logo
ترامب وهندسة النظام العالمي.. إستراتيجية 'يالطا' الجديدة

ترامب وهندسة النظام العالمي.. إستراتيجية 'يالطا' الجديدة

بيروت نيوزمنذ 12 ساعات
سامر زريق نقلاً عن 'الجزيرة'
غداة دخوله البيت الأبيض في ولاية ثانية، أطاح الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالمفاهيم الكلاسيكية للسياسة الخارجية لبلاده، والتي ترتكز حول مفهوم حارس النظام العالمي في عصر القطب الواحد، مثل ضبط التوازنات، ونشر القيم الغربية، وخلافه.
لكن السؤال الكبير المطروح في أوساط النخب الأميركية، والغربية عمومًا، هو على الشكل التالي: بينما يعمل ترامب على هدم النسخة القديمة من السياسة الخارجية الأميركية، ماذا يريد أن يبني مكانها؟
هندسة النظام العالمي
في الواقع، تبين أفعال ترامب ومواقفه أنه يعتزم إعادة هندسة النظام العالمي، عبر توازن قوى جديد يرتكز على 3 أقطاب: أميركا وروسيا والصين.
نظرته تبتعد عن سياسة إدارة الأزمات المعقدة، وضبط التوازنات، والتخلص من الأعباء المالية المترتبة عنها، لصالح النظر إلى الصراعات بمنطق استثماري بحت، حيث تتحول مناطق الصراع إلى فرص استثمارية.
على سبيل المثال، هو يعتبر أن الشرق الأوسط يشكل منصة استثمار، تحتاج إلى من يملك جرأة تجاوز البروتوكولات الدبلوماسية القديمة، من أجل عقد صفقات ذات نتائج سريعة وبكلفة زهيدة للغاية. وبذا ترتسم ملامح السياسة الخارجية الأميركية للسنوات المقبلة على الشكل التالي: كلام أقل، أسلوب مباشر، صفقات أكثر.
يريد ترامب أن يطوي حقبة طويلة انطلقت عقب تفكك الاتحاد السوفياتي، وانسحاب الصين من الواجهة من أجل تطوير قدراتها الذاتية، ما أتاح هيمنة القطب الأميركي الأوحد على صناعة القرار العالمي، بالشراكة مع القوى الأوروبية، خصوصًا بعد تأسيس الاتحاد الأوروبي كقوة جيوسياسية- اقتصادية بارزة، وكان حلف شمال الأطلسي (الناتو) الأداة التوسعية الضاربة لهذا التوازن.
يرى الرئيس الأميركي ضرورة قلب هذا التوازن لتأسيس توازنات جديدة، تنسجم مع الوقائع الصلبة ومعادلات القوة والنفوذ، ولا سيما بعد فشل كل الجهود المبذولة لعزل روسيا أو إضعافها، رغم كل ما أنفق لذلك من موارد سياسية وعسكرية واقتصادية، وكذلك ضعف الحليف التقليدي المتمثل بالاتحاد الأوروبي وهشاشته.
'يالطا' الجديدة
في فبراير/ شباط الماضي، قال رئيس الاستخبارات البريطانية السابق، أليكس يونغر، في مقابلة على قناة 'BBC 2″، إن سياسة لي الذراع التي يتبعها ترامب تشبه مؤتمر 'يالطا'، الذي عقد عام 1945 عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية.
في ذلك المؤتمر الشهير، حدد قادة 3 دول قوية: فرانكلين روزفلت رئيس أميركا، وجوزيف ستالين الزعيم السوفياتي، وونستون تشرتشل رئيس وزراء بريطانيا، مصيرَ القارة الأوروبية، بدون أي اعتبار للدول الصغرى، وانسحب الأمر ليشمل تقريبًا العالم كله.
ويرى يونغر أن ترامب يعيد بناء النظام العالمي عبر 'يالطا' جديدة تضم أميركا وروسيا والصين.
كذلك، يقول المعلق الشهير في صحيفة 'واشنطن بوست' في مارس/ آذار الماضي، إن ترامب يتصور نظامًا يتسيده الأقوياء وتصنع فيه القوة الحق. بنظره -وحسب مفاهيمه كمطور عقاري- فإن الدول القوية هي التي تهيمن في النهاية، والقوة دائمًا على صواب.
ويبين أغناتيوس أن الرئيس الأميركي بدأ بتنفيذ هذه الرؤية بشكل سريع، من خلال التخلي عن الحلفاء القدامى، وعبر أدوات أخرى، مثل: قطع برامج المساعدات، والدعم العسكري والأمني وغيرها، مقابل الانفتاح على روسيا، حيث لا ينفك عن كيل المديح لرئيسها فلاديمير بوتين.
تأثير هذه الإستراتيجية ظهر سريعًا في أوكرانيا، مع ميل ترامب إلى الاعتراف بالسيادة الروسية على شبه جزيرة القرم، وكذلك على الأقاليم الأربعة شرقي أوكرانيا: لوغانسك، دونيتسك، زابورجيا، خيرسون، مقابل الحصول على حق استثمار الثروة المعدنية.
مناطق النفوذ
وفي الإطار عينه، أشار الكاتب البارز في صحيفة 'نيويورك تايمز'، إدوارد وونغ، أواخر مايو/ أيار الماضي، إلى تحول هائل في السياسة الخارجية الأميركية على يد ترامب، ينسف التوازنات القائمة، ويستند إلى فكرة تقاسم النفوذ الجيوسياسي بين القوى العظمى الثلاث: أميركا وروسيا والصين، بحيث تفرض كل واحدة منها نفوذها على مجالها الحيوي في الكرة الأرضية.
ويرى وونغ في هذا التصور اقتباسًا لأسلوب الحكم الإمبراطوري، الذي كان قائمًا في القرن التاسع عشر وفق مفهوم 'مناطق النفوذ'، وهو مصطلح نشأ في 'مؤتمر برلين' (1884-1885)، الذي اعتمدت فيه القوى الأوروبية خطة رسمية لتقسيم القارة الأفريقية.
ويستدل بعض خبراء السياسة والمحللين الإستراتيجيين على هذه النزعة لدى ترامب في سعيه لتوسيع نفوذ الولايات المتحدة في النصف الغربي من الكرة الأرضية، من خلال محاولة ضم غرينلاند وكندا، وإعادة السيطرة على 'قناة باناما'.
ويرى هؤلاء أن الرئيس الأميركي ومساعديه يصرون على توسيع النفوذ من الدائرة القطبية الشمالية إلى أميركا الجنوبية، باعتبارها المجال الحيوي للولايات المتحدة، مقابل الاعتراف بنفوذ جيوسياسي لروسيا في مجالها الحيوي، أي الجيوبوليتيك السوفياتي الذي يمتد ليشمل أوروبا الشرقية والبلقان والقوقاز ويصل إلى آسيا الوسطى.
في الوقت نفسه، تشير تقارير غربية إلى أن ترامب يرى أن الحفاظ على قيادة أميركا للعالم توجب التكيف مع المتغيرات والوقائع، من خلال الاعتراف بقوة روسيا الجيوسياسية والاقتصادية، وتنظيم العلاقة معها ومع الصين، وإدارة الخلافات من خلال منظومة جديدة، تتضمن إيجاد طرق للتعاون في المصالح والقضايا ذات الاهتمام المشترك.
هذا سيفضي في النهاية إلى إعادة تعريف التحالفات بين القوى العالمية، فتسقط قوى وتصعد قوى أخرى.. والمستفيد الأول من هذه المنظومة الجديدة سيكون روسيا، التي لطالما أكد رئيسها فلاديمير بوتين أن النظام السائد مجحف، ولا يمكنه أن يدوم.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

هل تقوم إسرائيل بضرب إيران مجددا؟
هل تقوم إسرائيل بضرب إيران مجددا؟

صدى البلد

timeمنذ 19 دقائق

  • صدى البلد

هل تقوم إسرائيل بضرب إيران مجددا؟

يستعد نتنياهو للسفر للقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب غدا الإثنين وتقول وسائل الإعلام الإسرائيلية بإن سبب السفر الرئيسي هو حصول نتنياهو على ضمانات أمريكية داعمة له تسمح بضرب إيران مجددا. ويروج نتنياهو لفكرة ضرب إيران من جديد حالة قيام إيران بتخصيب اليورانيوم من جديد،وعدم تخليها عن برنامجها الصاروخي الباليستي،وهو السبب الجديد الذي قد تهاجم إسرائيل إيران بسببه خلال حرب جديدة. وعقب وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران بواسطة ترامب ظهرت دعوة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون،والتي تمثل سياسة الاتحاد الأوروبي تجاه الحرب الإيرانية الإسرائيلية،والتي دعت لتخلي إيران عن برنامجها الباليستي بجوار التخلى عن البرنامج النووي الإيراني. وهو ما تكرر خلال ترحيب الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان بعودة طهران للمفاوضات الأمريكية النووية فقال مسؤول التفاوض الأمريكي ستيف ويتكوف بضرورة تخلى طهران عن البرنامج الباليستي،والنووي مقابل رفع العقوبات الاقتصادية الأمريكية عن طهران،وتجنب الصراع العسكري مجددا. في إتجاه آخر تمسك الرئيس الإيراني بزشكيان بحق الدولة الإيرانية في توليد الطاقة سلميا عبر تخصيب اليورانيوم،وظهرت تحذيرات متعددة من جانب الدولة الإيرانية لإسرائيل بعدم اختراق وقف إطلاق النار وحالة ارتكابها هجوم جديد على طهران ستصيبها بالشلل حسب ما أعلن عنه رئيس الأركان الإيراني اللواء عبد الرحيم موسوي بوقت سابق.

بعد خلافه مع ترامب...هل ينجو "حزب ماسك" من مصير سابقيه؟
بعد خلافه مع ترامب...هل ينجو "حزب ماسك" من مصير سابقيه؟

ليبانون ديبايت

timeمنذ ساعة واحدة

  • ليبانون ديبايت

بعد خلافه مع ترامب...هل ينجو "حزب ماسك" من مصير سابقيه؟

أعلن إيلون ماسك، أغنى رجل في العالم والرئيس التنفيذي لشركتي "تسلا" و"سبيس إكس"، يوم امس السبت، عن تأسيس حزب سياسي جديد في الولايات المتحدة أطلق عليه اسم "حزب أمريكا"، مؤكدًا أن الحزب الجديد "سيمثل 80% من الناخبين في الوسط"، على حد تعبيره. ويأتي هذا الإعلان بعد يوم من توقيع الرئيس الأميركي دونالد ترامب على قانون ضرائب وإنفاق جديد، عارضه ماسك بشدة، معلنًا على منصة "اكس" أن الحزب قد "تشكل رسميًا ليعيد إليكم حريتكم". وكان ماسك قد دعم حملة ترامب في انتخابات 2024، حيث أصبح أكبر متبرع سياسي في البلاد، وقاد لاحقًا قسم "كفاءة الحكومة" (D.O.G.) في إدارة ترامب بهدف تقليص حجم الحكومة. إلا أن ماسك تراجع مؤخرًا عن دعم ترامب ومعظم الجمهوريين في الكونغرس، معارضًا ما وصفه بـ"الإنفاق الحكومي المفرط"، ومهددًا بتأسيس حزب بديل في حال إقرار حزمة إنفاق ضخمة جديدة، وهو ما حصل بالفعل. رغم الثروة والنفوذ، يواجه ماسك تحديات كبيرة على صعيد المشهد السياسي الأميركي. فالنظام الانتخابي القائم على قاعدة "الفائز يحصل على كل شيء" لا يرحّب عادة بالأحزاب الثالثة، وفق ما قاله هانز نويل، أستاذ التاريخ السياسي في جامعة جورجتاون. وأضاف أن "النجاح يتطلب فوزًا كاملًا، وليس مجرد حصة من الأصوات كما في أنظمة التمثيل النسبي". أما تسجيل حزب سياسي جديد، فيخضع لشروط معقدة تختلف من ولاية إلى أخرى، وتشمل متطلبات توقيع عرائض من الناخبين وتسجيل قانوني رسمي. ويقول ماك ماكوركل، أستاذ السياسة العامة في جامعة ديوك، إن ماسك يملك المال لتجاوز العقبات، لكنه قد يواجه صعوبة في تسجيل الحزب في جميع الولايات قبل الانتخابات. منذ عام 1968، لم ينجح أي مرشح من خارج الحزبين الرئيسيين في الفوز بأصوات في المجمع الانتخابي. ويستشهد التقرير بتجربة الملياردير روس بيرو في انتخابات 1992، حيث نال 19% من الأصوات الشعبية من دون أن يحصد أي صوت في المجمع. كذلك، يبرز دور رالف نادر عام 2000 في ترجيح كفة جورج بوش على آل غور في ولاية فلوريدا. وعلى الرغم من ظهور شخصيات مستقلة مثل بيرني ساندرز وجو مانشين، إلا أن الانشقاقات لم تؤد إلى كسر هيمنة الحزبين. أعلن ماسك عبر "اكس" نيّته التأثير في انتخابات منتصف الولاية المقبلة عبر استهداف عدد محدود من الدوائر المؤثرة، مشبهًا خطته بتكتيكات الجنرال اليوناني إيبامينونداس. وقال إن هامش الأصوات الضيق في الكونغرس قد يسمح لحزبه بلعب دور "الصوت الحاسم" في مشاريع القوانين. لكن ماكوركل يرى أن مرشحي ماسك، حتى لو لم يفوزوا، قد يكونون عنصر تشويش، ويؤثرون في نتائج الجمهوريين في ولايات حاسمة مثل نورث كارولاينا، لا سيما إذا انخفض حماس قاعدة ترامب. كتب ماسك يوم السبت منشورًا دعم فيه برنامجًا للحزب الجديد يدعو إلى تقليص الدين، وتحديث الجيش بالذكاء الاصطناعي، وتحرير السوق، ودعم حرية التعبير. لكنه في الوقت نفسه يواجه تحديًا في توحيد "الوسط"، وهي فئة غير متجانسة سياسيًا. يقول نويل: "الناس محبطون من الحزبين، لكنهم لا يشكلون كتلة انتخابية واضحة لماسك". بعد تدهور علاقته بإدارة ترامب، لم يعد لماسك تأثير يذكر داخل الحزب الجمهوري، بل يواجه لجنة عمل سياسي خارقة يسعى مؤيدو ترامب لتشكيلها لإضعافه. ورغم أن بعض الجهات مثل الحزب الليبرتاري ومجموعة "No Labels" أبدت رغبة في التعاون، إلا أن خبراء يشككون في قدرة ماسك على بناء قاعدة داعمة حقيقية، إذ أن النجاح الانتخابي يتطلب حماسة وتعبئة لا يمكن شراؤها بالمال فقط. يرى المراقبون أن شخصية ماسك، المعروفة بالاندفاع والطموح، قد لا تتماشى مع العملية السياسية الطويلة والمعقدة. قال ماكوركل: "لست متأكدًا من أن لديه الصبر الكافي. لا يمكنك فقط أن تموّل مرشحين وتأمل أن ينجحوا... من دون تدقيق، قد تنقلب الأمور إلى عبء محرج". يُذكر أن ماسك ضخ أكثر من 20 مليون دولار في سباق انتخابي قضائي في ولاية ويسكونسن في وقت سابق هذا العام، لكن المرشحة الليبرالية سوزان كروفورد فازت، رغم تصوير ماسك للسباق بأنه "حاسم لمستقبل الحضارة الغربية". وقد أشار لاحقًا إلى نيته "خفض كبير" في الإنفاق السياسي ما لم تظهر "أسباب وجيهة" للعودة. واختتم ماكوركل بالقول: "لا أعتقد أن ماسك سيقضي بقية حياته يحاول إنشاء حزب جديد. هذا أشبه بمحاولة لتقويض إرث ترامب أكثر من كونه مشروعًا طويل الأمد".

وزير خزانة ترامب ينتقد طموح ماسك السياسي: يفتقر للدعم الشعبي
وزير خزانة ترامب ينتقد طموح ماسك السياسي: يفتقر للدعم الشعبي

بيروت نيوز

timeمنذ ساعة واحدة

  • بيروت نيوز

وزير خزانة ترامب ينتقد طموح ماسك السياسي: يفتقر للدعم الشعبي

انتقد وزير الخزانة الأميركي في إدارة ترامب، سكوت بيسنت، يوم الأحد، إعلان إيلون ماسك عن إطلاق 'حزب أميركا'، مشيرًا إلى افتقار ماسك للدعم الشعبي. وكان ماسك أعلن عن خططه للحزب يوم السبت، بعد خلافات مع الرئيس ترامب والجمهوريين حول 'مشروع قانون واحد كبير وجميل'. وأشار ماسك إلى أن حزبه الجديد سيركز على عدد قليل من السباقات شديدة التنافسية. ]]> صرح بيسنت لبرنامج 'حالة الاتحاد' على شبكة CNN: 'لقد حظيت مبادئ قانون 'دوج' بشعبية كبيرة. بينما أعتقد بناءً على استطلاعات الرأي، أن إيلون لم يحظَ بنفس الشعبية'.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store