
الأوروبيون تحت مجهر الناتو!ميشال كلاغاصي
م. ميشال كلاغاصي
أظهرت قمة الناتو مؤخراً في لاهاي, أن دوله لم تعد تتمتع بإدعائها 'وحدة الصف' في مواجهة روسيا, وبغالبية الشؤون والقضايا الأوروبية والدولية, وبات إصدار بيان القمة المشترك أمراً صعباً ومحرجاً للبعض, واختصرت القمة نفسها من ثلاثة أيام إلى بضعة ساعات, تموضعت فيها بعض دول الحلف وراء سعيها إلى تطبيع العلاقات مع روسيا, فيما تموضع البعض الاّخر وراء الإستعداد للحرب المباشرة مع روسيا خلال سنوات قليلة, واختتمت القمة بموافقة القادة على زيادة الإنفاق الدفاعي إلى 5% من اجمالي الناتج المحلي لدولهم, أمام إصرار الرئيس دونالد ترامب ومطالبتهم بالإلتزام بالزيادة, وسط التساؤلات حول طبيعة المخاوف الأوروبية, ونوايا الحلف المستقبلية وأسباب استعداداته المكلفة, خصوصاً أن غالبية الإقتصاديات الأوروبية الرائدة تقف على عتبة الركود الاقتصادي.
مالذي يجعل دول الناتو توافق على زيادة الإنفاق الدفاعي للحلف, على الرغم من حجم الخلافات الداخلية حول هوية العدو ومدى خطورة وجدية تهديداته الحقيقية, والإنقسام حول ما يسمى 'التهديد الروسي', بإعتباره خطيراً ووشيكاً كدول البلطيق وشمال أوروبا وبولندا وبريطانيا، وبين من لا يرون فيه أي خطر كدول جنوب أوروبا والبلقان، وبعض رموز الإدارة الأمريكية.
عن أي تهديد وفوبيا يتحدث الأوروبيين, لتبرير موافقتهم على زيادة الإنفاق العسكري لحلف الناتو, وهل يأملون حقاً بتحسين أوضاع أنظمتهم الأمنية على حساب شعوبهم, وهل سيكون بمقدورهم تأمين مقدار الـ 5% لتزويد الناتو بأسلحة جديدة, عبر موافقةٍ تبدو في حقيقتها قبول بعمليةً سرقة ونقل الأموال من جيوب الأوروبيين بما فيهم البريطانيين إلى جيوب الأمريكيين.
كان لا بد لهم البحث عن مبررات خسارة تلك الأموال, الأمر الذي دفعهم لترويج رواية مخاوفهم من 'التهديد العسكري الروسي', وإحتمالية قيام روسيا بمهاجمتهم وسرقة ثرواتهم وأموالهم, في الوقت الذي يحاولون فيه إخفاء'سعيهم إلى إلحاق الهزيمة الإستراتيجية بروسيا'–بحسب الرئيس بوتين-, في حين اعتبر الوزير لافروف إن هذه الزيادة 'قد تؤدي إلى انهيار الحلف'.
من المعروف أن مخططي الحروب الكبرى عادةً ما يهتمون بالغطاء السياسي والإستعداد العسكري بما يعكس جديتهم للحرب, لكن الصراع في أوكرانيا كشف حالة الضعف الإقتصادي والعسكري لدول 'العنترة' الأوروبية بزعامة بريطانيا, بما فضح الحكاية وأضفي على مواقفهم طابعاً إستعراضياً, كشف إعتمادهم على تحويل دول البلطيق إلى منصة لإستفزاز موسكو سياسياً, وببعض التحركات العسكرية في نطاق محدود كنشر أنظمة الدفاع الصاروخي في تشيكيا وبولندا ورومانيا, الذي يبدو وكأنه استثمارٌ تسليحي فاشل, ونشرٌ مُكلف لبعض الوحدات القتالية على حدود روسيا, بما يضعف قدراتهم الإقتصادية والعسكرية المنهكة أصلاً نتيجة دعم قوات كييف على مدى الأعوام الماضية.
لا يمكن الرهان على ما تعلنه بريطانيا عن ثقتها بالإنتصار, وخططها الذاتية للتسلح ورغباتها بجمع شمل الدول حامية الرؤوس وقيادتها لشن الحرب على روسيا, وكان من الأجدر أن تقوم بريطانيا بدراسة التكاليف التسليحية الباهظة وضمان عدم سقوطها الإقتصادي في ظل أزماتها الداخلية وعدم الإنجرار وراء مغامرات بدأتها رئيسة وزراء بريطانيا السابقة ليز تروس بإعلان نيتها بـ'تدمير الاقتصاد الروسي', وإلتحاق حكومة ستارمر بتراجع خطاب ماكرون تجاه روسيا, وهو الذي حاول منذ بداية العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا أن يكون الطاووس الفرنسي – الأوروبي, وانتهى به الأمر بالأمس إلى أن يكون صوتاً هاتفياً ناعماً وجميلاً همس في اذني الرئيس بوتين لمدة ساعتين في محاولة العودة إلى المشاركة في القضايا دولية الهامة وعلى رأسها الصراع في الشرق الأوسط والحرب بين طهران وتل أبيب ونتائجها وإلى الجلوس على طاولة الحوار في الملف النووي التي سبق وطردهم منها الرئيس ترامب.
بات من الضروري لدول حلف الناتو الغربيين احتواء 'صقورهم', والكف عن محاولة إضافة دول جديدة إلى تحالفٍ خاسر ينحصر دوره في مشاركة بريطانيا ومن معها الهزيمة, وقد كان الوزير الروسي سيرغي لافروف واضحاً بقوله :الغرب قرر'إلحاق هزيمة استراتيجية بروسيا، بإستخدام نظام كييف كأداة هدم.. لكنه لم ولن ينجح'.
ويبقى السؤال, ما الذي يأمله القادة الأوروبيون بعدما قلّم الأمريكيون أظافرهم, ودفعوا بهم للدوران في فلك الخداع والإمبريالية الأمريكيين, ومع ذلك لا زالوا يرون في وحدتهم الوهمية إمكانية لإجبار روسيا على الإستسلام, في وقتٍ أكد فيه الرئيس بوتين مؤخراً بأن:'الغرب سيموتون وهم يحاولون دفننا'.
من الواضح أن أوروبا بلغت حد التخمة جراء اختيار القادة على غرار تروس, ستارمر, شولتز, ماكرون, ميلوني…إلخ , وتستحق مصالح دولها وشعوبها تمثيلاً قيادياً حقيقياً في الناتو, وليس لمن يلهثون وراء إرضاء دونالد ترامب ومن خلفه.
م. ميشال كلاغاصي
2025-07-03
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


شفق نيوز
منذ 3 ساعات
- شفق نيوز
عاشوراء العطش.. مواكب في البصرة تترك المجالس وتحتج (فيديو)
شفق نيوز– البصرة في مشهد يجمع بين رمزية عاشوراء وواقع المعاناة اليومية، خرج العشرات من أبناء قضاء الهارثة شمالي البصرة، مساء الجمعة، في تظاهرة غاضبة أمام بوابة مشروع ماء البصرة الكبير، للمطالبة بإيصال المياه الصالحة للاستخدام إلى مناطقهم، في ظل استمرار أزمة شح وتلوث المياه التي تعصف بالقضاء منذ سنوات. ورفع المتظاهرون، ومعظمهم من أبناء المواكب الحسينية، لافتات تندد بما وصفوه بـ"التهميش المزمن"، مرددين شعارات تطالب بإنهاء معاناتهم وتأمين حقهم في مياه نظيفة، رغم قربهم الجغرافي من أحد أضخم المشاريع المائية في العراق، والممول بالقرض الياباني. وقال رئيس جمعية الأهوار وممثل المتظاهرين، حسين صباح، لوكالة شفق نيوز، إن "هذه التظاهرة خرجت من رحم المواكب الحسينية، حيث ترك المشاركون مواقع خدمتهم ليتجمعوا أمام المشروع، بعدما بلغت أزمة المياه ذروتها"، مشيراً إلى أن المشروع "لا يضخ الماء إلى مناطقهم، في وقت لا أحد يوضح أين تذهب هذه الكميات، وهل تُحوّل إلى مركز المدينة أو تُستخدم لأغراض أخرى؟". وأضاف أن المتظاهرين قرروا الدخول في اعتصام مفتوح، قبل أن ينسحبوا مؤقتاً بعد منتصف الليل احتراماً لأيام عاشوراء، مع تأكيد نيتهم استئناف التصعيد بعد انتهاء المناسبة إذا لم تتم الاستجابة لمطالبهم. وأوضح صباح أن "قضاء الهارثة يُعد من أكثر مناطق البصرة تضرراً من أزمة المياه، إذ يعتمد الأهالي على الحوضيات أو المياه المالحة غير الصالحة للاستهلاك، رغم قربهم من المشروع الذي كان يفترض أن ينهي معاناتهم"، مؤكداً أن استمرار هذا التهميش "ولد شعوراً بالغبن لدى السكان ودفعهم إلى التحرك الشعبي". وتشهد محافظة البصرة، منذ أعوام، أزمة مزمنة في مياه الشرب نتيجة التلوث والملوحة وغياب التخطيط الخدمي، ما يدفع السكان بين الحين والآخر إلى الاحتجاج والمطالبة بحلول جذرية ومستدامة.


وكالة أنباء براثا
منذ 3 ساعات
- وكالة أنباء براثا
التربية توجّه بتعليق استمارات تقييم الأداء.. وتعتبر العام الدراسي الحالي استثنائيًا
وجّهت وزارة التربية، في وثيقة رسمية صادرة عن مكتب الوزير بتعليق استمارات تقييم الأداء الوظيفي للعام الدراسي الحالي 2024 – 2025، واعتبار هذا العام استثنائيًا، نتيجة تعذّر توفير الأدلة الخاصة بالنشاطات والإنجازات في بعض المديريات التربوية.


الزمان
منذ 3 ساعات
- الزمان
تغيير التسمية النازية لشارعين بمسقط رأس هتلر في النمسا
فيينا (أ ف ب) – غيّرت السلطات المحلية في مدينة براوناو النمسوية التي يتحدر منها أدولف هتلر تسمية شارعين كانا يحملان اسمَي مسؤولَين نازيَين سابقَين، نزولا عند ضغط من إحدى الجمعيات، على ما أفادت عضوة في المجلس البلدي. وقالت عضوة المجلس البلدي للمدينة عن الحزب الاشتراكي الديمقراطي المعارض مارتينا شيفر 'أُجريَ تصويت سري بشأن شارعي يوزف رايتر وريسل، فأيّد 28 عضوا (تغيير تسميتهما) بينما عارضه تسعة'. وأعلن حزب الحرية النمسوي الذي أسسه نازيون سابقون ويُعدّ حاليا أكبر قوة سياسية معارضته هذا التغيير. وقال عضو مجلس إدارة لجنة ماوتهاوزن النمسوية روبرت آيتر لوكالة فرانس برس إن يوزف رايتر (1862-1939) كان مقربا من هتلر، و'جُرِّد من لقبه كمواطن شرف في براوناو (شمال النمسا) في 19 آذار/مارس بناءً على طلبنا'. أما فرانتز ريسل فكان من مسؤولي الدعاية السياسية للقومية الألمانية، وسبق أن قررت مدينة لينتز عام 2023 تغيير تسمية شارع يحمل اسمه. وفي عام 2016، اشترت الحكومة الألمانية المنزل الذي وُلد فيه أدولف هتلر بعد نقاشات مطولة، وبدأت العمل على تحويله مركزا للشرطة بحلول عام 2026. وأشار آيتر إلى أن 'لجنة ماوتهاوزن ترى أن من الأفضل استخدام المنزل لإحياء ذكرى الضحايا'.