
عرض أكبر صخرة مريخية على الأرض للبيع بـ 4 ملايين دولار
الصخرة الفضائية، التي تحمل الاسم الرسمي NWA-16788، تزن نحو 24.67 كيلوجرامًا، ما يجعلها أكبر بنسبة 70٪ من النيزك المريخي السابق المسجل باسم Taoudenni 002، الذي وُجد في مالي عام 2021 وبلغ وزنه 14.51 كيلوجرامًا.
وجرى اكتشاف الصخرة في نوفمبر 2023، من قِبل أحد صيادي النيازك في منطقة «أغاديز» النائية بالنيجر، وهي منطقة معروفة أكثر بعظام الديناصورات منها بالصخور القادمة من الكواكب الأخرى. وأكد متحف شانغهاي للفلك أن العينة تعود لكوكب المريخ، بعد فحص مكوناتها الجيولوجية.
وتوضح «سوذبيز» في بيانها أن النيزك حافظ على حالته الجيولوجية بشكل شبه كامل، مع تغيّرات طفيفة للغاية نتيجة الظروف الأرضية، ما يشير إلى أنه حديث السقوط نسبيًا ولم يتعرض لعوامل التآكل لفترة طويلة.
وتُظهر تحاليل التركيب أن الصخرة تشكّلت من تبريد بطيء للحمم البركانية المريخية، وتتكون من معادن بارزة مثل البيروكسين، والأوليفين، والزجاج البركاني المعروف بـ«ماسكيلاينايت»، كما تحمل آثارًا لانصهارات ناتجة عن اصطدام عنيف، يُرجّح أنه دفعها إلى مغادرة كوكب المريخ في رحلة امتدت ملايين السنين حتى وصلت الأرض.
ورغم الحماس المرتبط بهذا الاكتشاف، فإن الجدل لا يزال قائمًا بشأن ما إذا كان ينبغي بيع مثل هذه العينات النادرة في المزادات التجارية، أم أن مكانها الطبيعي هو المتاحف والمراكز البحثية. وفي هذا السياق، قال عالم الحفريات ستيف بروسيت من جامعة إدنبرة: "سيكون من المؤسف أن ينتهي الأمر بهذه الصخرة في خزنة أحد الأثرياء... مكانها الحقيقي هو متحف، حيث يمكن للجمهور والباحثين الاستفادة منها".
لكن على الجانب الآخر، ترى عالمة الكواكب جوليا كارترايت من جامعة ليستر أن الاهتمام العلمي سيستمر حتى لو بيعت الصخرة، مشيرة إلى أن بعض جامعي التحف قد يكونون متحمسين للتعاون العلمي، مما يعني أن فرصة دراستها لا تزال قائمة.
وسيبدأ المزاد على نيزك NWA-16788 في 16 يوليو/ تموز 2025، عند الساعة 14:00 بتوقيت غرينتش. وإذا بيع بالمبلغ المتوقع، فسيصبح بذلك أغلى نيزك مريخي يُباع في التاريخ.
aXA6IDIzLjk0LjIzOC4xMzgg
جزيرة ام اند امز
US
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البوابة
منذ ساعة واحدة
- البوابة
حين تفكر الآلة ويتشكل المستقبل.. مصر تضع الذكاء الاصطناعى فى قلب استراتيجيتها التنموية
قبل عقدين من الزمان، لم يكن مصطلح «الذكاء الاصطناعي» يتجاوز حدود الخيال العلمي أو يظهر إلا في مشاهد سينمائية تتخيل عوالم تسيطر عليها الروبوتات والآلات الناطقة، بل كان مجرد تصور أن تحاكي الخوارزميات عقل الإنسان أمرًا مثيرًا للسخرية أو الدهشة. لكن العالم تغيّر، وتحوّلت تلك التخيلات إلى وقائع ملموسة تلعب اليوم دورًا محوريًا في إدارة الاقتصادات، وصياغة السياسات، وتوجيه حركة الابتكار، بل والتحكم في مصائر الشعوب. لم يعد الذكاء الاصطناعي تكنولوجيا على الهامش، بل أصبح أداة مركزية لإعادة تشكيل قواعد اللعبة عالميًا، ووفقًا لتقارير مؤسسة «ماكينزي»، فإن هذه التكنولوجيا قادرة على أن تضيف ما يصل إلى 13 تريليون دولار للاقتصاد العالمي بحلول عام 2030، وهو رقم يوازي الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة. هذا التحول جعل من امتلاك أدوات الذكاء الاصطناعي قضية سيادة وطنية، ومقياسًا لمكانة الدول في النظام العالمي الجديد. في قلب استراتيجية مصر التنموية إدراكًا لهذه المعادلة، بدأت مصر منذ سنوات في صياغة رؤيتها الخاصة نحو المستقبل الرقمي، واضعة الذكاء الاصطناعي في قلب استراتيجيتها الوطنية للتحول الرقمي والتنمية المستدامة. وكان إطلاق الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي في مايو 2021 محطة فاصلة في هذا المسار، حيث استهدفت المرحلة الأولى منها بناء القدرات البشرية وتطوير البنية التحتية الرقمية، مع التركيز على قطاعات حيوية مثل الصحة والتعليم والزراعة. ومع انتقال الدولة إلى المرحلة التالية من هذه الاستراتيجية خلال الفترة من 2025 حتى 2030، تتسع الرؤية لتشمل توطين التكنولوجيا، وتحفيز البحث العلمي، وتطوير البيئة التشريعية، بما يتيح لمصر أن تتحول من مستهلك للتقنيات الذكية إلى منتج ومصدر لها. تبني أخلاقيات الذكاء الاصطناعي كأولوية سياسية وفي خطوة تعكس إدراكًا مبكرًا للتحديات الأخلاقية المرتبطة باستخدام الذكاء الاصطناعي، أعلنت مصر في نوفمبر 2021، ضمن 193 دولة، تصديقها على الوثيقة العالمية لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي التي أصدرتها منظمة اليونسكو. هذه الوثيقة تمثل أول محاولة دولية لضبط مسارات هذه التكنولوجيا من منظور إنساني، وتدعو إلى احترام الخصوصية، ومكافحة التحيز، وضمان العدالة الرقمية. وقد تبنت مصر هذه الوثيقة كإطار مرجعي لصياغة سياساتها المحلية في هذا المجال. المجلس الوطني للذكاء الاصطناعي العقل المنظم للمرحلة المقبلة لتنفيذ هذه الرؤية، أسست الدولة المجلس الوطني للذكاء الاصطناعي، الذي يضم في عضويته وزارات متعددة وممثلين عن القطاع الخاص والمجتمع المدني. يضطلع هذا المجلس بتنسيق الجهود بين الجهات المعنية، وتوجيه الاستثمار في التقنيات الذكية، وقياس أثر السياسات على أرض الواقع، ليكون بمثابة العقل المركزي المنظم لمنظومة الذكاء الاصطناعي الوطنية. مصر على خريطة الذكاء الاصطناعي الدولية لم تتوقف مصر عند السياسات، بل سعت لترسيخ حضورها على الخريطة الدولية. فقد أعلن الدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، خلال مشاركته في قمة باريس للذكاء الاصطناعي في فبراير 2025، أن مصر قطعت شوطًا مهمًا نحو التحول إلى مركز إقليمي في هذا المجال. وتم إنشاء مركز تميز للذكاء الاصطناعي بالعاصمة الإدارية، كما تم دمج مناهج الذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات في أكثر من خمس عشرة جامعة، إلى جانب تدريب ما يزيد على 120 ألف شاب على المهارات الرقمية في غضون أربع سنوات، بالشراكة مع شركات عالمية مثل مايكروسوفت، هواوي، وIBM. كما شارك الوزير في فعالية إطلاق "مركز الذكاء الاصطناعي للتنمية المستدامة" الذي يأتي ضمن مبادرة الرئاسة الإيطالية لمجموعة الدول السبع «G7» لعام 2024، وذلك بمقر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي «UNDP» في العاصمة الإيطالية روما. ويأتي إطلاق المركز بشراكة وثيقة بين إيطاليا وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي، ويستهدف تسريع وتيرة التحول الرقمي في القارة الأفريقية وتسريع التنمية الصناعية المعتمدة على الذكاء الاصطناعي، تماشيًا مع استراتيجية الاتحاد الأفريقي. وقد تم اختيار 14 دولة أفريقية لبدء التعاون معها، من بينها مصر. تتمثل أهداف المركز في تحقيق زيادة كبيرة في إمكانية الوصول إلى الحوسبة لمبتكري الذكاء الاصطناعي في أفريقيا، وعلي رأسها مصر وتطوير بنية تحتية مستدامة في البلدان ذات الأولوية، بالإضافة إلى إنشاء شراكات بين المشاريع الأفريقية والشركات الإيطالية من مجموعة السبع، وتطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي لمعالجة تحديات التنمية، فضلًا عن نمو تدفق الاستثمار إلى منظومة الذكاء الاصطناعي الأفريقية. الاستراتيجية المصرية تدخل طور التنفيذ العملي أكد الدكتور عمرو طلعت وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات أن النسخة الثانية من الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي تتضمن عدة محاور، تستهدف بناء القدرات الرقمية، وحوكمة استخدام الذكاء الاصطناعي، وتشجيع الابتكار والبحث والتطوير، وتعزيز التعاون الدولي في هذا المجال. وأضاف أن هذه السياسات تجلت آثارها في تطبيقات عملية تبنتها عدد من الوزارات، أبرزها وزارة التموين التي بدأت استخدام أنظمة تحليل ذكي لبيانات الدعم لضمان عدالته، ووزارة الصحة التي اعتمدت على نماذج تنبؤية لرصد مؤشرات تفشي الأمراض المزمنة، ووزارة التعليم التي استخدمت أدوات تصحيح وتحليل أداء الطلاب بالذكاء الاصطناعي. أما منصة «مصر الرقمية»، التي تضم أكثر من 200 خدمة حكومية، فتمثل مثالًا حيًا على توظيف هذه التكنولوجيا في تحسين جودة الخدمات العامة، وتسريع وتيرتها، وتقليل الفاقد البشري والزمني. تحفيز بيئة ريادة الأعمال والشباب أشار الوزير إلى أنه على صعيد الابتكار، شهدت مصر طفرة لافتة في عدد الشركات الناشئة العاملة في الذكاء الاصطناعي، والتي ارتفعت من 14 شركة فقط في عام 2020 إلى أكثر من 90 شركة في عام 2024، تعمل غالبيتها في مجالات مثل الرؤية الحاسوبية، وتشخيص الأمراض، وتحليل النصوص، والأمن السيبراني. وتقدّر تقارير دولية حجم الاستثمار العام والخاص في هذا القطاع في مصر بأكثر من 1.5 مليار جنيه خلال عام 2023 فقط. وقد بدأت بعض المبادرات بالفعل في تهيئة بيئة الابتكار، حيث تم إطلاق حاضنات أعمال متخصصة مثل «فلك» و«فيوجن»، إلى جانب تنظيم مسابقات سنوية لأفضل تطبيقات الذكاء الاصطناعي، وتوفير تمويل ميسر للمشروعات الناشئة، فيما تتولى هيئة «إيتيدا» تنسيق الجهود بين الجامعات والشركات ودعم فرق البحث. تعزيز التعاون الإقليمي في الذكاء الاصطناعي إقليميًا، تسعى مصر إلى تعزيز التعاون العربي والأفريقي في هذا المجال، وقد أسهمت في تأسيس الشبكة العربية للذكاء الاصطناعي تحت مظلة جامعة الدول العربية، كما اقترحت إنشاء بوابة بيانات عربية موحدة، ووقّعت اتفاقيات تعاون مع عدد من الدول الشقيقة، من بينها الإمارات وتونس والسعودية، بهدف تبادل الخبرات وتوحيد الأطر التنظيمية. البيئة القانونية والمجتمعية شرط لنجاح الأستراتيجية يرى عدد من الخبراء أن نجاح التحول الرقمي لا يتوقف على التكنولوجيا فقط، بل يعتمد أيضًا على البيئة المجتمعية والقانونية، وأكد الدكتور محمد عزام، خبير تكنولوجيا المعلومات والمدير التنفيذي للشعبة العامة للاقتصاد الرقمي، أن المستقبل للتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، وأضاف أن الاستراتيجية الوطنية تمثل فرصة لتوظيف التقنيات في مواجهة التحديات المجتمعية، مع إطلاق المزيد من البرامج التدريبية، وتوفير بنية تحتية حوسبية للجهات الحكومية والخاصة والشركات الناشئة. وأوضح أن مصر من أوائل الدول التي أكدت على أهمية مسئولية الذكاء الاصطناعي، وضرورة وضع ضوابط حاكمة له، مشددًا على أهمية الاستخدام المسئول. الوعي المجتمعي ضرورة للتحول الحقيقي من جانبه، يرى الدكتور هاني سليمان، أستاذ نظم المعلومات بجامعة القاهرة، أن التحدي الأكبر يتمثل في قدرة المجتمع على تقبل هذا التغيير، ويدعو إلى إطلاق استراتيجية وطنية للتوعية المجتمعية، تشارك فيها وسائل الإعلام والمؤسسات الدينية والثقافية، لردم الفجوة بين المواطن العادي وهذه التكنولوجيا الصاعدة.


البوابة
منذ 3 ساعات
- البوابة
الذكاء الذى لا يُدرس.. هل نكتب فصلًا جديدًا أم نُغلق الكتاب؟
فى زحمة العصور التى تتعاقب كصفحات كتاب مفتوح، نمر اليوم بصفحة لا تقل أهمية عن لحظة اختراع الطباعة أو دخول الكهرباء إلى حياتنا. إنها ثورة الذكاء الاصطناعي، ثورة تعيد صياغة كل مفاهيمنا عن العمل، التعليم، والعلاقات الإنسانية. هذه الثورة تفرض علينا – لا خيار لنا – أن نعلمها فى مدارسنا، ليس كمادة إضافية تُضاف إلى جدول الحصص، بل كنواة أساسية لبناء جيل قادر على قيادة المستقبل بثقة، ووعي، ومسؤولية. فى مصر، تجسد هذا الوعى بإعلان الرئيس عبد الفتاح السيسى ضرورة دمج الذكاء الاصطناعى ضمن المناهج الدراسية، مما يؤكد أن التعليم لم يعد يحتمل التلكؤ أمام موجات التكنولوجيا المتسارعة. ولا يقتصر الحديث هنا على مجرد تحديث المناهج، بل يتعلق الأمر بثورة فى البنية التعليمية نفسها. فالذكاء الاصطناعى ليس مادة جامدة تُدرس وحسب، بل منظومة معرفية تُدمج بين العلم والتطبيق، وتتطلب تطوير مهارات متعددة: من التفكير النقدى وحل المشكلات، إلى التعاون والابتكار والتواصل الفعّال. من الضرورى أن يتحول الطالب من متلقٍ سلبى للمعلومات إلى مبتكر يخلق الحلول ويطور التكنولوجيا. تشير التقديرات العالمية إلى أن ٨٥٪ من الوظائف المستقبلية ستتطلب فهمًا متقدمًا للذكاء الاصطناعى والمهارات الرقمية، فيما سيحتاج نحو ٣٧٥ مليون عامل عالميًا إلى إعادة تأهيل خلال العقد القادم (مؤسسة ماكنزى ٢٠٢٣) وفى مصر، حيث يزيد عدد الخريجين السنوى عن ١.٥ مليون، فإن إدخال الذكاء الاصطناعى فى التعليم يواكب الحاجة الحقيقية لسوق عمل متغير سريعًا، ويقلل الفجوة بين مؤهلات الشباب ومتطلبات السوق. ولكن التحديات كبيرة، ومنها فجوة الكفاءات التعليمية، إذ تشير بيانات اليونسكو ٢٠٢٤ إلى أن ٦٠٪ من المدارس تفتقر إلى معلمين مؤهلين فى هذا المجال. هذا يتطلب برامج تدريبية متطورة، وتحفيز المعلمين على التعلّم المستمر، وربطهم بشكل مباشر بالقطاعات التكنولوجية والبحث العلمي. إلى جانب تطوير مناهج تعليمية مرنة تستوعب التطورات المتسارعة، مع بناء بنية تحتية تكنولوجية متقدمة تشتمل على مختبرات ذكية، إنترنت عالى السرعة، وبرمجيات متخصصة. أما على صعيد البعد الأخلاقي، فالذكاء الاصطناعى يفتح أبوابًا جديدة لتحديات مثل التحيز فى الخوارزميات، خصوصية البيانات، وأمان المعلومات لذلك، لا بد من إدراج قيم ومبادئ أخلاقية ضمن المناهج، تزرع فى الطلاب مسؤولية استخدام التكنولوجيا بشكل ناضج ومسؤول. التعليم هنا يتحول إلى ساحة لصياغة مبدعين فاحصى حقائق قادرين على فهم تداعيات التكنولوجيا، والتصرف بحكمة فى عالم معقد. وعلاوة على ذلك، الذكاء الاصطناعى يمثل فرصة ذهبية لتعزيز العدالة التعليمية وتقليل الفجوات بين الطلاب يمكن للتقنيات الذكية أن توفر تعليمًا مخصصًا يتناسب مع احتياجات كل طالب، مما يرفع من جودة التعليم ويرفع من فرص النجاح، خاصة فى المناطق النائية والمهمشة التى تعانى من نقص فى الموارد البشرية والبنية التحتية. ومن منظور اقتصادي، لا يخفى على أحد أن الذكاء الاصطناعى يُعد محركًا رئيسيًا للنمو الاقتصادى العالمي، حيث تشير تقارير منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OECD) ٢٠٢٣إلى إمكانية إضافة ١٥.٧ تريليون دولار للناتج المحلى الإجمالى العالمى بحلول عام ٢٠٣٠. وهذه ليست مجرد أرقام، بل فرص استثمارية ضخمة للدول التى تتبنى هذه الثورة التكنولوجية بشكل استباقي. ولتحقيق ذلك، يجب أن تكون هناك سياسات وطنية تدعم الابتكار وتوفر بيئة مناسبة لريادة الأعمال فى مجال الذكاء الاصطناعي. على صعيد آخر، يمثل تعليم الذكاء الاصطناعى تحديًا ثقافيًا واجتماعيًا، كيف يمكننا بناء جيل يمتلك مهارات رقمية متقدمة دون أن يفقد إنسانيته؟.. هذا السؤال يستدعى دمج الفكر الفلسفى والاجتماعى ضمن التعليم التكنولوجي، لتنشئة مواطنين رقميين واعين، قادرين على الموازنة بين التقنية والقيم الإنسانية، واحترام التنوع الثقافى والاجتماعي. عندما نتحدث عن دمج الذكاء الاصطناعى فى التعليم، لا بد من النظر إلى التجارب العالمية التى سبقت خطواتنا اليوم، فقد خطت دول مثل سنغافورة، فنلندا، وجنوب كوريا خطوات رائدة فى هذا المجال، مظهرة كيف يمكن لتوجه استراتيجى شامل أن يحقق طفرة تعليمية واقتصادية واجتماعية حقيقية. سنغافورة، على سبيل المثال، تعتبر من أكثر الدول تطورًا فى مجال التعليم التكنولوجي، حيث أدمجت الذكاء الاصطناعى فى مناهجها منذ المراحل الابتدائية. ركزت الحكومة السنغافورية على تطوير مهارات التفكير النقدى والإبداعى لدى الطلاب، إلى جانب المهارات التقنية، مع استثمار ضخم فى تدريب المعلمين وتجهيز الفصول الدراسية بتقنيات متقدمة. نتائج هذا التوجه كانت واضحة، إذ سجلت سنغافورة أعلى معدلات فى اختبارات التقييم العالمية (PISA) فى العلوم والرياضيات، وأصبحت موطنًا لعدد كبير من الشركات الناشئة فى مجال التكنولوجيا، مما يعكس قوة الربط بين التعليم وسوق العمل. فنلندا، التى تُعرف بنظامها التعليمى المبتكر، انتقلت من نظام تعليمى تقليدى إلى نموذج يعتمد على التعلم المخصص باستخدام الذكاء الاصطناعي. هنا، يتم استخدام أدوات ذكية لتحليل أداء الطلاب وتقديم محتوى تعليمى مصمم خصيصًا لكل طالب، ما ساهم فى رفع معدلات النجاح وتقليل الفجوات التعليمية بين المناطق المختلفة. كما ركزت المنهاج على تنمية مهارات الحياة، مثل التعاون، والتفكير النقدي، والتى تعتبر ضرورية فى عصر الذكاء الاصطناعي. أما كوريا الجنوبية، فقد استثمرت بشكل هائل فى تطوير بيئة تعليمية رقمية شاملة، مع دعم حكومى للبحث والابتكار فى مجال الذكاء الاصطناعي. أجرت تجارب تعليمية واسعة النطاق باستخدام الواقع الافتراضى والمعزز إلى جانب الذكاء الاصطناعي، مما جعل التعلم تجربة تفاعلية وغنية، عززت من مهارات الطلبة التقنية والابتكارية، وجعلت منهم مؤهلين للعمل فى صناعات متقدمة تعتمد على التكنولوجيا. لا يمكن لأى ثورة تعليمية أن تنجح بمعزل عن تضافر الجهود بين مختلف القطاعات، خصوصًا بين المؤسسات التعليمية والقطاع الخاص. فالمؤسسات التعليمية فى مصر، من مدارس وجامعات، تمتلك الدور الأساسى فى صياغة مستقبل التعليم، لكنها تواجه تحديات تتعلق بالمناهج، التدريب، والبنية التحتية. من جانب آخر، يمتلك القطاع الخاص المعرفة التقنية، التمويل، وروح الابتكار اللازمة لدفع عجلة التحول الرقمي. هنا يكمن السر فى بناء شراكات استراتيجية قوية تدفع بتعليم الذكاء الاصطناعى إلى الأمام. أولًا، يجب أن تلعب الجامعات دورًا محوريًا فى تطوير مناهج متخصصة تجمع بين الأسس العلمية والمهارات العملية للذكاء الاصطناعي. بتعاونها مع شركات التكنولوجيا الناشئة والعملاقة، يمكن للجامعات إنشاء مراكز بحثية وتدريبية تقدم برامج تعليمية متقدمة، وتوفر للطلاب فرص تدريب عملى فى بيئات تقنية حقيقية. هذا الربط بين النظرية والتطبيق يضمن تجهيز خريجين ليسوا فقط على دراية بالمفاهيم، بل قادرين على تصميم حلول تقنية تنافس عالميًا. ثانيًا، يمكن للقطاع الخاص أن يساهم بشكل مباشر فى تجهيز المدارس بالتقنيات الحديثة من خلال مبادرات المسؤولية الاجتماعية، أو شراكات استثمارية مع الدولة. شركات كبرى مثل مايكروسوفت، جوجل، وأوراكل لديها برامج تعليمية عالمية للذكاء الاصطناعى يمكن تبنيها وتكييفها محليًا. كذلك، يمكن لهذه الشركات أن تدعم تدريب المعلمين وتأهيلهم عبر ورش عمل ومشاريع تعليمية مشتركة، مما يعالج النقص الحاد فى الكوادر المؤهلة. ثالثًا، لا بد من خلق منظومة إيكولوجية تعليمية رقمية متكاملة تضم منصات تعليمية ذكية تعتمد على الذكاء الاصطناعي، تسمح للطلاب بالوصول إلى موارد تعليمية متطورة فى أى مكان وزمان. هذا يحول التعليم إلى تجربة شخصية ومتواصلة، ويخفف من ضغوط البنية التحتية التقليدية، خاصة فى المناطق النائية. رابعًا، ينبغى أن تلتزم المؤسسات الحكومية بوضع سياسات تحفيزية تشجع الابتكار والاستثمار فى التعليم الرقمي، مع ضمان وجود إطار تنظيمى يشجع على التعاون بين القطاعين العام والخاص، ويحفظ خصوصية البيانات ويضمن الاستخدام الأخلاقى للتقنيات. الأهم من ذلك كله هو بناء ثقافة تعليمية تقوم على الابتكار، التجربة، والمساءلة الأخلاقية. إن إشراك الطلاب فى مشاريع واقعية قائمة على الذكاء الاصطناعي، وتحفيزهم على التفكير النقدي، سيصنع جيلًا مبدعًا قادرًا على مواجهة تحديات المستقبل بثقة ووعي. مصر اليوم أمام فرصة ذهبية لتصبح نموذجًا رائدًا فى دمج الذكاء الاصطناعى فى التعليم، وذلك عبر تكامل جهود الجامعات، المدارس، القطاع الخاص، والحكومة. حين يتضافر هذا الثلاثي، يصبح التعليم حاضنة للابتكار، ومصدرًا لقوة اقتصادية واجتماعية حقيقية، تنقل البلاد من مرحلة التلقى إلى مرحلة الابتكار والإبداع العالمي. * مؤسسة مبادرة ثورة الذكاء الاصطناعى


العين الإخبارية
منذ 6 ساعات
- العين الإخبارية
المسيرات تدفع الجيش الأمريكي للتخلي عن مركباته الثقيلة
تم تحديثه الجمعة 2025/7/4 07:00 م بتوقيت أبوظبي في خطوة تعكس إعادة تعريف لمتطلبات ساحات القتال الحديثة، شرع الجيش الأمريكي في إلغاء برامج أسلحة كانت تعد مستقبل القتال البري، لصالح أنظمة تتماشى مع دروس الحروب المعاصرة. يأتي هذا التحول ضمن مبادرة شاملة لإعادة هيكلة الجيش بتكلفة تقدّر بـ36 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة، وهي الأضخم منذ نهاية الحرب الباردة. نهاية عصر المركبات الثقيلة بدأت ملامح هذا التحول تتضح من خلال تصريحات كبار القادة العسكريين، مثل وزير الجيش دانيال دريسكول، الذي أشار إلى أن برنامج المركبات القتالية الروبوتية، الذي أُطلق عام 2019 بهدف دمج القدرات الذاتية والتحكم عن بُعد في أنظمة القوات البرية، واجه تحديات كبيرة. كان البرنامج يطمح إلى إنتاج ثلاث فئات من المركبات: خفيفة، متوسطة، وثقيلة، إلا أن المتطلبات التقنية أدت إلى تطوير مركبات ضخمة وثقيلة ومرتفعة التكلفة، ما جعلها غير عملية في ظل التهديدات المتزايدة من الطائرات المسيّرة الصغيرة والرخيصة، كما ظهر جلياً في ساحات المعارك الحديثة مثل أوكرانيا. ومع وصول البرنامج إلى مرحلة الشراء الفعلي، أصبح واضحاً أن هذه المركبات ستكون أهدافاً سهلة للطائرات المسيّرة الانتحارية، ما أفقد البرنامج جدواه ودفع إلى اتخاذ قرار صعب بإنهائه. أما مركبة الهامفي، التي خدمت الجيش الأمريكي لأكثر من أربعة عقود، فقد اعتبرها القادة العسكريون غير مناسبة للمعارك الحديثة، خاصة مع الانتشار الواسع للطائرات المسيّرة في النزاعات الحالية. وأوضح قادة الجيش أن احتمال نجاة مركبة بعجلات في بيئة قتالية تهيمن عليها الطائرات المسيّرة أصبح منخفضاً جداً، ما دفع الجيش إلى البحث عن بدائل أكثر ملاءمة. كما ألغى الجيش أيضاً برنامج مركبات إم10 بوكر (M10 Booker) قبل دخوله مرحلة الإنتاج الكامل، رغم التكاليف الباهظة التي تجاوزت المليار دولار. وجاء هذا القرار ضمن مبادرة التحول الشامل للجيش، استجابةً للتغيرات في طبيعة الصراعات العالمية. فلسفة جديدة: الخفة والسرعة فوق الحماية في المقابل، برزت مركبة المشاة القتالية الخفيفة (ISV) كنموذج ناجح لتسليح الجيش الأمريكي. فقد دخلت الخدمة عام 2020، وجاء تطويرها نتيجة تفاعل مباشر مع الجنود، الذين أكدوا حاجتهم إلى مركبة تركز على السرعة والتنقل في جميع التضاريس أكثر من الحماية المدرعة. وأشاد القادة العسكريون بسرعة تنفيذ المشروع وفاعلية المركبة في تلبية متطلبات الجنود في الميدان، خاصة وأن وزنها لا يتجاوز 2 طن، ويمكنها نقل 9 جنود كاملين التسليح بسرعة 120 كم/ساعة، مع إمكانية إسقاطها جويًا. دوافع التحول: دروس أوكرانيا والتركيز على الصين يعكس هذا التحول في التفكير عقلية جديدة تضع الفاعلية في ساحة المعركة في المقام الأول، مع التركيز على بناء قائمة متنوعة من الحلول الهجومية والدفاعية، بحيث يتم اختيار المنصة الأنسب لكل مهمة. كما أن جزءاً كبيراً من هذا التوجه يرتبط بترشيد الإنفاق وتوجيه الميزانية نحو ما يخدم الجندي بشكل مباشر، بعيداً عن الاعتبارات التقليدية مثل مواقع الوظائف أو مصالح الشركات الخاصة. كما يشكل مبدأ "الفتك" (Lethality) المعيار الأساسي الذي يوجه قرارات وزارة الدفاع الأمريكية، حيث يتم تقييم جميع البرامج والمشاريع بناءً على قدرتها على تعزيز فعالية الجيش في هزيمة العدو. ويُعد هذا المفهوم اليوم المحدد الرئيسي لأولويات الجيش الأمريكي وسائر فروع القوات المسلحة، في ظل التحديات المتغيرة التي تفرضها ساحات القتال الحديثة. aXA6IDkyLjExMi4xNjkuMjQwIA== جزيرة ام اند امز ES