
دروس للمنطقة.. قدمها الصراع الإسرائيلي - الإيراني – DW – 2025/6/26
وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران آخذ في الاستقرار. وهو ما يثير الآمال بانفراجة في المنطقة، لكن العديد من الدول لا تزال مترددة في مواقفها تجاه طهران. فما الدروس والعبر التي قدمها هذا الصراع للمنطقة؟
يبدو أن الصراع الإسرائيلي الإيراني قد تجاوز على الأقل مرحلة الخطر. كما يبدو أن وقف إطلاق النار المتفق عليه يوم الإثنين برعاية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب آخذ في الاستقرار، على الرغم من بعض الفواصل قصيرة المدى التي تسبب بها الجانبان. وهو ما يتيح لجميع دول المنطقة فرصة لإعادة النظر في مواقفها تجاه الصراع وتداعياته على المنطقة ككل.
أظهرت العديد من الدول مسبقاً موقفاً متناقضاً. على سبيل المثال، في بيان مشترك صدر من دول عربية وأفريقية وآسيوية أخرى، أعربت الأردن عن "رفضها القاطع وإدانتها" للهجمات الإسرائيلية على الجمهورية الإسلامية الإيرانية منذ 13 يونيو/حزيران 2025، لكنها في الوقت نفسه أطلقت صواريخ من إيران فوق أراضيها. وتذرعت الحكومة الأردنية بمبدأ الدفاع عن النفس. ووقعت المملكة العربية السعودية أيضاً على البيان. وبينما لم تُعلّق الرياض على إطلاق الصواريخ الإيرانية، يرى الخبراء أن ذلك احتمال وارد.
بشكل أساسي لا يختلف وضع الأردن والسعودية كثيراً عن وضع بعض الدول الأخرى في المنطقة. فكلاهما يحافظ على علاقة مستقرة وسلمية مع إسرائيل، حتى أن الأردن لديه معاهدة سلام، لكنهما يعتمدان أيضاً على التعاون العسكري مع الولايات المتحدة. كما يتلقى الأردن دعماً مالياً من واشنطن، يبلغ حوالي 1.45 مليار دولار (1.25 مليار يورو) سنوياً.
وهذا يجعل الأردن ثاني أكبر متلقٍ للمساعدات الأمريكية في العالم بعد إسرائيل. وقد تعرضت هذه المساعدات للتهديد بقطعها لفترة وجيزة في بداية إدارة ترامب. في الوقت نفسه، تضع كلتا الدولتين، الأردن والسعودية، مصالح المنطقة ككل نصب أعينهما. ويشمل ذلك، قبل كل شيء، استقرارها، الذي يرتكز بالأساس على الحفاظ على علاقة متوازنة مع إيران.
يتوقع سيمون فولفغانغ فوكس، الباحث في الدراسات الإسلامية بالجامعة العبرية في القدس، أن يستمر هذا التناقض في تشكيل السياسة الإقليمية، وخاصةً في دول الخليج. وصرح لـ DW أندول الخليج لاحظت بوضوح أن إيران فقدت جزءاً كبيراً من قدرتها على التهديد، مشيراً إلى ضعف الميليشيات الموالية لها مثل حزب الله وحماس وجماعات موالية لإيران في العراق. كما اختفت سوريا من قائمة حلفاء إيران. وأضاف: "في ظل هذه الخلفية، يبدو من المنطقي، بطبيعة الحال، من وجهة نظر دول الخليج، مقاربة هذا الطرف الضعيف، وإن كان لا يزال بالغ الأهمية، في المنطقة. ومع ذلك، ليس لديهم أي مصلحة في إضعاف النظام هناك بشكل سريع، ناهيك عن الإطاحة به وما ينتج عنه من فوضى. ويتخذ الأردن موقفاً مشابهاً".
To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video
في الواقع، يبدو أن الدول المجاورة ملتزمة في الوقت الحالي بمنع الإطاحة بالنظام في إيران. ويقول ماركوس شنايدر، رئيس مكتب مؤسسة فريدريش إيبرت في بيروت، مُلخصاً المخاوف بهذا الشأن داخل المنطقة وخارجها في تحليل نُشر على موقع المؤسسة الإلكتروني: "السؤال المطروح هو، على أي حال، من سيخلف الجمهورية الإسلامية؟". ويتابع في تحليله: "لأسباب مفهومة، لا توجد معارضة منظمة داخل البلاد نفسها، لا سياسية ولا مسلحة. وفي المنفى، هناك قوتان جاهزتان: منظمة "مجاهدي خلق" المعارضة والملكيون، وفعاليتهما موضع شك".
موقف مصر مترددٌ أيضاً. فقد أظهرت ضبطاً شديداً للنفس خلال المرحلة المشتعلة من الصراع بين إيران وإسرائيل. ورحبت بوقف إطلاق النار المتفق عليه، وأعلنت أنها ستواصل جهودها الدبلوماسية مع شركائها. والهدف هو ترسيخ وقف إطلاق النار، وتخفيف حدة التوترات، والتوصل إلى حل شامل ودائم للأزمات. يقول فوكس إن مصر في وضع حساس، لا سيما بسبب اعتمادها على المساعدات العسكرية الأمريكية. وقد تجلى هذا بوضوح خلال حرب غزة. فقد رفضت القاهرة بنبرة واضحة جميع خطط استقبال الفلسطينيين من غزة، وأكدت أنها لن تقبل بطردهم. "من ناحية أخرى، بذلت الحكومة المصرية كل ما في وسعها لعدم إثارة غضب الجانب الإسرائيلي والولايات المتحدة، على سبيل المثال، بوقف مسيرة التضامن مع غزة من تونس بحزم، ومهاجمة النشطاء الدوليين في 14 يونيو/ حزيران، ومنعهم حتى من الاقتراب من سيناء".
من الواضح أن الحكومة في القاهرة ترغب في تجنب أي تعقيدات في علاقاتها مع الولايات المتحدة. وتعمل الدولتان معًا لمكافحة الإرهاب وتأمين حدود مصر مع دول ومناطق تعاني من صراعات مثل ليبيا وغزة والسودان. كما تتلقى مصر مساعدات عسكرية أمريكية ضخمة، بلغت قيمتها 1.3 مليار دولار أمريكي (1.12 مليار يورو) في العام الماضي وحده. ومن المرجح أن يُسهم كل هذا في استمرار مصر في التنسيق الوثيق مع البيت الأبيض، لا سيما وأن هذا الأخير لم يتلقَّ أي رد من مصر بشأن السجل الذي تصف منظمات حقوقية بـ "الكارثي" لحقوق الإنسان في ظل قيادة السيسي.
على الرغم من ذلك، كان ينبغي على جميع الدول المجاورة لإيران أن تدرك حجم أهمية الحفاظ على التوازن السياسي في المنطقة، لا سيما مع شريك صعب المراس كإيران. كما يرى شنايدر: "إيران الضعيفة يمكن احتواؤها وترويضها. أما إيران الدولة المحاصرة والمتضررة بشدة والتي تناضل من أجل البقاء، فهي دولة لا يمكن التنبؤ بسلوكها".
لكن ما هو واضح الآن، كما يرى فوكس. هو أنه بات يُنظر إلى توجه الإدارة الأمريكية الحالية على أنه توجه مُزعج في أجزاء كبيرة من المنطقة. "لا شك أن الرئيس ترامب يُشوّش كل اليقينيات بسياسته الخارجية عبر وسائل التواصل الاجتماعي. لكنني لا أعتقد أن الولايات المتحدة ستُركز اهتمامها على الشرق الأوسط خلال السنوات القادمة. إسرائيل وإيران حالتان خاصتان هنا. لا يوجد اهتمام يُذكر بمزيد من التدخلات، والتركيز سينتقل حتماً إلى شرق آسيا".
أعدته للعربية: إيمان ملوك
تحرير: عباس الخشالي

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


DW
منذ 4 ساعات
- DW
بوتين يوسع نطاق قانون السرية وسط احتمالات للقاء مع ترامب – DW – 2025/6/29
يرى يوري أوشاكوف مساعد الرئيس الروسي أن الذكرى الـ80 للأمم المتحدة قد تمثل فرصة "وجيهة" للقاء بوتين وترامب. يأتي ذلك فيما وسع الرئيس الروسي نطاق قانون السرية ليشمل السياسة الخارجية والاقتصاد. أكد مساعد الرئيس الروسي يوري أوشاكوف، أن الاحتفال بالذكرى السنوية الـ 80 للأمم المتحدة في أكتوبر/تشرين الأول، قد يكون سبباً وجيهاً لعقد اجتماع محتمل بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأمريكي دونالد ترامب. وقال أوشاكوف لصحفي قناة "روسيا 1" بافيل زاروبين، تعليقاً على توقيت لقاء محتمل بين بوتين وترامب: "قد يحدث هذا في أي لحظة"، وفقاً لما نقلته وكالة "سبوتنيك" الروسية للأنباء. وأضاف: "أعلم أنني وزملائي الصينيين ندرس إمكانية الاحتفال بهذه الذكرى (الذكرى الثمانين للأمم المتحدة) بشكل خاص ورسمي خلال زيارتنا المقبلة للصين". ووفقاً للمساعد الرئاسي، من المتوقع أن تتم زيارة بوتين للصين في الفترة من 31 أغسطس/آب إلى 3 سبتمبر/أيلول. ورداً على سؤال حول ما إذا كانت ذكرى تأسيس الأمم المتحدة يمكن أن تصبح سبباً للقاء محتمل بين بوتين وترامب أجاب: "سبب وجيه، نعم. لماذا لا؟". وأشار أوشاكوف إلى أن إمدادات الأسلحة لأوكرانيا من الولايات المتحدة مستمرة بشكل جزئي. وأكد أن روسيا أجرت حواراً مع إدارة الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن عبر قنوات مختلفة، لكن لهجتها كانت مختلفة آنذاك، على عكس الحوار مع فريق دونالد ترامب. To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video وتابع: "مع الإدارة السابقة، كما ترون، كان أسلوب الحوار مختلفاً. تحدثنا معهم أيضاً على مختلف الصعد، لكن الحوار اقتصر على قراءة كل طرف لموقفه الرسمي حرفياً من خلال ورقة. أي أنه لم يكن هناك نقاش بحد ذاته، ولا تراجع عن مواقف ثابتة ومستقرة. أما الآن، فهناك حوار يتيح فرصة للتنحي جانباً قليلاً، والتعمق في بعض الأمور، واستكشاف ما هو ممكن حقاً، حيث يمكن إحراز تقدم حقيقي". واعتبر مساعد الرئيس الروسي أن نبرة الحوار الحالية بين البلدين "إلى حد ما، تعطي الأمل في أن تكون هناك تغييرات حقيقية". على جانب آخر، وسع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نطاق المعلومات المشمولة بقانون سرية الدولة في روسيا، في خطوة تعزز قبضته على المجتمع مع استمرار حربه في أوكرانيا. وبحسب مرسوم نشر على الموقع القانوني للحكومة، فإنه يمكن الآن تصنيف تفاصيل السياسة الخارجية لروسيا، والتجارة الدولية والسياسة الاقتصادية، والتطورات العلمية، والاستعدادات المحتملة للتعبئة العسكرية كمعلومات سرية، إذا تم اعتبار أن كشفها يلحق ضرراً بالأمن القومي. وقد يواجه أي شخص يحصل على مثل هذه المواد بطرق غير مصرح بها عقوبة بالسجن تصل إلى ثماني سنوات، وفقا لما ذكرته وكالة بلومبرغ للأنباء اليوم الأحد . وقال أندريه سولداتوف، الخبير في أجهزة الأمن الروسية إن : "هذا يعد تدميراً للمعرفة المبنية على الحقائق والإحصاءات بشأن الاقتصاد الروسي، وسيؤدي إلى مزيد من القمع." وأوضح أن تصنيف المعلومات المتعلقة بالتعبئة يرجح أن يكون "رد فعل على هجمات الطائرات المسيرة الأوكرانية، لأنه يشمل تفاصيل مثل الملاجئ وخطط نقل الحكومة إلى مواقع تحت الأرض"، وليس الاستعدادات لتجنيد قوات جديدة لخوض الحرب. تحرير: س.ك


DW
منذ 12 ساعات
- DW
ترامب: "لن نتسامح" مع مواصلة محاكمة نتنياهو بتهم فساد – DW – 2025/6/29
انتقد الرئيس الأمريكي ترامب القضاء الإسرائيلي لمواصلة محاكمة رئيس الوزراء نتنياهو، متحدثاّ عن "مهزلة قضائية"، "تعرقل الجهود" الرامية للتوصل إلى اتفاق في حرب غزة ومع إيران. وينفي نتنياهو التهم الموجهة إليه. قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب السبت (28 حزيران/يونيو 2025) إن الولايات المتحدة "لن تتسامح" مع مواصلة محاكمة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتهم فساد. وكتب ترامب على منصة "تروث سوشال" التابعة له "تنفق الولايات المتحدة الأمريكية مليارات الدولارات سنويًا، أكثر بكثير من أي دولة أخرى، على حماية إسرائيل ودعمها. لن نتسامح مع هذا". ورفضت محكمة إسرائيلية الجمعة طلب نتنياهو إرجاء الادلاء بشهادته في محاكمته المستمرة منذ مدة طويلة بحجة أن طلبه "لا يوفر أي أساس أو تبريرًا مفصلًا لإلغاء جلسات الاستماع". وفي إحدى القضايا، يحاكم نتنياهو وزوجته سارة بتهمة تلقي هدايا فاخرة من أشخاص أثرياء تشمل مجوهرات وزجاجات شمبانيا وعلب سيغار تزيد قيمتها عن 260 ألف دولار، مقابل تقديم خدمات سياسية. كما يواجه نتنياهو في قضيتين أخريين تهمة محاولة التفاوض مع اثنتين من وسائل الإعلام الإسرائيلية للحصول على تغطية صحافية أكثر ملاءمة له. ونفى نتنياهو ارتكاب أي مخالفات ووجه الشكر إلى ترامب لدعمه إسرائيل في حربها مع إيران التي انتهت باتفاق لوقف إطلاق النار في وقت سابق من هذا الاسبوع. وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي طلب الخميس عبر محاميه، إرجاء الادلاء بشهادته في الجلسات المقررة خلال الأسبوعين المقبلين، وذلك في ضوء "التطورات الإقليمية والعالمية" عقب الحرب بين الدولة العبرية وإيران. وفي منشوره السبت، وصف ترامب رئيس الوزراء الإسرائيلي بأنه "بطل حرب" ومحاكمته من شأنها تشتيت انتباهه عن المفاوضات لإنهاء الحرب في غزة ومع إيران. وأضاف بأنّ "هذه المهزلة القضائية ستعيق مفاوضات مع كل من إيران وحماس"، دون أن يكون واضحًا ما هي المفاوضات التي يشير إليها مع إيران. وقارن الرئيس الأمريكي محاكمة نتنياهو بالملاحقات القضائية التي واجهها هو نفسه قبل فوزه بولاية رئاسية ثانية. وقال ترامب "إنها مطاردة ساحرات سياسية، تشبه إلى حد كبير مطاردة الساحرات التي أجبرت على تحملها". وكتب ترامب مستخدمًا لقب نتنياهو المعروف على نطاق واسع: "دعوا بيبي يمضي، لديه مهمة كبيرة ليقوم بها!"، وأضاف: "إنه جنون ما يفعله المدعون الخارجون عن السيطرة لبيبي نتنياهو". وتمت إدانة الرئيس الجمهوري بـ34 تهمة تتعلق بتزوير سجلات تجارية في أيار/مايو 2024 في قضية دفع أموال لشراء صمت نجمة أفلام إباحية. وواجه ترامب أيضًا قضيتين فيدراليتين، إحداهما تتعلق بمحاولاته المزعومة لإلغاء نتائج الانتخابات الرئاسية لعام 2020 التي خسرها أمام الديمقراطي جو بايدن. تحرير: و.ب


DW
منذ 13 ساعات
- DW
وكالة الطاقة الذرية ترجح عودة إيران للتخصيب "خلال أشهر" – DW – 2025/6/29
رغم تأكيد ترامب أن برنامج إيراني النووي "تراجع عقودًا"، رجح مدير وكالة الطاقة الذرية غروسي أن تتمكن طهران من إعادة تخصيب اليورانيوم "خلال أشهر"، فيما هددت فرنسا بإعادة فرض عقوبات أوروبية على إيران. رجّح المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافايل غروسي أن تتمكن إيران من البدء بإنتاج يورانيوم مخصب "في غضون أشهر"، رغم الأضرار التي لحقت بمنشآتها النووية جراء الهجمات الأمريكية والإسرائيلية، وفق ما صرّح به لشبكة "سي بي اس نيوز" السبت (28 حزيران/يونيو 2025). وأعلن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي الخميس أن الاضرار التي لحقت بمنشآت بلاده النووية بعد 12 يومًا من الحرب مع إسرائيل "كبيرة"، في حين أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن البرنامج النووي الإيراني تراجع "عقودًا". لكن غروسي أشار في مقابلة مع برنامج "واجه الأمة" على شبكة "سي بي اس نيوز" إلى أن "بعضه لا يزال قائمًا". وقال غروسي وفقا لنص المقابلة الذي نشر السبت "أقول إنه بإمكانهم، كما تعلمون، في غضون أشهر، تشغيل بضع مجموعات من أجهزة الطرد المركزي لإنتاج اليورانيوم المخصب، أو أقل من ذلك". ويبقى السؤال الرئيسي ما إذا كانت إيران قد تمكنت من نقل بعض أو كل مخزونها المقدر بـ408,6 كيلوغرام من اليورانيوم عالي التخصيب قبل الهجمات. وهذا اليورانيوم مخصّب بنسبة 60%، أي أعلى من المستويات المخصصة للاستخدام المدني وأقل من المطلوب لصنع سلاح نووي. لكن هذه المواد في حال خضعت لمزيد من التخصيب ستكون كافية نظريًا لإنتاج أكثر من تسع قنابل نووية. وأقر غروسي في المقابلة: "لا نعرف أين يمكن أن تكون هذه المواد"، وتابع: "لذا، ربما يكون بعضها قد دُمر في الهجوم، لكن بعضها ربما يكون قد نقل. لا بد من توضيح في مرحلة ما". وصوّت مجلس الشورى الإيراني على مشروع قانون لتعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، كما رفضت طهران طلب غروسي زيارة المواقع المتضررة، وخاصة منشأة فوردو النووية الرئيسية. وقال غروسي: "يجب أن نكون في وضع يسمح لنا بالتحقق والتأكد مما هو موجود هناك، وأين هو وماذا حدث". وكان ترامب قد قال في مقابلة منفصلة مع شبكة "فوكس نيوز" إنه لا يعتقد أن المخزون قد نقل. وأضاف وفق مقتطفات من المقابلة: "إنه أمر يصعب القيام به"، متابعًا "لم يحركوا شيئًا". وأكد وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو السبت دعم واشنطن "لجهود التحقق والمراقبة الهامة التي تبذلها الوكالة الدولية للطاقة الذرية في إيران"، مشيدًا بغروسي ووكالته على "تفانيهما واحترافيتهما". وكانت إسرائيل قد أطلقت في 13 حزيران/يونيو سلسلة هجمات على مواقع عسكرية ونووية إيرانية بهدف منع الجمهورية الإسلامية من تطوير سلاح نووي، رغم نفي إيران المتكرر لهذا الطموح. ولاحقًا انضمت الولايات المتحدة إلى حملة القصف الإسرائيلية لتستهدف ثلاث منشآت رئيسية تابعة لبرنامج إيران النووي. من جهته قال وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو السبت إن بلاده وشركاءها الأوروبيين الرئيسيين يعتزمون الاضطلاع بـ"دور محوري" في المفاوضات بشأن الملف النووي الإيراني، خاصة بسبب قدرتهم على إعادة فرض عقوبات على طهران. وصرّح بارو لقناة "إل سي آي" الإخبارية الفرنسية أنه "إذا رفضت إيران (...) التفاوض بحسن نية على تأطير صارم ومستدام لبرنامجها النووي، فإن فرنسا، مع شركائها الأوروبيين، تستطيع ببساطة، وبرسالة بسيطة عبر البريد، أن تفرض على إيران من جديد الحظر العالمي على الأسلحة والمعدات النووية وعلى البنوك وشركات التأمين الذي تم رفعه قبل عشر سنوات". وتعود سلطة إعادة تفعيل هذه العقوبات على طهران إلى كل من الأطراف الموقعة على اتفاق فيينا لعام 2015، المعروف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة، وهي فرنسا وبريطانيا وألمانيا والصين وروسيا، ولكن ليس الولايات المتحدة بعدما انسحبت من الاتفاق خلال ولاية دونالد ترامب الرئاسية الأولى عام 2018. وأضاف بارو: "لهذا السبب، فإننا نضطلع بطريقة أو بأخرى بدور محوري في هذه المفاوضات"، معربًا عن أمله في "أن يبدأ حوار بين إيران والولايات المتحدة (...) ويأخذ في الاعتبار شروطنا" بشأن النشاط النووي الإيراني الذي يشتبه الغرب وإسرائيل في أنه موجه لتطوير أسلحة نووية، وهو ما تنفيه طهران. وتنقضي صلاحية آلية إعادة فرض العقوبات على طهران في 18 تشرين الأول/أكتوبر 2025. وتابع وزير الخارجية الفرنسي: "في الأشهر الأخيرة، كان مصير رهينتينا محور مناقشاتنا" مع السلطات الإيرانية، في إشارة إلى احتجاز سيسيل كولر (40 عامًا) ورفيقها السبعيني جاك باري. وأوقف كلاهما في 7 أيار/مايو 2022، في اليوم الأخير من رحلة سياحية إلى إيران، بتهمة "التجسس". ومنذ ذلك الحين، اعتبرتهما باريس "رهينتين" وتطالب بالإفراج الفوري عنهما. وأوضح جان نويل بارو أنه "في الأيام الأخيرة، طلبتُ التواصل معهما، إما عبر قنصليتنا أو عبر عائلاتهما. ما زلت أنتظر ردًا واضحًا (من السلطات الإيرانية)، ويجب أن أقول إن صبري بدأ ينفد. سنواصل زيادة الضغط. وكما لاحظتم بلا شكّ، لدينا أوراق ضغط هامة في ما يتعلق بإيران".تحرير: وفاق بنكيران