
باراك يحذّر: إذا لم يرتّب لبنان أوضاعه سريعاً فسيبقى خارج المعادلة
وأكدت تصريحات توم باراك على تنامي نفاد الصبر الأميركي تجاه الجمود السياسي في لبنان، والضغوط المتزايدة من أجل إعادة اصطفاف شاملة في المنطقة.
وفي رده على أسئلة "عرب نيوز" بشأن مستقبل "حزب الله" والحركية الطائفية وانهيار الاقتصاد اللبناني، وصف باراك الطريق إلى الأمام بأنه "بالغ الحساسية" بالنسبة لدولة "طالما أصابها الشلل بسبب الانقسامات السياسية".
ويُعد نزع سلاح الجناح العسكري لـ"حزب الله"، الذي تصنّفه واشنطن "منظمة إرهابية أجنبية"، محوراً أساسياً في النقاش، إلى جانب إمكانية إعادة دمجه في البلاد كـ"حزب سياسي بحت".
وفي سؤال بشأن ما إذا كانت الإدارة الأميركية قد تنظر في شطب "حزب الله" من "قوائم الإرهاب" في حال تخلى عن سلاحه قال: "هذا سؤال مهم"، مضيفاً: "ولا أتهرب من الإجابة، لكن لا يمكنني الإجابة عليه".
واعترف بتعقيد القضية، مشيراً إلى أن واشنطن تصنّف "حزب الله" بشكل قاطع كـ"جماعة إرهابية"، في حين أن جناحه السياسي فاز بمقاعد في البرلمان ويمثل شريحة كبيرة من الطائفة الشيعية في لبنان، إلى جانب "حركة أمل".
عملية نزع سلاح "حزب الله"
وقدّم باراك توصيفاً لـ"حزب الله" بأنه "يتكون من جزأين"، جناح عسكري "مدعوم من إيران" ومصنّف "كيان إرهابي"، وجناح سياسي يعمل ضمن النظام البرلماني اللبناني. وشدد على أن أي عملية لنزع سلاح "حزب الله" يجب أن تقودها الحكومة اللبنانية، وبموافقة كاملة من "حزب الله" نفسه.
وقال: "يجب أن تبدأ هذه العملية من مجلس الوزراء، عليهم أن يوافقوا على التفويض، وعلى حزب الله، الحزب السياسي، يجب أن يوافق على ذلك". وأضاف: "ولكن ما يقوله حزب الله هو: حسنا، نحن نفهم أن قيام لبنان موحّد أصبح ضرورة". واعتبر باراك أن سبب ذلك هو "أن سوريا موحدة بدأت تتشكل".
وأشار باراك إلى أن هذا الدفع نحو الوحدة يأتي في ظل تغيرات في الحركية الإقليمية، لاسيما في أعقاب ما وصفها بسياسات الرئيس الأميركي دونالد ترمب "الجريئة" تجاه إيران.
وقال: "مستقبل جميع الأطراف يعاد تشكيله في المنطقة"، مشيراً إلى أن هناك إعادة تموضع شاملة تجري في الشرق الأوسط، بدءاً من إعادة إعمار سوريا، ووصولاً إلى محادثات جديدة محتملة تشمل إسرائيل.
وأضاف: "لذلك، أعتقد أن حزب الله، الحزب السياسي، ينظر إلى الأمر ويقول بمنطقية: من أجل شعبنا، يجب أن يرتكز نجاح لبنان على توحيد السنة والشيعة والدروز والمسيحيين. الآن هو الوقت المناسب. كيف نصل إلى هناك؟ يجب أن تكون إسرائيل جزءاً من ذلك".
وألمح باراك إلى أن الولايات المتحدة قامت بتيسير محادثات خلف الكواليس بين لبنان وإسرائيل، على الرغم من أن القوانين اللبنانية تحظر التواصل المباشر مع إسرائيل، وقال: "لقد شكلنا فريقاً تفاوضياً وبدأنا القيام بدور الوسيط. وأعتقد أن ذلك يجري على نطاق واسع".
دور الجيش اللبناني
وأوضح المبعوث الأميركي أن جوهر أي اتفاق سيكون مسألة السلاح، ليس الأسلحة الخفيفة التي وصفها بأنها منتشرة في لبنان وليست ذات أهمية كبيرة، بل الأسلحة الثقيلة التي يمكن أن تشكل تهديداً لإسرائيل. وأضاف أن هذه الأسلحة "مخزنة في المرائب والمناطق تحت الأرض أسفل المنازل".
وأشار باراك إلى أن عملية نزع السلاح ستتطلب تدخل الجيش اللبناني، الذي وصفه بأنه مؤسسة تحظى باحترام واسع، وذلك بدعم من الولايات المتحدة والمجتمع الدولي.
وقال: "يجب تمكين الجيش اللبناني. ثم بهدوء مع حزب الله، يمكن أن يقولوا: هذه هي آلية إعادة السلاح.. نحن لن نفعل ذلك من خلال حرب أهلية".
لكن قدرة السلطات اللبنانية على تنفيذ مثل هذا المخطط لا تزال محل تساؤل. وأعرب باراك عن أسفه لانهيار مؤسسات الدولة، وتعطل عمل المصرف المركزي، وتعثر قانون إعادة هيكلة القطاع المصرفي، وحالة الجمود المنهجي في البرلمان.
والاثنين الماضي، قال المبعوث الأميركي إنه راض عن استجابة الحكومة اللبنانية لمقترح نزع سلاح "حزب الله"، مشيراً إلى أن واشنطن مستعدة لمساعدة لبنان على الخروج من أزمته السياسية والاقتصادية المزمنة.
وأضاف باراك خلال مؤتمر صحافي في القصر الرئاسي ببيروت: "ما قدمته لنا الحكومة كان شيئا مذهلاً خلال فترة قصيرة جداً، وبطريقة معقدة جداً".
ولاحقاً خلال مقابلة مع قناة LBCI اللبنانية، عندما سُئل عمّا إذا كان السياسيون اللبنانيون الذين يتعامل معهم يتجاوبون فعلاً، أم يربحون الوقت فقط، قال باراك: "الثقافة السياسية في لبنان تقوم على الإنكار والمراوغة والتملص". وتابع: "هكذا كان الحال طوال 60 سنة، وهذه هي المهمة التي أمامنا، يجب أن يتغير هذا النهج".
الشروط الأميركية للحكومة اللبنانية
وعندما سُئل عما إذا كانت الولايات المتحدة راضية فعلاً عن خطة الحكومة اللبنانية، قال: "العبارتان صحيحتان"، في إشارة إلى تصريحاته التي أشاد فيها بقيادة بيروت، وفي الوقت نفسه انتقد الإرث القائم على "المراوغة والتملص".
وأضاف: "هم راضون عن الوضع القائم، إلى أن يغيروا موقفهم. لكن ما الذي سيتغير؟ الذي سيتغير هو أنهم سيصبحون في خبر كان". ومع ذلك، عبّر باراك عن نبرة تفاؤل حذرة.
وقال: "أعتقد أن هذه الحكومة جاهزة. إنهم يتعاملون مع القضايا بجدية. نحن لا نعاملهم بلين، بل نقول لهم: هل تريدون مساعدتنا؟ هذه هي شروطها. لن نفرض عليكم شيئاً، وإذا لم ترغبوا بها، فلا بأس، سنعود إلى بلادنا".
وشدد باراك على أن الوقت المتاح لأساليب التأجيل قد يكون شارف على نهايته، وقال: "إنه بلد صغير جداً بنظام طائفي قد يكون منطقياً وقد لا يكون"، مضيفاً: "الآن هو الوقت المناسب".
بداية جديدة لسوريا
وفيما يخص سوريا، قال باراك إن رفع العقوبات الأميركية عن البلاد شكل "بداية جديدة" من الناحية الاستراتيجية، لكنه شدد على أن الولايات المتحدة لا تسعى إلى بناء دولة أو فرض الفيدرالية في المنطقة.
ووصف الشرق الأوسط بأنه "منطقة صعبة في لحظة تاريخية مذهلة"، مشيراً إلى أن قرار إدارة ترمب برفع العقوبات في 13 مايو كان يهدف إلى منح الشعب السوري "نافذة أمل جديدة"، بعد أكثر من عقد من الحرب الأهلية.
وقال باراك: "رسالة الرئيس ترمب هي السلام والازدهار"، مضيفاً أن تغيير السياسة يهدف إلى منح النظام السوري الناشئ فرصة لإعادة الإعمار. واعتبر أن رفع العقوبات "منحت الشعب أملاً. هذا كل ما حدث فعلاً في تلك اللحظة".
وأوضح أن التدخل الأميركي الأصلي في سوريا كان بدافع محاربة تنظيم "داعش"، وليس بهدف تغيير النظام أو التدخل الإنساني، ولكنه أقر بأن المنطقة تدخل مرحلة جديدة. وقال: "نحن لسنا هناك لبناء دولة، نحن هناك لتوفير فرصة، والأمر متروك لهم لاغتنامها".
وجدّد التأكيد على موقف واشنطن الرافض لنموذج فيدرالي لسوريا، قائلاً إن البلاد "يجب أن تبقى موحدة بجيش واحد وحكومة واحدة". وأضاف: "لن تكون هناك ست دول، ستكون هناك سوريا واحدة"، مستبعداً احتمال إنشاء مناطق حكم ذاتي للأكراد أو العلويين أو الدروز.
ويأتي هذا التصريح في ظل توتر متجدد بين الجماعات الكردية والحكومة المركزية السورية، خصوصاً بشأن مستقبل "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) المدعومة أميركياً.
وطلب البنتاجون تخصيص 130 مليون دولار في موازنة عام 2026 لمواصلة دعم "قوات سوريا الديمقراطية".
وقال باراك: "قوات سوريا الديمقراطية هي نفسها وحدات حماية الشعب، ووحدات حماية الشعب مشتقة من حزب العمال الكردستاني "، في إشارة إلى الحزب الذي تصنفه كل من تركيا والولايات المتحدة كـ"منظمة إرهابية".
وأضاف: "نحن مدينون لقوات سوريا الديمقراطية بأن نتعامل معهم بعقلانية .. لكن ليس كدولة أو كيان مستقل بذاته".
وشدد على أن الولايات المتحدة لا تفرض شروطاً، لكنها في الوقت نفسه لن تدعم الانفصال. وأضاف: "لن نظل هناك إلى الأبد كمن يتولى رعايتهم".
"حزب العمال الكردستاني"
وأكد باراك أن واشنطن تتابع عن كثب إعلان المجموعة الأولى من مقاتلي "حزب العمال الكردستاني" تدمير أسلحتهم في شمال العراق، واصفًا ذلك بأنه "مبادرة سخية" وقد تحمل دلالة مهمة.
وقال: "قد يكون هذا أول خطوة نحو حل طويل الأمد للمسألة الكردية في تركيا"، لكنه حذّر من أن هناك تساؤلات لا تزال قائمة بشأن علاقة "قوات سوريا الديمقراطية" المستمرة بقيادة "حزب العمال الكردستاني". وأضاف: "عليهم أن يقرروا: هل هم سوريون؟ أم أكراد أولاً؟ هذه قضيتهم".
وأشار المبعوث الأميركي إلى أن الرؤية النهائية تتضمن "تطبيعاً تدريجياً بين سوريا وإسرائيل، ربما في إطار روح اتفاقيات أبراهام". وقال: "الشرع كان صريحاً في قوله إن إسرائيل ليست عدواً"، مضيفاً: "ثمة محادثات بدأت، خطوات أولى صغيرة".
وأوضح أن على دول مثل لبنان والأردن والعراق وتركيا أن تشارك أيضاً في عملية تطبيع أوسع نطاقاً.
وأكد باراك أن الاستراتيجية الأميركية الحالية تتيح فرصة ضيقة لكنها حقيقية لتحقيق الاستقرار. وقال: "لا توجد خطة بديلة. نحن نقول: هذه هي الطريق. وإذا لم تعجبكم، قدموا لنا طريقاً آخر".
وشدد على أن الولايات المتحدة مستعدة للمساعدة لكنها لم تعد مستعدة للعب دور "ضامن الأمن للعالم"، وأضاف: "سنساعد وسنواكب، لكن هذه فرصتكم لكتابة قصة جديدة".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ 30 دقائق
- الشرق الأوسط
اتصالات سياسية ودينية لمنع توسع التوترات السورية إلى الساحة اللبنانية
رفض مفتي الجمهورية اللبنانية، الشيخ عبد اللطيف دريان، وشيخ عقل طائفة «الموحدين الدروز» في لبنان، سامي أبي المنى، «الانجرار وراء أي خطابات تحريضية، وتغطية أي أعمال استفزازية من شأنها أن تؤجج التوتر المذهبي»، وسط إجراءات لبنانية وإحاطة سياسية ودولية لتحييد الساحة اللبنانية عن تداعيات التوترات في جنوب سوريا. وفي ضوء التدابير الأمنية والتوجيهات الحكومية الهادفة إلى تحييد الساحة اللبنانية، بحث وزير الخارجية اللبناني، يوسف رجّي، مع السفير الفرنسي لدى لبنان، هيرفيه ماغرو، التطورات في سوريا، وأهمية تجنيب لبنان أي تداعيات محتملة. وشدّد الجانبان، حسب بيان صادر عن وزارة الخارجية اللبنانية، على ضرورة الإسراع في معالجة الملفات العالقة بين لبنان وسوريا. وأفادت رئاسة الحكومة اللبنانية بأن الرئيس تمام سلام، أجرى اتصالاً بشيخ عقل طائفة «الموحدين الدروز» سامي أبي المنى، وأثنى سلام على «الدور المسؤول والرصين الذي أدّته المرجعيات الروحية، وفي طليعتها الشيخ أبي المنى، في تهدئة النفوس ووأد الفتنة والحفاظ على السلم الأهلي». كما جرى التأكيد المشترك على «أهمية صون وحدة سوريا، ورفض أي محاولة لزرع الانقسام بين أبنائها، والتشديد على أن ما يجري خارج حدود لبنان ينبغي ألا يتحوّل إلى مادة للتأجيج الداخلي». وسلكت مساعي التهدئة طريقها إلى القيادات الدينية؛ حيث تلقّى الشيخ أبي المنى اتصالاً هاتفياً من الشيخ دريان، لتأكيد في رسالة مشتركة «الأخوّة الإسلامية والوطنية التي تجمع بين الطائفتين الكريمتين، السنيّة والدرزية، من علاقات ودٍّ واحترام وتاريخ طويل من المصير المشترك، واعتبار الأسى والحزن العميق إزاء ما يحصل في مدينة السويداء من نزف للدماء الزكية بين أخوة في الوطن الواحد ألماً واحداً يصيب الجميع»، حسبما أفادت مشيخة العقل لطائفة «الموحدين الدروز» في لبنان، في بيان. واشار أبي المنى إلى أنه والمفتي دريان «أكدا خلال الاتصال رفضهما التام الانجرار وراء أي خطابات تحريضية، وتغطية أي أعمال استفزازية من شأنها أن تؤجج التوتر المذهبي وأن تعطي صورة غير حقيقية عن علاقة الطائفتين بعضهما ببعض». ووفقاً للبيان، دعا المفتي وشيخ العقل إلى «تفادي الوقوع في فخ الفتنة التي يريدها أعداء الإنسانية، في ظل مرحلة عصيبة جدّاً يُغذّي سلبياتها بعض الإعلام بمعلومات خاطئة، ومضللة أحياناً كثيرة، الأمر الذي يحتاج من الجميع تغليب صوت العقل والحكمة والصبر والتحلّي بروح المسؤولية، لدرء خطر الفتنة وحقن الدماء». كما شددا على «رفض أي تدخلات خارجية واعتداءات تسهم في زعزعة تلك الوحدة، التي لطالما حكمت العلاقة التاريخية بين الطائفتين». مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان وشيخ عقل «الموحدين الدروز» الشيخ سامي أبي المنى (أرشيفية - موقع الحزب الاشتراكي) وأهاب الزعيمان الدينيان «بجميع المعنيين، بدءاً من الدولة السورية التي تقع عليها المسؤولية الأولى، ومن مشايخ العقل في جبل العرب والمراجع والفاعليات الدينية والعشائر، العمل الجدّي والمجدي من أجل وقف فوري للعنف الدائر، وعدم الاستمرار في القتال بين الأخوة، وطرد المتطرّفين من بين أظهرهم، الذين يعملون على تأجيج الأزمة وتقويض الاستقرار، ويسهمون عن قصد أو غير قصد في تنفيذ المخططات المشبوهة». وفي البقاع في شرق لبنان؛ حيث تتداخل قرى المنطقة بين المكونات السنية والدرزية، عُقد اجتماع علمائي استثنائي طارئ في دار الفتوى - راشيا، أكد خلاله علماء الدين السنة ضرورة «المحافظة على الوحدة الوطنية والعيش المشترك والسلم الأهلي، وعدم السماح بالاعتداء على المواطنين والمقيمين في لبنان». وأثنى العلماء على «دور العقلاء في لبنان من الأحزاب والمرجعيات الدينية لحرصهم على عدم السماح بأبواق الفتنة أن يكون لها وجود في لبنان، بل المطالبة بمحاسبتهم». وأكد مفتي راشيا، الشيخ وفيق حجازي، أن «دار الفتوى في راشيا تبذل جهوداً متواصلة مع المعنيين لكف شر تلك الشرذمة التي تُحاول نشر سمومها في المنطقة ولبنان»، وأكد أن «ما جرى في الأيام الماضية تم التغلب عليه بحكمة العقلاء والتنسيق مع الجميع لوأد الفتنة في مهدها»، مشدداً على أن «دار الفتوى في راشيا تطلب من المعنيين الوقوف بحزم ضد قطع الطرقات والاعتداء على أرزاق وممتلكات الناس، ومحاولات فبركة فيديوهات لنشر الفتنة المذهبية». وأثنى الحاضرون على أداء الأجهزة الأمنية اللبنانية في التصدي للعابثين بالسلم الأهلي وقطاع الطرق، وضبط الحدود اللبنانية السورية من تسلل الخارجين على القانون والدستور. وفيما يتخوّف لبنان من توترات داخلية على إيقاع التوتر في سوريا، رأى عضو كتلة «اللقاء الديمقراطي»، النائب بلال عبد الله، أنه «لا تداعيات سلبية جرّاء ما يحصل في سوريا على الوضع اللبناني، إذ إنّ هناك حرصاً وطنياً شاملاً كي لا يتأثر لبنان بالأحداث»، موضحاً أنّ «رئيس الحزب (التقدمي الاشتراكي) النائب تيمور جنبلاط، سارع إلى لقاء قيادة الجيش، وتواصل مع رئيس الجمهورية جوزيف عون ورئيس الحكومة نواف سلام لمنع ذلك». وشدد عبد الله، في حديث إذاعي، على «ضرورة التزام موقف الحزب (التقدمي الاشتراكي) الرسمي الواضح لجهة قطع الطريق أمام كلّ المحاولات الإسرائيلية لتشتيت المنطقة على أسس قومية أو مذهبية»، عاداً أنّ «المسؤولية للجم التعديات والممارسات التي تشهدها المناطق تقع على عاتق الدولة السورية التي من شأنها إعادة اللحمة إلى الداخل السوري وعدم السماح لإسرائيل بالدخول إلى النسيج الداخلي، لا سيّما أن التاريخ السوري حافل بالانقسامات». ولفت إلى أن «لإسرائيل مصلحة في تقسيم سوريا، وقد عملت على ذلك من خلال احتلال بعض المناطق»، مشيراً إلى أنّ «الولايات المتحدة عملت مع الدولة التركية على وقف إطلاق النار وإنهاء التوترات في المنطقة».


الشرق الأوسط
منذ 30 دقائق
- الشرق الأوسط
نتنياهو يتخبط بين إرضاء جنوده الدروز والبدو
توقفت مصادر سياسية في تل أبيب اليوم، عند التغيير الملحوظ في موقف إسرائيل مما يحصل بمحافظة السويداء، جنوب سوريا، تحديداً ما يتعلق بقبولها دخول قوات الدولة السورية، شرط أن يكون هدفها الأول حماية الدروز هناك. ورأت هذه المصادر أن هذه الموافقة جاءت أولاً بطلب من الإدارة الأميركية، لكنها جاءت أيضاً بعد مسلسل انتقادات طويل في إسرائيل لسياسة الحكومة تجاه سوريا، وانتقادات أشد في الشرق الأوسط والعالم. ويُضاف إلى ذلك التخبط الذي أوقعت حكومة بنيامين نتنياهو نفسها فيه، ما بين إرضاء الجنود البدو، من جهة، والجنود الدروز، من جهة ثانية، في صفوف الجيش الإسرائيلي. وترى هذه المصادر أن الإدارة الأميركية التي غضّت الطرف (وهناك من يقول إنها منحت الضوء الأخضر) للقصف الإسرائيلي على مواقع تشكل رموزاً للدولة في سوريا، قبل يومين، أدركت أن الأمر يحمل في طياته مخاطر أكبر من الجدوى منه، وأن إجبار القوات العسكرية الرسمية على إخلاء السويداء والعودة إلى دمشق، تسبب في تدهور أمني جديد هناك. مقاتلون من البدو في قرية المزرعة قرب مدينة السويداء جنوب سوريا الجمعة (أ.ب) ولذلك، أوقفت الإدارة الأميركية القصف الإسرائيلي، من جهة، ثم حثت إسرائيل على إتاحة دخول القوات السورية على سبيل التجربة المؤقتة لمدة 48 ساعة. فإذا نجحت هذه القوات في تثبيت الأمن، وأوقفت الاعتداءات والاشتباكات، فيمكن إعادة فحص الموقف. وتخشى إسرائيل، كما يبدو، أن تنجح هذه التجربة، فيسقط المطلب الذي رفعه نتنياهو ووزير دفاعه، يسرائيل كاتس، بفرض نزع السلاح في المنطقة الممتدة ما بين دمشق والحدود الأردنية. وتلاحظ المصادر أن دولاً في المنطقة تنظر الآن إلى نتنياهو على أنه يحاول أن يكرر في سوريا سياسته تجاه الفلسطينيين، ففي الوقت الذي رحب فيه العالم بقدوم الرئيس محمود عباس (أبو مازن) مكان الرئيس الراحل ياسر عرفات، باعتباره قائداً سياسياً يرفض العنف والإرهاب، حاول نتنياهو إضعافه وروّج لإضعافه، ثم راح يعاقبه لأنه ضعيف. ومن الجدير ملاحظته أيضاً أن في إسرائيل نفسها نشأت حملة معارضة شديدة للتدخل في سوريا على النحو الذي تقوم به حكومة نتنياهو؛ فهناك من يعتبر هذا التدخل موقفاً عشوائياً لم يُبنَ على دراسة معمقة ورؤية تلائم المصالح الاستراتيجية لإسرائيل، بحسب ما قال رئيس المعارضة، يائير لبيد، الذي شغل منصب رئيس حكومة قبل سنتين. في المقابل، هناك من يتخذ موقفاً أكثر شدة وحدة، مثل البروفسور إيتمار رابينوفيتش، المتخصص في شؤون سوريا، وهو الذي قاد الوفد الإسرائيلي الرسمي للتفاوض مع سوريا منذ مؤتمر مدريد في عام 1991 وسيصدر له كتاب في الشهر المقبل بعنوان «الزلزال السوري». يقول رابينوفيتش: «حكومة إسرائيل تعمل بانعدام تفكّر. رئيس الوزراء والوزراء يتحدثون أكثر مما ينبغي. هم يقعون في خطيئة تمزج جنون الاضطهاد في إحساس القوة: 7 أكتوبر (هجوم حماس على غلاف غزة عام 2023) تسبب بجنون اضطهاد؛ الإنجازات تجاه (حزب الله) وإيران تتسبب لهم بالتفكير بأن القوة هي الجواب وليس الدبلوماسية. لإسرائيل، وللولايات المتحدة ولتركيا توجد مصلحة مشتركة – التهدئة. (الرئيس دونالد) ترمب الذي أصبح مؤيداً للشرع (الرئيس السوري أحمد الشرع)، ينبغي أن يشعر بالحرج». جنود إسرائيليون وعائلات درزية تعود إلى سوريا من مجدل شمس بالجولان يوم الخميس (رويترز) وتُنشر يومياً في تل أبيب مقالات افتتاحية في صحف ودراسات وتعليقات تتحدث بلهجة أكثر حدة، وتؤكد أن هناك قنوات دبلوماسية يفترض أن يتم من خلالها التأثير على الحكومة السورية لتفرض الأمن، وتمنع سفك الدماء، وتساعد في فتح صفحة جديدة بالعلاقات؛ ليس فقط بين البلدين، بل أيضاً تحسن مكانة إسرائيل المتدهورة، في المنطقة والعالم. وهناك جانب خفي لا يجري الحديث عنه كثيراً، ولكنه ماثل بقوة في خلفية القرارات الإسرائيلية. فالواضح أن هناك صراعاً قديماً بين العشائر البدوية والدروز في جبل العرب السوري، يعود إلى القرن الثامن عشر. فعندما تكون هناك قيادة قوية في دمشق، يهدأ هذا الصراع ويخبو. وعندما يلمس الناس ضعفاً ما للدولة، ينفجر الصراع ويستعر. والقيادة الحكيمة هي التي تنجح في احتواء الصراع وفرض الأمان للجميع، وتتمكن من لجم العناصر الفوضوية والإجرامية التي تستغل الصراع وتؤججه لأهداف أخرى ولمكاسب ذاتية. والسؤال هو: أين موقع إسرائيل في مثل هذا الصراع؟ وهل تتورط فيه، أم تتصرف كدولة مسؤولة ذات سياسة استراتيجية ووزن سياسي؟ آلية للمقاتلين البدو على أطراف مدينة السويداء الجمعة (إ.ب.أ) وهناك شبه إجماع في إسرائيل على أن حكومة نتنياهو اتخذت موقفاً لا يلائم دولة سوية، بل إن قيادتها، من أمثال نتنياهو وكاتس وغيرهما، نسيت أن في الجيش الإسرائيلي يوجد بدو ودروز أيضاً (نحو 2500 درزي و450 بدوياً، إضافة إلى 50 مسيحياً من المواطنين العرب في إسرائيل). والدروز، كما هو معروف، فُرضت عليهم الخدمة الإجبارية، لكن نحو نصفهم يتمردون ويرفضون، والبقية يتاح لهم التطوع. وقد شهدت وحدات الجيش الإسرائيلي في الماضي، بعض الاحتكاكات بين البدو والدروز على خلفيات متعددة، من قبيل اتهام أفراد مرتبطين بعضو كنيست درزي بقتل عضو كنيست بدوي. ومع أن انفجار صراع بين الجنود البدو والدروز في الجيش الإسرائيلي، يبدو مستبعداً حالياً، حيث إنه لا توجد علاقات قربى قوية بين بدو سوريا وبدو إسرائيل، فإن أحداً لا يعرف كيف تتدهور مثل هذه الأمور. وقد يجد نتنياهو نفسه متورطاً أيضاً في مثل هذا الصراع. وعلى هذا الأساس، تقول مصادر سياسية إنه لا مفر من اللجوء إلى سياسة إسرائيلية أخرى تجاه سوريا، تنسجم مع السياسة التي اتخذها القادة العرب ووقفوا فيها، مع منح الحكم الجديد في دمشق فرصة لإنقاذ سوريا من ويلات الحرب ونيرانها. وتحذّر هذه المصادر من أن نتنياهو يستغل قضية الدروز لفرض أجندة أمنية على سوريا تكون ملائمة لإسرائيل، لكنها تضيف أنه قد يشعل ناراً لا يمكن أن تبقى بعيدة عنه طويلاً، وأنه بدل أن يخرج من وحل غزة ربما يرى نفسه يغوص في وحل سوريا أيضاً.


العربية
منذ 38 دقائق
- العربية
بروكسل تدعو إيران إلى استئناف التعاون مع الوكالة الذرية
قال المتحدث باسم السياسة الخارجية والأمن الأوروبية، أنور العنوني، إن الاتحاد الأوروبي يدعو إيران إلى استئناف التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في إطار السعي الدبلوماسي لحل قضية البرنامج النووي الإيراني عبر الحوار. وأوضح العنوني في تصريحات لـ العربية/الحدث، اليوم الجمعة، أن قرار إعادة فرض العقوبات الدولية على إيران، بما في ذلك تفعيل آلية الزناد (سناب باك)، يعود إلى الدول الأوروبية الثلاث: فرنسا وألمانيا وبريطانيا، باعتبار أن هذا الاختصاص بيدها. وأضاف أن الممثلة السامية كايا كالاس نقلت بوضوح موقف وزراء الخارجية الأوروبيين، حيث جددوا التأكيد على أن إيران يجب ألا تمتلك سلاحا نوويا، وأن الدبلوماسية تبقى السبيل الأفضل – بل الطريق الوحيد – لتحقيق هذا الهدف. وأشار العنوني إلى أنه رغم هشاشة وقف إطلاق النار على الأرض، فإن هناك فرصة متاحة لاستئناف المفاوضات، داعيا إلى استئناف المحادثات فورا. حل دبلوماسي ولفت إلى أن وزراء خارجية فرنسا وألمانيا وبريطانيا أجروا، بالتنسيق مع الممثل السامي، اتصالا هاتفيا مع نظرائهم الإيرانيين، ضمن الجهود الأوروبية لتسهيل الوصول إلى حل دبلوماسي، والتأكيد على الحاجة الملحة لاستئناف التعاون بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية. يشار إلى أن لدى فرنسا وبريطانيا وألمانيا، المعروفة باسم الترويكا الأوروبية، وهي أطراف في الاتفاق النووي المبرم عام 2015 مع إيران والذي ينتهي سريانه في أكتوبر المقبل، سلطة تفعيل آلية "سناب باك" لإعادة فرض العقوبات في مجلس الأمن، وإبلاغه بشكوى حول عدم احترام واضح لالتزامات من قبل مشارك آخر. فيما لا يحق في هذه الحالة لحلفاء إيران استخدام حق النقض الفيتو، لأن المجلس قد سبق وأقر تلك القرارات. تفعيل "سناب باك" وفي الأيام الثلاثين التي تلي التبليغ، يفترض أن يتخذ مجلس الأمن موقفاً عبر تصويت على مشروع قرار يهدف رسمياً إلى تأكيد رفع العقوبات، لكن إذا كانت الدولة مقدمة الشكوى تريد إعادة فرضها، فستستخدم "الفيتو"، مما يجعل العودة إلى الوضع السابق أوتوماتيكية. وإلى جانب تعقيد هذه العملية الإجرائية، يدور جدل قانوني. وتخشى إيران إعادة تفعيل القوى الأوروبية لآلية "سناب باك" التي تعيد العقوبات الأممية في حال عدم التوصل إلى صفقة دبلوماسية، حول إحياء الاتفاق النووي الإيراني قبل تشرين الأول/ أكتوبر المقبل.