logo
الى / السيدات والسادة النواب : زياد الجنابي – بسمة بسيم – عبدالكريم عبطان – رائد المالكي – رعد الدهلكي – معين الكاظمي

الى / السيدات والسادة النواب : زياد الجنابي – بسمة بسيم – عبدالكريم عبطان – رائد المالكي – رعد الدهلكي – معين الكاظمي

موقع كتابات٢١-٠٧-٢٠٢٥
تحية طيبة
بصفتكم لجنة دراسة حقوق المتقاعدين والعسكريين منهم على وجه الخصوص يسعدني ان اقدم لكم القضايا الآتية والتي الاولى والثانية منها لا تتعلق بدستور او قانون فقط بل بجانب انساني وأخلاقي يتعلق بتجويع جماعي مستعر منذ 22 عاما ضد عراقيين وخلفهم من ارامل وأيتام لم توجه لهم او لخلفهم اية تهمة ولم يحاكمهم القضاء بل هي سنت كعقاب جماعي خارج ثوابت احكام الإسلام والدستور والنظام القانوني العراقي والإعلان العالمي لحقوق الإنسان ووثيقة العهد الدولي للحقوق ، وكالآتي :-
وجدت حالات عدالة انتقالية في العالم قبل ثلاثة ارباع القرن وتكررت في التجربة العراقية بعد 2003 وتجربة النظام السوري الجديد ، ولكن لا توجد (قوانين عدالة انتقالية) خصوصا وأن ( الجولاني) حددها بأربعة اعوام وذكر انه ( سوف لن نصدر قوانين استثنائية) ، وحتى ان وجدت فتكون مهمة القضاء ، وليس بعقوبات قطع ارزاق تشرعها السلطة التشريعية تعصف بالآتي :-
1.ثوابت احكام الاسلام: التي قال عنها الدستور بمادته الأساسية الثانية (( لا يجوز سن قانون يتعارض مع ثوابت احكام الاسلام )) .. (( ان الله يأمركم ان تؤدوا الأمانات الى اهلها)) وجاء في الحديث الشريف ((أد الأمانة الى من أتمنك ولا تخن من خانك)) ولعل ذلك يشكل نهيا قاطعا عن خيانة الأمانة التي حققها قانون المساءلة من خلال مصادرته للتوقيفات التقاعدية التي وضعها المشمولين بقطع الارزاق (أمانة) في صندوق التقاعد … اما عملية شمول الأجنة في الارحام بقانون المسالة والأرامل والأيتام الابرياء الذين لم يسمعوا بشيء اسمه البعث فقد نهى عنه الرحمن الرحيم (( ولا تزر وازرة وزر اخرى)) وتكررت ثلاث مرات في القرآن الكريم ..
2.الدستور : اولا. ارجو الملاحظة باهتمام شديد ان الدستور تحدث عن البعث بمادته السابعة ((يحظر… ولا يجوز ان يكون ضمن التعددية السياسية في العراق وينظم ذلك بقانون)) وهذا يعني ان الدستور غطى قانون واحد وهو قانون الحظر ولم يغطي قانونا آخر غيره ، بالتالي فأن قطع الارزاق على الاقل كان يمثل عصفا بالقانون الاعلى والاسمى في البلاد.
ثانيا . الدساتير وضعت اصلا لحماية الحقوق والحريات ولذلك نص دستورنا في مبادئه الاساسية على (( لا يجوز سن قانون يتعارض مع الحقوق والحريات الاساسية الواردة في هذا الدستور)) ولذلك جاء باب الحقوق والحريات ليقول (( لا جريمة ولا عقوبة الا بنص ، ولا عقوبة الا على الفعل الذي يعده القانون وقت اقترافه جريمة ..)) وهنا نسأل : هل ان القانون وقت انتماء البعثي للبعث اعده جريمة ؟؟؟ وهل أن الانفال كانت جريمة عند حصولها ؟؟ ام تجفيف الاهوار؟؟ ام ان عدم تنفيذ الامر بالمشاركة في كل ذلك هو الجريمة وعقوبتها الاعدام .
ثالثا. (( العقوبة شخصية)) و (( العراقيون متساوون امام القانون دون تمييز بسبب …. او المعتقد )) وهناك ايضا مبدأ (( الفصل بين السلطات)) وهذه كلها تقف بالضد من عقوبة الحرمان ( الجماعية) من الحقوق التقاعدية التي اسس لها ممثلو الشعب عام 2008 ولتوضيح الفكرة يمكن القول بالآتي:-
ان الطبيعة الآمرة لقواعد الدستور وعلوها على ما دونها من القواعد القانونية وضبطها للقيم التي ينبغي ان تقوم عليها الجماعة تقتضي اخضاع القواعد القانونية جميعها وأي كان تأريخ العمل بها لأحكام الدستور القائم ، لضمان اتساقها مع المفاهيم التي اتى بها الدستور فلا تفرق هذه القواعد في مضامينها بين نظم مختلفة يناقض بعضها البعض بما يحول دون جريانها وفق المقاييس الموضوعية ذاتها التي يتطلبها الدستور القائم كشرط لمشروعيتها الدستورية وحيث ان الحرمان من اي حق من الحقوق المدنية او السياسية هي عقوبة تبعية وحينما ترد في نص تشريعي فتكون تلك العقوبة قد فرضت من لدن السلطة التشريعية وهذا يمثل بأن النص المذكور يكون قد انشأ قرينة قانونية محتواها فرض جزاء بغير حكم قضائي وعندما يرد الجزاء في نص تشريعي فأنه يكون قد اسس على اساس صفات وحالات لا على اساس افعال محددة وبالتالي فأن فرض الجزاء بنص تشريعي على اساس الصفة يخل بمبدأ المساواة ، وحيث ان الدستور هو القانون الأساسي الأعلى الذي يرسى القواعد والأصول التي يقوم عليها نظام الحكم ويقرر الحريات والحقوق العامة ويرتب الضمانات الأساسية لحمايتها ويحدد لكل من السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية وضائفها وصلاحياتها ويضع الحدود والقيود الضابطة لنشاطها فأنه بذلك يكون قد عين لكل منها التخوم والقيود الضابطة لولايتها بما يحول دون تدخل احداها في اعمال السلطة الأخرى او مزاحمتها في اختصاصاتها التي اناطها الدستور بها وحيث ان نظام الحكم في العراق جمهوري نيابي ديمقراطي يقوم على اساس المواطنة استنادا الى احكام المادة (1) من الدستور لعام 2005 وأن العراقيون متساوون امام القانون دون تمييز بسبب الجنس او العرق او القومية او الاصل او اللون او الدين او المذهب او المعتقد او الرأي او الوضع الاقتصادي او الاجتماعي استنادا الى احكام المادة (14) من الدستور، لذا فأن الدستور العراقي اتخذ صفة المواطنة اساسا للنظام الديمقراطي في الدولة والتي ينفتح بها الطريق لبناء دولة مدنية حديثة تقوم على اساس المساواة ومراعاة المصلحة العليا للشعب العراقي ومن ثم كانت ممارسة المشرع لسلطته التقديرية في تنظيم الحقوق والحريات رهنا بالتقيد بالحدود والضوابط التي نصت عليها الوثيقة الدستورية ووضع المعايير الصحيحة لكفالتها وضمان حق كل مواطن في التمتع بها وفق قواعد موضوعية لا تنال من جوهرها او تنتقص منه او تؤثر في بنائها او تتضمن عصفا بها او مصادرة لها التزاما دستوريا على عاتق المشرع لا يملك منه فكاكا وإلا يقع ما يسنه خروجا عليها في حومة المخالفة الدستورية وحيث إن مبدأ المساواة امام القانون اعتمده الدستور العراقي وباقي دساتير دول العالم بحسبانه الميزة الأساسية للحقوق والحريات على اختلافها وأساسا للعدل والسلام الاجتماعي غايته صون الحقوق والحريات في مواجهة صور التميز التي تنال منها او تقيد ممارستها باعتباره وسيلة لتقدير الحماية المتكافئة التي لا تمييز فيها بين المراكز القانونية المتماثلة
رابعا. القانون الدولي: ان اتفاقية منع الابادة الجماعية ومحاسبة مرتكبيها الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1948 والنافذة حاليا تعد الحرمان من الحقوق التقاعدية جريمة ابادة جماعية حيث تحدثت عن صور الابادة الجماعية الخمسة ومنها الفقرة (ب) (( الحاق اذى جسدي او روحي خطير بأعضاء من الجماعة)) ولعل من يستلمون حقوقهم التقاعدية مثلي يصابون بأذى روحي خطير عندما تتأخر الرواتب (24) ساعة فكيف بمن تأخرت (192000) ساعة ولم توجه لهم حتى تهمة بسيطة من القضاء .. الفقرة الثانية تقول (( اخضاع الجماعة عمدا لظروف معيشية يراد بها تدميرهم المادي كليا او جزئيا )) وقد عرف المفوض الدولي (كليا او جزئيا) بأنها لا تعني جزء من الجماعة بل جزء من حياة الجماعة.
خامسا. الاعلان العالمي للحقوق : لعدم الاطالة اقول ان الاعلان ومعه وثيقة العهد الدولي ترفضان الموضوع رفضا قاطعا .
خامسا. النظام القانوني العراقي : وهو يتناقض تناقضا صارخا مع الحرمان من الحقوق التقاعدية حيث استقر النظام القانوني على ان الذي يحكم بالإعدام- اي المدانين بأبشع الجرائم – تؤول مستحقاته التقاعدية الى خلفه ، واذا اعفي منه تعود من خلفه اليه .
سادسا. المصلحة الوطنية العليا : هل تتوقعون يتيما او ارملة او لواء او معلم تتصرف معه الدولة هذا التصرف ولا يشعر بالظلم ، ويمكن ان يكون عنصرا فاعلا في بناء البلد ؟؟ وهل كانت غاية المشرع كسب الاعداء ؟؟ ام انه لم يطلع على اروع وأقصر تعريف للأمن (( الأمن حالة رضى))
القضية الاولى / اعضاء الفروع فأعلى :
لم يرد في القانون ما يحرمهم من الحقوق التقاعدية ، ولم ترد احالتهم الى التقاعد وبالتالي يمكن الرجوع الى قرار مجلس الدولة الملزم حينها بقراره المرافق ربطا (( يحق لمن كان عضو شعبة (فأعلى) في حزب البعث (المنحل) من الموظفين المشمولين باجتثاث البعث الحصول على الحقوق التقاعدية وفقا لأحكام القانون )) وفق المبدأ القانوني (( ان الفصل من الوظيفة لا يحرم الموظف من الحقوق التقاعدية))
الحل : – يكمن بتعديل المادة 6- أ ولا من قانون المساءلة بإضافة كلمة (فأعلى) لتصبح ((انهاء خدمات جميع الموظفين ممن كان بدرجة عضو شعبة (فأعلى) وأحالتهم على التقاعد بموجب قانون الخدمة والتقاعد))
القضية الثانية / جهاز فدائيو صدام (المنحل) وقرار المحكمة الاتحادية العليا 220/اتحادية/ 2022
سبق لي ان لجأت الى المحكمة الاتحادية العليا التي يقول الدستور عنها وليس انا (( قراراتها باتة وملزمة للسلطات كافة)) فأصدرت قرارها اعلاه بعد جهد جهيد بأطلاق رواتب العسكريين غير المتطوعين للجهاز المذكور والمنقولين قسرا اليه .. وقررت المحكمة منحهم الراتب التقاعدي واصدرت المحكمة الموقرة كتابا الى هيئة التقاعد الوطنية وأوعزت بالصرف على ان لا تحتسب فترة خدمتهم في الجهاز المذكور.
اوعزت هيئة المساءلة الى التقاعد الوطنية بكتابها في 8/3/2023المرافقة صورة منه ربطا بصرف الرواتب استنادا الى القرار اعلاه ، ولعل حضراتكم اعرف بصفة الالزام لقرارات الهيئة وفق قانونها ( المادة 13اولا- ثانيا) حيث انها لا تقل الزاما عن قرارات الاتحادية العليا والفرق بينهما ان الاتحادية كفلها الدستور والثانية كفلها القانون .
الحل : استضافة السيدة وزير المالية والسيدين وزير الدفاع ورئيس هيئة التقاعد الوطنية من لدن اللجنة حيث ان قراري الاتحادية والمساءلة مر عليهما مدة اطول من المقبول بكثير وأن آخر حجة ستمضي عليها السنين بتقديري هي ( من هي الجهة التي تقرر حذف مدة خدمة الفدائيين في الجهاز المنحل؟؟ وآلية ترويج المعاملات) وهذه بديهيات من المخجل التحجج بها ، وبرأيي المتواضع ان الافضل للجنتكم المحترمة هو تقصي الجهة التي تقف بالضد من تنفيذ قرار المحكمة الاتحادية ، وتوضيح ما ذكرته لتلك الجهة ( من جوانب انسانية ودستورية وقانونية ، وقبل كل ذلك ثوابت احكام الاسلام)
القضية الثالثة/ جهاز المخابرات (المنحل) :-
1.نص قانون المساءلة على احالتهم الى التقاعد اسوة بالأجهزة الأمنية ، ولكن الغريب في الامر ان التقاعد الوطنية منحتهم التقاعد بمنهج اشتراكي ماركسي بالكامل حيث ان اعلى موقع في الجهاز وأدنى موقع فيه يتقاضون راتب الحد الادنى دون اي سند من القانون ، وسبق ان عقد لقاء حضرته مع السيد رئيس هيئة التقاعد الوطنية الأسبق وبحضور السادة النواب رعد الدهلكي وكاظم الشمري وطرحت الموضوع فأجاب بأنهم ليست لديهم قاعدة بيانات .. اتصل السيد كاظم الشمري بالمخابرات فأجابوا ان بياناتهم كاملة واعطى الهاتف للسيد رئيس هيئة التقاعد وطلبوا منه ارسال مأمور لاستلام البيانات ولم يحصل شيء لحد الآن.
1.صدر قانون المساءلة عام 2008 ونص على انهاء خدمات الاجهزة الامنية واحالتهم الى التقاعد والدستور يرتب هذا الحق منذ العام 2008 فكيف امكن لوزارة المالية وهيئة التقاعد تجاوز ذلك حتى العام 2013.. الحق قائم بالفروقات وينبغي صرفه قانونا
2. صدر التعديل الاول لقانون الخدمة والتقاعد العسكري الرقم رقم 3 لسنة 2010 الرقم 41 لسنة 2013 باستحقاق الجيش السابق لكل من قضى منهم (8) سنوات بآخر رتبة لراتب الرتبة الاعلى ولم يجر صرف الراتب التقاعدي الا في 2019 بسبب تلكؤ وزارة الدفاع وهيئة التقاعد الوطنية .
الحل : حضراتكم تعرفون ان الحقوق لا تزول بالتقادم وبالتالي نأمل منكم حل هذا الموضوع لاستعادة الحقوق القانونية والانتصار للدستور.
فائق شكري وتقديري للسيد رئيس مجلس النواب لاهتمامه بالحقوق وتشكيله لجنة من المعروفين بمواقفهم في هذا المجال ، مع خالص شكري للجنة المحترمة على استضافتها لي .. متمنيا التوفيق لكم في مسعاكم ومنه التوفيق .
15/6/2025
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

وزير العمل: تحويل 5 آلاف مستفيد من الإعانة الاجتماعية إلى حراس للمواقع الأثرية
وزير العمل: تحويل 5 آلاف مستفيد من الإعانة الاجتماعية إلى حراس للمواقع الأثرية

وكالة أنباء براثا

timeمنذ 6 ساعات

  • وكالة أنباء براثا

وزير العمل: تحويل 5 آلاف مستفيد من الإعانة الاجتماعية إلى حراس للمواقع الأثرية

التعليقات طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ... الموضوع : انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ... الموضوع : الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ... الموضوع : وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ... الموضوع : صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ... الموضوع : حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت. ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ... الموضوع : صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005 ----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ... الموضوع : تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41) منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ... الموضوع : النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ... الموضوع : الحسين في قلب المسيح

معرفة الأعداء في النظام التربوي الإسلامي
معرفة الأعداء في النظام التربوي الإسلامي

اذاعة طهران العربية

timeمنذ 11 ساعات

  • اذاعة طهران العربية

معرفة الأعداء في النظام التربوي الإسلامي

إن الأعداء الخارجيون هم التهديدات التي تنشأ من خارج المجتمع الإسلامي؛ كالحرب المعرفية، الاستعمار الاقتصادي، وغيرها من الممارسات الاستعمارية المفروضة على المجتمعات الإسلامية. يُعدّ الاهتمام بالتربية المقاومة في ظلّ الظروف الراهنة التي تواجه فيها المجتمعات الإسلامية تهديدات معقدة من أعداء داخليين وخارجيين، كاستراتيجية أساسية في السياسات التربوية الإسلامية أمرا ضروريا وحيويا. وهذا النوع من التربية مهم ليس فقط في مواجهة التهديدات الخارجية، بل أيضًا في سياق التهديدات الداخلية والأخلاقية. ولذلك تلعب "معرفة الأعداء" كمبدأ أساسي وجوهري في النظام التربوي الإسلامي دورا محوريا في بناء الفرد والمجتمع المقاومين. يتم تقسيم معرفة العدو في التربية الإسلامية المقاومة عموما إلى فئتين: العدو الخارجي والعدو الداخلي. والأعداء الخارجيون هم تهديدات تنشأ من خارج المجتمع الإسلامي، تُفرض عليه علانيةً عبر الحروب العسكرية، الحرب المعرفية، الاستعمار الاقتصادي، وغيرها من الأساليب الاستعمارية. وعادةً ما تتسلل هذه التهديدات إلى المجتمعات الإسلامية بشكل مباشر وملموس، على شكل ضغوط سياسية واقتصادية وعسكرية. أما الأعداء الداخليون فهم تهديدات خفية ومعقدة، تنبع من داخل النفس البشرية والمجتمع. وتتجلى هذه التهديدات عادةً في الشهوات، المعاصي، الضعف الأخلاقي، الكفر، والنفاق. ومن المنظور الإسلامي، فإن العدو الداخلي، أكثر من أي شيء آخر، هو الذي يصرف الفرد عن المسار الإلهي والروحي، ويُمهد الطريق لهيمنة العدو الخارجي. وقد أكدت التعاليم التربوية الإسلامية مرارًا وتكرارًا على أهمية إدراك العدو الداخلي ومواجهته، حيث عرّفت جهاد النفس بأنه " الجهاد الأكبر"، وجهاد العدو الخارجي بأنه " الجهاد الأصغر". يدعو الإسلام الحنيف، كاستراتيجية في التربية الفردية والاجتماعية، إلإنسان إلى إدراك عدوه الداخلي، واتخاذ خطوات في طريق تطوير الذات. وهذا الصراع الداخلي، كما ورد في القرآن والحديث، يتطلب من الفرد السعي الدائم ل تهذيب النفس ومقاومة الفتن وتحقيق السلام الداخلي. وفي أعلى مستويات التطور الروحي، يصل الفرد إلى درجة من الثقة بالنفس تقاوم جميع التهديدات الداخلية والخارجية. تم التأكيد في النظام التربوي الإسلامي، ولمواجهة التهديدات الداخلية والخارجية بفعالية، قبول الولاية و البراءة من أعداء الله كمبدأ أساسي. فقبول الولاية لا يُحقق تماسك الفرد مع النهج الإلهي فحسب، بل يُعزز أيضًا، من خلال بناء رابطة قوية مع الولي والقائد الحق، صمود الفرد في وجه التهديدات والفتن الداخلية والخارجية. وفي هذا الصدد، فإن مراعاة مبدأي التولي (الصداقة وطاعة الولاية) والتبري (البراءة من أعداء الله) في آن واحد يُهيئ الفرد لمواجهة التحديات والمخاطر، ويمنحه القوة على مقاومة الفتن والمشاكل. وهذا واضحٌ أيضًا في قول الإمام علي (عليه السلام): " مَنْ نَامَ عَنْ نُصْرَةِ وَلِيِّهِ انْتَبَهَ بِوَطْأَةِ عَدُوِّهِ". يُظهر هذا الحديث جليًا أن إهمالَ نصرةِ وليِّ اللهِ والقائدِ واتباعِه لا يُضلُّ الإنسانَ عن جادةِ الحقِّ فحسب، بل يُعرِّضُه أيضًا لتهديداتِ الأعداءِ الخارجيين. إن من أهمِّ الركائز الأساسية في التربية المقاومة، هو " تعليم العدو" و"تعليم العداء". و" تعليم العدو" يعني الوعي بأساليب وتكتيكات وأدوات التهديدات الخارجية.و في عالمنا المعاصر، تتطور وتتغير أدوات العدو، لا سيما في شكل الحرب المعرفية والإدراكية عبر وسائل الإعلام والتقنيات الحديثة، بسرعة. ولمواجهة هذه التهديدات بفعالية، من الضروري أن يدرك المسلم هذه الأدوات ويطور قدرته على مواجهتها. هذا الوعي، كدرع دفاعي، يُمكّن الفرد من مقاومة هجمات العدو الثقافية والإعلامية، والدفاع عن هويته واستقلاله. كما أن " تربية العداء" تعني تربية أناس ذوي إيمان راسخ، وبصيرة دينية، وإرادة صلبة، قادرين على مواجهة أي تهديد داخلي وخارجي. وفي هذا الإطار، يجب أن تُهيئ التعاليم الدينية والأخلاقية الفرد للدفاع عن المبادئ والقيم الإسلامية. ةيجب أن يستند هذا التعليم إلى القرآن الكريم، السنة النبوية، وسير أهل البيت (عليهم السلام)، ونماذج حياة الأنبياء والعلماء والشهداء، ليتمكن الفرد من مواصلة السير على درب تقوية الإيمان، تزكية النفس، ومواجهة الأعداء الداخليين والخارجيين. وهذا ما يُؤكد عليه بوضوح في رواية الإمام الصادق (عليه السلام): « عَلِّموا صِبيانَكُم مِن عِلمنا ما يَنفَعُهُم اللّهُ بهِ؛ لا تَغلِبُ علَيهم المُرْجِئَةُ بِرَأيِها". لا تؤكد هذه الرواية على ضرورة تعليم الأجيال القادمة مبادئ الدين فحسب، بل تُحذر أيضًا من هيمنة أي فكر أو نظرية منحرفة عليهم. وفي هذا السياق، يجب أن يكون التعاليم الدينية والأخلاقية شاملة ودقيقة، بحيث يقطع الطريق على العداوات الداخلية والخارجية بتربية أجيال مقاومة. وأخيرا، تُعدّ معرفة الأعداء في التربية الإسلامية المقاومة أداة فعّالة لمواجهة التهديدات المعقدة في العصر الحالي. ولا يقتصر هذا المفهوم في السياسات التربوية الإسلامية على تحديد الأعداء الخارجيين والداخليين ومواجهتهم، بل يُشدد أيضًا على بناء فرد مقاوم وواع قادر على مواجهة الفتن والتحديات بفهم دقيق للتهديدات، وإيمان راسخ، وبصيرة دينية.

هل بلغنا شروط هلاك القرى في ضوء القرآن
هل بلغنا شروط هلاك القرى في ضوء القرآن

موقع كتابات

timeمنذ 12 ساعات

  • موقع كتابات

هل بلغنا شروط هلاك القرى في ضوء القرآن

﴿ وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا ﴾ احذروا فقد حق القول ليست هذه الآية الكريمة من سورة الإسراء مجرد تقرير لحكم إلهي، بل هي بنية تفسيرية عميقة لحركة المجتمعات وسيرورتها نحو الانهيار، إذ تتحدث بلغة موجزة عن سنة كونية لكل تجربة بشرية آيلة للسقوط إنها لا تشرح العذاب، بل تشرح السبب؛ لا تتحدث عن القوة المدمرة، بل عن لحظة الانهيار التي تصبح فيها القرية عبئًا على ذاتها (والقرآن يصف القرية عندما يتفق أهلها المتنفذين على ما يوجب العذاب ويصمت الناس عنه أو لا ينكروه)، حين تفقد توازنها الأخلاقي والمعنوي. النص – لمن يتأمله – لا يتحدث عن هلاك كعقوبة منفصلة تصدر فجأة، بل عن سيرورة لصيرورة داخلية، منطقية، تبدأ من تخلخل داخلي وتصل إلى نقطة الانحدار، ثم الهدم. بين 'أمرنا' و'أمرهم': الفعل لا يعني التكليف قراءة لفظ 'أمرنا' في هذه الآية كما لو كان قضاء من الله، أي كأن الله يقول: أمرناهم بأن يفسقوا خطأ كبير فهذا ما لا يستقيم مع العدل الإلهي ولا مع سياق الآيات ولا مع لغة العرب؛ فاللفظ هنا لا يعني التكليف، بل التمكين، أو الإمهال، أو الإغراق في النعمة، أو الكثرة لان الفساد يتوالد؛ بمعنى: بلغ المترفون من القوة والانتشار والتمكين عدد وعدة والسطوة درجةً صار فيها الفسق ليس مجرد حالة فردية بل ظاهرة متعايش معها، كمؤسسة، مُبرّرة، لها شرعيتها وهنا توصف الدول والمدن بالقرية؛ هو اختبار وليس قضاء محتوما فنحن في اختبار للمنظومة العقلية والشجرة حاضرة دوما ومحرمة. الفاسق – في المفهوم القرآني – ليس الجاهل، بل العارف المائل للفساد وهذا هو أخطر أنواع الفسق: حين يعرف المترف أن سلوكه مخالف للحق، بل هو نمط من الخروج الواعي عن القيم التي يزعمها، عن التوازن، عن العدالة. لكنه ماضٍ فيه لأنه متاح وميسر، الفسق هنا لا يعني فقط ارتكاب المعاصي أو ناتجًا عن فقر في المعرفة أو فقر مال، بل عن طغيان في الإرادة، وخلل في الضمير الجمعي، وتآكل في البوصلة. وصف الآية يبدأ بالمترفين، لأنه يقوم على الأنا، على إقصاء المعنى، على تقديس المتعة. المترف في بنية النص القرآني ليس ثريًا فحسب، بل هو ابن المنظومة التي جعلت من المال والسلطة معيارًا للنجاح، ومن اللذة قانونًا أعلى من الحق. والمترف حين يُمكّن، يُفسد، ليس لأنه شرير في ذاته، بل لأن الترف يقتل المناعة الأخلاقية. الفسق هنا ليس خرقًا فرديًا، بل انقلاب جمعي على المعايير: يعرفون الحق ويتكلمون به ويخالفونه؛ يعرفون العدالة ولكنهم يبررون الظلم، يعرفون الفساد ولكن تعريفه عندهم اختلف فقد أصبح الاعتداء على نصيبهم من الغنيمة فالأمانة باتت مغنم، يعرفون الله ويزعمون عبادته، بل يبررون سحق الإنسان باسمه. عند هذا لم تعد النخبة تعبر عن مشروع حضاري، بل عن جشع ذاتي منغلق، تتحول فيه أدوات القوة (الثروة، الإعلام، القرار) إلى قنوات لخلخلة الأسس التي قامت عليها الجماعة هنا تتلاقى هذه الرؤية مع تحليلات ابن خلدون عن العصبية ونهاية الدولة، ومع الفلاسفة المعاصرين الذين يرون أن النظم تموت حين تفقد المعنى، لا حين تُغزَى من الخارج. فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ: 'حقّ القول': عندما يصبح الانهيار حتميًا 'فحقّ عليها القول' ليست حُكمًا مباشرًا، بل تقرير بأن شروط الانهيار أصبحت مكتملة، الدولة حين تفشل في تصحيح مسارها، وتنتج نخبتها من الفساد بدل العلم، وتخون فيها القوانين وظيفتها لحماية المصلحة العامة، تدخل في منطق السقوط الذاتي، حيث لا يصبح الخارج سببًا بل نتيجة العدل الذي يتنزل في صورة نهاية حين يصل الفسق إلى مرحلة الهيمنة، لا يبقى في القرية من يقاوم المنظومة، بل تنقلب المعايير؛ يُهاجَم المستقيم، ويُسخَر من العدل، بل تستخدم أجهزته في الظلم عندها فقط، يحق القول: لا لأن الله انتقم، فانتقام الله حساب الآخرة؛ بل لأن الشروط اكتملت وبُنى النسيج المجتمعي تهشّمت فالقيم التي تحفظ بقاء الإنسان تم سحقها تحت أقدام المترفين، ولأن القرية صارت خاوية من عوامل البقاء فـ'القول' هنا هو حكم القدر بسنن الكون الذي يحدث حين تكتمل شروط الفساد عن إصرار وعلم وبتمكين. فدمّرناها تدميرًا: من الكفاءة إلى الولاء، من القانون إلى الشطارة، من البناء إلى الترقيع، من النقد إلى التبرير السقوط هو نتيجة لانهيار الوعي والمعيار الصمت الجمعي: شراكة في الخراب حين يسيطر المترفون، لا تكون مسؤوليتهم وحدهم هنالك صمت مجتمعي، وخوف مثقفين، ومخدرات إعلامية، ومؤسسات تعقد حياة المواطن بدل تسهيلها، والضرائب غرامات، حتى يصبح الفساد عرفًا، والتفاهة ذكاء، والطائفية هوية، هنا يتحول الانهيار من خيار إلى حتمية. طريق النجاة: السقوط يبدأ بفساد النخبة، والنهضة تبدأ بإعادة بناء النخبة على أسس العلم، والنزاهة، والإخلاص العام، لا على روابط هابطة ذكرناها أو الولاء للفساد، الدولة لا تقوم بالفوضى ولا بالشعارات، بل بقانون يحمي مواردها لا ينهبها، وولاء لمفهوم الوطن لا لأشخاصه، ونخبة تُختار بالكفاءة لا بالمحسوبية، لابد من حماية إدارة الدولة وبنائها بالمخلصين ومخرجات مراكز الدراسات. الخاتمة: الآية ليست خبرًا عن الماضي، بل قانونًا مستمرًا. إنها ليست عن ثمود أو عاد فقط، بل عن كل قرية والعبرة أن الإهلاك لا يُبتدأ من السماء، بل يُصنع على الأرض حين تُترك مفاصل القوة بيد المترفين، فحينما يُسمح للفسق أن يكون رؤية وليس جرما منكرا يبدأ الهلاك.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store