
مستشار استراتيجي: تشكيل ائتلاف مع اليمين المتطرف في هولندا «أسوأ ما يمكن فعله»
في كتاب جديد صدر هذا الشهر في هولندا، يرفض المستشار الاستراتيجي السابق لحزب «الشعب من أجل الحرية والديمقراطية»، باس إيرلينغز، الليبرالي ذو التوجه اليميني الوسطي، رفضاً قاطعاً أي تعاون رسمي مع اليمين المتطرف. ويكتب إيرلينغز في كتابه، الذي يحمل عنوان «لعبة الشعبويين: كيف يخططون لها، وكيف نفوز بها»، أن تشكيل حكومة معهم «هو أغبى ما يمكن فعله»، لأنك تجد نفسك باستمرار «تتجاوز حدودك».
وعندما انهارت الحكومة الهولندية المكونة من أربعة أحزاب، وهي الأولى التي شارك فيها حزب الحرية اليميني المتطرف في الثالث من يونيو، حصل إيرلينغز على تأكيد لحجته، ودفعة دعائية لدى الرأي العام الهولندي، لكن الكتاب يستحق أيضاً أن يُترجم إلى الجمهور الدولي. فمع دعم إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، النشط لأحزاب اليمين المتطرف في جميع أنحاء أوروبا، ودفعها الفعال لتغيير النظام، أصبحت رسالة إيرلينغز ملحة للقارة بأكملها.
وكان إيرلينغز مستشاراً لفترة طويلة للأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، مارك روته، عندما كان روته رئيساً لوزراء هولندا بين عامي 2010 و2024، وقاد أربع حكومات مختلفة في ذلك الوقت.
واعتمدت الحكومة الأولى، التي استمرت عامين، على الدعم الخارجي من حزب الحرية الهولندي، بقيادة خيرت فيلدرز. وسمح هذا الترتيب لفيلدرز بمهاجمة الحكومة، وفي الوقت نفسه تحديد خطوطها الحمراء وحدودها بشأن القضايا التي كان يشعر بقوة تجاهها (أو ضدها)، مثل الاتحاد الأوروبي أو الهجرة. فإذا تجاوزت الحكومة هذه الحدود، يستطيع فيلدرز أن يهددها بسحب الدعم البرلماني عن الائتلاف الحاكم. وحدث هذا في عام 2012، ما أدى إلى انهيار حكومة روته.
وبعد تلك التجربة، أقسم روته علناً على عدم الائتلاف مع حزب الحرية الهولندي، مرة أخرى، وكان هذا التصريح بمثابة إشارة للناخبين الهولنديين إلى أن التصويت لمصلحة حزب الحرية الهولندي، سيصبح صوتاً ضائعاً.
والمشهد السياسي الهولندي مجزأ للغاية، حيث لا تتجاوز نسبة ما يُسمى بالأحزاب الكبيرة 20% من الأصوات، ما يعني أن الحزب الفائز يحتاج دائماً إلى حزبين أو ثلاثة آخرين لتشكيل حكومة بأغلبية برلمانية.
وكما كتب عالم السياسة الأميركي، لاري بارتلز، في كتابه الصادر عام 2023، بعنوان «الديمقراطية تتآكل من القمة»، إذا علم الناخبون مسبقاً أن حزباً ما سيُستبعد من الحكومة، وأن برنامجه غير قابل للتطبيق، فإن كثيرين يميلون إلى التصويت للأحزاب ذات فرص الحكم الأفضل. وبهذه الطريقة، وباستبعاد حزب الحرية من حكوماته الثلاث التالية، أبقى روته الحزب في وضع ضعيف.
وتعرضت هذه الاستراتيجية للخطر، عندما تمت الإطاحة بحكومة روته الرابعة في صيف عام 2023، وتنحى عن زعامة الحزب، وتم تحديد موعد لإجراء انتخابات جديدة في نوفمبر من ذلك العام. وفتح خليفته، ديلان يسيلجوز، الباب فوراً للتعاون مع حزب الحرية.
ونتيجة لهذه الخطوة، لم يعد التصويت لحزب الحرية يُعتبر تصويتاً خاسراً، بل على العكس، أصبح تصويتاً استراتيجياً. واغتنم فيلدرز، متفوقاً على منافسيه الذين يتمتعون بخبرة سياسية تزيد على عقدين، فرصته، واستغلها على أكمل وجه.
ونتيجة لذلك، حقق حزب الحرية ارتفاعاً كبيراً في استطلاعات الرأي، وحصل على المركز الأول بنسبة 23% من الأصوات، متقدماً بفارق ضئيل على ائتلاف اجتماعي ديمقراطي.
وغادر إيرلينغز حزب الشعب من أجل الحرية والديمقراطية في اليوم الذي شُكّلت فيه حكومة جديدة من أربعة أحزاب، بما في ذلك حزب الحرية، في صيف عام 2024. جاء ذلك بعد أشهر من المساومات والصراعات بين الأحزاب الأربعة، والتي استمرت في وضح النهار، خلال الأشهر الـ11 التي حكمت فيها البلاد، حتى أوائل يونيو من هذا العام، عندما أعلن فيلدرز انسحابه. واستقال، لأنه أرسل إلى الأحزاب الثلاثة الأخرى قائمة بـ10 إجراءات صارمة تهدف إلى وقف الهجرة، والتي رفضت الأحزاب قبولها، لأن بعضها كان غير دستوري.
وتثبت هذه الحادثة، إضافة إلى 11 شهراً من التراخي الحكومي الذي سبقها، صحة وجهة نظر إيرلينغز الرئيسة حول الائتلاف الحكومي مع اليمين المتطرف. وكتب إيرلينغز، أنه «بمجرد توليه السلطة، تُحكم الأحزاب اليمينية المتطرفة قبضتها عليك. فهي تجرّ شركاءها في الائتلاف، وحتى أحزاب المعارضة، إلى مناطق لم يكن أحدٌ يرغب في الوصول إليها سابقاً، باستفزازات وتهديدات وهجمات شخصية على الزملاء، ولغة فظة تُلوث آدابَ البرلمان وخطابه، ومقترحات أكثر تطرفاً تُصبح نوعاً من الوضع الطبيعي الجديد، في النهاية، حتى إن المرء يعتاد على التطرف، إلى حد ما».
والآن، أصبح السياسيون التقليديون الذين كانوا مهذبين سابقاً، يتبادلون الشتائم باستمرار في البرلمان الهولندي، في محاولة لجذب الانتباه. وإيرلينغز مقتنعٌ بأن الهدف النهائي لليمين المتطرف هو هذا تحديداً: تحويل الديمقراطية وسيادة القانون إلى «قشور فارغة». ولم تبدأ الحكومة الهولندية المنهارة، التي لاتزال في منصبها كحكومة تصريف أعمال من دون وزراء حزب الحرية، حتى في محاولة حل مشكلات هولندا الرئيسة، مثل النقص الحاد في السكن، وأزمة النترات الناجمة عن الزراعة المكثفة، وارتفاع تكاليف المعيشة.
عن «فورين بوليسي»
• روته أقسم علناً على عدم الائتلاف مع حزب الحرية الهولندي مرة أخرى.
• عندما انهارت الحكومة الهولندية المكونة من أربعة أحزاب، وهي الأولى التي شارك فيها حزب الحرية اليميني المتطرف في 3 يونيو، حصل إيرلينغز على تأكيد لحجته ودفعة دعائية لدى الرأي العام الهولندي.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


سكاي نيوز عربية
منذ 3 ساعات
- سكاي نيوز عربية
العقوبات تتجدد.. هل تنجح أوروبا في كسر شوكة بوتين؟
القرار الأوروبي يأتي في وقت كشفت فيه مصادر دبلوماسية أن الاتحاد يعدّ خططًا طارئة لتمديد العقوبات حتى دون موافقة رئيس الوزراء الهنغاري فيكتور أوربان ، في حال قرر استخدام حق النقض. وأكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة موسكو الإنسانية، نزار بوش، خلال مداخلته من موسكو ضمن برنامج "ستوديو وان مع فضيلة"، أن القرار الأوروبي لم يكن مفاجئا لروسيا، مشيرًا إلى أن موسكو "تأقلمت مع العقوبات منذ عام 2022، بينما يعاني الاقتصاد الأوروبي من تباطؤ حاد في النمو". وأضاف: "العقوبات تحولت إلى حملة إعلامية أكثر منها ورقة ضغط حقيقية... روسيا منفتحة على الحل، لكن لا يوجد تواصل حقيقي مع أوروبا". ورأى بوش أن الضغوط الأوروبية "تُقابل في الكرملين بمزيد من الحزم"، موضحا أن موسكو "كلما شعرت بمحاولة خنق سياسي أو اقتصادي، كلما ذهبت أبعد في مواقفها". وأضاف: "من يريد السلام، فليمد يده. روسيا منفتحة حتى مع أوكرانيا ، لكنها لن تتخلى عن أهدافها أو عن مكانتها كقوة عظمى". وحول موقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب ، قال بوش إن موسكو "تراقب مواقفه ببرود"، واصفًا إياها بأنها "متقلبة ولا تُبنى عليها حسابات استراتيجية". وأشار إلى أن ترامب "مدح زيلينسكي، وانتقد بوتين، ثم عاد وغازل موسكو"، مضيفا: "ما يهم روسيا هو الأفعال لا الأقوال... وبوتين يدرك أن واشنطن لن ترفع يدها عن أوكرانيا، أياً كان ساكن البيت الأبيض". أما على مستوى العمليات العسكرية، فرأى بوش أن موسكو"تحقق تقدماً واضحاً على الجبهة"، وتُحاول "استثمار التفوق الميداني سياسياً عبر طاولة المفاوضات". وقال: "روسيا ذهبت إلى إسطنبول وأبدت مرونة، لكنها لن تقبل باتفاق يُفهم على أنه تراجع استراتيجي".


صحيفة الخليج
منذ 6 ساعات
- صحيفة الخليج
أوكرانيا: قتلى وإصابات بهجوم روسي على أوديسا
قالت السلطات الأوكرانية، اليوم السبت، إن شخصين قُتلا وأصيب 14 على الأقل عندما اصطدمت طائرة مسيّرة روسية بمبنى سكني شاهق الارتفاع في مدينة أوديسا المطلة على البحر الأسود. وقال حاكم منطقة أوديسا، أوليه كيبر، إن هناك ثلاثة أطفال بين المصابين في الهجوم الذي وقع خلال الليل، أحدهم في حالة خطِرة. وأظهرت لقطات فيديو نشرتها خدمة الطوارئ الحكومية رجال الإطفاء وهم يحاولون إخماد حريق ويرشدون السكان للنزول على درج مظلم في المبنى المكون من 21 طابقاً. وكثفت روسيا هجماتها بالطائرات المسيّرة والصواريخ على المدن الأوكرانية في الأسابيع الماضية، مع تعثر الجهود الدبلوماسية لإنهاء الحرب المستمرة منذ ما يقرب من ثلاث سنوات ونصف السنة.


صحيفة الخليج
منذ 6 ساعات
- صحيفة الخليج
رئيس بولندا يصل إلى كييف لعقد اجتماع مع زيلينسكي
قال مكتب الرئيس البولندي أندريه دودا، إنه وصل إلى كييف اليوم السبت لعقد اجتماع مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إذ تهدف كييف إلى حشد دعم الحلفاء في مرحلة حرجة في حربها الطاحنة مع روسيا. وكان في استقبال دودا في محطة القطار وزير الخارجية الأوكراني أندريه سيبيها، الذي وصف الرئيس البولندي بأنه «صديق حقيقي لأوكرانيا». ودودا داعم قوي لكييف وتنتهي ولايته في أغسطس. وتكابد أوكرانيا لصد التقدم الروسي في ساحة المعركة والهجمات المكثفة بالصواريخ والطائرات المسيرة على مدنها مع تعثر الجهود الدبلوماسية لإنهاء الحرب المستمرة للعام الرابع. ويقول الرئيس المنتخب في بولندا، كارول نافروتسكي، الذي سيخلف دودا، إنه سيبقى ملتزماً بمساعدة الجهود الدفاعية لأوكرانيا لكنه يعارض انضمام كييف إلى التحالفات الغربية مثل حلف شمال الأطلسي.