
ترامب يرحب بـ"الرد الإيجابي" لحماس وإسرائيل تجتمع بشأنه
علق الرئيس الأميركي دونالد ترامب، على رد حركة حماس بشأن مقترح وقف إطلاق النار في غزة، قائلاً "حسناً، هذا جيد"، مشيراً إلى أنه لم يتلقَّ إفادة رسمية حوله حتى الآن، لكنه أبدى تفاؤله قائلاً "قد يكون هناك اتفاق خلال أيام".
وفي تصريحات له، قال ترامب إن "من الجيد أن حماس قالت إنها ردت بروح إيجابية على المقترح"، معرباً عن أمله في التوصل لاتفاق هذا الأسبوع، رغم عدم اطلاعه على الوضع الحالي للمفاوضات، مضيفاً: "يتعين علينا فعل شيء ما بخصوص غزة، ونحن نرسل الكثير من المال والكثير من المساعدات".
وأكد ترامب نيته مناقشة ملف إيران مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عند زيارته المرتقبة للبيت الأبيض يوم الاثنين المقبل.
وفي سياق متصل، يجتمع مجلس الوزراء الإسرائيلي مساء اليوم السبت لمناقشة المفاوضات المتعلقة بصفقة غزة، وذلك بعد رد حماس على المقترح الأخير لوقف إطلاق النار، وفق ما نقلته هيئة البث الإسرائيلية عن "مصادر مطلعة".
وأفادت الهيئة بأن حماس اقترحت "تعديلات" على الصفقة، وأوضحت أن "هذه التعديلات ستشكل تحدياً لصانعي القرار الإسرائيلي".
وبينما لم يصدر تعليق رسمي من الحكومة الإسرائيلية حتى الآن، كشفت مصادر إسرائيلية، مساء أمس الجمعة، أن تل أبيب تسلمت رد الحركة وتدرس تفاصيله، فيما ذكرت القناة 13 أن إسرائيل ستُجري تقييماً دقيقاً لمطالب حماس وتبلور موقفها، مع ترجيحات بإرسال وفد إلى الوسطاء بعد ذلك.
وكانت حماس قد أعلنت، مساء أمس الجمعة، أنها أكملت مشاوراتها الداخلية ومع الفصائل الفلسطينية بشأن مقترح الوسطاء الأخير لوقف إطلاق النار، وسلمت ردها "الإيجابي" للوسطاء، مؤكدة جاهزيتها للدخول الفوري في مفاوضات حول آلية تنفيذ الاتفاق.
وقال مسؤول فلسطيني مطلع إن "رد حماس إيجابي وسيساعد في التوصل لاتفاق"، دون كشف تفاصيل إضافية.
وفي وقت سابق، نشرت هيئة البث الإسرائيلية النص الكامل للمقترح المصري القطري الذي يتضمن هدنة مدتها 60 يوماً، بضمان من الرئيس ترمب لالتزام إسرائيل بها.
ويتضمن المقترح الإفراج عن رهائن وفق جدول زمني يمتد من اليوم الأول وحتى اليوم الستين، بالإضافة إلى إدخال مساعدات إنسانية مكثفة إلى غزة بالتنسيق مع الأمم المتحدة والهلال الأحمر، ووفق اتفاق 19 يناير 2025.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


موقع كتابات
منذ 8 ساعات
- موقع كتابات
العجالة في هدنة غزة … علامَ وإلامَ .!؟
طرح فكرة او مشروع هدنة مؤقتة او وقف اطلاق النار لمدة 60 يوما بين اسرائيل وحماس , وتتضمن اعداد محددة من المحتجزين والجثث من الأسرائيليين لدى حركة حماس , مقابل عدد غير معروف .! من الأسرى الفلسطينيين في السجون الأسرائيلية , هي مبادرة طرحها وتحمّس لها الرئيس ترامب فجأةً منذ نحو اسبوع ( وله في ذلك حساباتٌ ما .! ) , كما استجاب لها نتنياهو المعروف بتعنّته بذات السرعة تقريباً , حيث سيصل رئيس الوزراء الأسرائيلي يوم الأثنين القادم الى واشنطن لبحث تفاصيلٍ اخرى حولها , انما لِما خلف وبين السطور .! رغم أنّ بنود وارقام وكسور هذه الهدنة قد جرى الإعلان عنها في وسائل الإعلام .. وقد وافقت حركة حماس عليها بعد نحو 24 ساعةٍ على اعلانها , وكانت حماس مضطرّة لذلك ولأسيابٍ جمّة ومتباينة .! ينبغي الإشارة هنا أنّ كلّ دفعة او عدد من الرهائن الأسرائيليين ممّن تطلق حماس سراحهم في كل مرّة , فإنّ موقفها التفاوضي يكون اضعف ممّا قبلها , أمّا اذا ما جرى الإفراج عن آخر رهينة وجثّة اسرائيلية في هذه الهدنة – الصفقة او حتى بأفتراض سواها , فآنئذٍ فكأنها قد وقعت الواقعة .! على حماس وعلى كل قطاع غزة وساكنيه , كما لا ضماناتٍ لتوقف اسرائيل الحرب بعد ذلك , فقد تشتد ضراوةً وشراسة بما يفوق ما حصل خلال هذه السنتين الماضيتين وبما خارج ايّ حساباتٍ محسوبة وغيرمحسوبة .! هذا الإضطرار لسرد بعض هذه التفاصيل والجزئيات في الأسطر اعلاه وبما يتجاوز متطلبات الأيجاز المختصر , فليس ذلك محور حديثنا عن العجالة في الأتفاق على الأحرف الأولى من هذه الهدنة غير الهادئة , فالمسألة اعظم واضخم ومن زواياً عدة , فقُبيلَ مبادرة ترامب هذه او بتزامنٍ متقاربٍ نسبياً منها , فكان قد وردَ خبرٌ ' لم يكن مجسّماً ! في وسائل الإعلام العالمية , ومفاده أنّ بضعة نوّاب من كلا الحزبين الديمقراطي والجمهوري الأمريكي ' معاً ! ' قدّموا مشروع مقترحٍ ' قد يغدو غريباً في أمره الى حدٍ ما ' الى الرئيس ترامب بتسليم طائرات – قاذفات B – 2 العملاقة التي قصفت مفاعلات فودرو ونتنز واصفهان الأيرانية , بتسليمها الى اسرائيل .! , وذلك يوحي بشدّة الى قيام اسرائيل بضربة جديدة وأشد الى المنشأت النووية الأيرانية , وربما الى اهدافٍ اخرى ايضاً , وبذلك تتخلّص ادارة ترامب من تحمّل مسؤولية هذه الضربة القادمة والمفترضة .! في استقراءٍ لا يتطلّب الى تركيز .! فما قدّموه نوابٌ من كلا الحزبين الأمريكيين المتضادين , فلا يعدو كونه سيناريو من اجهزة مخابرات ترامب بغية التمهيد لما قد يحصل اثناء الهدنة المقبلة , ولتتفرّغ اسرائيل لهذه الجولة الجديدة المفترضة ايضاً .! ولا يحول ذلك دون مضاعفاتٍ مستجدّةٍ ايضاً ربما .!


شفق نيوز
منذ 9 ساعات
- شفق نيوز
غضب بين المجموعات اليهودية من استخدام ترامب لكلمة "شايلوك"
تعرّض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لانتقادات من قبل مجموعات يهودية بعد استخدامه مصطلحاً مرتبطاً بمعاداة السامية خلال تجمع انتخابي. ووصف ترامب بعض المصرفيين بكلمة "شايلوك"، خلال تجمع انتخابي في ولاية آيوا. لكنه قال لاحقاً إنه لم يُدرك أن ذلك التعبير يُعتبر مسيئاً. وشايلوك هو اسم لشخصية مُقرض أموال يهودي قاس في مسرحية "تاجر البندقية" لشكسبير. وقالت رابطة مكافحة التشهير، وهي مرصد يهودي لمحاربة التمييز، إن استخدام الرئيس لهذه الإهانة "مقلق للغاية". وكان الرئيس الأمريكي السابق، جو بايدن، قد استخدم كلمة "شايلوك" عندما كان نائباً للرئيس، ثم أقرّ لاحقاً بأنها غير لائقة. وفي تجمعٍ حاشدٍ يوم الخميس الماضي في دي موين، بولاية آيوا، احتفل ترامب بإقرار مشروعه لقانون الميزانية في الكونغرس هذا الأسبوع. وقال: "فكّروا في هذا: لا ضريبة على الموتى. لا ضريبة على الميراث. لا حاجة للذهاب إلى البنوك والاقتراض من مصرفيٍّ بارع في بعض الحالات، ومن أمثال شايلوك وأشخاصٍ سيئين، في حالات أخرى". ولدى عودة الرئيس على متن الطائرة الرئاسية إلى واشنطن العاصمة بعد انتهاء التجمع، سأله الصحفيون عن استخدامه لهذا المصطلح، فأجاب بأنه لم يكن يعلم أنه يُعتبر معادياً للسامية. وقال ترامب: "لا، لم أسمع بذلك من قبل بهذه الطريقة. بالنسبة لي، شايلوك هو شخص يُقرض المال بأسعار فائدة مرتفعة. أنتَ تنظر إليه بطريقة مختلفة عني. ولم أسمع بذلك من قبل". ووصف عضو الكونغرس دانيال غولدمان، وهو ديمقراطي من نيويورك، تصريحات ترامب بأنها "معاداة سامية صارخة ودنيئة، وترامب يُدرك تماماً ما يفعله". وقالت رابطة مكافحة التشهير في منشور على منصة إكس: "يستحضر مصطلح "شايلوك" صورةً معاديةً للسامية راسخةً منذ قرون عن اليهود، وهو أمر مُسيء وخطير للغاية". وأضافت: "استخدام الرئيس ترامب لهذا المصطلح مقلق للغاية وغير مسؤول". وقالت إيمي سبيتالنيك، رئيسة المجلس اليهودي للشؤون العامة، على منصة إكس، إن هذا التصريح "خطير للغاية". وأضافت: "يُعتبر شايلوك من أبرز الصور النمطية المعادية للسامية. هذه ليست صدفة، إذ يأتي ذلك بعد سنوات من تطبيع ترامب للشعارات المعادية للسامية ونظريات المؤامرة". وسبق وأن رفض حلفاء ترامب أي تلميح إلى معاداته للسامية، مشيرين إلى دعمه الراسخ لإسرائيل، وإلى أن مستشاريه المقربين، بمن فيهم ستيفن ميلر وستيف ويتكوف، وصهره جاريد كوشنر، يهود. وأطلقت إدارة ترامب حملةً للقضاء على معاداة السامية في الجامعات، فحجبت التمويل الفيدرالي عن بعض المؤسسات، مثل هارفارد، واتخذت خطواتٍ لترحيل الناشطين المؤيدين للفلسطينيين المقيمين في الولايات المتحدة بتأشيرات طلابية. وفي عام 2014، استخدم نائب الرئيس الأمريكي آنذاك، جو بايدن، مصطلح "شايلوك" خلال مخاطبته مجموعةً قانونية. وقال في إشارةٍ إلى تجربة ابنه في الخدمة في العراق: "كان الناس يأتون إليه ويتحدثون عمّا يحدث لهم في وطنهم من حجز للعقارات، ومن القروض المتعثرة، هؤلاء الشبيهون بشايلوك الذين استغلوا هؤلاء النساء والرجال في الخارج". وفي أعقاب ضجة أثارتها تصريحاته آنذاك، قال بايدن: "كان اختياراً سيئاً للكلمات".


ساحة التحرير
منذ 10 ساعات
- ساحة التحرير
الطوفان: من النهوض الرمزي إلى خطر التآكل؟ خالد عطيه
الطوفان: من النهوض الرمزي إلى خطر التآكل؟ قراءة في التحول الرمزي والاستعماري بعد 7 أكتوبر تحليل استراتيجي حتى يوليو 2025 خالد عطيه في السابع من أكتوبر 2023، لم تكن عملية 'طوفان الأقصى' مجرّد هجوم عسكري خاطف، بل لحظة زلزالية كسرت مركز الثقل الرمزي الذي راكمته إسرائيل على مدى سبعة عقود. كانت العملية بمثابة صدمة وجودية للمشروع الصهيوني، وهزّة فكرية وأخلاقية للعالم بأسره، لكنّها أيضًا فتحت على الفلسطينيين أبوابًا من الدم والخذلان والتعرية، تُعاد فيها صياغة النكبة بأدوات حديثة، على وقع سُعار إبادي غير مسبوق. لم تكن المفاجأة فقط في ما أنجزه المقاتلون على الأرض، بل في ما كشفته ردود الفعل: عن هشاشة ردع إسرائيل، وسقوط قناع القيم الغربية، وعمق العزلة التي تعيشها القضية الفلسطينية في النظام الإقليمي الرسمي، وافتقار الفعل المقاوم نفسه إلى مشروع سياسي يحمي من استنزاف الانتصار. سقطت أسطورة 'الأمن المطلق' التي قامت عليها إسرائيل، لكنّ الانكشاف المقابل كان أشدّ وقعًا: أن الفلسطيني، رغم صلابته، يقف في مواجهة عالم لا يكترث بالعدالة ما لم تخدم مصالحه. لقد صعد الفلسطيني فجأة إلى واجهة التاريخ، لكن دون أن يحمل معه سردية جامعة، أو ظهيرًا إقليميًا، أو مؤسسة قادرة على إدارة تداعيات لحظة بهذا الحجم. والنتيجة: تحوّل الحدث من إنجاز رمزي كبير إلى مأزق استراتيجي مفتوح على احتمالات التآكل أو التوظيف المعاكس. ما بعد 7 أكتوبر، لا يمكن اختزاله في 'ردّة الفعل الإسرائيلية'، بل يكشف عن استمرار منهجي لطبيعة المشروع الصهيوني ذاته؛ مشروع لم يكن يومًا استعمارًا قابلًا للتفاوض، بل استعمارًا إحلاليًا إباديًا، يبدأ من دير ياسين ولا يتوقف عند غزة. ما نراه اليوم ليس انحرافًا عن المسار، بل ذروة نسقية له، تُعلن فيها إسرائيل صراحة أن 'الحل' يكمن في المحو، والتقويض، وإنهاء الشتات، وتصفية الذاكرة . لقد تجاوزت إسرائيل منطق الردع، واعتنقت منطق الإبادة. بحلول يوليو 2025، سجّلت وزارة الصحة في غزة، بالتعاون مع منظمات أممية، استشهاد أكثر من 57,000 فلسطيني، أغلبيتهم من النساء والأطفال، منذ بدء العدوان في 7 أكتوبر 2023، فيما تُشير تقديرات أكاديمية مستقلة (مثل دراسة نشرتها مجلة The Lancet ومراجعات لجامعة لندن) إلى أن العدد الحقيقي للضحايا قد يتجاوز 80,000 وقد يصل إلى 109,000، نظرًا لحجم الدمار وتدهور البنية الصحية ووجود آلاف الجثث العالقة تحت الأنقاض. هذا إلى جانب أكثر من 600 حالة قتل موثقة عند نقاط توزيع المساعدات الإنسانية، حيث تحوّلت طوابير الانتظار للحصول على الخبز أو المياه إلى ساحات قتل جماعي، حسب تقارير منظمة OCHA ووكالات كـ AP وReuters. كذلك، تؤكد بيانات الأمم المتحدة وفاة ما لا يقل عن 66 طفلًا جوعًا بسبب الحصار، فيما يواجه ربع مليون فلسطيني في غزة ظروف مجاعة كارثية. البنية التحتية الصحية شبه منهارة، مع تدمير نحو 85% من المستشفيات والمنشآت الطبية، وتحوّل مستشفى ناصر إلى 'جناح طوارئ مفتوح' دائم، في ظل نقص فادح في المعدات والأدوية والكوادر. وفي الضفة الغربية، تجاوز عدد المعتقلين الفلسطينيين 12,000 شخص منذ بدء الحرب، في سياق متصاعد من الاجتياحات، والاغتيالات، ومحو الأفق السياسي. هذه الأرقام ليست مجرد معطيات إحصائية، بل توثيق حي لسياسة إبادة متواصلة تُدار بغطاء دولي صامت، وبأدوات عسكرية وتجويعية متزامنة، في لحظة تُعيد فيها إسرائيل تعريف الردع بوصفه استئصالًا، والمساعدات بوصفها مصيدة قتل جماعي. لكن غزة لم تكن وحدها في عين العاصفة. ما يجري هو مشروع نكبة متجددة، تستهدف الضفة الغربية عبر الاجتياحات والاغتيالات اليومية ورفع وتيرة الاستيطان والتهويد، وتستهدف اللاجئ في الشتات عبر التجفيف المتسارع لوكالة الأونروا وتصفية المخيمات سياسيًا وإداريًا، كما تستهدف الوجود الفلسطيني في القدس عبر إحلال سكاني صامت يتمدد دون مقاومة تُذكر من النظام العربي. النكبة لم تعد حدثًا من الماضي، بل آلية اشتغال حاضرة، تمتد ببطء ومنهجية إلى الشتات: مخيمات تُجفَّف إداريًا، أطفال يولدون بلا أوراق أو حق في الإقامة، لاجئون تُعرض عليهم الجنسية مقابل نفي التاريخ، وبيروقراطيات دولية تعيد تعريف الفلسطيني كـ'عبء إنساني' لا كحالة تحرر. إنه محو ناعم، لا بالرصاص فقط، بل بالتشريع والتجويع والتهجين الرمزي. وما يزيد من فداحة المشهد أن السلطة الفلسطينية، بمؤسساتها المهترئة وبنيتها المنهارة شرعيًا، لم تعد تمثل إلا فراغًا وظيفيًا تُملؤه قوات الاحتلال متى شاءت، أو تل أبيب السياسية متى قررت منح التسهيلات أو سحبها. وفي موازاة ذلك، لم تنجح أي قوة مقاومة، رغم بسالتها، في ترجمة اللحظة إلى مكسب استراتيجي دائم، بسبب غياب القيادة الجامعة، وغياب الرؤية التحررية الشاملة، والانفصال المزمن بين السلاح والمشروع السياسي. أما في الفضاء الدولي، فقد تكشّفت أزمة القيم الليبرالية في الغرب، لا كأزمة خطاب، بل كأزمة بنيوية. ففي أعرق الجامعات والمؤسسات الفكرية والإعلامية، خضع كل من تضامن مع غزة للملاحقة أو الفصل أو الإسكات القسري. وبينما كانت عيون العالم تتابع حفلات قطع التمويل والطرد الأكاديمي، سقط وهم الحياد الليبرالي، وانكشفت المنظومة الغربية بوصفها متورطة عضوياً في تأمين الغطاء الأخلاقي للاستعمار، حتى ولو بأقنعة القانون. هذه ليست مجرد انكشافات نظرية، بل مؤشرات على أن المعركة لم تعد فقط على الأرض، بل على معنى فلسطين، ومكانتها في الوعي العالمي، ووظيفة الحركات التحررية ذاتها في زمن يُعاد فيه تعريف الضحية وفقًا للونها وعرقها وموقعها الجيوسياسي. ولم تكن التحولات الرمزية التي فجّرها الطوفان بمعزل عن السياق العربي الرسمي، حيث برز التناقض الصارخ بين الشارع المنتفض من الرباط حتى كيب تاون، وبين أنظمة لم تُوقف مسار التطبيع بل عزّزته بخطابات باردة تدّعي 'الواقعية السياسية'. لم يُفشل الطوفان مشروع التطبيع، لكنه نزع عنه آخر أقنعته الأخلاقية، وكشف هشاشته بوصفه شراكة مع القاتل لا مع السلام. لقد أُجبرت أنظمة على خنق شعوبها حتى لا تهتف لغزة، وكُشفت عواصم ما تزال تفاخر بشراكتها الأمنية مع تل أبيب في لحظة تُقصف فيها المدارس والمستشفيات. التحوّل الرمزي الكبير الذي صنعته عملية الطوفان، حين كسرت صورة إسرائيل التي لا تُقهر، لم يتحول إلى نصر سياسي، لأنه لم يُصنَع على أرضية مشروع تحرري شامل. بل ظلّ مُعلّقًا، وبدأ يتآكل مع عجز الفصائل عن فرض شروطها، وتفكك الشارع العربي تحت وطأة القمع أو التخدير الإعلامي، ودخول إسرائيل في مرحلة 'إعادة تموضع هجومي' لتفرض شروط ما بعد الحرب كأنها لم تتلقّ ضربة. ما تحقق يوم 7 أكتوبر يُشبه البرق في ليلة حالكة: لحظة نور مكثف كشفت كل شيء، لكنها سرعان ما تبعتها عتمة كثيفة حاول الجميع إخفاءها أو إطفاء أثرها. ورغم كل هذا، فإن 'الطوفان' أثبت أن المشروع الصهيوني ليس محصّنًا، وأنه يمكن زلزلة الوعي العالمي بلحظة واحدة إن توفّرت الجرأة، لكنّه أثبت أيضًا أن الجرأة وحدها لا تصنع التغيير، ما لم تقترن برؤية، ومؤسسة، وتحالف، وخيال سياسي قادر على المراكمة لا التفريغ. الطوفان لن يُكتب في التاريخ كانتصار نهائي، ولا هزيمة. بل كلحظة مفصلية كشفت هشاشة الجميع: هشاشة العدو حين يُضرب، وهشاشة المقاومة حين تُترك وحيدة، وهشاشة النظام الدولي حين يُطلب منه العدالة. والمسألة اليوم لم تعد: 'ماذا حققنا؟' بل 'كيف نمنع أن يتحول ما حققناه إلى نكسة؟' قد لا تملك غزة جيشًا نظاميًا، ولا المقاومة ظهرًا سياسيًا حقيقيًا، لكنها تملك ما لا تملكه إسرائيل: تاريخ لا يُمكن شطبه، وحقّ لا يمكن قتله، وشعب بات العالم يعرف أنه لم يعد مجرد ضحية… بل فاعلٌ يعرف إلى أين يوجّه صرخته. إن لم يُترجم هذا الوعي إلى مشروع تحرري جذري يعيد تعريف فلسطين لا كملف، بل كجذر لكل معركة ضد الاستعمار في هذا العالم المختل، فإن الطوفان، بكل رمزيته، سيظل لحظة عظيمة… على حافة النسيان. 2025-07-05