيسور تروبويتز: "ما فعله ترامب هو إثارة شكوك وتساؤلات جدية حول مصداقية التزامات أمريكا الدولية". "مهما كانت التفاهمات التي تربط تلك البلدان (في أوروبا) مع الولايات المتحدة، فيما يتعلق بالأمن أو الاقتصاد أو غير ذلك من المسائل، فإنها أصبحت الآن موضع تفاوض في أي لحظة". "أشعر أن معظم من يُحيطون بترامب يعتقدون أن عدم القدرة على التنبؤ (بسلوكه) أمر جيد، لأنه يسمح لدونالد ترامب باستغلال نفوذ أمريكا لتحقيق أقصى مكاسب..." "هذا أحد الدروس التي استخلصها من التفاوض في عالم العقارات". لقد أتى نهج ترامب بثماره. فقبل أربعة أشهر فقط، صرّح رئيس الوزراء البريطاني السير، كير ستارمر، أمام مجلس العموم بأن بريطانيا ستزيد إنفاقها الدفاعي والأمني من 2.3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي إلى 2.5 في المئة. في الشهر الماضي، خلال قمة لحلف الناتو، ارتفعت هذه النسبة إلى 5 في المئة، وهي زيادة هائلة، تُضاهيها الآن جميع الدول الأعضاء الأخرى في الحلف. إمكانية التنبؤ بعدم القدرة على التنبؤ ليس ترامب أول رئيس أمريكي يتبنى مبدأ عدم القدرة على التنبؤ. ففي عام 1968، عندما كان الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون يحاول إنهاء حرب فيتنام، وجد عدوه (فيتنام الشمالية) عنيداً. يقول مايكل ديش، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة نوتردام: "في مرحلة ما، قال نيكسون لمستشاره للأمن القومي هنري كيسنجر: 'عليك أن تُخبر المفاوضين الفيتناميين الشماليين بأن نيكسون مجنون، وأنك لا تعرف ما الذي سيفعله، لذا من الأفضل أن يتوصلوا إلى اتفاق قبل أن تتفاقم الأمور'". ويضيف: "هذه هي نظرية الرجل المجنون". تتفق جولي نورمان، أستاذة العلوم السياسية في كلية لندن الجامعية، على وجود مبدأ عدم القدرة على التنبؤ. وتُجادل قائلةً: "من الصعب جداَ معرفة ما سيحدث بين يوم وآخر. وهذا هو نهج ترامب دائماً". نجح ترامب في استغلال سمعته كرجل متقلب المزاج لتغيير العلاقة الدفاعية عبر الأطلسي. ويبدو أن بعض القادة الأوروبيين، للحفاظ على دعم ترامب، قد أثنوا عليه وتملقوه. كانت قمة الناتو الشهر الماضي في لاهاي بمثابة تمرين على التودد المذل. وكان الأمين العام لحلف الناتو، مارك روته، قد أرسل في وقت سابق رسالة نصية إلى الرئيس ترامب أو "عزيزي دونالد"، كما سربها ترامب. وكتب: "تهانينا، وشكراً لك على عملكم الحاسم في إيران، لقد كان استثنائياً حقاً". حول الإعلان المرتقب عن موافقة جميع أعضاء الناتو على زيادة الإنفاق الدفاعي إلى 5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، تابع قائلاً: "ستحققون شيئاً لم يستطع أي رئيس (أمريكي) تحقيقه لعقود". وقال أنتوني سكاراموتشي، الذي شغل سابقاً منصب مدير الاتصالات في إدارة ترامب في ولايته الأولى: "السيد روته، إنه يحاول إحراجك يا سيدي. إنه يجلس حرفياً على متن طائرة الرئاسة (الأمريكية) ويضحك عليك". وقد يكون هذا هو نقطة الضعف في جوهر مبدأ ترامب "عدم القدرة على التنبؤ": فقد تكون أفعالهم مبنية على فكرة أن ترامب يتوق إلى الإطراء، أو أنه يسعى إلى تحقيق مكاسب قصيرة الأجل، مفضلاً إياها على العمليات الطويلة والمعقدة. إذا كان هذا هو الحال وكان افتراضهم صحيحاً، فإن ذلك يحد من قدرة ترامب على ممارسة الحيل لخداع خصومه - بل إنه يمتلك سمات شخصية راسخة وموثقة بوضوح أصبحوا على دراية بها. ثم هناك سؤالٌ، حول ما إذا كان مبدأ عدم القدرة على التنبؤ أو نظرية الرجل المجنون سينجحان مع الخصوم. الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الحليف الذي تعرض لتوبيخ شديد من ترامب وفانس في المكتب البيضاوي، وافق لاحقاً على منح الولايات المتحدة حقوقاً مربحة لاستغلال الموارد المعدنية الأوكرانية. من ناحية أخرى، يبدو أن فلاديمير بوتين لا يزال غير متأثر بسحر ترامب وتهديداته على حد سواء. يوم الخميس، عقب مكالمة هاتفية، قال ترامب إنه "يشعر بخيبة أمل" لعدم استعداد بوتين لإنهاء الحرب ضد أوكرانيا. وماذا عن إيران؟ وعد ترامب قاعدته الشعبية بأنه سينهي التدخل الأمريكي في "حروب الشرق الأوسط التي لا تنتهي". ولعل قراره بضرب المنشآت النووية الإيرانية كان الخيار السياسي الأكثر تقلباً في ولايته الثانية حتى الآن. والسؤال هو: هل سيحقق هذا القرار التأثير المنشود؟ يرى وزير الخارجية البريطاني الأسبق، ويليام هيغ، أن ذلك سيؤدي إلى عكس المنشود تماماً: "سيزيد، ولا يقلل، من احتمال سعي إيران لامتلاك أسلحة نووية". ويتفق البروفيسور مايكل ديش، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة نوتردام، مع هذا الرأي. يقول: "أعتقد أنه من المرجح جداً الآن أن تتخذ إيران قراراً بالسعي لامتلاك سلاح نووي. لذا لن أتفاجأ إذا ما التزموا الصمت وبذلوا قصارى جهدهم لإكمال دورة الوقود النووي الكاملة وإجراء تجربة نووية". "أعتقد أن درس صدام حسين ومعمر القذافي لم يغب عن بال الطغاة الآخرين، الذين يواجهون الولايات المتحدة، واحتمال تغيير أنظمتهم..." "لذا سيشعر الإيرانيون بشدة بالحاجة إلى رادع نهائي، وسينظرون إلى صدام والقذافي كمثالين سلبيين، وكيم جونغ أون، زعيم كوريا الشمالية، كمثال إيجابي". ومن السيناريوهات المحتملة تماسك الجمهورية الإسلامية، وفقا لـ محسن ميلاني، أستاذ العلوم السياسية بجامعة جنوب فلوريدا ومؤلف كتاب "صعود إيران وتنافسها مع الولايات المتحدة في الشرق الأوسط". ويقول: "في عام 1980، عندما هاجم صدام حسين إيران، كان هدفه انهيار الجمهورية الإسلامية. ما حدث هو العكس تماماً". "كانت هذه هي الحسابات الإسرائيلية والأمريكية أيضاً... إذا تخلصنا من كبار القادة، فستستسلم إيران بسرعة أو سينهار النظام بأكمله". فقدان الثقة في المفاوضات؟ بالنظر إلى المستقبل، قد لا تُجدي عدم القدرة على التنبؤ نفعاً مع الخصوم، ولكن من غير الواضح ما إذا كان من الممكن الحفاظ على التحولات الأخيرة التي أحدثتها بين الحلفاء. وإن كانت هذه العملية ممكنة، إلا أنها مبنية إلى حد كبير على الاندفاع. وقد يكون هناك قلق من أن يُنظر إلى الولايات المتحدة كوسيط غير موثوق. تقول البروفيسور جولي نورمان: "لن يرغب الناس في التعامل مع الولايات المتحدة إذا لم يثقوا بها في المفاوضات، وإذا لم يكونوا متأكدين من أنها ستدعمهم في قضايا الدفاع والأمن". "لذا، أعتقد أن العزلة التي يسعى إليها الكثيرون في عالم ماغا - حركة ماغا (لنجعل أمريكا عظيمة مجدداً) المؤيدة لترامب - ستأتي بنتائج عكسية". قال المستشار الألماني فريدريش ميرتس، على سبيل المثال، إن أوروبا بحاجة الآن إلى أن تصبح مستقلة عملياً عن الولايات المتحدة. يقول البروفيسور تروبويتز: "تكمن أهمية تعليق المستشار الألماني في أنه إدراكٌ لتغير الأولويات الاستراتيجية الأمريكية. لن تعود هذه الأولويات إلى ما كانت عليه قبل تولي ترامب منصبه". "لذا، نعم، سيتعين على أوروبا أن تصبح أكثر استقلالية عملياً". يجادل البروفيسور ديش بأن هذا سيتطلب من الدول الأوروبية تطوير صناعة دفاع أوروبية أكبر بكثير، للحصول على معدات وقدرات لا تمتلكها حالياً سوى الولايات المتحدة. على سبيل المثال، يمتلك الأوروبيون بعض القدرات الاستخباراتية العالمية المتطورة، كما يقول، لكن الولايات المتحدة تزودهم بالكثير منها. ويتابع: "إذا اضطرت أوروبا إلى الاعتماد على نفسها، فستحتاج أيضاً إلى زيادة كبيرة في قدرتها على إنتاج الأسلحة بشكل مستقل. ستكون القوى العاملة أيضاً مشكلة. سيتعين على أوروبا الغربية أن تنظر إلى بولندا لمعرفة مستوى القوى العاملة التي ستحتاجها". سيستغرق بناء كل ذلك سنوات. فهل دفع عدم القدرة على التنبؤ بتصرفات ترامب الأوروبيين، حقاً، إلى إجراء أكبر تغيير جذري في البنية الأمنية للعالم الغربي منذ نهاية الحرب الباردة؟ يقول البروفيسور تروبويتز: "لقد ساهم ذلك في الأمر بالفعل. لكن الأهم من ذلك، أن ترامب قد كشف النقاب عن أمرٍ ما... لقد تغيرت السياسة في الولايات المتحدة. تغيرت الأولويات. بالنسبة لتحالف ماغا، تُمثل الصين مشكلة أكبر من روسيا. ربما لا ينطبق هذا على الأوروبيين". ووفقاً للبروفيسور ميلاني، يحاول ترامب ترسيخ النفوذ الأمريكي في النظام العالمي. "من المستبعد جداً أن يُغير النظام الذي نشأ بعد الحرب العالمية الثانية. إنه يريد ترسيخ مكانة أمريكا فيه، لأن الصين باتت تُشكل تحدياً لها". لكن كل هذا يعني أن ضرورات الدفاع والأمن التي تواجهها الولايات المتحدة وأوروبا متباينة. قد يكون الحلفاء الأوروبيون راضين عن أنهم، من خلال الإطراء والتحولات السياسية الحقيقية، قد حافظوا على ترامب في صفهم بشكل عام، لقد أعاد، في نهاية المطاف، تأكيد التزامه بالمادة الخامسة في أحدث قمة لحلف الناتو. لكن عدم القدرة على التنبؤ يعني استحالة ضمان ذلك - ويبدو أنهم قد تقبلوا أنه لم يعد بإمكانهم الاعتماد على الولايات المتحدة، للوفاء بالتزامها التاريخي بالدفاع عنهم. وبهذا المعنى، حتى لو كانت عقيدة - عدم القدرة على التنبؤ - نابعة من مزيج من الاختيار الواعي وسمات شخصية ترامب الحقيقية، فإنها تُجدي نفعاً، على الأقل، على الأقل مع البعض.