
مادورو لقمة بوغوتا: صمت العالم على الإبادة الجماعية في فلسطين جريمة أخلاقية وسياسية
وقال مادورو: "نرفع صوتنا بحزمٍ وغضب من صمت العالم أمام الإبادة الجماعية الجارية ضد الفلسطينيين"، مضيفاً أن ما يجري في غزة وعموم فلسطين "ليس صراعاً بين أطراف متكافئة، بل هو مخطط منهجي لتدمير شعب واجتثاث هويته من جذورها".
وحذّر الرئيس الفنزويلي من أن "كل قنبلة تُسقط على مستشفى فلسطيني أو مدرسة أو منزل، لا تقتل أرواحاً بريئة فحسب، بل تُدمّر أيضاً أسس السلام العالمي وتُعمّق الانهيار الأخلاقي للنظام الدولي".
15 تموز
15 تموز
وختم مادورو كلمته بالتأكيد على "حقّ فلسطين في الوجود والمقاومة والعيش بحرية ضمن دولة كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشرقية"، مجدّداً دعم بلاده المطلق والثابت للقضية الفلسطينية وشعبها المقاوم.
مقررة الأمم المتحدة فرانشيسكا ألبانيزي في المؤتمر الوزاري الطارئ بشأن فلسطين: أيها الفلسطينيون في كل مكان نحن ندعمكم#فلسطين #كولومبيا pic.twitter.com/CEYSc327Rmوتأتي قمة بوغوتا، في كولومبيا، بمشاركة أكثر من 20 دولة، من بينها إسبانيا، إيرلندا، الصين، تركيا، والبرازيل، ضمن ما يُعرف بـ"مجموعة لاهاي"، لـ"بحث اتخاذ إجراءات ملموسة ضد الاحتلال الإسرائيلي"، على خلفية الانتهاكات الجسيمة والمتواصلة للقانون الدولي في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وقالت الحكومة الكولومبية في بيان رسمي، إن هذا الاجتماع يمثل "منعطفاً مهماً في مسار التحرك الدولي"، مضيفة أن الدول المشاركة "تتجه نحو خطوات عملية وليس فقط بيانات إدانة"، في ظل ما وصفته بـ"الفشل المتكرر للمجتمع الدولي في وقف الجرائم ضد المدنيين في قطاع غزة والضفة الغربية".
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الميادين
منذ 2 ساعات
- الميادين
من أوشفيتز إلى رفح: الإبادة الجماعية هي الحل
في مشهد غير مألوف حتى في أضيق التحالفات، التقى رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بالرئيس الأميركي دونالد ترامب مرتين خلال خمسة أيام في البيت الأبيض. لم تكن لقاءات للاحتفاء بالحرب على إيران فقط، بل كانت مؤشرًا واضحًا على أن هناك ترتيبات كبرى تُطبخ بهدوء خلف المفاوضات العلنية حول وقف إطلاق النار في غزة، خاصة أن تصريحات ترامب تركزت على ضرورة إنهاء الحرب، وهو ما يعني الحاجة لخطة سياسية لليوم التالي، ليس لغزة وحدها بل للمنطقة كلها. لذلك كانت الأنظار مشدودة إلى مفاوضات الدوحة، حيث بُنيت آمال على مسار تهدئة شامل يتضمن صفقة تبادل أسرى ومساراً يوقف القتال ويقود إلى إنهاء الحرب. لكن فجأة، ومن دون تفسير منطقي، تعثرت المفاوضات، وتجمد التقدم فيها بسبب التعنت الإسرائيلي بشأن الانسحاب من "محور موراج"، والإصرار على استبقاء احتلال محافظة رفح بالكامل. بهذا، كانت "إسرائيل" تعد خطة موازية، لا تتضمن تهدئة ولا انسحاباً، بل "حلًا نهائيًا" للمسألة الفلسطينية في غزة. هذا الحل لا يشبه الحلول السياسية التقليدية، بل يستنسخ النموذج الأخطر في القرن العشرين: "الحل النهائي" النازي تجاه اليهود. فكما قررت ألمانيا النازية في بداية الأربعينات أن وجود اليهود "مشكلة لا حل لها إلا بالإزالة الكاملة"، بدأت "إسرائيل" اليوم تتعامل مع الفلسطينيين في غزة بالمنطق ذاته: شعب يجب أن يُزال من المكان، إمّا بالترحيل، أو بالإبادة، أو بالعزل الكامل. 1. تصنيف اليهود إلى "جيّدين" و"غير جيّدين". 2. عزلهم في غيتوهات مغلقة. 3. نقلهم إلى معسكرات. 4. تصفيتهم في غرف الغاز والأفران. أما في النموذج الإسرائيلي اليوم: يجري تصنيف الفلسطينيين إلى "مقاومين" و"غير مقاومين". يُجبر غير المقاومين، وهم نحو 600 ألف بحسب التقديرات الاسرائيلية، على البقاء في ما يُسمى "المدينة الإنسانية" جنوب رفح، ويُمنع عليهم العودة إلى ديارهم. ثم يُدفعون تدريجيًا إلى خارج فلسطين، عبر معبر كرم أبو سالم ومطار رامون، في ترحيل جماعي يتناقض مع المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة. 16 تموز 10:04 16 تموز 10:00 أما من تبقى – وهم نحو 1.4 مليون – فيُستهدفون بالقصف والتجويع والأمراض وتفكيك البنية التحتية. ووفقًا لتحليل نُشر في معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي (INSS)، فإن الهدف هو "تقليص البيئة السكانية الحاضنة للمقاومة"، أي القضاء على الشعب كوسيلة لإنهاء القتال. أليس هذا هو التعريف الحرفي للإبادة الجماعية كما أوردته اتفاقية 1948؟ المفارقة أن هذه الخطة بدأت تُنفَّذ تحت غطاء "صفقة تهدئة" يجري بموجبها ترسيخ السيطرة الإسرائيلية على كامل محافظة رفح، وهي واحدة من خمس محافظات تشكّل قطاع غزة. فقد أعادت "إسرائيل" تموضع قواتها في محور موراج شمال مدينة رفح، الذي يفصل المدينة عن خان يونس والمنطقة التي تُسمى "الإنسانية" في المواصي، رغم أن لا هدفًا أمنيًا يبرر هذا التموضع، كما أكدت مصادر داخل الجيش الإسرائيلي نفسه. التمسك باحتلال رفح ليست تطورًا ميدانيًا، بل هو تحول سياسي مدروس. ففي النقاشات السابقة، لم يكن هناك قناعة عسكرية إسرائيلية حقيقية بأهمية السيطرة على رفح أو على محور فيلادلفيا. بل في هدنة كانون الثاني/يناير الماضي، وافقت "إسرائيل" على الانسحاب التدريجي من المحور، وسحبت قواتها من المدينة. فما الذي تغيّر الآن؟ الجواب كما تقدمه "إسرائيل" نفسها: لا يمكن تنفيذ مشروع "المدينة الإنسانية" من دون السيطرة الكاملة على محور موراج. الهدف إذاً ليس أمنيًا، بل هندسة ديموغرافية تمنع عودة النازحين، وتدفع بهم إما إلى مخيم طويل الأمد أو إلى التهجير. وفي تمهيد لذلك، أطلقت "إسرائيل" مشروع "مؤسسة غزة الإنسانية" GHF بدعم أميركي–إسرائيلي، بحجة إيصال المساعدات. لكن مراكز التوزيع تحولت إلى مصائد موت، استشهد فيها أكثر من 600 فلسطيني أثناء انتظار الطعام. لم تكن المساعدات هدفًا، بل وسيلة للفرز والسيطرة والقتل. كما أنشأت "إسرائيل" مجموعات مسلحة محلية في المناطق التي تسيطر عليها، بدعم مباشر من جهاز الشاباك، سرقت المساعدات، ومنعت دخولها، ثم تحولت إلى أدوات أمنية إسرائيلية لحكم السكان. السجان لم يعد جنديًا إسرائيليًا، بل فلسطينيًا خائناً يعمل بالوكالة. هكذا تكتمل أركان الخطة: معسكر الاعتقال: "المدينة الإنسانية". السجان: الميليشيات المحلية. الغطاء الإنساني: مؤسسة GHF. والركن الأخير قريبًا: إعلان الدول التي ستستقبل المهجرين، وبدء عملية عسكرية تستكمل إبادة من تبقى. ورغم وضوح هذا المخطط، لا يزال المجتمع الدولي وفي مقدمته محكمة العدل الدولية، التي تتردد في تسمية الجريمة باسمها الحقيقي. فاكتفت بإجراءات رمزية في الشكوى المقدّمة من جنوب أفريقيا، من دون اتخاذ موقف قانوني حاسم، تحت ضغط القوى الكبرى، وفي مقدمتها الولايات المتحدة. فمحكمة العدل الدولية، على الرغم من خطورة الأدلة المقدمة، ما تزال تُراوغ في توصيف الإبادة وتتهرب من إعلان "إسرائيل" كمرتكبة للجريمة، ما يجعلها شريكًا بالصمت. كما صمت العالم أمام دخان أوشفيتز، يصمت اليوم أمام ركام غزة. الفرق أن غرف الغاز استُبدلت بالتجويع، والأفران بالركام، والقطارات بممرات إنسانية تُفضي إلى النفي. الإبادة تتكرر، لكن بأدوات حديثة وخطاب مخادع، والقاتل الإسرائيلي لا يكتفي بارتكاب الجريمة، بل ما زال يرتدي قناع ضحية "أوشفيتز" . ما يحدث في غزة ليس حربًا، بل هو مشروع إبادة جماعية محدثة. إنها نسخة القرن الحادي والعشرين من أوشفيتز، بحماية دبلوماسية وشاشات مشوشة، وشعب يُباد ويُجبر على الرحيل، بينما العالم يُشيح بوجهه مرة أخرى.


الميادين
منذ 7 ساعات
- الميادين
"حدث صعب"
حدث صعب". العدو لا يحب التوسع في المفهوم. يحاول التوسع في الأرض. "حدثٌ صعب" بحسب ما يصدر عن جيش الاحتلال.. ثم يبلعون ألسنتهم. تتدلى العبارة من فم ناطقٍ فقدَ صوته. "حدثٌ صعب".. لا يقولون ماذا جرى. يبلعون ما جرى. "حدث صعب". يقولها الناطق باسم جيش الاحتلال وهو يتلمّس ندبةً في خاصرته ويتلفّت كمن داهمه شبحٌ يحمل "ياسينَه"على كتفيه. "حدث صعب"؟ نعم لأن أحد أنفاق غزة بلغت حممه السطح فجأة. صار برجًا من نارٍ تُرتل "الله أكبر". "حدثٌ صعب" حين تنطلق كتائب القسام كأن للحوائط أجنحة، وللمقاومين دروعاً. "حدثٌ صعب" حين يتحوّل الزقاق إلى كمين والحجر إلى صوت والظلّ إلى فخٍّ محشوٍّ باليقين. العدو لا يقول ماذا حدث. ما حدث أكبر من اللغة. أكبر من رقابة هيئة الأركان. أكبر من تماسك وجه الجنرال على الشاشة. يقولون: "فقدنا الاتصال بوحدة النخبة". نحن نعلم أن الوحدة قد ذابت في أرض الشجاعية. "حدثٌ صعب في بيت حانون" لا يشرحون كيف عادوا من دون جنود النخبة. هم يذيعون : "حدثٌ صعب" ونحن نقرأ الخبر حفرة في الجدار خلَّفها شهاب أو رمشة قنّاص صامت حيَّر طائرات الاستطلاع. في غزة الصمتُ يُقاتل. العتمةُ تُنجب أبطالاً من دخان. المقاومةُ لا تخرجُ من الثكنات. تخرج من الأحذية المهترئة، من حفاة الأقدام، من خرقةِ كوفية، من نظرةٍ حاسمة خلف جدار. 16 تموز 10:04 16 تموز 10:00 هم يُخفون عددَ القتلى. نحن نعرفه لا لأننا نعدُّ الجثث، بل لأننا نعدّ الذباب الأزرق فوق جيفِ معنوياتهم. نراهم يتحاشون الكاميرا. وجوههم تقول: لم نُولد لندخل غزة… بل لنهرب منها. "حدثٌ صعب"، عبارةٌ تُشبه شبه رجلٍ يحاولُ خنقَ زلزالٍ بمنديلٍ ورقيّ أو جنرالًا يبلع حذاءه حين يضيع رتلُه بين أزقة حي التفاح. هم لا يُفصِحون لأن الإفصاح فضيحة، ولأن اعترافهم يعني أن غزة المحاصَرة المنهَكة والمُدللة بالقنابل لا تنكسر. غزة تُجيد النهوض كأنها ربيعٌ خشن. نحن لا نطلب منهم أن يعترفوا. فهم لا يعترفون بالهزيمة لكننا نعلم أن كل "حدث صعب" عندهم هو نصر فلسطيني هادئ. هو يدُ مقاوم تشدّ زنادها من دون صراخ. هو شهيدٌ على باب نفقٍ يُسلّم على الموت كمن يسلّم على زميلٍ قديم. "حدثٌ صعب"؟ بل قل: انكسر البرج من الداخل. انهارَ وهمُ التفوّق تحت صرخة فتى من رفح. ضاعت دبّاباتهم كأن الرمال قرّرت جعلكتَها. "حدثٌ صعب"؟ قل ما شئت لكننا نسمّي الأشياء بأسمائها: بطولات لا تُوثّقها كاميرات العالم، لكنّ الله يراها، وغزة تحفظها وكلما زاد التكتّم علمنا أن الضربةَ كانت أقوى، وأن الرصاصة ذكية بما يكفي لتُربك خارطةً كاملة. المقاومة لا تحتاج الى اعترافات العدو. تكفيها عبارة " حدث صعب". إنكارهم هو أعظم برهان. فامضِ يا قسام واخترع لهم "أحداثًا" أصعب وأصعب حتى لا يجدوا في اللغة ما يصرّحون به سوى الصمت. حدث صعب؟ بل هو الحكاية التي لا تنتهي. وكلما ازدادت الضغوط على اللسان المحتل، ينبئنا " الحدث الصعب" عن ساحة معركة. لا يخوضُ العدو صراعًا عسكريًا، بل حربًا ضد " الحدث الصعب"، ضد الألفاظ، ضد المعنى الذي يهرب منه، ويصير حجرًا يصيبه في المقتل. حين يبزغُ الفجر على الشهداء وتشرق الشمس على الأنقاض، يختفون هم مع " الحدث الصعب"، بينما ترتسم في أفق فلسطين صورة المقاوم الذي يسحق التكتّم تحت قدميه، ويظل يقاوم بالكلمة التي لا يكتبها أحد. "حدث صعب"؟ لا يهم، فالفلسطينيون يعرفون كيف يسهّلون كتابة التاريخ.


الميادين
منذ 7 ساعات
- الميادين
صناعة الجهل، صناعة الهزيمة
عمد الاحتلال الإسرائيلي منذ تأسيسه على استهداف المؤسسات التعليمية والثقافية الفلسطينية، أسوة بسياسة الانتداب البريطاني القائمة على التجهيل، بخلاف سياسة الفرنسيين التي عمدت إلى فرنسة المجتمعات المحتلة كما جرى مع المغرب العربي؛ إذ يعلم الاحتلال جيداً أهمية المعرفة على أبناء شعبنا الذي يسعى إلى التحرّر من براثن الاحتلال، ولم يبدأ الأمر عند اعتقال الطلبة إبان الانتفاضة الأولى أو منع إدخال الكتب قبل ذلك أو حتى تدمير المدارس لاحقًا، فالأمر يمرّ عبر خطط استراتيجية ممنهجة نحو تعطيل العقل الفلسطيني وإشغاله بسفاسف الأمور والقضايا الفرعية ثم التحكّم بطبيعة الموظفين والمناهج التعليمية والأنشطة اللامنهجية أو المنهجية اللاصفية. ورغم أنّ الفلسطيني كان ولا يزال ساعياً نحو تجاوز تلك المعضلات العظيمة من خلال تحويل السجون إلى مراكز تعليم مثلاً؛ وإنشاء مدارس وفصول دراسية بين الركام؛ وبين خيام النازحين، وصولاً إلى الدراسة عند بعد، وإتمام رسائل الماجستير والدكتوراة عبر الزووم داخل البيوت المدمّرة أو الخيام الملتهبة؛ فالحرب بيننا وبين الاحتلال مستمرة في مواجهة التجهيل بالتعليم، وتجاوز تعطيل الأولويات بإعادة توجيه البوصلة نحو المعرفة، لأنّ نجاح الاحتلال في تجهيل الأمة سيقود نحو صناعة مجتمعات عاجزة عن اتخاذ أيّ قرار أو الدفاع عن حقوقها أمام غول الاستيطان والتهويد، ثمّ القبول بالظلم كأمر طبيعي يعني تفشّي الاستسلام والخنوع وغياب المشروع الجماعي. وذلك وصولاً إلى إنتاج جيل لا يعرف تاريخه ولا يؤمن بمستقبله، ولذلك عمد الاحتلال في الحروب السابقة إلى استهداف المكتبة الوطنية في مدينة غزة ثمّ المراكز الثقافية كالمسحال والمعالم الأثرية الهامّة مثل بيت الغصين وكذلك الدينية مثل المسجد العمري. كما عمد خلال هذه الإبادة إلى استهداف الأكاديميين والجامعات، وركّز على المباني العلمية والمختبرات، حيث طالت الصواريخ رؤساء الجامعات والأكاديميين والمفكّرين والأدباء، في محاولة لقتل الكلمة وإغراق التاريخ بالأكاذيب من خلال الرواية الصهيونية (البروبوغندا) التي بات ينظر لها عرب وفلسطينيون من أبناء جلدتنا، ممن استمرأ الخيانة. 16 تموز 10:04 16 تموز 08:31 وصناعة الهزيمة لا تبدأ من ميدان المعركة بل من الوعي، وحين سئل فولتير عمن سيقود العالم، قال: "الذين يعرفون كيف يقرأون"، و"قارئ اليوم هو قائد الغد"، لذلك قام الاحتلال منذ عقود كما أسلف المقال في بثّ سموم داخل المجتمع الفلسطيني لأجل تحقيق مبدأ "فرّق تسد"، حتى داخل المناهج التعليمية التي صنعتها السلطة الفلسطينية، تحت إشراف الاتحاد الأوروبي والذي ضغط باتجاه أن تكون تلك المناهج متماهية مع متطلّبات المانحين الذين يرفضون فكرة الحديث عن فلسطين كدولة محتلة، أو الدعوة نحو الحرية وشرعنة المقاومة بأشكالها كافة، وعلى رأسها المقاومة المسلحة. وقد أخبرني صديق عمل كوزير للتربية والتعليم مؤخّراً، كيف طلب منه الاتحاد الأوروبي تغيير بعض الفصول أو المواضيع داخل بعض المواد التعليمية، فرفض الوزير معلّلاً: لماذا لا يذهب الاتحاد الأوروبي للضغط على "دولة" الاحتلال أيضاً لتعديل وتغيير بعض المواد التي تدعو إلى قتل العرب أو انتهاك الحقّ الفلسطيني، فردّ رئيس البعثة الأوروبية آنذاك بصلافة: إنهم -ويقصد "إسرائيل"- لا يطلبون أيّ دعم مالي منا كي نطالبهم بأيّ شيء، بينما أنتم من يطلب ذلك، وعندما تقدرون على طباعة مناهجكم وتمويل مؤسساتكم التعليمية بأنفسكم، فإننا لن نطلب منكم شيئاً. في الجانب الآخر، ما زلت أذكر كيف كان يقوم الاحتلال باعتقال طلبة الثانوية العامة ومحاصرة المدارس إبان الامتحانات النهائية ثم منعهم من السفر لمواصلة تعليمهم واعتقالهم مرة أخرى عبر المعابر إبان الانتفاضة الأولى. بينما يحاول ذلك الاحتلال الاستعماري والإحلالي اليوم إقناع الضحية أنه لا يستحقّ الانتصار، حيث تجد الفلسطيني بعد هذه السياسات يدين نفسه، ويحمّل أخيه المسؤولية عن الدم النازف، كترسيخ لفكرة أنّ الهزيمة جاءت بسبب المقاومة، وأنّ التحرّر من براثن الصهاينة أمر مستحيل. بل وزيادة على ذلك يحاول الاحتلال إحلال نفسه بصورة أو بأخرى على أنه الصديق وتقديم نفسه كمنقذ وملاذ آمن، بطرق كثيرة، ليس آخرها إلقاء المناشير على المواطنين في المخيمات، تدعوهم للتعاون مع ضباط المخابرات من أجل القضاء على المقاومة أو معرفة أعضاء وحدة سهم التي تسعى لضبط الميدان، والمعضلة الأكبر أنّ بعض أدعياء الثقافة والنخب السياسية المرتزقة، التي كانت في سدّة الحكم يوماً، ولم تحقّق لفلسطين سوى الخيبات المتراكمة، تجدهم عبر أقلامهم يزايدون على مشروعية المقاومة المسلحة، وتنبري ألسنتهم بالهجوم السافر على فكرة التحرير في ظلّ تهالك رسمي وخذلان شعبي عربي، بينما لا تسمع لأحد منهم أيّ صوت عندما تبدع المقاومة في حرب العصابات ضدّ جنود الاحتلال. لقد روّج الإعلام العربي مؤخّراً أنّ المقاومة عبث، وتجاهل الدم الذي لا يتوقّف، بينما كانت المؤسسات الإعلامية الفلسطينية والصحافيون والكتّاب تحت مرمى النيران، سعياً نحو إنتاج أمة مهزومة من الداخل، مواصلاً حرب الإبادة ضد المدارس، بالقصف أو الحرق، لأنّ الخطة المركزية والاستراتيجية لهذا الاحتلال تقوم على التجهيل كسلاح استراتيجي. وإزاء ذلك مطلوب من الشارع الفلسطيني، في غزة تحديداً أن يعيد الاعتبار للمعرفة، من خلال تعزيز فكرة المقاومة، وإنشاء فصول دراسية داخل الخيام، وتنوير الجيل بقراءة التاريخ، والأخذ بيد الأطفال نحو النهضة رغم كلّ عوامل الإبادة الحاصلة.