logo
من الرصاصة إلى القبر: هكذا استكملت مليشيا الحوثي جريمة اغتيال الشيخ حنتوس

من الرصاصة إلى القبر: هكذا استكملت مليشيا الحوثي جريمة اغتيال الشيخ حنتوس

الصحوةمنذ 10 ساعات
لم يكن منع تشييع جثمان الشهيد الشيخ صالح حنتوس سوى تعبير عن خوف عميق يسكن مليشيات الحوثي من أن يتحوّل الوداع إلى احتجاج، وأن يصير الجثمان بيانا شعبيا يُحرج القاتل ويفضح الجريمة. لقد اختارت المليشيات دفنه كما اختارت قتله: في الظلام، وبعيدا عن أعين الناس، لأن صوته بقي مزعجا حتى وهو صامت، ولأن حضوره كان أكبر من جغرافيا قريته.
ما جرى لم يكن قرارا أمنيا فحسب، بل فعلا سياسيا وامتدادا طبيعيا للجريمة ونهجا معروفا، هدفه إغلاق الملف قبل أن تتصاعد تبعاته، غير أن الرياح لم تأتِ بما اشتهته المليشيات الحوثية، فقضية الشيخ تجاوزت حدود ريمة واليمن، وفتحت صفحة جديدة في ذاكرة الناس، محفورة بالألم والكرامة.
لم يكن الشيخ صالح حنتوس مجرد شيخ دين، ولا مجرد معلّم قرآن، مثّل طيلة حياته رمزا للبساطة والزهد والتعليم، رجلا سبعينيا كرّس أيامه لتحفيظ القرآن، وغرس قيم المساواة، والتضامن مع فلسطين، ورفض الخضوع لأي خطاب تعبوي يربط الدين بالحرب والطائفية.
وحين رفض أن يربط مسجده بالمشروع الحوثي، تحوّل في أعين الجماعة إلى تهديد، لا لأنه يحمل سلاحا، بل لأنه يعلّم الأطفال أن الناس سواسية، وأن "إن أكرمكم عند الله أتقاكم"، هي الحقيقة التي تهدم سرديتهم من جذورها.
لذلك، لم تكن تصفيته إلا محاولة لقتل الرمز، وإسكات الوعي، ودفن الصوت الذي لا يخضع، لقد دفنوا جسده، لكنهم حاولوا دفن تاريخه، وموقفه، ودوره وهو ما فشلوا فيه.
منهج متكرر: استهداف الرموز الدينية
منذ سنوات، تسير مليشيات الحوثي على طريق ممنهج لاستئصال مظاهر التدين المستقل عنها؛ أغلقت مراكز تحفيظ القرآن، وضيّقت على المساجد، واستهدفت العلماء والدعاة الذين لا يسبّحون باسمها، واستبدلتهم بوجوه مؤدلجة، تُقدّم الدين كوسيلة للولاء لا لله، بل للجماعة.
جريمة قتل الشيخ حنتوس ودفنه سرا ليست استثناءً، بل واحدة من سلسلة طويلة، موثّقة في تقارير أممية وحقوقية، سلسلة تقول إن الجماعة تريد أن تُصادر الدين من المجتمع، ليكون أداة في مشروعها العقائدي والسياسي.
هذا النمط ليس جديدا، بل له جذوره في التاريخ، ففي مشهد بالغ الرمزية والتماثل التاريخي، يربط الكاتب والباحث سعيد ثابت سعيد بين استشهاد الشيخ صالح حنتوس، وما وثّقه المؤرخ الزيدي زين الدين الزبيدي قبل أكثر من ستة قرون. ففي عام 793هـ، وثّق الزبيدي اغتيال الإمام محمد بن علي الهدوي للشيخ أحمد بن زيد الشاوري، الفقيه الشافعي في تهامة، لمجرد أنه دعا إلى السنة.
يقول ثابت في مقال له:"ما فعله الإمام الهدوي في تهامة قبل ستة قرون فعله الحوثيون في ريمة في القرن الواحد والعشرين... أدوات القتل تغيرت، والمنهج لم يتغير".
هذه المقارنة التاريخية لا تستدعي مجرد الحزن، بل تستنفر الضمير الوطني والديني، وتُحيلنا إلى فهم أعمق: أن استهداف الرموز الدينية ليس طارئا، بل ركن أصيل في المشروع السلالي القائم على إقصاء كل من لا يخضع لهويته العنصرية.
لماذا يخاف الحوثيون من معلم القرآن؟
هذا السؤال الجوهري الذي يطرحه سعيد ثابت لا يحتاج إلى كثير من التأويل، فالإجابة تتكرر في كل مشهد اغتيال أو اعتقال أو تغييب لمعلمي القرآن المستقلين.
يعود الكاتب ليجيب على سؤاله:"الجماعات السلالية لا تطيق معلم القرآن إذا لم يكن تابعا لها، ويشرعن رؤيتها العنصرية بتحريف النصوص واعتسافها.. تخشاه أكثر مما تخشى السلاح. تخشى من يعلّم الأطفال أن الناس متساوون، لأنه ببساطة يهدم سرديتهم الزائفة من أساسها.. تخشى من يرسّخ في أذهانهم آية: "إن أكرمكم عند الله أتقاكم", فينسف الامتياز السلالي الذي بنيت عليه عقيدتهم السياسية.. لذلك يستهدفون هذا النوع من الشيوخ ليس لأنهم يشكلون خطرا مباشرا، وإنما لأنهم يزرعون الحصانة ضد الاستعباد".
القرآن ينسف فكرة الامتياز، ويقوّض أساس المشروع السلالي من جذوره، ولهذا يُصبح الشيخ حنتوس، بنظرهم، أكثر خطورة من بندقية في المتراس.
لقد ظنت المليشيات أنها بقتلها للشيخ ودفنه سراً ستُغلق القصة، لكنها في الحقيقة فتحت صفحة جديدة من المواجهة مع الذاكرة الجماعية والوعي الشعبي.
وفي هذا السياق، يقول سعيد ثابت: "استشهاد الشيخ صالح حنتوس يحرّر الحقيقة من الصمت، ويدفعها لتقف في وجه قاتليه... الأطفال الذين تربوا في مجلسه سيحملون صوته إلى غيرهم".
وهذا هو التهديد الحقيقي لهم: صوت الشيخ باقٍ في عقول تلاميذه، وفي دموع زوجته المصابة، وفي صمت البيوت التي فقدت سندها، وفي كل طفل سيتساءل: لماذا قتلوه؟
هنا يُصبح صوت الشيخ أعلى مما كان في حياته، لأن ما يجري لم يعد مجرد قتل فرد، بل استكمال جريمة بحق قيم ومؤسسات المجتمع، وتحويل المسجد إلى منبر سياسي، وتفريغ القرآن من جوهره لصالح مشروع سلالي ضيق.
ريمة اليوم تكتب صفحة من ملحمة اليمن الطويلة ضد الاستعباد السلالي، وضد التجهيل المنهجي، وما لم يُقال في الجنازة، يجب أن يُقال في المقال، وفي الضمير، وفي ذاكرة الأجيال.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

اعترافات حوثية رسمية تؤكد تورط القيادة العليا في تصفية الشيخ حنتوس
اعترافات حوثية رسمية تؤكد تورط القيادة العليا في تصفية الشيخ حنتوس

اليمن الآن

timeمنذ 39 دقائق

  • اليمن الآن

اعترافات حوثية رسمية تؤكد تورط القيادة العليا في تصفية الشيخ حنتوس

كشفت مصادر متطابقة أن مليشيات الحوثي رفضت وساطات قبلية رفضت الهجوم على منزل معلم القرآن السبعيني الشيخ صالح حنتوس في مديرية السلفية بمحافظة ريمة وقتله داخل منزله، وأكدت قيادات حوثية أنّ القرار صدر عن القيادة العليا، وسط تأكيدات بأن العملية جرت بأوامر مباشرة من مكتب عبدالملك الحوثي، زعيم المليشيا الانقلابية التابعة لإيران. وأوضحت مصادر قبلية لـ"المشهد اليمني" أن قيادات ميدانية في الجماعة، بينهم يوسف المداني المعين قائدا لما يسمى بالمنطقة العسكرية الخامسة التابعة للحوثيين، هددوا وجهاء قبليين حاولوا منع ارتكاب الجريمة، ملوّحين باتهامهم بالعمالة للكيان الصهيوني في حال أصروا على التدخل. هذه التهديدات دفعت الوسطاء إلى الانسحاب، تاركين الشيخ حنتوس وحيدًا محاصرًا داخل منزله، إلى جانب زوجته ووالدة زوجته وحفيده. من جانبه أقرّ القيادي الحوثي عبدالله النعمي، عضو ما يسمى المكتب السياسي للجماعة، في مقابلة مع قناة "المستقلة"، بأن تصفية الشيخ حنتوس تمت بأوامر مباشرة من "القيادة العليا"، واتهم الشيخ الشهيد بالعمالة. الشيخ حنتوس، الذي كان يدير دارًا لتحفيظ القرآن الكريم في قريته "المعذب"، منع مؤخرًا من إقامة حلقات تحفيظ في المسجد ذاته، قبل أن تشن المليشيا الثلاثاء الماضي حملة عسكرية مكثفة ضمت عشرات المسلحين والآليات، حاصرت منزله وقصفته بالأسلحة الثقيلة، ما أدى إلى مقتله وإصابة زوجته بجروح بالغة، واعتقال عدد من أفراد أسرته ما يزالون رهن الاحتجاز حتى اللحظة. رفضوا مهاجمة البيت فقتلهم قائدهم الحوثي.. الكشف بالاسم عن قاتل عناصر المليشيا الـ3 لتبرير اغتيال الشيخ حنتوس! الحادثة ليست استثناء في سجل الجماعة، التي دأبت منذ سنوات على استهداف دور تحفيظ القرآن الكريم، وإغلاق المساجد، وتصفية الأئمة والدعاة الوسطيين في مناطق سيطرتها، في سياسة ممنهجة لضرب البنية الدينية والتعليمية. وتشير تقارير حقوقية إلى أن الجماعة فجّرت منذ العام 2014 مئات من المساجد ومراكز التحفيظ والمنشآت التعليمية في إطار حملتها لإحكام السيطرة الفكرية على المجتمع

معركة كربلاء من المأساة الى المنارة (3)
معركة كربلاء من المأساة الى المنارة (3)

26 سبتمبر نيت

timeمنذ ساعة واحدة

  • 26 سبتمبر نيت

معركة كربلاء من المأساة الى المنارة (3)

بقلم القاضي د حسن حسين الرصابي/ دروس مستفادة لا تُنسى عبر العصور والأجيال أجل تُعد معركة كربلاء التي وقعت في العاشر من محرم عام 61 للهجرة (680ميلادية)بين الإمام الحسين عليه السلام سبط رسول الله صلى عليه وعلى آله وسلم وقلة من أهل بيته وأنصاره، وجيش يزيد بن معاوية بن أبي سفيان واحدة من أبرز الأحداث وأكثرها تأثيراً في التاريخ الاسلامي، ورغم أنها مأساة إنسانية عظيمة خلفت وراءها حزناً عميقاً في قلوب المسلمين إلا أنها لم تكن مجرد حادثة دامية، بل كانت منارة أضاءت دروب الأجيال اللاحقة بدروس وعبر خالدة في الصبر، والإثار والتضحية والوفاء ، ومقاومة الظلم . صرخة في وجه الظلم والطغيان لعل أبرز درس مستفاد من كربلاء هو وقوف الإمام الحسين عليه السلام في وجه الظلم والطغيان، لقد رفض الحسين بن علي ابن ابي طالب البيعة ليزيد الذي كان يمثل حكماً جائراً وفاسداً مؤكداً وأن الهدف من ثورته عليه السلام هو "طلب الإصلاح في أمة جده"، وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حقيقة كانت كربلاء صرخة مدوية تعلمنا بأن السكوت على الباطل لا يجوز، وان التضحية بالنفس في سبيل إعلاء كلمة الحق هي أعلى مراتب الجهاد هذه الصرخة ما زالت تلهم الملايين حول العالم لمقاومة الاستبداد والمطالبة بالعدالة. قوة المبادئ فوق قوة العدد واجه الأمام الحسين جيشاً جراراً لا يُقارن به عدد أنصاره القليلين لكن هذه المفارقة العددية لم تُثنٍ الحسين عليه السلام عن عزمه، بل زادته إصراراً على التمسك بمبادئه هذا الدرس يؤكد أن النصر الحقيقي ليس بالضرورة مرتبطاً بالتفوق العددي أو المادي، بل بقوة الإيمان بالقضية، وثبات الموقف، وعمق المبادئ فمهما كان الباطل قوياً في ظاهره فإن الحق أثبت قدرته على السمو والغلبة على مر التاريخ . ذروة التضحية والفداء: قدم الإمام الحسين بن علي عليه السلام وأهل بيته وأصحابه أروع صور التضحية والفداء في سبيل المبادئ السامية فقد ضحوا بأنفسهم، وأطفالهم ، وكل ما يملكون مفضلين الموت بشرف على المساومة بالدين والمبادئ.. لقد بذلوا هذه التضحية الخالدة التي رسخت مفهوم الفداء في سبيل القيم النبيلة وأظهرت أن الحياة لا تكتسب معناها الحقيقي إلا عندما تكون مرتبطة بالدفاع عن الحق والعدل حتى لوكان الثمن هو النفس 4- الوفاء للعهود والمواثيق أظهر أصحاب الإمام الحسين، وعلى رأسهم أبا الفضل العباس أعلى درجات الوفاء للعهود والمواثيق فقد ظلوا معه رغم الحصار والجوع والعطش , وحتى لحظة استشهادهم إن وفاء هؤلاء لمبادئهم وإمامهم يمثل نموذجاً يحتذى به في الالتزام بالعهود، والوفاء بالوعود والثبات على المبادئ حتى في أحلك الظروف. 5- دور المرأة في نهضة المجتمعات : لعبت السيدة زينب الكبرى عليها السلام شقيقة الإمام الحسين دوراً محورياً بعد معركة كربلاء فبخطبها البليغة وشجاعتها الفائقة قامت بكشف الحقائق وتعرية زيف حكم بني أمية وحافظت على رسالة كربلاء من الضياع هذا الدور يؤكد أن المرأة ليست هامشية في صناعة التاريخ، بل هي شريك أساسي في بناء الوعي ونشر الرسالة، والمطالبة بالحقوق والدفاع عن المبادئ. 6- قوة الصبر والثبات: تحمل الإمام الحسين وأصحابه وأهل بيته من البلايا والمصائب ما يفوق الوصف لكنهم قابلوها بصبر وثبات لا يتزعزع هذا الصبر الأسطوري يعلمنا أن الشدائد مهما عظمت, يمكن تجاوزها بالصبر، والإيمان بقضاء الله، وقدره، والثقة بنصره، وأن المحن غالباً ما تكون طريقاً لولادة الفرج والعزيمة. 7- إحياء الضمائر وتجاوز المأساة: لم تكن كربلاء نهاية المطاف، بل كانت نقطة تحول أضاءت ضمائر المسلمين، وحركت المشاعر، وأدت إلى ثورات متتالية ضد الظلم لقد تحولت المأساة إلى مصدر إلهام، وتحولت الدماء الزكية إلى وقود لإحياء الضمائر الغافلة، وتعزيز الشعور بالمسؤولية تجاه الحق والعدل . في الختام إن معركة كربلاء ليست مجرد صفحة دامية في التاريخ، بل هي مدرسة متكاملة لتعليم القيم الإنسانية النبيلة إنها دعوة دائمة للفرد والمجتمع للوقوف في وجه الظلم، والتمسك بالمبادئ، والتضحية في سبيل الحق، والوفاء للعهود، والصبر على الشدائد وإحياء الضمائر ولهذا السبب ستبقى كربلاء منارة تضيء دروب الأجيال وتلهمهم للعيش بكرامة وشرف, والموت بعزة وفخار.

صرخة الحق في زمن السقوط العظيم
صرخة الحق في زمن السقوط العظيم

26 سبتمبر نيت

timeمنذ ساعة واحدة

  • 26 سبتمبر نيت

صرخة الحق في زمن السقوط العظيم

بقلم: حمزة عبدالسلام الطالبي/ سقطت الأقنعة، وتكشّفت الوجوه المزيّفة، وبان العفن المتكدّس تحت عروش الزيف العربي، فما عاد هناك شكّ أن أكثر "الأنظمة" ليست سوى عبء على الأمة، سكينًا في خاصرة فلسطين، وخنجرًا صدئًا في ظهر غزة. بينما يُذبح أطفال غزة على موائد الصمت، وتُسحق النساء تحت ركام البيوت، وتُدفن الإنسانية تحت أنقاض الكذب الأممي، ينبثق من جبال اليمن رجالٌ... لا يملكون طائرات F16، ولا قواعد أمريكية، ولا يخضعون لغرف عمليات "العار"، بل يملكون إيمانًا لا يُقهر، وبصيرةً لا تُشترى، وقرارًا لا يُكسر. غزة اليوم لا تواجه آلة حرب فقط، بل تعيش مجاعةً كبرى لم يشهد مثلها العصر الحديث. أطفال يموتون من الجوع والعطش، لا يجدون حليبًا، ولا دواءً، ولا شربة ماء. أمهات يدفنّ أبناءهن بأيديهن، ولا يسمع العالم صراخهن. والأنظمة العربية صامتة، متخاذلة، جبانة، تقايض دماء غزة بمصالحها الزائلة وصفقات بقائها. أين الضمير العربي؟ أين من يرفعون رايات "الحقوق والكرامة"؟ أين أولئك الذين تكدّست ترساناتهم وبقيت صامتة خوفًا من الأمريكي، وتحت أقدام الصهيوني؟ أما اليمن، فبرغم جراحه، وحصاره، ووجعه الداخلي، لم يتخلّ، ولم يصمت، ولم يساوم. اليمن انتصر لا بقوة العتاد، بل بقوة الإيمان، اليمن تحرّك لا بإملاءات الخارج، بل بتوكله على الله واعتماده على قيادة ربانية عظيمة صادقة، قيادة استمدّت قرارها من القرآن، ومنهجها من كربلاء، وثباتها من وعد الله لعباده المخلصين. اليوم، لم تعد البيانات تُسمن ولا تُغني، ولم تعد شاشات الشجب واللطم الإعلامي سوى مسارح لضحك الأعداء. أما أنصار الله، فكتبوا بيانهم بالنار، وخطّوا موقفهم بالصواريخ، وزرعوا خوفهم في عمق الكيان، ليقولوا للعالم أجمع: "هنا اليمن... وهنا رجالٌ لا يساومون، بل يتوكلون على الله ويقاتلون تحت راية الحق". سفن العدو تغرق، ومطاراته تحترق، وذعره يتصاعد... لا لأن اليمن يملك ترسانة عسكرية كبرى، بل لأنه يملك قضية لا تتبدد، ودمًا لا يخون، وإرادةً من نور الله لا تُهزم. أين أنتم يا أصحاب الجيوش الجرارة؟ أين أنتم يا من تفاخرتُم بطائراتكم وبوارجكم وقصوركم ومؤتمراتكم؟ أيّ عار أعظم من أن يغدو طفل يمني جائع أكثر كرامة من ملوك النفط والبذخ؟ أي خزيٍ هذا الذي يجعل أمةً من مليار مسلم تكتفي بالهاشتاقات وتنتظر الضوء الأخضر من جلادها للتحرك؟ إن ما يحدث في غزة اليوم ليس اختبارًا للعدو، بل هو اختبارٌ لنا... لكل قلب حي، لكل ضمير لم يتعفن، لكل إنسان لا زال في صدره ذرة إيمان. فلسطين لا تحتاج دموعكم، بل تحتاج صواريخكم غزة لا تنادي وجوه الإعلام، بل تنادي صوت السلاح والتاريخ لا يحفظ المتفرجين، بل يكتب أسماء المقاتلين بحروف من نار وذهب. وإن كنتم قد نسيتم، فاعلموا أن ما يُرتكب في فلسطين ليس معركة حدود، بل معركة وجود... ومن لم يكن فيها في صف المقاومة، فهو لا محالة في صف الطغيان. أنصار الله اليوم ليسوا مجرد "يمنيين"، إنهم ضمير الأمة الباقي، نبض الكرامة الصادح، الجدار الذي رفض أن ينكسر. فلتتعلموا من اليمن لا كيف تطلقون الصواريخ، بل كيف تحملون القضية في القلوب وتدافعون عنها بالأفعال لا الشعارات. يا غزة... إن سكت العالم عنك، فاعلمي أن في صنعاء قلوبًا لا تنام، وأن في اليمن رجالًا تربّوا على هدى القرآن، ونهلوا من نهر الولاية، وارتبطوا بقيادة إلهية جعلت توكلهم على الله لا على أمريكا. والله غالب على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store