
أزمة "كركوك-جيهان".. خسائر الجميع تتراكم وبغداد قد تلجأ لتجميد أصول تركية
حذر موقع مجلة "أوراسيا ريفيو" من احتمال تدهور أزمة خط الأنابيب بين العراق وتركيا إلى مرحلة اللجوء إلى تجميد الأصول التركية في الخارج ما لم تسدد أنقرة التعويضات المستحقة عليها، بينما قد يقود استمرار التعثر في هذه القضية إلى تداعيات دبلوماسية بدون حصول اتفاق ثلاثي بين بغداد وأربيل وأنقرة.
وذكّر التقرير الصادر عن الموقع المتخصص بشؤون مناطق أوراسيا، بأن النزاع بين بغداد وأنقرة حول تصدير النفط الخام من إقليم كوردستان، وصل إلى منعطف حرج في العام 2023، عندما أمرت محكمة التحكيم التابعة لغرفة التجارة الدولية، تركيا بأن تدفع 1.4 مليار دولار كتعويضات بسبب اتهامها بتجاهل سلطة بغداد.
واعتبر التقرير الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، أن هذه القضية تمثل حالياً مثالاً محورياً حول نزاعات الطاقة عبر الحدود التي تتضمن جوانب تتعلق بالسيادة والالتزامات القانونية والنفوذ الجيوسياسي.
وبحسب التقرير، فإن الأساس القانوني لهذا النزاع، يكمن في اتفاقية خط أنابيب العراق وتركيا المبرمة العام 1973، والتي تشير إلى أن أي تدفق نفطي عبر خط أنابيب كركوك-جيهان يجب أن يحظى بإذن من الحكومة العراقية.
وقال التقرير إنه جرى إغلاق خط أنابيب كركوك-جيهان منذ 25 آذار/ مارس 2023، وأنه اعتباراً من تموز/ يوليو 2025، لا وجود لأي نفط يتدفق عبر خط الأنابيب، في حين أن إقليم كوردستان خسر القدرة على تصدير ما يقرب من 450 ألف برميل يومياً، ما يشكل ضربة تؤثر على ما يقرب من 80% من ميزانية حكومة الإقليم.
وذكّر التقرير، بأنه كان يجري نقل النفط الخام المستخرج من حقول النفط التي تسيطر عليها حكومة الإقليم إلى الحدود التركية عبر البنية التحتية الداخلية لحكومة كوردستان، وتدخل عبر أراضي تركيا عند معبر فيشخابور من خلال التدفق عبر خط أنابيب النفط الخام العراقي التركي (ITP) نحو ميناء جيهان، حيث يتم تخزينه وتحميله عبر ناقلات التصدير إلى الخارج.
وبعدما لفت التقرير إلى أن حكومة الإقليم قامت بتسويق النفط مباشرة إلى شركات تجار عالمية مثل "فيتول" و"غلينكور" و"ترافيغورا"، أشار إلى أنه بين عامي 2014 و2023، تم تصدير كميات كبيرة من نفط الإقليم إلى أوروبا وآسيا خصوصاً (إيطاليا، اليونان، فرنسا، والهند) بالإضافة إلى إسرائيل، في حين أنه غالباً ما تشتري الشركات التجارية الوسيطة النفط بأسعار مخفضة، وهو ما يؤمن لها أرباحاً كبيرة من خلال إعادة التصدير.
وبحسب تقديرات التقرير، فإن إقليم كوردستان من خلال تصدير ما يصل إلى 100 مليون برميل سنوياً بمتوسط 50 دولاراً للبرميل، فإنه حقق نحو 5 مليارات دولار سنوياً على مدى ما يقرب من عقد من الزمن، بينما حققت تركيا من خلال رسوم العبور وغيرها من الخدمات في جيهان، ما بين 300 مليون دولار و500 مليون دولار سنوياً.
أما الحكومة العراقية، فإن التقرير يقول بإنها تدعي أنها حرمت من ما يصل إلى 25-30 مليار دولار بسبب هذه الصادرات التي تعتبر أنها غير مصرح بها.
وإلى جانب قرار محكمة التحكيم التي فرضت على أنقرة دفع 1.4 مليار دولار كتعويضات، حيث يعتقد أن تركيا تحاول التفاوض حول الرقم لكن الفائدة تتراكم على الملبغ غير المدفوع، أشار إلى قضية تحكيم ثانية معلقة، حيث تطالب بغداد بمبلغ إضافي من 3 إلى 5 مليارات دولار للصادرات غير المصرح بها بين عامي 2018 و2023.
ولهذا، اعتبر التقرير أنه في حال فشلت تركيا في الدفع، فإن العراق قد يسعى إلى تجميد الأصول التركية في الخارج، بما في ذلك الأسهم في خطوط الأنابيب مثل TANAP (من أذربيجان إلى تركيا) وTAP (من أذربيجان إلى تركيا ونحو اليونان والبانيا وإيطاليا).
وحول التداعيات الدبلوماسية، قال التقرير إنه من دون بدون اتفاق ثلاثي بين بغداد وأربيل وأنقرة، فإن صادرات النفط من الإقليم ستظل معطلة على المدى الطويل.
وتابع قائلاً إن استمرار غياب نفط كوردستان والمقدر بنحو نصف مليون برميل يومياً، سيؤدي إلى ضغط تصاعدي على أسعار خام برنت العالمية.
وخلص التقرير إلى القول إن هذا النزاع حول خط الأنابيب بين تركيا والعراق، يعكس هشاشة ترتيبات الطاقة العابرة للحدود عندما يجري تجاهل الأطر القانونية.
وأضاف قائلاً إن الأزمة هذه تسلط الضوء على همية الاتفاقات المتعددة الأطراف والشفافية واحترام السيادة في تجارة الطاقة العابرة.
وختم التقرير قائلاً إنه بالنسبة إلى تركيا، فإن تسوية النزاع لا تنطوي على تداعيات اقتصادية فقط، وإنما أيضاً على تكاليف جيوسياسية محتملة قد تؤثر على إستراتيجيتها الإقليمية الأوسع نطاقاً في مجال الطاقة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


شفق نيوز
منذ 2 ساعات
- شفق نيوز
بعد حريق "الهايبر".. تكاليف السلامة تقفز لأضعاف دون ضوابط رسمية
شفق نيوز– واسط/ كركوك تشهد محافظات عراقية عدة، من بينها كركوك، ارتفاعاً متسارعاً في أسعار الحديد وأجور الأعمال الإنشائية والتأهيلية، نتيجة لتشديد إجراءات السلامة العامة التي أعقبت حادثة حريق "هايبر الكوت"، والتي أثارت جدلاً واسعاً حول هشاشة معايير السلامة في الأبنية التجارية والمولات والمطاعم. وفرضت مديريات الدفاع المدني في مختلف المحافظات تعليمات أكثر صرامة، تلزم أصحاب المنشآت التجارية بإجراء تحسينات فورية تتعلق بمنظومات الإخلاء والطوارئ ومخارج الهروب، وأدت هذه المتطلبات إلى زيادة كبيرة في الطلب على المواد الإنشائية، خصوصاً الحديد، وأجور العمالة الفنية المختصة. وقال عدد من المقاولين وأصحاب الأبنية في الكوت، لوكالة شفق نيوز، إن اشتراطات الدفاع المدني الجديدة دفعت الكثير من أصحاب المحال والمجمعات التجارية إلى إعادة تأهيل مبانيهم بما ينسجم مع المعايير الحديثة، مما رفع الطلب على الحديد، وخاصة الحديد المستخدم في الإنشاءات الثانوية، مثل السلالم الخارجية والهياكل المعدنية لمنظومات الإخلاء. وأوضح المتخصص في تأهيل الأبنية التجارية، المهندس سمير عباس الحداد، أن "الجهات الرقابية بدأت تطالب بتوفير سلالم طوارئ خارجية، وأبواب معدنية مقاومة للنار، وأنظمة إنذار وإطفاء حديثة، وهو ما تسبب بزيادة مباشرة في الطلب على الحديد المقوّى والمقاطع الخاصة المستخدمة في هذه الأعمال". وأضاف الحداد، لوكالة شفق نيوز، أن "العديد من أصحاب الأبنية فوجئوا بالكلفة المرتفعة لهذه التحسينات، خصوصاً أن بعضها لم يكن مدرجاً ضمن خططهم التشغيلية، ما وضعهم أمام خيارين: إما الامتثال وتحمل التكاليف العالية، أو مواجهة خطر الغلق الإداري والغرامات". وقال المقاول فراس أحمد الحداد، لوكالة شفق نيوز، إن "كلف أعمال السلامة ارتفعت بشكل لافت، فتركيب سلم طوارئ معدني واحد لمبنى متوسط أصبح يتراوح بين مليوني دينار إلى أربعة ملايين دينار، حسب المواصفات الفنية، وطول السلم، ونوع الحديد المستخدم". وأشار إلى أن "الطلب المكثف على هذه الأعمال خلال فترة زمنية قصيرة أدى إلى قفزة في أجور اللحامين، والعمال الفنيين، مما دفع بعضهم لاستغلال الوضع لفرض أسعار مرتفعة"، لافتاً إلى أن "المنافسة تحولت إلى صراع مع الوقت والمال، لا سيما للمحال الكبيرة والمطاعم المعروفة التي تخشى الإغلاق أو فقدان الزبائن". وأكد صاحب ورشة تصنيع معدني في الكوت، حسين عباس، أن "الطلب على الحديد المستخدم في صناعة سلالم الطوارئ ارتفع بشكل غير مسبوق"، مضيفاً أن "المعامل المحلية لم تكن مستعدة لهذه الطفرة المفاجئة في الطلب، مما تسبب بشح المادة الخام، وارتفاع أسعارها". وقال عباس، لوكالة شفق نيوز: نحن نعمل الآن بطاقتنا القصوى لتلبية الطلبيات، ولكن هناك صعوبة في تأمين الحديد بسرعة بسبب ضغط السوق وقلة الموردين، مبيناً أن أسعار الحديد ارتفعت بنسبة 30 إلى 40% خلال أسبوعين، ما أثر بشكل مباشر على الكلفة النهائية لكل مشروع. وفي كركوك، أكد مصدر مسؤول في مديرية الدفاع المدني لوكالة شفق نيوز، أن المديرية نفذت سلسلة من الزيارات التفتيشية المكثفة خلال الأسبوعين الماضيين، وأسفرت عن إغلاق أكثر من 25 موقعاً تجارياً ومطعماً، لعدم استيفائها شروط السلامة، وعلى رأسها عدم وجود سلالم طوارئ وإنذار حريق ومخارج إخلاء آمنة. وأضاف المصدر أن الدفاع المدني أصدر إنذارات رسمية لعشرات المواقع الأخرى، وحدد مهلاً زمنية قصيرة لتصحيح المخالفات، مؤكداً أن الحملة تأتي في إطار توجيهات صارمة بعد كارثة "هايبر الكوت"، وأن الأولوية الآن هي حماية الأرواح وتفادي تكرار الحادث. ويرى مراقبون أن هذه المتغيرات فرضت تحديات كبيرة على المشاريع الصغيرة والمتوسطة، التي تجد نفسها عاجزة عن تأمين المبالغ اللازمة لإعادة التأهيل، خاصة في ظل غياب أي برامج دعم أو قروض حكومية ميسّرة. وقال أحد أصحاب المطاعم في كركوك ويدعى حسام محمود، لوكالة شفق نيوز، إن "كلفة إعادة تأهيل المطعم بمنظومة إنذار وسلالم طوارئ معدنية تجاوزت 18 مليون دينار، وهذا مبلغ كبير لا نستطيع دفعه دفعة واحدة، ولا توجد جهة حكومية تمنحنا قروضاً أو حتى مهلة كافية". ويحذر خبراء اقتصاديون من أن تطبيق معايير السلامة لا يجب أن يكون على حساب انهيار المنشآت الصغيرة أو فقدان الوظائف، مطالبين بتطبيق حلول مرنة، مثل السماح بالتقسيط، وتقديم إعفاءات جمركية مؤقتة على استيراد المواد الضرورية، وتوفير حوافز للمشاريع الملتزمة. كما يدعون إلى إصدار دليل فني واضح من الدفاع المدني يتضمن المواصفات القياسية للسلالم ومنظومات السلامة، لتفادي التلاعب من قبل بعض المقاولين، وتحديد سقوف سعرية تقريبية للحد من الاستغلال.


شفق نيوز
منذ 4 ساعات
- شفق نيوز
العراق في دائرة الخطر.. جانب مظلم وتحديات مركبة تهدد حياة الشعب
شفق نيوز- بغداد في ظل تسارع مظاهر التغير المناخي، وتزايد موجات الجفاف والتصحر، يواجه العراق تحديات بيئية واقتصادية مركبة تهدد الأمن الغذائي واستقرار الفئات الهشة. وفي وقت تتباين فيه الاستجابات الرسمية بين الجهود المعلنة على الأرض وبطء التنفيذ، من منع زراعة محاصيل استراتيجية بسبب شح المياه، إلى تضرر فئات عاملة من موجات الحر، ترسم شهادات مسؤولين وخبراء ومواطنين صورة مقلقة لمستقبل بيئي واقتصادي على المحك. منع زراعة الشلب وأوضح مستشار وزارة الزراعة، مهدي ضمد القيسي، أن الوزارة كانت سبّاقة في إدراك تداعيات التغيرات المناخية وشح الإيرادات المائية، واتخذت إجراءات مبكرة لمعالجة آثار هذه التحديات على القطاع الزراعي في العراق. وبيّن القيسي لوكالة شفق نيوز، أن من أبرز هذه الإجراءات، قرار الحكومة في الخطة الزراعية الصيفية بمنع زراعة الشلب، نظراً لكونه من المحاصيل التي تتطلب إغماراً مستمراً بالمياه طوال فترة النمو وحتى الحصاد، وهو أمر لم يعد ممكناً في ظل انخفاض مناسيب المياه. وأضاف أن الوزارة بدأت منذ عدة سنوات بتجربة تقنيات الري الحديثة، وعلى رأسها الري بالرش لمحصول الشلب، بهدف تقليل الهدر المائي، مع الحفاظ على جودة ونكهة الأرز، لاسيما صنف "العنبر" المعروف محلياً. وأظهرت النتائج الأولية للتجارب مؤشرات إيجابية، فيما يتواصل العمل للتوسع في هذه التقنيات الحديثة. وفيما يتعلق بمحصول الحنطة ضمن الخطة الزراعية الشتوية، أشار القيسي، إلى أن وزارة التجارة أعلنت مؤخراً استلام أكثر من 5 ملايين و100 ألف طن من الحنطة من مختلف المحافظات، وهو ما يُعد كافياً لتغطية احتياجات البطاقة التموينية لهذا العام. وواصل المسؤول الحكومي حديثه بالقول إن "وزارة الزراعة أحدثت خلال العامين الماضيين طفرة نوعية في دعم المزارعين من خلال توفير منظومات الري بالرش، حيث تُمنح هذه المنظومات لمزارعي الحنطة بخصم 30%، على أن يُقسط المبلغ المتبقي (70%) على مدى عشر سنوات، مع إعفاء من الدفع في السنة الأولى، أي تسدد خلال 11 عاماً. وتعتمد هذه المنظومات، وفق القيسي، على الآبار والمياه الجوفية، وتُسهم في تقليل استهلاك المياه بنسبة تتراوح بين 30 إلى 40% مقارنة بالري السيحي، مع تحقيق زيادة في الإنتاج وتحسين نوعية المحصول. وفي إطار تأمين الكميات المطلوبة، لفت إلى أن وزارة الزراعة تعاقدت مع وزارة الصناعة لتجهيز هذه المنظومات، إلا أن الإنتاج المحلي لا يغطي الحاجة الكاملة، ما دفع وزارة الزراعة للجوء إلى المناقصات لاستيراد منظومات إضافية. وتم التعاقد، بحسب القيسي، على 13 ألف منظومة ري بسعات مختلفة (60، 80، و120 دونماً)، وقد استُلم نصف هذه الكمية حتى الآن، فيما تم توزيع 3 آلاف منظومة منها فعلياً على الفلاحين. خطط لتوزيع المياه من جانبه، أعلن معاون مدير عام الهيئة العامة لتشغيل مشاريع الري والبزل في وزارة الموارد المائية، غزوان عبدالأمير، أن الوزارة وضعت خطة شاملة لمعالجة انخفاض مناسيب المياه في الخزانات نتيجة تراجع الواردات المائية مقارنة بالسنوات السابقة، ما أدى إلى بلوغ مستويات خزين مائي متدنية. وأوضح عبدالأمير، للوكالة، أن الخطة تضمنت توزيع المياه المتوفرة في الخزانات على جميع المحافظات العراقية وفق نسب سكانية مدروسة واحتياجات متعددة تشمل مياه الشرب، ري البساتين، تغذية الأهوار، وسد الاستخدامات الأخرى. ونبه إلى أن الوزارة تراقب يومياً كميات التصريف الواصلة للمحافظات، كما تنفذ إجراءات للحد من التجاوزات، بينها إزالة أحواض الأسماك المخالفة وتشغيل المضخات خارج أوقات المراشنة. وذكر عبد الأمير، أن هذه الإجراءات أسهمت في إيصال الحصص المائية إلى المحافظات، مشيراً إلى أنه تم تأمين ما لا يقل عن 90 متراً مكعباً من المياه لمحافظة البصرة. وفي ما يتعلق بالخطة الزراعية الصيفية لهذا العام، أكد عدم إقرار أي خطة زراعية شاملة، بل اقتصر الأمر على إرواء أكثر من مليون دونم من البساتين في عموم البلاد، إضافة إلى السماح بتشغيل المضخات وتوفير مياه الشرب للإنسان والثروة الحيوانية. وفي سياق متصل، أشار إلى أن بعض الفلاحين في عدد من المحافظات أقدموا على زراعة محاصيل زراعية خارج نطاق الخطة المقررة، محذراً من أن هذه الزراعة غير المصرح بها ستؤثر سلباً على مياه الشرب ومياه البستنة في المناطق الواقعة بعد مواقع التجاوز. وأبلغ عبد الأمير، بأن الوزارة غير مسؤولة عن أي أضرار قد تلحق بهذه المحاصيل، مشدداً على أن المخالفين سيتحملون التبعات القانونية. أما بشأن الموسم الزراعي الشتوي المقبل، فقد أشار إلى أن الخطة تعتمد على تحسّن الوضع المائي وما تحققه البلاد من واردات خلال شهري تشرين الأول/أكتوبر وتشرين الثاني/نوفمبر. وعن المفاوضات الإقليمية، أكد عبدالأمير، أن وزارة الموارد المائية هي الجهة المسؤولة عن ملف التفاوض الفني مع دول الجوار بشأن الحصص المائية. مرحلة الخطر بدوره، حذّر عضو مرصد "العراق الأخضر" المتخصص في شؤون البيئة، عمر عبد اللطيف، من أن العراق بات خامس أكثر دولة تأثراً بالتغير المناخي عالمياً، نتيجة عوامل متعددة أبرزها تراجع الغطاء النباتي، وارتفاع درجات الحرارة، والموقع الجغرافي القريب من خط الاستواء، بالإضافة إلى ضعف الاهتمام الرسمي بالبيئة. وأخبر عبد اللطيف، وكالة شفق نيوز، بأن المحافظات الجنوبية ومحافظات الفرات الأوسط هي الأكثر تضرراً حالياً من ظاهرتي التصحر والجفاف، محذراً من أن الأضرار قد تشمل محافظتي الأنبار ونينوى، فضلاً عن إقليم كوردستان خلال السنوات الثلاث المقبلة، في ظل استمرار شح الإطلاقات المائية وعدم التوصل إلى اتفاقات واضحة مع الجانب التركي بشأن الحصص المائية. وبين أن العراق دخل عملياً ما يمكن وصفه بـ"مرحلة الخطر البيئي" وفقاً للمعايير الدولية، مشيراً إلى أن التغيرات المناخية تتسارع في البلاد، في حين ما تزال الإجراءات الحكومية لمعالجة الأزمة تسير ببطء شديد وسط بيروقراطية وروتين إداري يعيق الاستجابة السريعة. ولفت عبد اللطيف، أن استمرار هذا التباطؤ في مواجهة أزمة المناخ قد يؤدي إلى تفاقم الكوارث البيئية، ما يستدعي تحركاً عاجلاً وشاملاً على المستويات كافة للحد من التداعيات المتوقعة. تضخم وارتفاع البطالة في السياق ذاته، حذّر الباحث الاقتصادي أحمد عيد، من أن الأسواق العراقية تشهد مؤخراً ضغوطاً متزايدة على أسعار السلع الغذائية، نتيجة التراجع في الإنتاج الزراعي بفعل الجفاف والتصحر، وهو ما يُترجم تدريجياً إلى موجات تضخمية تطال المواد الأساسية، وتثقل كاهل المواطنين وتزيد من اضطراب السوق. وأوضح عيد، خلال حديثه للوكالة، أن الأثر المالي لتعطل القطاع الزراعي لا يقتصر على ارتفاع الأسعار فقط، بل يمتد ليشكل عبئاً كبيراً على الاقتصاد الكلي، إذ يؤدي إلى خسائر في مساحات واسعة من الأراضي الصالحة للزراعة، ويُقلّص من مساهمة الزراعة في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي، إضافة إلى تعطيل سلاسل التوريد المحلي، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر. ولفت إلى أن هذا الواقع يفرض أعباءً إضافية على الدولة، تتراوح بين زيادة الاعتماد على الاستيراد لسد الفجوة الغذائية، وتخصيص موارد لدعم الفلاحين والقطاعات المتضررة، مما يضغط على الموازنة العامة ويحد من قدرة الحكومة على المناورة المالية. وأشار الباحث، إلى أن التأثيرات لا تتوقف عند الجانب الاقتصادي فحسب، بل تطال سوق العمل الريفي بشكل مباشر، إذ يؤدي فقدان الأراضي الزراعية إلى انقطاع مصدر الرزق الأساسي لآلاف الأسر، وارتفاع معدلات البطالة، ودفع موجات من الهجرة الداخلية من الريف إلى المدن، الأمر الذي يخلق ضغوطاً إضافية على البنى التحتية الحضرية. ونبه إلى أن هذه التحولات تُضعف القطاع غير النفطي، لا سيما في مجالي الزراعة والخدمات، اللذين يشكلان ركيزة مهمة في بنية الاقتصاد العراقي خارج القطاع النفطي. وختم عيد، حديثه بالقول إن العراق لا يزال يفتقر إلى خطة اقتصادية وطنية شاملة وطويلة الأمد لمواجهة تداعيات التغير المناخي، مشيراً إلى أن الإجراءات الحالية تقتصر على معالجات متفرقة وردود أفعال مرحلية، لا ترقى إلى حجم التحدي الذي يواجه البلاد. شلّ قدرات العمال وفي الجانب الإنساني من الأزمة، تحدّث العامل في قطاع البناء بالعاصمة بغداد حسين سجاد (23 عاماً) عن المعاناة اليومية تحت وطأة درجات الحرارة المرتفعة في بغداد، قائلاً إن ارتفاع درجات الحرارة بات يشكل عبئاً مضاعفاً على العاملين، خاصة ضمن فئة ذوي الدخل المحدود، مؤكداً أن هذه الموجات الحارة تؤثر عليهم صحياً واقتصادياً في آنٍ واحد. وذكر سجاد، لوكالة شفق نيوز: "أعمل تحت أشعة الشمس بشكل مباشر، ومع الارتفاع الكبير في درجات الحرارة أصبحت أعاني من مشاكل صحية، ما اضطرني أحياناً إلى التوقف عن العمل"، مشيراً إلى أن عدم قدرته على الخروج للعمل يعني عدم تلبية احتياجات أسرته الأساسية. وأضاف أن هذه المعاناة لا تقتصر عليه فحسب، بل تشمل جميع العاملين في قطاع البناء، وهم في الغالب من أبناء الطبقة الفقيرة الذين يعتمدون على أجورهم اليومية لتأمين لقمة العيش. ولفت إلى أن استمرار موجات الحر دون حلول واقعية لحماية العمال من آثارها، يُنذر بمزيد من التدهور في أوضاع هذه الشريحة، داعياً الجهات المعنية إلى اتخاذ إجراءات عاجلة، سواء من خلال تنظيم ساعات العمل أو توفير بيئة عمل أكثر أماناً في ظل التغيرات المناخية المتسارعة. وفي ضوء هذه التصريحات، يتضح أن العراق يقف أمام أزمة مركّبة تشمل الأمن المائي، الزراعي، البيئي، والاقتصادي، مع تداعيات مباشرة على الفئات الضعيفة من المجتمع. وبينما بدأت بعض الإجراءات الحكومية بالظهور، يبقى التحدي الأكبر في تحويل هذه المبادرات المتفرقة إلى رؤية وطنية متكاملة، تستبق التغيرات المناخية بدل أن تلاحق آثارها، وإلا، فإن خطر الدخول في أزمة مستدامة سيبقى ماثلاً، إن لم يكن قد بدأ بالفعل.


شفق نيوز
منذ 6 ساعات
- شفق نيوز
انخفاض الدولار في بغداد و اربيل مع إغلاق بداية الأسبوع
شفق نيوز - بغداد / اربيل انخفضت أسعار الدولار في أسواق بغداد، و في اربيل عاصمة اقليم كوردستان، يوم السبت، مع اغلاق البورصة في بداية الأسبوع. وقال مراسل شفق نيوز ان اسعار الدولار انخفضت مع إغلاق بورصتي الكفاح و الحارثية لتسجل 139500 دينار مقابل 100 دولار، فيما سجلت صباح هذا اليوم 140000 دينار مقابل 100 دولار. وأشار مراسلنا إلى أن اسعار البيع في محال الصيرفة بالأسواق المحلية في بغداد انخفضت حيث بلغ سعر البيع 140500 دينار عراقي مقابل 100 دولار، بينما بلغ الشراء 138500 دينار مقابل 100 دولار. اما في اربيل فقد سجل الدولار انخفاضا أيضا حيث بلغ سعر البيع 139400 دينار لكل 100 دولار، وسعر الشراء 139200 دينار مقابل 100 دولار أمريكي.