
العراق في دائرة الخطر.. جانب مظلم وتحديات مركبة تهدد حياة الشعب
في ظل تسارع مظاهر التغير المناخي، وتزايد موجات الجفاف والتصحر، يواجه العراق تحديات بيئية واقتصادية مركبة تهدد الأمن الغذائي واستقرار الفئات الهشة.
وفي وقت تتباين فيه الاستجابات الرسمية بين الجهود المعلنة على الأرض وبطء التنفيذ، من منع زراعة محاصيل استراتيجية بسبب شح المياه، إلى تضرر فئات عاملة من موجات الحر، ترسم شهادات مسؤولين وخبراء ومواطنين صورة مقلقة لمستقبل بيئي واقتصادي على المحك.
منع زراعة الشلب
وأوضح مستشار وزارة الزراعة، مهدي ضمد القيسي، أن الوزارة كانت سبّاقة في إدراك تداعيات التغيرات المناخية وشح الإيرادات المائية، واتخذت إجراءات مبكرة لمعالجة آثار هذه التحديات على القطاع الزراعي في العراق.
وبيّن القيسي لوكالة شفق نيوز، أن من أبرز هذه الإجراءات، قرار الحكومة في الخطة الزراعية الصيفية بمنع زراعة الشلب، نظراً لكونه من المحاصيل التي تتطلب إغماراً مستمراً بالمياه طوال فترة النمو وحتى الحصاد، وهو أمر لم يعد ممكناً في ظل انخفاض مناسيب المياه.
وأضاف أن الوزارة بدأت منذ عدة سنوات بتجربة تقنيات الري الحديثة، وعلى رأسها الري بالرش لمحصول الشلب، بهدف تقليل الهدر المائي، مع الحفاظ على جودة ونكهة الأرز، لاسيما صنف "العنبر" المعروف محلياً. وأظهرت النتائج الأولية للتجارب مؤشرات إيجابية، فيما يتواصل العمل للتوسع في هذه التقنيات الحديثة.
وفيما يتعلق بمحصول الحنطة ضمن الخطة الزراعية الشتوية، أشار القيسي، إلى أن وزارة التجارة أعلنت مؤخراً استلام أكثر من 5 ملايين و100 ألف طن من الحنطة من مختلف المحافظات، وهو ما يُعد كافياً لتغطية احتياجات البطاقة التموينية لهذا العام.
وواصل المسؤول الحكومي حديثه بالقول إن "وزارة الزراعة أحدثت خلال العامين الماضيين طفرة نوعية في دعم المزارعين من خلال توفير منظومات الري بالرش، حيث تُمنح هذه المنظومات لمزارعي الحنطة بخصم 30%، على أن يُقسط المبلغ المتبقي (70%) على مدى عشر سنوات، مع إعفاء من الدفع في السنة الأولى، أي تسدد خلال 11 عاماً.
وتعتمد هذه المنظومات، وفق القيسي، على الآبار والمياه الجوفية، وتُسهم في تقليل استهلاك المياه بنسبة تتراوح بين 30 إلى 40% مقارنة بالري السيحي، مع تحقيق زيادة في الإنتاج وتحسين نوعية المحصول.
وفي إطار تأمين الكميات المطلوبة، لفت إلى أن وزارة الزراعة تعاقدت مع وزارة الصناعة لتجهيز هذه المنظومات، إلا أن الإنتاج المحلي لا يغطي الحاجة الكاملة، ما دفع وزارة الزراعة للجوء إلى المناقصات لاستيراد منظومات إضافية.
وتم التعاقد، بحسب القيسي، على 13 ألف منظومة ري بسعات مختلفة (60، 80، و120 دونماً)، وقد استُلم نصف هذه الكمية حتى الآن، فيما تم توزيع 3 آلاف منظومة منها فعلياً على الفلاحين.
خطط لتوزيع المياه
من جانبه، أعلن معاون مدير عام الهيئة العامة لتشغيل مشاريع الري والبزل في وزارة الموارد المائية، غزوان عبدالأمير، أن الوزارة وضعت خطة شاملة لمعالجة انخفاض مناسيب المياه في الخزانات نتيجة تراجع الواردات المائية مقارنة بالسنوات السابقة، ما أدى إلى بلوغ مستويات خزين مائي متدنية.
وأوضح عبدالأمير، للوكالة، أن الخطة تضمنت توزيع المياه المتوفرة في الخزانات على جميع المحافظات العراقية وفق نسب سكانية مدروسة واحتياجات متعددة تشمل مياه الشرب، ري البساتين، تغذية الأهوار، وسد الاستخدامات الأخرى.
ونبه إلى أن الوزارة تراقب يومياً كميات التصريف الواصلة للمحافظات، كما تنفذ إجراءات للحد من التجاوزات، بينها إزالة أحواض الأسماك المخالفة وتشغيل المضخات خارج أوقات المراشنة.
وذكر عبد الأمير، أن هذه الإجراءات أسهمت في إيصال الحصص المائية إلى المحافظات، مشيراً إلى أنه تم تأمين ما لا يقل عن 90 متراً مكعباً من المياه لمحافظة البصرة.
وفي ما يتعلق بالخطة الزراعية الصيفية لهذا العام، أكد عدم إقرار أي خطة زراعية شاملة، بل اقتصر الأمر على إرواء أكثر من مليون دونم من البساتين في عموم البلاد، إضافة إلى السماح بتشغيل المضخات وتوفير مياه الشرب للإنسان والثروة الحيوانية.
وفي سياق متصل، أشار إلى أن بعض الفلاحين في عدد من المحافظات أقدموا على زراعة محاصيل زراعية خارج نطاق الخطة المقررة، محذراً من أن هذه الزراعة غير المصرح بها ستؤثر سلباً على مياه الشرب ومياه البستنة في المناطق الواقعة بعد مواقع التجاوز.
وأبلغ عبد الأمير، بأن الوزارة غير مسؤولة عن أي أضرار قد تلحق بهذه المحاصيل، مشدداً على أن المخالفين سيتحملون التبعات القانونية.
أما بشأن الموسم الزراعي الشتوي المقبل، فقد أشار إلى أن الخطة تعتمد على تحسّن الوضع المائي وما تحققه البلاد من واردات خلال شهري تشرين الأول/أكتوبر وتشرين الثاني/نوفمبر.
وعن المفاوضات الإقليمية، أكد عبدالأمير، أن وزارة الموارد المائية هي الجهة المسؤولة عن ملف التفاوض الفني مع دول الجوار بشأن الحصص المائية.
مرحلة الخطر
بدوره، حذّر عضو مرصد "العراق الأخضر" المتخصص في شؤون البيئة، عمر عبد اللطيف، من أن العراق بات خامس أكثر دولة تأثراً بالتغير المناخي عالمياً، نتيجة عوامل متعددة أبرزها تراجع الغطاء النباتي، وارتفاع درجات الحرارة، والموقع الجغرافي القريب من خط الاستواء، بالإضافة إلى ضعف الاهتمام الرسمي بالبيئة.
وأخبر عبد اللطيف، وكالة شفق نيوز، بأن المحافظات الجنوبية ومحافظات الفرات الأوسط هي الأكثر تضرراً حالياً من ظاهرتي التصحر والجفاف، محذراً من أن الأضرار قد تشمل محافظتي الأنبار ونينوى، فضلاً عن إقليم كوردستان خلال السنوات الثلاث المقبلة، في ظل استمرار شح الإطلاقات المائية وعدم التوصل إلى اتفاقات واضحة مع الجانب التركي بشأن الحصص المائية.
وبين أن العراق دخل عملياً ما يمكن وصفه بـ"مرحلة الخطر البيئي" وفقاً للمعايير الدولية، مشيراً إلى أن التغيرات المناخية تتسارع في البلاد، في حين ما تزال الإجراءات الحكومية لمعالجة الأزمة تسير ببطء شديد وسط بيروقراطية وروتين إداري يعيق الاستجابة السريعة.
ولفت عبد اللطيف، أن استمرار هذا التباطؤ في مواجهة أزمة المناخ قد يؤدي إلى تفاقم الكوارث البيئية، ما يستدعي تحركاً عاجلاً وشاملاً على المستويات كافة للحد من التداعيات المتوقعة.
تضخم وارتفاع البطالة
في السياق ذاته، حذّر الباحث الاقتصادي أحمد عيد، من أن الأسواق العراقية تشهد مؤخراً ضغوطاً متزايدة على أسعار السلع الغذائية، نتيجة التراجع في الإنتاج الزراعي بفعل الجفاف والتصحر، وهو ما يُترجم تدريجياً إلى موجات تضخمية تطال المواد الأساسية، وتثقل كاهل المواطنين وتزيد من اضطراب السوق.
وأوضح عيد، خلال حديثه للوكالة، أن الأثر المالي لتعطل القطاع الزراعي لا يقتصر على ارتفاع الأسعار فقط، بل يمتد ليشكل عبئاً كبيراً على الاقتصاد الكلي، إذ يؤدي إلى خسائر في مساحات واسعة من الأراضي الصالحة للزراعة، ويُقلّص من مساهمة الزراعة في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي، إضافة إلى تعطيل سلاسل التوريد المحلي، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.
ولفت إلى أن هذا الواقع يفرض أعباءً إضافية على الدولة، تتراوح بين زيادة الاعتماد على الاستيراد لسد الفجوة الغذائية، وتخصيص موارد لدعم الفلاحين والقطاعات المتضررة، مما يضغط على الموازنة العامة ويحد من قدرة الحكومة على المناورة المالية.
وأشار الباحث، إلى أن التأثيرات لا تتوقف عند الجانب الاقتصادي فحسب، بل تطال سوق العمل الريفي بشكل مباشر، إذ يؤدي فقدان الأراضي الزراعية إلى انقطاع مصدر الرزق الأساسي لآلاف الأسر، وارتفاع معدلات البطالة، ودفع موجات من الهجرة الداخلية من الريف إلى المدن، الأمر الذي يخلق ضغوطاً إضافية على البنى التحتية الحضرية.
ونبه إلى أن هذه التحولات تُضعف القطاع غير النفطي، لا سيما في مجالي الزراعة والخدمات، اللذين يشكلان ركيزة مهمة في بنية الاقتصاد العراقي خارج القطاع النفطي.
وختم عيد، حديثه بالقول إن العراق لا يزال يفتقر إلى خطة اقتصادية وطنية شاملة وطويلة الأمد لمواجهة تداعيات التغير المناخي، مشيراً إلى أن الإجراءات الحالية تقتصر على معالجات متفرقة وردود أفعال مرحلية، لا ترقى إلى حجم التحدي الذي يواجه البلاد.
شلّ قدرات العمال
وفي الجانب الإنساني من الأزمة، تحدّث العامل في قطاع البناء بالعاصمة بغداد حسين سجاد (23 عاماً) عن المعاناة اليومية تحت وطأة درجات الحرارة المرتفعة في بغداد، قائلاً إن ارتفاع درجات الحرارة بات يشكل عبئاً مضاعفاً على العاملين، خاصة ضمن فئة ذوي الدخل المحدود، مؤكداً أن هذه الموجات الحارة تؤثر عليهم صحياً واقتصادياً في آنٍ واحد.
وذكر سجاد، لوكالة شفق نيوز: "أعمل تحت أشعة الشمس بشكل مباشر، ومع الارتفاع الكبير في درجات الحرارة أصبحت أعاني من مشاكل صحية، ما اضطرني أحياناً إلى التوقف عن العمل"، مشيراً إلى أن عدم قدرته على الخروج للعمل يعني عدم تلبية احتياجات أسرته الأساسية.
وأضاف أن هذه المعاناة لا تقتصر عليه فحسب، بل تشمل جميع العاملين في قطاع البناء، وهم في الغالب من أبناء الطبقة الفقيرة الذين يعتمدون على أجورهم اليومية لتأمين لقمة العيش.
ولفت إلى أن استمرار موجات الحر دون حلول واقعية لحماية العمال من آثارها، يُنذر بمزيد من التدهور في أوضاع هذه الشريحة، داعياً الجهات المعنية إلى اتخاذ إجراءات عاجلة، سواء من خلال تنظيم ساعات العمل أو توفير بيئة عمل أكثر أماناً في ظل التغيرات المناخية المتسارعة.
وفي ضوء هذه التصريحات، يتضح أن العراق يقف أمام أزمة مركّبة تشمل الأمن المائي، الزراعي، البيئي، والاقتصادي، مع تداعيات مباشرة على الفئات الضعيفة من المجتمع.
وبينما بدأت بعض الإجراءات الحكومية بالظهور، يبقى التحدي الأكبر في تحويل هذه المبادرات المتفرقة إلى رؤية وطنية متكاملة، تستبق التغيرات المناخية بدل أن تلاحق آثارها، وإلا، فإن خطر الدخول في أزمة مستدامة سيبقى ماثلاً، إن لم يكن قد بدأ بالفعل.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


شفق نيوز
منذ 11 ساعات
- شفق نيوز
بعضهم ترك مهناً "مهمة".. عمل الـ"أونلاين" يستهوي الشباب والفتيات في العراق
اختارت فرح أحمد، البالغة من العمر 30 عاماً، أن تترك مهنة المحاماة وتتجه إلى العمل من المنزل، بعد أن وجدت صعوبة في تحقيق مردود مادي مجزٍ من مهنتها القانونية التي تتطلب الوقوف لساعات طويلة في أروقة المحاكم بحثاً عن زبائن. كانت أحمد ترتدي ملابسها الرسمية يومياً، وتتنقل بين المحاكم على أمل الحصول على قضية، إلا أن الأمر كثيراً ما كان ينتهي دون نتيجة، مما أثر سلباً على معيشتها ودفعها إلى البحث عن بديل. بعد تفكير طويل، قررت فرح أحمد الاتجاه إلى بيع الملابس عبر تطبيق "تيك توك" بدعم من زوجها، وتقول في حديثها لوكالة شفق نيوز "كنت أنتظر ساعات طويلة أمام كُتاب العرائض، وغالباً ما أعود دون عمل، وهذا ما كان يؤلمني". وتضيف "لفت نظري خلال تصفحي لتيك توك، وجود بث مباشر لحسابات تبيع منتجات مختلفة، فقررت خوض التجربة برأس مال بسيط، بحثت عن طريقة مناسبة لشراء الملابس، وأنشأت حساباً خاصاً وبدأت بالترويج لبضاعتي بين الجيران والأقارب". وسرعان ما بدأت أحمد تبث يومياً في ساعة محددة، ولاحظت تزايد عدد المتابعين والزبائن الذين يطلبون منها الملابس والعطور والحقائب، حيث تؤكد أن "هذا العمل وفر عليها متاعب النهوض مبكراً، والوقوف الطويل، والتعامل مع مزاجية الزبائن في المحاكم، دون أن تتخلى كلياً عن المحاماة، التي اقتصرت لاحقاً على دائرة الأصدقاء والمعارف". ووفقاً لحديثها، فإنها قد جرّبت سابقاً مهناً منزلية مثل الخياطة والحلاقة النسائية، لكنها لم تحقق من خلالها دخلاً كافياً، مبينة أن العمل الحالي رغم إيجابياته، إلا أنه لا يخلو من السلبيات مثل إلغاء الطلبات، أو حالات النصب، أو تلقي طلبات وهمية ومقالب مزعجة. ومنذ العام 2019، انتشرت المهن المنزلية في بغداد وعدد من المحافظات، خاصة بعد تفشي وباء كورونا، ما أدى إلى شيوع ثقافة البيع والشراء عبر الإنترنت، بعد أن كانت الأعمال المنزلية مقتصرة على الخياطة والحلاقة النسوية. ويسعى العديد من الفتيات والشباب إلى مزاولة أعمال تجارية بسيطة عبر الإنترنت، خاصة طالبات الجامعات والمعاهد رغبة منهن في تحقيق الاستقلال المالي دون التأثير على دراستهن. وتقول سجى علوان، طالبة في معهد الفنون الجميلة وتبلغ من العمر 19 عاماً، إنها فكرت بعمل لا يعيق دراستها، فبدأت بإعطاء تمارين رياضية ونُظم غذائية عبر مواقع التواصل. وتابعت علوان، خلال حديثها لوكالة شفق نيوز، قائلة إنها أنشأت حساباً خاصاً، وشاركت في دورات "أونلاين"، وأصبحت تقدم تدريبات خاصة بالرشاقة، ووجهت مشتركاتها إلى اتباع أنظمة غذائية مناسبة، ما ساعدها في تحقيق دخل جيد. وتتابع: "أنا أدير عملي بنفسي وبمرونة تامة، دون الاعتماد على مزاج أصحاب القاعات الرياضية، مما وفر لي الوقت والدخل اللازم لإكمال دراستي دون مشاكل مادية"، مشيرة إلى "بعض التحديات مثل عدم التزام المشتركين بالدفع أو عدم رضا البعض عن نتائج التمارين". في المقابل، يرى مختصون أن توسع الأعمال المنزلية التي تُدار عبر الإنترنت بحاجة إلى تشريعات واضحة لضمان حقوق البائعين والمستهلكين. ويقول الخبير القانوني علاء العامري، لوكالة شفق نيوز، إن "هناك قوانين تنظم المعاملات التجارية الإلكترونية، منها قانون التوقيع الإلكتروني والمعاملات الإلكترونية رقم 78 لسنة 2012، وقانون حماية المستهلك رقم 1 لسنة 2010، لكن هذه القوانين بحاجة إلى تعديل لتواكب التطورات الحالية". الهجرة الرقمية تزامناً مع انتشار الأعمال المنزلية، بدأ العديد من الشباب العراقيين بمزاولة ما يُعرف بـ"الهجرة الرقمية"، أي العمل مع شركات وأفراد خارج العراق دون مغادرة البلاد، مستفيدين من التطور التكنولوجي وسوق العمل العالمي. ويقول حسن فاروق، أحد هؤلاء الشباب، الذي ترك عمله السابق في شركة اتصالات محلية نتيجة الضغوط وسوء المعاملة، وتوجه إلى العمل عن بُعد مع شركة أجنبية متخصصة بأنظمة الحاسوب: "أنا خريج الجامعة التكنولوجية، ولم أقبل بالإهانة أو التقليل من قدراتي، فقررت ترك الوظيفة المحلية ووجدت التقدير والدخل المناسب في العمل مع شركة أجنبية". ويضيف فاروق، في حديثه لوكالة شفق نيوز، أنه يشعر الآن بالحرية والاحترام، ويتقاضى راتبه بالدولار شهرياً دون معاناة زحامات الطريق أو أعباء التنقل والطعام. بدوره، يوضح المهندس حسن مصطفى، لوكالة شفق نيوز، أن "العمل مع شركات دولية يوفر امتيازات كبيرة من الناحية المالية والراحة النفسية"، مضيفاً أن "العالم الافتراضي أكثر واقعية مما نتصور، ولم أواجه أي مشاكل تُذكر، حيث يتم تحويل راتبي شهرياً إلى أحد البنوك المحلية". نمو متصاعد رغم عدم توفر بيانات رسمية بشأن "الهجرة الرقمية" أو حجم التجارة الإلكترونية في العراق، إلا أن الخبراء يرون في هذا المسار رافداً اقتصادياً مهماً يجب دعمه وتشريعه. ويقول الخبير الاقتصادي منار العبيدي، لوكالة شفق نيوز، إن العمل المنزلي والـ"أونلاين" يمثل قيمة مضافة للاقتصاد من خلال خلق فرص عمل، لكنه لا يرفد خزينة الدولة بأي إيرادات ضريبية لكونه غير منظم قانونياً. ويشير إلى أن قانون التجارة الإلكترونية أُقر بالفعل، وصدرت تعليماته، لكن لم يُفعّل بشكل جاد على أرض الواقع حتى الآن.


شفق نيوز
منذ 18 ساعات
- شفق نيوز
العمل تطلق دفعة الإعانة الاجتماعية ورواتب العمال المتقاعدين
شفق نيوز– بغداد أعلنت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، اليوم الأحد، إطلاق دفعة الإعانة الاجتماعية لشهر آب للأسر المشمولة في بغداد والمحافظات، والتي شملت مليونين و(97) ألفًا و(225) أسرة، بمبلغ إجمالي تجاوز (452) مليار دينار عراقي. ودعت الوزارة، وفق بيان ورد إلى وكالة شفق نيوز، الأسر المستفيدة إلى مراجعة منافذ الصرف لاستلام الإعانات. من جانبها، أوضحت هيئة الحماية الاجتماعية، أن عدد الأسر التي يعيلها رجال بلغ أكثر من مليون و(520) ألف أسرة، بإجمالي مبالغ تفوق (364) مليار دينار، فيما بلغ عدد الأسر التي تعيلها نساء أكثر من (576) ألف أسرة، وبمبالغ تجاوزت (87) مليار دينار. وفي سياق متصل، أعلنت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية صرف رواتب العمال المتقاعدين المضمونين لشهر آب 2025 في بغداد والمحافظات، ابتداءً من الساعة الثانية عشرة ظهرًا من اليوم ذاته. وأكدت دائرة التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال، أن الدائرة أتمّت جميع الإجراءات اللازمة لإطلاق الرواتب، داعية المتقاعدين كافة إلى مراجعة المنافذ المخصصة لاستلام مستحقاتهم.


شفق نيوز
منذ يوم واحد
- شفق نيوز
بعد حريق "الهايبر".. تكاليف السلامة تقفز لأضعاف دون ضوابط رسمية
شفق نيوز– واسط/ كركوك تشهد محافظات عراقية عدة، من بينها كركوك، ارتفاعاً متسارعاً في أسعار الحديد وأجور الأعمال الإنشائية والتأهيلية، نتيجة لتشديد إجراءات السلامة العامة التي أعقبت حادثة حريق "هايبر الكوت"، والتي أثارت جدلاً واسعاً حول هشاشة معايير السلامة في الأبنية التجارية والمولات والمطاعم. وفرضت مديريات الدفاع المدني في مختلف المحافظات تعليمات أكثر صرامة، تلزم أصحاب المنشآت التجارية بإجراء تحسينات فورية تتعلق بمنظومات الإخلاء والطوارئ ومخارج الهروب، وأدت هذه المتطلبات إلى زيادة كبيرة في الطلب على المواد الإنشائية، خصوصاً الحديد، وأجور العمالة الفنية المختصة. وقال عدد من المقاولين وأصحاب الأبنية في الكوت، لوكالة شفق نيوز، إن اشتراطات الدفاع المدني الجديدة دفعت الكثير من أصحاب المحال والمجمعات التجارية إلى إعادة تأهيل مبانيهم بما ينسجم مع المعايير الحديثة، مما رفع الطلب على الحديد، وخاصة الحديد المستخدم في الإنشاءات الثانوية، مثل السلالم الخارجية والهياكل المعدنية لمنظومات الإخلاء. وأوضح المتخصص في تأهيل الأبنية التجارية، المهندس سمير عباس الحداد، أن "الجهات الرقابية بدأت تطالب بتوفير سلالم طوارئ خارجية، وأبواب معدنية مقاومة للنار، وأنظمة إنذار وإطفاء حديثة، وهو ما تسبب بزيادة مباشرة في الطلب على الحديد المقوّى والمقاطع الخاصة المستخدمة في هذه الأعمال". وأضاف الحداد، لوكالة شفق نيوز، أن "العديد من أصحاب الأبنية فوجئوا بالكلفة المرتفعة لهذه التحسينات، خصوصاً أن بعضها لم يكن مدرجاً ضمن خططهم التشغيلية، ما وضعهم أمام خيارين: إما الامتثال وتحمل التكاليف العالية، أو مواجهة خطر الغلق الإداري والغرامات". وقال المقاول فراس أحمد الحداد، لوكالة شفق نيوز، إن "كلف أعمال السلامة ارتفعت بشكل لافت، فتركيب سلم طوارئ معدني واحد لمبنى متوسط أصبح يتراوح بين مليوني دينار إلى أربعة ملايين دينار، حسب المواصفات الفنية، وطول السلم، ونوع الحديد المستخدم". وأشار إلى أن "الطلب المكثف على هذه الأعمال خلال فترة زمنية قصيرة أدى إلى قفزة في أجور اللحامين، والعمال الفنيين، مما دفع بعضهم لاستغلال الوضع لفرض أسعار مرتفعة"، لافتاً إلى أن "المنافسة تحولت إلى صراع مع الوقت والمال، لا سيما للمحال الكبيرة والمطاعم المعروفة التي تخشى الإغلاق أو فقدان الزبائن". وأكد صاحب ورشة تصنيع معدني في الكوت، حسين عباس، أن "الطلب على الحديد المستخدم في صناعة سلالم الطوارئ ارتفع بشكل غير مسبوق"، مضيفاً أن "المعامل المحلية لم تكن مستعدة لهذه الطفرة المفاجئة في الطلب، مما تسبب بشح المادة الخام، وارتفاع أسعارها". وقال عباس، لوكالة شفق نيوز: نحن نعمل الآن بطاقتنا القصوى لتلبية الطلبيات، ولكن هناك صعوبة في تأمين الحديد بسرعة بسبب ضغط السوق وقلة الموردين، مبيناً أن أسعار الحديد ارتفعت بنسبة 30 إلى 40% خلال أسبوعين، ما أثر بشكل مباشر على الكلفة النهائية لكل مشروع. وفي كركوك، أكد مصدر مسؤول في مديرية الدفاع المدني لوكالة شفق نيوز، أن المديرية نفذت سلسلة من الزيارات التفتيشية المكثفة خلال الأسبوعين الماضيين، وأسفرت عن إغلاق أكثر من 25 موقعاً تجارياً ومطعماً، لعدم استيفائها شروط السلامة، وعلى رأسها عدم وجود سلالم طوارئ وإنذار حريق ومخارج إخلاء آمنة. وأضاف المصدر أن الدفاع المدني أصدر إنذارات رسمية لعشرات المواقع الأخرى، وحدد مهلاً زمنية قصيرة لتصحيح المخالفات، مؤكداً أن الحملة تأتي في إطار توجيهات صارمة بعد كارثة "هايبر الكوت"، وأن الأولوية الآن هي حماية الأرواح وتفادي تكرار الحادث. ويرى مراقبون أن هذه المتغيرات فرضت تحديات كبيرة على المشاريع الصغيرة والمتوسطة، التي تجد نفسها عاجزة عن تأمين المبالغ اللازمة لإعادة التأهيل، خاصة في ظل غياب أي برامج دعم أو قروض حكومية ميسّرة. وقال أحد أصحاب المطاعم في كركوك ويدعى حسام محمود، لوكالة شفق نيوز، إن "كلفة إعادة تأهيل المطعم بمنظومة إنذار وسلالم طوارئ معدنية تجاوزت 18 مليون دينار، وهذا مبلغ كبير لا نستطيع دفعه دفعة واحدة، ولا توجد جهة حكومية تمنحنا قروضاً أو حتى مهلة كافية". ويحذر خبراء اقتصاديون من أن تطبيق معايير السلامة لا يجب أن يكون على حساب انهيار المنشآت الصغيرة أو فقدان الوظائف، مطالبين بتطبيق حلول مرنة، مثل السماح بالتقسيط، وتقديم إعفاءات جمركية مؤقتة على استيراد المواد الضرورية، وتوفير حوافز للمشاريع الملتزمة. كما يدعون إلى إصدار دليل فني واضح من الدفاع المدني يتضمن المواصفات القياسية للسلالم ومنظومات السلامة، لتفادي التلاعب من قبل بعض المقاولين، وتحديد سقوف سعرية تقريبية للحد من الاستغلال.