
شيخة الجابري تكتب: الحياة المكشوفة مُرهقة
أذكرهم وهم يحملون أدوات الزراعة، منهم من «يغدّف الحابول» على كتفه، ومنهم من يحمل «الخصّين»، ومنهم من يحمل «لِخصافه والمخاريف»، وغيرهم يحملون «الجت ولمسيبلو، والحشائش وما يلتقطون من عطايا النخل والهمبا»، يسيرون على أقدامهم، يقطعون المسافات الطويلة إلى ضواحيهم وأعمالهم لم يشتكوا من شيء، ولم يحملوا معهم أجهزة قياس الضغط والسكر ومراقبة نبضات القلب والكوليسترول، وغير ذلك من أمراض الزمن الجديد.
وأذكُرهن وهن يتمايلن من فلجٍ إلى فلج يحملنَ قِرب الماء وجِرارها، بعضهن يحملن «وقْور الحطب» ويتبعن الحلال من سيحٍ إلى سيح، الصحراء أمامهن ممتدة لا حد لها ولا مدى، تحملهن أحلامهن الصغيرة بالتقاط عشبة من هنا، وقطعة حطب من هناك، حياتهن يملؤها العمل، من ساعات الفجر وإلى ما بعد العشاء حيث يركنُ الجميع للهدوء، فلا سهر ولا هواتف ولا ضجيج، خلا قهقهات الصغيرات وهن يستمعن إلى حكايات الجدات وخراريفهن، لم يعرفن الأجهزة الحديثة التي تحمل الرعب الرقابي معها أينما اتجهن.
لم تكن حياتهم مكشوفة، بل هي حياة محشومة بكل ما تحمل من تفاصيل، فالجار يحترم جاره ويحنو عليه وصلاً، ومحبةً، ومشاركةً، وتسامحاً وتعايشاً جميلاً، لم تعرفه المجتمعات المتقدمة عنّا، حياتهم التي غابت أغلب تفاصيلها لا تُشبه حياتنا في هذا الزمان بكل ما تحمل من تناقضات ومستجدات ومتغيرات تسبقُ الساعة في ركضها نحو كل جديد يجعل الإنسان مكشوفاً بشكل مزعج ومخيف.
نحملُ في أيادينا هواتف من مختلف الماركات، هي ليست مصابيح هداية، وإنما أدوات غواية تسير بك نحو ما لا تريد، تذهب لمراجعة بريدك الإلكتروني، نعم أصبح إلكترونياً، لا توجد مظاريف وطوابع ورائحة ورق، إنما هي شاشات تقرأ ما فيها وانقضى الأمر، تظهر لك وأنت تتصفحها إعلانات لقياس ضغط الدم، ونسبة السكر في الدم، كما أنها تقترب منك كثيراً لتُقيس ضربات قلبك. إلى هذا الحد نحن مكشوفون أمام هذه الأجهزة الصغيرة التي لم يعرفها أبي وجدي، غفر الله لهما، ولا أظن أن أجدادكم عرفوها كذلك.
الحياة المكشوفة مُرهقة جداً، على مدار الساعة تجعلك على قلق، مواقع تحاصر حتى خطواتك كم قضيت من الوقت دون أن تتحرك من مكانك، كم ساعة مضت ولم تشرب الماء، كيف لك أن تنام قبل أن تقيس مستوى السكر في دمك بضغطة زرٍ على هاتفك، خوف عليك وقلق غريب يحاصرك طوال اليوم، بل كلّ العمر، حياتهم القديمة لم تكن كذلك، كانت أجمل، وأبهى، وأكثر هدوءاً وسكينة، لأنها بعيدة عن كل الضغوطات التي تمارسها علينا الحياة الجديدة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الزمان
منذ 25 دقائق
- الزمان
وزيرة التنمية المحلية تهنئ الرئيس السيسي بذكرى ثورة 30 يونيو المجيدة
تقدّمت الدكتورة منال عوض وزيرة التنمية المحلية، بأصدق التهاني وأطيب التمنيات إلى فخامة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية، بمناسبة احتفال مصرنا الغالية بذكرى ثورة 30 يونيو المجيدة. وقالت وزيرة التنمية المحلية في نص البرقية: نثمن بكل فخر واعزاز الدور الوطني الذي قام به أبناء القوات المسلحة والشرطة البواسل في حماية الجبهة الداخلية للوطن وتدعيم وتأييد الإرادة الحرة لشعب مصر العظيم .. فحققوا نصراً تاريخياً لمصر وشعبها العظيم . واختتمت الدكتورة منال عوض تهنئتها بالدعاء إلى الله العلي القدير أن يعيد هذه المناسبة على فخامتكم بمزيد من التقدم والنجاح وأن يحفظ مصر وشعبها العظيم وأبناء القوات المسلحة و الشرطة البواسل ويحقق آمالها فى الأمن والسلام والتنمية بجهود فخامتكم وجهود رجالها المخلصين …وكل عام وفخامتكم وشعب مصر بخير وسلام.


مجلة رواد الأعمال
منذ 25 دقائق
- مجلة رواد الأعمال
توقيع اتفاقية تعاون بين 'رئاسة الحرمين' و'هدية الحاج والمعتمر' لتعزيز خدمات القاصدين
أيضا تستهدف الاتفاقية تنفيذ مبادرات مشتركة. ما يسهم في إثراء تجربة الحجاج والمعتمرين دينيًا وثقافيًا. كما تشمل مجالات التعاون تقديم البرامج العلمية والإرشادية. بالإضافة إلى تنظيم الفعاليات والمعارض. وتوفير خدمات الضيافة والترجمة. والتطوير المهني للكوادر. فضلا عن الدعم التقني والاستشاري. وتوثيق المبادرات وقياس أثرها الإعلامي. نبذة عن رئاسة الحرمين تم إنشاء رئاسة الحرمين أو الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي عام 1397هـ بموجب المرسوم الملكي رقم أ/265 وتاريخ 6/11/1397هـ. وعلى إثره أنشئت وكالة الرئاسة العامة لشؤون المسجد النبوي؛ لتولي جميع شؤون المسجد النبوي الدينية والخدمية والعمل على توفير جميع الإمكانات لراحة زوار مسجد المصطفى 'صلى الله عليه وسلم'. وتتمثل رسالة رئاسة الحرمين في تمكين القاصدين من أداء العبادة والمناسك على بصيرة في بيئة آمنة طاهرة مثرية، وتحقيق رسالة الحرمين الشريفين العلمية والدعوية، مرتكزين على أُسس مهنية واحترافية وكفاءات بشرية مؤهلة وتقنيات متجددة وشراكات فاعلة. وتتولى الرئاسة الإشراف على الإدارات المتعلقة بالحرمين الشريفين في مكة المكرمة والمدينة المنورة، ومقرها الرئيسي في مكة المكرمة، وبالمسجد الحرام توجد الإدارات الدينية والفنية والخدمية والإدارية. كما توجد بمكة المكرمة إدارات أخرى تتبع الرئاسة هي معهد الحرم المكي. ومكتبة الحرم المكي الشريف. ومجمع الملك عبد العزيز لكسوة الكعبة المشرفة. بالإضافة إلى معرض عمارة الحرمين الشريفين. وفي المدينة المنورة توجد وكالة الرئاسة لشؤون المسجد النبوي والإدارات الدينية والفنية والخدمية والإدارية المرتبطة بالمسجد النبوي ومكتبة المسجد النبوي الشريف، وفرع معهد الحرم المكي بالمدينة المنورة.


صدى البلد
منذ 26 دقائق
- صدى البلد
مرصد الأزهر : ثورة 30 يونيو إرادة شعب صنعت تاريخا
أكد مرصد الأزهر لمكافحة التطرف في الذكرى الثانية عشرة لثورة 30 يونيو المجيدة، أن هذه الثورة كانت تجسيدًا حيًّا لإرادة الشعب المصري الواعية، ورفضه القاطع لمحاولات اختطاف الوطن من قِبَل قوى تسعى لتنفيذ أجندات ضيقة تتنافى مع المصلحة الوطنية. وتابع المرصد أن ثورة 30 يونيو شكلت نقطة تحول فاصلة في تاريخ مصر الحديث، حيث عبّر المصريون عن وعيهم وحرصهم على الحفاظ على هوية الدولة الوطنية، واستعادة المسار الصحيح نحو البناء والاستقرار. وفي هذه المناسبة الوطنية، يُشدد مرصد الأزهر على أهمية تعزيز روح التلاحم والاصطفاف خلف القيادة الرشيدة، والقوات المسلحة الباسلة، ومؤسسات الدولة كافة، لضمان حماية الوطن وصون مكتسباته. ويؤكد المرصد أن مصر لا تزال تواجه تحديات جسيمة، في مقدمتها محاولات بث الفكر المتطرف واستهداف عقول الشباب، وهو ما يتطلب تضافر الجهود الوطنية المخلصة لتحصين المجتمع، وخاصة الأجيال الناشئة، من تلك الأفكار الهدامة. كما يجدد مرصد الأزهر التزامه الراسخ بمواجهة الفكر المتطرف، والعمل على نشر الوعي، وترسيخ مفاهيم الانتماء والولاء للوطن، سائلين الله أن يحفظ مصر وشعبها من كل سوء. وفي سياق آخر حذر مرصد الأزهر لمكافحة التطرف من تصاعد التحركات والدعوات داخل الأوساط السياسية والدينية الصهيونية التي تستهدف المسجد الأقصى المبارك، وعلى رأسها ما يُعرف بخطة بناء الهيكل الثالث، وفرض السيادة الكاملة على الحرم القدسي. أشار المرصد إلى تقرير نشره موقع القناة السابعة العبرية تضمّن دعوة صريحة للحاخام المتطرف حبرون شيلو لتسريع بناء الهيكل، منتقدًا ما وصفه بـ"تقاعس اليهود" عن أداء واجبهم الديني المزعوم، ومُدعيًا امتلاكهم "ميراثًا أبديًا" في أرض فلسطين. وأوضح التقرير أن هذه الدعوات تستند إلى فتاوى دينية تبيح اقتحام الأقصى، وتحث على تكثيفها بمشاركة طلاب المدارس الدينية ومسؤولين رسميين، إلى جانب وجود انقسام داخلي بين من يرى وجوب السعي البشري لإقامة الهيكل، ومن يعتقد بضرورة انتظار تدخل إلهي. وعرض التقرير الصهيوني رؤية مستقبلية خطيرة تشمل مراحل السيطرة على الأقصى، تبدأ بإحكام السيطرة الأمنية من قبل شرطة الاحتلال، وتهميش دور الأوقاف الإسلامية، وتشجيع أداء الطقوس التلمودية، وصولًا إلى تقسيم الحرم وبناء الهيكل في جزء منه، مع تحضير الأجواء السياسية والدولية لقبول هذه الخطوة.