logo
غزّة في القلب والأردن في الموقف: حين يصبح الثبات هدفًا للذباب الإلكتروني

غزّة في القلب والأردن في الموقف: حين يصبح الثبات هدفًا للذباب الإلكتروني

عمونمنذ 3 أيام
في مشهد إقليمي تتناقص فيه الأصوات الصادقة، وتتعدد الوجوه خلف الأقنعة الرقمية، يثبت الأردن مرة تلو الأخرى أن المواقف لا تُقاس بالضجيج، ولا تُشترى بالمواقف الطارئة، ولا تُخضعها معادلات المصالح المتقلبة. منذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزة، لم يتردد الأردن في الإعلان الواضح، الحازم، والعلني عن موقفه الراسخ، الذي لم يكن يومًا رد فعل، بل امتدادًا لتاريخ طويل من الالتزام السياسي والإنساني تجاه القضية الفلسطينية، وبشكل خاص تجاه غزة المحاصَرة.
يقود جلالة الملك عبد الله الثاني حفظة الله ورعاه، هذا الموقف بشجاعة سياسية نادرة، في عالم تتراجع فيه الدبلوماسية أمام الابتزاز، وتذوب فيه المبادئ تحت ضغط التوازنات الدولية. الملك لم يكتفِ بالإدانات، بل خاض معركة دبلوماسية شرسة في كل منبر دولي، مطالبًا بوقف إطلاق النار، وبتحقيق العدالة للفلسطينيين، ومنددًا بجرائم الحرب التي تُرتكب يوميًا بحق المدنيين، وبخاصة الأطفال والنساء في غزة.
ولم يكن هذا الحراك السياسي منفصلًا عن الفعل الميداني، فقد تحوّل الأردن، بقيادة جلالة الملك وبدعم من القوات المسلحة الأردنية- الجيش العربي، إلى مركز إغاثة إنساني رئيسي، من خلال عشرات الإنزالات الجوية التي نفذها سلاح الجو الملكي لإيصال المساعدات الطبية والغذائية إلى قلب غزة، متحديًا تعقيدات المشهد الميداني وتهديدات الاحتلال، في مشهد يعكس عمق الالتزام، لا مجرد استعراض رمزي.
هذه الإنزالات، التي تواصلت على مدار أشهر، لم تكن فقط دعمًا ماديًا، بل كانت تعبيرًا ملموسًا عن أن الأردن لا يقف على الحياد حين يتعلق الأمر بالكرامة والعدالة. لكن هذا الموقف الصلب لم يمر دون استهداف، وكما هو متوقع في زمن الفوضى المعلوماتية، تسللت إلى الفضاء الرقمي حملات منسقة من الذباب الإلكتروني والأبواق الناعقه، تحاول التشويش على الموقف الأردني، وتعمل وفق أجندات مشبوهة على بث رسائل تشكيك وتخوين، والترويج لروايات خادعة تُظهر الأردن وكأنه غائب أو متخاذل.
والمفارقة أن هذه الحملات لا تستند إلى أي حقائق، بل تُبنى على تحريف الوقائع، واستغلال المشاعر الشعبية الصادقة لنقلها من مسارها الطبيعي إلى مسارات مشبوهة تخدم في النهاية مشروعًا واحداً وهو إضعاف الجبهة الداخلية الأردنية، والطعن في ثقة الأردنيين بمواقف دولتهم.
إن الذباب الإلكتروني ليس ظاهرة عفوية، بل هو أداة في حرب معلوماتية تستهدف الدول المستقرة، وتحاول تفكيك المجتمعات من داخلها، عبر زرع بذور الشك والانقسام والتشكيك في كل جهد وطني. في الحالة الأردنية، هذا الذباب يختار لحظات التلاحم بين الدولة والشعب ليضرب، لأنه يدرك أن تماسُك الموقف الشعبي والرسمي هو مصدر قوة يصعب اختراقه. لذلك، يصبح كل فعل أردني إيجابي لغزة مادة للهجوم، وكل موقف أخلاقي نقطة استهداف، في مشهد يكشف حجم الانزعاج من وجود دولة ما زالت تُبقي على تمسكها بضميرها الوطني والقومي.
ورغم كل هذه المحاولات، فإن الأردن لا يحتاج إلى شهادة من أحد، تاريخه، دم شهدائه، إنجازاته في الميدان، وحضوره السياسي، كلها تنطق نيابة عنه. وهو حين يتحرك من أجل غزة، لا يفعل ذلك من باب الاستعراض أو المنافسة، بل من موقع الأصالة والالتزام. فغزة ليست عبئًا على الأردن، بل شقيقة الدم والمصير. والذين يظنون أنهم قادرون على النيل من هذه العلاقة عبر تغريدات مسمومة أو مقاطع مركبة، لا يعرفون أن هذا الرباط التاريخي أقوى من أن يُخدش.
إن محاولات استهداف الأردن في هذا التوقيت بالذات تكشف أن مواقفه تؤلم، وأن صلابته تُزعج، وأن استقلالية قراره تثير امتعاض من اعتادوا على تحويل الشعوب إلى أدوات في بازار الولاءات. لكن الأردن لن يغيّر بوصلته، لأنه ببساطة لا يقف في معسكر المصالح المتقلبة، بل في معسكر العدالة والإنسانية والمبدأ.
سيبقى الأردنيون، بقيادتهم وجيشهم ومجتمعهم، سندًا لفلسطين، وعمقًا لغزة، ودرعًا لأمن هذا الإقليم الهشّ. وسيمضي الذباب الإلكتروني، مهما علا صوته، إلى حيث تمضي الحملات الفاشلة: في غياهب النسيان، لأن الأوطان التي بنيت على الموقف لا تزعزعها الشائعات، ولا تخترقها الأكاذيب.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

حسان و الصفدي يقدمان العزاء إلى المغفور له بإذن الله (الحاج علي بن محمد المعايطه)
حسان و الصفدي يقدمان العزاء إلى المغفور له بإذن الله (الحاج علي بن محمد المعايطه)

خبرني

timeمنذ دقيقة واحدة

  • خبرني

حسان و الصفدي يقدمان العزاء إلى المغفور له بإذن الله (الحاج علي بن محمد المعايطه)

خبرني - ‎من لا يشكر الناس لا يشكر الله ‎الحمد لله الذي أعطانا فشكرنا، ثم أخذ منا فصبرنا ‎ قدم رئيسا مجلسي الوزراء جعفر حسان والنواب أحمد الصفدي ومدير مكتب الأمير حسين زيد بقاعين، واجب العزاء إلى الدكتور محمد علي المعايطة وذويه و عموم عشائر المعايطه و عشائر الكرك بفقيدهم الحاج علي بن محمد المعايطة وقدم الدكتور جعفر حسان والصفدي واجب العزاء للفقيد ولكافة إخوانه وأسرة آل المعايطة في وفاة فقيد الأردن الكبير. وتقدم الدكتور حسان و الدكتور الصدفي باسمه وباسم وزراء و نواب الأردن كافة بعظيم المواساة لآل المغفور له الحاج علي المعايطة. وأشاد الدكتور حسان و الصدفي بمناقب الفقيد ودوره العسكري و القبلي البارز في المملكة الأردنية الهاشمية. بدوره توجه الدكتور محمد علي المعايطه بعظيم الشكر و والامتنان للدكتور حسان و الدكتور الصدفي ولكافة الشعب الأردني وللعاهل الأردني الملك عبدالله بن الحسين المفدى حفظه الله و ولي العهد سمو الأمير الحسين بن عبد الله على ما حظي به المرحوم من عناية ورعاية خاصة خلال فترة علاجه، والاهتمام الخاص الذي أبدته قيادة وشعب و عشائر المملكة و بشكل خاص عشائر الكرك. ‎نسأل الله تعالى ان يتغمد الفقيد بواسع رحمته و يسكنه فسيح جناته. ‎لا أراكم الله مكروهاً بعزيز وشكر الله سعيكم وجعلها في ميزان حسناتكم ‎ ولا نقول إلا ما يرضي ربنا إنا لله وإنا إليه راجعون... ‎وجزاكم الله خير الجزاء.

افتتاح دورة القيادة والأركان 66 المشتركة 30
افتتاح دورة القيادة والأركان 66 المشتركة 30

أخبارنا

timeمنذ ساعة واحدة

  • أخبارنا

افتتاح دورة القيادة والأركان 66 المشتركة 30

أخبارنا : مندوباً عن رئيس هيئة الأركان المشتركة، افتتح المساعد للعمليات والتدريب اليوم الأحد، دورة القيادة والأركان 66 المشتركة 30 في كلية القيادة والأركان الملكية الأردنية، بحضور المفتش العام، وآمر الكلية، وعدد من كبار ضباط القوات المسلحة والأجهزة الأمنية والملحقين العسكريين للدول الشقيقة والصديقة المشاركة في الدورة. ونقل المساعد للعمليات والتدريب للمشاركين، تحيات ومباركة رئيس هيئة الأركان المشتركة بالتحاقهم بهذا الصرح الأكاديمي المتميز وتمنياته لهم بالتوفيق في الدورة التي تستمر لمدة عام، بإشراف نخبة مميزة من أعضاء هيئة التدريس وبمتابعة من القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية، بما يسهم بشكل فعال في تطوير معرفتهم بكل ما هو جديد ومهم من العلوم العسكرية والأكاديمية وبما يزيد قدراتهم الفكرية والمعرفية ويخدم القوات المسلحة. وأضاف المساعد أن دورة القيادة والأركان تعتبر محطة رئيسية ومهمة في مسار خدمة الضباط ونقطة انطلاق جديدة نحو آفاق أرحب للعمل القيادي وتولي وظائف الركن المختلفة في وحدات وتشكيلات القوات المسلحة، وحثهم على العمل بروح الفريق والتفاعل الإيجابي مع مجريات الدورة والحرص على الاستفادة القصوى من هذه التجربة الغنية وعلى تبادل الخبرات والمعرفة. وألقى مفتي القوات المسلحة كلمة قال فيها: "إن من أشرف العلوم التي تميزت بها حضارتنا هو العلم العسكري الذي يجمع بين شرفين عظيمين العلم والرباط في سبيل الله والذي أصبح ضرورة ملحة لاسيما في هذا العصر الذي يتسم بالتحديات الكبيرة والمخاطر الجسيمة"، مؤكداً أن الجيش العربي هو امتداد للجيش المصطفوي وبقية له، وهو مثال يحتذى به في القيادة والشجاعة والتضحية والانضباط العسكري والالتزام بمبادئ الإسلام العظيمة. يشار إلى أن كلية القيادة والأركان الملكية الأردنية تأسست عام 1954، لرفد القوات المسلحة الأردنية - الجيش العربي وجيوش الدول الشقيقة والصديقة بالقادة وضباط الركن المؤهلين وتمنحهم درجة البكالوريوس في العلوم العسكرية. --(بترا) مواضيع قد تهمك

عمليات إنزال المساعدات الإماراتية والأردنية على قطاع غزة / فيديو
عمليات إنزال المساعدات الإماراتية والأردنية على قطاع غزة / فيديو

سواليف احمد الزعبي

timeمنذ 2 ساعات

  • سواليف احمد الزعبي

عمليات إنزال المساعدات الإماراتية والأردنية على قطاع غزة / فيديو

#سواليف نفّذت #القوات_المسلحة_الأردنية – الجيش العربي اليوم الأحد 3 إنزالات جوية على قطاع #غزة تحمل #مساعدات_إنسانية وغذائية، إحداها مع دولة #الإمارات_العربية الشقيقة. وتمت الإنزالات بواسطة طائرات من طراز C130 تابعات لسلاح الجو الملكي الأردني والقوات الجوية لدولة الإمارات، كانت محملةً بـ 25 طناً من المساعدات الغذائية والاحتياجات الإنسانية. وتأتي هذه الإنزالات التي شملت عدداً من المواقع بالقطاع استمراراً للجهود الأردنية المتواصلة بالتعاون مع الدول الشقيقة والصديقة والشركاء من المنظمات الإنسانية في دعم الأشقاء الفلسطينيين، وبالتنسيق مع الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية، بهدف تخفيف المعاناة الإنسانية ومساندة الأهالي في قطاع غزة على تجاوز التحديات التي فرضتها الحرب على القطاع. وتعتبر الإنزالات الجوية باباً اضافياً يستثمر فيه الأردن شتى الطرق لإيصال المساعدات ذات الطبيعة الخاصة في وقت قصير وإلى مناطق يصعب الوصول إليها براً، ولن تكون هذه الإنزالات بديلاً عن المساعدات البرية للأهل بقطاع غزة إذ تعد القوافل البرية وسيلة رئيسة وأكثر فعالية وذات أولوية لوصول المساعدات إلى هناك. كما تستمر القوات المسلحة الأردنية بتسيير القوافل البرية بالتنسيق مع الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية وبرنامج الغذاء العالمي، والمطبخ المركزي العالمي إذ وصلت عدد القوافل البرية 181 قافلة بواقع 7932 شاحنة منذ بدء الحرب هناك. ووصل عدد الإنزالات الجوية التي نفذتها القوات المسلحة الأردنية منذ بدء الحرب على غزة 127 إنزالاً جوياً اردنياً، إضافة إلى 267 إنزالاً جوياً بالتعاون مع الدول الشقيقة والصديقة. وفي ذات السياق، تواصل المستشفيات الميدانية الأردنية في شمال وجنوب قطاع غزة تقديم خدماتها الطبية والعلاجية والإنسانية، إلى جانب استمرار عمل المستشفى الميداني الأردني في نابلس، والمحطات الجراحية الأردنية في جنين ورام الله، التي تستقبل المراجعين من خلال مختلف العيادات والتخصصات، حيث قدّمت المستشفيات الميدانية الأردنية في غزة خدمات علاجية لأكثر من (120,588) حالة في المستشفى الميداني شمال القطاع، و(362,389) حالة في المستشفى الميداني جنوب القطاع، إضافةً إلى اجراء أكثر من (36,000) عملية جراحية كبرى وصغرى، وتركيب 532 طرفاً صناعياً علوياً وسفلياً ضمن مبادرة استعادة الأمل. كما تم إجلاء 112 طفلاً من المصابين والمرضى برفقة 241 مرافقاً من ذويهم للعلاج في الأردن، ضمن مبادرة الممر الطبي التي أطلقها جلالة الملك عبدالله الثاني، بهدف علاج 2,000 طفل مريض من غزة. عمليات إنزال المساعدات الإماراتية والأردنية على قطاع غزة. — fadia miqdadai (@fadiamiqdadi) July 27, 2025

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store