logo
دانا هيثم الخصاونة : الأردن وفلسطين : بين الحكمة والتهور

دانا هيثم الخصاونة : الأردن وفلسطين : بين الحكمة والتهور

أخبارنامنذ 10 ساعات
أخبارنا :
في وقت تتصاعد فيه ألسنة النار في غزة، وتخنق المجاعة أطفالها، وتحتشد جثث الأبرياء تحت الركام، تتعالى الأصوات، بعضها غاضب بحق، وبعضها مدفوع بالعاطفة، وأخرى لا ترى الصورة كاملة. ومن بين تلك الأصوات، يتكرر سؤال يطرق آذان الأردنيين: «أين أنتم؟ ولماذا لا تتحركون؟».
هذا السؤال لا يُخيفنا، لكن إجابته لا تُختصر بشعارات أو هتافات. فالأردن، منذ اللحظة الأولى للعدوان، لم يكن غائبًا. كان الصوت الأوضح في المحافل الدولية، يحمل همّ غزة، ويطالب المجتمع الدولي بكسر صمته، ويؤكد أن حماية الشعب الفلسطيني ليست ترفًا سياسيًا، بل واجب أخلاقي وقانوني. الملك عبد الله الثاني تحدث بوضوح من على منابر العالم، رافضًا جرائم الحرب، ومحذرًا من عواقب السكوت عنها. وزير الخارجية الأردني حمل الموقف الأردني إلى كل عاصمة ومؤتمر، مدافعًا عن الفلسطينيين دون مواربة أو تلوّن، فيما لجأت بعض الدول إلى صياغات حذرة، تكاد تساوي بين القاتل والضحية.
الملكة رانيا، بدورها، اخترقت جدار التجاهل الدولي، وسلّطت الضوء على التواطؤ الإعلامي، وانتقدت علنًا الصمت الغربي الذي يغضّ الطرف عن المجازر. وعلى الأرض، لم يكتفِ الأردن بالكلمات، بل أرسل مستشفياته إلى غزة، وأنشأ جسرًا إنسانيًا لا ينقطع، بجهود طبية وإغاثية متواصلة، رغم الأخطار والتحديات.
أما الشارع الأردني، فكان ـ كعادته ـ متقدمًا في نبضه الشعبي، فلم ينتظر دعوة أو حثًّا؛ خرج إلى الميادين، نظّم الفعاليات، قدّم التبرعات، وأثبت أن فلسطين تسكن قلبه لا شعاراته. ورغم كل هذا، لا تزال هناك منابر تُشكك، وأصوات تُزايد، وتتساءل: «لماذا لا يفتح الأردن جبهة عسكرية؟». وهنا لا بد من وقفة عقل. هل المطلوب قرار متهور؟ هل الحل في التصعيد العسكري المنفرد؟ وهل يُطلب من الأردن أن يدخل حربًا بلا ظهير، وبلا دعم، في مواجهة تحالفات تسند العدو سياسيًا وعسكريًا؟
التاريخ يُعلّم، والتجربة تُرشد. الأردن خاض معركة الكرامة وانتصر، لكنه يدرك أن الحروب لا تُخاض بالعاطفة، بل بالحسابات. فالمغامرة في هذا الزمن ليست بطولة، بل مقامرة بمصير دولة وشعب، وقد يكون ثمنها تفتيت آخر خطوط الدفاع عن فلسطين نفسها.
إن استقرار الأردن ليس ترفًا، بل ركيزة أساسية في ميزان الصراع. ومن يسعى لضرب استقراره، ولو عن غير قصد، فهو يقدّم خدمة مجانية للمحتل. المؤامرات اليوم لا تلبس دائمًا الزي العسكري، بل قد تأتي في منشور، أو دعوة مشبوهة، أو حملة تشكيك تُبث من الداخل لتضرب الثقة، وتُضعف المعنويات.
وفي التاريخ دروس لا تُنسى: في غزوة مؤتة، انسحب خالد بن الوليد بالجيش حفاظًا على الأرواح، ولم يُعنّفه النبي صلى الله عليه وسلم، بل لقّبه بـ»سيف الله المسلول». فليس كل تراجع هزيمة، وليس كل تريث خيانة. أحيانًا، التمهّل هو أعلى مراتب الشجاعة.
من يُهاجم الأردن اليوم، يتناسى أن المملكة هي الرئة التي لا تزال تتنفس منها فلسطين. يتناسى أن الأردن لم يتخلَّ يومًا، ولم يساوم، بل دفع من اقتصاده وموارده وأمنه الداخلي ليبقى إلى جوار الشعب الفلسطيني في كل نازلة.
إن أسهل ما يمكن فعله هو توزيع التهم والنعوت من خلف الشاشات، لكن الأصعب ـ والأشرف ـ هو أن تبقى واقفًا، ثابتًا، قويًا، في وجه رياح الانهيار التي تعصف بالمنطقة. الأردن ليس تابعًا، ولا خائفًا، ولا متفرجًا. هو شريك في الموقف، وسند في المعركة، وحارسٌ للكرامة الفلسطينية، لا بالخطابة، بل بالفعل الصادق والحكمة البصيرة. فليتذكر الجميع: إن ضعف الأردن يعني ضعف فلسطين، وإن انكسر الجدار الأردني، فمَن سيحمي البوابة الأخيرة لفلسطين؟
حفظ الله الأردن، شعبًا وجيشًا وقيادة، ودام سندًا لفلسطين في زمن قلّ فيه السند.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

صبرًا يا مدينة الأحرار
صبرًا يا مدينة الأحرار

جو 24

timeمنذ 22 دقائق

  • جو 24

صبرًا يا مدينة الأحرار

د. محمود المساد جو 24 : لأول مرة في تاريخ البشرية، تظهر للعيان المدينة المعجزة!! ناس المدينة، وشوارعها، ومبانيها، وأنفاقها، بل وعشرات الصور المركبة تداخلت فيها، وعلى أرضها، وتحت سمائها، وعلى رمال شواطئها، وفي مناطقها العازلة، وتحت خيام مواصيها ... حقّا، إنها مدينة المتناقضات، مدينة الله في أقدس تجلياتها، المدينة التي انتصرت فيها صور الكرامة على الخيانة، وعلى أباليس العمالة، وانتصر فيها الحق على الباطل، والفصائل على الجيوش، والذكاء على الغباء، والطهر على العُهر، والجوع على الشبع، والتحدي على الخنوع….وغيرها من صور النضال المشروع في مواجهة قوى البطش، والكراهية، والبلطجة، وكذلك قطعان المستوطنين. معجزة المدينة تكمن في أنها ليست جغرافيا بحدود، بل هي متسعة بفضاء الأرض، حرّكت أحرار العالم مع قضيتها، وقلبت الموازين المزيفة، وخلخلت معايير المنطق السائد. إنها عالم من الأحرار في مدينة واحدة، صدرها ساحة معركة، وقلبها شذرات محبة وإيمان، جمعت لصفّها كل مَن في قلبه بذرة خير في العالم، بغض النظر عن دينه، ومعتقده، ولونه، ومكان ميلاده!! كشفت هذه المدينة الحرة المجاهدة ألوان النفاق في هذا العالم ، وأثبتت للقاصي والداني أن المناصرة ليست حكرا على الدين، والدم، والجغرافيا، والتاريخ، واللغة،….بل هي في واقع الحال تجمعات من الناس حول طعم الحرية، و حول الجرأة من أجل التحرر، مقابل الثعابين من زمرة الفساد، والتجبر في كل مكان. لقد حاصرت مدينة الاحرار مدن البطش، والوحشية، وتركت قادتها الجلادين نهبًا للتقزيم، والنبذ، والكراهية، كما عرّزت رواياتهم في رعاية مفاهيم الحرية، والديمقراطية، والعدل أمام شعوب العالم، وأنهم وأنظمتهم التي نصّبوا أنفسهم حراس القيم الأخلاقية، هؤلاء الذين يصنفون عليها دول العالم الثالث والرابع ….وحتى مجتمعات الحيوان والنبات، معها أو ضدها، بحسب مصالحهم وأهوائهم . لكنهم وبدل أن يستمروا في زيفهم، باتوا قادة لدول وعواصم باهتة، بل كاذبة، وسخيفة، في الوقت نفسه الذي كسبت معه عاصمة الأحرار وتكسب كل يوم أفواجا تلو أفواج من طلاب الحرية والتحرر، والعدل على مدى جغرافيا الكرة الأرضية . شكرًا سيدتي الأرض؛ أيتها المدينة المعجزة، يا من انتفضت على عفن التاريخ الحديث المزيف، وكتبت بحروف من نور تاريخ الأمة الحاضر بمداد من دم، وكرامة…..لا تتوجعي سيدتي صاحبة العفة، ولا تتذمري!! فوالله أنك المستقبل المشرق، الحر، ولقد بدأت بوضع أساساته الصلبة، بكل كبرياء العز والكرامة، وسيكمل المشوار من زرعتهم في كل مكان، من أرض الله الرحبة، بما عليها من أحرار العالم، من أديان الأرض، وأعراقها، وألوانها كافة. يا مدينة الله، استمري على هذا النهج الطاهر … فتوأمك الداعم بقوة متجذر هنا في عمّان، فسيري على بركة الله، فلن يخذلك شعب عمّان النشامى . تابعو الأردن 24 على

التربية تنعى الطالب عبدالله العلاونة
التربية تنعى الطالب عبدالله العلاونة

الوكيل

timeمنذ ساعة واحدة

  • الوكيل

التربية تنعى الطالب عبدالله العلاونة

الوكيل الإخباري- ينعى وزير التربية والتعليم والتعليم العالي والبحث العلمي الدكتور عزمي محافظة ،والامين العام للشؤون التعليمية الدكتور نواف العجارمة ،والامين العام للشؤون الادارية والمالية الدكتورة سحر شخاترة، ومدير التربية والتعليم للواءي الطيبة والوسطية الدكتور رعد خصاونة، بمزيد من الحزن والاسى وفاة الطالب عبد الله صالح العلاونة من طلبة الصف الرابع في مدرسة علي بن ابي طالب الأساسية للبنين. اضافة اعلان كما يتقدمون باحر مشاعر التعزية والمواساة إلى والده الزميل المعلم صالح العلاونة، سائلين المولى عز وجل ان يتغمد الفقيد بواسع رحمته وان يسكنه فسيح جناته وان يلهم اهله وذويه الصبر والسلوان. وكان قد انتقل الى رحمة الله الطالب عبدالله صالح العلاونة اثر حادث دهس تعرض له قبل 10 ايام مما تسبب بدخوله بغيبوبة وما لبث الا ان فارق الحياة. عبدالله هو احد مشجعي ولاعبي نادي الحسين -اربد وكان يطمح بان يصبح لاعبا كبيرا وفقا لما قال ابن عمه لـ "الوكيل الاخباري".

التربية تنعى الطالب عبدالله العلاونة
التربية تنعى الطالب عبدالله العلاونة

الوكيل

timeمنذ 2 ساعات

  • الوكيل

التربية تنعى الطالب عبدالله العلاونة

الوكيل الإخباري- ينعى وزير التربية والتعليم والتعليم العالي والبحث العلمي الدكتور عزمي محافظة ،والامين العام للشؤون التعليمية الدكتور نواف العجارمة ،والامين العام للشؤون الادارية والمالية الدكتورة سحر شخاترة، ومدير التربية والتعليم للواءي الطيبة والوسطية الدكتور رعد خصاونة، بمزيد من الحزن والاسى وفاة الطالب عبد الله صالح العلاونة من طلبة الصف الرابع في مدرسة علي بن ابي طالب الأساسية للبنين. اضافة اعلان كما يتقدمون باحر مشاعر التعزية والمواساة إلى والده الزميل المعلم صالح العلاونة، سائلين المولى عز وجل ان يتغمد الفقيد بواسع رحمته وان يسكنه فسيح جناته وان يلهم اهله وذويه الصبر والسلوان. وكان قد انتقل الى رحمة الله الطالب عبدالله صالح العلاونة اثر حادث دهس تعرض له قبل 10 ايام مما تسبب بدخوله بغيبوبة وما لبث الا ان فارق الحياة. عبدالله هو احد مشجعي ولاعبي نادي الحسين -اربد وكان يطمح بان يصبح لاعبا كبيرا وفقا لما قال ابن عمه لـ "الوكيل الاخباري".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store