logo
انتزاع زمام المبادرة السياسية كمهمة أولى

انتزاع زمام المبادرة السياسية كمهمة أولى

جريدة الاياممنذ يوم واحد
انتظر كثيرون اتفاقاً لوقف إطلاق النار في غزة يعلنه الرئيس ترامب بعد اجتماعه بنتنياهو في البيت الأبيض، على خلفية وعد ترامب الشخصي بإعادة جميع الرهائن الإسرائيليين وإنهاء الحرب، عبر اتفاق وشيك. وقد ساد اعتقاد بأن ترامب سيفرض الاتفاق على نتنياهو أثناء اجتماعهما في واشنطن، وذلك على غرار نجاحه في وقف الحرب الإيرانية الإسرائيلية بعد 12 يوماً من اندلاعها. في هذا السياق قدم طاقم ترامب حوافز كثيرة لتسهيل عملية التوصل الى اتفاق، كتصميم اتفاق انتقالي يشجع نتنياهو على الدخول في مسار تفاوضي يقود الى إنهاء الحرب بمضمون الشروط الإسرائيلية. لكن نتنياهو عطل المسار التفاوضي بوضع شروط استفزازية حالت دون التوصل إلى اتفاق، سواء من خلال تعهده باستئناف الحرب بعد 60 يوماً وتشبثه باقتطاع 40% من أراضي قطاع غزة كمناطق عازلة بحسب الخرائط التي قدمها المفاوض الإسرائيلي، فضلاً عن تمسكه باحتكار الشركة الأميركية للإغاثة، حيث قتل خلال انتظار المساعدات ما ينوف على 800 مواطن، ورغم ذلك تصر حكومة نتنياهو على استبعاد المنظمات الدولية المختصة بالشؤون الإنسانية والخدمية، وتستمر سلطات الاحتلال بالتحضير لتجميع أكثرية سكان القطاع في معسكر اعتقال ضخم على أطراف رفح، توطئة لتهجيرهم.
ثبت بالملموس أن نتنياهو ومعسكره الكاهاني عازمون على مواصلة الحرب، وهم يدفعون الى تأجيل أي اتفاق جزئي، وصولاً الى يوم 28 تموز، حيث يدخل الكنيست في عطلة لمدة 3 أشهر. وفي هذه الحالة تستمر الحرب وفقاً لخطة التطهير العرقي الفاشية. وسواء حدثت هدنة الستين يوماً او لم تحدث، يستمر مخطط التطهير العرقي، سيما وأن نتنياهو يتمتع بسلطة مطلقة على الاستراتيجية العسكرية بحسب تقرير» نيويورك تايمز». ويلاحظ أن سياسات نتنياهو تتكشف أكثر في وعوده للوزير المتطرف سموتريتش، وعده 7 مرات وأوفى بوعوده، في الوعد رقم 7 وعد بنقل السكان جنوباً ووضع أكثرية المواطنين في معسكر اعتقال ضخم اسماه «مدينة إنسانية» مترافقاً مع تدمير أماكنهم في – مدن وبلدات ومخيمات- تدميراً كاملاً ليحول دون عودتهم إليها، وفرض حصار شامل على من تبقى خارج معسكرات التجميع الحدودية.
السؤال الذي يطرح نفسه لماذا رضخ ترامب لشروط وألاعيب نتنياهو حتى في تفاصيلها؟ أولاً لأن ترامب أبرم اتفاقاته بقيمة 4 ترليونات دولار، ولم يربطها مسبقاً باشتراط التطبيع الرسمي بين دول عربية وإسلامية وإسرائيل، ولا بإنهاء الحرب او بحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وأن أقصى ما يمكن حدوثه هو تأجيل إبرام الاتفاقات مع إسرائيل، بمعنى لا يوجد تراجع يؤدي الى خسائر وخلط للأوراق. ثانياً: لأنه لا يوجد خلاف بين إدارة ترامب وطاقمه الممسك بملف الحرب، وبين سياسة نتنياهو ومعسكره الكاهاني الذي يقدم حلاً فاشياً للقضية الفلسطينية. ثالثاً: لا يوجد ضغوط او احتجاجات عربية وفلسطينية خصوصاً، ولا يوجد ضغوط دولية على الموقف الأميركي الاستفزازي. فقد تراوحت المواقف العربية الرسمية بين التوسط ونقل الشروط الإسرائيلية الأميركية وبين الصمت المريب. لهذه الأسباب يندمج الموقف الأميركي بموقف أقصى اليمين الإسرائيلي الذي تمثله حكومة نتنياهو في موقف واحد.
البقاء ضمن معادلة قوة حماس المحدودة والتي لا تملك من عناصر القوة غير الرهائن والأسرى الإسرائيليين، والقدرة على إلحاق خسائر بشرية في جيش الاحتلال -بلغت الخسائر 890 جندياً وضابطاً منذ 7 أكتوبر، بينهم 448 جندياً خلال فترة الاجتياح البري الممتدة منذ 20 شهراً – وفي المستوى السياسي أصبحت مكانة إسرائيل في الحضيض بفعل استهدافها للمدنيين الأبرياء وارتكابها حرب إبادة يومية، وقد تتحول يوماً بعد يوم الى دولة منبوذة ومعرّضة للعقوبات. لكن وجود رأي عام عالمي أكثري مناهض للممارسات والسياسات الإسرائيلية لم يقلل من حجم الكارثة التي يتعرض لها المجتمع الفلسطيني في قطاع غزة، لم يؤد إلى توفير الغذاء والدواء ومستوى من الحماية للتجمعات البشرية المكتظة.
مقابل القوة المتغطرسة الإسرائيلية المدعومة من إدارة ترامب بلا حدود، وفي شتى المجالات، تمارس إسرائيل حرب إبادة متصاعدة وتحوّل قطاع غزة الى مكان غير صالح للحياة البشرية، والتي تمضي في تدمير البنية التحتية وتفكيك المجتمع، ودفعه نحو تهجير قسري داخل قطاع غزة كمقدمة لتهجير قسري خارجه. إذا ما استمرت الحرب وانحصرت المواجهة بين القوتين المذكورتين، فإن النتائج لن تكون سراً أو عصية على المعرفة والاستكشاف، وهي استكمال الإبادة والتهجير وخسائر بشرية ومادية متزايدة. لا يتفق الواقع على الأرض مع تقييم محمد الهندي نائب الأمين العام لحركة الجهاد حين قال إن عامل الوقت يلعب لصالح المقاومة التي تملك القدرة على الصمود طويلاً، وإن قوات الاحتلال عاجزة عن التقدم ميدانياً. فلا يمكن فصل صمود المقاومة عن صمود المجتمع الذي يفتقد لكل المقومات التي تصل أحياناً الى الصفر، والأسوأ ان دولة الاحتلال تتحكم في تلك المقومات وقد دأبت على تحطيمها. الخسائر التي تلحق بالمحتلين لا تقارَن بالخسائر التي تلحق بالمواطنين، ولا يقتصر الخطر على الخسائر الهائلة، بل يمتد الى تهديد الوجود الفلسطيني في القطاع وفرض الحل الفاشي من طرف واحد، وتصفية حقوق الشعب الفلسطيني الوطنية والمدنية على حد سواء. لا يوجد مصلحة للشعب الفلسطيني في إبقاء هذه المعادلة تفعل فعلها دون اعتراض أو تدخل او محاولة الخروج من هذا المسار الكارثي.
حكومة نتنياهو بالأقوال والممارسة تسعى الى حسم الصراع على طريقتها، واذا تُركت وحدها او بمشاركة أميركية فقط وبدون مبادرات، فإن روح الانتقام تطغى على ما عداها وستقود الأمور الى العدم. السؤال، لماذا لا نبحث عن حلول ومبادرات بدعم الدول العربية التي أبرمت الاتفاقات مع إسرائيل، وبدعم دول المؤتمر الدولي العربي المزمع عقده لدفع حل إقامة الدولة الفلسطينية، وبالاستناد لدعم الأمين العام للأمم المتحدة، ولتأييد قوى سلام إسرائيلية بدأت تعيد بناء مواقفها وأطرها. إن انتزاع زمام المبادرة السياسية يرتبط أساساً بحكمة وواقعية فلسطينية مسؤولة تشارك فيها الحركة السياسية بسائر أطيافها من خلال الشرعية الفلسطينية -المنظمة والسلطة -، وإذا أردنا ترجمة الواقعية في بنود سنقبل بقطاع غزة والضفة بدون سلاح المقاومة، والانتقال الى الشكل السلمي للنضال كشكل رئيسي، المقرون بطلب الحماية الدولية – قوات الأمم المتحدة ومن ضمنها قوات عربية – تشرف على وقف الحرب وحماية المواطنين وتأمين الاحتياجات الأساسية لملايين الفلسطينيين. إذا ما تم الاتفاق على هذا البند، فإن البنود الأخرى ستكون محط تفاهم كصيغة الوضع الانتقالي، تحت مظلة المنظمة والسلطة باعتبارهما الشرعية الفلسطينية. ونزع كل الذرائع التي استُخدمت وما تزال تُستخدم لمواصلة حرب الإبادة، وفي مقدمة ذلك الأسرى الإسرائيليون الذين ينبغي مبادلتهم بأسرع وقت.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

أميركا والقوى الأوروبية: اتفاق نووي مع إيران بنهاية أغسطس أو تفعيل آلية العقوبات
أميركا والقوى الأوروبية: اتفاق نووي مع إيران بنهاية أغسطس أو تفعيل آلية العقوبات

معا الاخبارية

timeمنذ 5 ساعات

  • معا الاخبارية

أميركا والقوى الأوروبية: اتفاق نووي مع إيران بنهاية أغسطس أو تفعيل آلية العقوبات

بيت لحم معا- اتفق وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو ووزراء خارجية فرنسا وألمانيا وبريطانيا في مكالمة هاتفية الاثنين على تحديد نهاية أغسطس/آب موعدا نهائيا للتوصل إلى اتفاق نووي مع إيران، بحسب ثلاثة مصادر شاركت في المحادثة. وبحسب المصادر، ووفقا للقناة الإسرائيلية 12 فإنه إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق بحلول الموعد الذي حدده وزراء الخارجية، فإن القوى الأوروبية الثلاث ستفعل آلية "سناب باك"، التي تعيد فرض جميع عقوبات مجلس الأمن الدولي على إيران تلقائيا والتي تم رفعها بعد الاتفاق النووي لعام 2015. ومن المتوقع أن تنتهي آلية "سناب باك"، المضمنة في الاتفاق النووي لعام 2015 والمصممة للرد على الانتهاكات الإيرانية، في أكتوبر/تشرين الأول. وترى الولايات المتحدة والقوى الأوروبية الثلاث أن هذه الآلية بمثابة رافعة للضغط على إيران للموافقة على اتفاق، فضلاً عن كونها أداة لزيادة الضغط على طهران إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق. وقالت المصادر إن الهدف من محادثة روبيو مع نظرائه الأوروبيين هو تنسيق المواقف بشأن تفعيل آلية "سناب باك" والاتفاق على الخطوات التالية في محاولة التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران. وقال مصدران إنه تم الاتفاق على أن فرنسا وبريطانيا وألمانيا ستفتح قريبا محادثات مع إيران لتمديد آلية "سناب باك" إلى ما بعد أكتوبر وعدم إعادة فرض العقوبات - في مقابل خطوات إيرانية من شأنها تهدئة المخاوف بشأن البرنامج النووي. وبحسب المصادر فإن من بين الخطوات المحتملة من جانب إيران استئناف مراقبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية لإيران، والتي تم تعليقها بمبادرة منها بعد اندلاع الحرب. وأضاف أحد المصادر أن خطوة أخرى قد تشمل إزالة 400 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب من 60% من المنشآت التي تعرضت للهجوم ونقلها خارج إيران. يقول الإيرانيون أنه لا يوجد أساس سياسي أو قانوني لتفعيل آلية "سناب باك"، ويهددون بالانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي إذا أعيد فرض العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على إيران منذ انتهاء الحرب بين إسرائيل وإيران، تحاول إدارة ترامب استئناف المفاوضات مع إيران للتوصل إلى اتفاق نووي جديد. وتخشى فرنسا وألمانيا وبريطانيا، وكذلك إسرائيل، من أن تضغط الإدارة الأميركية على القوى الأوروبية لعدم إعادة تفعيل آلية العقوبات حتى لا تضر بفرص المفاوضات. وعندما زار نتنياهو البيت الأبيض الأسبوع الماضي، أثار هذه القضية مع الرئيس ترامب وروبيو ومبعوث البيت الأبيض ستيف ويتكوف، بحسب مسؤولين إسرائيليين كبيرين. طلب نتنياهو من ترامب عدم عرقلة تفعيل آلية "سناب باك"، وأبلغ ويتكوف أن على الولايات المتحدة أن توضح للإيرانيين أن الوقت ضيقٌ أمامهم إذا أرادوا التوصل إلى اتفاق وتجنب إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة. وصرح مسؤول إسرائيلي: "شعرنا أن ترامب وفريقه يتفقون معنا في هذه المسألة". وقال مسؤول كبير في الإدارة الأميركية إن إدارة ترامب تؤيد تفعيل آلية "سناب باك" وترى فيها أداة ضغط في المفاوضات مع إيران. وأضاف المسؤول الأميركي أن الرئيس الأميركي يشعر بإحباط كبير لأن الإيرانيين لم يعودوا بعد إلى طاولة المفاوضات. وأوضح المبعوث البيت الأبيض ويتكوف للإيرانيين أن أي محادثات مستقبلية بشأن الاتفاق النووي يجب أن تكون مباشرة وليس من خلال وسطاء حتى يتمكن الجانبان من فهم بعضهما البعض بوضوح والتحرك بسرعة نحو التوصل إلى اتفاق.

القسام تعلن استهداف ناقلة جند بقذيفتي "الياسين 105"
القسام تعلن استهداف ناقلة جند بقذيفتي "الياسين 105"

فلسطين اليوم

timeمنذ 6 ساعات

  • فلسطين اليوم

القسام تعلن استهداف ناقلة جند بقذيفتي "الياسين 105"

أعلنت كتائب القسام، الذراع العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، مساء الثلاثاء، عن استهداف ناقلة جند إسرائيلية من نوع "نمر"، بقذيفتي "الياسين 105"، وذلك في منطقة السطر الغربي، شمال مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة. وأوضحت الكتائب في بيان مقتضب أن عملية الاستهداف تمت قرب مسجد الكتيبة، مؤكدة أن هذا الهجوم يأتي في إطار مواصلة التصدي للعدوان الصهيوني على القطاع، على حد تعبيرها. وتشهد مناطق متفرقة من قطاع غزة تصعيدًا ميدانيًا متواصلاً، وسط عمليات قصف، واشتباكات تدور بين المقاومة الفلسطينية والقوات الإسرائيلية.

تقدم في الدوحة بعد عرض الخرائط الجديدة وزامير يعرض خطة انسحاب الجيش من غزة
تقدم في الدوحة بعد عرض الخرائط الجديدة وزامير يعرض خطة انسحاب الجيش من غزة

معا الاخبارية

timeمنذ 7 ساعات

  • معا الاخبارية

تقدم في الدوحة بعد عرض الخرائط الجديدة وزامير يعرض خطة انسحاب الجيش من غزة

بيت لحم معا- تشهد المفاوضات الجارية في قطر تقدما تقدما بشأن القضية الخلافية المتعلقة بخرائط انسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي من غزة. وفقا لصحيفة يديعوت احرنوت قدّم الوفد الإسرائيلي اليوم خرائط جديدة، ولكن حتى الآن لم يتم التوصل إلى نتائج، ومن المتوقع أن تستمر المحادثات لبضعة أيام أخرى على الأقل. من المتوقع أن تجتمع الحكومة الإسرائيلية المصغرة الليلة لمناقشة المحادثات الجارية لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الأسرى. كذلك سيعرض رئيس اركان جيش الاحتلال إيال زامير، الخطة الجديدة لإنشاء "مدينة إنسانية" في منطقة رفح خلال الاجتماع الليلة، بعد أن طالب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في الاجتماع السابق بتقديم جداول زمنية "أكثر واقعية" . ومن المفترض أن تكون الخطة الجديدة أقل تكلفة، كما طلب نتنياهو، و"أقصر وأكثر عملية". ومن المتوقع أيضًا أن يعرض رئيس الأركان خطته المتعلقة باستمرار القتال وانسحاب الجيش حال التوصل إلى اتفاق مع حماس. في المناقشة السابقة، ووفقًا للمشاركين الحاضرين، استشاط رئيس الوزراء نتنياهو غضبًا من تقييم ممثلي الجيش، وطالبهم بتقديم خطة "مُحسّنة". ويزعم المشاركون أنفسهم أن الشعور السائد في القاعة هو أن الجيش يريد إفشال خطة إنشاء "مدينة إنسانية"، التي تُواجه بالفعل انتقادات واسعة حول العالم، وبالتالي "يُقدّم خطة غير واقعية".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store