
دول الخليج تمضي للاستفادة من التقنيات الحديثة عبر التطبيقات الرقمية الشاملة
وفي هذا الإطار، تبرز التطبيقات الحكومية الشاملة كإحدى أبرز أدوات هذا التحول، إذ تمثل بوابات موحدة تجمع بين الذكاء التقني وسلاسة الاستخدام، ما يسهم في تحسين تجربة المستخدم، وتقليص التكاليف التشغيلية على المدى الطويل، واختصار الزمن اللازم لإنجاز المعاملات، فضلاً عن تخفيف الضغط المتزايد على الإدارات الحكومية في إدارة الخدمات اليومية، وذلك وفقا لدراسة حديثة صدرت مؤخراً.
وبحسب الدراسة التي أجرتها شركة «استراتيجي أند الشرق الأوسط»، التابعة لشبكة «بي دبليو سي» فإنه مع ازدياد الاعتماد على القنوات الرقمية، باتت التطبيقات الشاملة ضرورة استراتيجية، وليست مجرد خيار.
وقالت الدراسة التي عنونت بـ«التطبيقات الحكومية الشاملة: خيارات ذكية لتقديم الخدمات واحتواء التكاليف» إن الفرد، اليوم، يستطيع سواء كان مواطنا أو مقيما إصدار شهادات الميلاد، أو تجديد تراخيص الأعمال، أو التقديم على برامج الدعم الاجتماعي من خلال منصة موحدة، وفي غضون دقائق، دون الحاجة إلى زيارة أي جهة حكومية.
وفي هذا الإطار، برز تطبيق «توكلنا» السعودي كأحد الأمثلة النموذجية في المنطقة. فبعد أن انطلق كأداة صحية لمواجهة جائحة كورونا، تطور ليصبح بوابة رقمية متكاملة تشمل أكثر من 1100 خدمة حكومية.
وهنا يؤكد الدكتور عصام الوقيت، مدير مركز المعلومات الوطني في «الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي» (سدايا)، أن المملكة تمضي قدماً نحو حكومة رقمية استباقية ترتكز على الذكاء الاصطناعي. وقال: «بتوجيه من القيادة، نعمل على بناء منظومة متكاملة توظف التقنيات الحديثة لتحسين جودة الخدمات الحكومية، وتعزيز القدرة على التنبؤ بالاحتياجات وتقديم تجارب مخصصة، بما ينسجم مع تطلعات المدن الذكية والمستدامة في المستقبل».
من جانبه، يرى المهندس صالح مصيباح، مساعد مدير مركز المعلومات الوطني لمنظومة «توكلنا»، أن الاعتماد على منصة رقمية موحدة «يسهم في توحيد جهود الجهات الحكومية، وتقليص التكاليف، وتسهيل التعاون المؤسسي، فضلاً عن تعزيز الأمان السيبراني ورفع تنافسية المملكة إقليمياً وعالمياً».
المهندس صالح مصيباح مساعد مدير مركز المعلومات الوطني لمنظومة «توكلنا»
وذكرت الدراسة أنه رغم النجاحات يواجه هذا النوع من التطبيقات تحديات تقنية وتشغيلية مع تصاعد توقعات الأفراد من حيث السرعة والسلاسة وتكامل الخدمات، ويُعد التكرار في تسجيل الدخول، وإعادة إدخال البيانات، من أبرز العقبات التي تحد من تجربة المستخدم.
يقول المهندس هاني زين، شريك في شركة «استراتيجي أند الشرق الأوسط»، التابعة لشبكة «بي دبليو سي»، إن الحل يكمن في تطوير منصات رقمية ذات نافذة موحدة. ويضيف: «المستقبل يتجه نحو واجهات موحّدة تسهّل الحصول على الخدمات وتحسن جودة الحياة، وتحقق أهداف التحول الرقمي التي تتبناها الحكومات الخليجية».
وبحسب زين في حديثه مع «الشرق الأوسط» فإن التكامل بين الأنظمة وتوحيد تسجيل الدخول، بالإضافة إلى توظيف الذكاء الاصطناعي، تعدّ ركائز أساسية لتجاوز التجزئة وتحقيق تجربة مخصصة وآمنة.
يشير خبراء إلى أن بناء تطبيقات شاملة ناجحة لا يتحقق دون استثمارات كبيرة في البنية التحتية لتقنية المعلومات، وتكامل الأنظمة، وتعزيز أمن المعلومات.
ويشرح المهندس هاني هذه المسألة: «التطبيقات الذكية تتطلب توافقاً عالياً بين الأنظمة التقنية، وضمان حماية البيانات، وتقديم تجربة سلسة للمستخدمين. كما أن استخدام تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي التوليدي يسهم في تحسين الخدمة وكفاءة التشغيل».
بدوره، يرى المهندس صالح مصيباح أن الاستثمار في مثل هذه التطبيقات «ليس مجرد نفقات تقنية، بل هو جزء من رؤية متكاملة تهدف إلى ترشيد التكاليف، ورفع كفاءة الإنفاق، وتحسين الخدمة العامة».
تشير التقديرات إلى أن فتح المجال أمام القطاع الخاص للمشاركة في تقديم بعض الخدمات عبر التطبيقات الحكومية يمكن أن يكون مصدر دخل مهما للحكومات.
وقال زين: «يمكن إدراج خدمات شركات خاصة مرخصة ضمن التطبيق مقابل رسوم أو عمولات واضحة، دون الخلط بين الخدمات الحكومية والخاصة. كما يمكن بيع مساحات إعلانية أو السماح بطرح خدمات تجارية مثل تأجير العقارات أو توصيل الطرود».
كما يمكن إقامة شراكات استراتيجية مع القطاع الخاص، بحيث تساهم الشركات بالتمويل والتطوير والابتكار، مما يسرّع وتيرة الإنجاز دون إرهاق الميزانية العامة.
ولضمان استدامة هذا النوع من المبادرات الرقمية، يوصي المهندس هاني زين باتباع ثلاث ركائز أساسية يرى أنها تشكل الأساس لأي تجربة ناجحة. تتضمن أولى تلك الركائز اعتماد نموذج تشغيلي مرن مستلهم من بيئة الشركات الناشئة، وهو ما يتيح للحكومات التحرك بسرعة، واختبار الخدمات بكفاءة، وطرحها على مراحل مع التركيز على تجربة المستخدم والنتائج الفعلية.
أما الركيزة الثانية فتتمثل في إرساء إطار قانوني ومالي متين يضمن استمرارية التمويل، ويضع آليات للمساءلة والحوكمة دون أن يعرقل الابتكار أو يُثقل كاهل فرق العمل بالقيود البيروقراطية.
وتأتي الركيزة الثالثة لتؤكد أهمية بناء منظومة فعالة لإدارة المخاطر ومعالجة التحديات المحتملة، من خلال وضع سيناريوهات استباقية، وخطط بديلة، وآليات سريعة للاستجابة تضمن استمرار الخدمة وحماية ثقة المستخدمين.
ومن وجهة نظر زين، فإن هذه الركائز لا تسهم فقط في ضمان نجاح التطبيقات الشاملة، بل تضع الأساس لنموذج حكومي أكثر رشاقة وقدرة على التكيّف مع المتغيرات التقنية والاجتماعية المستمرة.
المهندس هاني زين شريك في شركة «استراتيجي أند الشرق الأوسط»
ويؤكد المهندس صالح مصيباح أن المملكة تمتلك القدرة على قيادة التحول الرقمي في هذا المجال. ويقول: «إذا اتبعت السعودية النهج المناسب، يمكنها إعادة تعريف مفهوم القناة الرقمية الشاملة، ووضع معايير عالمية في تقديم الخدمات الحكومية، وتقديم تجربة استثنائية للمواطنين والمقيمين».
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


عكاظ
منذ 18 دقائق
- عكاظ
السعودية: تملك الأجانب للعقار فرص ذهبية
في خطوة نوعية تعكس طموح المملكة في تعزيز جاذبيتها الاستثمارية، أعلنت السعودية رسميًا السماح بتملك الأجانب للعقار داخل أراضيها، بما في ذلك العقارات السكنية والتجارية، وحتى بعض المناطق الحساسة كمدينتي مكة المكرمة والمدينة المنورة وفق ضوابط خاصة. هذا القرار لم يأتِ بمعزل عن التوجهات الاقتصادية الكبرى، بل يُعد إحدى الأدوات الفاعلة لتحقيق رؤية السعودية 2030 التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد، وجذب الاستثمارات الأجنبية، ورفع جودة الحياة في مختلف المدن السعودية. تعزيز لمكانة المملكة كمركز استثماري عالمي يُنتظر أن يسهم القرار في: • تنشيط سوق العقار المحلي عبر ضخ سيولة أجنبية مباشرة (FDI). • تحفيز قطاع البناء والتشييد نتيجة ارتفاع الطلب على المشاريع السكنية والتجارية. • نقل المعرفة والتقنيات العالمية من خلال دخول شركات ومستثمرين ذوي خبرات دولية. • توسيع رقعة التنمية لتشمل المدن الثانوية والمناطق السياحية. • تنشيط القطاع السياحي والضيافي بفضل التملك الموسمي والإقامات طويلة الأمد. هذه الآثار الإيجابية لا تخدم القطاع العقاري فحسب، بل تمتد لتدفع عجلة التنمية الشاملة وتدعم الاقتصاد الوطني بمكوناته المختلفة. رغم الفرص الواعدة، فإن التوسع في تملك الأجانب قد يصاحبه بعض التحديات مثل: • ارتفاع أسعار العقارات بشكل قد يضغط على المواطنين. • احتمالية استخدام العقارات كمخزن للقيمة دون إشغال فعلي. • تغيّر النمط الديموغرافي لبعض الأحياء بشكل مفاجئ. لذا، فإن وجود أطر تنظيمية متوازنة يظل شرطًا أساسيًا لنجاح التجربة، بما يضمن استفادة المملكة من الفرص، دون الإضرار بمصلحة المواطن أو استقرار السوق. لقد سبقت السعودية دولٌ عدة في فتح السوق العقاري للأجانب، من أبرزها: • كندا: سمحت بالتملك للأجانب، لكن ارتفاع الأسعار دفعها لاحقًا إلى فرض ضرائب إضافية وتقييد التملك في بعض المدن. • نيوزيلندا: منعت غير المقيمين من شراء العقارات القائمة، ووجهت الاستثمارات نحو المشاريع الجديدة فقط، لضبط الأسعار وحماية السوق المحلي. تؤكد هذه التجارب أن النجاح لا يكمن في السماح أو المنع، بل في تصميم سياسات ذكية تحقق التوازن بين الانفتاح على العالم وحماية مصالح الداخل. مع القرار الجديد، أصبحت السعودية أمام فرصة تاريخية لتحويل سوقها العقاري إلى منصة عالمية تحتضن الاستثمارات وتخدم أهداف التنمية المستدامة، شريطة: • تحديد مناطق واضحة للتملك الأجنبي. • فرض رسوم أو مساهمات تعزز مشاريع الإسكان المحلي. • ربط التملك بالاستخدام الفعلي أو الإقامة، لمنع المضاربة. • مراقبة أثر القرار دوريًا لتعديل السياسات حسب الحاجة. ختامًا: قرار السماح بتملك الأجانب للعقار ليس مجرد تحول قانوني، بل هو محطة إستراتيجية ضمن رحلة التحول الوطني التي تقودها المملكة بثقة عبر رؤية 2030. وما بين الفرص الذهبية والتحديات المحتملة، يكمن مفتاح النجاح في الحوكمة الرشيدة والإدارة المستنيرة لهذا القرار، بما يعزز منازع النمو ويحمي مصالح الأجيال القادمة. أخبار ذات صلة


عكاظ
منذ 18 دقائق
- عكاظ
وحدة السياسة الخارجية الخليجية.. مفتاح الاستقرار في الشرق الأوسط
في ظل التغيرات المتسارعة في الشرق الأوسط، أصبحت وحدة السياسة الخارجية لدول الخليج ضرورة ملحة، ليس فقط لحماية مصالحها الوطنية، بل أيضاً للمساهمة الفاعلة في استقرار المنطقة وإعادة إعمارها بعد سنوات من النزاعات. تتمثل الخطوة الأولى في تعزيز التعاون الإقليمي، عبر بناء تحالفات مرنة مع الدول المجاورة تقوم على مشاريع تنموية ومصالح مشتركة. كما يتطلب المشهد الإقليمي اليوم إعادة بناء الثقة مع دول أخرى من خلال الحوار السياسي الهادئ والمباشر. وتسهم الاستثمارات الخليجية العابرة للحدود في دعم اقتصادات دول المنطقة، وخلق فرص عمل، مما يساهم في الحد من الفقر والتطرف. ويمكن أن يشكّل التكامل الاقتصادي الخليجي – الشرق أوسطي منصة للاتفاقيات التجارية وتطوير البنية التحتية الإقليمية. أما على صعيد الأمن، فإن التوجه نحو مبادرات الأمن الجماعي بات مطلبًا ضروريًا في ظل التهديدات المتزايدة، من النزاعات الطائفية إلى تنامي المليشيات. دور دول الخليج هنا يجب أن يتجاوز الدفاع عن الذات ليشمل المساهمة في وضع أطر إقليمية لمكافحة الإرهاب وتعزيز الاستقرار. في الجانب السياسي، يتطلب الواقع الخليجي سياسة خارجية متوازنة ومستقلة، تخفف من الاعتماد على القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة أو الصين، وتفتح المجال أمام شراكات متعددة. كما أن قيام دول الخليج بدور الوسيط في نزاعات مثل اليمن وسوريا يعزز صورتها كقوة سلام وعامل توازن إقليمي. ولا يمكن إغفال أهمية القوة الناعمة كأداة سياسية فعّالة. فدعم التعليم والمشاريع الثقافية، إلى جانب توجيه المساعدات الإنسانية للدول المتضررة، يعزز من مكانة دول الخليج في الوعي الإقليمي والعالمي. وأخيرًا، فإن التكيّف مع التحولات العالمية مثل الانتقال إلى الطاقة المتجددة والاستثمار في الذكاء الاصطناعي، سيمنح الخليج أدوات جديدة لبناء شراكات مستقبلية، ويحوّل اقتصاده إلى مصدر تأثير طويل الأمد. إن وحدة الموقف الخليجي، متى ما ترافقت مع رؤية إستراتيجية شاملة، ستجعل من دول الخليج لاعبًا محوريًا لا يمكن تجاوزه في إعادة تشكيل الشرق الأوسط كمنطقة أكثر استقرارًا وتعاونًا. أخبار ذات صلة


صحيفة سبق
منذ 20 دقائق
- صحيفة سبق
"حساب المواطن" يبدأ إيداع دعم يوليو شاملاً المبلغ الإضافي للمستفيدين
أعلن برنامج حساب المواطن، صباح اليوم الخميس، بدء إيداع الدعم المخصص لشهر يوليو، ويشمل ذلك الدعم الإضافي المقرّ للمستفيدين الذين اكتملت طلباتهم في البرنامج. وأوضح البرنامج عبر حسابه الرسمي أن عملية الإيداع ستستمر حتى نهاية اليوم، داعيًا المستفيدين إلى التحقق من مبلغ الاستحقاق من خلال التطبيق الإلكتروني أو المنصة الرسمية للبرنامج.ش