logo

الموكانيفية.. نظرية سياسية من صنع الناظور والدرويش

ناظور سيتيمنذ 8 ساعات

بقلم: رمسيس بولعيون
هناك نظريات تُدرّس في أعتى الجامعات، الماركسية تُفكّك الصراع الطبقي، والمكيافيلية تُحلل دهاء السلطة… ثم هناك 'الموكانيفية'، وهي نظرية محلية الصنع، لا تحتاج إلى كتب أو مراجع، بل فقط إلى صناديق اقتراع، ومقاعد في المجالس، وبادج برلماني يتيم يلمع من خلف زجاج السيارة.
الموكانيفية نسبةٌ إلى الأخوين موكانفيوش، وهما كائنان انتخابيان نادران، لا يظهران إلا في زمن الحملات، مثل الفطر الذي ينبت بعد أول مطرة. تشارك هذه الكائنات في الانتخابات الجماعية والجهوية بجدّية تشبه تلك التي يشارك بها طلاب السنة الأولى في ندوة حول الجاذبية، الحضور لأخذ الصورة فقط.
يختفي الموكانيفيون أربع سنوات كاملة في سبات عميق، لا يحضرون الدورات، لا يطرحون الأسئلة، ولا يشاركون في النقاشات، لأن ذلك قد يُحدث احتكاكًا غير ضروري مع الفكرة الأساسية للموكانيفية، الصمت الانتخابي الممتد.
الشيء الوحيد الثابت في سلوكهم السياسي هو تعليق البادج البرلماني في السيارة، ويُقال ولا تأخذوا كلامي على محمل الجد إنهم لا يقودون السيارة بدون البدج، ليس حبًا في الامتياز، بل حتى تتعرف عليهم إشارات المرور ويُفسح لهم المجال إلى المستقبل، حيث كرسي المستشارين ينتظر بفارغ الصبر.
'السياسة عند الموكانيفيون ليست مهنة، بل إجازة مفتوحة الأمد تُدفع لها أجور وتعويضات.'
الموكانيفية ليست فكرة، إنها عقيدة. عقيدة تؤمن بأنك لستَ مضطرًا لفعل أي شيء على الإطلاق طوال خمس سنوات. فقط احضر يوم الحفل، تبسّم، التقط صورة مع رجل سلطة، ثم عد إلى الظل، حيث الدفء وراحة البال وهدوء المخصّصات.
'الموكانيفيون لا يترشحون.. الموكانيفي يُستدعى.'
ما الذي يميز الموكانيفيون عن غيرهم من الأنواع السياسية؟
ببساطة، خطة زيرو لزيرو…
زيرو تفاعل، زيرو تواصل، زيرو موقف، زيرو حساسية… وأحيانًا زيرو عنوان سكني واضح…
لا يجادلون، لا يعارضون، لا يؤيدون، صورهم غائبة عن الملتقيات الحزبية، لا يظهرون في التأبينات، ولا في الوقفات، ولا حتى في صور السيلفي الجماعية…
الاستثناء الوحيد؟ المناسبات الوطنية الرسمية التي تنظمها وزارة الداخلية، او في افتتاح البرلمان، هنا فقط، يخرج الموكانفيون من جحرهم، يرتدون بذلة من الطراز القديم، يلوّحون بيدهم اليمنى للكاميرا، ثم يعودون سريعًا إلى قوقعتهم حتى إشعار انتخابي آخر.
أما عن الانتماء الحزبي؟
الموكانيفيون كائنات متحوّلة، يتلوّنون حسب الحاجة.
بالأمس كان احدهم في حزب الحمامة، اليوم في حزب التراكتور، ومرة في الوردة واخرى مع الديك، وغدًا قد نراه يترشح باسم جمعية محبي القطط، ما دام ذلك يضمن له مقعدًا ناعمًا وبادجا يلمع على زجاج السيارة.
'الحزب عند الموكانيفي مجرد ملصق يمكن تغييره بالفوتوشوب بين ليلة وضحاها.'
هكذا هي الموكانيفية، نظرية الصعود بدون أثر، الحضور بدون تأثير، والغياب بدون سؤال.
إنها ليست فقط سلوكًا سياسيًا، بل فلسفة عيش… فلسفة الجلوس الطويل دون أن تُقلق أحدًا، أو تتورّط في موقف، أو تتلفظ بجملة قد تُحتسب عليك يومًا ما.
ثم يأتي اليوم الكبير، يوم العودة بعد الغياب، لا يحملون حقائب ولا ملفات، فقط ورقة صغيرة، تشبه تلك التي يمنحها المدير لتلميذ تغيّب عن الدراسة.
'كان لهم ورقة دخول… تلك التي تمنحها المدارس بعد الغياب، إلا أنها تُمنح لهم لدخول مجلس المستشارين، رغم غياب السنين.'
ويجلس الموكانيفيون بهدوء، في مكانهم المخصص، وكأن شيئًا لم يحدث، لا أحد يسأل عن تقاريرهم، ولا عن غيابهم، ولا حتى عن سبب وجوده.م
في نهاية المطاف، قد يكون الموكانيفيون آخر من يمثل المواطن… لكنهم بالتأكيد أول من يمثلون الغياب.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الموكانيفية.. نظرية سياسية من صنع الناظور والدرويش
الموكانيفية.. نظرية سياسية من صنع الناظور والدرويش

ناظور سيتي

timeمنذ 8 ساعات

  • ناظور سيتي

الموكانيفية.. نظرية سياسية من صنع الناظور والدرويش

بقلم: رمسيس بولعيون هناك نظريات تُدرّس في أعتى الجامعات، الماركسية تُفكّك الصراع الطبقي، والمكيافيلية تُحلل دهاء السلطة… ثم هناك 'الموكانيفية'، وهي نظرية محلية الصنع، لا تحتاج إلى كتب أو مراجع، بل فقط إلى صناديق اقتراع، ومقاعد في المجالس، وبادج برلماني يتيم يلمع من خلف زجاج السيارة. الموكانيفية نسبةٌ إلى الأخوين موكانفيوش، وهما كائنان انتخابيان نادران، لا يظهران إلا في زمن الحملات، مثل الفطر الذي ينبت بعد أول مطرة. تشارك هذه الكائنات في الانتخابات الجماعية والجهوية بجدّية تشبه تلك التي يشارك بها طلاب السنة الأولى في ندوة حول الجاذبية، الحضور لأخذ الصورة فقط. يختفي الموكانيفيون أربع سنوات كاملة في سبات عميق، لا يحضرون الدورات، لا يطرحون الأسئلة، ولا يشاركون في النقاشات، لأن ذلك قد يُحدث احتكاكًا غير ضروري مع الفكرة الأساسية للموكانيفية، الصمت الانتخابي الممتد. الشيء الوحيد الثابت في سلوكهم السياسي هو تعليق البادج البرلماني في السيارة، ويُقال ولا تأخذوا كلامي على محمل الجد إنهم لا يقودون السيارة بدون البدج، ليس حبًا في الامتياز، بل حتى تتعرف عليهم إشارات المرور ويُفسح لهم المجال إلى المستقبل، حيث كرسي المستشارين ينتظر بفارغ الصبر. 'السياسة عند الموكانيفيون ليست مهنة، بل إجازة مفتوحة الأمد تُدفع لها أجور وتعويضات.' الموكانيفية ليست فكرة، إنها عقيدة. عقيدة تؤمن بأنك لستَ مضطرًا لفعل أي شيء على الإطلاق طوال خمس سنوات. فقط احضر يوم الحفل، تبسّم، التقط صورة مع رجل سلطة، ثم عد إلى الظل، حيث الدفء وراحة البال وهدوء المخصّصات. 'الموكانيفيون لا يترشحون.. الموكانيفي يُستدعى.' ما الذي يميز الموكانيفيون عن غيرهم من الأنواع السياسية؟ ببساطة، خطة زيرو لزيرو… زيرو تفاعل، زيرو تواصل، زيرو موقف، زيرو حساسية… وأحيانًا زيرو عنوان سكني واضح… لا يجادلون، لا يعارضون، لا يؤيدون، صورهم غائبة عن الملتقيات الحزبية، لا يظهرون في التأبينات، ولا في الوقفات، ولا حتى في صور السيلفي الجماعية… الاستثناء الوحيد؟ المناسبات الوطنية الرسمية التي تنظمها وزارة الداخلية، او في افتتاح البرلمان، هنا فقط، يخرج الموكانفيون من جحرهم، يرتدون بذلة من الطراز القديم، يلوّحون بيدهم اليمنى للكاميرا، ثم يعودون سريعًا إلى قوقعتهم حتى إشعار انتخابي آخر. أما عن الانتماء الحزبي؟ الموكانيفيون كائنات متحوّلة، يتلوّنون حسب الحاجة. بالأمس كان احدهم في حزب الحمامة، اليوم في حزب التراكتور، ومرة في الوردة واخرى مع الديك، وغدًا قد نراه يترشح باسم جمعية محبي القطط، ما دام ذلك يضمن له مقعدًا ناعمًا وبادجا يلمع على زجاج السيارة. 'الحزب عند الموكانيفي مجرد ملصق يمكن تغييره بالفوتوشوب بين ليلة وضحاها.' هكذا هي الموكانيفية، نظرية الصعود بدون أثر، الحضور بدون تأثير، والغياب بدون سؤال. إنها ليست فقط سلوكًا سياسيًا، بل فلسفة عيش… فلسفة الجلوس الطويل دون أن تُقلق أحدًا، أو تتورّط في موقف، أو تتلفظ بجملة قد تُحتسب عليك يومًا ما. ثم يأتي اليوم الكبير، يوم العودة بعد الغياب، لا يحملون حقائب ولا ملفات، فقط ورقة صغيرة، تشبه تلك التي يمنحها المدير لتلميذ تغيّب عن الدراسة. 'كان لهم ورقة دخول… تلك التي تمنحها المدارس بعد الغياب، إلا أنها تُمنح لهم لدخول مجلس المستشارين، رغم غياب السنين.' ويجلس الموكانيفيون بهدوء، في مكانهم المخصص، وكأن شيئًا لم يحدث، لا أحد يسأل عن تقاريرهم، ولا عن غيابهم، ولا حتى عن سبب وجوده.م في نهاية المطاف، قد يكون الموكانيفيون آخر من يمثل المواطن… لكنهم بالتأكيد أول من يمثلون الغياب.

رمسيس بولعيون يكتب.. المحقق شورطان.. قصة مواجهة العري الإداري في العروي
رمسيس بولعيون يكتب.. المحقق شورطان.. قصة مواجهة العري الإداري في العروي

ناظور سيتي

timeمنذ 3 أيام

  • ناظور سيتي

رمسيس بولعيون يكتب.. المحقق شورطان.. قصة مواجهة العري الإداري في العروي

المزيد من الأخبار رمسيس بولعيون يكتب.. المحقق شورطان.. قصة مواجهة العري الإداري في العروي بقلم : رمسيس بولعيون في مدينة العروي الوادعة، حيث لا شيء يحدث على الإطلاق، وحيث التنمية تلبس بيجاما وتغطّ في نوم عميق، خرج القرار البلدي الأهم منذ معركة رعاهد وعاروي ممنوع الدخول إلى مقر الجماعة بالشورط. هكذا، دون سابق إنذار، ودون دراسة للجدوى أو حالة الطقس، تم إعلان الحرب على الكائن القماشي القصير، لم تُعلن ضد النفايات أو فوضى البناء أو اختلالات التعمير، بل ضد ما سُمّي بـ'اللباس غير اللائق'، مع تشديد خاص على العدو الأول الشورط. وهنا… تدخل الأسطورة. تشقّ الأرض شخصية خارقة، لا علاقة لها بجدول أعمال المجلس، ولا بأوراش الإصلاح، بل بمهام أخلاقية عظيمة. المحقق شورطان. النسخة البلدية من المحقق كونان. طفل صغير، بجسم قاصر وذكاء خارق، يختبئ خلف أعمدة الإدارة، يقيس السراويل بالرؤية المجهرية، ويطلق صفارته حين تلوح ركبة في الأفق. الركبة المكشوفة… خيانة موصوفة. منذ دخوله على الخط، تغيّرت لغة التدبير الجماعي. لم نعد نتحدث عن الرقمنة أو تحسين الخدمات أو تخليق المرفق العمومي. صار كل شيء يُقاس بمدى قُرب أو بُعد السروال من الأرض. أصبح من الضروري، وفقًا للقرار الجديد، ارتداء ملابس 'تليق بمقام الجدران المتقشرة'، و'تنسجم مع البلاط المهترئ'، و'تحترم الحشمة وسط طوابير الانتظار وصراخ الموظفين'. لكن هنا تبرز إحدى الأسئلة الجوهرية التي لم يجرؤ أحد على طرحها: ما هو المقصود باللباس المحتشم؟ هل 'السراويل المزيرة على الأرداف' أكثر احترامًا من الشورط؟ أم أن الحشمة تُقاس بطول القماش لا بمكانه؟ هل يُعتبر لباسٌ يُظهر نصف الجسم السفلي أكثر تقليدية من الذي يترك الساقين مكشوفتين؟ هل من المقبول أن يتباهى الشاب بخصره المترف في قماشٍ ضيق، بينما يُنظر بازدراء إلى من يرتدي الشورت في حر الصيف؟ هنا تكمن العبثية… وكأن الحشمة لا تعني احترام الذات بقدر ما تعني احترام المكان، المكان الذي يتعامل مع المواطنين كأجسام تحتاج إلى التغطية، بدلاً من أن تُعامل كعقول تحتاج إلى التنوير. صباحًا، يدخل المرتفقون وقد طووا سراويلهم حياءً وخوفًا. يهمس أحدهم للآخر، هل أبدو محتشمًا؟ يردّ الآخر وهو يربط الحزام بحذر، لا تقلق، سمعت أن شورطان في عطلة اليوم. ولأن الجماعة تؤمن بمأسسة النجاح، فقد بدأت التخطيط لتأسيس فرقة خاصة تُدعى: 'الشرطة الأخلاقية الجماعية'. مهمتها تجوب الإدارات، ومعها شريط قياس، تُحرر المخالفات لكل من لم يبلغ مستوى الحشمة القانوني، وتصادر الشورطات في حملات تمشيطية. قد يُمنع المواطن من الدخول بسبب 3 سنتيمترات من النقص في قماش البنطال، بينما يسمح للفساد بأن يتجول بحرية داخل المكاتب. وربما نسمع قريبًا شعار الجماعة الجديد: 'تنمية غير متوفرة… لكن عندنا سروال محترم!' لم يسأل أحد عن كفاءة المرفق، ولا عن تراكم الطلبات، ولا عن الشفافية أو جودة الاستقبال. كل هذا مجرد تفاصيل. المهم أننا حققنا انتصارًا بلديًا على العري الإداري. صحيح أننا لا نملك ملعبًا للشباب، ولا متنفسًا عامًا، ولا مركبًا ثقافيًا، لكننا نملك شجاعة اتخاذ القرار في وجه الشورط… ونرفع رؤوسنا بكل فخر لنقول: نحن الجماعة التي انتصرت على الشورط! نحن من أعاد للركبة هيبتها! نحن… من استدعينا المحقق كونان لمحاربة العري الإداري! أما ساكنة المدينة، فعليها أن تتأقلم. المواطن الذي لا يجد الرصيف، ويقف ساعات في الطابور، ويغادر في كثير من الأحيان دون قضاء غرضه… كل ذلك مقبول. لكن أن يرتدي سروالًا خفيفًا في عز الصيف؟ فهذا خرق سافر يستدعي الردع الفوري، من جماعة العروي، حيث تُخاض المعارك الكبرى ضد القماش القصير، نُحييكم، ونخبركم بكل مسؤولية: لقد دخلنا عهدًا جديدًا… عهد الشورطان. وفي النهاية، لا حرية فردية، ولا جماعية. في جماعة العروي، الحشمة هي قناعة ذاتية تُفرض بالقانون. وكل من يظن أن 'الشورط' يمثل حقًا شخصيًا… عليه أن يبحث عن حقه في مكان آخر.

بني ملال: حزب 'البام' ينظم ندوة وطنية في موضوع 'الجهوية المتقدمة واقع وآفاق'
بني ملال: حزب 'البام' ينظم ندوة وطنية في موضوع 'الجهوية المتقدمة واقع وآفاق'

الألباب

time١٤-٠٦-٢٠٢٥

  • الألباب

بني ملال: حزب 'البام' ينظم ندوة وطنية في موضوع 'الجهوية المتقدمة واقع وآفاق'

الألباب المغربية/ خديجة بوشخار – زينب الدياني نظمت لجنة السياسات العمومية بالمجلس الوطني لحزب الأصالة والمعاصرة، وبتنسيق مع المجلس الجهوي للحزب بجهة بني ملال خنيفرة، صباح اليوم السبت 14 يونيو الجاري بقاعة الحفلات داي بمدينة بني ملال، ندوة وطنية حول موضوع 'الجهوية المتقدمة واقع وآفاق'. علاقة بالموضوع، تم تنظيم هذه الندوة في إطار المجهودات التي يبذلها حزب 'التراكتور' من أجل تعزيز التفكير السياسي والتنموي على المستوى الوطني، خصوصا فيما يتعلق بالجهوية المتقدمة، بحيث تركزت المناقشات على واقع الجهوية المتقدمة، فضلا عن تحدياتها واستشراق آفاقها المستقبلية. وفي هذا الصدد، وخلال هذه الندوة تمت مناقشة محاور مهمة تتعلق بالجهوية المتقدمة نخص بالذكر، النهج التعاقدي باعتباره آلية لتحقيق الانتقالية والتنمية المندمجة، بالإضافة إلى مناقشة التحديات والمكاسب المحققة في إطار هاته الجهوية. واختتمت الندوة سالف الذكر، بتوصيات ومقترحات هادفة من أجل تعزيز الجهوية المتقدمة وتحقيق التنمية المستدامة على مستوى جهة بني ملال خنيفرة، والتي ستكون مرجعا هاما لمختلف الفاعلين السياسيين في الجهة المذكورة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store