
هل استغل يزيد مقتل الحسين ليعلن كفره؟
ما زالت لعائن التاريخ تلاحق يزيد بن معاوية، منذ أن تسبّب بتلك الجريمة العظيمة، المتمثّلة بقتل الإمام الحسين وأهله وأصحابه في كربلاء… أوامر يزيد بقتل الإمام الحسين، جاءت بحجة أن الحسين قد خرج على الخليفة، ومن يخرج على الخليفة فهو مستحقّ للقتل بحسب منطق يزيد بن معاوية. ولكن هل كان يزيد يؤمن بالله أساسًا حتى يقتل الخارجين عن دين الله على حدّ زعمه؟
كان عدد من الذين عايشوا رسول الله، لا يزالون أحياء في فترة خلافة يزيد، كجابر بن عبد الله الأنصاري، وأبي سعيد الخدري وقيس بن سعد الساعدي¹، وكلهم كانوا من الذين سمع رسول الله يقول: حسين مني وأنا من حسين ،أحب الله من أحب حسينا². بالإضافة إلى قوله الشهير: الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة³، وهما إمامان قاما أو قعدا⁴…
وإن دلّت هذه الأحاديث على شيء فهي تدل على المنزلة العظيمة ،التي خصّ فيها الله الإمام الحسين عليه السلام، ولكن يزيد لم يعبأ بهذه الكرامات ولم يعرها أي اهتمام. فإن كان يزيد مؤمنًا بالله وبرسوله، كيف تجرّأ على قتال سيد شباب أهل الجنة، وصاحب هذه المناقب الرفيعة ؟؟ وبعد أن دخل موكب السبايا إلى مجلس يزيد بن معاوية، قام هذا الأخير بإنشاد أبيات، تحمل إشارات ومعاني خطيرة، حيث قال:
' ليت أشياخي في بدر شهدواجزع الخزرج من وقع الأسلقتلنا القرن من ساداتهم
وعدلناه ببدر فاعتدل⁵.
لقد كان ما يرمي إليه يزيد واضحًا في هذه الكلمات، حيث كان يتمنّى بأن يكون أجداده الذين قتلوا في بدر، على قيد الحياة، ليروا ما حلّ في كربلاء. أما في البيت الثاني، فهو يعتبر أن ثأر بدر قد تم الأخذ به في كربلاء!!
ولكن، ألم يكن هؤلاء الأشياخ الذين قتلوا في بدر، مشركين وكافرين بما نزل على رسول الله من الوحي والقرآن؟ ألم يقتل شيبة بن ربيعة على يد الحمزة بن عبد المطلب، والوليد بن عتبة بن ربيعة على يد الإمام علي⁶ ؟؟؟
إذا كان يزيد يعتبر ما جرى في كربلاء، انتقامًا لأشياخه الكافرين الذين قتلوا في حربهم ضد الإسلام، فماذا إن كان هذا الانتقام من سيد شباب أهل الجنة. أوليست هذه الأبيات دليلًا على أن يزيد لا يعبأ بهذه المنازل ولا يعرها أي اهتمام؟
بعد ذلك أنشد يزيد بيتًا آخر حيث قال:' لعبت هاشم بالملك فلا
خبر جاء ولا وحي نزل'⁷.
ليس هنالك ما يترك مجالًا للشك، حول عدم إيمان يزيد بنبوة رسول الله، بعد أن أنكر علًنا مسألة الوحي والنبوة، في هذا البيت الشعري. فهل يترك ذلك مجالًا للشك بكفر يزيد بن معاوية ، بالله تعالى؟
ومن يخفى عليه ما قام به جيش يزيد بن معاوية في واقعة الحرة عام ٦٣ للهجرة، حيث قام بمهاجمة مكة المكرمة، وقصف الكعبة بالمنجانيق⁸. الكعبة، قبلة المؤمنين، وبيت ابراهيم، والمكان الذي فرض الله تعالى على عباده أن يحجوا إليه في كتابه الكريم… كل ذلك لم يشكل رادعًا ليزيد بن معاوية…
ختامًا، لطالما قيل بأن الإسلام مختلف عن الإيمان، ولكن صنائع يزيد، تؤكد لنا بأن لا علاقة له بهذا أو ذاك.
الهوامش:١) مقتل أبو مخنف ـ ص 197٢)مسند الامام احمد-الجزء الرابع -ص 173٣)سنن النسائي -رقم الحديث:8472/ سنن الترمذي -رقم الحديث: 3768٤)علل الشرائع – الجزء الاول ـ ص 208٥) الفتوح-الجزء الخامس -ص :129٦) سيرة ابن هشام -الجزء الثاني -ص: 456٧) مقتل الخوارزمي ـ الجزء الثاني -ص:66
٨)تاريخ مدينة دمشق -ترجمة حسين- ص:440
المصدر: موقع المنار

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صدى البلد
منذ ساعة واحدة
- صدى البلد
الإفتاء تحسم الجدل حول الصلاة في المساجد ذات الأضرحة
أكدت دار الإفتاء المصرية جواز الصلاة في المساجد التي تحتوي على أضرحة أولياء الله الصالحين، مشددة على أن هذا لا يتعارض مع مبادئ الشريعة الإسلامية، وأن العبادة في تلك الأماكن صحيحة شرعًا ولا غبار عليها. جاء ذلك ردًا على استفسار ورد للدار حول مشروعية الصلاة داخل المساجد التي بها قبور، وحكم زيارة الأضرحة والدعاء عندها. وأوضحت الإفتاء عبر موقعها الرسمي أن بناء الأضرحة في ذاته لا يُعد محرمًا، بل هو جائز شرعًا، وزيارة هذه الأماكن من الأمور المستحبة، لما فيها من تذكير بالموت والآخرة، استنادًا لحديث النبي ﷺ: "زُورُوا الْقُبُورَ فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الْمَوْتَ"، رواه مسلم. وأشارت إلى أن المسلم حين يزور الأضرحة أو يصلي قربها، فإنما يتوجه بالدعاء إلى الله وحده، لا إلى الميت أو الولي المدفون. وأضافت أن أرواح الأولياء تبقى ولا تفنى، وهذا من معتقدات المسلمين، لذلك كانت زيارة القبور من السنن المشروعة التي تعزز صلة العبد بآخرته. وخصّت بالذكر أضرحة آل بيت النبي ﷺ، مؤكدة أنها روضات من رياض الجنة، وزيارتهم تُعد من صور البر برسول الله وصلة له، كما جاء في قوله تعالى: "قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى" (الشورى: 23). واستشهدت الدار كذلك بآية من سورة الكهف: "قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَىٰ أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا"، كدليل قرآني على مشروعية بناء المساجد عند قبور الصالحين، مشيرة إلى أن الأمة الإسلامية عبر تاريخها مارست هذه العادة دون نكير، استنادًا إلى نصوص شرعية وأقوال العلماء. وختمت دار الإفتاء بقولها إن هذه المسألة محسومة شرعًا، ولا صحة لمن يزعم أن في الصلاة بمساجد الأضرحة مخالفة لعقيدة التوحيد.


صدى البلد
منذ 2 ساعات
- صدى البلد
الملتقى الفقهي بالجامع الأزهر يسلط الضوء على حقوق وآداب الطريق
عقد الجامع الأزهر أمس، اللقاء الأسبوعي للملتقى الفقهي (رؤية معاصرة) تحت عنوان: حقوق وآداب الطريق "رؤية فقهية"، بحضور أ.د رمضان الصاوي، نائب رئيس جامعة الأزهر للوجه البحري، وأ.د علي مهدي، أستاذ الفقه المساعد بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بالقاهرة، وعضو لجنة الفتوى الرئيسة بالجامع الأزهر، وأمين سر هيئة كبار العلماء، وأدار الملتقى فضيلة الدكتور هاني عودة، مدير عام الجامع الأزهر. في بداية الملتقى قال فضيلة الدكتور هاني عودة مدير الجامع الأزهر: إن الأخلاق هي الركيزة الأساسية لأمن واستقرار المجتمعات، لهذا دعانا الإسلام إلى التحلي بالأخلاق الحسنة، فالمجتمع الذي تسود بين أفراده قيم الأمانة، والصدق، والإحسان، لا تزعزعه التحديات ولا تهزمه الفتن، بينما المجتمعات التي لا تلتزم بهذه القيم تصبح مجتمعات هشة، وقد قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: 'إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق''، هذا الحديث الشريف ينص على أن الغاية الأسمى من رسالة الإسلام هي بناء الإنسان الصالح، القادر على بناء مجتمع فاضل يسوده العدل"، ولا تقتصر الأخلاق الإسلامية على زمان أو مكان بعينه؛ بل تلازم المسلم في كل جوانب الحياة، حتى في الطريق الذي يسلكه ، لذلك وضع الإسلام آدابًا للطريق يجب على المسلم الالتزام بها، وهناك الكثير من المشاكل المجتمعية بسبب إهمالنا لآداب الطريق ، ومن هنا، نوجه تحذيرًا شديدًا لشبابنا، ونحثهم على عدم التهاون في الالتزام بآداب الطريق. وأكد مدير الجامع الأزهر أهمية شعور المسلم بمسؤوليته تجاه الطريق؛ لأن الطرقات عنوان لحضارة الأمم وتقدمها، لهذا، نجد القوانين الدولية تضع من بين معايير تقييم المجتمعات حالة الطرقات بها، والشكل العام لها، وما يحدث فيها، مشيرًا إلى أن ما يحدث من سلوكيات سلبية في الطرقات هي في حقيقتها إساءة للمجتمع بأكمله؛ لأن الممارسات التي تحدث في الطرقات هي عنوان لنا ودليل على مدى التزامنا بالأخلاق والقيم، كما أن التزامنا بآداب الطريق علامة من علامات الإيمان. من جانبه، فصل الدكتور رمضان الصاوي آداب الطرق التي جاء بها الإسلام، والتي اشتمل عليها حديث سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إِيَّاكُم وَالْجُلُوسَ في الطُّرُقاتِ، فقَالُوا: يَا رسَولَ اللَّه، مَا لَنَا مِنْ مَجالِسنَا بُدٌّ، نَتحدَّثُ فِيهَا، فَقَالَ رسولُ اللَّه ﷺ: فَإِذَا أَبَيْتُمْ إِلَّا الْمَجْلِس فَأَعْطُوا الطَّريقَ حَقَّهُ، قالوا: ومَا حَقُّ الطَّرِيقِ يَا رسولَ اللَّه؟ قَالَ: غَضُّ الْبَصَر، وكَفُّ الأَذَى، ورَدُّ السَّلامِ، وَالأَمْرُ بالْمَعْروفِ، والنَّهْيُ عنِ الْمُنْكَرِ" متفقٌ عَلَيهِ، وهذا التحذير هو توجيه يرشد المسلمين إلى ألا يجعلوا الطرق أماكن للجلوس الدائم والتجمعات التي قد تؤدي إلى إشغال الطريق أو التسبب في الإزعاج، كما أنها رسالة نبوية للمسلمين أن يلتزموا بآداب الطريق، والأمر في هذا الحديث الشريف للرجل والنساء على حد سواء، إضافة إلى أن كل تصرف سيء في الطريق يحاسب صاحبه على فعله، وعلى شبابنا أن يسيروا في الطرقات مع مراعاة حدود الآداب العامة التي أمرنا بها في ديننا الحنيف، لان المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده. وبين فضيلة الدكتور رمضان الصاوي، أن الفقهاء أوْلوا حرمة الطرقات اهتمامًا بالغًا، فالأمر لا يقتصر على مجرد كونها مكانا للسير، بل يتعداه إلى دورها الحيوي، فالطرقات ضرورية لنقل الناس، وتسهيل التجارة، والوصول إلى الاحتياجات الأساسية، والتواصل فيما بينهم، ونظرًا لهذه الأهمية الكبيرة، فإن إحداث أي خلل أو ضرر فيها لا يعد مخالفة بسيطة، فالإسلام ينظر إلى إفساد الطرقات على أنه جريمة، لدرجة أن الله ساوى عقوبته بعقوبة "الإفساد في الأرض". وهذا يؤكد مدى جسامة إعاقة المنفعة العامة وتهديد سلامة الناس، فالأفعال التي يستهين بها البعض ، مثل قطع الطريق أو ترويع المارين، أو المرور في الطريق على نحو غير مألوف، أو مزاحمة المارين بشكل يؤذيهم ويعرقل حركتهم، أو السير في عكس الاتجاه مما يعرض الجميع للخطر، كل هذه الأفعال لا تعد مجرد مخالفات بسيطة، بل هي في حقيقتها إضرار بالمنفعة العامة وتعكير لصفو الأمن، وتتعارض بشكل مباشر مع تعاليم الإسلام التي تحث على حفظ النظام والسلامة وتجرم إيذاء الآخرين في كل مكان، لا سيما في الطرقات التي هي حق مشترك للجميع، فكل هذه هي جرائم تساوى الإفساد في الأرض، وهذه المساواة للمبالغة على التشديد في حق الطريق، محذرًا من إتلاف الخدمات العامة في الطرقات أو سرقتها أو تبديدها، لأن هذا الأمر مخالفة وجريمة يعاقب عليها الشرع والقانون، ولو التزمنا بحق الطريق لكان ذلك سببًا رئيسيًا في تحقيق الأمن والسلامة. كما أوضح فضيلة الدكتور علي مهدي أن الدين الإسلامي جاء لينظم حياة البشر في كافة شؤونهم بطريقة تحقق تكاملا في الحياة وتجعلها أكثر طمأنينة، ولهذا السبب، فإن التعاليم الإسلامية سبقت جميع القوانين والدساتير الأخرى، وهي يست مجرد مبادئ نظرية، بل هي الباعث الحقيقي للحضارة التي تنطوي على أهمية أي مجتمع، لهذا تجد المجتمع المسلم عندما يتلزم بهذه التعاليم يصبح مجتمعا مثاليا في بنيته وتركيبته الاجتماعية، فلا يجور شخص على غيره، أو يضيق على آخر، أو تغلب عليه أنانية في الاستفادة بالمرافق العامة ويحرم منه آخرين، لهذا تجد أن حتى العمارة في الإسلام مثلما راعت حق الإنسان أن يمتلك مكانا يأويه، لكن يجب ألا يكون فيه أذى لغيره، أو يجور على حق الطريق، وهذا يعكس الشمولية التي تتميز بالتعاليم الإسلامية في تنظيم أدق تفاصيل الحياة والعدالة والتعايش السلمي. وأضاف فضيلة الدكتور علي مهدي، أن إماطة الأذى عن الطريق تعد شعبة أساسية من شعب الإيمان في الإسلام، مستشهدًا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: "وَتُمِيطُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ"، وهذا المبدأ الإسلامي العظيم يشمل كل ما من شأنه إماطة الأذى عن الطريق، لأن هذا الخلق له دوره في تعزيز الألفة والود بين أفراد المجتمع، لأن التعدي على حقوق الآخرين أو إيذائهم يعد من الكبائر التي نهى عنها الإسلام بشدة، لدرجة أن الدين الحنيف ينهى عن العبادات التي قد تعرقل الطريق أو تضر بالمنفعة العامة، تجسيدًا لكون الإسلام يهدي إلى أقوم وأصلح الأعمال للبشرية جمعاء. يُذكر أن الملتقى "الفقهي يُعقد الاثنين من كل أسبوع في رحاب الجامع الأزهر الشريف، تحت رعاية فضيلة الإمام الأكبر وبتوجيهات من فضيلة الدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر الشريف، ويهدف الملتقى الفقهي إلى مناقشة المسائل الفقهية المعاصرة التي تواجه المجتمعات الإسلامية، والعمل على إيجاد حلول لها وفقا للشريعة.


LBCI
منذ 3 ساعات
- LBCI
وزير الدفاع الإسرائيلي: الغارات التي نشنها على لبنان حاليا هي رسالة واضحة لحزب الله "الذي يخطط لإعادة بناء قدرات لشن غارات ضد إسرائيل من خلال قوة الرضوان"
وزير الدفاع الإسرائيلي: الغارات التي نشنها على لبنان حاليا هي رسالة واضحة لحزب الله "الذي يخطط لإعادة بناء قدرات لشن غارات ضد إسرائيل من خلال قوة الرضوان" خبر عاجل مشاهدات عالية شارك