logo

ثمانية عقود من الأمم المتحدة… وتسعة وجوه للسلطة والخذلان

بقلم:عبد الحميد صيام
في السادس والعشرين من الشهر الحالي أي قبل ثمانين عاما بالتمام والكمال وقعت خمسون دولة في مدينة سان فرنسيسكو الأمريكية ميثاق الأمم المتحدةـ والذي دخل حيز الإنفاذ بعد أربعة أشهر وبالتالي بدأ عهد جديد في العلاقلات الدولية يقوم على سيادة القانون الدولي والمساواة بين الدول وحل النزاعات بالطرق السلمية والتزام كل دولة باحترام قرارات المنظمة والالتزام بها وتنفيذها. وبهذه المناسبة أقيم معرض فني في مقر الأمم المتحدة تحت عنوان إحياء روح سان فرنسيسكو يضم النسخة الأصلية من الميثاق وتوقيهات الدول المؤسسة.
لا شك أن العالم بعد تجربة حربين عالميتين وفشل عصبة الأمم كان بحاجة إلى منظمة دولية تعمل على إنقاذ الأجيال القادمة من ويلات الحرب التي في خلال جيل واحد جلبت على الإنسانية مرتين أحزانا يعجز عنها الوصف . كان هذا هو الأمل والرؤية والعزيمة. إلا أن التطورات لم تأت كما تمنى المؤسسون. سرعان ما دخل العالم في ما سمي بالحرب الباردة وعادت النزاعات بين الدول أو بين مجموات من الدول ونشأت تحديات جديدة لم تكن واضحة المعام عند توقيع الميثاق تحديات عابرة للقارات لا تستطيع دولة بمفردها ولا مجموعة من الدول أن تتصدى لها منفردة مثل التغيرات المناخية والفقر المدقع والكوارث الطبيعية والجريمة العابرة للحدود والمخدرات والإرهاب وأسلحة الدمار الشامل وسباق التسلح وعسكرة الفضاء الخارجي والجرائم السبرانية وأخيرا أخطار الذكاء الاصطناعي.
وكي نكون منصفين في مراجعة ما قامت به الأمم المتحدة يجب أن نؤكد منذ البداية على أن المنظمة الدولية وضعت ثلاثة أهداف مترابطة ومتكاملة لإيجاد عالم أفضل وأقل توترا وأكثر رخاء ومساواة:
الهدف الأول والأهم: صيانة السلم والأمن الدوليين والهدف الثاني حماية حقوق الإنسان الفردية والجماعية دون تمييز قائم على لون أو جنس أو دين أو عرق أو وضع إجتماعي والهدف الثالث والمرتبط عضويا بالهدفين السابقين هو العمل على التنمية بمعناها الشامل لانتشال الدول الأقل نموا وإلحاقها بركب التقدم والتطور. ولو أردنا منح علامات لكل هدف من الأهداف الثلاثة لانخفضت علامة صيانة السلم والأمن الدوليين وارتفعت قليلا قضايا حقوق الإنسان وارتفعت أكثر قضايا التنمية.
*الأمناء العامون التسعة
لكني أود هنا أن أستعرض مسيرة المنظمة الدولية باختصار في مجال صيانة السلم والأمن الدوليين من خلال مسيرات وتحديات الأمناء العامين التسعة وأهم المحطات التي ميزت عهدة كل واحد منهم.
– الأول- تريغفي لي (1946-1953- النرويج)- رجل غامض. في عهده انطلقت الحرب الباردة. التنافس بين المعسكرين شل حركة المنظمة الدولية. أقيم جدار برلين. تم تقسيم فلسطين وقبول إسرائيل عضوا في الأمم المتحدة وشرد الشعب الفلسطيني. كان من أشد المتحمسين لقرار التقسيم والاعتراف بإسرائيل. قتل الوسيط الدولي السويدي الكونت برنادوت في القدس على يد العصابات الصهيوينة في 17 سبتمبر 1948 لأنه رفض التقسيم.
لقد ثبت فيما بعد أن تريغفي لي كان منحازا للمعسكر الغربي وأنه على علاقات حميمية مع المنظمات الصهيونية. قرر الاتحاد السوفييتي مقاطعته وطرده من منصبه فاضطر إلى الاستقالة عام 1953 والخروج من المنصب بطريقة مهينة.
– الثاني- داغ همرشولد (1953-1961 – السويد)- رجل شجاع. استطاع مواجهة المعسكرين الشرقي والغربي. قتل عام 1961 بعد إسقاط طائرته فوق الكونغو لأنه وقف ضد القوى الاستعمارية ودفع حياته لأنه رفض انفصال إقليم كاتنجا عن دولة الكونغو. هناك لجنة أممية تحقق في مقتله وتحديد من هو المسؤول ولم تصل إلى نتيجة بعد 54 سنة.
كان صلبا في معارضة العدوان الثلاثي على السويس. أقيمت في عهده أول بعثة حفظ سلام بين مصر وإسرائيل: قوة الطوارئ التابعة للأمم المتحدة (UNEF). اعتمد في ولايته القرار التاريخي لـ تصفية الاستعمار 1514 عام 1960 والذي فتح المجال لحركات التحرر وخاصة في أفريقيا أن تثور ضد قوى الاستعمار لتبدأ سلسلة من استقلال الدول المستعمَرة والتي غيرت تركيبة الأمم المتحدة.
– الثالث يو ثانت (1962-1971 – بورما- ميانمار)- رجل هادئ. وفي عهده جرت حرب عام 1967. وافق على سحب قوات الطوارئ الدولية من سيناء وبالتالي فتح الأبواب للحرب والتي انتهت باحتلال الكيان الصهيوني لأراض من أربع دول عربية واعتمد القرار 242 (1967) الذي طالب بانسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها حديثا. لقد مثلت حرب فيتنام قمة المواجهات فيما اتفق عليه بالحرب الباردة.
كما شهدت أيامه الأخيرة في المنصب الحرب بين الهند وباكستان عام 1971 والتي انتهت بانفصال بنغلاديش عن باكستان.
– الرابع- كورت فالدهايم- (1972-1981- النمسا)- رجل أرستقراطي. وفي عهده وقعت حرب أكتوبر 1973 وتكونت مجموعة عربية قوية اعتمدت خلالها مجموعة قرارات لصالح فلسطين أهما منح منظمة التحرير الفلسطينية مقعد مراقب وهو الأول لحركة تحرر وطني. في عهده اعتمدت اللغة العربية لغة رسمية سادسة للأمم المتحدة. واعتمد القرار 3236 عام 1974 الذي فصل الحقوق الفلسطينية غير القابلة للتصرف كما اعتمد القرار 3379 (1975) الذي صنف الصهيونية شكلا من أشكال العنصرية.
– الخامس- خافيير بيريز دي كوييار- (1982-1991 – بيرو) رجل بلا لون ولا طعم ولا رائحة. وفي عهده انتهت الحرب الباردة وتفكك الاتحاد السوفييتي وأهم الحروب التي وقعت في عهده الغزو الإسرائيلي للبنان والحرب العراقية الإيرانية وغزو العراق للكويت التي تركت أثرها الكبير جدا على العمل العربي المشترك. وقد شهدت أيامه الأخيرة بداية تفكك كتلة الدول الاشتراكية ونهاية الحرب الباردة.
– السادس- بطرس بطرس غالي- (1992-1996- مصر)- رجل أكاديمي حازم. انتخب لدورة واحدة وتم إخراجه من الأمم المتحدة بفيتو أمريكي. في عهده انتشرت عشرات النزاعات وتحولت من مواجهات وحروب بين الدول إلى حروب داخل الدول بين المكونات العرقية أو الدينية مثل الصومال ويوغسلافيا السابقة وجورجيا وأرمينيا وأذربيجان. تفككت الدول الكبرى وشهدت ولايته حربي إبادة في رواندا 1994 والبوسنة والهرسك 1995 وانتهاء الفصل العنصري في جنوب أفريقيا. أصر بطرس غالي على نشر تقرير عن مجزرة قانا بجنوب لبنان عام 1996 والذي يشير بأن إسرائيل ارتكبتها عامدة متعمدة فقررت السفيرة الأمريكية مادلين أولبرايت أن تمنعه من دورة ثانية.
– السابع- كوفي عنان (1997-2016 – غانا)- رجل دمث. أول أمين عام من أفريقيا ومن سلم الوظائف في المنظمة الدولية. انشغل بالحروب الأفريقية والحرب على أفغانستان (2001) والعراق عام 2003 والتي وصفها بأنها غير شرعية . كما شهدت عهدته حرب إسرائيل على جنوب لبنان عام 2006.
– الثامن- بان كي مون (كوريا الجنوبية 2007-2016) الرجل القلق. وثلاث حروب إسرائيلية على غزة (2008/ 2009 2012 2014) دون أن يكون له أي دور فاعل. لم يترك أي أثر يذكر. مرحلة الربيع العربي والحروب الداخلية في ليبيا وسوريا واليمن.
– التاسع- أنطونيو غوتيريش (2017- ولغاية نهاية 2026- البرتغال)- رجل أنصاف المواقف. فترته الأصعب- حروب متواصلة أهمها في أوكرانيا وغزة إضافة إلى الكونغو ومالي وهايتي وميانمار وأفغانستان السودان وليبيا واليمن وسوريا والعراق وأخيرا حرب الإبادة في غزة. لآ أحد راضيا عنه. تعرض لانتقادات شديدة من إسرائيل والولايات المتحدة والفلسطينيين والأفارقة. أنصف المرأة. وسيقال عنه الكثير بعد رحيله.
ختاما علينا أن نقر أن الأمم المتحدة مثل المرآة تعكس جمال الوجه إن كان جميلا وقباحته إن كان قبيحا. تعكس موازين القوى كما هي لا كما يجب أن تكون. ولا يأملنّ أحد في إصلاح قريب لمجلس الأمن لا بتوسيع العضوية ولا بإلغاء الفيتو وهما شرطان أساسيان لتصبح المنظمة أكثر فاعلية وتأثيرا وقوة.
حقوق النشر © 2024 أخبار اليوم الجزائرية . ة

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

رئيس الحكومة أمام المؤتمر الدولي الرابع حول تمويل التنمية: المغرب بقيادة جلالة الملك، يواصل تعزيز إصلاحاته الهيكلية في المجالات ذات الأولوية
رئيس الحكومة أمام المؤتمر الدولي الرابع حول تمويل التنمية: المغرب بقيادة جلالة الملك، يواصل تعزيز إصلاحاته الهيكلية في المجالات ذات الأولوية

حدث كم

timeمنذ 4 ساعات

  • حدث كم

رئيس الحكومة أمام المؤتمر الدولي الرابع حول تمويل التنمية: المغرب بقيادة جلالة الملك، يواصل تعزيز إصلاحاته الهيكلية في المجالات ذات الأولوية

أكد رئيس الحكومة عزيز أخنوش، أمام المؤتمر الدولي الرابع حول تمويل التنمية، الذي انطلقت أشغاله اليوم الاثنين باشبيلية، أن المغرب، بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، يواصل تعزيز إصلاحاته الهيكلية في المجالات ذات الأولوية. وأوضح السيد أخنوش، الذي يمثل جلالة الملك في هذا المؤتمر، أن هذه المجالات تهم، على الخصوص، الدعم الاجتماعي المباشر، والحماية الاجتماعية، والتأمين الإجباري عن المرض، والمساعدة في تملك السكن، علاوة على مباشرة إصلاحات عميقة في التعليم والصحة. وأضاف أن هذه الإصلاحات، التي تعكس الإرادة القوية للمملكة المغربية في تحسين ظروف عيش المواطنين وإرساء أسس التنمية الشاملة والمستدامة، تساهم بلا شك في تسريع النمو، لكنها تتطلب موارد مالية كبيرة. وأشار رئيس الحكومة، في هذا الصدد، إلى أن المملكة المغربية بذلت جهودا كبيرة لتعبئة الموارد المالية الوطنية بشكل أكثر فعالية، من خلال مباشرة إصلاحات ضريبية طموحة، ومكافحة التهرب الضريبي، وإعداد بيئة ضريبية مواتية للتنمية. وقال السيد أخنوش إن هذه الجهود ساهمت في توسيع قاعدة الوعاء الضريبي بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة، مؤكدا، بالمقابل، أنه 'ورغم هذه الموارد المالية، فإن حاجاتنا لتمويل مختلف الأوراش الطموحة والمهيكلة تستدعي تعبئة موارد إضافية'. من جهة أخرى، أبرز السيد أخنوش أن المؤتمر الدولي الرابع حول تمويل التنمية يكتسي أهمية خاصة، إذ ينعقد في سياق دولي يتسم بتحديات كبرى تتعلق بالتنمية الاقتصادية العالمية، وانتظارات متزايدة للسكان. ودعا رئيس الحكومة إلى التعاطى بجدية مع آفاق إصلاح آليات التمويل الدولية، وضمان عدم استثناء البلدان النامية، ولا سيما البلدان ذات الدخل المتوسط. ولتحقيق هذا الهدف، فمن الضروري، يقول السيد أخنوش، الانخراط في حوار بناء بين المؤسسات التي أنشئت في القرن الماضي والأجيال الجديدة من الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين، من أجل الاستجابة للتطلعات المشروعة للمواطنين. وشدد رئيس الحكومة على أهمية تمويل التنمية بالموازاة مع إصلاح نموذج التمويل التقليدي، وذلك بهدف تجديد وإعادة ابتكار تمويل التنمية الدولي. وخلص السيد أخنوش، إلى أن المملكة المغربية، بصفتها دولة ذات دخل متوسط، تهدف إلى المساهمة في البحث عن آليات تمويل جديدة على نطاق عالمي، قادرة على ضمان النمو العادل والمستدام في جميع أنحاء العالم. ويشارك في المؤتمر الدولي الرابع حول تمويل التنمية، المنعقد إلى غاية الخميس المقبل، نحو 50 رئيس دولة وحكومة، إلى جانب 4 آلاف ممثل عن منظمات المجتمع المدني، والمؤسسات المالية الدولية، والقطاع الخاص. ويضم الوفد المغربي، على الخصوص، وزيرة الاقتصاد والمالية، السيدة نادية فتاح، والسفير الممثل الدائم للمملكة لدى الأمم المتحدة، السيد عمر هلال، وسفيرة المغرب بإسبانيا، السيدة كريمة بنيعيش. ويهدف هذا المؤتمر إلى بلورة حلول عملية لسد العجز السنوي المقدر بـ4000 مليار دولار، الذي تواجهه البلدان النامية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة. ح/م

ترامب يوقع أمراً تنفيذياً تاريخياً برفع العقوبات عن سوريا.. ودمشق: خطوة نحو إعادة الإعمار
ترامب يوقع أمراً تنفيذياً تاريخياً برفع العقوبات عن سوريا.. ودمشق: خطوة نحو إعادة الإعمار

خبر للأنباء

timeمنذ 5 ساعات

  • خبر للأنباء

ترامب يوقع أمراً تنفيذياً تاريخياً برفع العقوبات عن سوريا.. ودمشق: خطوة نحو إعادة الإعمار

وقع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الاثنين، على أمر تنفيذي ينهي العقوبات الأميركية المفروضة على سوريا، دعماً لمسار البلاد نحو الاستقرار والسلام، بحسب البيت الأبيض. ورحب وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني على منصة "إكس"، بالأمر التنفيذي الذي وصفه بـ"التاريخي"، موضحاً أنه يلغي الجزء الأكبر من برنامج العقوبات المفروضة على سوريا. وقال: "برفع هذا العائق الكبير أمام التعافي الاقتصادي، تُفتح أبواب إعادة الإعمار والتنمية التي طال انتظارها، وتأهيل البُنى التحتية الحيوية، بما يوفّر الظروف اللازمة للعودة الكريمة والآمنة للمهجرين السوريين إلى وطنهم". مضامين الأمر التنفيذي ويقضي الأمر التنفيذي برفع العقوبات عن سوريا، مع الإبقاء على العقوبات المفروضة على الرئيس السابق بشار الأسد، ومساعديه، والمنتهكين لحقوق الإنسان، وتجار المخدرات، والأشخاص المرتبطين بأنشطة الأسلحة، وتنظيم "داعش" ومن يرتبط به، والجماعات التابعة لإيران. ووفقاً للأمر التنفيذي، تقر الولايات المتحدة بأن الظروف التي أدت إلى إصدار الأوامر التنفيذية السابقة المرتبطة بسياسات وأفعال النظام السابق بقيادة بشار الأسد قد تغيّرت بسبب تطورات الأشهر الستة الماضية، بما في ذلك الإجراءات الإيجابية التي اتخذتها الحكومة السورية الجديدة بقيادة الرئيس أحمد الشرع. وشدد الأمر التنفيذي، على أن الولايات المتحدة ملتزمة بدعم "سوريا مستقرة وموحّدة وفي سلام مع نفسها وجيرانها"، معتبراً أن سوريا موحدة، لا تشكل ملاذاً آمناً للتنظيمات الإرهابية، وتضمن أمن الأقليات الدينية والعرقية فيها، تُعزز الأمن والازدهار الإقليميين. أبرز مضامين الأمر التنفيذي الذي ينهي العقوبات الأميركية على سوريا محاسبة النظام السابق لبشار الأسد: تم اتخاذ خطوات إضافية لضمان محاسبة مرتكبي جرائم الحرب وانتهاكات حقوق الإنسان وتوسيع شبكات تهريب المخدرات المرتبطة بالنظام السابق. تُجمّد الأصول وتُفرض عقوبات إضافية على: المسؤولين المتورطين في تهديد أمن سوريا. منتهكي حقوق الإنسان. مسؤولي النظام السابق. المتورطين في تهريب الكبتاجون. أي شخص مرتبط بإخفاء أميركيين في سوريا خلال عهد الأسد. الداعمين الماديين للنظام السابق أو المتورطين في أنشطة محظورة. قانون قيصر: يُخوّل وزير الخارجية، بالتشاور مع وزير الخزانة، تقييم مدى استيفاء الشروط المنصوص عليها في قانون قيصر، واتخاذ قرار بشأن تعليق العقوبات كلياً أو جزئياً، مع إبلاغ الكونجرس بذلك خلال 30 يوماً. قانون محاسبة سوريا: قررتُ أن من مصلحة الأمن القومي الأميركي التنازل عن بعض بنود قانون محاسبة سوريا المتعلقة بقيود التصدير لبعض السلع الخاضعة لرقابة وزارة التجارة. قانون الأسلحة الكيميائية والبيولوجية: نظراً لحدوث تغيّر جوهري في القيادة والسياسات السورية، أُعلن التنازل عن العقوبات المفروضة بموجب هذا القانون، بما في ذلك: المساعدات الخارجية. الائتمان الحكومي. صادرات التكنولوجيا الحسّاسة. القروض البنكية للحكومة السورية. تصنيفات مكافحة الإرهاب يجب على وزير الخارجية اتخاذ الإجراءات اللازمة بخصوص مراجعة: تصنيف "جبهة النصرة" و"هيئة تحرير الشام" كمنظمات إرهابية. تصنيف أبو محمد الجولاني، المعروف باسم أحمد الشرع تصنيف سوريا كدولة راعية للإرهاب وفق القوانين المعمول بها. الأمم المتحدة على وزير الخارجية اتخاذ خطوات لدعم أهداف السياسة الأميركية في الأمم المتحدة، بما في ذلك مساعدة سوريا في مكافحة الإرهاب والامتثال لالتزاماتها بشأن أسلحة الدمار الشامل، إضافة لاستكشاف سبل تخفيف العقوبات عبر الأمم المتحدة لتحقيق هذه الأهداف. ووصفت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولاين ليفيت هذا الإجراء بأنه "خطوة التزم بها الرئيس وفاجأ بها العالم خلال زيارته إلى السعودية، لأنه ملتزم بدعم سوريا مستقرة وموحدة، تعيش في سلام داخلي ومع جيرانها". وتابعت: "التقى الرئيس مع رئيس سوريا الجديد خلال وجودنا في الشرق الأوسط، كما تعلمون، وهذه الخطوة تُعد وعداً جديداً من الرئيس لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة، ووعداً يفي به الآن". مراجعة تصنيف سوريا كـ"دولة راعية للإرهاب" وقال مسؤول كبير لوكالة "رويترز"، إن الولايات المتحدة تراجع تصنيف سوريا كدولة راعية للإرهاب. ونقلت الوكالة عن مسؤول كبير بوزارة الخزانة الأميركية، أن الإجراء الذي اتخذه الرئيس الأميركي، الاثنين، سينهي عزلة سوريا عن النظام المالي العالمي ويمهد الطريق للتجارة والاستثمار من المنطقة والولايات المتحدة. وأعلن ترمب في مايو الماضي، أنه سيرفع العقوبات عن سوريا في إطار إجراءات لمساعدة البلاد على إعادة الإعمار بعد حرب أهلية مدمرة استمرت نحو 14 عاماً. ونفذت سوريا، في وقت سابق من الشهر الجاري، أول تحويل مصرفي دولي مباشر عبر نظام "سويفت" للمدفوعات الدولية منذ اندلاع الحرب الأهلية. وتشكل إعادة دمج سوريا في النظام المالي العالمي خطوة كبيرة نحو إتاحة المعاملات المالية الكبيرة اللازمة لبدء إعادة الإعمار والنشاط الاقتصادي، والمساعدة في كبح الأنشطة الاقتصادية غير الرسمية القائمة على النقد. وقال حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية لوكالة "رويترز" في دمشق، إن أول معاملة تجارية نفذت من بنك سوري إلى آخر إيطالي، وإن "الباب مفتوح أمام المزيد". وأضاف الحصرية، أن سوريا تتوقع إجراء أول معاملة مع بنك أميركي "في غضون أسابيع".

لماذا يتحرك بولتون الآن لصالح الصحراويين وهل يؤثر على القرار الأمريكي؟
لماذا يتحرك بولتون الآن لصالح الصحراويين وهل يؤثر على القرار الأمريكي؟

الشروق

timeمنذ 10 ساعات

  • الشروق

لماذا يتحرك بولتون الآن لصالح الصحراويين وهل يؤثر على القرار الأمريكي؟

في كل الكوارث التي تسببت فيها السياسة الخارجية الأمريكية في العالم، بداية من فيتنام، مرورا بالعراق وافغانستان، كانت هناك أصوات أمريكية معارضة لتلك السياسات الرعناء، بعض هذه الأصوات كان مثاليا وبعضها كان براغماتيا، ومن المفارقات أن وجهة نظر الذين كانوا يرفعون أصواتهم ويعارضون سياسة الإدارة الأمريكية في القضايا التي ذكرنا.. كان الزمن ينصفهم دائما في الأخير، وكانت سياسة واشنطن تفشل. وإذا كان عدد من الأمريكيين لا يستهان به قد عارض سياسة الولايات المتحدة الأمريكية في فيتنام، العراق وافغانستان، فإن هناك من عارض سياسة الإدارة الأمريكية في دعمها لاحتلال الصحراء الغربية، ونذكر على سبيل المثال لا للحصر كاتب الدولة السابق للأمن القومي والسفير السابق في الأمم المتحدة جون بولتون. فهذا السياسي والخبير الكبير، رغم أنه أحد صقور الحزب الجمهوري، ورغم أنه مؤيد شرس لسياسة بلاده المتطرفة ضد روسيا والصين وإيران، إلا أنه يختلف مائة بالمائة مع سياساتها -بلاده- في قضية الصحراء الغربية. ولا يعارض جون بولتون سياسة بلاده المؤيدة لاحتلال الصحراء الغربية بصوت منخفض أو في الكواليس أو الغرف المغلقة، إنما جاهر بذلك، ولم يترك فرصة تمر من دون أن يعبر عن آرائه وينتقد سياسة إدارة بلاده الخاطئة الداعمة للاحتلال المغربي. لا يتخلى جون بولتون عن البراغماتيتة الأمريكية المعروف بها حين يدعم الاستفتاء في الصحراء الغربية، لكنه يوفق بينها ومبدأ تقرير المصير فتكون النتيجة -حسب وجهة نظره- هي الوصول إلى مصالح أمريكية في إفريقيا تحت غطاء تطبيق القانون الدولي، وانطلاقا من الصحراء الغربية. ومن خلال دراسة مقالاته وتصريحاته ومداخلاته حول الصحراء الغربية، يمكن استنتاج أنه يبني وجهة نظره ونظريته على عدة مرتكزات: أولا، يطالب الولايات المتحدة أن تضغط على المغرب – الذي يعرقل قرار مجلس الأمن 690 لسنة 1991م- كي يقبل بتنظيم الاستفتاء؛ ثانيا، يرى أن ضم المغرب للصحراء الغربية مستحيل؛ ثالثا، يعتقد أن الولايات المتحدة، إذا فرضت تنظيم الاستفتاء، ستستفيد مستقبلا من قيام دولة مستقلة في الصحراء الغربية أكثر مما ستستفيد من مغرب غير قادر على حسم ضم الصحراء الغربية؛ رابعا، يرى أن استقلال الصحراء الغربية، إذا ساهمت الولايات المتحدة الأمريكية في تجسيده، يوفق بين القانون الدولي والمصالح الأمريكية في إفريقيا، بحكم أن علاقة أمريكية جيدة مع دولة صحراوية سيهيئ الأرضية -كتحصيل حاصل- لعلاقة جيدة مع الجزائر وموريتانيا اللتين تدعمان تطبيق القانون الدولي في الصحراء الغربية؛ خامسا، يعارض جون بولتون أي ربط للبوليساريو بالشيوعية أو بالإرهاب. كل هذه الأسباب، تفرض على الولايات المتحدة -من وجهة نظر بولتون- أن تتحرك بسرعة، تحت مظلة القانون الدولي، وتفرض على حليفها المغرب قبول تنظيم الاستفتاء لخلق ديناميكية جديدة في إفريقيا تستفيد منها الولايات المتحدة قبل أن تصبح المنطقة تحت مظلة الصين وروسيا. يقف جون بولتون، منذ سنوات، بالمرصاد لأخطاء إدارة بلاده في الصحراء الغربية، وكلما حدث خطأ أو زلة سياسية يجاهر الرجل برأيه صريحا وواضحا وينتقد الخطأ. فمثلا، حين اعترف ترامب بالحكم الذاتي المغربي سنة 2020م، كتب بولتون في مجلة foreign policy بتاريخ 15 ديسمبر 2020م، قائلا: 'مثّل إعلان الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب في 11 ديسمبر اعتراف الولايات المتحدة بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية انحدارًا آخر لإدارته. ففي صفقة منفصلة لتسهيل تبادل العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل والمغرب، يشكل قرار ترامب، بالتخلي عن الشعب الصحراوي، نقطة تحول عنوانها التخلي عن ثلاثة عقود من الدعم الأمريكي لحق تقرير المصير عبر استفتاء للشعب الصحراوي حول مستقبل الإقليم'. وفي موقع آخر يقول: 'أن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الاعتراف بالسيادة المزعومة للمغرب على الصحراء الغربية، خطأ، لأنه لا يعكس السياسة الأمريكية الراسخة (الداعمة للاستفتاء)'. ولم يكتف جون بولتون بنقد قرار ترامب، لكنه انتقد، لاحقا، إدارة بايدن التي دفنت رأسها في الرمال ورفضت التراجع عن ذلك القرار. تتقاطع انتقادات بولتون في تصريحاته المتعددة والمتكررة لسياسة إدارة بلاده الداعمة للاحتلال المغربي في الكثير من النقاط مثل نوع الحل، الطرف الذي يجب أن يضغط على المغرب وتبرئة ساحة البوليساريو من الارتباط بالإرهاب. في هذا الإطار يقول جون بولتون بتاريخ 28 ماي 2025م في جريدة واشنطن تايمز: 'قضية الصحراء الغربية هي قضية من بين القضايا الدولية الكبيرة غير المحسومة، والتي تؤثر على الاستقرار الإقليمي والمصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة'. في نفس التصريح، وبعد أن ينتقل من الطلب من إدارته أن تتدخل وتساعد في الحل، يؤكد على أن الاستفتاء هو الحل الواقعي، وأن البوليساريو ليست حركة إرهابية ولا علاقة لها بالشيوعية. من البديهي أن شخصية سياسية كبيرة من وزن وحجم جون بولتون لا تخوض في القضايا الدولية الكبيرة إلا إذا كانت مدفوعة ومدعومة من طرف تيار أمريكي كبير وواسع يقف وراءها، ويتقاسم معها وجهة النظر. فإذا كنا نرى أن جون بولتون كان يتحرك ويصرح فقط حين يحس أن إدارة بلاده ارتكبت خطأ في قضية الصحراء الغربية، فإنه، مؤخرا، ضاعف من تصريحاته الداعية إلى تنظيم الاستفتاء، وضاعف من تحذيره من أية محاولة لربط البوليساريو بالإرهاب أو بالتطرف. فالذين يتابعون الشأن الصحراوي اكتشفوا، مؤخرا، أن جون بولتون صرح يوم 28 ماي 2025م، وصرح يوم 28 يونيو، وهذه أول مرة، تقريبا، يصرح مرتين لا يفصل بينهما إلا شهرا واحدا. في تصريحه الأخير لجريدة La Otralectura يوم 28 يونيو، يعيد بولتون القضية الصحراوية إلى النقاش من جديد في الولايات المتحدة، ويركز على رفضه لربط البوليساريو بالإرهاب فيقول بالحرف: 'أول مرة زرت فيها تندوف كانت قبل حوالي 30 عامًا، ولم أرَ أي أثر للماركسيين أو الجهاديين أو الإيرانيين أو أي شيء آخر، وقد زرت المخيمات مرات عديدة، وتحدثت إلى العديد من أعضاء جبهة البوليساريو، وخاصةً إلى مسؤولين في الحكومة الإسبانية، ممن يعرفون ظروف الصحراء الغربية، وهذه -الإرهاب- مجرد دعاية من المغاربة وأنصارهم، ولا يوجد أي دليل على ذلك'. هذه التصريحات المتقاربة التي أدلى بها بولتون، لا يمكن أن تكون عشوائية، وتأتي ضمن منظومة من السياقات المختلفة، التي تتقاطع، كلها، في أهمية حل قضية الصحراء بسرعة وعدم الإمعان في مراكمة الأخطاء الأمريكية في هذه القضية، والتي قد تجعل مراكمتها الوضع يخرج عن السيطرة مستقبلا. يمكن تلخيص السياق الذي يتحدث فيه جون بولتون في ما يلي: أولا، يحذر من مغبة فتح أي نقاش في واشنطن حول ربط البوليساريو بالإرهاب؛ ثانيا، في ظل تضعضع دور الأمم المتحدة في العالم، يطلب بولتون من دولته، بطريقة غير مباشرة، أن تستغل الفرصة وتضغط على المخزن كي يقبل بتنظيم الاستفتاء؛ ثالثا، يعيد بولتون تذكير الولايات المتحدة بالمبدأ الذي يقول 'إذا دعمت الولايات المتحدة حليفا لمدة خمسين سنة، ولم تستفد منه، تغير استراتيجيتها نحوه'، وكما هو معلوم مرت خمسون سنة منذ بدأت واشنطن تدعم احتلال الصحراء الغربية، لكن لم تستفد من المغرب أي شيء، وآَنَ لها أن تغير استراتيجيتها؛ رابعا، يعتقد بولتون كأي أمريكي عادي أن المغرب فقد دوره الذي كان يحظى به زمن الشيوعية، وزمن التطرف الديني، وزمن الإرهاب في الساحل، والآن وجب التخلص منه. كل هذا يوحي أن نشاط بولتون، ودفاعه عن الاستفتاء في الصحراء الغربية، وتحريضه لدولته أن تدعم القانون الدولي، يدخل في إطار تذكير الولايات المتحدة أن مصالحها المستقبلية في إفريقيا مرهونة بحل قضية الصحراء الغربية طبقا للقانون الدولي. فحتى إذا لم يتمكن بولتون من تغيير سياسة واشنطن من القضية الصحراوية، فهو، بتصريحاته، يمكن أن يكبح جماحها -الولايات المتحدة- عن ارتكاب المزيد من الأخطاء، خاصة الخطأ الغبي المتمثل في ربط البوليساريو بالإرهاب.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store