logo
جدد التأكيد على الثبات في الموقف نصرة لفلسطين.. قائد الثورة : الإمام الحسين.. مدرسة ملهمة للأجيال في مواجهة الطغاة

جدد التأكيد على الثبات في الموقف نصرة لفلسطين.. قائد الثورة : الإمام الحسين.. مدرسة ملهمة للأجيال في مواجهة الطغاة

26 سبتمبر نيتمنذ يوم واحد
جددّ قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، التأكيد على ثبات الموقف اليمني في نصرة الشعب الفلسطيني والعداء للعدو الإسرائيلي والأمريكي الذي يشكل خطورة على الأمة الإسلامية بأكملها.
وقال السيد القائد في كلمة له ايوم امس ، ضمن مسيرات إحياء استشهاد الإمام الحسين عليه السلام بأمانة العاصمة والمحافظات، "المخطط الصهيوني هو مخطط عدواني تدميري، يستهدف الأمة في دينها ودنياها، فلن نألوا جهدًا في مواجهة ذلك العدو مع إخوتنا في محور القدس والجهاد والمقاومة وأحرار الأمة".
وأضاف "مهما كانت التحديات والصعوبات وحجم التضحيات ومستوى اللوم والضغوط والهجمات الإعلامية، وغير ذلك مما نواجه به من كل أشكال الحرب والاستهداف من أمريكا وإسرائيل وعملائهما الموالين والمؤيدين لهما والمعادين لأي توجه لا يقبل بالخنوع لأمريكا، فإن ثباتنا على مواقفنا هو خيارنا الحاسم الذي لا يمكن التراجع عنه، مستعينون بالله ومتوكلون عليه، واثقون به وهو حسبنا ونعم الوكيل، نعم المولى ونعم النصير".
وأشار قائد الثورة إلى ثبات الشعب اليمني على الانطلاقة الإيمانية في المشروع القرآني المبارك الذي يقوم على أساس التمسك بالقرآن الكريم وحمل راية الإسلام، والتحرك في إطار المسؤوليات الإسلامية المقدسة في الجهاد في سبيل الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وأوضح أن إحياء ذكرى استشهاد الإمام الحسين، مواساة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولما يعنيه من امتداد من موقع الهداية والأسوة، مشيرًا إلى أن الإمام الحسين عليه السلام هو صاحب قضية، وقضيته هي الإسلام.
وأوضح أن الإسلام الذي مضى عليه الإمام الحسين عليه السلام هو الإسلام الذي يصنع السلام لا استسلام، مبينًا أن تحول المعالم الكبرى للإسلام أوصلت إلى أن يواجه سبط رسول الله الإمام الحسين الغربة والتخاذل.
ولفت السيد القائد إلى أن الإمام الحسين عليه السلام، قدّم للأمة من بعده حتى قيام الساعة أعظم الدروس في الاستجابة الإيمانية لله والنهضة للحق، والقيام لله بأمر الإسلام والعزة الإيمانية، ومعه أهل بيته والقلة القليلة من الأنصار.
وتابع "الإمام الحسين عليه قدّم أيضًا أعظم الدروس في الإيمان والصدق والوفاء والثبات على الحق، في أقسى الظروف والمراحل وكسر حاجز الصمت وأحيا في الأمة الحرية وتتابعت الثورات من بعده حتى أطاحت بطغاة بني أمية وأعطى للحق دفعًا وامتدادًا عبر الأجيال".
واستشهد بكلمات خالدة للإمام الحسين حينما حاصره الأعداء الذين امتلأت بهم صحراء كربلاء ووضعوه بين خيارين إما الذلة والاستسلام للطغاة والمجرمين، وإما الحرب والقتل والإبادة فقال عليه السلام "ألا وأن الدّعي بن الدعي قد ركز بين اثنتين بين السلة والذلة، وهيهات منا الذلة، يأبى الله ذلك ورسوله والمؤمنون، ونفوس أبية، وأنوف حمية، تؤثر مصارع الكرام على طاعة اللئام".
مدرسة ملهمة
وعد الإمام الحسين، مدرسة ملهمة للأجيال ومواجهة الطغاة في كل زمان ومكان، ولاتخاذ القرار الصحيح حينما توضع الأمة بين هاذين الخيارين، إما السلة وإما الذلة في كل ساحة من ميادين المواجهة وليبقى للحق امتداده وليسعى المؤمنون لاستعادة الإسلام في نقائه وكماله ومعالمه الكبرى ومبادئه الأساسية التي تتحقق بها ثمرته في الدنيا تحررًا من الطاغوت وسموًا في الأخلاق والقيم وعزًا وكرامة وعدلًا ونورًا وبصيرة ومنهجًا ربانيًا للحياة.
وقال "إن معركتنا في مواجهة الطغيان الأمريكي، والإسرائيلي، هي من منطلق ثورة الإمام الحسين، لما يمثله الأمريكي، والإسرائيلي من خطر على الأمة في طمس هويتها الدينية واستهداف مقدساتها والسعي للسيطرة عليها والاستبعاد لها وإذلالها واستباحتها".
إبادة جماعية
وأشار السيد القائد "إلى ما يرتكبه العدو بحق هذه الأمة بدءًا بما يفعله في فلسطين من إبادة جماعية وانتهاك لحرمة المقدسات وكل أشكال الظلم والإجرام، وفي غير فلسطين من العالم الإسلامي وفي حربه الناعمة الشيطانية، التي يستهدف بها الأمة، ومخططه العدواني الهادف لاحتلال الأوطان ونهب الثروات واستعباد المجتمعات، كل ذلك يحتم علينا كمسؤولية إيمانية دينية وأخلاقية أن نواجه الطغيان الأمريكي والإسرائيلي، والتصدي لإجرامهما".
التصدي للطغيان
وأضاف "مسؤوليتنا الدينية أن نتصدى لإجرام الطغيان الأمريكي والإسرائيلي وأن نتحرك ضد فسادهم وباطلهم، وألا نقبل أبدًا بالخنوع لهم، ولا بالطاعة للطغيان الأمريكي والإسرائيلي، لأن في ذلك خسارة في الدنيا والآخرة".
وأكد قائد الثورة، "أنه مهما كانت الصعوبات والتحديات وحجم التضحيات فالقضية مقدسة تستحق منا التضحية التي لها أعظم ثمرة في الدنيا والآخرة، في الدنيا أن نكون أحرارًا أعزاء، نتشرف بذلك ونتشرف بقيم الإسلام وننعم بذلك، وفي الآخرة ما وعد الله به من الجنة والرضوان والنجاة من عذاب الله والفوز العظيم، وهو الخيار الأسلم في مقابل خسارة الاستسلام والخنوع التي ثمنها فظيع ونتائجها كارثية في الدنيا والآخرة".
وتابع "إن انطلاقتنا في مسيرة الحق والإسلام والقرآن، هي بثقة تامة بوعد الله تعالى بالنصر لعباده المؤمنين، ونحن نشاهد تنامي هذه الانطلاقة لأمتنا في الموقف الحق ضد الطغيان الأمريكي والإسرائيلي".
وتطرق السيد القائد إلى أن من النماذج الراقية، الصمود والثبات والاستبسال في غزة ولبنان، والجمهورية الإسلامية في إيران وأحرار العراق والنهضة الإيمانية الكبرى في يمن الإيمان وأحفاد الأنصار بزخمها المليوني وتضحياتها الكبيرة وثباتها الحديدي وصبرها العظيم واستمرارها دون كلل ولا ملل".
فيما يلي نص الكلمة :
أَعُـوْذُ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيْمِ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ المُبين، وَأشهَدُ أنَّ سَيِّدَنا مُحَمَّداً عَبدُهُ ورَسُوْلُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّين.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَارضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أَصْحَابِهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَالمُجَاهِدِين.
السَّلَامُ عَلَى سِبطِ رَسُوْلِ الله، سَيِّدِ الشُّهَدَاء الإِمَامِ الحُسَيْن، وَعَلَى أَهْلِ بَيتِهِ وَأَنْصَارِه؛؛؛
السَّـلَامُ عَلَيْكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ وَالأَخَوَات فِي كُلِّ السَّحَات وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛
وَعَظَّمَ اللَّهُ لنَا وَلَكُمُ الأَجْر، فِي ذِكْرَى الفَاجِعَةِ الكُبْرَى: ذِكْرَى اسْتِشْهَادِ سِبْطِ رَسُوْلِ اللهِ مُحَمَّد "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ" الإِمَامِ الحُسَيْنِ، مَعَ أَهْلِ بَيتِهِ وَأَنْصَارِهِ الأَوفِياء، فِي كَرْبَلَاء، سَنةَ إِحْدَى وَسِتِينَ لِلهِجرَة.
إن إحياءنا لهذه الذكرى هو أولاً: من المواساة لرسول الله "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ"، فلو كان رسول الله على قيد الحياة حين استشهاد سبطه وحفيده، لكان العزاء له، وفي منزله في المدينة.
وثانياً: لما يعنيه لنا الإمام الحسين "عَلَيْهِ السَّلَامُ"، وهو سبط رسول الله "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ"، والامتداد الأصيل له في موقع الهداية، والقدوة، والقيادة، والأسوة، وهو كما قال فيه وفي أخيه الحسن "عَلَيْهِمَا السَّلَامُ": ((الحَسَنُ وَالحُسَين سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الجَنَّة))، وكما قال عنه أيضاً: ((حُسَينٌ مِنِّي، وَأَنَا مِنْ حُسِين، أَحَبَّ اللهُ مَنْ أَحَبَّ حُسَينًا، حُسَينٌ سِبطٌ مِنْ الأَسبَاطِ))، إضافةً إلى غير ذلك من النصوص النبوية، التي تُعَرِّفُنا من هو الحسين، وماذا يعنيه لنا، وما هي منزلته عند الله تعالى، وعن دوره في الإسلام، وعن كماله الإيماني العظيم، الذي تجلَّى أيضاً مع النصوص النبوية في مسيرة حياته، وتجلَّى في أعلى المستويات في نهضته "عَلَيْهِ السَّلَامُ" في مرحلةٍ مصيريةٍ، تُشَكِّل خطورةً رهيبةً جدًّا على المسلمين في إسلامهم؛ وبالتالي في حُرِّيَّتهم، وكرامتهم... وكل المبادئ والقيم العظيمة، التي أتى بها الإسلام، وأخرجهم بها من ظلمات الجاهلية، إلى نور الله ونهجه الحق، بكتابه القرآن الكريم، ورسوله خاتم النبيين محمد "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ".
فالحسين "عَلَيْهِ السَّلَامُ" هو صاحب قضية، وقضيته هي الإسلام بأصالته ونقائه، وهي الحق الذي أرساه الإسلام نهجاً للحياة، وأساساً لمسيرة الأُمَّة المنتمية للإسلام.
الإسلام الذي يُحَرِّر الناس من كل أشكال العبودية للطاغوت، إلى العبودية لله وحده ربِّ العالمين.
الإسلام الذي يُزَكِّي النفوس، ويربيها على مكارم الأخلاق، ويسمو بالإنسان في قيمه وأخلاقه ومبادئه؛ فتتجلَّى في أعماله، ومواقفه، وتصرفاته، ويتطهَّر من الرذائل والمفاسد، ويتنزَّه من الجرائم، كما كانت مهمة التزكية من المهام الأساسية في الرسالة الإلهية؛ ولـذلك أتى الحديث عنها في القرآن الكريم في هذا السياق: في الحديث عن مهام رسول الله "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ"، بقول الله تعالى: {وَيُزَكِّيهِمْ}، وتكرَّرت في القرآن الكريم كثيراً، وتحدث القرآن كثيراً عن أهمية التزكية في رسالة الله تعالى، وعن القيم والأخلاق التي تُحقِّق زكاء النفس.
الإسلام الذي يَمْقُتُ الظلم، ويلعن الظالمين، ويواجه المستكبرين، ويُقَدِّم العدل والقسط منهجاً، ونظاماً، وحكماً، ومسؤوليةً أيضاً لأتباعه والمنتمين إليه، كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ}، وآياتٍ كثيرة عن هذا المعلم المهم للإسلام.
الإسلام الذي يبني أتباعه والمنتمين إليه في إطار مسؤوليتهم المقدَّسة والعظيمة، التي نهض بها رسول الله "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ"، والأخيار من الأُمَّة، وصفوتها وأبرارها، لتبقى مسؤوليةً قائمةً على الأُمَّة في كل زمان، تتحرَّك فيها على أساس القرآن الكريم منهجاً، والنبي قدوةً وهادياً، هذه المسؤولية التي تقترن بها خيرية الأُمَّة، وإذا أضاعتها فلا خير فيها، ولا يبقى لها أيضاً أي خير، وهي كما أعلنها الله في القرآن الكريم، في قوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}.
الإسلام الذي يبني أتباعه والمنتمين إليه ليكونوا أُمَّةً مجاهدةً، قادرةً على حماية نفسها، وعلى دفع الشر عنها، وعن المستضعفين في الأرض، وعلى مواجهة الطغيان والأشرار، وعزيزةً، منيعةً، قويةً، ليست بنياناً ضعيفاً هشاً في بنيتها الاجتماعية، ومعنوياتها النفسية، ولا فريسةً للمجرمين والمستكبرين، ولا لقمةً سائغةً للطامعين والظالمين؛ بل كما قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ}، وكما قال تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ}، وكما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ}، أُمَّةً تحقِّق لنفسها السلام الحقيقي، من موقع القوَّة، والقدرة، والثبات على الحق؛ وليس عبر الاستسلام، بالتنازل عن المبادئ والقيم، والعرض والأرض، والخنوع للكافرين، ثم تسمِّي ذلك سلاماً وتطبيعاً.
الإسلام بنوره، وهدايته، وبصيرته، بالقرآن الكريم، والرسول "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ"، في معلمٍ أساسيٍ من معالم الإسلام، ومهام الرسالة الإلهية، كما في قول الله تعالى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ}، وكما في قوله تعالى: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}، وكما في قوله تعالى: {قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا}، بهذا النور، وبهذه البصيرة، وبهذا الهدى، مقترناً أيضاً بالهداة الذين يسيرون بالأُمَّة عليه، يرتقي الإسلام بأتباعه والمنتمين إليه، وبحسب إقبالهم، وتقبُّلهم، والتزامهم، إلى أرقى مستوى من الوعي والفهم، ويُحَصِّنهم ويحميهم من كل المضلِّين، والمخادعين، والملبِّسين، والمحرِّفين، والمزورين، والمنحرفين، من الكافرين والمنافقين، ومن كل وَسْوَاسٍ خَنَّاس، يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ، مِنَ الجِنَّةِ وَالنَّاسِ.
هذا الإسلام، أرسى دعائمه، وأقام بنيانه، وشيَّد أركانه، رسول الله وخاتم أنبيائه، محمد "صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ"، بجهده الدؤوب، وجهاده الكبير، وصبره العظيم، وتضحياته الكبيرة، مع أتباعه وأنصاره، بدءاً من نقطة الصفر، وصولاً إلى سيادة الإسلام في الجزيرة العربية، ثم انتشار نوره إلى مختلف أرجاء الدنيا، وانتقل بالعرب من أُمَّةٍ أُمِّيَّةٍ، جاهليةٍ، وثنيةٍ، مشركةٍ، متناحرةٍ، وضائعةٍ، ليس لها هدف ولا رسالة، وغشومةٍ، يسودها الظلم والإجرام، وتَئِدُ البنات، وتقتل البنين خشية الإملاق، ويأكل القوي منها الضعيف، وترتكب الفواحش، وتعتقد الخرافات والأباطيل، ولا تعرف حلالاً ولا حراماً؛ نقلها بنور الإسلام إلى صدارة الأمم؛ فارتقت بالإسلام عن جاهليتها، وأصبحت عند المقارنة بغيرها من الأمم الأرقى، والأهدى، والأزكى، وتبوَّأت- آنذاك- مكانتها المميَّزة، وتهاوت الإمبراطوريات الكبرى أمام نور الإسلام في ذلك العصر.
هذا الإسلام، الذي هو إرث الأنبياء والرسل "صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِم أَجْمَعِين"، بخاتمهم، وأكملهم، وأعلاهم منزلةً عند الله: رسول الله محمد "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ"، الذي اصطفاه الله، ليكون هو القائد، والقدوة، والأسوة، والهادي لهذه الأُمَّة، وللبشرية جمعاء؛ وبالقرآن الكريم، أعظم كتب الله، وأقدسها، والمهيمن عليها، والمحفوظ من الله في نصه المبارك إلى قيام يوم الدين، والنور التَّام، والهدى الكامل، والمعجزة الكبرى الباقية الدائمة للرسول والإسلام.
هذا الإسلام، الذي هو رحمةٌ للعالمين، وسموٌ وكرامةٌ للإنسانية، وعزٌّ ومنعةٌ، وحمايةٌ من الظلم والطغيان والإجرام، ما الذي جرى حتى تحوَّلت معالمه الكبرى، وعناوينه الرئيسية، بعيدةً إلى حدٍ كبير عن واقع الأُمَّة، وأشبه بالمدائح لحقبةٍ في غابر الزمن، وإلى أُمْنِيَّةٍ يتمناها من يكتوي من نار جاهلية العصر، وإلى أن يكون امتداده في الأُمَّة، على مستوى الفكرة، ومحاولات التطبيق، محارباً، وغريباً، ومستهدفاً بكل أشكال الاستهداف، إلى درجة أن يكون سبط رسول الله "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ": الإمام الحسين "عَلَيْهِ السَّلَامُ"، وهو النسخة الأصلية الراقية للإسلام في كل معالمه تلك، وفي تلك المرحلة المبكِّرة من التاريخ، يواجه تلك الغربة، وذلك التخاذل، ثم يتجنَّد عشرات الآلاف لقتله، وقتل أهل بيته ورفاقه، في حادثةٍ لم يسبق مثلها في تفاصيلها الإجرامية والوحشية في تاريخ العرب، حتى في جاهليتهم الأولى، وفي يومٍ فريدٍ في حجم المظلومية والمأساة، وكان ذلك بقدر الموقف الجاهلي من القيم والحق والمبادئ الكبرى للإسلام، التي يحملها الإمام الحسين "عَلَيْهِ السَّلَامُ"، واستمرَّت مأساة الأُمَّة جيلاً بعد جيل، فما الذي حدث؟ إنَّه الانقلاب الأموي على الإسلام.
إنَّ الزُّمرة الأموية، التي كانت تقود جبهة الشرك، وحملت رايته في محاربة رسول الله محمد "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ"، والإسلام، سعت بكل جهدها للقضاء على الإسلام، وحاولت قتل رسول الله "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ"، وشنَّت عليه الحروب العسكرية، والدعائية، والاقتصادية... وكل أشكال الحروب، وواجهته بعدائها وصدِّها عن سبيل الله، تحت راية الشرك والكفر الصريح على مدى عشرين عاماً، حتى مكَّنه الله من فتح مكَّة، حيث ظهر أمر الله وهم كارهون، وحينها استسلمت الزُمرة الأموية- آنذاك- مرغمةً صاغرة، هي وأتباعها وأنصارها، وسمَّاهم رسول الله "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ" بـ (الطلقاء)؛ ليكون عنواناً يُبَيِّن حقيقتهم؛ حتى لا يخترقوا عنوان المهاجرين، أو الأنصار، أو يدَّعوا لأنفسهم منزلةً في الإسلام، أو مِنَّةً على المسلمين.
وقد يئست الزمرة الأموية بعد فتح مكَّة، وما تلاه من انتصاراتٍ أخرى، ودخول الناس في الإسلام أفواجاً، من إمكانية القضاء على الإسلام، من خلال محاربته تحت راية الشرك والكفر المعلن؛ فقررت الانتقال إلى مُرَبَّعٍ آخر، وهو مُرَبَّع النفاق؛ لتتحرك من خلاله، وتواصل مشوارها الهادف إلى تحريف مفاهيم الإسلام، وإلى استعادة نفوذها، والاستعباد للمسلمين، والاستئثار بخيرات الأُمَّة، واستغلالها في الترف، وتقوية النفوذ، وإحكام السيطرة، وشراء الذمم والولاءات.
وكان رسول الله "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ" قد حذَّر الأُمَّة منهم، ومن أهدافهم تلك، وسعى للفت انتباه الأُمَّة إلى ذلك، في عناوين ثلاثة، جامعة، وشاملة، وكاملة، لخَّصت كل تلك التفاصيل المهمة، وكشفت النَّهج الشيطاني، الإجرامي، المضل، الذي سيسير عليه طغاة بني أُمَيَّة، إذا استحكمت قبضتهم على الأُمَّة، ووصلوا إلى موقع السلطة والقرار، والإمرة والقيادة، قال عنهم: ((اتَّخَذُوا دِينَ اللَّهِ دَغَلًا، وَعِبَادَهُ خَوَلًا، وَمَالَهُ دُوَلًا))، إلَّا أنَّهم استفادوا من الغفلة، والأخطاء، وما هندسوا له من فتنٍ، وما مارسوه من أساليب الخداع والإغراء من بعد وفاة رسول الله "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ"... وغير ذلك من الأسباب والأساليب التي استخدموها وساعدتهم للوصول- في نهاية المطاف- إلى موقع القيادة، والسلطة، والتحكُّم بالأُمَّة، ثم ساروا فيها بتلك السيرة، التي حذَّر رسول الله "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ" أمَّته منهم ومنها، فعملوا على الإفساد للناس، والتحريف لمفاهيم الدين، والاستعباد للناس بالترغيب والترهيب، وتحويل الأُمَّة وإمكاناتها ومقدراتها إلى ثروةٍ بشريةٍ وماديةٍ لهم، وفرَّغوا الإسلام من مضمونه الحقيقي، وأسسه الكبرى؛ لتبقى بعض طقوسه وشعائره مفصولةً عن أهدافها وغاياتها، ومحرَّفةً حتى في شكلها، ثم كانت الطَّامة الكبرى عندما أتوا بيزيد، ليجعلوه حاكماً على رقاب المسلمين، ومن هو يزيد؟
للاختصار نذكر ثلاثة عناوين، تكشف عن حقيقة شخصيته:
العنوان الأول:
كان يزيد في حقيقة أمره غير معترفٍ بالإسلام، وصرَّح بذلك في عِدَّة مناسبات، حتى في أبيات شعرية، وكانت الأبيات الشعرية ذات أهمية كبيرة جدًّا بالنسبة للعرب، في التعبير عن مواقفهم وآرائهم، ومن شعره الذي عبَّر عن هذه الحقيقة بالنسبة له، قوله:
لعبت هاشم بالملك فلا خبرٌ جاء ولا وحيٌ نزل
وهو هنا يجحد بالوحي (بالقرآن الكريم)، وبالوحي على رسول الله "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ"، وتصوره عن رسول الله أنَّه مجرَّد انتهازي ومخادع للناس باسم الوحي والرسالة، وهذه رؤية كفر، ونظرة كفر.
ثانياً:
كان حاقداً شديد الحقد على رسول الله "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ"، ويحمل عقدة الانتقام منه، ويريد أن يصفِّي حساباته في الثأر لجده عتبة، وكذلك لخاله الوليد، ولأخيه وقومه الذين قُتِلوا في غزوة بدرٍ الكبرى، وهم يقاتلون رسول الله "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ"، ويقاتلون المسلمين، وكان قد اتَّخذ قراره أن يحقق هذا الثأر من رسول الله "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ" بقتل عترته، وقتل أيضاً من حضر من صحابة رسول الله "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ" في غزوة بدرٍ الكبرى، ممن بقي منهم على قيد الحياة، إلى حين وصل يزيد إلى موقع السلطة، فهو اتَّخذ قراراً بقتل من بقي منهم جميعاً، وكذلك بقتل الأنصار، والاستباحة لهم، (الأوس، والخزرج)، الذين يعتبر أنَّ لهم الدور الكبير في نصرة رسول الله "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ".
ثالثاً:
كان مستبيحاً لكل الحرمات، معلناً بالفسق والفجور، ومُحِلاً لما حرَّم الله، وكان صريحاً في ذلك، لا يُقِرُّ بحلال ولا بحرام، ينتهك كل الحرمات، ومعلناً بذلك.
رابعاً:
كان مستبيحاً لحرمة كل المقدَّسات؛ ولـذلك استباح قتل عترة رسول الله "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ"، والاقتحام لمدينة رسول الله، والاستباحة لحرمة مسجد رسول الله "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ"، والقتل حتى للمستضعفين من أهل المدينة على قبر رسول الله حتى أغرقه بالدماء، والاقتحام لمكَّة، والإحراق للكعبة، والقصف لها بالمنجنيق.
خامساً:
كان غشوماً، مسرفاً في الدماء، ظلوماً، ليس لديه أي حرمة للنفس البشرية.
بكل هذه المواصفات الإجرامية والفظيعة، كان تمكُّنه واستحكام قبضته على الأُمَّة، يعني: ضياع الإسلام، كما قال الإمام الحسين "عَلَيْهِ السَّلَامُ": ((وَعَلَى الإِسْلَامِ السَّلَام، إِذ قَد بُلِيَّتِ الأُمَّةُ بِرَاعٍ مِثْلَ يَزِيد)).
وقد تجلَّت الآثار السيئة بشكلٍ كبير جدًّا للدور الأممي في واقع الأُمَّة، فحينما نهض الإمام الحسين "عَلَيْهِ السَّلَامُ"، وهو معروفٌ في أوساط الأُمَّة بمكانته، ومقامه، ومنزلته، إضافةً إلى أنَّه يحمل قضيةً هي حقٌّ واضح، وهي لنجاة الأُمَّة، ولمصلحتها وإنقاذها، فكان التخاذل في أوساط الأُمَّة إلى مستوىً رهيب، لم تستجب له، ولم تتحرَّك معه، رغم مكانته الواضحة والمعروفة، وقضيته الواضحة، والحق الواضح، وتجنَّد في المقابل عشرات الآلاف في صف الباطل.
لقد كانت الوضعية كما عبَّر عنها الإمام الحسين "عَلَيْهِ السَّلَامُ" بقوله: ((أَلَا تَرَونَ أَنَّ الحَقَّ لَا يُعمَلُ بِه، وَأَنَّ البَاطِلَ لَا يُتَنَاهَى عَنهُ))، هذا هو التأثير للدور الأموي، يصل بالأُمَّة إلى ألَّا يبقى للحق لديها أي قيمة، الحق في الموقف، الحق في المبدأ، الحق في المعتقد، الحق في كل مجالاته، لا يبقى له أي قيمة في حيِّز الواقع، وفي مقام العمل، والالتزام، والاتِّباع، بقي عنواناً قد يُطْلَق على سبيل التحريف على مضامين باطلة. ((وَأَنَّ البَاطِلَ لَا يُتَنَاهَى عَنهُ))، وهي حالة خطيرة حينما تصل الأُمَّة إلى درجة التَّقَبُّل للباطل، الخنوع للباطل، عدم الاستيحاش من الباطل، فيبقى الباطل سائداً لا يُتَنَاهى عنه، ((لِيَرغَبِ المُؤمِنُ فِي لِقَاءِ اللهِ مُحِقًّا، فَإِنِّي لَا أَرَى المَوتَ إِلَّا سَعَادَة، وَلَا الحَيَاةَ مَعَ الظَالِمِين إِلَّا بَرَمًا وَشَقَاوَة))؛ لأنه إذا ضاع الحق من واقع الحياة، وحلَّ محلَّه الباطل؛ يَحِلُّ الظلم، والطغيان، والجبروت، ويسوء واقع الحياة، وتضيع القيم، يتحوَّل واقع الحياة إلى واقع سيء جدًّا.
ومع كل ما عاناه الإمام الحسين "عَلَيْهِ السَّلَامُ"، من جهة المتخاذلين، وأيضاً من الناكثين والغادرين، وما عاناه أيضاً من وحشية وطغيان وإجرام المجرمين، الذين تجنَّدوا مع الفراعنة الأمويين؛ إلَّا أنَّه قدَّم للأُمَّة من بعده، وإلى قيام الساعة، أعظم الدروس في الاستجابة الإيمانية لله، والنهضة للحق، والقيام لله بأمر الإسلام، والعِزَّة الإيمانية، ومعه أهل بيته، والقِلَّة القليلة من الأنصار في قافلته، حيث قدَّم أعظم الدروس في الإيمان، والصدق، والوفاء، والثبات على الحق، في أقسى الظروف، وأصعب المراحل، وكسر حاجز الصمت، وأحيا في الأُمَّة الحُرِّيَّة؛ فتتابعت الثورات من بعده؛ حتى أطاحت بطغاة بني أميَّة، وأعطى للحق دفعاً وامتداداً عبر الأجيال، وكانت كلماته الخالدة، وقد حاصره الأعداء، الذين امتلأت بهم صحراء كربلاء، ووضعوه بين خيارين: إمَّا الذِّلَّة، والاستسلام للطغاة المجرمين، أمثال: ابن زياد، ويزيد؛ وإمَّا الحرب، والقتل، والإبادة؛ فقال "عَلَيْهِ السَّلَامُ": ((أَلَا وَإِنَّ الدَّعِي ابن الدَّعِي قَد رَكَزَ بَينَ اثنَتِين: بَينَ السِّلَّةِ، وَبَينَ الذِّلَّة، وَهَيهَاتَ مِنَّا الذِّلَّة، يَأبَى اللَّهُ لَنَا ذَلِكَ، وَرَسُولُهُ، وَالمُؤمِنُون، وَنُفُوسٌ أَبِيَّة، وَأُنُوفٌ حَمِيَّة، تُؤثِر مَصَارِعَ الكِرَامِ عَلَى طَاعَةِ اللئَامِ))، كانت هذه الكلمات وغيرها أيضاً في خطبه ورسائله، مصحوبةً ومقترنةً بأعظم المواقف، وأعظم التَّضحيات، مدرسةً هاديةً وملهمةً لكل الأجيال، ولمواجهة الطغاة في كل زمانٍ ومكان، ولاتِّخاذ القرار الصحيح، حينما توضع الأُمَّة بين هذين الخيارين: إمَّا السِّلَّة، وإمَّا الذِّلَّة، في كل زمان، وفي كل ساحةٍ من ميادين المواجهة، وليبق للحق امتداده، وليسعَ المؤمنون إلى استعادة الإسلام في نقائه وكماله، ومعالمه الكبرى، ومبادئه الأساسية، التي تتحقَّق بها ثمرته في الدنيا: تَحَرُّراً من الطاغوت، وسمواً بالأخلاق والقيم، وعِزّاً وكرامة، وعدلاً، ونوراً، وبصيرةً، ومنهجاً ربَّانياً للحياة.
أيُّها الإخوة والأخوات في كل الساحات: إنَّ معركتنا في مواجهة الطغيان الأمريكي والإسرائيلي هي من هذا المنطلق، فما يمثِّله العدو الأمريكي والإسرائيلي من خطرٍ على الأُمَّة: في طمس هويتها الدينية، واستهداف مقدَّساتها، والسعي للسيطرة عليها، والاستعباد لها، ولإذلالها واستباحتها، وما يرتكبه العدو بحق هذه الأُمَّة، بدءاً بما يفعله في فلسطين، من: إبادةٍ جماعية، وهتكٍ للأعراض، وانتهاكٍ لحرمة المقدَّسات... وكل أشكال الظلم والإجرام، وفي غير فلسطين من العالم الإسلامي؛ وفي حربه الناعمة، المفسدة، المُضِلَّة، الشيطانية، التي يستهدف بها الأُمَّة والمجتمعات البشرية؛ وفي مخططه الظالم العدواني، الهادف إلى الاحتلال للأوطان، ونهب الثروات، واستعباد المجتمعات؛ كلُّ هذا يُحَتِّم علينا كمسؤوليةٍ إيمانيةٍ، دينيةٍ، أخلاقيةٍ:
أن نواجه الطغيان الأمريكي والإسرائيلي.
وأن نتصدى لإجرامهم.
وأن نتحرَّك ضد فسادهم وباطلهم.
وأن لا نقبل أبداً بالخنوع لهم، ولا بالطاعة لهم؛ لأن في ذلك الخسارة في الدنيا والآخرة، والخزي والذل.
ومهما كانت الصعوبات والتحديات، وحجم التَّضحيات، فالقضية مقدَّسة، تستحق منَّا التَّضحية، التي لها أعظم ثمرةٍ في الدنيا وفي الآخرة:
في الدنيا: أن نكون أحراراً، أَعِزَّاء، نتشرَّف بذلك، ونتشرَّف بالإسلام، بشرفه وقيمه، وننعم بذلك.
وفي الآخرة: ما وعد الله به من الجنَّة، والرضوان، والنجاة من عذاب الله، والفوز العظيم.
وهي الخيار الأسلم، في مقابل خسارة الاستسلام والخنوع، التي ثمنها فظيع، ونتائجها كارثية في الدنيا والآخرة.
إنَّ انطلاقتنا في مسيرة الحق والإسلام والقرآن، هي بثقةٍ تامَّة بوعد الله تعالى بالنصر لعباده المؤمنين، ونحن نشاهد تنامي هذه الانطلاقة في أُمَّتنا، في الموقف الحق ضد الطغيان الأمريكي والإسرائيلي، ومن النماذج الرَّاقية: هذا الصمود والثبات والاستبسال في غزَّة، ولبنان، والجمهورية الإسلامية في إيران، وأحرار العراق، والنهضة الإيمانية الكبرى في يمن الإيمان، وأحفاد الأنصار، بزخمها المليوني، وتضحياتها الكبيرة، وثباتها الحديدي، وصبرها العظيم، واستمرارها دون كللٍ ولا ملل.
وإننا في يوم الحسين "عَلَيْهِ السَّلَامُ"، يوم الوفاء والعطاء، والتأكيد على الثَّبات على الموقف الحق، نؤكِّد على التالي:
أولاً: نؤكِّد ثباتنا على الانطلاقة الإيمانية القرآنية، في مشروعنا القرآني المبارك، الذي يقوم على أساس التَّمَسُّك بالقرآن الكريم، وحمل راية الإسلام، والتَّحَرُّك في إطار المسؤوليات الإسلامية المقدَّسة، في: الجهاد في سبيل الله تعالى، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر.
ثانياً: نؤكِّد ثباتنا على موقفنا في نصرة الشعب الفلسطيني، والعداء للعدو الإسرائيلي والأمريكي، الذي هو عدوٌ للإسلام وللمسلمين، ويشكِّل خطورةً على الأُمَّة الإسلامية بكلها، ومخططه الصهيوني هو مخططٌ عدوانيٌ تدميريٌ، يستهدف الأُمَّة في دينها ودنياها؛ ولـذلك فلن نألو جهداً في مواجهة ذلك العدو، مع إخوتنا في المحور (محور القدس والجهاد والمقاومة)، ومع أحرار الأُمَّة.
ثالثاً: مهما كانت التحديات والصعوبات، ومهما كان حجم التضحيات، ومهما كان مستوى اللوم، والضغوط، والهجمات الإعلامية... وغير ذلك مما نُوَاجَه به من كل أشكال الحروب والاستهداف، من أمريكا وإسرائيل، ومن عملائهم الموالين لهم، المؤيِّدين لهم، المعادين لأي توجُّه لا يقبل بالخنوع معهم لأمريكا، فإنَّ ثباتنا على مواقفنا هو خيارنا الحاسم، الذي لا يمكن التراجع عنه، ونحن مستعينون بالله تعالى، متوكِّلون عليه، واثقون به، وَهُوَ حَسْبُنَا وَنِعْمَ الوَكِيل، نِعْمَ المَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِير.
أَيُّهَا الْإِخْوَةُ وَالأَخَوَات: أَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى أَنْ يَكْتُبَ أَجْرَكُم عَلَى هَذَا الحُضُورِ الكَبِير فِي هَذِهِ المُنَاسَبَة، وَأَنْ يُوَفِّقَنَا وَإِيَّاكُم لِلثَّبَاتِ عَلَى نَهجِهِ الحَقّ، فِي دَرْبِ الْإِمَامِ الحُسَينِ "عَلَيْهِ السَّلَامُ"، دَرْبِ الهُدَى، صِرَاطِ اللهِ المُسْتَقِيم، طَرِيقِ الحَقِّ، وَالِاقْتِدَاءِ بِرَسُوْلِ اللهِ مُحَمَّد "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ"، طَرِيقِ أَعْلَامِ الهُدَى، طَرِيقِ الأَخْيَارِ وَالصَّالِحِين مِنْ أَبْنَاءِ الأُمَّة.
وَنْسَألُ اللهَ تَعَاَلَى أَنْ يَرْحَمَ شُهْدَاءَنَا الأَبْرَار، وَأَنْ يَشْفِيَ جَرْحَانَا، وَأَنْ يُفَرِّجَ عَنْ أَسْرَانَا، وَأَنْ يَنْصُرَنَا بِنَصْرِه، وَأَنْ يُعَجِّلَ بِالفَرَجِ وَالنَّصْرِ لِلشَّعْبِ الفِلَسْطِينِيِّ المَظْلُوم، وَمُجَاهِدِيهِ الأَعِزَّاء.
السَّلَامُ عَلَى سِبْطِ رَسُوْلِ اللهِ سَيِّدِ الشُّهَدَاء الْإِمَامِ الحُسَينِ، وَعَلَى أَهْلِ بَيتِهِ وَأَنْصَارِه؛؛
السَّلَامُ عَلَيْكُمْ- أَيُّهَا الْإِخْوَة- وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛
رَعَاكُمُ اللَّه، وَكَتَبَ اللهُ أَجْرَكُم، وَبَارَكَ فِيكُم.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

تعازينا للاخ احمد ومحسن راجح وإخوته بوفاة والدتهم
تعازينا للاخ احمد ومحسن راجح وإخوته بوفاة والدتهم

اليمن الآن

timeمنذ 10 دقائق

  • اليمن الآن

تعازينا للاخ احمد ومحسن راجح وإخوته بوفاة والدتهم

ببالغ الحزن تقلينا نبأ وفاة خالتي والدة احمد ومحسن وعبدالله وسالم ورشدي راجح ، وأنا إذ نشاطركم اخواني الاعزاء احزانكم في مصابنا جميعاً سائلين الله بأن يتغمد الفقيدة بواسع رحمته وغفرانه وأن يدخلها في ظل ظليل ونعيم لاينضب مع زمرة الصديقين و الشهداء و الصالحين ، وأن يلهمنا وإياكم الصبر والسلوان . صرف المرتبات الحكومية كريتر سكاي | 573 قراءة كشفت مصادر عن تفاصيل جديدة بشأن صرف المرتبات بمحافظة حضرموتواكدت المص

يمن ديلي نيوز: أهم وأبرز عناوين الصحف العربية واليمنية عن الشأن اليمني الإثنين 7 يوليو
يمن ديلي نيوز: أهم وأبرز عناوين الصحف العربية واليمنية عن الشأن اليمني الإثنين 7 يوليو

اليمن الآن

timeمنذ 2 ساعات

  • اليمن الآن

يمن ديلي نيوز: أهم وأبرز عناوين الصحف العربية واليمنية عن الشأن اليمني الإثنين 7 يوليو

🌐 صحافة عربية: • إرم نيوز: إدانة أوروبية وأمريكية للهجوم الحوثي على سفينة 'ماجيك سيز' • الجزيرة نت: غضب في اليمن.. تفاصيل مقتل داعية بالسبعين من عمره • صحيفة الشرق الأوسط: شركة أمنية خاصة تحذر من هجوم جديد على سفينة في البحر الأحمر • فرانس 24: الحوثيون يعلنون غرق ناقلة بضائع عقب هجومهم عليها قبالة اليمن • كردستان 24: إسرائيل تطلق عملية 'الراية السوداء' لمعاقبة الحوثيين في اليمن • الحدث اليمن: لسفير الياباني لدى اليمن يويتشي ناكاشيما يؤكد التزام بلاده بتخفيف معاناة اليمنيين عبر منحة جديدة بقيمة 300 مليون ين ياباني • لبنان 24: 'لن يُحقق أهدافه'.. 'حزب الله' دان الاعتداء الإسرائيليّ على اليمن • صحيفة المدينة: مركز الملك سلمان يدشّن بمحافظة عدن ورشة عمل لتوزيع (600) ألف سلة غذائية 🌐 صحافة محلية: • وكالة سبأ: مندوبية اليمن في الجامعة العربية تنظم برنامجاً تدريبياً في إدارة المخاطر والأزمات • الثورة نت: ‏السلطة المحلية بمأرب ترحب بقرارات رئاسة مجلس النواب وتؤكد تقديمها كافة التسهيلات لإنجاح مهام اللجان البرلمانية • سبتمبر نت: لجنة وزارية تقر عددا من الإجراءات لتأمين انسياب السلع ووقود الطاقة بين المحافظات • الصحوة نت: للتنفير من التعليم.. مليشيا الحوثي تفرض رسوما باهظة على طلاب المدارس الحكومية في إب • وكالة 2 ديسمبر: بعد غارات الاحتلال بالحديدة.. موجة سخرية من مزاعم الحوثي حول 'الدفاعات الجوية' • المصدر أونلاين: فقدان وإصابة 4 أشخاص بهجوم جديد استهدف سفينة في البحر الأحمر • قناة سهيل: تفضح أكذوبة مناصرة غزة.. أكثر من 735 انتهاكا حوثيا ضد الأئمة والدعاة والخطباء • بلقيس نت: فريق خبراء أممي يجري سلسلة لقاءات بشأن الأوضاع في اليمن • يمن شباب نت: الاتحاد الأوروبي يحذر من كارثة بيئية كبرى في البحر الأحمر • قناة الجمهورية: اليمن يلطم قهره.. حسينيات 'كربلاء' في 'الجوف' • قناة عدن المستقلة: الأمانة العامة للانتقالي تناقش تقرير المشهد الاقتصادي والخدمي في الجنوب • يمن فيوتشر: اليمن: مقتل وإصابة 3 مدنيين بحوادث انفجارات ألغام في تعز والحديدة ولحج خلال يومين • الموقع بوست: شرطة تعز في بيان: لن نقف عاجزون تجاه ما يحدث من أزمة المياه في المدينة • يمن مونيتور: احتجاجات أمام معاشيق تطالب بصرف الرواتب وتحسين الخدمات في عدن • تعز تايم: وقفة احتجاجية بتعز تنديدًا بالاعتداءات المتكررة التي يتعرض لها مركز 14 أكتوبر الصحي • المشاهد نت: 'الوصمة' تلاحق المتعافيات من الأمراض النفسية • صحيفة عدن الغد: الخطوط الجوية اليمنية تفتتح مكتبها في قطر تمهيداً لاستئناف رحلات عدن – الدوحة • بران برس: حضرموت تستعد لمهرجان البلدة السياحي 2025م.. ماذا تعرف عنه؟ • شبكة النقار: جهاز المخابرات بصنعاء يعتقل الناشط الخزان بعد إعلان نيته نشر ملفات تخص فاسدين في أنصار الله • وكالة خبر: رايتس رادار: الحوثيون ارتكبوا أكثر من 735 انتهاكاً بحق الأئمة والخطباء.. آخرهم الشيخ صالح حنتوس ____ لمتابعة قناة 'يمن ديلي نيوز' على واتس أب 👇: #يمن_ديلي_نيوز مرتبط

الرئيس الفرنسي يعلن إجراءات جديدة ضد جماعة الإخوان
الرئيس الفرنسي يعلن إجراءات جديدة ضد جماعة الإخوان

اليمن الآن

timeمنذ 3 ساعات

  • اليمن الآن

الرئيس الفرنسي يعلن إجراءات جديدة ضد جماعة الإخوان

أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الإثنين، توسيع لائحة العقوبات المفروضة على تنظيم الإخوان في فرنسا، وأقر إجراءات جديدة لتجميد الأموال والتبرعات. وجاء ذلك خلال اجتماع مجلس الدفاع والأمن القومي الفرنسي، الذي ترأسه ماكرون الإثنين. وهو الاجتماع الثاني من نوعه، بعد الأول الذي عقد في مايو الماضي. وقالت صحيفة "لوموند الفرنسية إن ماكرون أعلن، خلال مؤتمر صحفي، استحداث أدوات جديدة للعقوبات المالية والإدارية، كما دعا إلى إعداد مشروع قانون "بحلول نهاية الصيف" و"مشروع قانون يُطبّق بنهاية العام". وصرح أيضا بأنه سيلتقي "في الخريف" بممثلي منتدى الإسلام في فرنسا (فوريف). وأعرب الرئيس الفرنسي عن استيائه من تسريب التقرير الذي كلّف بإعداده إلى الصحافة قبل اجتماع مجلس الدفاع والأمن القومي. وقال قصر الإليزيه: "نظرا لأهمية القضية وخطورة الوقائع الثابتة، طلب من الحكومة صياغة مقترحات جديدة". وأوضح رئيس الجمهورية الفرنسية خلال مؤتمره الصحفي الإثنين أن فكرة مجلس الدفاع الجديد هي "تعزيز الإجراءات في إطار مكافحة الانفصالية". وأبرزت "لوموند" أنه تم الاتفاق، خلال اجتماع الإثنين، على "وضع إجراءات جديدة لتجميد المساهمات النقدية والمالية، مع توسيع الإجراءات المعمول بها في مكافحة الإرهاب". كما أعلن ماكرون "توسيع نطاق عمليات التصفية الإدارية، المتاحة حاليا للكيانات القانونية فقط، والتي قد تشمل أيضا صناديق الأوقاف". واعتُمد أيضا إجراء آخر: "نظام قسري لتصفية أصول المنظمات المنحلة"، بحيث يُمكن للمحكمة القضائية تعيين مسؤول لتنفيذ التصفية. وقرر الرئيس الفرنسي كذلك تعزيز تكوين الأئمة من أجل "التحرر من الاعتماد الكبير على بلدان المنشأ". وفيما يتعلق بالإجراءات التي تتطلب تعديل القانون، طلب ماكرون "الانتهاء من صياغة النصوص (...) خلال الأسابيع المقبلة" و"أن يكون لدينا نص بحلول نهاية الصيف". وتابع أن "هدفه هو التوصل إلى نص قابل للتطبيق بحلول نهاية العام الجاري". كما دعا رئيس فرنسا إلى "تعزيز النظام الإداري لحظر المنشورات غير القانونية بتمديد أجل التقادم، واتخاذ تدابير لمكافحة التحريض على التمييز والعنف". وفرض مجلس الدفاع عقوبات إدارية "بغرامات يومية" على الجمعيات التي وقّعت على عقد الالتزام الجمهوري ولم تلتزم ببنوده.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store