logo

الجامعات تتخبط في التعامل مع الذكاء الاصطناعي

الاقتصاديةمنذ 2 أيام
منع أدوات الذكاء الاصطناعي قد يضر الطلاب فيما يستعدّون لسوق عمل باتت تتطلب إتقانها
التالي
جدل في سنغافورة يكشف ارتباك الجامعات في تحديد استخداماته في التعليم العالي
يسلّط الجدل المتصاعد بشأن الذكاء الاصطناعي في الأوساط الأكاديمية في سنغافورة الضوء على حجم التخبّط في تحديد الدور المفترض لهذه التقنية المثيرة للصخب ضمن منظومة التعليم العالي
.
فقد نشرت طالبة في جامعة "نانيانج للتكنولوجيا" تدوينة على منصة "ريديت"، ذكرت فيها أنها استخدمت أداة رقمية لترتيب المراجع في ورقة بحثية وفق التسلسل الأبجدي. لكن بعد رصد بعض الأخطاء المطبعية، وُجهت إليها تهمة مخالفة قواعد استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي. وسرعان ما اتسع نطاق القضية مع تقديم شكويين مشابهتين، جاء في إحداهما أن صاحبتها عوقبت لاستخدامها "تشات جي بي تي" في مرحلة البحث الأولي، رغم أنها لم تعتمده في كتابة المقال
.
الجامعة التي تعلن دعمها لاستخدام الذكاء الاصطناعي في العملية التعليمية، تبنّت بدايةً موقفاً متشدداً ودافعت عن سياسة "عدم التساهل" في هذه القضية بتصريحات لوسائل الإعلام المحلية. لكن تفاعل مستخدمي الإنترنت وتعاطفهم مع الطالبة التي أثارت القضية على "ريديت" دفع الجامعة إلى التراجع، لتعلن الطالبة لاحقاً عن قبول استئنافها وإلغاء تهمة "الاحتيال الأكاديمي" من سجلها، وسط ترحيب واسع من المجتمع الرقمي
.
طلاب آسيا من الأكثر تأثراً
قد تبدو القصة مجرّد خلاف أكاديمي عابر، لكن ثمّة سبب وجيه لانتشارها الواسع وحصدها آلاف الإعجابات وإطلاقها نقاشات محتدمة عبر الإنترنت. فقد كشفت عن واقع جديد غامض يواجهه طلاب الجامعات وأساتذتهم، فيما يحاولون مواكبة التطوّرات المتسارعة في كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي-أو تجنبه- في الجامعات
.
رغم أن هذا الجدل يطال جامعات حول العالم، فإن صداه كان أقوى في آسيا. بعيداً عن الصور النمطية للأمهات الصارمات والطلاب المتفوقين في الرياضيات، كثيراً ما يُعزى صعود اقتصادات المنطقة إلى التركيز الشديد على التعليم العالي. إذ تُغرس أهمية الدراسة والمذاكرة لساعات طويلة في نفوس الأطفال منذ سنواتهم الأولى، لكن في عصر الذكاء الاصطناعي، كيف سيتغيّر هذا النموذج؟ لا أحد يعرف الجواب بعد
.
رغم الوعود المتكررة من رواد تقنية التعليم بأننا على مشارف "أكبر تحوّل إيجابي يشهده التعليم في تاريخه"، إلا أن مؤشرات الأداء الأكاديمي لم تواكب بعد وتيرة تبنّي هذه الأدوات. فلا توجد دراسات طويلة الأمد توضّح أثر الذكاء الاصطناعي على التعلّم والوظائف الذهنية، فيما تسهم العناوين المقلقة التي تحذّر من أن هذه الأدوات قد تجعلنا أكسل وأقل ذكاءً، في تأجيج المخاوف. وفي خضمّ هذا السباق المحموم لعدم التخلّف عن الركب، يُخشى أن يتحوّل جيل كامل من العقول الناشئة إلى حقل تجارب
.
لا يعتبر المعلمون، الذين يخوضون هذا التحدي، تجاهل الواقع حلاً، فلو حاول البعض الحدّ من استخدام الذكاء الاصطناعي، فإن الاعتماد عليه بات شبه حتمياً في عصر البحث الرقمي. تستهل "جوجل" نتائج البحث حالياً بملخّصات مؤتمتة، ومجرد تصفّحها لا يجب أن يُعدّ غشاً أكاديمياً
.
أظهر استطلاع غير رسمي أجرته وسيلة إعلام محلية في سنغافورة هذا العام شمل 500 طالباً من المرحلة الثانوية إلى الجامعة، أن 84% منهم يستخدمون أدوات مثل "تشات جي بي تي" لإنجاز الواجبات المدرسية أسبوعياً
.
في الصين، بدأت جامعات عدة تعتمد أدوات لكشف الغش مدعومة بالذكاء الاصطناعي، رغم محدودية دقتها. وقد ذكر بعض الطلاب عبر وسائل التواصل أنهم يضطرون إلى تبسيط أسلوب كتاباتهم حتى لا تُصنّف على أنها ناتجة عن أدوات ذكاء اصطناعي، أو إنفاق مبالغ مالية لاختبار أوراقهم مسبقاً والتأكد من اجتيازها لأنظمة الكشف قبل تسليمها
.
تناقض مع الواقع في سوق العمل
لكن لا داعي أن تسلك الأمور هذا المسار. في خضم هذه الفوضى، تزداد المسؤولية على عاتق المعلمين للتكيف، والتركيز على عملية التعلّم بقدر ما يركّزون على النتائج، بحسب ييو مِنج تشي، نائب رئيس "جامعة سنغافورة للتكنولوجيا والتصميم" والمسؤول عن الشؤون الأكاديمية والابتكار فيها. الهدف ليس شيطنة الذكاء الاصطناعي، بل التعامل معه كأداة تعليمية، مع ضمان أن يفهم الطالب الخطوات التي أوصلته إلى النتيجة النهائية، حتى لو استعان بالتقنية
.
هذا النهج يتيح أيضاً فهماً أعمق لما تنتجه أدوات الذكاء الاصطناعي، التي ما تزال غير مثالية ومعرّضة للهلوسات (أو الأخطاء الطباعية)
.
في المحصّلة، الأساتذة الذين يتركون أثراً حقيقياً في حياة طلابهم ليسوا بالضرورة من يساعدونهم على تحقيق أعلى الدرجات، بل من يبنون علاقة صادقة معهم، ويعلّمونهم التعاطف، ويغرسون فيهم الثقة بالنفس والقدرة على حلّ المشاكلات المعقّدة. إذ إن الجوانب الأعمق والأهم في التعلّم ما تزال عصيّة على الأتمتة
.
تكشف قضية سنغافورة عن حجم التوتر الذي يرافق هذا التحوّل، إذ لم يتضح بعد ما إذا كان موقع بسيط لترتيب المراجع يُعدّ أصلاً من أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي. كما أبرزت مفارقة لافتة وهي أن توفير الوقت في مهمة رتيبة هو ميزة مرحّب بها عند دخول سوق العمل، هذا إذا لم يكن الذكاء الاصطناعي قد استحوذ على
أساساً. كما أن إتقان أدوات الذكاء الاصطناعي بات ضرورة في سوق العمل، وأي جامعة تغضّ الطرف عن هذا الواقع تُقصّر في إعداد طلابها لمواجهة العالم الحقيقي
.
صحيح أننا ما نزال على بعد سنوات من فهم التأثير الكامل للذكاء الاصطناعي على التعليم، ومن تحديد أفضل السبل لتوظيفه في التعليم العالي. لكن في خضمّ هذا المسار الاستكشافي، لا ينبغي أن نغرق في التفاصيل ونغفل عن الصورة الكبرى
.
خاص بـ "بلومبرغ"
كاتبة عمود في بلومبرغ تغطي التكنولوجيا في آسيا. مراسلة تقنية في
CNN
و
ABC News
. سابقا
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

هل وظائفنا بمأمن من الذكاء الاصطناعي؟
هل وظائفنا بمأمن من الذكاء الاصطناعي؟

الرياض

timeمنذ 4 ساعات

  • الرياض

هل وظائفنا بمأمن من الذكاء الاصطناعي؟

في السنوات الأخيرة، لم يعد الحديث عن "الذكاء الاصطناعي" مقتصرًا على المؤتمرات أو المقالات العلمية. أصبح جزءًا حيًا من تفاصيل عملنا اليومي. شخصيًا، أجد نفسي أطرح سؤالًا لم يعد هامشيًا كما كان: هل يمكن أن يأتي يوم يتجاوز فيه الذكاء الاصطناعي دورنا، بل وربما يحل محلنا؟ أستطيع أن ألاحظ بنفسي تغيّرًا ملموسًا في بعض الوظائف، خاصة تلك المتكررة أو الإدارية. بعض المهام التي كانت توكل إلى موظف يجلس لساعات خلف مكتب، كإدخال البيانات أو الرد على الاستفسارات، أصبحت تنفذها برمجيات بمرونة وسرعة، وأحيانًا بدقة تفوق البشر. حتى في بعض التخصصات، مثل الترجمة والمحاسبة، بدأت هذه الأدوات تقتحم المجال بقوة، وتُعيد ترتيب المشهد. في القطاع الصحي، وهو الميدان الأقرب إليّ، شهدتُ بنفسي كيف تغيّرت الممارسات. حضرتُ ملتقى الصحة العالمي 2024 بالرياض، ولا تزال تجربة تحويل محادثة الطبيب مع المريض إلى ملاحظات مكتوبة تلقائيًا عالقة في ذهني. لم تكن مجرّد استعراض تقني، بل خطوة عملية خفّفت من عبء التوثيق، وفتحت للطبيب وقتًا أوسع للتفاعل مع المريض. لكن الصورة ليست سوداوية! في المقابل، نشأت وظائف جديدة لم تكن مألوفة من قبل، مثل مهندسي الذكاء الاصطناعي، أو المتخصصين في أخلاقيات التقنية وحوكمة البيانات. حتى في الصحة، بدأنا نرى من يعمل كأخصائي بيانات سريرية، أو مسؤول عن دمج أنظمة ذكية ضمن بنية نظم المعلومات الصحية. لستُ ممن يرى أن التقنية تلغي الإنسان، لكنها بالتأكيد تدفعنا لإعادة التفكير في أدوارنا وطبيعة عملنا. ولعل السؤال الأدق ليس: هل سيأخذ الذكاء الاصطناعي وظائفنا؟ بل: كيف ستتغير وظائفنا؟ لنكن واقعيين، هل يمكن استبدال التفاعل البشري الحقيقي بخوارزمية؟ لا أعتقد، لا سيما تلك التي تعتمد على الإبداع، أو التفاعل الإنساني، أو الحكم الأخلاقي، أو القيادة. وهنا تبرز قيمة المهارات الإنسانية (soft skills) كالذكاء العاطفي، والتفكير النقدي، والقدرة على التكيّف. بدلاً من التوجس، أرى أن علينا التهيؤ لهذا التغير بهدوء ووعي، لأن مقاومته قد تكون أصعب من مواكبته. الاستعداد لهذا التحول لا يعني تعلم أدوات جديدة فقط، بل تغيير طريقة تفكيرنا تجاه العمل. نحتاج إلى تبنّي عقلية التعلّم المستمر، والقدرة على التجاوب مع المجهول. من وجهة نظري، الذكاء الاصطناعي ليس خصمًا. بل هو أداة تمدنا بالقوة، متى ما استخدمناها بوعي. المستقبل لن يكون للأدوار الرتيبة، بل لمن يملك عقلًا مرنًا، وقلبًا يقظًا، وفضولًا لا يهدأ. وبصفتي أكاديميًا وممارسًا في القطاع الصحي، أرى أن الذكاء الاصطناعي سيغيّر كثيرًا من الممارسات الطبية والإدارية، لكنه لن يُلغي دور الإنسان، بل سيُعيد صياغته من جديد. فالمشكلة ليست في سرعة تطوّر التقنية، بل في مدى قدرتنا نحن على التكيّف، والحفاظ على ما يجعلنا بشرًا في المقام الأول. أستاذ مشارك واستشاري مختبرات علم أمراض الدم

الصين تطوّر قطارًا سرعته 600 كيلومتر
الصين تطوّر قطارًا سرعته 600 كيلومتر

الرياض

timeمنذ 5 ساعات

  • الرياض

الصين تطوّر قطارًا سرعته 600 كيلومتر

أعلنت الصين عن نموذج مطور لقطار ركاب يعمل بتقنية الوسادة المغناطيسية «Maglev»، تصل سرعته إلى (600) كيلومتر في الساعة، وذلك خلال المؤتمر العالمي الثاني عشر للسكك الحديدية عالية السرعة، الذي عقد في بكين خلال شهر يوليو الجاري. وأوضحت كبيرة المهندسين في الشركة التي تعمل على المشروع شاو نان، أن القطار ما يزال في مرحلة البحث والتطوير، مشيرة إلى أن القطار الجديد يتميز باستخدام مغناطيسات فائقة التوصيل ونظام تعليق مزدوج، يسمح له بالتحليق مغناطيسيًا عند تجاوز سرعة (150) كيلومترًا في الساعة، ما يقلل الاحتكاك ويزيد من كفاءة التشغيل. وبيّنت أن القطار مصنوع من سبائك الألومنيوم وألياف الكربون، ما يمنحه خفة في الوزن وصلابة عالية، ويتوقع أن يخدم خطوط الربط بين المدن الكبرى.

السعودية.. بلاد «المدن الذكية»
السعودية.. بلاد «المدن الذكية»

عكاظ

timeمنذ 7 ساعات

  • عكاظ

السعودية.. بلاد «المدن الذكية»

حذر البنك الدولي من أن 70% من سكان العالم سيعيشون في مناطق حضرية بحلول العام 2050. لكنه قال إن العالم، من المملكة العربية السعودية إلى أستراليا، مروراً بسنغافورة، جدّ في تشييد مدن ذكية، ووضع على رأس أولوياته في تصميم تلك المدن الاعتبارات البيئية والاجتماعية. ولتلبية متطلبات تلك الكتل البشرية الضخمة المتزايدة لا بد من أن توفر المدن الجديدة إقامة مريحة للسكان، وتهيئة شبكات المواصلات، وأنظمة الطاقة، ومتطلبات الحياة الحديثة من حلول متكاملة. وأشار تقرير للبنك الدولي للإنشاء والتعمير إلى أن أفضل نموذج للمدينة الذكية القادرة على استيعاب ضرورات الأجيال الجديدة هو مدينة سدير السعودية، التي تمتد على 258 كيلومتراً مربعاً. وتركز خطة بناء سدير الذكية على استقطاب التكنولوجيا المتقدمة، والمنشآت الصناعية. ويذكر أن السعودية تعكف منذ سنوات على بناء مدينة نيوم، التي ستكون أول مدينة ذكية في الشرق الأوسط، وربما على مستوى العالم كله. أخبار ذات صلة

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store