logo
نوم النبي ﷺ... وصفة سماوية ضد الإرهاق والأرق

نوم النبي ﷺ... وصفة سماوية ضد الإرهاق والأرق

تحيا مصرمنذ يوم واحد
كان نوم النبي صلى الله عليه وسلم تجسيداً حياً للتوازن بين حاجات الجسد وحقوق الروح، فلم يكن مجرد عادة بيولوجية، بل عبادةٌ منظمة ترسم للمسلم منهجاً متكاملاً للراحة والنشاط.
وفقاً لوصف ابن القيم في "زاد المعاد"، كان النبي ينام أول الليل بعد صلاة العشاء مباشرةً، ويستيقظ مع بدء النصف الثاني منه لقيام الليل، ثم يعود للنوم قبيل الفجر. وقد قدّر العلماء مجموع ساعات نومه بثماني ساعات يومياً، تتوزع بين الليل والقيلولة النهارية، وهو ما يتوافق مع أحدث الدراسات الطبية حول النوم الصحي .
التوقيت بين الليل والقيلولة
حرص النبي صلى الله عليه وسلم على تجنب النوم قبل العشاء (بعد المغرب) أو الحديث بعدها، كما ورد في صحيح البخاري عن أبي برزة الأسلمي. وكان ينهض عند الثلث الأخير من الليل لأداء الصلاة والذكر، ثم ينام ساعة أخرى قبل الفجر. أما نهاراً، فكان يحرص على القيلولة، التي وصفها ابن القيم بأنها "خلق رسول الله"، حيث إنها تعيد نشاط البدن دون إفراط. وقد ثبت علمياً أن القيلولة القصيرة تحسن الإنتاجية وتنشط الذاكرة، بينما حذر النبي من النوم بعد العصر لضرره الصحي، وهو ما أكده الأطباء القدماء بقولهم: "نوم العصير يُحدث تكسراً وعياً وضعفاً" .
وضعية الجسد في النوم وطبيعة الفراش
اتخذ النبي صلى الله عليه وسلم وضعيات محددة تضمن راحة الجسد وسرعة الاستيقاظ. فقد كان ينام على شقه الأيمن، يضع يده اليمنى تحت خده الأيمن، قائلاً: "رب قني عذابك يوم تبعث عبادك". هذه الهيئة – كما يذكر الأطباء – تحسن وظائف القلب والهضم، وتجنب الضغط على الأعضاء الداخلية. أما فراشه فكان نموذجاً للزهد والتوازن؛ فحسب رواية عائشة رضي الله عنها: "إنما كان فراش النبي الذي ينام عليه أَدَمٌ (جلد) حشوه ليف". وقد بكى عمر بن الخطاب عندما رأى أثر الحصير على جنب النبي، فقال له الرسول: "أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة؟" .
من الوضوء إلى الأذكار
ارتبط نوم النبي بطقوس تعبدية تبدأ بالوضوء، وتلاوة الأذكار، وتلاوة سور الإخلاص والفلق والناس مع النفث في الكفين ومسح الجسد. وكان يدعو عند النوم: "اللهم باسمك أحيا وأموت"، وعند الاستيقاظ: "الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور". هذه الأذكار – كما يوضح النووي – تحصن المسلم من تسلط الشياطين وتذكره بحقيقة الموت والبعث. وفي السفر، كان يغير هيئته عند النوم قبيل الفجر؛ فينصب ذراعه ويضع رأسه على كفه ليتمكن من الاستيقاظ لصلاة الفجر .
توافق العلم مع السنة
جسّد نوم النبي صلى الله عليه وسلم حكمة بالغة تتجلى في توافقه مع الحقائق العلمية الحديثة. فقسمته لساعات النوم بين الليل والقيلولة تتفق مع إيقاع الساعة البيولوجية (Circadian Rhythm)، كما أن النوم على الجانب الأيمن يقلل الشخير ويرفع كفاءة التنفس حسب دراسات طب النوم المعاصر. أما تحذيره من نوم الصبحة (بعد الفجر) فمبنى على حكمة ربانية؛ حيث إنه وقت طلب الأرزاق، كما أن التعرض للضوء الطبيعي صباحاً ينظم إفراز الميلاتونين ويحسن المزاج .
النوم عبادة متكاملة
لم يكن نوم النبي مجرد سد لحاجة الجسد، بل مدرسة تربوية تعلم المسلم كيفية تحويل كل لحظة إلى عبادة. فجمع بين حق البدن في الراحة، وحق الروح في المناجاة، وحق العقل في النشاط. يقول ابن القيم: "من تدبر نومه ويقظته وجده أعدل نومٍ، وأنفعه للبدن والأعضاء والقوى". هذا المنهج المتكامل يقدم حلاً لمشاكل العصر من الأرق والإرهاق، ويذكرنا بأن الإسلام دين الفطرة الذي يوازن بين الدنيا والآخرة .
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

حكم ترك الصلاة عمدًا.. أمين الفتوى يحذر
حكم ترك الصلاة عمدًا.. أمين الفتوى يحذر

مصراوي

timeمنذ ساعة واحدة

  • مصراوي

حكم ترك الصلاة عمدًا.. أمين الفتوى يحذر

حذر الشيخ عويضة عثمان، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، من عقوبة ترك الصلاة، موضحا حكم الشرع في تاركها عامدا أومتكاسلا. وفي رده على سؤال تلقاه حول حكم ترك الصلاة عمدًا، قال أمين الفتوى إن ترك الصلاة من الكبائر العظيمة، ولا ينبغي لمسلم أن يتساهل فيها أو يتكاسل عنها، فهي عمود الدين، "من أقامها فقد أقام الدين، ومن هدمها فقد هدم الدين". وأضاف عثمان، خلال لقائه ببرنامج "فتاوى الناس"، المذاع على قناة الناس، اليوم الثلاثاء، أن هناك فرقًا بين من ينكر الصلاة كليًا ويقول إنها ليست فرضًا، فهذا يقع في الكفر الصريح، لأنه أنكر معلومًا من الدين بالضرورة، وهذا أمر نادر ولا يُتصور حصوله في الغالب، أما من يتركها كسلًا أو تسويفًا، وهو يعلم أنها فريضة، فهذا مرتكب لكبيرة عظيمة، لكنه لا يُخرج من الإسلام، ومع ذلك فعليه أن يتوب فورًا. وتابع: "من يتكاسل عن الصلاة ويقول: (نفسي أصلي لكن الشيطان يغلبني)، فهذا أمل في خير، ونقول له: ارجع إلى الله، وباب التوبة مفتوح. لكن أن يترك الصلاة وهو في كامل وعيه ويفعل ذلك عمدًا مع قدرته، فهذا يُخشى عليه جدًا، ويجب أن يُراجع نفسه سريعًا، لأنها ليست مجرد عبادة بل صلة بالله". وأكد أمين الفتوى أن الله سبحانه وتعالى يغدق على الإنسان من النعم ما يستوجب منه الشكر الدائم، والصلاة من أعظم صور الشكر: "تقوم من نومك، ترى، تتحرك، تمشي، تقضي حاجتك بنفسك، كلها نعم، فهل لا تستحق هذه النعم أن تُقابل بسجدة شكر وخضوع؟! الصلاة 10 دقائق كل بضع ساعات، منحة من الله وليست عبئًا". وختم قائلًا: "الوضوء وحده يُكفّر الذنوب، فكيف بالصلاة؟ الخطايا تتساقط من العيون والأيدي والأرجل أثناء الوضوء، فما بالك بالوقوف بين يدي الله؟! الإمام المروزي له كتاب من مجلدين بعنوان تعظيم قدر الصلاة، بيّن فيه عظيم أجرها ومكانتها، فالصلاة ليست عبادة عادية، بل حياة".

ما حكم تنظيم الأسرة في الشريعة؟.. أمين الفتوى يرد
ما حكم تنظيم الأسرة في الشريعة؟.. أمين الفتوى يرد

الدستور

timeمنذ ساعة واحدة

  • الدستور

ما حكم تنظيم الأسرة في الشريعة؟.. أمين الفتوى يرد

أوضح الشيخ عويضة عثمان، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، حكم تنظيم الأسرة في الشريعة الإسلامية، قائلًا: "إن هناك وسائل للتنظيم جائزة وأخرى غير جائزة شرعًا". وأضاف الشيخ عويضة عثمان خلال لقاءه ببرنامج "فتاوى الناس" المذاع عبر قناة الناس، أن تنظيم الأسرة جائز، ولا حرج فيه إذا كان الهدف منه التنظيم لا المنع التام للنسل، لافتا إلى أن الشريعة الإسلامية وسطية ولا تتعارض مع الواقع الإنساني وحاجة الناس لتدبير أمورهم. وأشار إلى أن بعض الناس في بداية ظهور فكرة تنظيم الأسرة كانت لديهم حساسية وخوف مفرط من هذه الفكرة، بحجة أنها تعارض "قدر الله"، لكن الواقع أثبت أن الإنسان لا يستطيع أن يمنع قضاء الله، فكم من امرأة استخدمت وسائل منع الحمل ومع ذلك وقع الحمل، وهذا يدل على أن المسألة خاضعة لأسباب ولكن النتائج بيد الله وحده. وأوضح أن التنظيم جائز شرعًا، خاصة إذا كان الهدف منه إراحة المرأة، أو مراعاة صحتها، أو تحسين الرعاية والتربية للأطفال، معقبًا: "أجساد النساء ليست كما كانت في السابق، والحياة أصبحت أكثر تعقيدًا، والضغوط الجسدية والنفسية أكبر، فالتنظيم بات ضرورة في كثير من الأحيان". وأكد أن كل إنسان أدرى بحاله، وأنه لا ينبغي لأحد أن يُنكر على غيره أو يُلزم الناس برأيه في هذا الباب، ما دام الأمر لا يخرج عن دائرة المباح، معقبًا: "هذا لا يتعارض مع التوكل على الله، فالله قدر لكل نفس رزقها، لكن على الإنسان أن يُدبر شأنه بما لا يُخالف الشرع". وعن وسائل تنظيم الأسرة، أوضح أمين الفتوى أن هناك وسائل تنظيم جائزة وأخرى غير جائزة: مثلًا، الخصاء للرجل أو إزالة الرحم أو الربط الدائم للمرأة بدون ضرورة طبية، لا يجوز شرعًا، لأنه يدخل في باب قطع النسل نهائيًا، وهو ما نهى عنه النبي ﷺ، بينما يجوز استخدام وسائل تنظيم الحمل المؤقتة، مثل الحبوب أو اللولب، بل وحتى الربط المؤقت إذا كان يحقق الغرض دون الإضرار، أما في حالة الربط الدائم فلا يجوز إلا إذا قرر الطبيب المختص أن الحمل يمثل خطورة حقيقية على حياة المرأة، أو أن كل الوسائل الأخرى لا تصلح لها، وهنا يكون اللجوء للربط مباحًا حفظًا لحياتها، ويُترك القرار الطبي لأهل الاختصاص دون حاجة لسؤال شرعي إضافي.

ما حكم اتفاق الزوجين على تأخير الإنجاب؟.. الإفتاء تجيب
ما حكم اتفاق الزوجين على تأخير الإنجاب؟.. الإفتاء تجيب

بوابة الفجر

timeمنذ 2 ساعات

  • بوابة الفجر

ما حكم اتفاق الزوجين على تأخير الإنجاب؟.. الإفتاء تجيب

قال الشيخ عويضة عثمان، أمين الفتوى ما حكم اتفاق الزوجين على تأخير الإنجاب ما حكم اتفاق الزوجين على تأخير الإنجاب؟ وأوضح أمين الفتوى أن الواقع المعاصر أكثر تعقيدًا من الماضي، وأن احتياجات الأطفال في هذا الزمن باتت متعددة، بين التعليم والرعاية الصحية والترفيه، وكلها تتطلب استعدادًا وتخطيطًا دقيقًا من الزوجين. وأشار إلى أن هذه الظروف هي ما يدفع كثيرًا من الأزواج إلى التفكير بعمق قبل اتخاذ خطوة الإنجاب. وتابع قائلًا إن الزمن تغير، فقديمًا كان الناس يتزوجون وينجبون مباشرة دون تردد، أما الآن فهناك أعباء ومسؤوليات وتطلعات أكبر، سواء من الأهل أو من الأبناء أنفسهم. وتابع أن الإنسان الطبيعي عندما يُرزق بطفل يرغب في تأمين حياة كريمة له، مما يجعله يعيد النظر في توقيت الإنجاب. ما حكم تأخير الإنجاب؟ وشدد الشيخ عويضة على أن تأجيل الإنجاب لا يُعد تناقضًا مع التوكل على الله، ولا مع الإيمان بأن كل مولود يُولد برزقه، بل إن اتخاذ قرارات مدروسة وتنظيم شؤون الحياة هو من باب حسن التدبير، لا من ضعف الإيمان. وأكد أن الله سبحانه وتعالى قد ضمن الرزق لكل مخلوق، مستشهدًا بقوله تعالى: ﴿وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها﴾. ولفت إلى أن الشخص لا يمنع الرزق وإنما ينظمه بما يتناسب مع إمكانياته، وأن التفكير في القدرة على الوفاء بالمسؤوليات يعكس العقل والحكمة، لا التواكل. واستطرد أن الأهم في هذا الأمر هو اتفاق الزوجين وتفاهمهما على القرار، وأنه لا حرج شرعي في ذلك ما دام كان عن قناعة مشتركة. ونوّه إلى أن تأجيل الإنجاب قد يكون أنسب لبعض الأزواج حسب ظروفهم الاجتماعية والاقتصادية، مشيرًا إلى أن هذا ليس مبدأً عامًا يُفرض على الجميع، بل قرار فردي يتغير من حالة لأخرى. وأكد أن التفاهم المشترك بين الزوجين هو الأساس، سواء كان الهدف من التأجيل هو التهيئة النفسية أو الاستقرار المادي أو حتى الرغبة في الاستمتاع بفترة الزواج الأولى دون مسؤوليات إضافية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store