logo
تقرير: مستوى قياسي لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون بقطاع الطاقة

تقرير: مستوى قياسي لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون بقطاع الطاقة

مباشر منذ 4 أيام

مباشر- أظهرت المراجعة الإحصائية السنوية لمعهد الطاقة اليوم الخميس أن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية من قطاع الطاقة سجلت مستوى قياسيا مرتفعا للعام الرابع على التوالي في 2024 مع استمرار زيادة استخدام الوقود الأحفوري، حتى مع بلوغ الطاقة المتجددة مستوى قياسيا.
ويسلط التقرير الضوء على التحدي المتمثل في محاولة إنهاء اعتماد الاقتصاد العالمي على الوقود الأحفوري.
وكان العام الماضي هو الأعلى حرارة على الإطلاق، إذ تجاوزت درجات الحرارة العالمية 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية للمرة الأولى.
وقال التقرير إن العالم شهد ارتفاعا سنويا بلغ اثنين% في إجمالي إمدادات الطاقة في عام 2024، وسجلت جميع مصادر الطاقة مثل النفط والغاز والفحم والطاقة النووية والكهرومائية والطاقة المتجددة زيادات، وهو ما حدث آخر مرة في عام 2006.
وأدى ذلك إلى زيادة انبعاثات الكربون بنحو واحد% في 2024 وتجاوز المستوى القياسي المسجل في العام السابق عند 40.8 جيجا طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون.
ومن بين جميع أنواع الوقود الأحفوري العالمي، شهد الغاز الطبيعي أكبر زيادة في توليد الطاقة بلغت 2.5%. في الوقت نفسه، نما الفحم 1.2% ليظل أكبر مصدر لتوليد الطاقة على مستوى العالم، في حين كان نمو النفط أقل من واحد%.
وأظهر التقرير أن طاقة الرياح والطاقة الشمسية شهدتا نموا بلغ 16% في 2024، أي أسرع تسع مرات من إجمالي الطلب على الطاقة.
وتولى معهد الطاقة، الذي يضم متخصصين في مجال الطاقة من مختلف المستويات، بالتعاون مع شركتي الاستشارات كيه.بي.إم.جي وكيرني، العام الماضي إعداد التقرير بدلا من شركة بي.بي.
ويقول محللون إن العالم ليس في طريقه لتحقيق الهدف العالمي المتمثل في زيادة قدرة إنتاج الطاقة المتجددة إلى ثلاثة أمثال بحلول عام 2030 على الرغم من إضافة كميات قياسية.
وقال رومان دوبار من شركة كيرني للاستشارات، وهو أحد معدي التقرير "كان العام الماضي نقطة تحول أخرى في مجال الطاقة العالمية، مدفوعا بالتوترات الجيوسياسية المتزايدة".
وعُقد مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب28) في دبي في عام 2023، ووقعت الدول خلاله على اتفاق للتحول عن الوقود الأحفوري في أنظمة الطاقة لتحقيق صافي انبعاثات صفري بحلول عام 2050.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

هل يمكن اختبار مدى قدرة الذكاء الاصطناعي على الابتكار؟
هل يمكن اختبار مدى قدرة الذكاء الاصطناعي على الابتكار؟

أرقام

timeمنذ يوم واحد

  • أرقام

هل يمكن اختبار مدى قدرة الذكاء الاصطناعي على الابتكار؟

- للوهلة الأولى، تبدو متاهة الحروف المتناثرة في اختبار الباحث "جوناثان روبرتس" أشبه بطلاسم شيطانية صاغها عقلٌ سادي النزعة. - فالمطلوب ليس مجرد فك شفرة كلمات خفية، بل تحديد سؤال مرسوم على هيئة نجمة وسط هذه الفوضى، ثم الإجابة عنه. - هذا ليس لغزًا لتمضية الوقت، بل هو محك حقيقي صُمم خصيصًا ليضع عمالقة الذكاء الاصطناعي، مثل نموذج "أو3- برو" (o3-pro)، في مواجهة تليق بقدراتهم الخارقة. - في خضم التسارع المذهل لعالم الذكاء الاصطناعي، لم تعد المشكلة في ندرة الاختبارات، بل في قدرتها على مواكبة هذا التطور. - فبينما تتسابق الشركات لإطلاق نماذج أذكى وأقوى، يخوض الباحثون سباقًا موازيًا لابتكار مقاييس قادرة على قياس هذا الذكاء بدقة وإنصاف. - وهنا تبرز المعضلة الجوهرية: كيف تضع اختبارًا لعقلٍ يتطور بشكل أسرع من قدرتك على ابتكار الاختبار نفسه؟ مقاييس الأمس.. لماذا لم تعد فعّالة؟ لم تعد معايير التقييم التقليدية قادرة على الصمود، وقد انهارت فعّاليتها لثلاثة أسباب جوهرية: للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام 1- العيوب المنهجية: جُمع الكثير من الاختبارات القديمة على عجل، فجاءت مليئة بالصياغات الركيكة وأنظمة التصحيح المجحفة. ولعل المثال الأبرز هو اختبار "ImageNet" الشهير للصور، الذي يعاقب النموذج إذا وصف صورة مرآة تعكس موزة بأنها "مرآة"، ويكافئه إذا تجاهل المرآة وحدد "الموز" المنعكس فيها، في مفارقة تكشف سطحية التقييم. 2- تلوث البيانات والغش المبرمج: تسربت أسئلة وأجوبة الاختبارات الشائعة إلى محيطات البيانات الهائلة التي تلتهمها النماذج الجديدة. والنتيجة؟ أنظمة ذكاء اصطناعي "تحفظ" الإجابات عن ظهر قلب بدلاً من "فهم" الأسئلة، مما يحول أداءها المذهل في الامتحانات إلى مجرد وهم لا يعكس قدرتها الحقيقية على حل مشكلات العالم الواقعي. 3- التشبع والسهولة المفرطة: وصلت النماذج "الحدودية" اليوم إلى مستوى من التطور جعلها تحقق علامات شبه كاملة في الاختبارات القديمة، مما أفقدها قيمتها كأداة للقياس. فعندما يحقق نموذج متطور درجة 99% في اختبار حقق فيه سلفه قبل تسعة أشهر 98.9%، فإن هذا الهامش الضئيل لا يخبرنا شيئًا يُذكر عن القفزة النوعية الهائلة التي حدثت بالفعل. جيل جديد من الألغاز المستحيلة.. أسوار في وجه العقل الآلي لمواجهة هذه التحديات، برز جيل جديد من الاختبارات المصممة لتكون "عصية" على الآلة، ومن أبرزها: - زيرو بينش: وهو التحدي الذي أطلقه روبرتس وفريقه، والمصمم بمعادلة عبقرية: اختبار سهل نسبيًا على الإنسان، ولكنه مستحيل تقريبًا على الذكاء الاصطناعي. حتى هذه اللحظة، لم يتمكن أي نموذج لغوي كبير من تسجيل نقطة واحدة فيه، وكأنه يخبر الآلة: "ما زال أمامك الكثير لتتعلميه". - انيجما ايفال: مجموعة تضم أكثر من ألف لغز فائق الصعوبة، جمعتها شركة "Scale AI"؛ وهذا الاختبار -على عكس زيرو بينش- ليس سهلًا على أي أحد. تبدأ ألغازه بتعقيدات تفوق الكلمات المتقاطعة غموضًا وتتدرج إلى ما هو أبعد. وعندما وُضعت أقوى النماذج في مواجهته، كانت النتيجة صفرًا مدويًا، باستثناء نموذج واحد من شركة "Anthropic" تمكّن من حل لغز واحد فقط، في إنجاز اعتُبر اختراقًا! ما وراء القوة الخارقة.. محاولة لقياس "الروح" الرقمية - لكن القصة لا تنتهي عند حدود القوة الحاسوبية. يمتد السباق اليوم لمحاولة قياس قدرات أكثر عمقًا، مثل المعرفة المتخصصة في طليعة العلوم البشرية، وهو ما يفعله اختبار "الامتحان الأخير للبشرية"، الذي يطرح أسئلة تتراوح بين عدد الأوتار في عظمة طائر طنان، وترجمة نص بالخط التدمري القديم. - ثم ماذا عن ذلك "السحر" غير الملموس الذي تحدث عنه "سام ألتمان"، رئيس "OpenAI"؟ تلك الكيمياء الخاصة التي تجعل تفاعلنا مع نموذج ما يبدو طبيعيًا ومبدعًا بشكل فريد. - هنا تظهر منصات مثل "تشات أرينا" Chatbot Arena، التي تترك الحكم للحدس البشري، حيث يسمح للمستخدمين باختيار النموذج الأفضل بناءً على "الإحساس" الشخصي. إنه نهج ينجح في التقاط جزء من هذا السحر الذي تعجز عنه الأرقام الصماء. الذكاء "المراوغ".. عندما يتعلم الخصم كيف يخدعك - تنشأ هنا معضلة أكثر قتامة: هل تكشف هذه الاختبارات عن ذكاء حقيقي أم مجرد براعة في اجتياز الامتحانات؟ يرى باحثون أن التقييم الأمثل هو تتبع أداء النماذج في مهام واقعية، لا في حل ألغاز مصطنعة. - والأمر الأكثر إثارة للقلق هو ظاهرة "الفشل المتعمد" (Sandbagging)، حيث قد تخفق النماذج عمدًا في الاختبارات لإخفاء قدراتها الحقيقية، ربما لتجنب فرض قيود عليها أو حتى حذفها. - أظهر تقرير حديث أن أفضل النماذج باتت قادرة على اكتشاف أنها تخضع للاختبار بنفس كفاءة الباحثين، مما يلقي بظلال من الشك على مصداقية أي تقييم مستقبلي. سباق لا يعرف خط النهاية - على الرغم من كل شيء، فإن قيمة الظهور في صدارة قوائم الأداء تدفع الشركات لمواصلة هذا السباق المحموم؛ فالاختبارات التي بدت مستحيلة بالأمس، تمكنت النماذج من سحقها في غضون أشهر. - إنه سباق تسلح فكري لا نهاية له، لا يهدف فقط إلى تتويج "أذكى" ذكاء اصطناعي، بل يدفعنا كبشر إلى إعادة التفكير في جوهر الذكاء نفسه، وكيفية قياسه، وماذا يعني حقًا أن تكون "ذكيًا" في عالم بدأنا نتقاسمه مع عقولٍ من صنعنا. المصدر: الإيكونيميست

علماء يكتشفون قدرة مذهلة لـ"النمل المجنون"
علماء يكتشفون قدرة مذهلة لـ"النمل المجنون"

الشرق السعودية

timeمنذ يوم واحد

  • الشرق السعودية

علماء يكتشفون قدرة مذهلة لـ"النمل المجنون"

أظهرت دراسة جديدة نُشرت في دورية "فرونتيرز" (Frontiers) أن نوعاً من النمل يُعرف بـ"النمل المجنون طويل القرون" يتمتع بقدرة مذهلة على استخدام ما يُعرف بـ"الذكاء الجماعي" لتنظيف الطرق أمام حاملات الغذاء. ويقول العلماء إن هذا السلوك الذي يوحي بتخطيط مسبق، هو في الواقع نتاج لتفاعل بسيط بين أفراد لا تمتلك أدمغتها سوى جزء ضئيل من القدرات العصبية، بعدما تتبعوا هذه الظاهرة عن كثب من خلال سلسلة من التجارب المنظمة على مستعمرة نمل عملاقة. ورغم أن "النمل المجنون" لا يبدو كائناً قادراً على اتخاذ قرارات ذكية؛ فدماغه لا يتجاوز حجم بذرة خشخاش ويحتوي على أقل من مليون خلية عصبية، مقارنة بـ86 ملياراً لدى الإنسان، إلا أن الباحثين رصدوا سلوكاً معقداً يبدو أنه ينطوي على فهم لحاجات المجموعة، وهو ما وصفوه بأنه أول توثيق لسلوك استباقي من هذا النوع لدى النمل خلال نقل الغذاء بشكل تعاوني. وتظهر الدراسة لأول مرة أن "النمل المجنون طويل القرون" قادر على إزالة العوائق من الطريق، قبل أن تُعيق حركة نقل الغذاء، وكأنه يتنبأ بما سيحدث ويهيئ الطريق مسبقاً. وجاءت الشرارة الأولى لهذه الدراسة من ملاحظة عرضية في الطبيعة، حين لاحظ العلماء أن بعض النملات العاملات يستخدمن فكوكهن لحمل حصى صغيرة من أمام مجموعة كانت تنقل فريسة كبيرة. المشاهدة، التي بدت للوهلة الأولى وكأن النمل يفهم العوائق التي تعترض طريق زملائه ويحاول مساعدتهم مسبقاً، دفعت الفريق العلمي إلى تصميم سلسلة من التجارب بلغت 83 تجربة منفصلة، لرصد هذا السلوك بشكل منضبط. في هذه التجارب، استخدم الباحثون كرات بلاستيكية صغيرة بقطر 1.5 ملم؛ أي نصف طول جسم النملة لمحاكاة العوائق، بينما استُخدمت حبيبات طعام القطط كغذاء يجذب النمل. وأظهرت النتائج أن النمل كان يُزيل هذه الكرات حين تكون موضوعة على مسافة نحو 40 ملم من مصدر الغذاء باتجاه العش، وكان يحملها لمسافة قد تصل إلى 50 ملم قبل أن يتركها بعيداً عن المسار؛ لدرجة إن إحدى النملات سجلت رقماً قياسياً بإزالة 64 كرة على التوالي. اللافت أن هذا السلوك لم يُلاحظ إلا عندما كانت حبيبة الطعام كاملة، أما حين تُقسم إلى فتات صغيرة، فقد كانت تُنقل بواسطة نملة واحدة دون الحاجة لتعاون أو إزالة للعوائق. وبحسب العلماء؛ يبدو أن هذا التمييز سلوك تكيفي ذكي، إذ إن الفتات يمكن تجاوزه بسهولة، بينما يتطلب نقل الحبيبات الكاملة تعاوناً بين عدة أفراد يصعب عليهم تجاوز شبكة من العوائق دون تنظيف المسار أولاً. وأثبتت الدراسة أيضاً أن العوائق تُسبب بالفعل تأخيرات ملحوظة، إذ استغرق النمل 18 ضعف الزمن اللازم لعبور نفق بطول 5 سنتيمترات وعرض 7 سنتيمترات عندما كان مملوءاً بالكرات مقارنة بحالته الخالية من العوائق. كما اتضح أن النمل لا يحتاج إلى ملامسة مباشرة للطعام لبدء سلوك إزالة العوائق، بل يكفي أن يشم أثر الفيرمونات التي تفرزها نملات الاستطلاع أثناء بحثهن عن الغذاء. وتلعب هذه الفيرمونات دوراً محورياً في توجيه النمل، إذ تترك النملة أثناء تحركها قطرات صغيرة من الرائحة على الأرض كل 0.2 ثانية تقريباً، ما يجذب الأخريات إلى الموقع. واللافت أن نملة واحدة قد تتحول إلى "وضع التنظيف" بمجرد ملامسة إحدى هذه العلامات القريبة من الكرة البلاستيكية، لتبدأ عندها عملية إزالة العوائق بشكل مستقل. ومن خلال هذه المشاهدات، استنتج الباحثون أن الفهم الظاهري للوضع ليس فردياً بل جماعياً، إذ لا تُدرك النملة نفسها السياق الكامل، بل تستجيب لإشارات بسيطة كآثار الرائحة أو حركة الآخرين، ورغم ذلك، يُنتج هذا التفاعل سلوكاً يبدو منسقاً، وذو هدف واضح. "ذكاء المستعمرة" ويقول الباحثون إن هذه النتيجة تعني أن "ذكاء المستعمرة" ينبع من التفاعلات البسيطة بين أفراد محدودي الإدراك، ولكنهم مجتمعون يُنتجون سلوكاً معقداً وموجهاً، مضيفين أن "ما يجعل هذا السلوك أكثر إدهاشاً من افتراضاتنا الأولى هو أن لا أحد يخطط أو يفكر مسبقاً، بل أن الذكاء ناتج من تفاعل آلي بين وحدات بسيطة". ويوضح الباحثون أن هذا الاكتشاف يشبه ما يحدث في الدماغ البشري، حيث تنتج القدرات الإدراكية العليا من تفاعل بين ملايين الخلايا العصبية البسيطة، دون أن يكون لأي منها وعي شامل. ويتميز "النمل المجنون" بسلوكه الفوضوي وسرعة حركته، وهو ما أكسبه وصف "المجنون"؛ وتعيش هذه الأنواع غالباً في مستعمرات ضخمة تسمى "السوبر كولونيز"، حيث لا توجد حدود إقليمية بين المجموعات المختلفة داخل المستعمرة، ما يتيح تعاوناً واسع النطاق. وتفتح النتائج الباب أمام فهم أعمق لمفهوم الذكاء في الطبيعة، ليس بوصفه صفة فردية بالضرورة، بل كخاصية قد تظهر من التفاعل البسيط بين عدد كبير من العناصر غير الذكية في ذاتها. وبالنسبة للعلماء، فإن هذا النموذج قد يحمل إشارات مهمة لفهم كيف يمكن بناء أنظمة ذكاء اصطناعي تعتمد على مبادئ مشابهة، أو لتحسين التنسيق في الروبوتات المتعددة، بل وحتى لفهم أعمق لطبيعة التفكير البشري. تسلط هذه الدراسة الضوء على كيف يمكن لسلوكيات بسيطة جداً أن تُنتج تصرفات تبدو، ظاهرياً، وكأنها نابعة من تفكير معقد وتخطيط مسبق. ومع أن النملة الفردية لا تعرف أكثر من أنها وجدت شيئاً يجب إبعاده، إلا أن النتيجة النهائية- طريق نظيف ومفتوح أمام الغذاء- تُظهر كيف أن التعاون العفوي يمكن أن يحاكي التخطيط الذكي.

الإلهام وحمى المعرفة
الإلهام وحمى المعرفة

الرياض

timeمنذ 3 أيام

  • الرياض

الإلهام وحمى المعرفة

الإنسان الفرد، بعقله وابتكاراته، وسعيه الحثيث صوب الأصوب والأشمل والأعمق والأجدى، كان -وسيظل- مصدر المعرفة على مر العصور، وتدين الإنسانية بالفضل إلى أولئك العظام من الرجال والنساء ممن أقاموا صروحاً فلسفية شامخة، واكتشفوا حقائق علمية مبهرة، أو أبدعوا اختراعات خارقة، أو دشنوا مذاهب شقت مسالك جديدة في مجالات الإبداع الفكري والفني المختلفة.. لم يكن البحث عن المعرفة بالحقل الهمل، وإنما وجدت واستوجدت منذ أن خُلق الإنسان وربما كانت سبب سعيه وشقائه! فالفرد في بحثه عن المعرفة هو ما يحدث له تلك اللذة والمتعة عبر دوائر متقاطعة من الخطاب المعرفي في مجتمع برمته لابد أن يتماس في نهاية الأمر، فالحلقات لابد أن تتصل، لتكوين الهم الجمعي في آخر المطاف عبر ذلك الاتصال بالنخب وثقافة النخبة يقول كارل مانهايم: "إن المعرفة لا يمكن أن تنتقل تلقائياً عبر الفئات الاجتماعية التي ولدتها، في صورتها الغفل، من دون تدخل نخبة ثقافية، تخلص هذه المعرفة الغفل من الشوائب الذاتية (الفردية) والتأثيرات الاجتماعية الضارة". وللمعرفة مدارات وأسئلة لا تنتهي عبر الأزمنة مادام الإنسان يحيا على هذه الأرض لأنها خلقت معه، ولذا فقد آمن أفلاطون بأن العقل هو وسيلة الوصول للحقيقة الكامنة في عالم المثل والمعرفة القائمة على العقل تتصف بصفتين هما: الصدق المطلق (فالعقل معصوم من الخطأ) الثبات المطلق (فالحقيقة هنا لا تتغير ولا تزول). فالمعرفة هي تلك الدائرة المتماسة والمتقاطعة في نفس الوقت بالاتصال الجمعي، وبالمتعة واللذة الجمالية والتي هي نتاج المعرفة حين يزول ذلك القلق المحموم بالسعي نحو الكمال وبالتالي يتحقق التواصل وتنتفي الغربة وخصوصاً في ذلك التماس السوسيولوجي في الدوائر الاجتماعية. "المعرفة من زاوية سوسيولوجية، ليست محصّلة العقل فحسب، بل أداة من أدوات الحياة الاجتماعية وعملية بكل معنى الكلمة يتعامل على أساسها أفراد بنية اجتماعية معينة، يتبادلون فيها القيم والأعراف والاستعدادات الذهنية والعاطفية ويبنون على أساسها المصالح المشتركة ويعقدون العداءات وينسجون الخلافات". والمعرفة هي حصاد ذلك التراكم المعرفي في تاريخ الإرث الاجتماعي، ولذلك كان الأنس بالتاريخ والموروث هو حلقة التواصل المعرفي في الوجدان العربي، فثقافة النزوح والانسحاب هي تلك البذرة التي تحملها الحضارة الثقافية في جيناتها لتدميرها، فكيف يكون لحضارة ما البقاء تجاه ثقافة نزوح لعالم الحلم وثقافة أيا كانت هي معطياته التاريخية والعقائدية، فلم تنشأ حضارات خالدة سوى بالبحث الدائم نحو التواصل مع العالم ومع الذات الفردية ثم المجتمعية قبل كل شيء. الإنسان الفرد، بعقله وابتكاراته، وسعيه الحثيث صوب الأصوب والأشمل والأعمق والأجدى، كان -وسيظل- مصدر المعرفة على مر العصور، وتدين الإنسانية بالفضل إلى أولئك العظام من الرجال والنساء ممن أقاموا صروحاً فلسفية شامخة، واكتشفوا حقائق علمية مبهرة، أو أبدعوا اختراعات خارقة، أو دشنوا مذاهب شقت مسالك جديدة في مجالات الإبداع الفكري والفني المختلفة. وتكمن المعرفة الفردية في عقل صاحبها، لتشكل اقتناعه وخياراته وأنماط أفكاره، وهي إضافة إلى سلفه، تهبه "سلطة المعرفة" التي تميزه عن الآخرين. ويرجع كاستلفترو هذا الرأي إلى جهالة العامة ومغالاة الشعراء اليونانين القدماء في ذلك الوقت في تبني هذه الفكرة إرضاء لكبريائهم. فالمعروف أن عامة الناس معتادون على قياس قدراتهم العقلية والفيزيائية بما يملكه الآخرون منها.. ولذلك فكانوا يعتبرون الأشياء الخاصة التي يعجزون على تحقيقها منحاً أو معجزات من الآلهة. ويرى كاستلفترو -كما يرى أرسطو ومن بعده هوراس- أن الشاعر هو رجل يملك قدرة إبداعية واعية "موهبة" يعرف بها جيداً كيف يحول نفسه إلى شخص متوقد العاطفة، وكيف يختار الأقوال والأفعال التي تعبر عن هذه العاطفة. أما لويس عوض فيرى أن "في الواقع أن الأقدمين لمسوا ما بين الشعر وما فوق الطبيعة من صلة. ترى ذلك في أتيمولوجيا اللغات واضحاً وضوح الصباح. عد إلى اشتقاق كلمة "جنون" في العربية، و"جينيس" في الإنجليزية و"جيني" في الفرنسية، ثم اكشف عن معنى "جينيوس" في اللاتينية، ترى أن الجن في كل حالة مسؤولون عن التفوق الذهني كما هم مسؤولون عن الخبل العقلي. اكشف عن "العبقرية " تراها صفة تتحقق في كل من ركبته شياطين وادي عبقر بشبه جزيرة العرب. فإن تحدث إليك ناقد عربي عن "شيطان" قيس ابن الملوح فلا تصرفه هازئاً بل تدبر ما تشتمل عليه عباراته من معانٍ جمة تهمك في دراسة النقد، وإن قرأت فصلاً عن "مجنون" بني عامر فلا تحسبن أن الحب وحده قد أودي بعقله، بل تذكر أنه قال شعراً أو قولته الأساطير شعراً، ثم اتجه إلى ديوانه تستفد منه في هذا الصدد. بالجملة لم يعرف القدماء شيئاً من العقل الباطن واللاوعي فنحلوا الشعر إلى الجن والمجانين. ولذا سيظل السعي مستداماً والسر غامضاً نحو ملكات المعرفة مع تعدد الفلسفات وآراء الفلاسفة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store