logo
معرفة الأعداء في النظام التربوي الإسلامي

معرفة الأعداء في النظام التربوي الإسلامي

إن الأعداء الخارجيون هم التهديدات التي تنشأ من خارج المجتمع الإسلامي؛ كالحرب المعرفية، الاستعمار الاقتصادي، وغيرها من الممارسات الاستعمارية المفروضة على المجتمعات الإسلامية.
يُعدّ الاهتمام بالتربية المقاومة في ظلّ الظروف الراهنة التي تواجه فيها المجتمعات الإسلامية تهديدات معقدة من أعداء داخليين وخارجيين، كاستراتيجية أساسية في السياسات التربوية الإسلامية أمرا ضروريا وحيويا. وهذا النوع من التربية مهم ليس فقط في مواجهة التهديدات الخارجية، بل أيضًا في سياق التهديدات الداخلية والأخلاقية.
ولذلك تلعب "معرفة الأعداء" كمبدأ أساسي وجوهري في النظام التربوي الإسلامي دورا محوريا في بناء الفرد والمجتمع المقاومين.
يتم تقسيم معرفة العدو في التربية الإسلامية المقاومة عموما إلى فئتين: العدو الخارجي والعدو الداخلي. والأعداء الخارجيون هم تهديدات تنشأ من خارج المجتمع الإسلامي، تُفرض عليه علانيةً عبر الحروب العسكرية، الحرب المعرفية، الاستعمار الاقتصادي، وغيرها من الأساليب الاستعمارية. وعادةً ما تتسلل هذه التهديدات إلى المجتمعات الإسلامية بشكل مباشر وملموس، على شكل ضغوط سياسية واقتصادية وعسكرية.
أما الأعداء الداخليون فهم تهديدات خفية ومعقدة، تنبع من داخل النفس البشرية والمجتمع. وتتجلى هذه التهديدات عادةً في الشهوات، المعاصي، الضعف الأخلاقي، الكفر، والنفاق. ومن المنظور الإسلامي، فإن العدو الداخلي، أكثر من أي شيء آخر، هو الذي يصرف الفرد عن المسار الإلهي والروحي، ويُمهد الطريق لهيمنة العدو الخارجي. وقد أكدت التعاليم التربوية الإسلامية مرارًا وتكرارًا على أهمية إدراك العدو الداخلي ومواجهته، حيث عرّفت جهاد النفس بأنه " الجهاد الأكبر"، وجهاد العدو الخارجي بأنه " الجهاد الأصغر".
يدعو الإسلام الحنيف، كاستراتيجية في التربية الفردية والاجتماعية، إلإنسان إلى إدراك عدوه الداخلي، واتخاذ خطوات في طريق تطوير الذات. وهذا الصراع الداخلي، كما ورد في القرآن والحديث، يتطلب من الفرد السعي الدائم ل تهذيب النفس ومقاومة الفتن وتحقيق السلام الداخلي. وفي أعلى مستويات التطور الروحي، يصل الفرد إلى درجة من الثقة بالنفس تقاوم جميع التهديدات الداخلية والخارجية.
تم التأكيد في النظام التربوي الإسلامي، ولمواجهة التهديدات الداخلية والخارجية بفعالية، قبول الولاية و البراءة من أعداء الله كمبدأ أساسي. فقبول الولاية لا يُحقق تماسك الفرد مع النهج الإلهي فحسب، بل يُعزز أيضًا، من خلال بناء رابطة قوية مع الولي والقائد الحق، صمود الفرد في وجه التهديدات والفتن الداخلية والخارجية.
وفي هذا الصدد، فإن مراعاة مبدأي التولي (الصداقة وطاعة الولاية) والتبري (البراءة من أعداء الله) في آن واحد يُهيئ الفرد لمواجهة التحديات والمخاطر، ويمنحه القوة على مقاومة الفتن والمشاكل. وهذا واضحٌ أيضًا في قول الإمام علي (عليه السلام): " مَنْ نَامَ عَنْ نُصْرَةِ وَلِيِّهِ انْتَبَهَ بِوَطْأَةِ عَدُوِّهِ".
يُظهر هذا الحديث جليًا أن إهمالَ نصرةِ وليِّ اللهِ والقائدِ واتباعِه لا يُضلُّ الإنسانَ عن جادةِ الحقِّ فحسب، بل يُعرِّضُه أيضًا لتهديداتِ الأعداءِ الخارجيين.
إن من أهمِّ الركائز الأساسية في التربية المقاومة، هو " تعليم العدو" و"تعليم العداء".
و" تعليم العدو" يعني الوعي بأساليب وتكتيكات وأدوات التهديدات الخارجية.و في عالمنا المعاصر، تتطور وتتغير أدوات العدو، لا سيما في شكل الحرب المعرفية والإدراكية عبر وسائل الإعلام والتقنيات الحديثة، بسرعة. ولمواجهة هذه التهديدات بفعالية، من الضروري أن يدرك المسلم هذه الأدوات ويطور قدرته على مواجهتها. هذا الوعي، كدرع دفاعي، يُمكّن الفرد من مقاومة هجمات العدو الثقافية والإعلامية، والدفاع عن هويته واستقلاله.
كما أن " تربية العداء" تعني تربية أناس ذوي إيمان راسخ، وبصيرة دينية، وإرادة صلبة، قادرين على مواجهة أي تهديد داخلي وخارجي. وفي هذا الإطار، يجب أن تُهيئ التعاليم الدينية والأخلاقية الفرد للدفاع عن المبادئ والقيم الإسلامية. ةيجب أن يستند هذا التعليم إلى القرآن الكريم، السنة النبوية، وسير أهل البيت (عليهم السلام)، ونماذج حياة الأنبياء والعلماء والشهداء، ليتمكن الفرد من مواصلة السير على درب تقوية الإيمان، تزكية النفس، ومواجهة الأعداء الداخليين والخارجيين.
وهذا ما يُؤكد عليه بوضوح في رواية الإمام الصادق (عليه السلام):
« عَلِّموا صِبيانَكُم مِن عِلمنا ما يَنفَعُهُم اللّهُ بهِ؛ لا تَغلِبُ علَيهم المُرْجِئَةُ بِرَأيِها".
لا تؤكد هذه الرواية على ضرورة تعليم الأجيال القادمة مبادئ الدين فحسب، بل تُحذر أيضًا من هيمنة أي فكر أو نظرية منحرفة عليهم. وفي هذا السياق، يجب أن يكون التعاليم الدينية والأخلاقية شاملة ودقيقة، بحيث يقطع الطريق على العداوات الداخلية والخارجية بتربية أجيال مقاومة.
وأخيرا، تُعدّ معرفة الأعداء في التربية الإسلامية المقاومة أداة فعّالة لمواجهة التهديدات المعقدة في العصر الحالي. ولا يقتصر هذا المفهوم في السياسات التربوية الإسلامية على تحديد الأعداء الخارجيين والداخليين ومواجهتهم، بل يُشدد أيضًا على بناء فرد مقاوم وواع قادر على مواجهة الفتن والتحديات بفهم دقيق للتهديدات، وإيمان راسخ، وبصيرة دينية.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

عن : الثاني من آب والخور ، وراغب علامة ونيرة
عن : الثاني من آب والخور ، وراغب علامة ونيرة

موقع كتابات

timeمنذ 4 ساعات

  • موقع كتابات

عن : الثاني من آب والخور ، وراغب علامة ونيرة

اليوم هو اسوء يوم في تاريخ العراق .. التاريخ المليء بالمآسي والنكبات والنكسات والمؤامرات والحصارات والحروب .. ففي مثل هذا اليوم وبعد قرار فردي اهوج لادخل لشعب العراق وجيشه فيه دخلت القوات العراقية الى الكويت مما اعتبرته شخصياً وفي اكثر من مناسبة انه البداية الحقيقية لما جرى للعراق لاحقاً من حصار وسقوط واحتلال وضعف وتقسيم وانحلال لمنظومة القيم والضوابط التي تشكل كياناً حضارياً عمره سبعة الاف عام اسمه العراق .. كل العالم كان يسعى ويحلم بسقوط العراق كدوله .. من دول الخليج الى امريكا ( والكيان الصهيوني بالضرورة ) .. الى ايران والغرب والاكراد في شمال العراق ، وباقي العربان .. لسبب بسيط هو ان العراق بجيشه وشعبه كان قد تعدى ( وبخاصة بعد انتصاره في حرب السنوات الثمان ضد ايران ) حدود القوة والتقدم العلمي والصناعي والامكانية المسموح بها ، وانه اصبح مصدر خطر وتهديد لمصالح العديد من الجهات .. فكان الجميع يبحث عن مجرد فرصة للانقضاض ، واذا برأس النظام في العراق يقدم هذه الفرصة لاعدائه على طبق من بلور وغباء .. واستُدرج العراق الى ماحصل وكانت النتيجة ما نراه الان من خراب وانكفاء وتفكك وماسٍ . لم يكتف اعداء العراق بحصارٍ دام ثلاثة عشر عاماً وتجويع شعبه حتى الموت ، ولم يكتفوا بتدمير جيش العراق العظيم ، ولم يكتفوا باحتلال العراق ولا تقسيمه ولا توزيع اشلائه بين الدول والمحاصصات العرقية والقومية والطائفية والقبلية والمذهبية .. ولم تكتف الكويت بانتزاع اربعة وخمسين مليار دولار من لحم الشعب العراقي الحي وقوته ، بل ومازالت حتى يومنا هذا وبعد ثلاثة عقود ونصف تطمع بالمزيد وتتذرع باعادة المفقودين والممتلكات واعادة الترسيم .. بل وكانت السبب المباشر والارض الممهدة لغزو العراق في العام ٢٠٠٣ امعاناً في الاذى .. ومازالت حتى اللحظة تستقوي بالقرارات الدولية لتفرض شروطها المذلة والمهينة على شعب العراق يساعدها في ذلك ثلة من السياسيين العراقيين الذي جاءت بهم هي ومن والاها ليلحقوا مزيداً من الاذى بشعب العراق .. فاقتطعوا من العراق وهو في لحظة ضعف وقضموا مزيداً من الاراضي والشواطيء والحقوق .. واخرها الاتفاقية المجحفة في خور عبد الله .. التي يرفضها شعب العراق جملة وتفصيلاً رفضاً قاطعاً . ومع شديد الاسف فان الكويت : الدولة والنظام ( ولا اقصد الشعب ) لم تقرأ التاريخ جيداً .. وانا اكره ما يردده بعض العراقيين بالتلويح او التصريح والتذكير دائماً بعراقية الكويت ، فهذا موضوع سخيف للغاية وهي مرحلة وانتهت ولن تعود ولا داعي لتكرارها او التذكير بها يومياً رغم انها حقيقة تاريخية ساطعة لا لبس فيها .. فقط على اخواننا في الكويت ان يستحضروا حقائق الجغرافيا وان العراق والكويت جاران وسيبقيان كذلك حتى يرث الله الارض ومن عليها، وان الذي يؤخذ بالغصب في زمن الضعف لابد ان يُستعاد في زمن القوة ، وان انفلات العواطف والمشاعر والمواقف الوطنية ساعة الغضب يمكن ان يكون تسونامي لا يبقي ولا يذر ، ولا يمكن السيطرة عليه ساعتئذ ، وان الثروة والنفط ( وبعد ذلك السطوة والرشوة ) لا تدوم الى الابد .. وعليهم ان يعرفوا ان الحسنى والاخوة والجيرة الطيبة والتعاون .. يمكن ( واقول يمكن ) ان يداوي الجروح ويساهم في النسيان رغم الالم العميق .. وان لم يحدث هذا فان المستقبل قد ينجب رجالاً في العراق يطالبون الكويت ليس بدفع اربعة وخمسين مليار دولار كما اخذوها من العراقيين عنوة وظلماً وسحتاً وعدواناً .. بل سيطالب العراقيون بترليون دولار جراء تدمير بلدهم واحتلاله انطلاقاً من ارض الكويت وباموالها وادعاءاتها وتحشيدها لقوى العدوان والاحتلال .. ثم اعود لتذكير اخواننا في الكويت : ان لديكم اربعمئة وخمسين كيلومترا من الشواطيء والعديد من الموانيء على الخليج العربي فيما لا يملك اخوكم الكبير العراق الا بضعة كيلومترات وميناء واحد فلا تخنقوه مجدداً باتفاق مجحف جديد والاستيلاء على خور عبد الله بمسمى اتفاقية او اعادة ترسيم .. افتحوا صفحة جديدة مع العراق يا اخواننا الكويتيين .. ولا تنكأوا الجراح ولا تستفزوا شعب العراق اكثر ، ولا تعيدوا انتاج قصص مفبركة كقصة اسلحة الدمار الشامل ، وقصة الشيخة نيرة سعود الصباح التي قدمتها امريكا لاستدرار التعاطف امام مجلس الامن بعد القزو وهي تبكي بعد مشاهدتها ( كما تدعي زوراً وبهتاناً ) ان الجنود العراقيين قد جردوا الاطفال من حضّاناتهم في الكويت وهي ( اي نيرة ) لم ترَ الكويت قبل ذلك التاريخ لانها كانت تعيش وتدرس في امريكا .. وبمناسبة ذكر نيرة وذكرى القزو ، فاني اشيد برشاقة ومهارة الشيخة نيرة وبراعتها في الرقص مع المغني المتصهين راغب علامة بملابسها الفاضحة التي لا تليق باهلنا في الكويت وحشمتهم واخلاقهم النبيلة .. ومن لا يصدقني فليذهب الى اليوتيوب ويكتب ( الشيخة نيرة ترقص مع راغب علامة ) .. وسيرى كم هي بارعة في الرقص كما برعت سابقاً في فبركة واحدة من القصص التي مهدت للعدوان على العراق وحصاره ومن ثم احتلاله..

مفاوضات مشروطة بين مجلس قبلي و"طالبان باكستان" وسط تصاعد العنف
مفاوضات مشروطة بين مجلس قبلي و"طالبان باكستان" وسط تصاعد العنف

الحركات الإسلامية

timeمنذ 7 ساعات

  • الحركات الإسلامية

مفاوضات مشروطة بين مجلس قبلي و"طالبان باكستان" وسط تصاعد العنف

في تطور جديد يعكس تعقيد المشهد الأمني في المناطق القبلية الباكستانية، دعا أعضاء مجلس السلام في منطقة باجور حركة طالبان باكستان إلى مغادرة المناطق السكنية والعودة إلى أفغانستان، أو على الأقل التوجه إلى الجبال في حال أصرّت على استمرار القتال. الدعوة، التي صدرت في العاشر من أغسطس الجاري، جاءت خلال الجولة الأولى من المحادثات بين المجلس وممثلي الحركة، بحسب ما نقلته قناة جيو نيوز الباكستانية، في وقت تتصاعد فيه الاشتباكات والهجمات المسلحة في هذه المناطق. ووفقًا لما أكده عضو المجلس خليل الرحمن، فقد طلب ممثلو طالبان باكستان مهلة للتشاور مع قادتهم قبل تقديم رد نهائي، مع الإشارة إلى أن جولة ثانية من المحادثات جرت لاحقًا، دون أن تُفضي إلى نتائج حاسمة. تعكس هذه المحادثات غير المباشرة، التي يقودها زعماء محليون بدافع من الحاجة إلى الأمن والاستقرار، حجم الأزمة المتنامية التي تواجهها باكستان في المناطق الحدودية مع أفغانستان، خاصة في ظل الاتهامات الرسمية المتكررة التي توجهها إسلام آباد إلى كابول، بكونها توفر ملاذًا آمنًا لقيادات طالبان باكستان. في المقابل، تنفي حركة طالبان الأفغانية هذه الاتهامات، وتصر على أن الحركة الباكستانية تنشط داخل الأراضي الباكستانية فقط، رغم ما ورد في تقارير أممية حديثة تُشير إلى أن طالبان الأفغانية تقدم دعمًا لوجستيًا وعملياتيًا لنظيرتها الباكستانية، التي يُقدر عدد مقاتليها بنحو 6000 عنصر. حركة تحت الضغط: من النفوذ إلى التشرذ م تشكلت حركة طالبان باكستان في أواخر عام 2007 كتحالف فضفاض يضم مجموعات جهادية وطائفية تنشط في المناطق القبلية، تحت قيادة بيت الله محسود، الذي كان آنذاك يُعد من أبرز المحاربين المخضرمين في جنوب وزيرستان. وخلال سنوات قليلة، تمكنت الحركة من بسط نفوذها على معظم الإقليم، ووصلت بعملياتها المسلحة إلى مدن كبرى مثل بيشاور وكراتشي ولاهور، ما جعلها تمثل تهديدًا وجوديًا حقيقيًا للدولة الباكستانية، إلى أن جاءت عملية "ضربة عضب" العسكرية الواسعة في يونيو 2014، التي قلبت المعادلة وأجبرت قادة الحركة على الفرار إلى المناطق الشرقية من أفغانستان. منذ تلك الضربة العسكرية، تراجع حضور الحركة إلى مجرد مجموعات صغيرة منفية تنفذ عمليات متفرقة في المناطق القبلية، مع تآكل تدريجي في قدراتها التنظيمية والقيادية. وقد تزامن هذا التراجع مع مقتل قيادات بارزة مثل حكيم الله محسود والملا فضل الله في غارات أميركية بالطائرات المسيّرة، وهو ما ولّد أزمة حادة في القيادة، دفعت بعض الفصائل للانفصال، احتجاجًا على اختيار شخصيات غير قبلية على رأس التنظيم، في إشارة إلى تولي فضل الله قيادة الحركة رغم كونه من خارج قبيلة محسود التي كانت تُهيمن تقليديًا على القرار داخل طالبان باكستان. لكن هذا الانهيار لم يكن نهاية القصة، إذ سرعان ما بدأت الحركة، تحت قيادة مفتي نوروالي محسود منذ يونيو 2018، في إعادة تنظيم صفوفها. فبفضل خلفيته القبلية والعلمية كعالم دين ومحارب قديم، استطاع المفتي استعادة جزء من التماسك الداخلي، وجذب فصائل منشقة مثل جناح حكيم الله محسود وجماعة الأحرار وطالبان البنجاب، بل وحتى عناصر من تنظيم القاعدة، إلى صفوف الحركة مجددًا. ومع كل بيان ولاء جديد، كانت الحركة تُعلن عودتها كقوة موحدة تسعى إلى تثبيت حضورها في المناطق الحدودية مجددًا. علاقات معقدة بين طالبان كابول وإسلام آباد في قلب هذا المشهد الأمني المعقّد تقف علاقة طالبان باكستان مع كل من الحكومة الباكستانية وحكومة طالبان الأفغانية. فمن جهة، ترى إسلام آباد أن طالبان باكستان تمثل تهديدًا مباشرًا لأمنها الداخلي، وتتهم كابول بالتقاعس عن اتخاذ إجراءات حازمة ضد قادتها الذين تقول إنهم يتحركون بحرية في الأراضي الأفغانية. ومن جهة أخرى، تظهر حكومة طالبان الأفغانية ترددًا واضحًا في التعاطي مع هذا الملف، حيث ترفض تنفيذ عمليات ضد طالبان باكستان، وتتحدث عن كونها حركة تنشط داخل باكستان وليست على الأراضي الأفغانية. ويرى مراقبون أن حركة طالبان الأفغانية تواجه مأزقًا مزدوجًا؛ فهي من جهة لا تريد أن تخسر حليفًا أيديولوجيًا وتاريخيًا كطالبان باكستان، الذي لطالما أعلن ولاءه لها ولم يصدر عنه أي موقف عدائي ضدها، ومن جهة أخرى تسعى طالبان كابول إلى تحسين علاقاتها الإقليمية، وتجنب مزيد من الضغوط الدولية، خصوصًا في ظل التقارير التي تُشير إلى أن ترددها في كبح جماح الجماعات المتطرفة قد يُهدد أمن المنطقة بأكملها. أما على الجانب الباكستاني، فإن السلطات تحاول التوفيق بين نهج أمني صارم تجاه طالبان باكستان، وبين محاولات الحوار مع زعماء قبليين أو فاعلين محليين يمكنهم التوسط لتخفيف التصعيد. هذا النهج، وإن كان يُظهر مرونة تكتيكية، إلا أنه يعكس عجزًا استراتيجيًا في التعامل مع جذور المشكلة، خاصة في ظل الإهمال المزمن للمناطق القبلية وعدم دمجها فعليًا في النظام الإداري والسياسي الباكستاني، رغم دمجها نظريًا في إقليم خيبر بختونخوا منذ عام 2018. طالبان باكستان وداعش وخراسان.. تحالفات مستبعدة رغم ما ورد في بعض التقارير الأممية عن إمكانية نشوء تحالف بين حركة طالبان باكستان وتنظيم الدولة الإسلامية في ولاية خراسان، فإن الوقائع الميدانية والدوافع الأيديولوجية تُشير إلى أن هذا السيناريو لا يزال مستبعدًا. فالحركتان، رغم اشتراك بعض عناصرهما في تجارب قتالية سابقة تحت مظلة طالبان باكستان، تسلكان اليوم طريقين مختلفين: طالبان باكستان لا تزال ملتزمة بالنهج الديوبندي والهيكلية القبلية، فيما تتبنى داعش خراسان أيديولوجية سلفية جهادية ترفض الانتماءات القبلية وتُكفّر الجماعات الأخرى، بمن فيهم طالبان كابول. وقد ساهم هذا التباين في نشوء صراعات دموية بين الطرفين، خاصة في شرق أفغانستان. وتنظر داعش إلى طالبان كابول على أنها وكيلة للمخابرات الباكستانية، فيما تعتبر طالبان باكستان تنظيم داعش مجرد أداة استخباراتية غربية. كما أن أنشطة طالبان باكستان تتركز داخل الأراضي الباكستانية، ولا تملك سجلًا من العمليات المستقلة داخل أفغانستان، بخلاف تنظيم الدولة الذي يسعى للتمدد العابر للحدود. ورغم ذلك، لا يمكن استبعاد وجود تواصل أو تنسيق تكتيكي بين عناصر من الرتب الوسطى في التنظيمين، خصوصًا في المناطق المتداخلة جغرافيًا على الحدود. لكن التحالف التنظيمي الرسمي لا يزال مستبعدًا بسبب الخلافات الجوهرية في العقيدة والتنظيم والتكتيك. عودة حذرة إلى الحزام القبلي تشير الوقائع الميدانية إلى أن طالبان باكستان بدأت في العودة التدريجية إلى بعض المناطق القبلية الحدودية، خاصة شمال وجنوب وزيرستان، ومهمند، وباجور، وهي مناطق محاذية للمقاطعات الشرقية من أفغانستان. وقد تحدث سكان محليون وصحفيون ميدانيون عن تزايد عمليات القتل المستهدف، وفرض الإتاوات على السكان، وعودة مظاهر التهديد والابتزاز، لا سيما من قبل جماعة الأحرار المرتبطة بطالبان باكستان. وأكدت شهادات متعددة أن المسلحين باتوا يفرضون ما يُعرف بـ"ضرائب الحماية"، ويستهدفون المعارضين والمتخلفين عن الدفع. ورغم أن نشاط هذه الجماعات لا يُقارن بسيطرتها السابقة قبل عام 2014، فإنها تُراكم تأثيرًا تدريجيًا في ظل غياب السلطة الحكومية الفعلية، واستمرار الفراغ الأمني، وتراجع الاستثمار في البنية التحتية والخدمات. ويُحذّر مراقبون من أن فشل الدولة في توفير التنمية والعدالة في هذه المناطق، قد يُمهّد الطريق أمام عودة طالبان باكستان كقوة أمر واقع. تاريخيًا، لم تُظهر الحكومة الباكستانية قدرة حقيقية على تثبيت النظام في هذه المناطق إلا من خلال العمليات العسكرية الواسعة، دون أن تُتبع بخطط تنمية مستدامة أو إصلاح سياسي عميق. ومن هنا، فإن الرهان على الحل الأمني فقط، دون معالجة الأسباب الجذرية، قد يُفضي إلى إعادة تدوير الأزمة بدلاً من حلها.

جدول اعمال البرلمان ليوم غد
جدول اعمال البرلمان ليوم غد

وكالة أنباء براثا

timeمنذ 8 ساعات

  • وكالة أنباء براثا

جدول اعمال البرلمان ليوم غد

التعليقات طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ... الموضوع : انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ... الموضوع : الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ... الموضوع : وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ... الموضوع : صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ... الموضوع : حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت. ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ... الموضوع : صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005 ----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ... الموضوع : تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41) منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ... الموضوع : النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ... الموضوع : الحسين في قلب المسيح

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store