logo
الصين والولايات المتحدة.. هل تحوّل التلميذ إلى أستاذ؟

الصين والولايات المتحدة.. هل تحوّل التلميذ إلى أستاذ؟

الأياممنذ 4 أيام
Getty Images
في عرض لافت من الصحف الغربية، تساءلت النيويورك تايمز إن كانت الولايات المتحدة قد بدأت تتعلم من الصين، بعد أن باتت الأخيرة منافسا اقتصاديا وتقنيا يحافظ على هويته السياسية. وفي الواشنطن بوست، انتقادات لسياسات التطوير العقاري الأمريكية التي حولت المدن إلى "صحارى مكتظة"، بينما حذّرت التايمز من أزمة نفسية محتملة تهدد المجتمعات بسبب فقدان الوظائف في عصر الذكاء الاصطناعي، حيث بات العمل جزءا جوهريا من معنى الذات لدى الأفراد.
ونتوقف بداية عند ما طرحه الكاتب سامي هاركام، في صحيفة النيويورك تايمز، من شواهد تاريخية تبيّن تقليد الصين للنموذج الغربي خلال فترة نهضتها الاقتصادية والعلمية، مع الحفاظ على هويتها ونظامها السياسي، لكنه يعقد مقارنة يلمح من خلالها إلى أن الولايات المتحدة في عهد ترامب وتيار "ماغا"، المؤيد لترامب والداعي إلى سياسات تُعلي من القيم الوطنية، أصبحت بطريقة ما تقلد النموذج الصيني! يقول هاركام إن الصين أمضت عقودا في محاكاة عناصر أساسية من النموذج الأمريكي في ريادة الأعمال والاستهلاك والتكامل مع الأسواق العالمية، وإن ذلك أسهم في جعل الصين قوة صناعية، ورائدة في العلوم والتكنولوجيا، وجعل الطبقة المتوسطة في الصين تتوسع أكثر. كل ذلك في الوقت الذي "تمسّكت الصين فيه بهويتها كأمّة"، إذ تبنّت جوانب من النهج الأمريكي مع التمسّك بنظامها القائم على هيمنة الحزب الشيوعي وتدخّل الدولة في كل شيء، وأفضى ذلك إلى تحقيقها "نجاحاً باهراً"، برأي الكاتب. ويوضح الكاتب أن علاقة المحاكاة هذه بين الصين والولايات المتحدة تسير باتجاهين، فالولايات المتحدة في عهد ترامب تحاول محاكاة بعض الجوانب من التجربة الصينية، ويطرح في هذا السياق بعض الأمثلة. يرى هاركام أن تيار
أين اختفت الأشجار؟
EPA-EFE/REX/Shutterstock
على وقع موجات الحر التي ضربت أوروبا وبعض أجزاء الولايات المتحدة في الأيام الأخيرة، تستذكر الكاتبة كاثلين باركر، التي تعيش في ولاية ساوث كارولاينا، حين ذهبت في رحلة إلى كاليفورنيا رفقة ابنها قبل أربع سنوات، وقطعت خلالها صحراء موهافي بالسيارة، وتذكرت كيف شعرت بالخشية على حياتها وحياة ابنها بسبب الحر الشديد الذي شعرت به وخلو المكان من أي مظاهر حياة. وتشير، في مقالها الذي نُشر على الواشنطن بوست، إلى أن الحر الذي شعرت فيه في ساوث كارولاينا في الأيام الأخيرة يُقارن بالحر الذي شهدته في صحراء موهافي بولاية كاليفورنيا الأشد حرّاً في العادة. تقول باركر إن غياب الإجراءات للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، سيعني زيادة موجات الحر من حيث العدد والحدة، وزيادة تواتر الأعاصير وشدتها، وارتفاعاً عاماً في درجات الحرارة، وهذا برأيها، ما يقوله الجميع وما يثبته العلم. تنتقد الكاتبة مشاريع التطوير العقاري رخيصة الثمن وسريعة التنفيذ التي انتشرت في العديد من الولايات دون الأخذ بعين الاعتبار العامل البيئي، وهي مشاريع مدفوعة بنقص المساكن، وتؤدي إلى تحويل المدن والبلدات إلى "صحاري صغيرة مكتظة بالسكان دون وجود الأشجار". تشير باركر في هذا السياق إلى مسألة قطع الغابات لإفساح المجال لمشاريع الإسكان، وتصف الأمر بـ "غير المنطقي"، إذ تحسّن الأشجار جودة الهواء، وتخفف من آثار التغير المناخي. كما أن المنازل لم تعد محاطة بالأشجار رغم تفضيل الناس لذلك، وهو ما تلقي اللوم فيه على المطورين العقاريين الذين يقولون إن التوفير في تكاليف البناء سينعكس إيجاباً على المشترين. وتردّ على ذلك بتساؤل: كيف يمكن لأي شخص أن ينشأ بشكل سليم وصحي دون وجود شجرة يتسلقها حول بيته؟ تختم باركر بالقول إن علينا التكيف مع ارتفاع درجات الحرارة، لكن هذا التكيّف لا يعني الاعتياد عليها فقط، بل كذلك بـ "تغيير أسلوب بناء المنازل والحفاظ على الموارد الطبيعية".
مجتمع "منهار عصبياً"
PA
نشأت أجيال كاملة خلال العقود الأخيرة على فكرة تبجيل العمل والإنتاجية، وأصبحت ساعات العمل أطول مما كانت عليه في منتصف القرن العشرين، وتحولت أماكن العمل إلى بيئة تُمثل البيت بالنسبة للكثيرين. كما أن القيم الثقافية والحضارية منحت مكانة عالية للعمل الجاد بحيث أصبح مقياسا على نجاح الفرد والمجتمع، فماذا لو حلّ الذكاء الصناعي مكان البشر في العديد من الأعمال المكتبية؟ ماذا لو وجدنا أنفسنا فجأة نعمل لساعات أقل بكثير بسبب ذلك؟ أي فراغ روحي سيخلقه الأمر لدى أجيال اعتادت على تقديم العمل على أي شيء آخر؟ هذا ما يناقشه الكاتب جيمس ماريوت، في مقاله بصحيفة التايمز، الذي يقتبس من تقرير للصحيفة نفسها يقول إن الوظائف المتاحة للخريجين في سوق العمل في بريطانيا انخفضت بمقدار الثلث منذ إطلاق تطبيق "شات جي بي تي"، وإذا صحّ أن الذكاء الاصطناعي مسؤول عن هذا التراجع في الوظائف، فقد نكون على أعتاب "عصر بلا عمل"، وبالنظر إلى أنه ليس من المبالغة القول إن "العمل هو الإيمان الحقيقي للغرب"، على حدّ تعبير الكاتب، فإن فقدان العمل سيطلق تحديات روحية أمام المجتمع. يقتبس الكاتب من مقولة لعالم الاقتصاد الإنجليزي جون مينارد كينز في ثلاثينيات القرن الماضي، تنبأ فيها بأن ساعات العمل للأجيال المقبلة ستنخفض بفضل الأثمتة إلى 15 ساعة أسبوعيا، لكن ذلك سيعني تخلي الناس عن "العادات والغرائز" التي غرستها ثقافة كرّست قيمة العمل الجاد، وسيعني الاستسلام لفكرة عدم القيام بأي شيء على الإطلاق، وبالتالي ستعمّ حالة من "الانهيار العصبي العامّ". يقول الكاتب إن الفجوة التي قد تنشأ عن فقدان الوظيفة، بالنسبة للعاملين الذي نشأوا على فكرة أن الإنتاجية هي هدف الوجود، ستعني "فقدان حياة كاملة تقريباً". إذ إن العالم الحديث رغم ازدهاره، "أكثر عزلة وبلا أطفال". وسيجد الكثير مّمن حلّت الآلات محلهم أنهم لا يملكون الكثير من الخيارات الأخرى لتعوّضهم عن هذا النقص في "معنى حياتهم".
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

'لا أعرف من يمكن الوثوق به'، دروز سوريا قلقون من التهميش ما بعد الحرب
'لا أعرف من يمكن الوثوق به'، دروز سوريا قلقون من التهميش ما بعد الحرب

الأيام

timeمنذ 4 ساعات

  • الأيام

'لا أعرف من يمكن الوثوق به'، دروز سوريا قلقون من التهميش ما بعد الحرب

Getty Images قُتل أكثر من مئة شخص في أحداث عنف طائفي في ضاحيةٍ جنوبي دمشق في أبريل/نيسان. حين بدأ إطلاق النار خارج منزلها في ضاحية أشرفية صحنايا بريف دمشق، أمسكت لمى الحسنية بهاتفها وأغلقت على نفسها باب الحمام. لساعات، كانت ترتجف خوفاً، فيما كان مقاتلون يرتدون زياً عسكرياً مموهاً يتجولون في شوارع الحي. كانت هناك رشاشات ثقيلة منصوبة على مركبة عسكرية أسفل شرفة منزلها."جهاد ضد الدروز"، و"سنقتلكم أيها الدروز"، كانت تلك بعض العبارات التي صرخ بها المهاجمون.لم تكن لمى تعرف من هم هؤلاء الرجال: هل هم متطرفون؟ عناصر من قوات الأمن الحكومية؟ أم طرف آخر تماماً؟- لكن الرسالة كانت واضحة: لأنها درزية، لم تكن آمنة.ولطالما شغل الدروز، وهم طائفة لها معتقداتها وممارساتها الخاصة، وانبثقت ديانتهم من رحم الإسلام الشيعي، وشغلوا تاريخياً موقعاً هشاً في النظام السياسي السوري.تحت حكم الرئيس السابق، بشار الأسد، حافَظ كثير من الدروز على ولاء هادئ للدولة، على أمل أن يوفر لهم هذا الموقف حماية من حمّام الدم الطائفي الذي اجتاح مناطق واسعة من سوريا خلال الحرب الأهلية التي استمرت 13 عاماً. شارك عدد من أبناء الطائفة في الاحتجاجات الشعبية، لا سيما في السنوات اللاحقة. لكن، وفي محاولة لتقديم نفسه كحامٍ للأقليات من خطر التطرف الإسلامي، تجنّب الرئيس بشار الأسد استخدام القبضة الأمنية ذاتها ضد المتظاهرين الدروز، كما فعل في مدن أخرى ثارت ضد حكمه.شكّل الدروز جماعة مسلحة للدفاع عن مناطقهم في وجه جماعات سنية متشددة كانت تعتبرهم "منشقة عن العقيدة"، فيما تجنّبت القوات الموالية للأسد التدخل في مناطقهم.لكن بعد الإطاحة بالأسد على يد فصائل سنية إسلامية قادت تشكيل حكومة مؤقتة، بدأت تلك المعادلة غير المعلنة تتفكك، وبدأ القلق يتصاعد في أوساط الدروز من احتمال تهميشهم واستهدافهم في سوريا ما بعد الحرب.وساهمت هجمات شنتها مؤخراً جماعات مسلحة إسلامية مرتبطة بشكل غير مباشر بالحكومة في دمشق على تجمعات درزية، في تعزيز حالة انعدام الثقة المتنامية تجاه الدولة. BBC بدأت القصة أواخر أبريل/نيسان، عندما سُرّب تسجيل صوتي يُقال إنّه لرجل دين درزي يسيء فيه إلى النبي محمد. ورغم نفي الشيخ المعني أن الصوت يعود إليه، وتأكيد وزارة الداخلية السورية لاحقاً أن التسجيل مفبرك، إلا أن الضرر كان قد وقع بالفعل.انتشر مقطع فيديو لطالب في جامعة حمص وسط البلاد، دعا فيه المسلمين إلى "الانتقام الفوري" من الدروز، مما أجّج "عنفاً طائفياً" في أنحاء متفرقة من البلاد.وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، ومقرّه بريطانيا، إن ما لا يقل عن 137 شخصاً قُتلوا في عدة أيام من القتال في أشرفية صحنايا وجرمانا جنوب دمشق، وفي كمين على طريق السويداء- دمشق. وشملت الحصيلة 17 مدنياً، و89 مقاتلاً درزياً، و32 عنصراً من قوات الأمن.وقالت الحكومة السورية إن العملية الأمنية التي نفّذتها في أشرفية صحنايا هدفت إلى استعادة الأمن والاستقرار، وإنّها جاءت رداً على هجمات استهدفت عناصرها أسفرت عن مقتل 16 منهم.في هذه الأثناء، كانت لمى زاهر الدين، وهي طالبة صيدلة في جامعة دمشق، على وشك إنهاء دراستها عندما وصلت أعمال العنف إلى قريتها. ما بدأ كقصف بعيد، تحوّل إلى هجوم مباشر، وإطلاق نار وقذائف وفوضى اجتاحت الحي.وصل عمّها في حافلة صغيرة، وطلب من النساء والأطفال الفرار تحت القصف، فيما بقي الرجال للدفاع عن القرية بأسلحة خفيفة.تقول لما: "المهاجمون كانوا يملكون رشاشات ثقيلة وقذائف هاون. أما رجالنا فلم يكن لديهم ما يضاهي ذلك".ولم تتوقف أعمال العنف عند حدود قريتها. فقد جرى اقتحام غرف سكن الطلاب في جامعة دمشق، وتعرض بعضهم للضرب بالسلاسل.وفي إحدى الحالات، طُعن طالب بعد أن سُئل ببساطة إن كان درزياً. BBC تقول طالبة جامعية، واسمها أيضاً لمى، أن جامعتها شهدت أعمال عنف ضد الدروز. قالت لمى: "هم يقولون إننا تركنا جامعاتنا بإرادتنا. لكن كيف لي أن أبقى؟ كنت على بُعد خمس محاضرات ومشروع تخرج واحد فقط من إنهاء شهادتي. لماذا كنت سأتركها لو لم يكن الوضع خطيراً؟".ومثل كثيرين في طائفتها، لا يقتصر خوف لمى على الاعتداءات الجسدية، بل يمتد إلى ما تعتبره فشلاً من الدولة في حمايتهم.وأضافت: "تقول الحكومة إن هؤلاء مجرد خارجين عن القانون لا علاقة لهم بها. حسنٌ، متى سيحاسبون إذن؟".وتابعت أن ثقتها اهتزت أكثر حين سخر منها بعض زملائها في الجامعة، من بينهم طالبة أرسلت لها رمزاً تعبيرياً ضاحكاً رداً على منشور كتبته تحكي فيه عن فرارها من قريتها."أنت لا تعرف حقاً كيف يراك الناس. لم أعد أعرف من يمكن الوثوق به". Getty Images متطوعون دروز يحاولون حماية مناطقهم ولا أحد يعرف على وجه التحديد إلى من ينتمي هؤلاء المهاجمون، لكن ما بات واضحاً هو أن كثيراً من أبناء الطائفة الدرزية باتوا يخشون من أن تنزلق سوريا نحو نظام تهيمن عليه الطائفة السنية، ولا مكان فيه للأقليات الدينية.قال هادي أبو حسّون لبي بي سي: "نحن لا نشعر بالأمان مع هؤلاء الناس".كان هادي أحد رجال دروز السويداء الذين دُعوا لحماية أشرفية صحنايا اليوم الذي اختبأت فيه لمى في الحمام.وقد تعرّضت القافلة التي كان فيها لكمين، هاجمتهم فيه جماعات مسلّحة باستخدام قذائف الهاون والطائرات المسيرة. أُصيب هادي برصاصة في الظهر، اخترقت رئته وتسببت في كسر عدة أضلاع.ويقول إن ذلك بعيد كل البعد عن سوريا التي تضم الجميع التي كان يحلم بها في عهد ما بعد الأسد.وأضاف: "هؤلاء يتحركون بدافع ديني، لا وفقاً للقانون أو الدولة. ومن يتصرف بدافع كراهية دينية أو طائفية لا يمثلنا"."ما يمثلنا هو القانون والدولة. القانون هو الذي يحمي الجميع... أريد حماية القانون."وتؤكد الحكومة السورية مراراً على سيادة الأراضي السورية ووحدة مكونات المجتمع السوري، بما في ذلك الطائفة الدرزية. Getty Images اخترقت رصاصة رئة هادي. ورغم تراجع حدّة الاشتباكات والهجمات، فإن الثقة في قدرة الحكومة على حماية الأقليات تضاءلت.وخلال أيام القتال، نفّذت إسرائيل ضربات جوية في محيط أشرفية صحنايا، وقالت إنها كانت تستهدف "عناصر" يهاجمون الدروز لحماية هذه الأقلية.كما شنّت غارات قرب القصر الرئاسي السوري، مؤكدة أنّها "لن تسمح بانتشار قوات جنوب دمشق أو بأي تهديد يستهدف المجتمع الدرزي".وتضم إسرائيل عدداً كبيراً من المواطنين الدروز، إضافة إلى دروز يعيشون في مرتفعات الجولان السورية المحتلة.وفي أشرفية صحنايا، قالت لمى الحسنية إن الأجواء تغيّرت، وباتت "أهدأ، لكن يسودها الحذر".وتابعت أنّها عادت لرؤية جيرانها، لكن مشاعر القلق لم تغب."الثقة انكسرت. هناك أشخاص في البلدة الآن لا ينتمون إليها، جاؤوا خلال الحرب. من الصعب أن نعرف من هو من بعد الآن".ولا تزال الثقة في الحكومة ضعيفة.وتساءلت لمى: "يقولون إن.هم يعملون من أجل حماية جميع السوريين. لكن أين الخطوات الفعلية؟ أين العدالة؟"واختتمت قائلة: "لا أريد أن أُسمّى أقلية. نحن سوريون. وكل ما نطلبه هو الحقوق نفسها- وأن يُحاسَب من اعتدى علينا".

باحث إيراني: بعد حرب الـ12 يوما.. تصاعد نفوذ المتشددين في طهران وكوريا الشمالية تُطرح كنموذج للحماية النووية
باحث إيراني: بعد حرب الـ12 يوما.. تصاعد نفوذ المتشددين في طهران وكوريا الشمالية تُطرح كنموذج للحماية النووية

لكم

timeمنذ 7 ساعات

  • لكم

باحث إيراني: بعد حرب الـ12 يوما.. تصاعد نفوذ المتشددين في طهران وكوريا الشمالية تُطرح كنموذج للحماية النووية

في أعقاب الضربات العسكرية الإسرائيلية والأميركية على إيران خلال يونيو 2025، يُجمع تحليل الباحث الإيراني البارز، البروفيسور شهرام أكبرزاده ، على أن الحرب لم تؤد إلى زعزعة استقرار النظام الإيراني، كما أمل البعض، بل على العكس تماما، عززت من موقع التيار المتشدد داخل بنية السلطة في طهران، وقلّصت من احتمالات العودة إلى طاولة المفاوضات النووية. في مقاله المنشور في موقع 'المبادرات من أجل الحوار الدولي'، الذي يرأسه الدبلوماسي المغربي جمال بن عمر، تحت عنوان 'حرب إسرائيل-إيران: ترسيخ النظام بدلا من تغييره'، يجادل أكبرزاده بأن النظام الإيراني خرج من هذه الأزمة أكثر توحدا وعدائية تجاه الغرب، وأن الخطاب المتشدد بات يمتلك اليد العليا في رسم السياسات الداخلية والخارجية للجمهورية الإسلامية. الهجوم الإسرائيلي الذي بدأ في 12 يونيو، واستهدف منشآت نووية وعسكرية وقادة كبار في إيران، برره رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بوجود 'تهديد وجودي' مصدره سعي طهران إلى امتلاك السلاح النووي. ورغم أن واشنطن نأت بنفسها بداية عن الضربة، فإنها سرعان ما انضمت إليها، حيث أمر الرئيس الأميركي دونالد ترامب في 23 يونيو بشن غارات على ثلاث منشآت نووية إيرانية، تلتها في غضون 24 ساعة ضربة إيرانية على قاعدة 'العديد' في قطر التابعة للقيادة المركزية الأميركية، بعد تنبيه مسبق لتقليل الخسائر البشرية. هذا التسلسل الدرامي للأحداث، بحسب أكبرزاده، خلق ارتباكا في الموقف الأميركي، خصوصا وأن ترامب كان قد وعد في حملته الانتخابية بإخراج بلاده من حروب الشرق الأوسط. غير أن ما جرى أثبت العكس، بل ودفعه إلى مطالبة القيادة الإيرانية بالتنحي و'إعادة إيران عظيمة من جديد'، قبل أن يعلن وقفا لإطلاق النار مع إسرائيل. ويصف أكبرزاده هذه الهدنة بأنها 'فرصة لطهران لإنهاء الحرب دون قبول الاستسلام غير المشروط'، وهو ما سمح لها بالادعاء بالنصر الرمزي، دون الخضوع فعليا. لكن النتيجة الأهم للحرب لم تكن على المستوى العسكري، بل في ما أسماه أكبرزاده 'ترسيخ موقف الحرس الثوري والمحافظين'، الذين طالما انتقدوا التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ورأوا في المفاوضات النووية 'سذاجة قاتلة'. البرلمان الإيراني سارع إلى تبني قانون يقضي بإنهاء التعاون مع الوكالة وطرد مفتشيها، ما يشير إلى تحول عميق في مقاربة إيران للملف النووي. هذا الانقلاب على مسار الدبلوماسية، وفق المقال، تغذيه رواية ترى في التقرير الأخير للوكالة الدولية ذريعة للهجوم الإسرائيلي، ما أفقدها أي مصداقية في نظر النظام. وقال أكبرزاده إلى إن إدارة ترامب، التي كانت قد انسحبت من الاتفاق النووي لعام 2015 وفرضت حملة 'الضغط الأقصى'، تتحمل مسؤولية تدمير الثقة المتبادلة. فقد وصف الكاتب ترامب بأنه 'رئيس غير موثوق'، وأن 'تبدله في المطالب' أثناء محاولات استئناف المحادثات، من منع التسلح النووي إلى حظر تخصيب اليورانيوم كليا، أثار شكوك الإيرانيين، خصوصا حين دعم الضربة الإسرائيلية ثم أمر بتدخل مباشر. أما النتيجة، كما يراها المقال، هي أن طهران لن تكون راغبة في العودة إلى طاولة الحوار في المستقبل القريب. الحرب التي امتدت لأثني عشر يوما، من 12 إلى 24 يونيو، صبت عمليا في مصلحة المتشددين، الذين باتوا يجاهرون بأن امتلاك السلاح النووي هو الردع الحقيقي الوحيد. ويُذكّر الكاتب بأن إيران لطالما استثمرت في 'عقيدة الدفاع المتقدم' من خلال دعم حلفاء مثل حزب الله وحماس والحوثيين والمليشيات الشيعية في العراق. لكن الهزائم المتلاحقة لهذه الجماعات، لا سيما بعد حرب غزة 2023 وسقوط نظام الأسد نهاية 2024 بيد تنظيم 'هيئة تحرير الشام'، جعلت طهران تعيد تقييم جدوى هذا النهج. وقد قال أكبرزاده بوضوح: 'الانهيارات السريعة التي تعرض لها محور المقاومة أفقدت إيران أدوات الردع غير النووية'. في السياق ذاته، يشير المقال إلى أن النماذج الدولية أصبحت حاضرة بقوة في ذهن صناع القرار الإيرانيين، حيث يَحْذُون حذو كوريا الشمالية التي تحصنت نوويا ضد أي تدخل خارجي، مقابل النموذج الليبي الذي فكك برنامجه النووي ليواجه مصير النظام. ما يعزز هذه المقارنة هو قناعة الإيرانيين بأن 'الضغوط لا تؤدي إلى السلام بل إلى السقوط'، وهو منطق يستغلّه التيار المتشدد لحشد دعم داخلي واسع. أما داخليا، فإن تداعيات الحرب لم تقتصر على السياسة الخارجية، بل تنذر بمزيد من التضييق على المجتمع المدني. يتوقع البروفيسور أكبرزاده أن 'تصاعد نفوذ المتشددين سيؤدي إلى قمع أكبر للحريات'. ويعيد إلى الأذهان القمع الدموي لاحتجاجات 2022-2023 التي رفعت شعار 'المرأة، الحياة، الحرية'، والذي جسّد أزمة الشرعية المتفاقمة في الجمهورية الإسلامية. ورغم أن النظام أخمد المظاهرات، إلا أن 'الهوة بينه وبين الشعب لا تزال قائمة'، بحسب المقال. النظام، الذي يشعر بأنه محاصر من الداخل والخارج، يميل إلى 'شيطنة' النشطاء المدنيين واتهامهم بالعمالة للغرب، في تبرير جديد للقمع المستمر. ومن بين أكثر ما يكشف موقف النظام من الداخل الإيراني، الاقتباس اللافت لرئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، الذي دعا الإيرانيين إلى 'تحرير أنفسهم من نير النظام الإسلامي'، وهو ما رد عليه النظام بمزيد من التجنيد لفكرة 'المقاومة ضد الاستكبار العالمي'. ويرى أكبرزاده أن الحرب، وإن أشعلت الرغبة لدى واشنطن وتل أبيب في التغيير، فقد كانت 'هدية غير مقصودة' للنظام الإيراني، الذي أعاد صياغة خطابه الداخلي والخارجي حول فكرة التحدي والثبات، وهي رواية تكتسب زخما شعبويا في أوقات الأزمات.

ترامب يوقع مشروع الضرائب والإنفاق الشامل ليصبح قانوناً نافذاً
ترامب يوقع مشروع الضرائب والإنفاق الشامل ليصبح قانوناً نافذاً

الأيام

timeمنذ 10 ساعات

  • الأيام

ترامب يوقع مشروع الضرائب والإنفاق الشامل ليصبح قانوناً نافذاً

Reuters وقّع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مشروع قانونه التاريخي ليصبح قانوناً نافذاً، وذلك بعد أن أقرّه الكونغرس بصعوبة قبل يوم واحد فقط. وجاءت مراسم التوقيع في البيت الأبيض عصر الجمعة، تزامناً مع احتفالات الرابع من يوليو/ تموز، لتُجسّد محاور رئيسية من أجندة ترامب، مثل تخفيض الضرائب، وزيادة الإنفاق الدفاعي، وتشديد القيود على الهجرة. وبدأ ترامب جولة انتصاره من تجمع جماهيري في ولاية أيوا مساء الخميس، حيث قال لمؤيديه إن القانون سيفجر النمو الاقتصادي، لكنه يواجه الآن تحدياً في إقناع الأمريكيين المتشككين، إذ تُظهر استطلاعات الرأي رفض الكثيرين له. وحتى داخل حزبه الجمهوري، عارض بعض الأعضاء القانون خشية تفاقم الدين الأمريكي، فيما حذّر الديمقراطيون من أن المشروع يصبّ في مصلحة الأثرياء على حساب الفقراء. ويتضمن القانون، المكون من 870 صفحة: تمديد تخفيضات الضرائب التي أُقرت في عام 2017 خلال الولاية الأولى لترامب تقليص كبير في تمويل برنامج "ميديك إيد"، وهو نظام الرعاية الصحية الذي توفره الدولة لأصحاب الدخل المنخفض وذوي الإعاقة إعفاءات ضريبية جديدة على الإكراميات، والعمل الإضافي، والضمان الاجتماعي. زيادة في ميزانية الدفاع بقيمة 150 مليار دولار تقليص الحوافز الضريبية للطاقة النظيفة التي أُطلقت في عهد بايدن تخصيص 100 مليار دولار إضافية لدعم عمليات وكالة الهجرة والجمارك (ICE) وقبل لحظات من توقيع مشروع القانون، حلقت قاذفات شبح أمريكية من طراز بي-2، وهو نفس نوع الطائرات التي شاركت في العملية ضد إيران، ترافقهما مقاتلات متقدّمة من طراز F-35 وF-22. وفي كلمة ألقاها من شرفة البيت الأبيض المطلة على الحديقة الجنوبية، وجّه ترامب الشكر لأعضاء الكونغرس الجمهوريين الذين ساهموا في تمرير مشروع القانون حتى وصل إلى مكتبه. وأشاد بالتخفيضات الضريبية التي يتضمنها مشروع القانون، متجاهلاً الانتقادات التي تشير إلى تأثيرها السلبي على برامج الرعاية الاجتماعية، مثل مساعدات الغذاء وخدمة "ميديك إيد" الصحية. وقال عن مشروع القانون: "هذا أكبر تخفيض في الإنفاق، ومع ذلك، لن تلاحظوه. الناس راضون". كما أشاد ترامب بالموارد الإضافية المخصصة لإنفاذ قوانين الحدود والهجرة، وإلغاء الضرائب المفروضة على الإكراميات، وساعات العمل الإضافية، والضمان الاجتماعي لكبار السن، وهي خطوات قال إن مشروع القانون سيحققها. وسبق مراسم توقيع مشروع القانون إطلاق ألعاب نارية بمناسبة يوم الاستقلال الأمريكي في الرابع من يوليو/ تموز، إضافة إلى فعالية عسكرية حضرها الطيارون الذين شنوا هجوما ضد إيران لضرب ثلاثة مواقع نووية. وتأتي هذه الأجواء الاحتفالية بعد أيام من مفاوضات شاقة مع أعضاء جمهوريين معارضين لمشروع القانون في الكونغرس، وساعات من الضغط السياسي في مبنى الكابيتول، شارك فيها الرئيس نفسه في بعض الأحيان. وكان زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس النواب، حكيم جيفريز، قد عطّل التصويت النهائي في المجلس يوم الخميس عبر إلقاء خطاب استمر قرابة تسع ساعات. ووصف مشروع القانون بأنه "هجومٌ غير عادي على الرعاية الصحية للشعب الأمريكي"، واستشهد بروايات من أفراد عبّروا عن قلقهم من تداعياته. لكن خطابه المطوّل لم يغيّر مسار الأمور؛ فبمجرد أن أنهى كلمته، بدأ المجلس إجراءات التصويت. Getty Images احتفل مشرعون جمهوريون بعد إقرار مشروع قانون الميزانية الشامل بفارق ضئيل قبل الموعد النهائي الذي حدده ترامب في الرابع من يوليو/ تموز وقال ترامب: "لا يمكن أن تحظى أمريكا بهدية عيد ميلاد أفضل من هذا الانتصار العظيم الذي حققناه قبل ساعات فقط" وأضاف: "بكل بساطة، سيمنحنا هذا القانون الكبير والجميل أقوى حدود على وجه الأرض، وأقوى اقتصاد، وأقوى جيش". ويقول البيت الأبيض إن التخفيضات الضريبية التي يتضمنها القانون ستدفع بعجلة النمو الاقتصادي، لكن خبراء كُثر يحذرون من أن ذلك قد لا يكون كافياً لمنع عجز الموازنة، أي الفارق السنوي بين الإنفاق والإيرادات الضريبية، ما قد يؤدي إلى ارتفاع الدين العام للولايات المتحدة. وتُظهر تحليلات مكتب الميزانية في الكونغرس (سي بي أو)، أن هذه التخفيضات قد تحقق فائضاً في العام الأول، لكنها بعد ذلك ستؤدي إلى ارتفاع حاد في العجز. وبحسب مركز السياسات الضريبية، ستصب التغييرات الضريبية في مشروع القانون في مصلحة الأمريكيين الأكثر ثراءً أكثر من أصحاب الدخل المنخفض، إذ تشير تحليلاته إلى أن نحو 60 في المئة من الفوائد ستذهب لمن يتقاضون أكثر من 217,000 دولار سنوياً، أي 158 ألف جنيه إسترليني. وتحدثت البي بي سي، إلى أمريكيين قد يشهدون خفضاً في الدعم الذي يساعدهم على شراء المواد الغذائية. ومن بينهم جوردان، أب لطفلين، وهو واحد من بين 42 مليون أمريكي يعتمدون على برنامج المساعدات الغذائية، الذي يستهدفه القانون الجديد. ويتلقى جوردان وزوجته ما يقارب 700 دولار شهرياً لإطعام أسرتهما المكوّنة من أربعة أفراد، ويقول الشاب البالغ من العمر 26 عاماً، إنه سيلجأ إلى عمل إضافي إذا انخفض المبلغ الذي يحصل عليه. ويضيف: "سأفعل كل ما بوسعي لإطعام عائلتي". وإلى جانب تقليص دعم برنامج المساعدات الغذائية، تشير التعديلات إلى برنامج "ميديك إيد"، الذي يوفّر الرعاية الصحية للأمريكيين أصحاب الدخل المحدود، وكبار السن، وذوي الإعاقة، إلى أن ما يقرب من 12 مليون شخص قد يفقدون تغطيتهم الصحية خلال العقد المقبل، بحسب تقديرات مكتب الميزانية في الكونغرس. أما الجمهوريون، فيدافعون عن هذه التغييرات بقولهم إن تشديد شروط العمل في البرنامج ضروري لمكافحة سوء الاستخدام والاحتيال. لكن استطلاعات الرأي التي أُجريت قبل تمرير القانون في الكونغرس تشير إلى أن التأييد الشعبي له منخفض، ولا يقارن بعدد المعارضين. فقد أظهر استطلاع لجامعة "كوينيبياك" أن 29 في المئة فقط يؤيدون مشروع القانون، وترتفع النسبة إلى الثلثين بين الجمهوريين. مع ذلك، يبدو أن كثيرين لا يعرفون تفاصيله بعد؛ فقد أفادت وكالة رويترز بأن أنصار ترامب الذين التقتهم خلال تجمّع أيوا ليلة الخميس لم يكونوا على دراية تامة بمحتوى القانون.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store