
مشهد من غزة.. أبٌ ينزف ويرفض العلاج لينقذ ابنته
هذا المشهد المؤلم لم يكن عابراً، هذا الأب، الملطّخ بدمه، رفض أن يتلقى أي علاج قبل أن يطمئن على ابنته، مردداً كلماته التي هزّت مشاعر من حوله: "ما بدي أتعالج... بس خلّوا بنتي تعيش!".
كما أن هذه الصورة، التي وثّقتها العدسة في مدينة غزة التي تتعرض هذه الأيام لأبشع المجازر وأقوى الضربات، تختصر واقعاً يفوق التصوّر؛ واقعاً يقف فيه الأب بين الحياة والموت، لا من أجل النجاة، بل لأجل استمرار حياة ابنته.
في غزة، لا يملك الآباء ترف الألم، ولا الأمهات وقتاً للبكاء، كما أن الجراح تُؤجل، والمشاعر تُقمع، فكل ما يهمّ هو أن ينجو الأبناء من هذه المقتلة المتواصلة منذ أكثر من 20 شهراً.
الصورة المؤلمة، التي تُظهر أباً غارقاً بدمائه، أثارت موجةً عارمة من التفاعل والتضامن على منصات التواصل الاجتماعي، بعد أن نقلت للعالم جانباً جديداً من المعاناة اليومية التي يعيشها المواطنون في ظل العدوان الإسرائيلي المتواصل.
وتفاعل عشرات الآلاف من رواد مواقع التواصل الاجتماعي مع الصورة، معبّرين عن صدمتهم من حجم الألم الإنساني الذي بات جزءاً من حياة العائلات الفلسطينية، فيما دعا مغردون إلى إعادة نشر الصورة على أوسع نطاق للضغط على الجهات الدولية والمؤسسات الحقوقية لكسر حالة الصمت والتجاهل.
كما تفاعل عدد من الفنانين والناشطين مع الصورة، بينهم رسامون رقميّون حوّلوا المشهد إلى لوحة فنية، ورسائل تضامن من كتاب وشعراء وصفوا المشهد بأنه "أيقونة الألم الإنساني في زمن العجز".
ونشر الصحافي الفلسطيني، عبد ماجد، الصورة عبر حسابه على "إنستغرام" وعلّق بالقول: "مُلطّخ بالدماء ومنهك يقف فوق وجعه.. من حوله الجرحى على الأرض بين الحياة والموت.. الأطباء منشغلون بالأعداد الكبيرة من الجرحى.. ولا دواء، ولا سرير، ولا وطن يحميهم، فقط الأمل في وجه الله.. هذه البنت الجريحة ممددة تنزف بصمت والأب يقف فوق وجعه وكأنه يقول: لا أريد أن أتعالج لكن أريد لابنتي أن تعيش".
كما علّق رئيس المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، رامي عبدو، على الصورة بالقول: "جرحي وجرحك يا حبيبتي لا يهدآن، قلبي وقلبك يا حبيبتي توأمان.. هنا غزة حيث تذبح الإنسانية على مرأى العالم أجمع".
الصحافي ضياء أبو عون، كتب على صفحته بموقع "فيسبوك" تعليقاً على الصورة المؤلمة: "الأب مُلطّخٌ بدمائه منهك متماسكٌ فوق وجعه، وابنته المصابة ممددة أمامه تنزف بصمت ويقول: ما بدي أتعالج بس خلّوا بنتي تعيش..!".
"رحماء بينهم".. هكذا علّق الناشط واليوتيوبر الفلسطيني معتصم زقوت على الصورة المؤثرة، وقال: "لم تترك غزة شيئاً من الخيالات إلا وصدّرته لنا".
كما علّق الناشط الفلسطيني عمر نبهان بالقول: "هذه ليست مجرد صور، إنها حياة بشرية. لنرفع صوتنا من أجل العدالة والسلام في كل مكان".
وعلّق حساب "صور من التاريخ" على منصة التواصل الاجتماعي "إكس": "لا شيء يتغير.. غزة تنزف، والدم يبلل الأرض، والعالم ما زال يراقب ويصوّر ويوثّق.. ثم يعود لينام".
وقالت الفلسطينية آية حسونة، معلّقةً على الصورة: "جريحٌ يسعف جريحاً وكل يفدي الثاني بدمه، ويا لعنة الله على من آذاهم، يا جرحنا الأبدي يا غزة".
الفلسطيني شادي صبح علّق أيضاً: حب وأذى وموت وخوف، صورة تلخص هذه النظرة، إنها غزه بكل ما فيها".
الصورة لم تكن مجرد توثيق للحظة، بل تحوّلت إلى رمز أبوي وإنساني يعكس قدرة الإنسان على التضحية وسط الكارثة، هذا المشهد للأب الغزي الذي لم يطلب دواءً لنفسه، بل الحياة ابنته، هل سيجعل العالم يقف للحظة ويعيد النظر في إنسانيته؟

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


شبكة أنباء شفا
منذ 2 أيام
- شبكة أنباء شفا
يوم طبي مجاني لمستشفى الراعي بالتعاون مع جمعية نور اليقين في صيدا
شفا – نظّم مستشفى الراعي في صيدا يوماً طبياً مجانياً بالتعاون مع جمعية نور اليقين ومركز الشيخ عبد الناصر جبري (رحمه الله) و Fatima Aesthetics ، وذلك في خطوة تهدف إلى تقديم الخدمات الصحية المتخصصة لشرائح واسعة من المجتمع، لا سيما في ظل الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة التي يعيشها لبنان. وشهد اليوم الطبي إقبالاً لافتاً من أبناء المدينة والجوار، حيث توافد العشرات من المرضى للاستفادة من الفحوصات الطبية والاستشارات المجانية التي شملت عدة اختصاصات، بإشراف نخبة من الأطباء والاستشاريين المعروفين بخبرتهم وكفاءتهم: طب الأطفال: الدكتور محمد كجك، حيث قدّم فحوصات واستشارات للأطفال وتوجيهات للأهل حول سبل الوقاية وتعزيز المناعة. طب العظام: الدكتور شوقي يونس، الذي عاين حالات متنوعة مرتبطة بالمفاصل والهيكل العظمي، مقدّماً الإرشادات العلاجية. الطب النسائي والتوليد: الاستشاري الدكتور سليم رمضان، الذي أجرى فحوصات للنساء وقدم نصائح طبية شاملة. الجراحة العامة: الدكتور قاسم جمول، الذي تابع حالات جراحية وقدّم تقييمات دقيقة لعدد من المرضى. العناية بالبشرةFatima Aesthetics: الأخصائية فاطمة البابا التي أجرت فحوصات للبشرة وقدّمت استشارات شخصية حول العناية بالبشرة، وسبل الوقاية من المشاكل الجلدية الشائعة. وبدوره أكد المستشار الإعلامي لمستشفى الراعي ومنسق الحملة الطبية الدكتور وسيم وني على أن هذا النشاط يندرج ضمن سلسلة من المبادرات المجتمعية التي تحرص مستشفى الراعي على تنفيذها دورياً، انطلاقاً من مسؤوليتها الطبية والاجتماعية تجاه أبناء صيدا والمنطقة. وأشار الدكتور وني إلى أن الهدف من هذه المبادرات هو تأمين خدمات صحية نوعية ومجانية للمرضى، والتخفيف من الأعباء المالية التي تثقل كاهل المريض، لا سيما في ظل الأزمات المتتالية التي تعاني منها البلاد. من جهته، نوّه المدير التنفيذي لجمعية نور اليقين ومركز الشيخ عبد الناصر جبري ( رحمه الله ) الشيخ جمال محمد بأهمية هذا التعاون بين القطاع الصحي والجمعيات الأهلية، معتبراً أن تضافر الجهود بين المؤسسات الطبية والخيرية هو السبيل الأمثل للوصول إلى مجتمع أكثر صحة وتكافلاً. وقد أعرب عدد كبير من المستفيدين عن تقديرهم العميق لهذه المبادرة، مثمنين الدور الإنساني الذي تؤديه الأطراف المنظمة، والدقة في التنظيم، وحرص الأطباء على تقديم الرعاية بأعلى درجات المهنية.


شبكة أنباء شفا
منذ 3 أيام
- شبكة أنباء شفا
كبار السن بين بلجيكا وفلسطين: من راتب التقاعد إلى رحمة القبر! بقلم : المهندس غسان جابر
كبار السن بين بلجيكا وفلسطين: من راتب التقاعد إلى رحمة القبر! بقلم : المهندس غسان جابر في بلجيكا، عندما يبلغ الإنسان 65 عامًا، تأتيه رسالة مهذبة من دائرة التقاعد تقول له: 'تهانينا! أصبحت متقاعدًا… أرجو تزويدنا برقم حسابك البنكي لنُحوّل لك راتبك شهريًا. وإن واجهت أي صعوبة، اتصل بنا لنحدد لك موعدًا لمساعدتك.' في بلجيكا، يُصبح التقاعد محطة للراحة والكرامة، لا بداية للتيه والخذلان. هناك، تبدأ الحياة من جديد بتخفيضات على الإيجار، دعم مالي للسكن، كهرباء ومواصلات شبه مجانية، وضمان صحي يشمل حتى طبيب الأسنان، الذي إن لم تزره خلال سنة، تُغرّم لأنك… أهملت صحتك! في بلجيكا، لا يوجد بترول، ولا معادن، لكن هناك ما هو أندر: العدالة. أما في فلسطين، فحين يبلغ الإنسان 65 عامًا، تأتيه رسالة غير مكتوبة تقول له: 'بلغت من الكِبر عتيًّا؟ إذن تفضّل بالوقوف في طابور المساعدات، إن وجدت. وإن لم يكن لك ابن مسؤول أو قريب نائب، فادعُ الله كثيرًا، فالسماء أرحم من الأرض!' كبير السن في فلسطين له حالتان فقط: إما أن يكون صاحب منصب: فيصبح التقاعد نكتة سمجة، ويلتصق بالكرسي كما تلتصق الرطوبة بجدار قديم، حتى يأتيه أمر الله أو أمر رئاسي. يحدثك عن 'تمكين الشباب'، بينما يعاني من تصلب في الركبة وسوء في الذاكرة، لكنه لا ينسى موعد الراتب والمكرمات، فلا تقاعد له، بل تمديد غير معلن للحياة الوظيفية، حتى يتحول المكتب إلى دار رعاية، والكُرسي إلى مقعد عجزة. أو أن يكون من عامة الناس: فيُترك لأوجاعه وأدويته المُقطّعة في صيدليات الحكومة. يموت واقفًا في طابور التأمين الصحي، أو جالسًا على مقعدٍ مكسور في عيادة بلا طبيب، أو يقطع أيامه وهو يبحث عن وسيلة ليشتري عبوة 'فلاجيل' على حساب ما تبقى من كرامته. في فلسطين لا تقاعد، بل 'توديع تدريجي للحياة' دون مراسم وداع. حتى المساعدات الأوروبية، التي تُرسل لتوفير حياة كريمة لكبار السن، تُفرز وتُفرغ في جيوب المسؤولين. وحدهم 'العامة' يُحاسبون على لقمة الخبز، بينما النُخب لا يُحاسبون حتى على سنوات النهب المتواصل. تخيلوا لو أن نظام بلجيكا طُبّق عندنا! لأصبحت وزارة الشؤون الاجتماعية مكتظة بالمتقاعدين… والموظفين يصرخون: 'مش فاضيين! ارجع بعد العيد.' ولسمعنا عن طبيب أسنان حكومي يتقاضى راتبه دون أن يرى سنًّا واحدة طوال العام. ولسُئِل المتقاعد عن رقم حسابه، لأجاب: 'أي حساب؟ أنا ما معي غير دفتر ديون في الدكانة.' لكننا لا نحسد بلجيكا، لا والله، بل نحسد 'المواطن' البلجيكي الذي لم يحتج واسطة ليتقاضى راتبه، ولم يُذلّ ليثبت أنه موجود. في فلسطين، أكبر ضمان لكبير السن أن يكون 'قريب فلان' أو 'كان بيوم وزير'. أما من عاش في صمت، وخدم في صمت، ومات في صمت… فليس له إلا دعاءٌ في الجنازة: 'اللهم ارحمه، لم يأخذ من الدنيا شيئًا.' ، نقول : احترموا من بنى هذا الوطن قبل أن تبنوا القصور حوله. فإن لم تكن لديكم ميزانية للتكريم، فكونوا على الأقل على قدر من الحياء. م. غسان جابر – مهندس و سياسي فلسطيني – قيادي في حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية – نائب رئيس لجنة تجار باب الزاوية و البلدة القديمة في الخليل.


جريدة الايام
٠٣-٠٧-٢٠٢٥
- جريدة الايام
مشهد من غزة.. أبٌ ينزف ويرفض العلاج لينقذ ابنته
غزة - وكالات: داخل المستشفى الميداني الذي يفتقر لأبسط مقومات الحياة الصحية، وقف رجل خمسيني مغطى بالدماء، مثقل بالجراح، وجهه المرهق كان ناطقاً بكل ما عجزت الكلمات عن قوله، لكنه ثابت لا يطلب شيئاً لنفسه، رغم إصابته البالغة، كان يحمل كيس محلول بيده المرتجفة، يرفعه فوق رأس ابنته المصابة الممددة أمامه تنزف بصمت. هذا المشهد المؤلم لم يكن عابراً، هذا الأب، الملطّخ بدمه، رفض أن يتلقى أي علاج قبل أن يطمئن على ابنته، مردداً كلماته التي هزّت مشاعر من حوله: "ما بدي أتعالج... بس خلّوا بنتي تعيش!". كما أن هذه الصورة، التي وثّقتها العدسة في مدينة غزة التي تتعرض هذه الأيام لأبشع المجازر وأقوى الضربات، تختصر واقعاً يفوق التصوّر؛ واقعاً يقف فيه الأب بين الحياة والموت، لا من أجل النجاة، بل لأجل استمرار حياة ابنته. في غزة، لا يملك الآباء ترف الألم، ولا الأمهات وقتاً للبكاء، كما أن الجراح تُؤجل، والمشاعر تُقمع، فكل ما يهمّ هو أن ينجو الأبناء من هذه المقتلة المتواصلة منذ أكثر من 20 شهراً. الصورة المؤلمة، التي تُظهر أباً غارقاً بدمائه، أثارت موجةً عارمة من التفاعل والتضامن على منصات التواصل الاجتماعي، بعد أن نقلت للعالم جانباً جديداً من المعاناة اليومية التي يعيشها المواطنون في ظل العدوان الإسرائيلي المتواصل. وتفاعل عشرات الآلاف من رواد مواقع التواصل الاجتماعي مع الصورة، معبّرين عن صدمتهم من حجم الألم الإنساني الذي بات جزءاً من حياة العائلات الفلسطينية، فيما دعا مغردون إلى إعادة نشر الصورة على أوسع نطاق للضغط على الجهات الدولية والمؤسسات الحقوقية لكسر حالة الصمت والتجاهل. كما تفاعل عدد من الفنانين والناشطين مع الصورة، بينهم رسامون رقميّون حوّلوا المشهد إلى لوحة فنية، ورسائل تضامن من كتاب وشعراء وصفوا المشهد بأنه "أيقونة الألم الإنساني في زمن العجز". ونشر الصحافي الفلسطيني، عبد ماجد، الصورة عبر حسابه على "إنستغرام" وعلّق بالقول: "مُلطّخ بالدماء ومنهك يقف فوق وجعه.. من حوله الجرحى على الأرض بين الحياة والموت.. الأطباء منشغلون بالأعداد الكبيرة من الجرحى.. ولا دواء، ولا سرير، ولا وطن يحميهم، فقط الأمل في وجه الله.. هذه البنت الجريحة ممددة تنزف بصمت والأب يقف فوق وجعه وكأنه يقول: لا أريد أن أتعالج لكن أريد لابنتي أن تعيش". كما علّق رئيس المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، رامي عبدو، على الصورة بالقول: "جرحي وجرحك يا حبيبتي لا يهدآن، قلبي وقلبك يا حبيبتي توأمان.. هنا غزة حيث تذبح الإنسانية على مرأى العالم أجمع". الصحافي ضياء أبو عون، كتب على صفحته بموقع "فيسبوك" تعليقاً على الصورة المؤلمة: "الأب مُلطّخٌ بدمائه منهك متماسكٌ فوق وجعه، وابنته المصابة ممددة أمامه تنزف بصمت ويقول: ما بدي أتعالج بس خلّوا بنتي تعيش..!". "رحماء بينهم".. هكذا علّق الناشط واليوتيوبر الفلسطيني معتصم زقوت على الصورة المؤثرة، وقال: "لم تترك غزة شيئاً من الخيالات إلا وصدّرته لنا". كما علّق الناشط الفلسطيني عمر نبهان بالقول: "هذه ليست مجرد صور، إنها حياة بشرية. لنرفع صوتنا من أجل العدالة والسلام في كل مكان". وعلّق حساب "صور من التاريخ" على منصة التواصل الاجتماعي "إكس": "لا شيء يتغير.. غزة تنزف، والدم يبلل الأرض، والعالم ما زال يراقب ويصوّر ويوثّق.. ثم يعود لينام". وقالت الفلسطينية آية حسونة، معلّقةً على الصورة: "جريحٌ يسعف جريحاً وكل يفدي الثاني بدمه، ويا لعنة الله على من آذاهم، يا جرحنا الأبدي يا غزة". الفلسطيني شادي صبح علّق أيضاً: حب وأذى وموت وخوف، صورة تلخص هذه النظرة، إنها غزه بكل ما فيها". الصورة لم تكن مجرد توثيق للحظة، بل تحوّلت إلى رمز أبوي وإنساني يعكس قدرة الإنسان على التضحية وسط الكارثة، هذا المشهد للأب الغزي الذي لم يطلب دواءً لنفسه، بل الحياة ابنته، هل سيجعل العالم يقف للحظة ويعيد النظر في إنسانيته؟