
توسع "البريكس".. خطوات نحو تعزيز نفوذ المجموعة الدولي
هذا التكتل، الذي يجمع بين تنوع جغرافي وثقافي واقتصادي، يبدو اليوم -رغم العديد من التحديات- أكثر طموحاً في رسم ملامح عالم متعدد الأقطاب، يعبّر عن مصالح الجنوب العالمي ويطالب بإصلاحات في المنظومة العالمية.
وفي ظل هذا السياق الدولي المتغير، تتجه الأنظار إلى "بريكس" باعتبارها تجربة تختمر بين الطموح والواقع، وبين فرص التوسع وتحديات التماسك، في مسار يبدو مفتوحاً على احتمالات متعددة.
صوت الأسواق الناشئة
وفي ظل تصاعد التوترات العالمية وإعادة تشكيل موازين القوى، يبرز التكتل -الذي كان يضم البرازيل و روسيا و الهند و الصين و جنوب أفريقيا حتى العام 2023، قبل أن يتضاعف حجمه بأكثر من الضعف، مع انضمام الإمارات و مصر و إيران ودول أخرى- كأحد الفاعلين الطامحين إلى إعادة هيكلة النظام الدولي على أسس أكثر توازناً وتعددية. ومع تنامي القوة الاقتصادية لبعض هذه الدول، واتساع رقعة التعاون بينها، تعزز هدفها ليشمل السعي لامتلاك صوت أعلى في مؤسسات الحوكمة العالمية.
في هذا السياق، تقول المحللة الجيواقتصادية لأميركا اللاتينية، جيمينا زونيجا، في تصريحات سابقة نقلتها "بلومبرغ":
ما يوحد المجموعة في المقام الأول هو شعور مشترك بضرورة أن يكون للأسواق الناشئة صوتٌ أعلى في النظام العالمي، ورغبة في بناء عالم متعدد الأقطاب.
من المرجح أن تستمر الجاذبية الجيوسياسية للمجموعة في التزايد تدريجياً، بما يتماشى مع ثقلها الاقتصادي، أو ربما مع توسعها المتزايد.
كما نقل تقرير لـ "رويترز" عن دبلوماسي برازيلي، طلب عدم الكشف عن هويته، قوله:
"الفراغ الذي تركه الآخرون تملؤه بريكس على الفور تقريباً".
"على الرغم من أن مجموعة السبع لا تزال تتمتع بنفوذ واسع فإنها "لم تعد تتمتع بالهيمنة التي كانت تحظى بها في السابق".
إعادة تشكيل موازين القوى
من جانبه، يقول خبير أسواق المال، محمد سعيد، لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية":
منذ عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض وتبنيه نهج "أميركا أولًا"، بدأت معالم النظام الدولي تشهد تغيراً جذرياً تمثل في انحسار الدور القيادي الأميركي وتراجع انخراط واشنطن في المؤسسات متعددة الأطراف، ما يفضى إلى فراغ نسبي في منظومة القيادة العالمية.
هذا الفراغ أتاح المجال أمام قوى صاعدة، وفي مقدمتها مجموعة "بريكس"؛ لمحاولة إعادة تشكيل موازين القوى الدولية.
المجموعة التي شهدت توسعاً مؤخراً بضم دول من آسيا وأفريقيا والشرق الأوسط، باتت تمثل كتلة مؤثرة على الصعيدين الديموغرافي والاقتصادي، وتسعى لطرح نفسها كقوة موازية -وربما بديلة- للنظام الغربي التقليدي، لا سيما في قضايا الاقتصاد والسياسة العالمية.
هذا الطموح يأتي في ظل واقع معقد، فرغم الزخم الذي تحققه "بريكس" من حيث جذب اهتمام دول الجنوب العالمي وتقديم مبادرات لإصلاح النظام المالي الدولي، تواجه المجموعة تحديات بنيوية (لا سيما أنها في فترة انتقالية مهمة بعد التوسع الأخيرة).
ويشير إلى أن التوسع الأخير للمجموعة عزز ثقل "بريكس" السياسي والاقتصادي وأضفى عليها شرعية أكبر في تمثيل مصالح الدول النامية (..). ويكمن التحدي في قدرة المجموعة على التوافق في القضايا الجوهرية مع توسعها، والتعامل مع الفجوات بين الدول الأعضاء.
ويشدد على أن:
"بريكس" تمتلك مقومات تؤهلها لملء جزء من الفراغ الذي خلفه تراجع الحضور الأميركي، لا سيما في ملفات الجنوب العالمي وإصلاح بنية النظام المالي الدولي.
المجموعة بحاجة إلى رؤية استراتيجية موحدة وآليات تنفيذية قادرة على تحويلها إلى قطب عالمي متماسك.
التوسع يمنح "بريكس" نفوذاً متنامياً، لكنه في الوقت ذاته يضع تماسكها الداخلي أمام الاختبار.
المجموعة لا تزال في مرحلة انتقالية بين طموحات القيادة العالمية وواقع التباينات، والسنوات المقبلة ستكون حاسمه في تحديد ما إذا كانت بريكس ستتمكن من تجاوز التحديات البنيوية.
التمثيل الجغرافي العادل
ويُبرز تقرير لـ "فايننشال تايمز" البريطانية، تركيز زعماء مجموعة البريكس، الأحد، على المطالب القديمة بإصلاح الحوكمة العالمية، بما في ذلك التمثيل الجغرافي الأكثر عدالة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة و صندوق النقد الدولي والبنك الدولي بما يعكس الثقل المتزايد للأسواق الناشئة في الاقتصاد العالمي.
وفي إعلان مكون من 31 صفحة يغطي كل شيء من الفضاء الخارجي إلى الذكاء الاصطناعي وإعادة القطع الأثرية الثقافية إلى بلدانها الأصلية، أعربت مجموعة البريكس عن قلقها البالغ إزاء التعريفات التجارية الأحادية الجانب وأدانت الهجمات العسكرية على إيران، دون ذكر الولايات المتحدة بالاسم.
وفي افتتاح القمة الـ 17، أبدى الرئيس البرازيلي، لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، أسفه لما سماه "الانهيار غير المسبوق للتعددية".
وقال لولا في كلمته الافتتاحية "إذا لم تعكس الحوكمة الدولية الواقع الجديد متعدد الأقطاب في القرن الحادي والعشرين فإن الأمر متروك لمجموعة بريكس للمساعدة في تحديثها".
الموقف الأميركي
بدوره، يوضح رئيس قسم الأسواق العالمية في Cedra Markets، جو يرق، في تصريحات لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إلى أنه:
منذ تأسيس مجموعة "بريكس"، تنخرط في محاولات جادة لتطوير هيكل اقتصادي بديل قادر على منافسة السيطرة الاقتصادية الأميركية.
الواقع يظهر أن المجموعة تواجه تحديات جوهرية (..).
ويشير في هذا السياق إلى تصاعد التهديدات من قبل الإدارة الأميركية بقيادة الرئيس دونالد ترامب، الذي أشار سابقاً إلى أن أي محاولة لإنشاء عملة موحدة ضمن "بريكس" ستواجه بردٍ أميركي قوي، بما في ذلك فرض رسوم جمركية بنسبة 100 بالمئة على تلك الدول، إلى جانب منعها من استعمال الدولار الأميركي، ما شكّل رسالة ردع فعّالة.
وتمثل المجموعة ثقلاً اقتصادياً عالمياً لا يمكن تجاهله، بالنظر إلى حجم الدول مجتمعة بالاقتصاد العالمي، إذ باتت "بريكس" الجديدة تمثل نحو 40 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وما يقارب نصف سكان العالم.
بالإضافة إلى ذلك، تنتج دول البريكس حوالي 40 بالمئة من إنتاج النفط الخام العالمي.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البيان
منذ ساعة واحدة
- البيان
«الإمارات للدراسات» و«أكاديمية أنور قرقاش» يطلقان حوارات هيلي الإقليمية
أعلن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، وأكاديمية أنور قرقاش الدبلوماسية، إطلاق النسخة الأولى من حوارات هيلي الإقليمية، التي تعد المنصة الدولية لمنتدى هيلي السنوي الذي يعقد في أبوظبي. ومن المقرر عقد الحوار الإقليمي الأول من نوعه «هيلي - أمريكا اللاتينية» يوم 8 يوليو 2025 في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية، تحت شعار «العلاقات الإماراتية - الأمريكية اللاتينية: مسارات واعدة»، وبشراكة إعلامية مع وكالة أنباء الإمارات «وام». وتأتي المنصة الحوارية الرائدة لتجمع نخبة من صانعي السياسات والأكاديميين والدبلوماسيين والخبراء في شتى المجالات من أمريكا اللاتينية ودولة الإمارات العربية المتحدة على مدار يوم كامل من الحوارات المعمقة، والتبادل المعرفي والعلمي. ويهدف الحوار إلى ترسيخ الفهم المتبادل، وتسليط الضوء على فرص التعاون في مجالات رئيسية، أبرزها التكامل الاقتصادي، والطاقة الخضراء، والابتكار التكنولوجي، والأمن الغذائي، والترابط بين دول الجنوب العالمي. ويجسد هذا الحدث البارز توجه «الإمارات للدراسات» و«أكاديمية أنور قرقاش»، لبناء شراكات استراتيجية دولية فاعلة من شأنها تعزيز التعاون العلمي مع المؤسسات الفكرية والأكاديمية الرائدة، وذلك اتساقاً مع رؤية دولة الإمارات في تعزيز التعاون الدولي وبناء الجسور، بما يحقق المصالح المشتركة؛ إذ يعد حوار هيلي الإقليمي المزمع عقده في أمريكا اللاتينية انطلاقة سلسلة من الحوارات الإقليمية المقبلة في مناطق متعددة. وأكد الدكتور سلطان محمد النعيمي، مدير عام مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، أن «حوار هيلي - أمريكا اللاتينية» يشكل منطلقاً لسلسلة من الحوارات البناءة بين المسؤولين والنخب الفكرية تجوب قارات العالم المختلفة، للبحث عن المشتركات التي تعزز بدورها الفرص في المجالات المختلفة، ولا سيما الاقتصادية منها والتكنولوجية، وأن هذا الحوار في نسخته الأولى يأتي لتهيئة مساحة نقاشية لاكتشاف مجالات أرحب للتعاون بين دولة الإمارات ودول أمريكا اللاتينية. جسور وقال نيكولاي ملادينوف، المدير العام لأكاديمية أنور قرقاش الدبلوماسية، إن حوار هيلي - أمريكا اللاتينية يجسد التزاماً مشتركاً ببناء جسور استراتيجية بين دولة الإمارات، ودول أمريكا اللاتينية؛ وإن التحولات المتسارعة في المشهد العالمي تعزز أهمية الشراكات القائمة على الاحترام المتبادل، وتبادل المعرفة، والتعاون العملي أكثر من أي وقت مضى. وأضاف: «نحن فخورون بكوننا جزءاً من هذا الحدث الرائد، الذي لا يعزز العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية فحسب، بل يستثمر أيضاً في مستقبل يقوم على الفرص المشتركة، والاستدامة، والابتكار». وقال البروفيسور مارلوس ليما، مدير الشؤون الدولية في مؤسسة جيتوليو فارجاس، إننا نؤمن في مؤسسة جيتوليو فارجاس بأن تعزيز الحوار المفتوح بين الدول أمرٌ لا غنى عنه في مواجهة التحديات العالمية المعقّدة التي يشهدها عالمنا اليوم. وإنه لشرف كبير أن نستضيف هذه المبادرة البارزة في البرازيل. ومن المقررأن يحضر المنتدى نحو 200 مشارك من 10 دول، علاوة على أكثر من 25 متحدثاً؛ حيث تُطرح فيه مناقشات معمقة تتناول محاور استراتيجية متنوعة، أبرزها التكامل الاقتصادي والشراكات التجارية.


الإمارات اليوم
منذ 2 ساعات
- الإمارات اليوم
ولي عهد أبوظبي: الإمارات تُرسّخ حضورها الفاعل في «بريكس»
أكد سموّ الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، أهمية ترسيخ الحضور الفاعل للدولة ضمن مجموعة «بريكس»، بما يعكس توجهات القيادة الرشيدة ورؤية الإمارات المستقبلية في بناء شراكات عالمية متوازنة ومستدامة، ويسهم في ترسيخ مكانتها وجهةً عالميةً رائدةً في الاقتصاد الدولي. جاء ذلك خلال لقاء سموّ الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، فريق عمل دولة الإمارات المشارك في أعمال القمة الـ17 لقادة دول مجموعة «بريكس»، التي استضافتها مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية، يومَي السادس والسابع من يوليو الجاري. وأشاد سموّه بجهود أعضاء فريق العمل، بقيادة مساعد وزير الخارجية للشؤون الاقتصادية والتجارية، سعيد مبارك الهاجري، في إنجاح مشاركة دولة الإمارات في أعمال القمة للمرة الثانية منذ انضمام الدولة إلى المجموعة عام 2023. ونقل سموّ ولي عهد أبوظبي تحيات صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، إلى أعضاء الفريق، وتمنياته للجميع بالتوفيق في خدمة الوطن، ومواصلة العمل على رفعته، وترسيخ مكانته بين دول العالم. واطّلع سموّه، خلال اللقاء، على آخر المستجدات المتعلقة بمشاركة الدولة في اجتماعات المجموعة، إضافة إلى الخطط والاستراتيجيات الرامية إلى تعزيز التعاون مع الدول الأعضاء في المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية. واختتم سموّ الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، زيارته إلى جمهورية البرازيل الاتحادية الصديقة، التي شارك خلالها سموّه في أعمال القمة الـ17 لقادة دول مجموعة «بريكس» في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية، وذلك نيابة عن صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله. وأعرب سموّ الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، في ختام الزيارة، عن شكره وتقديره للجانب البرازيلي على حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة اللذين حظي بهما والوفد المرافق، متمنياً سموّه لجمهورية البرازيل الاتحادية وشعبها الصديق دوام التقدُّم والنماء والازدهار. رافق سموّه، خلال الزيارة، وفد ضمَّ كلاً من وزيرة دولة لشؤون التعاون الدولي، ريم بنت إبراهيم الهاشمي، ووزير التجارة الخارجية، الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي، ووزير دولة، أحمد علي الصايغ، والأمين العام للمجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي رئيس مكتب ولي العهد في ديوان ولي عهد أبوظبي، سيف سعيد غباش، ورئيس مكتب أبوظبي الإعلامي مستشار العلاقات الاستراتيجية في ديوان ولي العهد، مريم عيد المهيري، ومساعد وزير الخارجية للشؤون الاقتصادية والتجارية، سعيد مبارك الهاجري، وسفير الدولة لدى البرازيل، صالح أحمد سالم السويدي.


الإمارات اليوم
منذ 2 ساعات
- الإمارات اليوم
أوكرانيا تبحث استبدال سفيرتها في واشنطن
ذكرت «بلومبرغ نيوز»، أمس، نقلاً عن مصدر مطلع، أن الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، ناقش استبدال سفيرة بلاده إلى الولايات المتحدة، أوكسانا ماركاروفا، خلال مكالمة هاتفية مع الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، يوم الجمعة الماضي. وقال زيلينسكي إن محادثته مع ترامب كانت الأفضل «والأكثر إثماراً»، التي أجراها حتى اليوم، وأضاف أنهما ناقشا «العديد من الأمور الأخرى المهمة». ولم يرد البيت الأبيض بعد على طلب للحصول على تعليق خارج ساعات العمل الرسمية، ولم يتسن لـ«رويترز» التحقق بعد من تقرير «بلومبرغ». وأصدر زيلينسكي تعليماته لوزارة الخارجية بمناقشة تعيين سفير أوكرانيا الجديد مع الجانب الأميركي.