
مجزرة كنيسة دمشق: مخاوف مشروعة لا يبدّدها الكلام!!!
وفي رأي أحد الأحبار المسيحيين في دمشق، أنّ المصير الذي ينتظر المسيحيين السوريين قد يكون مشابهاً لمصير مسيحيي العراق، في وقت قد لا يكون بعيداً، في حال ظلت التهديدات قائمة، أو في غضون عقد من الزمن على الأكثر.
على أنّ المخاطر نفسها تهدّد الأقليات الأخرى في سوريا مثل العلويبن والدروز. لكن قدرات المواجهة لدى هؤلاء هي أكبر بكثير لأسباب ديموغرافية وللنطاق المكاني الذي يضمّهم في حيز جغرافي يوفر عملية التواصل في ما بين مدنهم وقراهم. ولا يعني ذلك في مطلق الحالات أنّهم في مأمن.
وقد تعدّدت التحليلات والمعلومات في شأن مرتكب مجزرة كنيسة مار إلياس بدمشق، ولكن منبع التطرّف الايديولوجي واحد، وهو الفكر التكفيري الذي ضرب في العراق، ولبنان، ومصر، والآن يستعد للتمدّد في سوريا تحت مسميات شتى. وإنّ إعلان الجيش اللبناني عن اعتقال أمير «داعش» في لبنان، يعني أنّ الأجهزة اللبنانية العسكرية والامنية قرّرت استباق أي إنعكاس لما يجري في سوريا على لبنان، بمزيد من الرصد والكشف عن الخلايا السرّية للمجموعات التي تتوسل الإرهاب في عملها. وإنّ ردّ المسيحيين الغاضب الذي تُرجم تحركات شعبية في دمشق واللاذقية تزامناً مع تشييع الشهداء الـ27 وإطلاق هتافات التنديد التي أصابت سهامها الرئيس احمد الشرع، وما لاقاه هؤلاء من تعاطف المجتمع السوري بكل أطيافه، لن يجد له صدى إذا لم يشكّل حالة ضاغطة ومنظمة لتصحيح مفهوم الشراكة الوطنية في سوريا، وهذا لا يتحقق إلّا ببناء الدولة المدنية.
ويورد ناشط مسيحي سوري، أنّ الوزيرة الوحيدة في حكومة الشرع هند قبوات لا تمثل المكون المسيحي السوري وليست ملمة بمعاناته، وهي التي فرضها الغرب إثر سقوط النظام على أنّها ممثلة المجتمع المدني، وتعطي تسميتها انطباعاً بأنّ الحكم الجديد في سوريا يحترم التنوع. لكن هذا الانطباع يعوزه التدقيق.
ويرى متابعون أنّ الشرع حاول ويحاول أن يكون رجل المرحلة المنفتح على الجميع، والراغب في الأخذ بالنصائح التي ترده من جهات دولية وعربية، لكنه يصطدم بالمتشدّدين حتى داخل حلقته الضيّقة، ويواجه صعوبات في ضبط هؤلاء ولجم نزعتهم المتطرفة، وأنّ الأجهزة الأمنية التابعة له مخترقة بعناصر مرتبطة بتنظيمات تكفيرية، مما يعقّد عمله، ويعرقل خططه. وهو محاط بمستشارين متعددي الأهواء والميول ولهم إرتباطاتهم الخارجية. وهذا الواقع يسيء إلى دوره وصورته. فيما البطاركة المسيحيون في دمشق شديدو القلق على رعاياهم، وسط موجة متعاظمة لدى الشباب تجاهر برغبتها في الهجرة لعدم ثقتها بالمستقبل، وقد ذكّر هؤلاء رؤساء البعثات الديبلوماسية الأجنبية والعربية كيف أنّ تطميناتهم بأنّ الحكم السوري الجديد سيحترم التنوع ويحافظ على أمن وسلامة المسيحيين ذهبت هباء.
وهذا ما حدا بالفاتيكان والكنيسة الروسية وهيئات مسيحية في الولايات المتحدة واوروبا، إلى تكثيف تحركها وتدارك الأسوأ، والسعي لئلا تؤدي تداعيات مجزرة الكنيسة في دمشق إلى نهايات درامية للوجود المسيحي في سوريا. على أنّ مجزرة كنيسة مار إلياس الارثوذكسية في دمشق شكّلت نقطة سوداء، لا أحد يعرف كيف سيتصرف الشرع لمحوها من سجل حكومته، وهي قد تتكرّر إذا لم يتخذ الخطوات اللازمة لإقامة الدولة المدنية في سوريا مهما كانت الكلفة. ومن هنا، وبعيداً من الحكم على النيات، فهو وحكومته تحت المجهر، ويتعيّن عليه اللجؤ إلى خيارات شجاعة، لئلا نقول جراحية، قبل فوات الأوان، لكي تستتب الامور، بدءاً بدستور مدني تطمئن إليه سائر المكونات، ويفتح الباب أمام سوريا ديموقراطية تحتضن التنوع والتعدد، وتلج الحداثة بشجاعة وثقة. ومن دون ذلك لن يؤتى لسوريا أن تعيش مستقرة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الجزائرية
منذ 21 دقائق
- الشرق الجزائرية
الحوار والخطاب الهادئ في لقاء سليمان مع فضل الله
استقبل العلامة السيد علي فضل الله، رئيس الجمهورية الأسبق العماد ميشال سليمان، يرافقه طلال المقداد، معزيًا بوفاة والدته نجاة نور الدين. وكانت المناسبة فرصة للتداول في المستجدات في لبنان والمنطقة. وأكد الرئيس سليمان على ضرورة اعتماد خطاب هادئ، داعيًا إلى تطبيق بنود اتفاق الطائف، وتحويل التنازلات النظرية بين الأفرقاء إلى خطوات عملية على أرض الواقع على قاعدة ان الاسهام في بناء الدولة القادرة يستحق من الجميع اعادة النظر برؤياهم السياسية ولا يعتبر تنازلاً وشدّد على أهمية لغة الحوار الفعّال المستند إلى الحقيقة، مشيرًا إلى الميزات التي يتمتع بها لبنان على مختلف الصعد، ومبديًا تخوّفه من انعكاس أي حدث خارجي على الداخل اللبناني، ما يُحتّم على الجميع توحيد الصفوف والجهود لتعزيز سيادة الدولة لتمكينها من مواجهة كل من يسعى إلى الإضرار بالوطن. من جهته، رحّب سماحة فضل الله بالرئيس سليمان، شاكراً له هذه الزيارة، ومؤكّدًا ضرورة اعتماد خطاب عقلاني بعيدا عن الاستفزاز، يأخذ في الاعتبار الهواجس لدى كل الطوائف والمذاهب، بما يُسهم في تعزيز مناخات الاستقرار لداخلي ويمنع العدو من الإيقاع بين اللبنانيين. وأشار فضل الله إلى أهمية اعتماد حوار واقعي تُبنى آلياته ومواقفه على أساس نصرة قضايا الحق والعدل، مؤكدًا ضرورة تعزيز المنطق العقلاني، وداعيًا إلى تضافر الجهود لبناء دولة قوية وقادرة على حماية الوطن من الأخطار المحدقة به، ليحيا فيه الإنسان بكرامة وعزة، دون أن يُضطر للتفكير في الهجرة طلبًا للعيش الكريم.


صدى البلد
منذ 22 دقائق
- صدى البلد
المفتي: هناك بعض القضايا لا يُفتي فيها بدار الإفتاء إلا بعد دعوة صاحب السؤال شخصيًا
أكد الدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية، أن الفتوى تمثل أمانة ومسؤولية كبرى، وتقتضي الأمانة في التعامل مع النصوص والواقع معًا، مشيرًا إلى أن المفتي يوقّع عن الله تعالى، ولذلك لابد أن يتوافر لديه عدد من المهارات والأدوات التي تمكّنه من أداء هذه المهمة بأمانة ووعي. وأوضح "عياد"، خلال حواره مع الإعلامي شريف عامر، ببرنامج "يحدث في مصر"، المُذاع عبر شاشة "إم بي سي مصر"، أن المفتي لا بد أن يكون على دراية بمجموعة من العلوم، منها علم النفس، وعلم الاجتماع، والعلوم الإنسانية، إلى جانب علوم الدين، حتى يستطيع الإحاطة بالأبعاد المختلفة للمسألة التي يُسأل عنها، مضيفًا أنه في حالة المسائل التي تحمل بعدًا نفسيًا أو طبيًا، يتم أولًا استدعاء المتخصصين في هذه المجالات، ثم يُؤسس المفتي على رأيهم الرأي الشرعي، انطلاقًا من القاعدة القرآنية: "فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون". وشدد مفتي الجمهورية، على أن المقصود بأهل الذكر هنا لا يقتصر على العلماء الشرعيين فقط، بل يشمل أصحاب الفكر والتخصص في شتى المجالات، موضحًا أن دار الإفتاء تستمع باستمرار إلى آراء المتخصصين عند التصدي للقضايا والمسائل الفقهية والشرعية التي تتطلب فهمًا فنيًا أو علميًا خارج الإطار التقليدي. وأشار مفتي الجمهورية، إلى أن هناك بعض القضايا لا يُفتي فيها بدار الإفتاء إلا بعد دعوة صاحب السؤال شخصيًا، مع حضور جميع الأطراف المعنية، خاصة في المسائل المتعلقة بالميراث والطلاق والقضايا الأسرية الأخرى، بينما في موضوعات أخرى، يمكن الاكتفاء بالتواصل الهاتفي للحصول على الحكم الشرعي.


صدى البلد
منذ 22 دقائق
- صدى البلد
المفتي : دار الإفتاء قبلة لطلاب العلم والباحثين عن المعرفة وصفة "عالِم" أمانة ومسؤولية كبيرة
أكد الدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية، أن الفتوى ليست مجرد حكم شرعي بل هي جانب مهم لبيان الأمور التي تحقق المقاصد الشرعية الكبرى، معتبرًا أن تولي منصب الإفتاء أو حمل صفة "عالِم" يُعد أمانة ومسؤولية كبيرة. وأضاف مفتى الجمهورية، خلال حواره مع الإعلامي شريف عامر، ببرنامج "يحدث في مصر"، المُذاع عبر شاشة "إم بي سي مصر"، أن دار الإفتاء المصرية تُعد واحدة من المؤسسات الدينية التي أراد الله لها أن تكون قبلة لطلاب العلم والباحثين عن المعرفة، لما لها من جوانب عديدة تؤهلها للتعامل مع الواقع والانفتاح على وسائله المتجددة، واعتبر أن هذا الانفتاح هو أحد أوجه تجديد الخطاب الديني. وأشار مفتي الجمهورية، إلى أن دار الإفتاء المصرية، بصفتها إحدى مؤسسات الدولة، لا تغض الطرف عن الوسائل الحديثة ومنصات التواصل الاجتماعي، بل تتفاعل معها بشكل مباشر في ظل الاتساع الرقمي الكبير، وأكد أنها واحدة من المؤسسات التي كانت سبّاقة في دخول الفضاء الإلكتروني. وأوضح مفتى الجمهورية، أن دار الإفتاء بدأت مبكرًا في هذا المسار، واستطاعت أن تحجز لنفسها مكانًا مميزًا ضمن هذا الإطار، من خلال تقديم الفتوى الرقمية والشفهية والمقروءة، كما أدركت منذ وقت مبكر خطر القنوات والمنصات غير الرسمية، فعملت على التصدي لها بخطاب ديني واعٍ ومستنير.