logo
طهران وإسلام آباد توسعان التعاون عبر توقيع 12 اتفاقية جديدة

طهران وإسلام آباد توسعان التعاون عبر توقيع 12 اتفاقية جديدة

الشرق الأوسطمنذ 2 أيام
اتفقت إيران وباكستان اليوم (الأحد)، على توسيع العلاقات في المجالات السياسية والاقتصادية، بما في ذلك توقيع وثيقة للتعاون الحدودي، ضمن 12 اتفاقية ومذكرة تفاهم لتعزيز التعاون المشترك.
واستقبل رئيس وزراء باكستان شهباز شريف، الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، في مقر رئاسة الوزراء بإسلام آباد، حيث أجريا مباحثات موسعة حول سبل تعزيز التعاون الثنائي في مختلف المجالات.
وأعلن شريف، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع بزشكيان، دعمه لـ«حق إيران في تطوير الطاقة النووية للأغراض السلمية»، مؤكداً وقوف إسلام آباد إلى جانب طهران في هذه «المسألة الجوهرية». وقال إن بلاده لا تقبل أي اعتداء على إيران، مؤكداً الحاجة إلى وضع حد لما وصفه بـ«الإرهاب» وحماية الحدود.
ومن جانبه، قال بزشكيان إن «استمرار عدوان النظام الصهيوني يمثل تحذيراً جديداً للعالم الإسلامي والمجتمع الدولي»، مشيراً إلى أن هذه «الاعتداءات كشفت مرة أخرى ضرورة توافق إقليمي ودولي ضد انتهاكات النظام الصهيوني للقانون»، حسبما أورد بيان للرئاسة الإيرانية.
ووصف بزشكيان علاقات البلدين بأنها «عمية الجذور وأخوية، وتتجاوز مجرد الجوار». وأشار إلى أحد أهداف زيارته، قائلاً: «بتعزيز التضامن والتعاون بين الدول الإسلامية، يمكن منع اعتداءات جديدة للنظام الصهيوني»، داعياً إسلام آباد إلى «تقديم نموذج ناجح للتعاون الإقليمي والوحدة الإسلامية».
وتأتي زيارة بزشكيان في وقت تواجه فيه إيران ضغوطاً غربية بشأن برنامجها النووي، الذي كان محور الحرب الـ12 يوماً بين إيران وإسرائيل في 13 يونيو (حزيران) الشهر الماضي، وشهد تنفيذ الولايات المتحدة ضربات على عدة مواقع نووية إيرانية.
وهذه ثاني زيارة يقوم بها بزشكيان إلى دولة جارة منذ اندلاع المواجهة مع إسرائيل. وكان بزشكيان قد زار باكو للمشاركة في مؤتمر إقليمي.
وكانت «الخارجية» الباكستانية قد أعلنت، الجمعة الماضي، التزامها بمواصلة جهودها لنزع فتيل التوتر بين إيران والولايات المتحدة.
Honored to welcome my brother, H.E. Dr. Masoud Pezeshkian, President of the Islamic Republic of Iran on his official visit to Pakistan.We look forward to our substantive engagements during this important visit that will pave the way forward for stronger Pakistan-Iran ties. pic.twitter.com/Lt3Vd5yrWG
— Shehbaz Sharif (@CMShehbaz) August 2, 2025
وأشاد الرئيس الإيراني بمواقف الحكومة والبرلمان والأحزاب والعلماء والشعب الباكستاني خلال الحرب الأخيرة، معتبراً أنها تعبر عن دعم متبادل وتسهم في تعزيز العلاقات بين البلدين. وكان بزشكيان قد شكر باكستان قبل مغادرة طهران إلى إسلام آباد، مساء السبت.
وأوضح بزشكيان أن «سياسة إيران المبدئية تركز على تعزيز العلاقات مع الدول المجاورة»، مؤكداً أن «زيارة باكستان ركزت على تعزيز سياسة الجوار بوصفها أساساً مركزياً في السياسة الخارجية الإيرانية». وأعرب عن اعتقاده بأنه «يمكن رفع حجم التبادل التجاري بين البلدين من 3 مليارات دولار حالياً، إلى 10 مليارات دولار بسهولة ووقت قصير كما هو متوقع»، وأيده في ذلك شهباز شريف.
وأبدى الرئيس الإيراني ارتياحه للمحادثات التي جرت خلال الزيارة، مشيراً إلى توقيع وثائق مهمة في مجالات التجارة والثقافة والسياحة والنقل والتبادل العلمي والتعليمي. وقال إن الجارتين عازمتان على تعزيز التعاون مع التركيز على تطوير البنية التحتية التي تربط البلدين، مثل طرق النقل البري والسكك الحديدية والبحرية، وتجهيز الأسواق الحدودية وإنشاء مناطق حرة مشتركة.
كما شدد على ضرورة تعزيز الأمن في المناطق الحدودية، خصوصاً في مواجهة تهديدات الجماعات الإرهابية، لافتاً إلى أهمية التعاون بين إيران وباكستان لضمان أمن الحدود وراحة المواطنين في المدن الحدودية.
وبحسب صحيفة «ذا نيشن» الباكستانية، شملت الاتفاقيات مجالات متعددة من بينها العلوم والتكنولوجيا، وتكنولوجيا المعلومات، والسياحة، والثقافة، والتراث. كما تضمنت الاتفاقيات التعاون في مجالات الأرصاد الجوية، وتغير المناخ، وإدارة الكوارث. وتم تبادل مذكرات تفاهم بشأن السلامة البحرية، ومكافحة الحرائق، والمساعدة القضائية، والإصلاحات القانونية، إضافة إلى مذكرة فرعية ضمن اتفاقية سلامة الطيران الموقعة عام 2013.
ومن جهته، عقد وزير الدفاع الإيراني، الجنرال عزيز نصير زاده، اجتماعاً مع نظيره الباكستاني خواجه محمد آصف، بحثا خلاله قضايا الأمن الإقليمي، وجهود مكافحة الإرهاب، وتعزيز التعاون الدفاعي بين البلدين، بحسب ما أفادت به صحيفة «ذا نيشن» الباكستانية.
وأكد آصف أن الدبلوماسية الدفاعية تمثل أداة فعالة لمواجهة التحديات الأمنية، وأشار إلى اهمية استمرار مشاركة إيران في دعم الاستقرار الإقليمي.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

كيف استخدمت أمريكا باكستان ورقة ضغط ضد الهند؟
كيف استخدمت أمريكا باكستان ورقة ضغط ضد الهند؟

الاقتصادية

timeمنذ 3 ساعات

  • الاقتصادية

كيف استخدمت أمريكا باكستان ورقة ضغط ضد الهند؟

نيودلهي تتلقى صدمة تعصف بيقينها تجاه إدارة ترمب وتضع العلاقات مع واشنطن على المحك رسوم ترمب على الهند تتجاوز ما فرض على حلفاء مثل الاتحاد الأوروبي وكوريا واليابان تصريحات ترمب حول وقف إطلاق النار مع باكستان تُثير غضب الشارع الهندي رحب كثيرون في نيودلهي بعودة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب إلى السلطة، آملين أن يرتقي بالعلاقات الهندية الأمريكية إلى آفاق جديدة. لكن لا شك أنهم يتساءلون: في أي لحظة انقلبت الأمور، خاصة بعدما شن ترمب الأسبوع الماضي هجوماً حاداً ضد الهند، ملوحاً بفرض رسوم جمركية بنسبة 25%، ومحذراً من رسوم إضافية ما لم تتوقف عن شراء النفط والأسلحة الروسية. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل عبر ترمب أيضاً عن امتعاضه من مشاركة الهند في مجموعة "بريكس"، التي وصفها بأنها "تحالف مناهض للولايات المتحدة". عادةً ما كان بإمكان رئيس الوزراء ناريندرا مودي التغاضي عن بعض منشورات وسائل التواصل الاجتماعي. وقد يكون مهيناً أن تجد الهند نفسها تواجه رسوماً جمركية أعلى من نظيراتها بعد جهودها في التودد إلى ترمب، إلا أن ذلك كان بالإمكان تحمّله. مع ذلك، لم يكتفِ الرئيس الأمريكي بالتصعيد التجاري، بل تجاوز ذلك بإعلانه عن صفقة تجارية مع باكستان في اليوم نفسه، مشيراً إلى أن شركات أمريكية ستساعد الجار المأزوم للهند في استخراج النفط من احتياطيات مكتشفة حديثاً، وأنهم "ربما يبيعون النفط للهند ذات يوم". لا أعتقد أن ترمب يدرك تبعات ما يقوم به. صحيح أن الحكومة الهندية كانت تتطلع إلى حقبة تتسم بالصفقات المتبادلة، إذ ترى نيودلهي أن كل شيء تقريباً قابلاً للتفاوض، لكنها لا ترى في علاقتها مع باكستان مادة للنقاش. فقد شعر مواطنو الهند بالاستياء من نسب ترمب الفضل لنفسه في وقف إطلاق النار بين الدولتين المسلحتين نووياً في وقت سابق من هذا العام. وليس هناك ما قد يدفع أي قائد هندي إلى التمسك بموقفه ووقف الحديث عن التقارب الاقتصادي أكثر من إقحام اسم باكستان في المعادلة. نيودلهي تكتشف حدود نفوذها الجيوسياسي في المقابل، يستوعب صناع السياسات الآن بعض الحقائق غير المستساغة. وبات السؤال المطروح اليوم: هل بالغت الهند في تقدير أهميتها الجيوسياسية؟ فقد جاء فرض ترمب رسوم جمركية بنسبة 25% كصفعة قوية، خصوصاً أن هذه النسبة تفوق تلك المتفق عليها مع الفلبين وإندونيسيا والتي تبلغ 19%، وتتجاوز بكثير نسبة الـ15% التي حصل عليها حلفاء تقليديون للولايات المتحدة مثل الاتحاد الأوروبي وكوريا الجنوبية واليابان. رسوم ترمب الجمركية تثير صدمة بأوساط الأعمال والسياسة في الهند. ولسبب ما، كانت الهند تعتقد بأنها شريك لا يمكن الاستغناء عنه في حسابات الولايات المتحدة، متوقعة الحصول على صفقة أفضل من حلفائها على المدى الطويل، حتى لو احتفظت بالقيود التي تفرضها على قطاعي الصناعة والزراعة. لكن الحقيقة مختلفة، فدون تقديم تنازلات تفوق ما كان مخططاً له، قد تجد نيودلهي نفسها من بين قلّة من الدول التي خرجت من "هدنة" الرسوم الجمركية التي أعلنها ترمب بمعدلات أعلى، وليس أقل، مما كانت مهددة به في الأصل. الهند تصطدم بواقع نفوذها المحدود أدركت نيودلهي، بعد فوات الأوان، أن قدرتها على التأثير في واشنطن ضئيلة جداً. فبينما قد يحصل الصينيون على تمديد آخر بفضل امتلاكهم أوراق ضغط تؤثر مباشرة في الاقتصاد الأمريكي، ويتمكن الأوروبيون ودول شرق آسيا من تقديم وعود بشراء الأسلحة الأمريكية أو الاستثمار في الولايات المتحدة، لا تملك الهند وسيلة للضغط ولا أدوات للإغراء السياسي. مع ذلك، فقد تمكنت الهند لسنوات من تجاوز وزنها الاقتصادي الحقيقي من خلال تقديم وعد ضمني بالمشاركة في محاولات واشنطن لاحتواء تصاعد نفوذ الصين. وهو وعد لم يُعلن صراحة، إذ إن نيودلهي لا ترى أن قربها من الولايات المتحدة يتعارض مع انخراطها في تكتلات تهيمن عليها الصين، أو حتى مع دعمها لحلفاء بكين في موسكو. غير أن ردة فعل ترمب الغاضبة تشير إلى أن هذا التوازن ربما شارف على نهايته. فحتى إن لم تكن روسيا تمثّل أولوية قصوى في أجندة ترمب، فإن امتناع ثاني أكبر عملائها عن الاصطفاف خلفه سيظل يثير امتعاضه. خصوصاً أنه حظي بإشادة واسعة من قادة باكستان عقب إعلانه وقف إطلاق النار، في وقت قابلته فيه الهند بالتجاهل التام. الإدارة الأمريكية الحالية لا تريد التحدي، بل تطلب الولاء. وقد بدت نبرة العداء واضحة في تصريح ترمب، حين قال بلا اكتراث إن الهند وروسيا "يمكنهما أن تُسقِطا اقتصاديهما المتعثرين معاً". توتر اقتصادي يعصف بالعلاقات الهندية الأمريكية لو أن ترمب اكتفى فقط بالمطالبة بمسافة أكبر بين نيودلهي وموسكو، وفعل ذلك، إن أمكن، دون المساس بآفاق الهند الاقتصادية، لكان من المحتمل أن يستجيب القادة بهدوء. فالتخفيض في سعر النفط الروسي لا يتجاوز 6 إلى 10 دولارات للبرميل، ووفقاً لبحث أجراه بنك "ستاندرد تشارترد"، فإن التحول إلى النفط الأمريكي لن يكون له تأثير يُذكر على معدل التضخم في الهند. وبالطبع، سيتعين على الحكومة إقناع قاعدتها القومية بأن هذا التحول يصب في مصلحة البلاد، بعد أن أمضت عامين تزعم عكسه، لكن الثقة الكبيرة في رئيس الوزراء كفيلة بجعل هذا التحوّل ممكناً. لكن ما لن يقبله الناخبون بأي حال هو التراجع عن الموقف الصارم للحكومة تجاه باكستان. فالانصياع لترمب بعد أن أبدى انحيازاً لجيراننا سيكون أمراً صعباً حتى بالنسبة إلى مودي. في أقل من 24 ساعة، انهارت الركائز الأساسية التي بنت عليها نيودلهي سياستها في عهد ترمب، وغموضها الإستراتيجي الذي استخدمته بمهارة وسط التوترات بين أمريكا والصين. وأتوقع أن يتمكن مودي من تمرير نوع من الاتفاق، وإن كان ذلك سيتطلب منه تقديم تنازلات أكبر وتحمّل خسائر سياسية داخلية أكبر مما كان يأمل. لكن من الواضح أن ترمب يسأل نفسه ما الذي تقدمه الهند كشريك للولايات المتحدة. بالمثل، سيتساءل المواطنون عما إذا كانت الولايات المتحدة ترتكب مجدداً الخطأ نفسه، كما فعلت في كثير من الأحيان من قبل، بالوثوق في المؤسسة الباكستانية وتجاهل الهند. لقد تلقت نيودلهي صدمة هزت يقينها بقدرتها على اجتياز عهد ترمب بسلام، وسيحتاج الأمر وقتاً طويلاً لترميم العلاقة بعد هذا الأسبوع المضطرب. كاتب عمود في بلومبرغ أوبينيون. وزميل أول في مؤسسة أوبزرفر للأبحاث في نيودلهي، ورئيس برنامج الاقتصاد والنمو فيها. خاص بـ"بلومبرغ"

كيف استخدمت أميركا باكستان كورقة ضغط ضد الهند؟
كيف استخدمت أميركا باكستان كورقة ضغط ضد الهند؟

الشرق للأعمال

timeمنذ 3 ساعات

  • الشرق للأعمال

كيف استخدمت أميركا باكستان كورقة ضغط ضد الهند؟

رحب كثيرون في نيودلهي بعودة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى السلطة، آملين أن يرتقي بالعلاقات الهندية الأميركية إلى آفاق جديدة. لكن لا شك أنهم يتساءلون: في أي لحظة انقلبت الأمور، خاصة بعدما شن ترمب الأسبوع الماضي هجوماً حاداً ضد الهند، ملوحاً بفرض رسوم جمركية بنسبة 25%، ومحذراً من رسوم إضافية ما لم تتوقف عن شراء النفط والأسلحة الروسية. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل عبر ترمب أيضاً عن امتعاضه من مشاركة الهند في مجموعة "بريكس"، التي وصفها بأنها "تحالف مناهض للولايات المتحدة". عادةً ما كان بإمكان رئيس الوزراء ناريندرا مودي التغاضي عن بعض منشورات وسائل التواصل الاجتماعي. وقد يكون مهيناً أن تجد الهند نفسها تواجه رسوماً جمركية أعلى من نظيراتها بعد جهودها في التودد إلى ترمب، إلا أن ذلك كان بالإمكان تحمّله. مع ذلك، لم يكتفِ الرئيس الأميركي بالتصعيد التجاري، بل تجاوز ذلك بإعلانه عن صفقة تجارية مع باكستان في اليوم نفسه، مشيراً إلى أن شركات أميركية ستساعد الجار المأزوم للهند في استخراج النفط من احتياطيات مكتشفة حديثاً، وأنهم "ربما يبيعون النفط للهند ذات يوم". لا أعتقد أن ترمب يدرك تبعات ما يقوم به. صحيح أن الحكومة الهندية كانت تتطلع إلى حقبة تتسم بالصفقات المتبادلة، إذ ترى نيودلهي أن كل شيء تقريباً قابلاً للتفاوض، لكنها لا ترى في علاقتها مع باكستان مادة للنقاش. فقد شعر مواطنو الهند بالاستياء من نسب ترمب الفضل لنفسه في وقف إطلاق النار بين الدولتين المسلحتين نووياً في وقت سابق من هذا العام. وليس هناك ما قد يدفع أي قائد هندي إلى التمسك بموقفه ووقف الحديث عن التقارب الاقتصادي أكثر من إقحام اسم باكستان في المعادلة. نيودلهي تكتشف حدود نفوذها الجيوسياسي في المقابل، يستوعب صناع السياسات الآن بعض الحقائق غير المستساغة. وبات السؤال المطروح اليوم: هل بالغت الهند في تقدير أهميتها الجيوسياسية؟ فقد جاء فرض ترمب رسوم جمركية بنسبة 25% كصفعة قوية، خصوصاً أن هذه النسبة تفوق تلك المتفق عليها مع الفلبين وإندونيسيا والتي تبلغ 19%، وتتجاوز بكثير نسبة الـ15% التي حصل عليها حلفاء تقليديون للولايات المتحدة مثل الاتحاد الأوروبي وكوريا الجنوبية واليابان. رسوم ترمب الجمركية تثير صدمة بأوساط الأعمال والسياسة في الهند.. التفاصيل هنا. ولسبب ما، كانت الهند تعتقد بأنها شريك لا يمكن الاستغناء عنه في حسابات الولايات المتحدة، متوقعة الحصول على صفقة أفضل من حلفائها على المدى الطويل، حتى لو احتفظت بالقيود التي تفرضها على قطاعي الصناعة والزراعة. لكن الحقيقة مختلفة، فبدون تقديم تنازلات تفوق ما كان مخططاً له، قد تجد نيودلهي نفسها من بين قلّة من الدول التي خرجت من "هدنة" الرسوم الجمركية التي أعلنها ترمب بمعدلات أعلى، وليس أقل، مما كانت مهددة به في الأصل. الهند تصطدم بواقع نفوذها المحدود أدركت نيودلهي، بعد فوات الأوان، أن قدرتها على التأثير في واشنطن ضئيلة جداً. فبينما قد يحصل الصينيون على تمديد أخر بفضل امتلاكهم أوراق ضغط تؤثر مباشرة على الاقتصاد الأميركي، ويتمكن الأوروبيون ودول شرق آسيا من تقديم وعود بشراء الأسلحة الأميركية أو الاستثمار في الولايات المتحدة، لا تملك الهند وسيلة للضغط ولا أدوات للإغراء السياسي. مع ذلك، فقد تمكنت الهند لسنوات من تجاوز وزنها الاقتصادي الحقيقي من خلال تقديم وعد ضمني بالمشاركة في محاولات واشنطن لاحتواء تصاعد نفوذ الصين. وهو وعد لم يُعلن صراحة، إذ أن نيودلهي لا ترى أن قربها من الولايات المتحدة يتعارض مع انخراطها في تكتلات تهيمن عليها الصين، أو حتى مع دعمها لحلفاء بكين في موسكو. غير أن ردة فعل ترمب الغاضبة تشير إلى أن هذا التوازن ربما شارف على نهايته. فحتى إن لم تكن روسيا تمثّل أولوية قصوى في أجندة ترمب، فإن امتناع ثاني أكبر عملائها عن الاصطفاف خلفه سيظل يثير امتعاضه. خصوصاً أنه حظي بإشادة واسعة من قادة باكستان عقب إعلانه وقف إطلاق النار، في وقت قابلته فيه الهند بالتجاهل التام. الإدارة الأميركية الحالية لا تريد التحدي، بل تطلب الولاء. وقد بدت نبرة العداء واضحة في تصريح ترمب، حين قال بلا اكتراث إن الهند وروسيا "يمكنهما أن تُسقِطا اقتصاديهما المتعثرين معاً". توتر اقتصادي يعصف بالعلاقات الهندية الأميركية لو أن ترمب اكتفى فقط بالمطالبة بمسافة أكبر بين نيودلهي وموسكو، وفعل ذلك، إن أمكن، دون المساس بآفاق الهند الاقتصادية، لكان من المحتمل أن يستجيب القادة بهدوء. فالتخفيض في سعر النفط الروسي لا يتجاوز 6 إلى 10 دولارات للبرميل، ووفقاً لبحث أجراه بنك "ستاندرد تشارترد"، فإن التحول إلى النفط الأميركي لن يكون له تأثير يُذكر على معدل التضخم في الهند. اقرأ أيضاً: الهند تواصل شراء النفط الروسي رغم انتقادات ترمب وبالطبع، سيتعين على الحكومة إقناع قاعدتها القومية بأن هذا التحول يصب في مصلحة البلاد، بعد أن أمضت عامين تزعم العكس، لكن الثقة الكبيرة في رئيس الوزراء كفيلة بجعل هذا التحوّل ممكناً. لكن ما لن يقبله الناخبون بأي حال هو التراجع عن الموقف الصارم للحكومة تجاه باكستان. فالانصياع لترمب بعد أن أبدى انحيازاً لجيراننا سيكون أمراً صعباً حتى بالنسبة لمودي. في أقل من 24 ساعة، انهارت الركائز الأساسية التي بنت عليها نيودلهي سياستها في عهد ترمب، وغموضها الاستراتيجي الذي استخدمته بمهارة وسط التوترات بين أميركا والصين. وأتوقع أن يتمكن مودي من تمرير نوع من الاتفاق، وإن كان ذلك سيتطلب منه تقديم تنازلات أكبر وتحمّل خسائر سياسية داخلية أكبر مما كان يأمل. لكن من الواضح أن ترمب يسأل نفسه ما الذي تقدمه الهند كشريك للولايات المتحدة. بالمثل، سيتساءل المواطنون عما إذا كانت الولايات المتحدة ترتكب مجدداً الخطأ نفسه، كما فعلت في كثير من الأحيان من قبل، بالوثوق في المؤسسة الباكستانية وتجاهل الهند. لقد تلقت نيودلهي صدمة هزت يقينها بقدرتها على اجتياز عهد ترمب بسلام، وسيحتاج الأمر وقتاً طويلاً لترميم العلاقة بعد هذا الأسبوع المضطرب.

"أرانب" بري القاتلة للدولة
"أرانب" بري القاتلة للدولة

العربية

timeمنذ 11 ساعات

  • العربية

"أرانب" بري القاتلة للدولة

يحاول الرئيس نبيه بري أن يكون أميركيًا مع الأميركيين وإيرانيًا مع الإيرانيين، وصاحب الأرانب التي لا تنتهي مع اللبنانيين، فتتعدّد آراؤه حسب من يلتقيهم، لكنّه في كلّ ما يفعله يبقى على بوصلة واحدة: تأمين مصالح الشيعة على حساب الجميع، بما في ذلك الدولة والشعب والمستقبل، رغم أنّه ينتشي اليوم بتراجع "حزب الله" عن المشهد، لكنّه يعلم أنّه بدون سلاحه ستسقط معادلة القهر والإكراه التي تقاسم فرضها على اللبنانيين مع توأم الضرار منذ بدايات "الحزب" و"الحركة". لطالما كان نبيه بري الشريك الأقلّ ضجيجًا والأكثر تطرّفًا عندما يتعلّق الأمر بمصالح الشيعة، والمحطات في هذا السياق لا يمكن حصرها، من جريمة انقلاب السابع من أيار 2008 إلى إغلاق المجلس النيابي حسب مصالح "الثنائي الشيعي" وتعطيل إرادة النواب، من دون أن ننسى تدخّله في كلّ صغيرة وكبيرة من مفاصل الدولة، ناسفًا استقلالية السلطات التفيذية والتشريعية والقضائية، وليس انتهاءً بالخرق الدستوري الفاضح عندما فرض التعيينات كما يريد في القضاء والأمن، والأخطر عندما فرض إشراكه في صياغة ردّ الحكومة على ورقة المبعوث الأميركي توم برّاك، لتعود الترويكا بأسوأ وجوهها. فرض بري نفسه قطبًا صاحب "فيتو" في محادثات رئيسي الجمهورية جوزاف عون والحكومة نواف سلام، واستغلّ هذا الوضع لشراء المزيد من الوقت لصالح "حزب الله" ولرفع مستوى التنسيق بينه وبين القيادة الإيرانية بشكل ملحوظ بعد أن أيقن أنّه لا دعم عربي ولا إعادة إعمار وأنّ المجتمع الدولي وعلى رأسه إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لم يقبض مناوراته التي تنطلي على كثير من اللبنانيين، فكان خيار بري العودة إلى حضن طهران، مع ما يعنيه ذلك من تداعيات سياسية على البلد. تشير المعلومات إلى أنّ لقاءات الرئيس بري الأخيرة مع السفير الإيراني في بيروت مجتبى أماني أنتجت المزيد من الأرانب التي رماها رئيس حركة "أمل" في الساحة السياسية، منها طرحه انسحاب إسرائيل الكامل مقابل انسحاب "حزب الله" من جنوب نهر الليطاني، وهو بهذا يتذاكى ويعيد التفاوض إلى النقطة صفر، لأنّه يعني أنّ سلاح "الحزب" لم يزل موجوداً جنوب النهر وأنّ كلام الدولة عن "تنظيف" هذه المنطقة كان مناورة وليس حقيقياً، وهذا ينسف مصداقة دولتنا الواقفة أصلًا على المهوار. يراهن بري على أن يحلّ محلّ "حزب الله" في السياسة الإيرانية، بعد أن تيقّن بأنّ "الحزب" غير قادر على المنافسة السياسية معه، وينتظر في الوقت نفسه أن يبقى الانفتاح الأميركيّ عليه مما يمنحه حصانة استثنائية في هذه المرحلة الميلئة بالتحولات الصاخبة والدموية، وهو بذلك يريد إعادة تدوير الحالة والمعادلات السياسية القائمة على الفساد واستمرارية السلاح غير الشرعي وإنتاج ظروف تتيح له أن يحكم لبنان سنوات عديدة قادمة. لا تخفّف نكات الرئيس بري حقيقته السياسية، ولا تعطِّل أرانبه مسار الشيعية السياسية الذي يريد أن يستولي من اللبنانيين على ثمن داخلي للسلاح غير الشرعي، فتعود نغمة تعديل دستور الطائف واستيلاء "الثنائي" على مناصب مثل قيادة الجيش وحاكمية مصرف لبنان أو استحداث مناصب أخرى من نائبٍ لرئيس الجمهورية بصلاحيات... ربمّا لأنّه غير مدرك أنّ ما لم يستطيعوا أخذه في ذروة قوتهم لن يأخذوه الآن وهم يناورون لادعاء القوة بينما تستمرّ يوميات السحق الإسرائيلية لهم، وهذا يدفع إلى التساؤل: لماذا يفضِّلون الانكسار أمام عدوّ لبنان على أن يلتزموا بالمساواة مع سائر اللبنانيين. من الطروحات التي تثبت انفصام "الثنائي الشيعي" أن تكون إعادة الإعمار في الجنوب على يد "حزب الله" وهي تثبت تمسكهما بالفساد الذي انتشر تحت عنوان الـ52 % وعلى أيدي من تولوا مسؤولية مجلس الجنوب... لكن فات الرئيس بري أنّ أرانبه التي طالما أخرجها لتأخير نهوض الدولة والحفر لتهديم أساساتها، فقدت بريقها ولم تعد تُغري أحداً لا في الداخل ولا في الخارج، والمصيبة أنّهم يعلمون ويدركون حجم ما يسبِّبونه من مخاطر مصيرية على البلد وكأنّما يسوقون الشيعة وبقية اللبنانيين إلى مقتلة مفتوحة لا أحد يعلم، إلاّ الله، كيف ومتى ستنتهي إذا بدأت.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store