logo
حرب تجارية بلا خرائط.. أمريكا تفتح النار على الاقتصاد العالمي

حرب تجارية بلا خرائط.. أمريكا تفتح النار على الاقتصاد العالمي

عزز الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من حالة عدم اليقين المهيمنة فى نطاق الاقتصاد العالمي عبر مزيد من التصعيد في سياساته التجارية.
ووقع ترامب أمرًا بفرض تعريفات جمركية جديدة على واردات من 68 دولة إضافة إلى الاتحاد الأوروبي، شملت بضائع تبلغ قيمتها نحو 3 تريليونات دولار. ورغم إعلانه المتكرر أن الجمعة سيكون بداية لتحول اقتصادي عالمي، فإن بدء تنفيذ هذه الرسوم تأجل أسبوعًا كاملاً، مما أثار حالة من عدم اليقين في الأوساط الاقتصادية والتجارية.
ووفقا لتحليل نشرته وكالة أسوشيتد برس، فما بدأ كمحاولة لفرض "الهيبة الاقتصادية" قد يتحول إلى عبء ثقيل على المستهلك الأمريكي والاقتصاد العالمي، لا سيما إذا لم تتمكن الإدارة من تحويل هذه السياسات إلى نتائج ملموسة ومستدامة. وبينما يؤكد ترامب أن الرسوم "تجعل أمريكا عظيمة وغنية مجددًا"، فإن الواقع الاقتصادي والقانوني يشير إلى طريق ملغوم بالمخاطر وعدم اليقين.
وعود وردود فعل متباينة
ويقدم ترامب هذه الرسوم باعتبارها أداة لإعادة إحياء الصناعة الأمريكية، وتقليص العجز في الميزانية، واستعادة "الاحترام" الأمريكي على الساحة الدولية. لكن مراقبين يرون أن هذه السياسات تنطوي على مخاطر كبيرة قد تهدد المكانة الاقتصادية للولايات المتحدة عالميًا، وتزيد من حدة الضغوط التضخمية، وتكبح النمو الاقتصادي.
في المقابل، لم تفصح الإدارة الأمريكية عن تفاصيل كافية حول الآلية القانونية والدستورية التي تستند إليها في فرض هذه الرسوم، إذ يواجه القرار طعونًا قانونية أمام القضاء. وأعرب قضاة فيدراليون عن شكوكهم بشأن استخدام قانون يعود إلى عام 1977 لإعلان "حالة طوارئ اقتصادية" تسمح بتجاوز الكونغرس، وهو ما قد يعرض القرار للإلغاء القضائي في وقت لاحق.
سياسة على وقع التردد والغموض
ووفقا لتحليل نشرته وكالة أسوشيتد برس، فإن المفارقة هي أن إدارة ترامب، التي قدمت الرسوم على أنها جزء من خطة حازمة، بدت مترددة في التطبيق، فأجلت التنفيذ وعدّلت بعض المعدلات المفروضة قبل لحظات من دخول القرار حيز التنفيذ. فعلى سبيل المثال، ارتفعت الرسوم على الواردات من سويسرا من 31% إلى 39%، في حين تم تخفيضها على ليختنشتاين من 37% إلى 15%. أما الدول التي لم تُذكر في القرار الأخير فستخضع تلقائيًا لتعريفة بنسبة 10%.
وقد تفاوض ترامب خلال الأسابيع الماضية مع دول رئيسية مثل الاتحاد الأوروبي، اليابان، كوريا الجنوبية، إندونيسيا، والفلبين، ما سمح له بادعاء "نجاحات تفاوضية" في مقابل تهديده بتصعيد الرسوم. ومع ذلك، لم يعلن الرئيس الأمريكي عن تفاصيل هذه الاتفاقيات أو حتى أسماء بعض الدول التي توصل معها إلى تفاهمات.
تردد الحلفاء
ولم تخلُ المواقف الدولية من ارتباك. فقد بدت بعض الدول الأوروبية وكأنها "رضخت" للضغوط الأمريكية، ما عرض قادتها لانتقادات داخلية، رغم محاولاتهم تأطير هذه الاتفاقات ضمن مرحلة أولى من التفاوض لا أكثر. أما كندا، فقد أبدى رئيس وزرائها مارك كارني استياءً واضحًا، مشيرًا إلى أن بلاده لم تعد تعتبر الولايات المتحدة شريكًا يمكن الاعتماد عليه.
ومن جانبها، فإن الهند، التي خضعت لرسوم بنسبة 25%، قد تفقد جزءًا من مكاسبها كمركز بديل للتصنيع بدلًا من الصين، رغم أن واشنطن لا تزال في خضم مفاوضات طويلة مع بكين، التي تواجه تعريفة أمريكية بنسبة 30% وترد برسوم مضادة بنسبة 10%.
مخاوف اقتصادية وتضخم مرتقب
وفي الأوساط الاقتصادية، تتصاعد التحذيرات من أن الرسوم الجديدة قد ترفع مستويات التضخم دون أن تحقق وعد الرئيس بخلق وظائف صناعية جديدة. وتظهر البيانات أن الاقتصاد الأمريكي فقد 14 ألف وظيفة في قطاع التصنيع منذ أبريل/نيسان، بينما لم تُسجل زيادة تُذكر في معدلات التوظيف في هذا المجال.
كما بدأت الشركات الكبرى في التحذير من الأثر المالي المتوقع. ومن جهتها، قالت شركة "فورد" إنها تتوقع خسارة قدرها 2 مليار دولار هذا العام نتيجة الرسوم، في حين حذرت شركات فرنسية مثل "يون-كا" من تجميد التوظيف وخفض الاستثمار.
وبدأت مؤشرات التضخم بالفعل في الاستجابة. فقد سجل مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي ارتفاعًا بنسبة 2.6% على أساس سنوي، ما دفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى التريث في خفض أسعار الفائدة، وهو ما أثار غضب ترامب الذي هاجم رئيس البنك المركزي جيروم باول، واصفًا إياه بـ"الفاشل التام".
وفي ظل كل هذا التوتر، يبقى المسار القانوني لهذه الرسوم غير واضح. فالقضاء لم يصدر حكمًا نهائيًا بعد، ومن المرجح أن تصل القضية إلى المحكمة العليا. وإذا ما تم إلغاء الرسوم، فإن ذلك سيشكل نكسة كبرى لسياسات ترامب التجارية.
aXA6IDkyLjExMi4xNDkuODMg
جزيرة ام اند امز
PL
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الاتحاد الأوروبي يعلّق إجراءاته ضد الرسوم الأمريكية لمدة 6 أشهر
الاتحاد الأوروبي يعلّق إجراءاته ضد الرسوم الأمريكية لمدة 6 أشهر

البوابة

timeمنذ 21 دقائق

  • البوابة

الاتحاد الأوروبي يعلّق إجراءاته ضد الرسوم الأمريكية لمدة 6 أشهر

أعلن الاتحاد الأوروبي تعليق تنفيذ إجراءاته المضادة تجاه الرسوم الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة، وذلك لمدة ستة أشهر، في خطوة تهدف إلى تهدئة التوترات التجارية بين الطرفين وتهيئة الأجواء لإبرام اتفاق شامل. وجاء القرار عقب اتفاق سياسي غير ملزم بين رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يتضمن التزامات متبادلة من الجانبين لخفض التصعيد وتجنب مزيد من التوتر في العلاقات التجارية. وكانت الولايات المتحدة قد فرضت رسومًا جمركية بنسبة 15% على غالبية السلع الأوروبية، ما أثار قلقًا واسعًا داخل الأوساط الاقتصادية الأوروبية. في المقابل، تعهّد الاتحاد الأوروبي برفع الرسوم عن السلع الصناعية الأمريكية، واستثمار نحو 600 مليار دولار في السوق الأمريكية، إلى جانب اتفاق لشراء طاقة أمريكية بقيمة 750 مليار دولار. وأكدت المفوضية الأوروبية أن قرار التعليق سيدخل حيّز التنفيذ اعتبارًا من 7 أغسطس، مع استمرار المفاوضات الفنية والقانونية لتفعيل الاتفاق بما يتماشى مع الإجراءات الداخلية لدى الطرفين. ويترقب المستثمرون والأسواق العالمية تطورات هذا المسار، وسط مخاوف من عودة التوترات التجارية في حال فشل الجانبين في التوصل إلى اتفاق نهائي خلال فترة التعليق.

غصة أوروبية
غصة أوروبية

صحيفة الخليج

timeمنذ 23 دقائق

  • صحيفة الخليج

غصة أوروبية

«إنه يوم كئيب، عندما يترك تحالف من الشعوب الحرة، التي تجمعت معاً لتأكيد قيمها المشتركة والدفاع عن مصالحها المشتركة، نفسه للاستسلام». بهذه الكلمات استقبل رئيس الوزراء الفرنسي فرانسو بايرو الاتفاق التجاري الذي تم التوصل إليه مؤخراً بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. ربما لم يكن أقسى من تلك الكلمات، إلا ما وصف به رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان الأمر، عندما استخدم كلمة «سحق»، ليصف ما قامت به واشنطن حيال المفوضية الأوروبية. في المقابل، كانت السعادة واضحة في حديث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن الاتفاق، الذي بموجبه ستفرض بلاده رسوماً جمركية بنسبة 15% على وارداتها من الاتحاد الأوروبي، كما أن الأخير تعهد باستثمارات ضخمة على الأراضي الأمريكية، فضلاً عن شراء الطاقة والسلاح الأمريكي بمئات المليارات. على صعيد المؤسسات الأوروبية، جاء الموقف دفاعياً، على اعتبار أن هذا أقصى ما أمكن الوصول إليه. ألمانيا التي تفهمت تماماً السياق الذي جرت فيه المفاوضات، اعتبرت أن من ميزات الاتفاق أنه جنب العلاقات مع واشنطن التصعيد، وتحدثت عن تحديات كثيرة ستنتج عنه، على الجانبين الأوروبي والأمريكي، ومن ثم أهمية العمل على التعامل معها. وحتى الدول التي استقبلت الاتفاق ببعض الارتياح، فإنها رأت أن الأمر لا يستدعي الاحتفال، كما هو حال بلجيكا. إيطاليا من جانبها اعتبرت أن مجرد التوصل إلى اتفاق أمر إيجابي، حيث إنه يضمن الاستقرار، وإن تحدثت عما أطلقت عليه بعض العناصر المفقودة، من دون أن تغلق الباب أمام عناصر أخرى، عندما يتم تقويم الاتفاق بشكل تفصيلي وكامل. السؤال المهم هنا هو لماذا اختلف الحال في استقبال الاتفاق بين طرفيه أولاً، ومن ثم لماذا تفاوتت ردود الفعل الأوروبية، وإن ظلت في سياق التوجس؟ واشنطن كان من الواضح منذ البداية أنها ترفع السقف عالياً حتى تحصل على ما تريد، كما أنها أرفقت رفع السقف بدرجة عالية جداً من التهديد للأوروبيين، بالإضافة إلى أنها اتبعت أسلوبي تعليق فرض الرسوم، وتحديد موعد نهائي للعودة إليها، ما لم يتم التوصل إلى اتفاق، وقد مثّل هذا عامل ضغط قوياً على الجانب الأوروبي، الذي واجه من إدارة ترامب ضغوطاً كثيرة على مستويات عدة. الفتور الأوروبي حيال الاتفاق واضح أن مرده الأساسي النسبة العالية للرسوم على الصادرات الأوروبية، فضلاً عن التعهدات فيما يتعلق بالاستثمارات الأوروبية في الولايات المتحدة، وكذلك المشتريات منها، من دون أن تكون هناك تعهدات أمريكية مماثلة وواضحة. كما أن الأوروبيين يخشون أن تعاود الإدارة الأمريكية المطالبة بالمزيد مستقبلاً، تحت حجج وذرائع قد لا تكون مقنعة لهم، تماماً كما كانت الحجج والذرائع الأمريكية السابقة، فيما يتعلق بفرض الرسوم ابتداء. ويبقى أنه على الرغم من المستوى العالي من الاندماج ضمن الاتحاد الأوروبي، إلا أنه تظل هناك ظروف خاصة بكل دولة، واعتبارات مهمة تتعلق باقتصادات كل منها. من الواضح أن الاتحاد الأوروبي اضطر للقبول بالاتفاق التجاري الأخير مع واشنطن في ظل معادلات فرضتها إدارة ترامب للتحكم في العلاقات مع أقرب حلفائها. ويبقى الباب مفتوحاً على مفاجآت على ضوء التقلبات التي صبغت الشهور الستة الأخيرة.

«نواب تكساس» يصادق على اعتقال 50 نائباً ديمقراطياً غادروا الولاية
«نواب تكساس» يصادق على اعتقال 50 نائباً ديمقراطياً غادروا الولاية

صحيفة الخليج

timeمنذ 38 دقائق

  • صحيفة الخليج

«نواب تكساس» يصادق على اعتقال 50 نائباً ديمقراطياً غادروا الولاية

في تطور دراماتيكي، صوّت مجلس نواب ولاية تكساس الثلاثاء، على إقفال أبواب المجلس وإصدار مذكرات اعتقال مدنية بحق أكثر من 50 نائباً ديمقراطياً فرّوا إلى ولاية إلينوي لتعطيل الجمهوريين بدعم من الرئيس دونالد ترامب عن إقرار خريطة انتخابية جديدة قد تلغي ما يصل إلى خمسة مقاعد ديمقراطية في مجلس النواب الأمريكي قبل انتخابات التجديد النصفي لعام 2026. وكان برلمان ولاية تكساس شهد الاثنين مواجهة عن بعد بين النواب الجمهوريين والديمقراطيين الذين غادروا الولاية للحول دون إقرار مشروع قانون قد يمنح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خمسة مقاعد في الكونغرس في واشنطن. ويكمن الهدف المعلن لمسؤولي الحزب الجمهوري في تكساس في تغيير الخريطة الانتخابية بحيث يقل عدد أصوات الديمقراطيين، وهي تقنية تُعرف باسم «التلاعب بالدوائر الانتخابية». بتشجيع من ترامب، يرغب الجمهوريون في أن تضمّ كتلتهم المكونة من 25 نائباً في مجلس النواب في واشنطن، خمسة أعضاء إضافيين بعد انتخابات التجديد النصفي في تشرين الثاني/ نوفمبر 2026. غير أن الديمقراطيين الذين يشكلون أقلية في برلمان تكساس يُحاولون معارضة إقرار إعادة التقسيم هذه، وقرروا الأحد مغادرة الولاية لتجنب اكتمال النصاب القانوني لتصويت الاثنين وتجمعوا في شيكاغو (شمال). وقال جين وو، زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس النواب بتكساس، في بيان «لم نتخذ هذا القرار باستخفاف». واتهم في بيانه حاكم تكساس الجمهوري غريغ أبوت بـ«الانصياع لدونالد ترامب» واستخدام خريطة انتخابية «عنصرية عمداً» من شأنها، بحسب قوله، أن تُضعف أصوات الناخبين الأمريكيين من أصل إفريقي ولاتيني والذين تُصوّت غالبيتهم تقليدياً لصالح الديمقراطيين. ورد أبوت بتهديد النواب الديمقراطيين مساء الأحد بسحب أوشحتهم إذا لم يعودوا إلى تكساس الاثنين، على الرغم من أن الحاكم لا يملك هذه الصلاحية. وقال في بيان إن «هذه الغيابات متعمدة لهدف غير قانوني». ورداً على رغبة تكساس في إعادة ترسيم الخريطة الانتخابية لصالح الجمهوريين، أعلن العديد من حكام الولايات الديمقراطيين نيتهم القيام بالمثل، بمن فيهم غافين نيوسوم حاكم كاليفورنيا. ولكن بخلاف تكساس حيث تسمح العملية القانونية بإعادة تقسيم الدوائر الانتخابية بسهولة نسبية، وضعت العديد من الولايات الديمقراطية ضمانات تشريعية وحتى دستورية. وبالتالي، سيكون من الصعب عليهم تعويض المقاعد المفقودة المحتملة في تكساس، أو في أوهايو وميسوري.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store