logo
وفاء طربية… الوجه الذى يشبه ذاكرة الوطن

وفاء طربية… الوجه الذى يشبه ذاكرة الوطن

الدستورمنذ 3 أيام
فى عالم يمضى بسرعة الضوء، تبقى بعض الوجوه ثابتة كأعمدة الذاكرة، لا تهرم ولا تغيب، بل يشتدّ حضورها كلما اشتدت الحاجة إلى الفن النبيل والتمثيل الصادق. من بين هذه الوجوه، يبرز وجه وفاء طربية، الذى لا يشبه سواه، بل يشبه الوطن نفسه فى صدقه، فى عمقه، وفى جمالية انحيازه إلى الإنسان.
وفاء طربية، اسم محفور فى تاريخ الدراما اللبنانية والعربية، لا كواحدة من ممثلاتها فحسب، بل كركن أساسى فى بنائها وتطورها. بصوتها الملىء بالدفء، وبملامحها التى تحمل مساحات من التعبير، استطاعت أن تعبر من الشاشة إلى القلب، وأن تكون جزءًا من الحكايات اليومية للناس، بل كصوتٍ يوازى حكاياتهم وتفاصيلهم.
من الشاشة إلى القلب
من خشبة المسرح إلى استديوهات التليفزيون، ومن الشخصيات الدرامية إلى دبلجة الرسوم المتحركة، حافظت «طربية» على أداء رفيع، نظيف، ومدروس. بصوتها المميّز أدّت شخصيات لا تُنسى فى أعمال الكرتون، مثل «راى» فى جونكر، و«ناريتا» فى سانشيرو، و«والدة رانزى» فى رانزى المدهشة. دخلت بهذه الأدوار بيوت الأطفال وشكّلت جزءًا من ذاكرتهم العاطفية، تمامًا كما شكّلت أدوارها فى الدراما ذاكرة الكبار.
ولم يكن صوتها حاضرًا فقط فى الرسوم المتحركة، بل امتد أيضًا إلى المسلسلات المدبلجة، لا سيما المكسيكية منها، التى شكّلت فى التسعينيات نافذة عاطفية لشرائح واسعة من الجمهور. بصوتها المتزن والمؤثر، أضفت على الشخصيات الأجنبية نكهة محلية وجعلتها أقرب إلى قلوب المشاهدين، فكان أداؤها علامة فارقة فى تاريخ الدبلجة العربية، حيث امتزجت العاطفة بالاحتراف، والبساطة بالصدق.
ولوفاء طربية محطّة لا تُنسى فى زمن الأبيض والأسود، حين كان البثّ المباشر امتحانًا حيًّا لثقافة الفنان وحضوره. أطلت عبر تليفزيون لبنان فى بداياته الأولى، تتكلم الفصحى السليمة بثقة وأناقة، وكانت من القلّة النادرة التى ظلّت وفيّة لهذا المستوى حتى فى أزمنة خفَتت فيها اللغة وتراجعت أصول الأداء. فى تلك الحقبة، لم يكن الفن مهنة فقط، بل رسالة. وقدّمت وفاء الشخصيات بلغتها الأم، بالعربية التى بدت على لسانها طبيعية، رشيقة، قريبة، دون تكلّف ولا تصنّع. فى زمن لم تكن الكاميرات فيه رحيمة، ولا الأخطاء قابلة للتعديل، أثبتت حضورها الحى، على الهواء، بثبات الخشبة وأناقة الأداء. وها هى اليوم، شاهدة على زمن لا يتكرّر، ومثالٌ نادر لا يزال يُحتذى به فى عصر التمثيل السريع والعابر.
فى أعمالها اللبنانية، كانت دائمًا تحمل ذاك الطابع الصادق فى الأداء، ذاك الحسّ الداخلى الذى لا يُصنع ولا يُتقمّص، بل ينبع من مكان عميق. جسّدت الأدوار ببساطة المتقنة، ووقفت أمام الكاميرا بلا مبالغة، تتيح للمُشاهد أن يرى الإنسان فى الشخصية، لا القناع.
كرّمتها قريتها تنّورين عام 2024، فى التفاتة دافئة لابنتها الأصيلة التى حملت اسمها عاليًا وأثبتت أن الانتماء الحقيقى يبدأ من الجذور. كما سبق أن نالت عام 2013 جائزة عن مجمل أعمالها من مهرجان بيروت الدولى، وفى عام 2019 كرّمها مهرجان بيروت الدولى لسينما المرأة، تقديرًا لمسيرتها الفنية ومكانتها كإحدى أبرز الوجوه النسائية التى أثرت الفن العربى برؤية ملتزمة وأداء متجدّد.
وفاء طربية ليست فقط من جيل الممثلات المخضرمات، بل من القلائل الذين حافظوا على نوعية ثابتة، وأسلوب رصين، وتواضع أصيل. لم تركض خلف الأضواء، بل صنعتها حيث حلّت، فكانت الوجه الذى يليق بالدراما، والصوت الذى يشبه الوطن حين يروى قصّته بصدق.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

وفاء طربية… الوجه الذى يشبه ذاكرة الوطن
وفاء طربية… الوجه الذى يشبه ذاكرة الوطن

الدستور

timeمنذ 3 أيام

  • الدستور

وفاء طربية… الوجه الذى يشبه ذاكرة الوطن

فى عالم يمضى بسرعة الضوء، تبقى بعض الوجوه ثابتة كأعمدة الذاكرة، لا تهرم ولا تغيب، بل يشتدّ حضورها كلما اشتدت الحاجة إلى الفن النبيل والتمثيل الصادق. من بين هذه الوجوه، يبرز وجه وفاء طربية، الذى لا يشبه سواه، بل يشبه الوطن نفسه فى صدقه، فى عمقه، وفى جمالية انحيازه إلى الإنسان. وفاء طربية، اسم محفور فى تاريخ الدراما اللبنانية والعربية، لا كواحدة من ممثلاتها فحسب، بل كركن أساسى فى بنائها وتطورها. بصوتها الملىء بالدفء، وبملامحها التى تحمل مساحات من التعبير، استطاعت أن تعبر من الشاشة إلى القلب، وأن تكون جزءًا من الحكايات اليومية للناس، بل كصوتٍ يوازى حكاياتهم وتفاصيلهم. من الشاشة إلى القلب من خشبة المسرح إلى استديوهات التليفزيون، ومن الشخصيات الدرامية إلى دبلجة الرسوم المتحركة، حافظت «طربية» على أداء رفيع، نظيف، ومدروس. بصوتها المميّز أدّت شخصيات لا تُنسى فى أعمال الكرتون، مثل «راى» فى جونكر، و«ناريتا» فى سانشيرو، و«والدة رانزى» فى رانزى المدهشة. دخلت بهذه الأدوار بيوت الأطفال وشكّلت جزءًا من ذاكرتهم العاطفية، تمامًا كما شكّلت أدوارها فى الدراما ذاكرة الكبار. ولم يكن صوتها حاضرًا فقط فى الرسوم المتحركة، بل امتد أيضًا إلى المسلسلات المدبلجة، لا سيما المكسيكية منها، التى شكّلت فى التسعينيات نافذة عاطفية لشرائح واسعة من الجمهور. بصوتها المتزن والمؤثر، أضفت على الشخصيات الأجنبية نكهة محلية وجعلتها أقرب إلى قلوب المشاهدين، فكان أداؤها علامة فارقة فى تاريخ الدبلجة العربية، حيث امتزجت العاطفة بالاحتراف، والبساطة بالصدق. ولوفاء طربية محطّة لا تُنسى فى زمن الأبيض والأسود، حين كان البثّ المباشر امتحانًا حيًّا لثقافة الفنان وحضوره. أطلت عبر تليفزيون لبنان فى بداياته الأولى، تتكلم الفصحى السليمة بثقة وأناقة، وكانت من القلّة النادرة التى ظلّت وفيّة لهذا المستوى حتى فى أزمنة خفَتت فيها اللغة وتراجعت أصول الأداء. فى تلك الحقبة، لم يكن الفن مهنة فقط، بل رسالة. وقدّمت وفاء الشخصيات بلغتها الأم، بالعربية التى بدت على لسانها طبيعية، رشيقة، قريبة، دون تكلّف ولا تصنّع. فى زمن لم تكن الكاميرات فيه رحيمة، ولا الأخطاء قابلة للتعديل، أثبتت حضورها الحى، على الهواء، بثبات الخشبة وأناقة الأداء. وها هى اليوم، شاهدة على زمن لا يتكرّر، ومثالٌ نادر لا يزال يُحتذى به فى عصر التمثيل السريع والعابر. فى أعمالها اللبنانية، كانت دائمًا تحمل ذاك الطابع الصادق فى الأداء، ذاك الحسّ الداخلى الذى لا يُصنع ولا يُتقمّص، بل ينبع من مكان عميق. جسّدت الأدوار ببساطة المتقنة، ووقفت أمام الكاميرا بلا مبالغة، تتيح للمُشاهد أن يرى الإنسان فى الشخصية، لا القناع. كرّمتها قريتها تنّورين عام 2024، فى التفاتة دافئة لابنتها الأصيلة التى حملت اسمها عاليًا وأثبتت أن الانتماء الحقيقى يبدأ من الجذور. كما سبق أن نالت عام 2013 جائزة عن مجمل أعمالها من مهرجان بيروت الدولى، وفى عام 2019 كرّمها مهرجان بيروت الدولى لسينما المرأة، تقديرًا لمسيرتها الفنية ومكانتها كإحدى أبرز الوجوه النسائية التى أثرت الفن العربى برؤية ملتزمة وأداء متجدّد. وفاء طربية ليست فقط من جيل الممثلات المخضرمات، بل من القلائل الذين حافظوا على نوعية ثابتة، وأسلوب رصين، وتواضع أصيل. لم تركض خلف الأضواء، بل صنعتها حيث حلّت، فكانت الوجه الذى يليق بالدراما، والصوت الذى يشبه الوطن حين يروى قصّته بصدق.

من بينهم شكرا لأنك تحلم معنا.. أربعة جوائز لثلاث أفلام بمهرجان الدار البيضاء للفيلم العربي
من بينهم شكرا لأنك تحلم معنا.. أربعة جوائز لثلاث أفلام بمهرجان الدار البيضاء للفيلم العربي

تحيا مصر

time٢٣-٠٦-٢٠٢٥

  • تحيا مصر

من بينهم شكرا لأنك تحلم معنا.. أربعة جوائز لثلاث أفلام بمهرجان الدار البيضاء للفيلم العربي

فازت ثلاثة أفلام بثلاثة جوائز وتنويه خاص في حفل ختام الدورة السادسة من مهرجان الدار البيضاء للفيلم العربي والذي أقيم في الفترة بين 13 يونيو حتى 20 من نفس الشهر، ومن بين هذه الأفلام الفلسطيني. جائزتين لـ فيلم شكرا لأنك تحلم معنا يأتي الفيلم الفلسطيني شكرًا لأنك تحلم معنا للمخرج ليلى عباس في صدارة المشهد، فوفقا لما رصده موقع فاز فيلم شكرا لأنك تحلم معنا بالجائزة الكبرى للمهرجان إلى جانب جائزة أفضل ممثلة لكلارا خوري، يتبعه فيلم هذه ليلتي للمخرجة جفرا يونس الذي حصد جائزة أفضل سيناريو لكفاح زيني، بينما حصل فيلم سودان يا غالي للمخرج هند المدب بتنويه خاص من لجنة التحكيم، والأفلام من توزيع .MAD Solutions. فيلم شكرا لأنك تحلم معنا فيلم شكرًا لأنك تحلم معنا من تأليف وإخراج ليلى عباس من بطولة ياسمين المصري وكلارا خوري وكامل الباشا وأشرف برهوم ويتابع الفيلم قصة مريم ونورا اللتين توفيَّ والدهما تاركًا إرثًا كبيرًا من المال، فتخطط الشقيقتان للاستحواذ على الميراث قبل أن يعلم أخوهما بوفاة الأب لأنه شرعًا وقانونًا سيرث نصف التركة، وهو ما ترى فيه الأختان ظلمًا لهما. فاز الفيلم مؤخرًا بجائزتى أفضل فيلم روائي من مهرجان بيروت الدولي لسينما المرأة، وأفضل سيناريو لليلى عباس من مهرجان مالمو للسينما العربية بالسويد. فيلم هذه ليلتي لـ جفرا يونس فيلم هذه ليلتي للمخرجة جفرا يونس، والذي شهد عرضه العربي الأول بالمهرجان، من تأليف كفاح زيني وبطولة حسن الصالح وجفرا يونس، وهو إنتاج سوري إماراتي مشترك. تدور أحداثه في ظهيرة أحد الأيام، حين تخبر ربى والدها العسكري المتقاعد بأنها قررت إنهاء حياتها، مما يفتح أبوابًا نحو الماضي والعائلة والموت. شهد الفيلم عرضه العالمي الأول بمهرجان حقوق الإنسان السينمائي. فيلم هذه ليلتي فيلم سودان يا غالي فيلم سودان يا غالي سيناريو وإخراج هند المدب. يتتبع الفيلم الوثائقي خمسة ناشطين سياسيين سودانيين شباب وهم يكافحون للإطاحة بالنظام العسكري في البلاد في السنوات المضطربة التي سبقت الحرب الأهلية السودانية ونفيهم اللاحق. شهد الفيلم عرضه العالمي الأول بمهرجان فينيسيا السينمائي الدولي، وهو إنتاج فرنسي تونسي مشترك، من إنتاج آبل نحمياس من إيكو فيلمز، وتاو غيغا من ماي واي، وميشيل زانا وأليس أورميير من بلو ترين فيلمز. قامت بمونتاج الفيلم غلاديس جوجو.

4 جوائز لـ 3 أفلام بمهرجان الدار البيضاء للفيلم العربي
4 جوائز لـ 3 أفلام بمهرجان الدار البيضاء للفيلم العربي

النهار المصرية

time٢٣-٠٦-٢٠٢٥

  • النهار المصرية

4 جوائز لـ 3 أفلام بمهرجان الدار البيضاء للفيلم العربي

فازت ثلاثة أفلام عربية بعدة جوائز وتنويه خاص في حفل ختام الدورة السادسة من مهرجان الدار البيضاء للفيلم العربي، والتي أقيمت في الفترة من 13 إلى 20 يونيو. تصدّر المشهد الفيلم الفلسطيني «شكرًا لأنك تحلم معنا» للمخرجة ليلى عباس، حيث حصد الجائزة الكبرى للمهرجان، إلى جانب جائزة أفضل ممثلة التي ذهبت إلى كلارا خوري عن دورها في الفيلم. أما الفيلم السوري الإماراتي «هذه ليلتي» للمخرجة جفرا يونس، فقد فاز بجائزة أفضل سيناريو للكاتب كفاح زيني، في حين نال الفيلم الوثائقي «سودان يا غالي» للمخرجة هند المدب تنويهًا خاصًا من لجنة التحكيم. تفاصيل الأفلام: - شكرًا لأنك تحلم معنا من تأليف وإخراج ليلى عباس، وبطولة ياسمين المصري، كلارا خوري، كامل الباشا، وأشرف برهوم. تدور أحداث الفيلم حول الشقيقتين مريم ونورا، اللتين تحاولان الاستحواذ على ميراث والدهما قبل أن يعلم شقيقهما بوفاته، لأنه وفقًا للقانون والشريعة يرث نصف التركة، وهو ما تعتبره الأختان ظلمًا. كان الفيلم قد حصد في وقت سابق جائزة أفضل فيلم روائي من مهرجان بيروت الدولي لسينما المرأة، وجائزة أفضل سيناريو من مهرجان مالمو للسينما العربية في السويد. - هذه ليلتي من تأليف كفاح زيني، وإخراج وبطولة جفرا يونس إلى جانب حسن الصالح، وهو إنتاج مشترك بين سوريا والإمارات. تدور أحداثه في ظهيرة أحد الأيام، عندما تُخبر ربى والدها العسكري المتقاعد بقرارها إنهاء حياتها، مما يفتح أبوابًا نحو الماضي والعائلة والموت. شهد الفيلم عرضه العربي الأول في مهرجان الدار البيضاء، وكان عرضه العالمي الأول ضمن مهرجان حقوق الإنسان السينمائي. - سودان يا غالي فيلم وثائقي من تأليف وإخراج هند المدب، يتناول قصة خمسة ناشطين سودانيين شباب يناضلون ضد الحكم العسكري في السنوات التي سبقت الحرب الأهلية، وما تعرضوا له من نفي لاحق. الفيلم من إنتاج مشترك بين فرنسا وتونس، وشارك فيه المنتجون آبل نحمياس (إيكو فيلمز)، تاو غيغا (ماي واي)، وميشيل زانا وأليس أورميير (بلو ترين فيلمز)، فيما تولت غلاديس جوجو مهمة المونتاج. شهد الفيلم عرضه العالمي الأول في مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store