logo
قتلوه ليلاً ودفنوه سراً.. اليمن لا تزال تبكي شيخ القرآن صالح حنتوس

قتلوه ليلاً ودفنوه سراً.. اليمن لا تزال تبكي شيخ القرآن صالح حنتوس

يمرسمنذ 19 ساعات
وبعد نحو أسبوعين من اغتيال الشيخ حنتوس، مازالت جريمة الحوثيين تتفاعل في المجتمع بأشكال متعددة بدء من الرفض والغضب الشعبي، وصولاً إلى التبرير الحوثي للجريمة الذي بدا تلفيقاً هزيلاً اتهم الرجل السبعيني بأنه "يسهم في إحباط الأنشطة المؤيدة للمقاومة الفلسطينية".
ارتكب الحوثيون سلسلة جرائم مركبة بحق الشيخ "حنتوس" في تعدي للقيم والأخلاق، فقتلوا شيخ مُسن وقصفوا منزله وحاصروا أسرته ومن ثم اقتحموه ونهبوا محتوياته، وساوموا بدفن جثته ومن ثم اختطفوا جميع الرجال في عائلته.
ووصف أحد طلاب الشيخ ما حدث بأنه "كابوس" وقال: "بعد اذان العشاء -الوقت الذي تمت عملية الاغتيال- انطلق الرصاصُ كالمطر على منزل الشيخ حنتوس وكانت زوجته مصابة داخل المنزل دون أن يسمح الحوثيون بإسعافها، واختطفوا "أسامة" ابن أخيه وهو جريح".
ريمة تبكي شيخها
"منذ أن استشهد الشيخ صالح صارت القرية بلا روح"، بهذه الكلمات عبرت أم يزن، إحدى النساء في قرية الشيخ، عن الحزن الذي يعيشه أهالي المنطقة، وهو ذاته الذي جعل الحوثيون يعمدون على دفنه ليلاً بلا جنازة.
رفضت ميلشيات الحوثي تسليم جثمان الشيخ لعائلته وأجبروهم في اليوم التالي من استشهاده 2 يوليو 2025، على الانتظار حتى الساعة التاسعة مساء ثم طلبوا منهم الدفن في سرية تامة ومنعوا الأهالي من حضور مراسم الدفن أو الوصول إلى المقبرة، وحظروا التصوير وهددوا باختطاف المخالفين.
وكان الشيخ "حنتوس" يحظى باحترام واسع في ريمة وما حولها، وقال الحاج علي -أحد أصدقاء الشيخ- "كان حنتوس دائم الابتسامة ومحبوباً بين الناس ويعمل على الإصلاح بين المتخاصمين"، ويضيف "بعد رحليه كانت القرية كلها حزينة ومظلمة والحزن على وجوه الناس جميعاً".
من جانبها قالت أم أحد طلاب الشيخ حنتوس ل"الصحوة نت"، عند استشهاد الشيخ بكي إبني بحرقة ومازال حزيناً. وأضافت "كان الشيخ يعامل أولادنا كأنهم عياله، الان أصبحت القرية وكأنها خالية من السكان لا يوجد أحد".
"ناجي" -أحد أبناء مديرية السلفية- رثى الشيخ صالح حنتوس قائلا: "لقد قتلوك لأنك كنتَ أقوى منهم، وسنظل نذكر للأجيال أن رجلاً واحداً بقلبه الطيب كان أشد من جماعة تملك سلاح دولة وآلاف المسلحين".
الشيخ المفترى عليه باسم فلسطين
وعقب اغتيال الشيخ حنتوس سعت ميلشيات الحوثي التبرير لجريمتها بسلسلة من الاتهامات. وقال بيانٌ صادر عن ميلشيات الحوثي "أنه عمد إلى الدعوة للفوضى والتمرد، ورفض مواقف الشعب اليمني الداعمة للقضية الفلسطينية"، وهذا أثار سخرية من سردية الحوثيين الهشة والغير منطقية.
ومعروف عن الرجل السبعيني أنه كرس حياته في تعليم القرآن الكريم ويعد أبرز الشخصيات الاجتماعية المؤثرة في محافظة ريمة، ورغم ذلك زعم بيان الحوثيين ان الشيخ حنتوس "تبنّى مواقف موالية للعدوان الأمريكي الصهيوني لإحباط الأنشطة الشعبيّة المؤيّدة للمقاومة الفلسطينية".
وعقب ادعاءات الحوثيين حتى تداول ناشطون سندات قبض حديثة لمبالغ مالية قدمها الشيخ حنتوس دعما لفلسطين والمقاومة عبر جمعية الأقصى في اليمن ، وآخرها في مارس/ آذار الماضي من هذا العام. لم يكن ذلك إلا تأكيداً على هزلية المجرمين من ميلشيات الحوثيين الذين انكشفت سرديتهم بدعم فلسطين.
هذا التبرير الحوثي أثار غضب كتاب فلسطينيين ، حيث اعتبر الكاتب الفلسطيني ياسر الزعاترة أن لا أسوأ من الجريمة غير تبريرها وقال -في تغريدة على منصة "إكس- " مستنكراً "أن حشر فلسطين ضرب من الابتذال والإساءة لقضيتها، فهي ليست موضع خلاف بين اليمنيين ، ولم تكن كذلك يوما، فضلا عن أن يصدر ما ذُكر عن شيخ جليل نذر نفسه لتعليم القرآن الكريم، وهو شهيد، بإذن الله، لأنه قضى دون بيته وأسرته".
التصفية لإذلال المجتمع
وعمد الحوثيون على جريمتهم في اغتيال الشيخ حيث طالبوه بالخروج من منزله وهددوا بتفجيره، رفض أوامر الميلشيات بإخلاء المنزل. وقال في وصيته بتسجيل صوتي أثناء محاصرة منزله "الآن يقصفوا بيتي إن شاء الله أنها شهادة في سبيل الله، من مات دون عرضه أو قاتل دون عرضه أو ماله فهو شهيد".
وفي تسجيل نشر لاحقا أثناء آخر حديث له مع وسطاء ميلشيات الحوثي المحاصرة لمنزله. وقال "إذا تريدونني اطلبوني من النيابة، وأنا سأوكل محامي.. غير هذا لن اخرج من بيتي"، وأكد عليهم حرمة الدماء قائلا للوسطاء " هذا شهر الله الحرام اعتدوا عليّ في المسجد واليوم يحاصروني في بيتي إذا يريدون قتلي يقتلوني".
وقال الكاتب هشام المسوري أن "تصفية الشيخ صالح حنتوس لم تكن نتيجة مواجهة مسلّحة نظامية، ولا حصيلة خصومة جنائية، بل تعبير عن إرادة حوثية مطلقة ترى في كرامة رجل مسن رفض الانكسار، تهديدًا وجوديًا لمشروعها القائم على الإذعان التام والهيمنة المطلقة على حياة الناس وواقعهم".
وأضاف في مقال نشره على فيسبوك "ما حدث لا يمكن النظر إليه كجريمة عابرة، وهو مثال فادح على ما يحدث حين تهيمن سلالة كهنوتية تٌحوّل الشر والإجرام والإذلال إلى إجراءات إدارية، تنفّذه عصابة منظمة لا تنبع أفعالها من نزوات أو دوافع شخصية، بل من أقلية سلالية تتغذّى على نفي الأكثرية اليمنية.
وأعتبر المسوري "أن العصابة الحوثية صارت تمارس القتل والجريمة، بوصفهما فعلًا روتينيًا، بارداً، متكرراً، كما لو كان جزءاً من لائحة مهام إدارية لا تحتاج إلى ضمير".
الحوثيون والجرائم الممنهجة
ولم تكن جريمة اغتيال الشيخ صالح سوى حلقة في سلسلة جرائم مماثلة ارتكبتها الميليشيا ضد الخطباء والائمة والوجهاء، ففي عام 2011 فجّر الحوثيون منزل أحد معارضيهم في صعدة وهو داعية سلفي من اسرة "بيت الحبيشي" وكان بداخله 13 شخصاً قتل منهم 11، في عملية ممنهجة بدافع الانتقام.
وفي اكتوبر 2013 حاصر الحوثيون دار الحديث في دماج بمحافظة صعدة بحجة دعم الحكومة اليمنية وتخزين الأسلحة وتدريب إرهابيين أجانب، وقاموا بقصف دار الحديث بالأسلحة الثقيلة والنتيجة مقتل عشرات من الطلاب الذين يدرسون القرآن والعلوم الشرعية وتدمير دار الحديث والاستيلاء على منزل وممتلكات الشيخ مقبل بن هادي الوادعي وترحيل 12 الف طالب من سلفي دماج وأسرهم باتجاه الحديدة.
وفي مارس 2017 تعرض خطيب جامع الأشبط بمدينة تعز مصطفى فرحان لمحاولة اغتيال من خلال قصف مسجده من قبل الحوثيين بقذائف "أر بي جي"، مما أدى إلى تضرر المسجد واحتراق كامل مكتبته، كما منع الحوثيون إقامة الصلاة في المسجد نحو أربعة أشهر، وكانوا يطلقون الرصاص على كل من يتجه إلى المسجد.
وبحسب منظمة "رايتس رادار لحقوق الإنسان" صدر في 7يوليو/ تموز، فإن جماعة الحوثي ارتكبت أكثر من 735 انتهاكًا بحق الأئمة والخطباء والدعاة ومعلمي القرآن في اليمن ، منذ اندلاع الحرب.
وقالت رايتس رادار في بيانها إن الانتهاكات أسفرت عن 51 حالة قتل، و118 حالة إصابة، وأكثر من 560 حالة اختطاف واحتجاز، وأن فئة معلمي القرآن كانت الأكثر استهدافًا، بواقع 310 حالات اختطاف و20 حالة قتل، و51 إصابة، أما في صفوف الخطباء فتم تسجيل 195 حالة اختطاف، و16 حالة قتل، و29 إصابة.
ووفقًا للبيان، تم توثيق 94 حالة اختطاف، و10 حالات قتل، و29 إصابة في صفوف أئمة المساجد، وغالبية الضحايا ويعارضون التوجه الطائفي الذي تسعى جماعة الحوثي إلى فرضه في المناطق الخاضعة لسيطرتها، بمعني أن جرائم الحوثيين لها أبعاد طائفية تسعى لتمزيق المجتمع اليمني المتعايش.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

116 ندوة علمية في حب الجار.. الأوقاف تضيء منابر المساجد بحقوق الجوار في الإسلام
116 ندوة علمية في حب الجار.. الأوقاف تضيء منابر المساجد بحقوق الجوار في الإسلام

مصرس

timeمنذ 18 دقائق

  • مصرس

116 ندوة علمية في حب الجار.. الأوقاف تضيء منابر المساجد بحقوق الجوار في الإسلام

نظمت وزارة الأوقاف 116 ندوة علمية موسعة بجميع محافظات الجمهورية، تحت عنوان: "ما زال جبريلُ يوصيني بالجارِ حتَّى ظننتُ أنه سيورِّثُه.. حق الجار في الإسلام". وجاءت هذه الندوات ضمن سلسلة "الندوات العلمية" التي تعقدها الوزارة أسبوعيًّا في المساجد الكبرى، حيث تناولت الندوات مفهوم الجوار كما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وأكدت على أن الإحسان إلى الجار، واحترامه، وعدم إيذائه، هي من علامات الإيمان الراسخ، وحُسن الخلق الإسلامي الأصيل.وسلط العلماء والدعاة المشاركون في الندوات الضوء على ما تضمنته الشريعة الإسلامية من توجيهات واضحة وصريحة بشأن حقوق الجار، بدءًا من طيب الكلام، وصدق المعاملة، وصولًا إلى المشاركة في الأفراح والمواساة في الأتراح، مؤكدين أن بناء مجتمع قوي ومترابط يبدأ من بوابة الجيرة الطيبة.وأكدت وزارة الأوقاف أن هذه الفعاليات تأتي في إطار برامجها الدعوية والعلمية والتثقيفية المنتظمة، وعلى رأسها: "الندوات العلمية"، و"الأسبوع الثقافي"، و"القوافل الدعوية"، مشيرة إلى أن هذه الندوات تحظى بإقبال واسع من رواد المساجد، لما تحمله من مضامين إنسانية ودينية ترتقي بالفكر والسلوك.كما شددت الوزارة على أن احترام الجار وحسن معاملته، ليست فقط قيمة دينية، بل ضرورة مجتمعية، مشيرة إلى أن الإسلام أراد لهذه العلاقة أن تكون نموذجً

محافظ المنيا يكرم الفائزين بمسابقة 'الصياد الكبرى' لحفظ القرآن الكريم
محافظ المنيا يكرم الفائزين بمسابقة 'الصياد الكبرى' لحفظ القرآن الكريم

الدستور

timeمنذ ساعة واحدة

  • الدستور

محافظ المنيا يكرم الفائزين بمسابقة 'الصياد الكبرى' لحفظ القرآن الكريم

كرّم اللواء عماد كدواني، محافظ المنيا، 79 من حفظة القرآن الكريم الفائزين بمسابقة 'الصياد الكبرى'، التي نُظمت تحت إشراف مديرية أوقاف المنيا وجمعية رعاية حفظة القرآن الكريم، في احتفالية كبرى شهدت أجواء روحانية مميزة، ضمن جهود المحافظة لدعم حفظة كتاب الله، تنفيذًا لتوجيهات القيادة السياسية برعاية النشء ودعم القيم الدينية والوسطية. وبدأت الفعاليات بتلاوة آيات من القرآن الكريم، وهنأ المحافظ خلال كلمته الفائزين وأسرهم، مؤكدًا أن هؤلاء النشء هم قادة المستقبل وحاملو راية البناء والتنمية في الجمهورية الجديدة، مشيدًا بجهود أسرهم ومعلميهم في دعمهم وتنشئتهم على القيم السامية. وأكد محافظ المنيا أن دعم حفظة كتاب الله هو استثمار حقيقي في بناء أجيال تتحلى بالأخلاق الحميدة والفكر الوسطي المستنير، لافتًا إلى أهمية تدبر معاني القرآن الكريم والعمل بتعاليمه في السلوك والمعاملات، موجها الشكر للقائمين على المسابقة وداعيًا لمواصلة الجهود في رعاية الطلاب وتنمية قدراتهم. وفي لفتة إنسانية مؤثرة، شمل التكريم 3 من حفظة كتاب الله من ذوي الهمم، حيث تم منحهم شهادات تقدير وهدايا، بالإضافة إلى رحلتي عمرة للفائزين بحفظ القرآن الكريم كاملًا. 5cab1080-2b65-4a17-b800-9911694e839a 6f6ebf33-fc9d-46bb-8828-229004ac0a85 54ad860a-4ddc-4253-891c-9b4e7aef932a 44e86402-8699-4b8d-986b-22b6b4665d2e 788bc441-4bc7-4fd3-bc5d-8ec3b7d26822 bd9f1c2c-ca6b-4fb7-b6af-c847ba174d07 b6975ce8-38ad-4e34-85bf-6ba3b42d7396

محافظ المنيا يكرم الفائزين بمسابقة 'الصياد الكبرى' لحفظ القرآن الكريم ويمنح جوائز ورحلات عمرة للمتميزين
محافظ المنيا يكرم الفائزين بمسابقة 'الصياد الكبرى' لحفظ القرآن الكريم ويمنح جوائز ورحلات عمرة للمتميزين

بوابة الفجر

timeمنذ ساعة واحدة

  • بوابة الفجر

محافظ المنيا يكرم الفائزين بمسابقة 'الصياد الكبرى' لحفظ القرآن الكريم ويمنح جوائز ورحلات عمرة للمتميزين

كرّم اللواء عماد كدواني، محافظ المنيا، 79 من حفظة القرآن الكريم الفائزين بمسابقة 'الصياد الكبرى'، التي نُظمت تحت إشراف مديرية أوقاف المنيا وجمعية رعاية حفظة القرآن الكريم، في احتفالية كبرى شهدت أجواء روحانية مميزة، ضمن جهود المحافظة لدعم حفظة كتاب الله، تنفيذًا لتوجيهات القيادة السياسية برعاية النشء ودعم القيم الدينية والوسطية. بدأت الفعاليات بتلاوة آيات من القرآن الكريم، وهنأ المحافظ خلال كلمته الفائزين وأسرهم، مؤكدًا أن هؤلاء النشء هم قادة المستقبل وحاملو راية البناء والتنمية في الجمهورية الجديدة، مشيدًا بجهود أسرهم ومعلميهم في دعمهم وتنشئتهم على القيم السامية. وأكد المحافظ أن دعم حفظة كتاب الله هو استثمار حقيقي في بناء أجيال تتحلى بالأخلاق الحميدة والفكر الوسطي المستنير، لافتًا إلى أهمية تدبر معاني القرآن الكريم والعمل بتعاليمه في السلوك والمعاملات، موجها الشكر للقائمين على المسابقة وداعيًا لمواصلة الجهود في رعاية الطلاب وتنمية قدراتهم. وفي لفتة إنسانية مؤثرة، شمل التكريم 3 من حفظة كتاب الله من ذوي الهمم، حيث تم منحهم شهادات تقدير وهدايا، بالإضافة إلى رحلتي عمرة للفائزين بحفظ القرآن الكريم كاملًا. شهد الحفل حضور عدد من القيادات التنفيذية والدينية، من بينهم المحاسب أحمد حسين الصياد، والمهندس حامد جودة رئيس مجلس إدارة جمعية رعاية حفظة القرآن الكريم بالمنيا، وممثلو الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف، وعدد من قيادات العمل الأهلي والدعوي.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store