logo
مهرجان عمّان السينمائي بدورته السادسة... حكايات متحررة من القيود في «عالم خارج النص»

مهرجان عمّان السينمائي بدورته السادسة... حكايات متحررة من القيود في «عالم خارج النص»

الشرق الأوسط٢٤-٠٦-٢٠٢٥
في دورته السادسة، اختار «مهرجان عمّان السينمائي الدولي - أوّل فيلم» شعار «عالم خارج النص» ليحتفي بـ«السينما العربية الصادقة والعفوية والمتحررة من القيود، وبالقصص الخارجة عن المألوف»، وفق مديرة المهرجان والشريكة المؤسسة ندى دوماني.
«هو شعارٌ ابنُ اللحظة الحرجة التي تمر بها المنطقة، وقد استوحي من الأحداث الإقليمية والعالمية غير المتوقعة، التي قلبت الصورة وخرجت عن النص. لكن رغم الصواريخ التي يهتزّ الإقليم على وقعها، فإنّ مهرجان عمّان مستمرّ ولم يعدّل برمجته حتى الساعة، على أن تمتدّ فعالياته بين 2 و10 يوليو (تموز) في العاصمة الأردنية»؛ حسب إشارة دوماني. «من الضروري أن نواصل النشاطات الثقافية التي تنقل سرديتنا وتؤكد هويتنا وتُسمع العالم صوتنا... بعيداً عن المظاهر الاحتفالية تقديراً لما يجري. المطلوب أكثر من أي وقت، أن نرفع راية الفن والثقافة في هذه الظروف العسيرة والتصدّي لمحاولات طمسها»، تقول دوماني في حديثها مع «الشرق الأوسط».
اختار المهرجان شعار «عالم خارج النص» احتفاءً بسينما عربية متحررة من القيود (إدارة المهرجان)
يفتح المهرجان، الذي ترأسه الأميرة ريم علي، صالات ثلاث دور عرض أساسية في عمّان أمام أكثر من 60 فيلماً آتياً من 23 دولة، إضافة إلى عروضٍ تجول على محافظات المملكة. ومن بين تلك الأفلام 16 في عرضها العالمي الأول. مع العلم بأن أحد عناصر فرادة مهرجان عمّان السينمائي يكمن في أنه يركّز على الإنجازات السينمائية الأولى لصانعي الأفلام، سواء أكان بالنسبة إلى المخرج(ة) أو الممثل(ة) أو المونتير(ة). وفي هذا الإطار، تؤكد دوماني أن «السينما العربية تثبت سنة تلو أخرى أنها تقدّم أفضل الأفلام في سياق التجارب الأولى».
من العالم العربي، مروراً بأوروبا، وصولاً إلى الولايات المتحدة الأميركية وليس انتهاءً بالشرق الأقصى، تتعدّد هويات الأفلام الوافدة إلى مهرجان عمّان. لكن المشترك فيما بينها أنها تعكس جميعاً شعار «عالم خارج النص»، بما أنها تروي قصصاً خارجة عن المألوف. وفي لمحة عن المحتوى الذي ينتظر روّاد المهرجان، تلفت دوماني إلى أن «الدورة السادسة تسلّط الضوء على أصوات تكتب خارج السطر، وعلى شخصيات لا تنصاع لمسارات درامية مألوفة، بل تتكلم صمتاً بقَدر ما تنطق كلاماً».
رئيسة المهرجان الأميرة ريم علي ومديرته ندى دوماني (إدارة المهرجان)
ما بين الأفلام الروائية العربية الطويلة، وتلك الوثائقية، والقصيرة، والأعمال غير العربية، تَعِدُ الأفلام بألّا تلمّع الواقع، بل أن تنيره وترفع أصواتاً تكسر القوالب التقليدية. «ما سنشاهده هو سينما تشبه الحياة، لكنها لا تقلّدها بل تعيشها»، وفق تعبير دوماني.
تشمل هذه الدورة من مهرجان عمّان السينمائي 4 مسابقات رسمية، تُمنح فيها جوائز «السوسنة السوداء» لأفضل فيلم عربي روائي طويل، ولأفضل وثائقي عربي طويل، ولأفضل فيلم عربي قصير، ولأفضل فيلم غير عربي.
في خانة الأفلام العربية الروائية الطويلة، تتنافس 10 أفلام من بينها «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو»، و«دخل الربيع يضحك» من مصر. أما من فلسطين، فيشارك فيلما «إلى عالم مجهول»، و«شكراً لأنك تحلم معنا»، وثمة مشاركة سينمائية لافتة من الصومال مع فيلم «قرية قرب الجنّة»، إضافة إلى أفلام من العراق، والأردن، وتونس، والجزائر.
تتنافس 10 أفلام عربية روائية طويلة على جائزة السوسنة السوداء (إنستغرام)
تشمل فئة الأفلام الوثائقية 7 أعمال من كل من مصر، ولبنان، وسوريا، والأردن، والمغرب. أما الأفلام العربية القصيرة المتنافسة على جائزة السوسنة السوداء فوصل عددها إلى 19. وللسينما غير العربية حصتها كذلك، من خلال 7 أفلام متنافسة وهي من النرويج، وسويسرا، وجمهورية التشيك، والهند، واليابان، وكندا، والولايات المتحدة.
لن تقتصر الجوائز على تلك التي تمنحها اللجان التحكيمية المؤلّفة من شخصيات مخضرمة في عالم السينما، بل تنسحب على تلك التي يقررها الجمهور مانحاً صوته لأفضل فيلم ضمن الفئات الأربع المتنافسة.
ولإضفاء مزيدٍ من الثراء إلى محتوى المهرجان، وبهدف تقديم خيارات أكثر للجمهور، استحدث هذا العام قسمان غير تنافسيين يضمان أفلاماً لا تقع ضمن شروط المسابقات. يضم القسم الأول من الأفلام خارج المسابقة 13 فيلماً عربياً، معظمها يوثّق حكاياتٍ طالعة من المأساة الفلسطينية، ومن قلب جرح غزة تحديداً.
يشهد المهرجان كما في دورته السابقة إضاءات خاصة على أفلام آتية من غزة (إنستغرام)
تتحدّث دوماني بإسهاب عن هذه الفسحة السينمائية المميزة، التي تفتح هامشاً واسعاً للأفلام الفلسطينية «في تحية خاصة لصمود الغزيين وإبداعهم». تلفت مديرة المهرجان إلى أن غالبية تلك الأعمال «تروي قصصاً شخصية خارجة عن المتوقع من يوميات العيش في غزة». من بين هذه الأفلام، «المهمة» في عرضه العالمي الأول، وهو من إخراج اثنين من الكوادر الطبية في غزة فضّلا الإبقاء على اسمَيهما طي الكتمان. ويواكب الفيلم الجرّاح العراقي د. محمد طاهر خلال مهمته التطوّعية لإنقاذ الناس في غزة.
من الأعمال المنتظرة كذلك، «يلا باركور» للمخرجة الفلسطينية عريب زعيتر، التي عادت إلى غزة ليس لتصوير فيلمها الأول فحسب، بل لترميم جذورها وسط الدمار الشامل. إلى جانبها يعدو أحمد، بطل سباق «الباركور» الذي يتخطّى عثرات غير اعتيادية ليصل إلى وجهته، تحت عدسة زعيتر.
من الأعمال المشاركة عن فئة الأفلام غير المتنافسة (إنستغرام)
وفي القسم الثاني من الأفلام غير المتنافسة، إضاءة على السينما الآيرلندية بمناسبة اختيار آيرلندا «البلد ضيف الشرف» لهذه الدورة. وفي هذا السياق، يحل المخرج الآيرلندي جيم شيريدان صاحب الإنجازات السينمائية العالمية، ضيف شرف على المهرجان ليتحدّث إلى الجمهور ضمن فعالية «الأول والأحدث». رحلة 36 عاماً من الإبداع انطلقت مع فيلم «My Left Foot»، وكان آخر ثمارها فيلم «Re - Creation» من إنتاج عام 2025.
يحل المخرج الآيرلندي العالمي جيم شيريدان ضيف شرف على مهرجان عمّان السينمائي هذا العام (إدارة المهرجان)
إلى جانب العروض والمسابقات، يحتفي مهرجان عمّان بالسينما العربية الصاعدة على طريقته، متحوّلاً إلى ملتقى للمواهب الواعدة. فإحدى المحطات الأساسية ضمن الحدث الثقافي هي «أيام عمّان لصنّاع الأفلام»، حيث تقدّم لجنة متخصصة من مهنيين في قطاع السينما جوائز مالية وعينية لمشاريع عربية في مرحلتَي التطوير وما بعد الإنتاج. كما تتضمّن أنشطة «أيام عمّان» طاولات مستديرة وورش عمل وتدريب مع متخصصين من عالم السينما.
وفي إضافة جديدة هذا العام، تنطلق سلسلة «The Spark Series»، وهي المبادرة الأولى من نوعها في العالم العربي، لتسليط الضوء على مسلسلات الويب بوصفها مجالاً سردياً مبتكراً وسهل الوصول، يفتح آفاقاً جديدة أمام صناعة المحتوى.
أيام عمّان لصنّاع الأفلام مساحة تفتح أبواب الإبداع للمواهب العربية الشابة (إدارة المهرجان)
مهما تعدّدت الأنشطة وتجدّدت ضمن مهرجان عمّان السينمائي، فهي تسعى كلها إلى تقريب المسافات بين صانعي الأفلام من أينما أتوا. عن هذه الخصوصية تتحدّث ندى دوماني قائلة: «هو مهرجان أفقي وليس عمودياً، أي أنه يتيح الاختلاط بين الضيوف ولا يعزلهم عن بعضهم البعض. وهذا يسمح ببناء شبكات من العلاقات المهنية التي تفتح فرص التعاون، وهكذا يجري دعم السينما العربية بشكل فعلي».
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

120 عاماً من ذاكرة حائل.. بين الصفاقات وغطاط.. قراءة في وجدان برزان
120 عاماً من ذاكرة حائل.. بين الصفاقات وغطاط.. قراءة في وجدان برزان

عكاظ

timeمنذ ساعة واحدة

  • عكاظ

120 عاماً من ذاكرة حائل.. بين الصفاقات وغطاط.. قراءة في وجدان برزان

في لحظة استحضار لزمنٍ لم تغب فيه العمارة عن الذاكرة، وقف نائب أمير منطقة حائل الأمير فيصل بن فهد بن مقرن بن عبدالعزيز، أمام مجسم يحاكي ذاكرة المدينة القديمة، متأملاً تفاصيلها التي نُحتت بعينٍ وفية، وعقلٍ شغوف، ويدٍ حرفية خَبِرت الطين والعروق والنخيل. المجسم الذي احتضنته أروقة بيت حائل التراثي، جسّد مدينة حائل كما كانت، من باب الصفاقات إلى باب غطاط، عابراً بين مسجد برزان، وقصر برزان، وساحة برزان التجارية، وسوق المسحب، وشارع مدرهم، وباب مفرح، وغيرها من المعالم التي حملت نبضاً اجتماعياً وثقافياً لا يزال حياً في الذاكرة الجمعية للمدينة. الخزام.. توثيقٌ بعيون النخيل وراء هذا النموذج التراثي يقف الحرفي عبدالله الخزام، الذي لم يكتفِ بمجرد استحضار صورة معمارية، بل أطلق مشروعاً توثيقياً شاملاً جمع فيه بين مواد البناء التقليدية كالطين، اللبن، جذوع النخل، وسعفها، وبين الزخارف والنقوش المحلية التي زينت جدران المدينة يوماً ما. لم يعتمد الخزام على الذاكرة وحدها، بل عاد إلى المخطوطات التاريخية، وكتب المستشرقين، وشهادات كبار السن، ليحاكي من خلالها صورة واقعية وعلمية للمدينة، توظيفه لنمط البناء المعروف محلياً بـ«العروق» منح المجسم بُعداً جمالياً وواقعياً نادراً، كأن المدينة نُفخت فيها الحياة من جديد، لكن من خلال مصغّر يحتضنه صندوق زجاجي. الهوية العمرانية في قلب المجسم المجسم كان مرآة تعكس الهوية العمرانية لمنطقة حائل، تلك التي تتميز بتفاصيلها الطينية، ونقوشها ذات الرمزية الدينية والاجتماعية، وانفتاحها المتزن على الوافد من أساليب الزخرفة الإسلامية، دون فقدان لخصوصية المكان. كما أتاح المجسم فرصة تعليمية وتاريخية نادرة للأجيال الجديدة لفهم تركيبة المدينة القديمة، كيف كانت تتنفس الحياة من خلال الأسواق، وتضيء بالإيمان في المساجد، وتدير شؤونها من ساحات القصور، وتضبط إيقاعها اليومي عبر أبوابها الشهيرة التي مثلت معابر الذاكرة والعبور. وقوف الأمير فيصل بن فهد لم يكن عابراً، بل يحمل دلالات لقيادة واعية تدرك أن التنمية تبدأ من الجذور، وأن فهم هوية المكان هو المدخل الأصدق لبلورة مستقبل لا ينفصل عن ماضيه. لقد منح المجسم دلالة أبعد من حجمه.. إذ تحوّل إلى وثيقة مرئية تنبض بتاريخ مدينة، وهوية سكان، وأصالة مكان. أخبار ذات صلة

عبدالرحمن وفاطمة يحتفلان بزواجهما
عبدالرحمن وفاطمة يحتفلان بزواجهما

عكاظ

timeمنذ 3 ساعات

  • عكاظ

عبدالرحمن وفاطمة يحتفلان بزواجهما

احتفل محمد صديق تركستاني بزواج نجله عبدالرحمن من الآنسة فاطمة حسين علي البيتي، في إحدى قاعات الاحتفالات بجدة، وسط حضور عدد من الأهل والأصدقاء الذين شاركوا العريس فرحته. وعبّر العريس عن فرحته بتوديعه حياة العزوبية، داعياً الله التوفيق في حياته القادمة. أخبار ذات صلة

الكوميديا السهلة.. فن اللعب على «المضمون»
الكوميديا السهلة.. فن اللعب على «المضمون»

الرياض

timeمنذ 3 ساعات

  • الرياض

الكوميديا السهلة.. فن اللعب على «المضمون»

تشهد السينما السعودية في مرحلتها الجديدة توسعًا واضحًا في الإنتاج، وتسارعًا في الحضور الجماهيري، وتطورًا لافتًا على مستوى التقنيات والرؤية الإخراجية، غير أن هذا التوسع ترافق مع ظاهرة تستدعي التوقف والتأمل، وهي هيمنة الأفلام الكوميدية على المشهد، مقابل تراجع واضح في الأعمال الدرامية الجادة، وغياب شبه تام لأفلام الأكشن والتشويق. الكوميديا ليست مشكلة في ذاتها، بل هي نوع فني له قيمته ورواجه، لكن المشكلة تبدأ حين تصبح الخيار الوحيد أو الغالب، ويتحوّل التنويع إلى مغامرة غير مرحب بها، في حالات كهذه، لا تعكس الكوميديا بالضرورة ثقة المنتج في النوع، بل في كثير من الأحيان تكشف ميلًا للسهولة وتجنبًا لتحديات الفن الحقيقي. المتابع لحركة الإنتاج يلحظ كيف أصبحت الكوميديا خيارًا افتراضيًا لعدد كبير من صنّاع السينما، خاصة في المشاريع التجارية، فهي أسرع تنفيذًا، أقل كلفة، وأكثر سهولة في التسويق والترويج، وغالبًا ما ترتكز على أسماء مألوفة في الأداء الكوميدي، دون الحاجة إلى تطوير معقد في البناء القصصي أو الشخصيات. في المقابل، يتطلب الفيلم الدرامي بنية أقوى، وكتابة دقيقة، وتمثيلًا متزنًا، ورؤية إخراجية قادرة على نقل المشاعر والأفكار من دون أن تغرق في الميلودراما، أما أفلام الأكشن والتشويق، فهي تحتاج إلى مستوى عالٍ من التنسيق البصري، وإنتاج تقني يتطلب موارد وتجهيزات لم تدخل بعد نطاق الاعتياد في السوق المحلي. وهنا تجدر الإشارة إلى أن العامل التجاري حاضر بقوة في هذا المشهد، فالأفلام الكوميدية تضمن إيرادات أسرع، وتحقق دورة حياة تسويقية واسعة، سواء في صالات السينما أو على المنصات، وهذا الميل إلى «ما يبيع» جعل كثيرًا من المنتجين يحجمون عن المجازفة بأعمال من نوع مختلف، مهما كانت قيمتها الفنية أو طموحها الإبداعي. لكن الاقتصار على لون واحد يضعف الصناعة أكثر مما يخدمها، إذ لا يمكن بناء مشهد سينمائي حيّ على نغمة واحدة، ولا يمكن لصوت الكوميديا وحده أن يروي قصص مجتمع متعدد، متغير، يعيش تحولات كبيرة على كل المستويات. غياب الدراما الجادة لا يعني فقط ضياع فرص سرد حكايات ذات عمق، بل يُفقد الجمهور أيضًا القدرة على أن يرى نفسه في مرآة أكثر صدقاً ووضوحاً، أما غياب أفلام الحركة والمغامرة، فهو ترك لمساحة كبيرة من خيال الجيل الجديد لتُشغل من قبل سينمات أخرى لا تعبّر عن لغته أو بيئته. ما تحتاجه السينما السعودية اليوم ليس إعادة تعريف الكوميديا، بل إعادة توازن للمشهد كله، أن يُتاح لكل نوع فني فرصته العادلة، وأن تُكسر القوالب الجاهزة، ويُفتح الباب لقصص منسية، وشخصيات مركبة، وبيئات لم تُروَ بعد، فليس مطلوبًا أن تتوقف الكوميديا، بل أن تتسع الشاشة لتشمل ما هو أعمق وأثرى وأصدق.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store