logo
خطة رفح.. من "مدينة إنسانية" إلى "معسكر تهجير"

خطة رفح.. من "مدينة إنسانية" إلى "معسكر تهجير"

سكاي نيوز عربيةمنذ يوم واحد
ففي الوقت الذي يروَّج فيه للمشروع بصفته حلا إنسانيا مؤقتا، تحذر أصوات عديدة من أنه قد يكون غطاء لعملية تهجير قسري منظمة، تهدد ليس فقط الوجود الفلسطيني في القطاع، بل الأمن القومي المصري أيضا.
فهل نحن أمام تكرار لنكبة بصيغة جديدة؟ وما أبعاد هذا المشروع؟ وهل ستسمح مصر بتمرير ما يعتبره كثيرون "خطة خنق" تدفع الفلسطينيين نحو الهجرة الجماعية؟
الاسم المضلل
خطة "المدينة الإنسانية" التي كشف عنها وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس ويدعمها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، تقوم على حشر ما لا يقل عن 700 ألف فلسطيني، وربما يصل العدد إلى مليون، في رقعة ضيقة جنوبي قطاع غزة بمحاذاة الحدود المصرية، تحت ذريعة حمايتهم من المعارك، في ظل دمار شبه كامل للبنية التحتية في الشمال والوسط.
لكن رئيس منتدى الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية سمير غطاس، يرى في تصريحاته لـ"ستوديو وان مع فضيلة" على "سكاي نيوز عربية"، أن الأمر أخطر من مجرد إيواء نازحين، فـ"الخطة تتجاوز الإغاثة الإنسانية، وتهدف إلى خلق واقع ديموغرافي جديد عبر الضغط على مصر لقبول تدفق سكان غزة إلى أراضيها".
ويصف غطاس المشروع بأنه "تمهيد لتهجير طوعي يتحول إلى تهجير قسري"، محذرا من أن "منع الغذاء لفترة بسيطة يمكن أن يجبر السكان على المغادرة".
غطاس يرى في التسمية نفسها "مدينة إنسانية" أو "مدينة خيام" محاولة للتمويه، ويستشهد بتصريحات من الداخل الإسرائيلي، مثل أفيغدور ليبرمان وإيتمار بن غفير، اللذين اعتبراها "خدعة إعلامية كبرى"، وبتحذيرات من الجيش الإسرائيلي نفسه، الرافض للخطة.
ما يضفي تعقيدا على المشروع الإسرائيلي قربه من الحدود المصرية، مما يعني عمليا استحالة فصله عن الأمن القومي لمصر.
ويشدد غطاس على أن مصر تعتبر هذا المخطط "تجاوزا خطيرا لاتفاق رفح 2005"، ويرى فيه انتهاكا صريحا للبروتوكولات الأمنية بين القاهرة وتل أبيب.
بلغة مباشرة، يؤكد غطاس أن الرأي العام المصري بكل أطيافه يرفض هذا التهجير، مشيرا إلى أن "الغالبية الساحقة من المصريين تعتبر أي محاولة لاقتلاع الفلسطينيين من أرضهم تهديدا للأمن القومي المصري ونسفا لقضية فلسطين".
ويذكر بمشروع إسرائيلي سابق منسوب إلى مستشار رئيس الوزراء السابق أرييل شارون في 2005، يدعو إلى توسيع قطاع غزة على حساب سيناء، وهو ما يفسر الحذر المصري العميق، خاصة أن المخطط الحالي يبدو وكأنه عودة ناعمة لذلك السيناريو القديم، وإن كان بمسميات جديدة.
المثير في هذا الملف هو الانقسام داخل إسرائيل نفسها، فبينما يدفع اليمين المتطرف بالخطة إلى الأمام يبرز اعتراض الجيش الإسرائيلي، ممثلا برئيس أركانه إيال زامير، الذي يرى أن هذه الخطة ليست من مهام الجيش ولا تتوافق مع المعايير الأخلاقية ولا مع الاستراتيجية العسكرية.
في المقابل، يرى موشيه العاد المحاضر الإسرائيلي في أكاديمية الجليل الغربي، أن الغالبية الساحقة من الإسرائيليين تعارض إقامة هذه المدينة، لما تحمله من دلالات نفسية ثقيلة مرتبطة بمعسكرات الاعتقال النازية، خاصة خلال الهولوكوست.
ويقول إن الدافع الرئيسي للخطة، من وجهة نظر داعميها، هو القدرة على ضبط الأمن وتوزيع الغذاء على السكان في منطقة محددة، نافيا نية إسرائيل في دفع الفلسطينيين للهجرة إلى مصر.
العاد يربط المسألة بالموازنة، معتبرا أن تكلفة المشروع (بين 10 إلى 15 مليار دولار) تفوق قدرات إسرائيل المالية الحالية، ويستبعد أن ترى الخطة النور عمليا، كما ينفي وجود نية للانتقام من سكان غزة، ويصف الإجراءات بأنها "محافظة على الحياة وليس على جودة الحياة".
لكن تصريحات العاد لم تكن خالية من التناقض، فقد أقر بأن الخطة تهدف إلى إبقاء مليون شخص في نقطة يمكن التحكم بها غذائيا، مما يعني ضمنيا إمكانية استخدام الغذاء كوسيلة ضغط، وهو ما حذر منه غطاس صراحة.
الأبعاد الإنسانية والسياسية للمخطط
ينطلق غطاس في تحليله من زاوية إنسانية وأخلاقية تتجاوز السياسة، إذ يؤكد أن الفلسطينيين والعرب عموما لم يكونوا طرفا في معاناة اليهود عبر التاريخ، من سبي بابل إلى الهولوكوست، بل تضامنوا معهم كقضية إنسانية.
أما ما يجري في غزة اليوم، فهو وفق غطاس "سياسة انتقامية بحتة"، تفرض على مئات الآلاف من المدنيين تنقلا قسريا من منطقة إلى أخرى داخل القطاع، وصولا إلى حشرهم على الحدود.
ويصف غزة الآن بأنها "معسكر اعتقال كبير، تفرض فيه شروط حياة مستحيلة على السكان من دون اعتبار للقانون الدولي أو المبادئ الأخلاقية".
ويؤكد أن "ما يجري ليس له علاقة لا بالسياسة ولا بالحرب، بل بالانتقام"، حيث يتم قتل الفلسطينيين واستهدافهم بالهوية، مع تغاض دولي وصمت أمريكي يثير القلق.
واحدة من أكثر النقاط إثارة للقلق في تصريحات غطاس كانت غياب أي موقف أميركي وأضح من المشروع، رغم إدراك واشنطن لحجم الخطر الذي تمثله هذه الخطة على استقرار المنطقة.
ويذكّر غطاس بأن إسرائيل قد تلجأ إلى تسويق المشروع باعتباره حلا إنسانيا مؤقتا، في حين أنه في الحقيقة مقدمة لتغيير ديموغرافي واسع النطاق، يفتح الباب أمام فصل غزة بالكامل عن الجغرافيا الفلسطينية.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

البحرين وأميركا توقعان اتفاقية بشأن الطاقة النووية السلمية
البحرين وأميركا توقعان اتفاقية بشأن الطاقة النووية السلمية

سكاي نيوز عربية

timeمنذ 18 دقائق

  • سكاي نيوز عربية

البحرين وأميركا توقعان اتفاقية بشأن الطاقة النووية السلمية

وحسب ما ذكرت وكالة الأنباء البحرينية، فإن الاتفاقية تهدف إلى التعاون بين مملكة البحرين والولايات المتحدة في مجال الطاقة النووية، نظرا لأثرها الإيجابي في التنمية والطاقة المستدامة، وذلك في إطار التزام المملكة بتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2060، وبما يسهم في دعم الجهود الدولية لمواجهة تحديات التغير المناخي وحماية البيئة. وبهذه المناسبة، أشاد وزير الخارجية بالتعاون الثنائي الاستراتيجي بين مملكة البحرين و الولايات المتحدة في مجال الطاقة النووية النظيفة، واصفا التوقيع على الاتفاقية بالنقلة النوعية المهمة في علاقات الشراكة الاستراتيجية بين البلدين. وأوضح أن توقيع اتفاقية تعاون بين حكومتي البلدين في المجال النووي المدني يأتي تنفيذا لتوجيهات الملك حمد بن عيسى آل خليفة، وتوجيهات الحكومة برئاسة الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، ويعكس رغبة المملكة في الاستفادة من الخبرة الأميركية العريقة في هذا المجال الحيوي. وأضاف أن مملكة البحرين حريصة على تلبية احتياجاتها من الطاقة النووية المدنية بما يتوافق مع المصالح الأمنية العليا والمشتركة، وأن التوقيع على هذه الاتفاقية هو ثمرة لاتفاق الشراكة الشاملة للتكامل الأمني والازدهار (C-SIPA) الذي تم توقيعه بين البلدين عام 2023، وعزز الشراكة الوثيقة بين البلدين في مجالات الدفاع والأمن والتقنيات الناشئة والتجارة والاستثمار. وقال إن البلدين ينطلقان في تعزيز الشراكة بينهما إلى آفاق جديدة من التعاون المثمر البناء لنشر تقنيات حديثة توفر طاقة نووية مدنية آمنة ومأمونة وموثوقة، باعتبارها أداة رئيسية لتعزيز أمن الطاقة، وتأكيد أهمية الطاقة النووية كمصدر منخفض الكربون للطاقة. وأشار إلى أن البلدين يسعيان إلى تعزيز الشراكة نحو آفاق جديدة من التعاون المثمر لنشر تقنيات حديثة توفّر طاقة نووية مدنية آمنة وموثوقة، باعتبارها أداة رئيسية لتعزيز أمن الطاقة، وأهمية الطاقة النووية كمصدر منخفض الكربون للطاقة. وأكد عبداللطيف بن راشد الزياني أن التوقيع على اتفاقية التعاون يعكس المستوى المتطور لعلاقات التعاون الثنائي المتميزة، والحرص المشترك على تعزيز العلاقات بين القطاعين العام والخاص في البلدين، والارتقاء بها إلى مستويات أشمل بما يخدم المصالح المتبادلة.

ترامب: سنعقد اجتماعاً بشأن مقتل أمريكي-فلسطيني في الضفة الغربية
ترامب: سنعقد اجتماعاً بشأن مقتل أمريكي-فلسطيني في الضفة الغربية

صحيفة الخليج

timeمنذ ساعة واحدة

  • صحيفة الخليج

ترامب: سنعقد اجتماعاً بشأن مقتل أمريكي-فلسطيني في الضفة الغربية

(رويترز) قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الأربعاء، إنه سيعقد اجتماعا غداً الخميس، بشأن المواطن الأمريكي الفلسطيني الذي ضُرب حتى الموت على يد مستوطنين في الضفة الغربية. إلى ذلك، قال ترامب إن إيران تريد التفاوض مع الولايات المتحدة، لكنه ليس متعجلا بشأن المفاوضات. وأضاف للصحفيين في البيت الأبيض خلال اجتماع مع ولي عهد البحرين: 'يريدون التفاوض بشدة. لسنا في عجلة من أمرنا'.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store