
تحركات لتقييد المعاملات بالعقار غير المحفظ وسط شبهات التزوير وتبييض الأموال
في هذا السياق، أثار النائب البرلماني عن حزب الأصالة والمعاصرة مصطفى جداد، خلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس النواب، إشكالية استمرار وجود عدد كبير من المعاملات العقارية التي تعتمد على رسوم عرفية أو وثائق غير محينة، خارج النظام الرسمي للتحفيظ العقاري.
واعتبر جداد أن هذه الوضعية لا تمثل فقط تهديدا للأمن القانوني للمتعاملين في هذا القطاع، بل تضعف أيضا الاستقرار القضائي في ما يتعلق بالمنازعات المرتبطة بهذه العقارات، خاصة في ظل ضعف آليات المراقبة.
وأعرب النائب البرلماني عن أسفه لاستمرار تسجيل حالات تزوير واحتيال في هذا المجال، طالت حتى عقارات محفظة أو تلك التي تعود ملكيتها لمغاربة مقيمين بالخارج أو لأشخاص في وضعيات اجتماعية هشة.
ما يستدعي، وفق تعبيره، تعزيز آليات التنبيه والتحري الفوري عن أي تحرك مشبوه في الرسم العقاري، وربط المعلومات بين مختلف المؤسسات المعنية، خاصة التوثيق والمحافظة العقارية، لرصد التناقضات في الوثائق قبل أن تتحول إلى نزاعات قضائية أو شبهات جنائية.
واقترح جداد إحداث سجل وطني للأشخاص الممنوعين من التصرف العقاري بناء على شبهات تتعلق بالتزوير أو بموجب أحكام قضائية، إلى جانب تقوية قدرات الموثقين والعدول والمحافظين العقاريين من خلال برامج تكوينية منتظمة ترفع من منسوب اليقظة وتكرّس المهنية في التصدي لمثل هذه التجاوزات.
من جانبه، أقر وزير العدل عبد اللطيف وهبي بوجود ثغرات قانونية وتنظيمية تجعل من مجال العقارات غير المحفظة أرضية محتملة لتبييض الأموال، مشيرا إلى أن الدولة واعية بخطورة استمرار هذه الوضعية، خاصة في ظل امتلاك المغرب لتكنولوجيا متقدمة مثل الأقمار الاصطناعية التي تسهل عملية تحديد الملكيات، وتوفر معطيات دقيقة حول المواقع الجغرافية للعقارات.
وأوضح الوزير أن الحكومة بصدد اتخاذ مجموعة من الإجراءات، منها توقيع اتفاق مع هيئة الطبوغرافيين يقضي بإدراج رموز QR في العقود التي تتعلق بعقارات غير محفظة، ما يسمح بتحديد دقيق لموقع العقار ويحد من الغموض الذي يميز العقود الحالية.
وأشار إلى أن هذا الإجراء يندرج في إطار إصلاح شامل يتم التحضير له على مستوى قانون العدول، والذي يُنتظر عرضه على البرلمان خلال الدورة التشريعية المقبلة.
وشدد وهبي على أن تحرير العقود المرتبطة بالعقارات غير المحفظة أصبح محصورا في الموثقين والعدول، بينما لم يعد من صلاحيات المحامين تحرير هذا النوع من العقود، وذلك تفادياً لأي مراقبة محتملة من جهات أجنبية، قد تهدد مبدأ السر المهني الذي يحكم علاقة المحامي بموكليه.
وأضاف الوزير أن بعض العقود المحررة من قبل المحامين تتعلق أحيانًا بعقارات الدولة أو أراضي الجموع، ما يفتح الباب أمام تعقيدات قانونية وسياسية يصعب تبريرها أمام المنظومة الدولية لمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب.
وحذّر وهبي من أن منح المحامي صلاحية تحرير عقود العقارات غير المحفظة قد يؤدي مستقبلا إلى إخضاعه لمراقبة دولية قد تطال ملفات حساسة وسرية، مما يشكل تهديدًا جوهريًا لدور المحامي كمؤسسة قائمة على حماية خصوصية الموكل.
وتقود هذه النقاشات إلى تسليط الضوء مجددًا على التحدي المزمن الذي يواجهه المغرب في مجال التحفيظ العقاري، خصوصا في المناطق القروية التي ما زالت تشكل الكتلة الأكبر من العقارات غير المحفظة، مما يُصعّب على السلطات تتبع مصدر الأموال الموظفة في المعاملات العقارية، ويفتح المجال أمام ممارسات غير مشروعة، قد تمس الاقتصاد الوطني وتهدد نزاهة المنظومة المالية برمتها.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


حزب الأصالة والمعاصرة
منذ 3 أيام
- حزب الأصالة والمعاصرة
الانتخابات الجزئية .. عادل الكرفطي يفوز بمقعد الدائرة 4 بجماعة دار سي عيسى بإقليم آسفي
في سياق الانتخابات الجزئية التي شهدتها الجماعة الترابية دار سي عيسى التابعة لإقليم آسفي، تمكن مرشح حزب الأصالة والمعاصرة، عادل الكرفطي، من تحقيق فوز مستحق في الدائرة الانتخابية رقم 4، بعد حصوله على 142 صوتا، مقابل 14 صوتا فقط لمنافسه عن حزب التجمع الوطني للأحرار، فيما بلغ عدد الأصوات الملغاة 8. ويعد هذا الفوز انتصارا سياسيا وشبابيا مزدوجا، حيث يشكل تتويجا لمجهودات الكرفطي الذي استطاع أن يفرض حضوره الميداني من خلال تواصله المباشر مع الساكنة، وانخراطه الفعلي في القضايا المحلية التي تهم الدائرة الترابية التي ترشح بها. كما يعكس هذا الفوز صعود كفاءات شابة داخل حزب الأصالة والمعاصرة، وقدرة الحزب على تقديم نخب جديدة تتوفر على رؤية وطموح لخدمة المواطن وتحقيق التنمية المحلية المنشودة. ومن المنتظر أن يشكل انتخاب الكرفطي قيمة مضافة داخل تركيبة المجلس الجماعي لدار سي عيسى، بالنظر إلى حيويته وتواصله الدائم مع محيطه المحلي، فضلا عن التزامه بالإسهام في تفعيل برامج تنموية تلامس حاجيات المواطنين وتواكب التحولات المجالية التي تعرفها الجماعة. ختاما، تمثل هذه النتيجة رسالة واضحة على أن تجديد الثقة في الأحزاب لا يتحقق إلا من خلال تمكين الشباب، والإنصات لهم، وإشراكهم الفعلي في تدبير الشأن العام، وهي مقاربة أكدها حزب الأصالة والمعاصرة في ممارسته اليومية، وها هو اليوم يجني ثمارها في الإنتخابات الجزئية. إبراهيم الصبار


الجريدة 24
منذ 3 أيام
- الجريدة 24
فرار الرياضيين المغاربة خلال التظاهرات الدولية.. الوفا يدخل الملف للبرلمان
راسل النائب البرلماني عن حزب الأصالة والمعاصرة، عبد الرحمان الوفا، وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، محمد برادة، بشأن تكرار حالات فرار الرياضيين المغاربة خلال مشاركاتهم في التظاهرات الدولية. التحرك البرلماني يأتي في سياق واقعة صادمة تمثلت في فرار خمسة لاعبين من المنتخب الوطني المغربي لأقل من 21 سنة لكرة اليد، خلال بطولة العالم المقامة في بولندا، في حادثة ليست الأولى من نوعها، لكنها تعكس، بحسب البرلماني، عمق أزمة متعددة الأبعاد يعاني منها قطاع الرياضة بالمغرب، خصوصا على مستوى التأطير والمرافقة. خلل في المنظومة الوفا لفت إلى أن هذه الظاهرة أضحت تحديا حقيقيا يهدد صورة الرياضة الوطنية، حيث لا تقتصر على رياضيين محترفين بل تشمل الهواة وحتى القاصرين، ما يعكس هشاشة البنية الاجتماعية والنفسية التي يدفع من خلالها هؤلاء الشباب إلى اختيار الفرار بدل البقاء تحت لواء المنتخب الوطني. وأشار إلى أن تفشي هذه الظاهرة يعود إلى غياب تأطير نفسي واجتماعي متكامل للرياضيين، وعدم ملاءمة المسار الرياضي مع التكوين الأكاديمي والمهني، فضلا عن الضغوط الاجتماعية والاقتصادية التي تدفع بالكثير من الشباب إلى اعتبار التظاهرات الرياضية "فرصة للهروب" بدل تمثيل الوطن. تقصير مؤسساتي وانتقد الوفا بشدة الجهات المسؤولة. وأشار إلى الصمت الرسمي وغياب بيانات التوضيح أو المحاسبة عقب كل واقعة من هذا النوع، مما يفتح الباب أمام التكرار ويُفقد البعثات الرياضية ثقلها المعنوي والمؤسساتي. البرلماني طالب الوزير برادة بالكشف عن التدابير المقررة لضمان وجود مرافقة إدارية وتقنية فعالة للرياضيين، وعن الخطوات الملموسة التي تنوي الوزارة اتخاذها لوضع حد لهذا النزيف المتكرر. حادثة منتخب اليد ليست استثناء، فقد شهدت الرياضة الوطنية على مدى السنوات الماضية عشرات حالات الفرار في ألعاب القوى، والملاكمة، وكرة القدم، وحتى في رياضات فردية أخرى. وغالبا ما يتوارى المسؤولون عن الأنظار، فيما يبقى الرياضيون "الهاربون" في وضع قانوني ضبابي بين طلب اللجوء والانقطاع عن المنافسة. فهل تملك الحكومة رؤية واضحة لمعالجة هذه الظاهرة، أم أنها تكتفي بالتنديد في كل مرة دون وضع استراتيجيات وقائية حقيقية؟ وهل حان الوقت لربط التكوين الرياضي بمسارات مهنية واجتماعية تضمن الكرامة والاستقرار لهؤلاء الشباب؟


الجريدة 24
منذ 4 أيام
- الجريدة 24
تحركات لتقييد المعاملات بالعقار غير المحفظ وسط شبهات التزوير وتبييض الأموال
يشكل استمرار التعامل بالعقارات غير المحفظة في المغرب مصدر قلق متنامٍ، لما ينطوي عليه من مخاطر قانونية واقتصادية وأمنية، وسط دعوات متزايدة إلى تقنين المعاملات العقارية وتعزيز إجراءات التحفيظ لتفادي الاستغلالات المشبوهة، وعلى رأسها شبهات تبييض الأموال التي قد تمر عبر مسارات الاستثمار العقاري غير الخاضع للمراقبة القانونية الصارمة. في هذا السياق، أثار النائب البرلماني عن حزب الأصالة والمعاصرة مصطفى جداد، خلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس النواب، إشكالية استمرار وجود عدد كبير من المعاملات العقارية التي تعتمد على رسوم عرفية أو وثائق غير محينة، خارج النظام الرسمي للتحفيظ العقاري. واعتبر جداد أن هذه الوضعية لا تمثل فقط تهديدا للأمن القانوني للمتعاملين في هذا القطاع، بل تضعف أيضا الاستقرار القضائي في ما يتعلق بالمنازعات المرتبطة بهذه العقارات، خاصة في ظل ضعف آليات المراقبة. وأعرب النائب البرلماني عن أسفه لاستمرار تسجيل حالات تزوير واحتيال في هذا المجال، طالت حتى عقارات محفظة أو تلك التي تعود ملكيتها لمغاربة مقيمين بالخارج أو لأشخاص في وضعيات اجتماعية هشة. ما يستدعي، وفق تعبيره، تعزيز آليات التنبيه والتحري الفوري عن أي تحرك مشبوه في الرسم العقاري، وربط المعلومات بين مختلف المؤسسات المعنية، خاصة التوثيق والمحافظة العقارية، لرصد التناقضات في الوثائق قبل أن تتحول إلى نزاعات قضائية أو شبهات جنائية. واقترح جداد إحداث سجل وطني للأشخاص الممنوعين من التصرف العقاري بناء على شبهات تتعلق بالتزوير أو بموجب أحكام قضائية، إلى جانب تقوية قدرات الموثقين والعدول والمحافظين العقاريين من خلال برامج تكوينية منتظمة ترفع من منسوب اليقظة وتكرّس المهنية في التصدي لمثل هذه التجاوزات. من جانبه، أقر وزير العدل عبد اللطيف وهبي بوجود ثغرات قانونية وتنظيمية تجعل من مجال العقارات غير المحفظة أرضية محتملة لتبييض الأموال، مشيرا إلى أن الدولة واعية بخطورة استمرار هذه الوضعية، خاصة في ظل امتلاك المغرب لتكنولوجيا متقدمة مثل الأقمار الاصطناعية التي تسهل عملية تحديد الملكيات، وتوفر معطيات دقيقة حول المواقع الجغرافية للعقارات. وأوضح الوزير أن الحكومة بصدد اتخاذ مجموعة من الإجراءات، منها توقيع اتفاق مع هيئة الطبوغرافيين يقضي بإدراج رموز QR في العقود التي تتعلق بعقارات غير محفظة، ما يسمح بتحديد دقيق لموقع العقار ويحد من الغموض الذي يميز العقود الحالية. وأشار إلى أن هذا الإجراء يندرج في إطار إصلاح شامل يتم التحضير له على مستوى قانون العدول، والذي يُنتظر عرضه على البرلمان خلال الدورة التشريعية المقبلة. وشدد وهبي على أن تحرير العقود المرتبطة بالعقارات غير المحفظة أصبح محصورا في الموثقين والعدول، بينما لم يعد من صلاحيات المحامين تحرير هذا النوع من العقود، وذلك تفادياً لأي مراقبة محتملة من جهات أجنبية، قد تهدد مبدأ السر المهني الذي يحكم علاقة المحامي بموكليه. وأضاف الوزير أن بعض العقود المحررة من قبل المحامين تتعلق أحيانًا بعقارات الدولة أو أراضي الجموع، ما يفتح الباب أمام تعقيدات قانونية وسياسية يصعب تبريرها أمام المنظومة الدولية لمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب. وحذّر وهبي من أن منح المحامي صلاحية تحرير عقود العقارات غير المحفظة قد يؤدي مستقبلا إلى إخضاعه لمراقبة دولية قد تطال ملفات حساسة وسرية، مما يشكل تهديدًا جوهريًا لدور المحامي كمؤسسة قائمة على حماية خصوصية الموكل. وتقود هذه النقاشات إلى تسليط الضوء مجددًا على التحدي المزمن الذي يواجهه المغرب في مجال التحفيظ العقاري، خصوصا في المناطق القروية التي ما زالت تشكل الكتلة الأكبر من العقارات غير المحفظة، مما يُصعّب على السلطات تتبع مصدر الأموال الموظفة في المعاملات العقارية، ويفتح المجال أمام ممارسات غير مشروعة، قد تمس الاقتصاد الوطني وتهدد نزاهة المنظومة المالية برمتها.