
حبوب الهلوسة قاتل صامت ينتشر في موريتانيا.. من يقفل صندوق باندورا؟ صحراء ميديا
عملية التوثيق كانت تجري بدقة؛ مدقق يتولى إحصاء الكمية وتدوينها في دفتر خاص، كما يحدث في كل مرة. إجراء اعتيادي لا يلفت الانتباه، لكن خلف هذا الروتين كانت تُنسَج خيوط قضية تهدد الأمن الصحي في البلاد، بمجرد أن أدار السائق المحرك واستعد للمغادرة، فتح الحارس البوابة، خرجت الشاحنة، وهي تجر وراءها حمولة من الأدوية المزورة وحبوب الهلوسة؛ لكن ما لم يكن في الحسبان، أن وحدة من الدرك الوطني كانت في انتظارها.
خلال لحظات، طُوّق المكان، وأُغلقت كل الطرق المؤدية إليه؛ كانت هذه اللحظة بمثابة فتح 'صندوق باندورا' الذي كشف حجم الكارثة.
العملية، التي جاءت بعد مراقبة استخباراتية دقيقة، لم تكشف فقط عن خمسة مخازن، بل فتحت الباب أمام أسئلة خطيرة حول مدى انتشار هذه المواد السامة في السوق الموريتانية.
حتى الآن، لا أحد يستطيع أن يجزم بحجم الكميات التي وصلت إلى الصيدليات، أو ما إذا كانت تُباع بشكل علني أو تحت الطاولة، لكن المؤكد لدى كثير من الموريتانيين أن ما يجري ليس مجرد تهريب أدوية، بل توزيع ممنهج لقاتل صامت، يعبث بصحة الناس ويزرع الموت بسخاء.
مخازن الموت
وقال رئيس مكتب الدراسات والعلاقات العامة بأركان الدرك الوطني، على لسان الرائد محمد ولد الحافظ ولد محمود، أن تنفيذ العملية تولته قوات من الناحية الغربية للدرك الوطني، وأسفر في مرحلته الأولى عن توقيف 14 شخصًا، وضبط أربعة مخازن موزعة بين مقاطعتي الدار النعيم وعرفات، بالإضافة إلى شاحنة مخصصة لنقل الأدوية عُثر عليها في ساحة المطار القديم.
وأضاف أن التحقيقات قادت إلى ضبط مخزن خامس بعد مرور 72 ساعة من بداية العملية، ليرتفع بذلك عدد الموقوفين إلى 25 شخصًا.
وأشار الرائد إلى أن جميع المخازن التي تم ضبطها لا تستوفي أبسط معايير السلامة الصحية، ما يزيد من خطورة المواد المضبوطة على صحة المواطنين.
ما يبقى الأخطر هو إعلان الدرك أن هذه الشبكة كانت تتاجر بحبوب الهلوسة، التي تعد أخطر المواد التي يُقبل على تعاطيها المدمنون، لما لها من تأثير مباشر على الجهاز العصبي والعقلي للإنسان.
إدمان قاتل
وقد دقّت العديد من الهيئات العاملة في المجتمع المدني ناقوس الخطر مرارًا بشأن تفشي هذه المواد في الأحياء الشعبية والمؤسسات التعليمية، مشيرة إلى أن فئة الشباب هي الأكثر عرضة للاستهداف من قبل المروّجين، في ظل ضعف الرقابة وغياب الوعي الكافي بمخاطر هذه السموم.
ويرى مراقبون أن تصاعد وتيرة الجريمة في البلاد، خاصة الجرائم ذات الطابع العنيف أو الغامض، يرتبط بشكل وثيق بانتشار المؤثرات العقلية، وعلى رأسها حبوب الهلوسة.
فهذه المواد تُضعف الإدراك وتلغي التمييز بين الواقع والوهم، ما يجعل متعاطيها أكثر ميلاً إلى ارتكاب أفعال خطرة دون وعي أو تقدير للعواقب، الأمر الذي يشكل تهديدًا متزايدًا للسلم المجتمعي والأمن العام.
لم تتفاجأ رئيسة منظمة 'نور القمر' لمكافحة المخدرات، نوها بنت محمد صالح، بالكميات الكبيرة من الحبوب المهلوسة التي تم ضبطها مؤخراً، مؤكدة أنها دأبت منذ سنوات على إطلاق نداءات تحذيرية بشأن انتشار هذه المواد في موريتانيا.
وقد سبق لبنت محمد صالح أن وقفت على حالات تعاطٍ في عمر الزهور، في مناطق متفرقة من العاصمة نواكشوط، وكان أغلبهم يستخدم نفس الحبوب التي صادرتها وحدات الدرك الوطني.
تقول رئيسة منظمة نور القمر، إن حبوب الهلوسة التي تنتشر في موريتانيا تنقسم إلى نوعين؛ حبوب تقليدية وأخرى عبارة عن عقاقير ملونة، مؤكدة أن بعض الأنواع التي تم ضبطها مؤخراً سبق أن حذّرت منها عبر منشورات على صفحتها في فيسبوك.
وأضافت بنت محمد صالح في مقابلة مع قناة 'صحراء 24″، أن الفئات التي تتعاطى هذه المواد تشمل أطفالاً تبدأ أعمارهم من سبع سنوات، وصولاً إلى شباب في الثلاثين.
وأشارت إلى أن بيع هذه الحبوب يتم في محلات معروفة وأمام بعض المدارس، الأمر الذي وصفته بـ'الخطر المحدق' الذي يهدد المجتمع.
وأوضحت أنها رصدت خلال زيارات ميدانية في العاصمة نواكشوط بعض نقاط التوزيع التي ينطلق منها بيع الحبوب المهلوسة والمخدرات، وتمكنت من إبلاغ السلطات التي تدخلت لإغلاق بعضها.
وأكدت أن الأجهزة الأمنية تمكّنت من تضييق الخناق على مروجي هذه المواد، خاصة في مدينة نواذيبو، لكنها شددت على أن نواكشوط لا تزال تشكّل المركز الأبرز لتداول هذه الحبوب، داعية إلى تكثيف الجهود لمكافحة الظاهرة والحد من انتشارها بين الشباب.
جرائم بلا مجرمين
ليست هذه المرة الأولى التي تعلن الحكومة عن ضبط وتفكيك شبكات تهرب الأدوية والمخدرات، إذ تملك موريتانيا تاريخًا طويلًا ومعقدًا مع هذه الظاهرة، نظراً لموقعها الجغرافي الاستراتيجي الذي يجعلها نقطة عبور مفضّلة لشبكات التهريب بين إفريقيا وأوروبا.
رغم تكرار الإعلان عن ضبط شحنات ضخمة من المخدرات في موريتانيا، إلا أن هذه القضايا كثيراً ما تثير تساؤلات حول طريقة التعامل الرسمي معها، وجدّية المتابعة الأمنية والقضائية.
وفي هذا السياق يعتبر مدير وكالة الأخبار المستقلة الهيبة ولد الشيخ سيداتي أن قضايا المخدرات في موريتانيا تشترك في سمات ثابتة، أبرزها أنها غالباً ما تبدأ بمعلومات استخباراتية مصدرها الخارج، وليس بيقظة الأجهزة الأمنية المحلية.
وقال ولد الشيخ سيداتي إن هذا النمط تكرّر في عدة ملفات بارزة، منها قضية 'طائرة نواذيبو' وعمليات تهريب كبرى تم إحباطها في 2023، وآخرها العملية الأمنية الأخيرة.
وأوضح ولد الشيخ سيداتي، في مقابلة مع قناة 'صحراء 24″، أن هذه القضايا غالباً ما تُضخَّم إعلامياً في بدايتها، قبل أن تنتهي دون نتائج ملموسة، واصفاً إياها بـ'الجعجعة التي لا تُنتج طحيناً'.
وأشار إلى أن ملفات المخدرات في موريتانيا كثيراً ما تُغلق دون توجيه اتهامات أو محاكمات، ما يجعل منها 'جرائم بلا مجرمين'.
واعتبر أن السبب الجوهري لذلك يعود إلى 'نظرة رسمية خاطئة' سادت في السابق، اعتبرت البلاد مجرد منطقة عبور يمكن أن تستفيد اقتصادياً من هذه العمليات، وهو ما انعكس سلباً على المجتمع من خلال انتشار التعاطي بين الأطفال والشباب.
كما لفت ولد الشيخ سيداتي إلى ما وصفه بـ'التعامل المريب' مع هذا الملف، مستشهداً بحالات عفو رئاسي متكررة عن متهمين في قضايا مخدرات، وبقضية تعود إلى عام 2006 أو 2007، حين كشفت معلومات أمنية نية شبكات تهريب إنشاء مطار بين بوتلميت وواد الناقة، وهو ما تم إحباطه بعد ضبط كميات من الكيروسين في المنطقة من قبل الدرك.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البيان
منذ ساعة واحدة
- البيان
"فستان الرعاية" للأميرة ديانا يباع في المزاد بـ نص مليون دولار
لطالما كانت أزياء "ديانا" تحصد مبالغ كبيرة في المزادات — حتى أثناء حياتها. ففي عام 1997، عرضت حوالي 80 فستانًا للبيع عبر "كريستي"، وجمعت أكثر من 3.2 مليون دولار لأبحاث السرطان والإيدز. وكان الرقم القياسي الحالي لمزاد إحدى ملابسها قد سُجل في مزاد "جوليانز أوشينز" عام 2023، عندما بيعت فستان "جاك أزاغوري" الأسود والأزرق الذي ارتدته في مناسبتين علنيتين على الأقل في منتصف الثمانينيات مقابل 1.14 مليون دولار. بالإضافة إلى المعاينات الخاصة في نيويورك ولندن ولوس أنجلوس، عُرضت مجموعة من مقتنيات "ديانا" من المزاد الذي جرى في متحف رموز الأزياء في "نيوبريدج"، إيرلندا، قبل البيع ومن أهمها فستان بطبعات الزهور الربيعية كانت ترتديه "الأميرة ديانا" لزيارة الأطفال في المستشفيات مقابل 520,000 دولار يوم حيث تم عرض أكثر من 100 من ممتلكات الراحلة "الأميرة من ويلز" في مزاد في كاليفورنيا. والجدير بالذكر ان ديانا ارتدت هذا الفستان علنًا في عدة مناسبات بين عامي 1988 و1992، بما في ذلك خلال زيارات رسمية إلى إسبانيا ونيجيريا، وكان يُطلق عليه اسم "فستان الرعاية" لأنها بألوانه الزاهية ساعدت على تهدئة المرضى. وجاء المزاد تحت عنوان "أسلوب "الأميرة ديانا" ومجموعة ملكية"، وبيعت فيه العديد من مقتنياتها، بما في ذلك قبعات، حقائب يد، أحذية، بالإضافة إلى رسومات ورسائل مكتوبة بخط اليد. ووصف دار المزادات "جوليانز أوشينز" القطع بأنها "أكبر مجموعة" من أزياء الملكية تم عرضها حتي اليوم. أما "الفستان الذي صممه صالون "بيلفيل ساسون" البريطاني الفاخر، فكان من بين 10 قطع حققت مبيعات بمبالغ ستة أرقام. ومن بين هذه القطع أيضًا معطف فستان وبدلة سهرة من الحرير الكريمي، صممتها "كاترين ووكر"، وبيعت كل منهما بمبلغ 455,000 دولار. وفي سياق آخر، ذهبت حقيبة يد من "ديور" مصنوعة من جلد الخروف، هدية من قبل السيدة الأولى الفرنسية السابقة "برناديت شيراك"، مقابل 325,000 دولار، بينما بيع فستان أزرق بدون أكمام من تصميم "جياني فيرساتشي"، وكان من قبل صديقتها المقربة، مقابل 227,500 دولار. وبيعت أيضًا بدلتان من "إسكادا" (Escada) واحدة زهرية من نوع "برود أولدفيلد" والثانية من ثلاث قطع، مقابل 260,000 دولار. قبل المزاد، قالت مصممة الأزياء "إليزابيث إيمانويل"، التي ساهمت في تصميم فستان زفاف "ديانا"، في بيان صحفي إنها قدمت قطع أرشيفية ليتم "حبها وتقديرها مرة أخرى من قبل من لن ينسوا تلك الأيام الذهبية حين كانت "ديانا" ملكة قلوبنا." وبيعت واحدة من تصميماتها — فستان سهرة من التافتا السوداء ارتدته "ديانا" في مناسبة بلندن خلال أول ظهور رسمي لها منذ إعلان خطوبتها لـ"الأمير تشارلز" في عام 1981 — مقابل 26,000 دولار. بينما ارتدت العديد من القطع في مناسبات رسمية، أظهرت أخرى أسلوب "ديانا" الكلاسيكي في الأزياء غير الرسمية من الثمانينيات والتسعينيات، بما في ذلك بدلة تزلج من النايلون باللون القرمزي وسويتر كبير الحجم يحمل شعار "مؤسسة الرئة البريطانية" والذي حقق مبيعات قياسية، حيث بيعت مقابل 325,000 ومرة اخرى مقابل 221,000 دولار على التوالي. وشمل المزاد أيضًا قطعًا تعود لأفراد من العائلة الملكية البريطانية، بما في ذلك دوق ودوقة "ويندسور"، و"الملكة إليزابيث الثانية" و"والدة الملكة"، مع بعض القطع التي تعود إلى القرن التاسع عشر. وأفاد دار المزادات بأن جزءًا من عائدات المزاد ستذهب إلى جمعية "الاضطرابات العضلية" البريطانية . قال "مارتن نولان"، أحد مؤسسي ومدير "جوليانز أوشينز"، في بيان صحفي قبل البيع: "تركة "الأميرة ديانا" لا تزال حية، ليس فقط من خلال عملها الإنساني، ولكن أيضًا من خلال أناقتها الخالدة التي تواصل إلهام العالم".


الوكيل
منذ ساعة واحدة
- الوكيل
الدفاعات الجوية الروسية تعترض عدة مسيرات في مناطق مختلفة
الوكيل الإخباري- اعترضت الدفاعات الجوية الروسية اليوم الأربعاء، عدة طائرات مسيرة أوكرانية كانت تستهدف العاصمة موسكو ومناطق أخرى. اضافة اعلان


Sport360
منذ ساعة واحدة
- Sport360
برينتفورد يُبلغ مانشستر يونايتد بالسعر المطلوب لبيع مبيومو
وقدم مبيومو مستويات راقية للغاية مع فريقه في الدوري الإنجليزي خلال الموسم المُنتهي، هو الأمر الذي جذب له اهتمام الشياطين الحُمر. وبحسب تقرير نشرته صحيفة ميرور البريطانية فإن نادي برينتفورد حدد سعراً قدره 65 مليون باوند للمُوافقة على بيع النجم الكاميروني الدولي. وأشار التقرير إلى أن مانشستر يونايتد قدم عرضين للحصول على توقيع مبيومو، ولكن إدارة برينتفورد رفضتهما بسبب انخفاض المعروض عن قيمة المطلوب مالياً. وذكرت الصحيفة البريطانية أن العرض الأول كان بقيمة 55 مليون باوند، فيما كان العرض الثاني بقيمة 62.5 مليون باوند. وستُجيب الفترة المُقبلة عن السؤال بشأن مصير صفقة مبيومو، وهل بالفعل سيتعاقد معه اليونايتد أم أن مسار النجم الكاميروني سيتخذ اتجاهاً مُختلفاً. ويبلغ مبيومو من العُر 25 سنة، ويُجيد اللعب في مراكز الهجوم المُختلفة، وينتهي عقده مع برينتفورد في 30 يونيو 2026. وكان مبيومو قد انتقل إلى برينتفورد في 2019 قادماً من تروا، ومنذ ذلك الحين لعب 242 مُباراةً في كافة المُسابقات، سجل فيهم 70 هدفاً، وصنع 51 هدفاً. شاهد أيضًا: