
أفريقيا ترقص بينما الصين تعمل، وأمريكا تتحكم، وأوروبا تتقدم…ونحن شهود على مسرحية إلهاء كبرى؟
الصين تبني وتستثمر وتخطط لعقود قادمة، وأمريكا تهيمن على مراكز القرار العالمي، وأوروبا تعيد بناء تموضعها في العالم المتعدّد الأقطاب
، تبرز تساؤلات مشروعة:
من يقرر لأفريقيا؟ من يستفيد من استمرار هذا الجمود؟ ومن يدفع الثمن؟
من يرقص ومن يخطط؟
في عواصم إفريقية عدّة، تُقام المهرجانات، وتُطلق الشعارات، وتُصرف الميزانيات على فعاليات استعراضية تُقدَّم للرأي العام كإنجازات. هذا في وقتٍ تظهر فيه مؤشرات الفقر والهشاشة التعليمية والصحية والتكنولوجية في تصاعد مستمر.
هل تعتقدون أن الصين أصبحت قوة اقتصادية عالمية عبر تحديات 'تيك توك'؟ في الواقع، وفقًا لتقرير
'الآفاق الاقتصادية العالمية 2024'
الصادر عن
البنك الدولي
، بلغ الناتج المحلي الإجمالي للصين أكثر من
17.8 تريليون دولار
، محتلًا المرتبة الثانية عالميًا، في حين أفاد
تقرير الابتكار العالمي 2023
الصادر عن
المنظمة العالمية للملكية الفكرية (WIPO)
بأن الصين سجلت أكثر من
1.5 مليون طلب براءة اختراع
، مما يجعلها رائدة عالميًا في البحث والتطوير.
أما الولايات المتحدة، فلم تحكم العالم عبر التغريدات، بل من خلال منظومات التعليم، الابتكار، والتأثير الاستراتيجي على المؤسسات الدولية. وفقًا لبيانات
صندوق النقد الدولي
لسنة 2023، تمتلك الولايات المتحدة حوالي
16.3% من حقوق التصويت
داخل الصندوق، وتُعدّ أكبر مساهم فيه، كما أنها قادت العالم في الإنفاق على الدفاع والذكاء الاصطناعي خلال العقد الأخير، حسب
تقرير مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS)
.
وفي أوروبا، حيث تتحرك السياسات الصناعية الخضراء بسرعة، يعمل الاتحاد الأوروبي على تنفيذ خطة
'الصفقة الخضراء الأوروبية'
، التي تهدف إلى استثمار
أكثر من تريليون يورو
بحلول 2030، بحسب المفوضية الأوروبية، لتحويل القارة العجوز إلى أول اقتصاد محايد كربونيًا، مع التركيز على الابتكار التكنولوجي والعدالة المناخية.
لقد عملوا، عملوا، عملوا… إذاً، ماذا نفعل نحن؟ هل نستمر في تضيع الوقت؟ أم نستيقظ لتغيير مصيرنا؟
في المقابل، تُظهر
تقارير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) لسنة 2023
أن
أكثر من 60٪ من سكان أفريقيا جنوب الصحراء
يعانون من الفقر متعدد الأبعاد، بينما تشير
توقعات بنك التنمية الأفريقي
إلى أن معدل الفقر المدقع قد يرتفع إلى
35٪ بحلول 2030
إذا استمرت السياسات التنموية بنفس الوتيرة البطيئة الحالية.
يجب أن نختار. لأنه يبدأ بتغيير النظرية، ثم تغيير طريقة العمل، ثم بناء الرؤية. فالعالم لا ينتظر المترددين.
فجوة في الرؤية أم استراتيجية إضعاف؟
اللافت أن معظم الدول الإفريقية لا تزال تفتقر إلى
رؤية استراتيجية ذاتية
، تنطلق من أولويات القارة وتضع الإنسان الإفريقي في صلب المعادلة. في ظل هذا الغياب، تُفرض السياسات التنموية من الخارج، وتُرهن مقدرات القارة لتمويلات مشروطة ومبادرات غير متكافئة.
النتيجة:
التحفيز بدل الإنتاج، الارتجال بدل التخطيط، والتبعية بدل السيادة
. والكل مستفيد: الشركات الأجنبية، الحكومات الغربية، وحتى بعض النخب المحلية التي تصطف لخدمة المصالح الخارجية مقابل الاستمرار في السلطة.
كم تُكلّف الرقصات الإفريقية؟
في غياب الشفافية، لا يُعرف على وجه الدقة كم تُنفق الدول الإفريقية على الأنشطة الرمزية والبروتوكولية. لكن الأكيد أن
الموازنات المخصّصة للثقافة، والتواصل، والاحتفاليات، غالباً ما تفوق بكثير تلك المخصصة للبحث العلمي، والتعليم العالي، والابتكار
.
فبينما تخصص أوروبا 2.2% من ناتجها الخام للبحث العلمي، فإن أغلب دول إفريقيا لا تتجاوز 0.4%.
أي مستقبل ممكن لقارة لا تستثمر في عقلها؟
من يؤخر الاستفاقة؟
الرقص في حد ذاته ليس إشكالاً، بل هو تعبير ثقافي مشروع. لكن الإشكال حين يتحوّل إلى استراتيجية حكم وتخدير. فبعض الأنظمة تُفضّل التهليل والتصفيق بدل النقد والمساءلة. تُكرّس الشعبوية، وتُشيطن المعارضة، وتُهمّش الكفاءات.
وفي المقابل، يُعاد إنتاج التخلف: هشاشة في البنيات، ضعف في السيادة الغذائية، انهيار في المنظومات الصحية، وتدهور في التعليم.
هل آن أوان الاستفاقة؟
اللحظة الإفريقية تقتضي مساءلة الذات والنُخب والمؤسسات، وطرح سؤال السيادة الحقيقية:
من يملك القرار الاستراتيجي في الدول الإفريقية؟
من يربح من الإبقاء على إفريقيا في موقع 'الفاعل السلبي'؟
وما الثمن الذي تدفعه الأجيال القادمة من عمرها ومستقبلها؟
آن أوان
تغيير العقيدة التنموية
. فالتحفيز لا يصنع الأمم، ولا يُبني المستقبل بالتصفيق.
تحتاج إفريقيا إلى نهضة عقلية، وإلى إعادة تعريف مفهوم القيادة، وربط القرار بالمحاسبة، والنجاح بالإنتاج، وليس بالاحتفالات.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البطولة
منذ 34 دقائق
- البطولة
منح الضوء الأخضر للتجديد.. الهلال يتلقى موافقة بونو ويقدم امتيازات إضافية لتمديد العقد لموسمين إضافيين
تواترت تقارير إعلامية سعودية حول اقتراب نادي الهلال من حسم ملف تجديد عقد حارسه المغربي الدولي ياسين بونو. ويأتي هذا التطور في ظل رغبة متبادلة في استمرار بونو في الهلال، وذلك رغم العروض العديدة التي تلقاها الحارس خلال فترة الانتقالات الصيفية الحالية. وفي السياق ذاته، كشفت صحيفة "اليوم" السعودية عن تلقي إدارة "الزعيم" تأكيدات من وكيل أعمال بونو بخصوص رغبة الحارس في مواصلة مسيرته مع الفريق لفترة إضافية، مستندًا إلى شعوره بالراحة والاستقرار داخل أروقة النادي. وأشارت الصحيفة إلى أن اجتماعًا حاسمًا من المقرر أن يعقد بين الطرفين في الأيام القليلة المقبلة، بهدف التوقيع على عقد جديد يمتد لموسمين إضافيين، يتضمن "امتيازات" وحوافز جديدة ضمن العرض المقدم. وكان ياسين بونو قد انضم إلى صفوف الهلال في صيف عام 2023، قادمًا من إشبيلية الإسباني في صفقة بلغت قيمتها 21 مليون يورو، حيث أثبت الحارس المغربي قيمته العالية، وإسهاماته بفاعلية في قيادة الفريق لتحقيق العديد من الألقاب.


يا بلادي
منذ ساعة واحدة
- يا بلادي
شركة Revolut تؤكد اهتمامها بالسوق المغربي وتعيين أول مسؤول تنفيذي لها في المملكة
بعد أشهر من إبداء اهتمامها بالسوق المغربي، تتخذ شركة Revolut، البنك الرقمي البريطاني الرائد، خطوة جديدة نحو التوسع. الشركة، التي تتوفر على 60 مليون مستخدم حول العالم، قامت بتعيين أول مسؤول لقيادة عملياتها في المملكة. الشخص المعني هو أمين برادة، المدير السابق للعمليات في شركة أوبر لمنطقة جنوب وشرق أوروبا. وقد تم تكليفه بمهمة الإشراف على استراتيجية وتطوير Revolut في المغرب. وقال برادة عبر لينكدين"تطمح Revolut لبناء أول تطبيق مالي شامل عالمي، وأنا سعيد بالمساهمة في إطلاقه وتوسعه في المغرب، وتقديم خدمات مالية مبتكرة لملايين المغاربة". تأتي هذه الخطوة لتؤكد المعلومات التي نشرتها يابلادي في أبريل الماضي، والتي أفادت بأن Revolut تخطط لدخول تدريجي إلى السوق المغربي، بدءًا كمشغل دفع، مع السعي للحصول على رخصة بنكية كاملة خلال عامين. الشركة، التي تتخذ من لندن مقرًا لها، تستهدف عدة دول في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بما في ذلك الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية. وتقدم مجموعة واسعة من الخدمات، بدءًا من الصرف المتعدد العملات إلى العملات المشفرة، مرورًا بالادخار والائتمان والاستثمار. تواصل Revolut تقييم السوق المغربي. وقالت الشركة في تصريح لـ Asharq Business: «نعتبر المغرب سوقًا جذابًا، لكننا لا نزال في المراحل الأولى». مع تقييم يقدر بـ 45 مليار دولار ودعم مالي كبير من مستثمرين مثل SoftBank، تتطلع النيو بنك إلى فرض نفسها في بيئة لا تزال قليلة المنافسة في مجال الخدمات البنكية الرقمية بالكامل. ومن جانبها، تكثف السلطات المغربية جهودها للإشارة إلى الانفتاح على التكنولوجيا المالية، في مسعى لتعزيز الشمول المالي.


الأيام
منذ 2 ساعات
- الأيام
ترامب يتوصل لاتفاق تجاري مع الاتحاد الأوروبي ويخفف الرسوم الجمركية على بضائعه
Getty Images ترامب التقى رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين في اسكتلندا وحسما"أكبر صفقة تجارية" على الإطلاق توصلت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى اتفاق تجاري، يوم الأحد، مما يُنهي المواجهة التجارية بين أهم الشركاء الاقتصاديين في العالم، على مدار الأشهر الماضية. جاء الاتفاق بعد مفاوضات حاسمة خاضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، في اسكتلندا، ويشمل فرض رسوم جمركية أمريكية بنسبة 15 في المئة على جميع السلع الواردة من الاتحاد الأوروبي. ويمثل الاتفاق تخفيفا لضرائب الاستيراد التي هدد ترامب بفرضها ابتداء من يوم الجمعة، بقيمة 30 في المئة. وأكد ترامب على أن الاتحاد الأوروبي، المكون من 27 دولة، سيفتح أسواقه أمام المصدرين الأمريكيين، مع إعفاء كامل من الرسوم جمركية لبعض المنتجات. من جانبها أشادت أورسولا فون دير لاين بالاتفاق، مؤكدة أنه سوف "يحقق الاستقرار لكلا الحليفين"، وهما يمثلان معاً ما يقرب من ثلث التجارة العالمية. وكان ترامب قد هدد بفرض رسوم جمركية على شركاء تجاريين رئيسيين للولايات المتحدة، في محاولة لإعادة تنظيم الاقتصاد العالمي وتقليص العجز التجاري الأمريكي. وبالإضافة للاتحاد الأوروبي، توصل ترامب أيضاً لاتفاقيات حول التعريفة الجمركية مع بريطانيا واليابان وإندونيسيا وفيتنام، ورغم هذا فإنه لم يحقق هدفه المعلن بإبرام "90 صفقة خلال 90 يوماً." جاءت المفاوضات الخاصة بالاتفاق بين ترامب وأورسولا في ملعب تيرنبيري للغولف في جنوب أيرشاير، في اسكتلندا، التي يزورها ترامب لمدة خمسة أيام. وقال الرئيس الأمريكي، عقب اجتماع قصير مع رئيسة المفوضية الأوروبية: "لقد توصلنا إلى اتفاق. إنه اتفاق جيد للجميع، سيُقربنا من بعضنا البعض". وأشادت فون دير لاين بالاتفاق ووصفته بأنه "اتفاق ضخم"، بعد "مفاوضات شاقة". وبموجب الاتفاق، قال ترامب إن الاتحاد الأوروبي سيعزز استثماراته في الولايات المتحدة بمقدار 600 مليار دولار، وسيشتري معدات عسكرية أمريكية بمئات المليارات من الدولارات، وسينفق 750 مليار دولار على قطاع الطاقة الأمريكي. بينما أوضحت أورسولا أن الاستثمار في الطاقة سيركز على الغاز الطبيعي المسال الأمريكي والنفط والوقود النووي، للمساعدة في تقليل اعتماد أوروبا على مصادر الطاقة الروسية. وقالت: "أود أن أشكر الرئيس ترامب شخصياً على التزامه الشخصي وقيادته لتحقيق هذا الإنجاز". وأضافت: "إنه مفاوض حازم، ولكنه أيضاً بارع في إبرام الصفقات". وأشار ترامب أيضا إلى أن الرسوم الجمركية البالغة 50 في المئة، التي فرضها على الصلب والألومنيوم عالمياً ستبقى سارية. ويمكن للطرفين اعتبار هذه الاتفاقية بمثابة انتصار لكل منهما. فالاتحاد الأوروبي، كان من الممكن أن يواجه رسوماً جمركية أسوأ من جانب الولايات المتحدة، لكنه حقق نفس الاتفاق الذي توصلت له اليابان مع ترامب بنسبة 15 في المئة، لكن بالطبع لم يكن الاتفاق جيد مثل الذي حصلت عليه بريطانيا حيث لم تزد الرسوم الجمركية الأمريكية على منتجاتها عن 10 في المئة. أما بالنسبة للولايات المتحدة، فإن الاتفاق يعني حصولها على 90 مليار دولار من عائدات الرسوم الجمركية ستدخل إلى خزائن الحكومة، بحسب أرقام التجارة مع الاتحاد الأوروبي العام الماضي، بالإضافة إلى مئات المليارات من الدولارات من الاستثمارات التي سوف تتدفق إلى الاقتصاد الأمريكي. بلغ إجمالي حجم التجارة السلعية بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة حوالي 975.9 مليار دولار العام الماضي. وكان الميزان التجاري يميل إلى الأوروبيين، واستوردت الولايات المتحدة بضائع من الاتحاد الأوروبي بقيمة 606 مليارات دولار تقريباً، بينما بلغ حجم الصادرات الأمريكية لدول الاتحاد 370 مليار دولار. يُمثل هذا الخلل، أو العجز التجاري، نقطة خلاف بالنسبة لترامب، الذي يقول إن مثل هذه العلاقات التجارية تعني أن الولايات المتحدة "تخسر". ولو كان ترامب نفذ تهديداته السابقة بفرض رسوم جمركية كبيرة على أوروبا، كانت الكثير من المنتجات ستخصع لضرائب استيراد، من الأدوية الإسبانية إلى الجلود الإيطالية والإلكترونيات الألمانية والأجبان الفرنسية. وهدد الاتحاد الأوروبي وقتها باستعداده للرد بفرض رسوم جمركية على سلع أمريكية، بما في ذلك قطع غيار السيارات وطائرات بوينغ ولحوم البقر. يخطط رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر للقاء ترامب في تيرنبيري، يوم الاثنين. ومن المقرر أن يزور ترامب أبردين يوم الثلاثاء، حيث تمتلك عائلته ملعب غولف آخر، وسوف يفتتح ملعباً ثالثاً الشهر المقبل. يعتزم الرئيس وأبناؤه المشاركة في قص شريط افتتاح الملعب الجديد.