logo
ما سبل وقف خسائر شركة الكهرباء الوطنية؟

ما سبل وقف خسائر شركة الكهرباء الوطنية؟

الغدمنذ 3 أيام
رهام زيدان
اضافة اعلان
عمان- بينما يتصاعد التحذير من استمرار تفاقم خسائر شركة الكهرباء الوطنية يؤكد خبراء ضرورة إجراء إصلاح شامل يطال كلف الإنتاج وعقود الشراء والبنية التحتية لتوليد ونقل الكهرباء.يأتي هذا في وقت ارتفع فيه إجمالي الخسائر المتراكمة لشركة الكهرباء الوطنية إلى نحو 6.2 مليار دينار في نهاية العام الماضي مقارنة مع نحو 5.7 مليار في نهاية العام الذي سبقه، بزيادة نسبتها 9 %.وقال الخبير في شؤون الطاقة د. فراس بلاسمة إن "الحكومة وشركة الكهرباء الوطنية مطالبتان بالانتقال من "نهج رد الفعل" إلى "نهج التمكين" من خلال إعادة تعريف دور شركة الكهرباء الوطنية (NEPCO) كمشغل وناقل ذكي للطاقة، بدلا من استمرارها كجهة تمويلية تتحمل الخسائر".وبين أن الوضع الحالي لم يعد يحتمل المزيد من التأجيل، خصوصا أن الإجراءات الإصلاحية التي أقرت في السابق، مثل إعادة هيكلة التعرفة وتوسيع مشاريع الطاقة المتجددة، لم تؤتِ ثمارها بعد، إذ استمرت الخسائر في التصاعد.وبين البلاسمة أن هذه الخسائر ترجع إلى مجموعة من الأسباب المركبة، في مقدمتها ارتفاع كلفة توليد الكهرباء مقارنة بسعر البيع، إذ تشتري NEPCO الكهرباء من شركات التوليد بموجب عقود طويلة الأمد، معظمها بأسعار مرتفعة نسبيا، ثم تبيعها بأسعار مدعومة للمستهلك النهائي، ما يؤدي إلى عجز مالي في كل كيلوواط-ساعة يباع.كما أن الاعتماد الكبير على الغاز المصري والغاز الطبيعي المسال (LNG) جعل الشركة عرضة لتقلبات الأسعار العالمية، في ظل عقود توريد تفتقر إلى المرونة الفورية، ما يعيق الاستجابة السريعة لتغيرات السوق.يضاف إلى ذلك، أن الشبكة الوطنية لم تتطور بالسرعة المطلوبة لمواكبة التوسع في مشاريع الطاقة المتجددة، ما تسبب في فقدان كميات كبيرة من الكهرباء المولدة من الشمس والرياح نتيجة عدم القدرة على استيعابها، وهو ما يعرف بظاهرة "curtailment"، أي تقليص الإنتاج رغم توفره، وبالتالي خسارة طاقة مجانية ذات جدوى اقتصادية.كذلك، فإن غياب الاستثمارات الكافية في تقنيات تخزين الكهرباء أو أنظمة إدارة الأحمال الذكية عمّق من حجم الخسائر، خصوصا في أوقات الذروة أو عند حدوث فائض في الإنتاج لا يمكن الاستفادة منه.وقال بلاسمة إن "بنية التعرفة الكهربائية ما تزال تعاني من بطء في الإصلاح وعدم تحقيق العدالة بين القطاعات، إذ يستمر الدعم في الوصول إلى فئات لا تستحقه، مع وجود تردد واضح في تعديل تعرفة الكهرباء للقطاعين الصناعي والتجاري بما يعكس الكلفة الحقيقية للطاقة".في موازاة ذلك، فإن التأخر في تنفيذ مشاريع الربط الكهربائي الإقليمي مع دول الجوار مثل العراق وفلسطين ولبنان وسورية، حال دون تصدير الفائض الكهربائي وتخفيف الخسائر المتراكمة بحسب بلاسمة.وحدد بلاسمة مجموعة من الإجراءات العاجلة التي لا بد من تنفيذها دون تأخير، أولها، إعادة هيكلة عقود شراء الطاقة من خلال التفاوض المباشر مع شركات التوليد لتعديل البنود الموقعة في ظل تغيرات السوق، والسعي لدمج مصادر الطاقة المتجددة مع أنظمة تخزين الطاقة لتقليل الاعتماد على المصادر مرتفعة الكلفة.كما أشار إلى أن تسريع الاستثمار في مشاريع تخزين الكهرباء بات ضروريا، سواء عبر إنشاء محطات بطاريات كبيرة أو ضخ استثمارات في مشاريع التخزين المائي (الضخ والتوليد)، بما يساهم في تقليل الفاقد وتحقيق مرونة أكبر في المنظومة.ويرى بلاسمة أنه من الضروري أيضا إعادة تصميم تعرفة الكهرباء لتحقيق عدالة اجتماعية واقتصادية، شريطة ألا تتحمل NEPCO وحدها كلفة الفروقات، بل أن يتم استهداف الدعم بدقة وتوجيهه للفئات المستحقة فقط.كما اقترح بلاسمة تحويل شركة الكهرباء الوطنية إلى منصة إقليمية لتجارة الكهرباء، بما يمكنها من التحول من نموذج "الوسيط المالي الخاسر" إلى مشغل ومصدر للطاقة على مستوى الإقليم، من خلال تسريع الربط الكهربائي الإقليمي وتوفير سوق مرنة داخل الأردن وخارجه.وبين أيضا أن منظومة الإصلاح لا تكتمل دون تطوير الحوكمة وتعزيز الشفافية، من خلال مراجعة الأداء المالي والإداري بانتظام، ونشر تقارير فصلية مفصلة تحلل مصادر الخسارة وتعرض النتائج المالية للمجتمع وصنّاع القرار بشفافية.وحذر د. فراس بلاسمة من أن استمرار الوضع الحالي دون تدخل جذري لن يكون ممكنا لأكثر من سنة إلى سنتين، وإلا فإن التداعيات ستطال المالية العامة للدولة، وتقوّض الجدوى الاقتصادية لمشاريع الطاقة.من جهته، قال عضو مجلس إدارة جمعية إدامة للطاقة والبيئة والمياه د. ماهر مطالقة "استنادا إلى البيانات والمعلومات الواردة، يمكن تلخيص أبرز أسباب خسائر شركة الكهرباء الوطنية (نيبكو) في عام 2024 في الخسائر المالية الناتجة عن الدين والفوائد، حيث بلغت الخسائر المالية الناجمة عن الدين وفوائد القروض نحو 204 ملايين دينار، وهي تمثل أحد أبرز أسباب تدهور الوضع المالي للشركة".ويعزى جزء كبير من هذا الدين إلى استجابة الحكومة لأزمة الغاز خلال فترة "الربيع العربي"، حيث تم تحميل نيبكو ديونا سياسية لم تكن مسؤولة عنها بشكل مباشر. واقترح مطالقة في هذا السياق إعادة هيكلة هذا الدين من خلال نقل عبء التمويل إلى وزارة المالية، بما يسهم في تخفيف الأعباء عن الشركة وتحسين أحكامها المالية.يضاف إلى ذلك، بحسب مطالقة الدعم الاجتماعي غير المباشر الموجه للقطاع المنزلي، حيث تتحمل نيبكو سنويا نحو 132 مليون دينار كخسائر ناجمة عن دعم تعرفة الكهرباء للقطاع المنزلي، وهي تمثل ما نسبته 59 % من إجمالي الخسائر التشغيلية.وهذا يستدعي التوصية باستبدال هذا الدعم غير المباشر بمساعدات مالية مباشرة موجهة للفئات المستحقة ضمن برامج الحماية الاجتماعية، ما يسمح بإزالة التشوهات من هيكل التعرفة وتخفيف الأعباء التشغيلية دون الإضرار بالمواطنين محدودي الدخل.وحول فجوة الأسعار الناتجة عن عقد توليد كهرباء العطارات، تقدّر خسائر نيبكو الناتجة عن دخول مشروع العطارات بالكامل بنحو 144 مليون دينار سنويا بسبب سعر التوليد المرتفع مقارنة بتكلفة المصادر الأخرى، وهو ما شكّل عبئا إضافيا على ميزانية الشركة، بحسب مطالقة، الذي أكد في ذات الوقت أن المشروع أثبت، عند انقطاع الغاز من البحر الأبيض المتوسط، أهمية إستراتيجية في الحفاظ على أمن الطاقة.واقترح تصحيح هذا الخلل من خلال إحلال الغاز الطبيعي المحلي أو المستورد محل الكهرباء المولدة من العطارات أو تصدير الفائض من الغاز بأسعار مجدية إلى الأسواق المجاورة مثل مصر ولبنان، مستفيدا من فرق الأسعار العالمي.توفير 700 مليون دينار سنوياوتشير التقديرات، وفقا لمطالقة، إلى أن معالجة الأسباب الثلاثة الرئيسية للخسائر (الديون، الدعم، عقد العطارات) يمكن أن تحقق وفورات سنوية تتجاوز 700 مليون دينار.ومن ضمن التوصيات أيضا تسريع تطوير حقل الريشة وربطه بالبنية التحتية الإقليمية للغاز، بما يتيح تصدير الفائض بسعر لا يقل عن 6 دولارات لكل مليون وحدة حرارية.كما أن تمكين نيبكو لتكون بائعا ومصدرا للغاز، بدلا من كونها مجرد مشتر، سيوفر تدفقات نقدية إضافية ويعيد رسم دورها كمشغل ذكي للطاقة وليس كجهة تمويلية خاسرة.من جهته، قال وزير تطوير القطاع العام الأسبق د. ماهر مدادحة إن "أرقام العجز المسجلة لا تدل على خسائر بمقدار ما هي تغطية للدعم الذي تقدمه الحكومة للتعرفة الكهربائية".ورأى مدادحة أنه من أجل الوصول إلى مرحلة التعادل لدى الشركة، لا بد من إعادة النظر بهيكل التعرفة الكهربائية، والذي يرتب الخسائر على شركة الكهرباء الوطنية مع أن ذلك يلحقه تبعات اقتصادية واجتماعية.كما أشار مدادحة إلى ضرورة حل قضية كبار الزبائن الذين خرجوا من النظام الكهربائي بعد تشغيلهم أنظمة طاقة شمسية خاصة بهم، وما تسبب به ذلك من خسارة في النظام الكهربائي، بحيث يتم تحميلهم جزءا من التكلفة التي كانوا يتحملونها سابقا، حيث يحتفظ النظام الكهربائي باحتياطي لهم لاستخدامه في أوقات الطوارئ أو توقف الأنظمة الشمسية التي يشغلونها.وبحسب بيانات الشركة، بلغت خسائر "الكهرباء الوطنية" خلال عام 2024 ما يقارب 427.7 مليون دينار، مقارنة بنحو 410.9 مليون دينار في عام 2023، في وقت بلغ فيه إيراد الطاقة نحو 1.5 مليار دينار، مقارنة بنحو 1.4 مليار دينار في العام السابق. كما ارتفعت تكلفة الكيلوواط/ساعة المباعة إلى 89.5 فلس في 2024، مقارنة مع 88.8 فلس في العام السابق، في حين زادت إيرادات الطاقة إلى 69.0 فلس لكل كيلو واط ساعة مقابل 67.7 فلس لكل كيلو واط ساعة. أما نسبة صافي خسارة التشغيل لعام 2024 فقد بلغت نحو 17.41 % مقارنة بـ نحو 14.3 % في عام 2023.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

العزام تفتتح ورشة 'هي تقود' وتدعو إلى بيئة أكثر إنصافًا في قطاع الطاقة -صور
العزام تفتتح ورشة 'هي تقود' وتدعو إلى بيئة أكثر إنصافًا في قطاع الطاقة -صور

رؤيا نيوز

timeمنذ 20 دقائق

  • رؤيا نيوز

العزام تفتتح ورشة 'هي تقود' وتدعو إلى بيئة أكثر إنصافًا في قطاع الطاقة -صور

تحت رعاية أمين عام وزارة الطاقة والثروة المعدنية المهندسة أماني العزام، انطلقت اليوم الخميس، أعمال ورشة عمل ' هي تقود: تمكين، رؤية، نهوض في مستقبل النساء في قطاع الطاقة في الأردن' التي أقيمت في إطار الشراكة الأردنية – الألمانية في مجال الطاقة، وبمشاركة من الوكالة الألمانية للطاقة (dana) وبالتعاون مع جمعية إدامة للطاقة والمياه والبيئة. وشكرت العزام في كلمتها الافتتاحية جمعية إدامة والجانب الألماني، مؤكدة أن الفعالية تجسّد الحاجة الملحة لتسليط الضوء على واقع المرأة في قطاع الطاقة واستكشاف آفاق تمكينها وتعزيز مشاركتها كمؤثر وصانع قرار في مستقبل القطاع. وبينت العزام أن الأردن قطع خطوات مشهودة في تطوير قطاع الطاقة، مبدية تفاؤلها. ازاء التوجهات الداعمة مثل قانون البيئة الاستثمارية الذي يمنح حوافز للاستثمارات التي توفر فرص عمل للنساء والشباب، إلى جانب رؤية التحديث الاقتصادي التي تستهدف مضاعفة نسبة العمالة النسائية في الأردن بحلول عام 2033. وأوضحت أنه بالرغم من التقدم الملحوظ في نسبة النساء العاملات في القطاع إلا أن التحديات قائمة في تفاصيل العمل اليومي، كما نلمس فجوات في الممارسات التي تتعلق بغياب الإنصاف في نقل المعرفة، وضعف تكليف النساء بالمهام التي تصقل المهارات، إلى جانب محدودية تمثيل النساء في المواقع القيادية. وختمت العزام، أن الورشة وغيرها من الفعاليات تمثل منصة للحوار ومساحة للعمل بهدف تشخيص التحديات ووضع خطوات عملية نحو بيئة أكثر انصافا، وقطاع طاقة أكثر شمولا يقوده الجميع. من جانبه قال نائب رئيس جميعة إدامة وعضو الجمعية سامر جودة إن مشهد ضعف مشاركة السيدات موجود بمختلف القطاعات، مشيرا إلى أبرز الأسباب المتمثلة بالثقافة المجتمعية، وسوء النقل العام للقاطنات خارج مراكز المحافظات . وبين جودة أن الورشة هامة للسيدات القادرات على تولي مناصب قيادية مهمة، لافتا إلى ضرورة تمكين المرأة لزيادة فاعليتها في سوق العمل. وشدد أن مسؤولية رفع نسبة مشاركة السيدات في سوق العمل تقع على عاتق الجميع، مما يتطلب استثمار الخبرات والمهارات الكبيرة الموجودة لدى القطاع النسائي في الأردن. وناقشت الورشة عدة أوراق متخصصة وشملت فقرات تفاعلية قدمتها سيدات من مؤسسات القطاعين العام والخاص ومؤسسات المجتمع المدني، عرضن خلالها تجاربهن في سوق العمل بقطاع الطاقة.

حسّان: أمام العقبة مشاريع استراتيجية تتطلب جهودا مضاعفة لدعمها وتنفيذها
حسّان: أمام العقبة مشاريع استراتيجية تتطلب جهودا مضاعفة لدعمها وتنفيذها

رؤيا نيوز

timeمنذ ساعة واحدة

  • رؤيا نيوز

حسّان: أمام العقبة مشاريع استراتيجية تتطلب جهودا مضاعفة لدعمها وتنفيذها

أكد رئيس الوزراء جعفر حسّان خلال ترؤسه اجتماعاً ضم رئيس وأعضاء مجلس مفوضي سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة أن العقبة أمامها فرص كبيرة ومشاريع استراتيجية، وهذا يتطلب جهوداً مضاعفة لدعمها وتنفيذها. وقال إن التفكير في العقبة يجب أن ينطلق من كونها نموذجاً متطوراً لأردن المستقبل، وأن نطبق فيها جميع التقنيات والأنظمة والتجارب العالمية الناجحة وبأعلى مستوى، لتكون نماذج تعمَّم على مستوى المملكة.

حسّان يضع حجر الأساس لمشروع إنشاء خزانين للغاز البترولي المسال في مستودعات مصفاة البترول في العقبة -صور
حسّان يضع حجر الأساس لمشروع إنشاء خزانين للغاز البترولي المسال في مستودعات مصفاة البترول في العقبة -صور

رؤيا نيوز

timeمنذ ساعة واحدة

  • رؤيا نيوز

حسّان يضع حجر الأساس لمشروع إنشاء خزانين للغاز البترولي المسال في مستودعات مصفاة البترول في العقبة -صور

وضع رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسّان يضع حجر الأساس لمشروع إنشاء خزانين للغاز البترولي المسال في مستودعات شركة مصفاة البترول الأردنية في ‫ العقبة ‬، بسعة 2000 طن متري، وبكلفة تزيد عن 15 مليون دينار؛ بهدف تعزيز منظومة تخزين وتوزيع الغاز البترولي المسال، وتقليل الكلف التشغيلية المتعلقة بنقله، والمساهمة في تعزيز أمن التزود بالطاقة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store