
طه فحصي (طوطو) بين صدمة التلفزيون العمومي وسؤال التعبير الفني: هل نعيش أزمة فهم أم أزمة رقابة؟
أين تنتهي حدود حرية التعبير، وأين تبدأ رقابة المرفق العمومي؟
الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري (الهاكا) توصّلت بشكاية رسمية من حزب العدالة والتنمية، اتهم فيها القناة العمومية بخرق دفتر التحملات من خلال عرض 'محتوى غير لائق'، تمثل في ظهور الفنان بقميص يحمل عبارة 'سلكوط' تتوسطه نجمة العلم الوطني، وترديد عبارات وصفت بـ'النابية'، قيل إنها تشكل تهديدًا للسلامة النفسية للأطفال وتخلّ بالكرامة الإنسانية.
بين الاحتجاج الأخلاقي وحق الجمهور في الاختلاف
ما تراه بعض الجهات إخلالًا أخلاقيًا، يراه جمهور واسع شكلاً من أشكال التعبير الفني الحديث. طوطو، الذي يُصنَّف ضمن أبرز وجوه الراب المغربي، لم يخرج عن خطه المعروف؛ لغة الشارع، التعبير الجريء، وملامسة المسكوت عنه. فهل نحن بصدد هجوم على فنان أم على جيل بأكمله؟
في المقابل، يرى المنتقدون أن بث هذا النوع من الحفلات عبر الإعلام العمومي يدخل البيوت دون فلترة، مما يفرض على المؤسسات احترام الذوق العام ومراعاة تصنيف الفئات العمرية، كما هو الحال في السينما والمنصات الرقمية.
لكنّ هذا الطرح، ورغم وجاهته الظاهرة، يصطدم بحقائق أخرى:
ألم تستضف نفس القناة فنانين عالميين بأداءات وملابس أكثر جرأة؟
لماذا لم تتحرك 'الهاكا' حين عُرضت أعمال درامية ومشاهد أكثر حدة؟
الراب كصوت اجتماعي واحتجاجي: هل يخيف المؤسسات؟
الراب، بحسب محللين، ليس موسيقى ترفيهية فقط، بل هو فن احتجاجي يعكس القلق الاجتماعي والهامش الثقافي. لذلك، فإن الهجوم على طوطو لا يمكن فصله عن
توجّس السلطة الثقافية
من الأصوات التي لا تخضع للتهذيب المؤسساتي.
في هذا السياق، يقول الناقد الفني عبد الرحيم الشافعي إن التناقض في التعامل مع الفنون يشي بازدواجية واضحة في المعايير، مشيرًا إلى أن 'كثيرًا من المنتقدين يجهلون عمق ثقافة الراب ولا يتعاملون معه كحركة ثقافية بل كمجرد استعراض لغوي فجّ'.
ما بين الساحة العمومية والشاشة العمومية: أين المسؤولية؟
مفيد السباعي، مدير أعمال ومنتج فني، يدعو إلى التمييز بين حدث يقع في فضاء مفتوح يُقصد طوعًا، وبين محتوى يدخل البيوت عبر الإعلام العمومي. وهو بذلك يلفت إلى مسؤولية التحرير داخل القنوات الرسمية، لا بمعنى الرقابة المسبقة، ولكن في الحد الأدنى بضمان ملاءمة العرض للفئات المختلفة من المتلقين.
الهاكا في اختبار جديد: هل نحمي المشاهد أم نحاصره؟
الهاكا اليوم تقف أمام
سؤال مبدئي
: هل تُعنى فقط بتطبيق القانون الحرفي، أم بإعادة تعريف علاقتها بالجمهور في زمن الانفجار الرقمي؟
وهل تتحمل القنوات العمومية وحدها مسؤولية 'فلترة' المحتوى، بينما يُعاد بث المشاهد نفسها على اليوتيوب وتُشارَك آلاف المرات على TikTok؟
خلاصة وتحفيز للتفكير: هل نحن مستعدون لفن لا يشبهنا؟
ما يكشفه الجدل حول طوطو يتجاوز أغنية أو لباس، ليضع المجتمع المغربي أمام مرآة جيله الجديد. جيل لا يتحدث بلغة النخب، ولا يعبّر بالقوالب المألوفة.
الأسئلة التي يطرحها هذا الحدث كثيرة:
هل نُريد فعلاً فنا يعكس صراعات الواقع، أم نفضّل عروضا مؤدبة تُهدّئ الضمير العام؟
هل المؤسسات الثقافية قادرة على احتواء هذا الجيل، أم ستكتفي بلعب دور الرقيب؟
كيف يمكن للمغرب أن يُواكب تحوّلاته الثقافية دون أن يفقد بوصلته الأخلاقية؟
قد لا تكون سهرة طوطو مثالية من حيث الشكل، لكنها بالتأكيد كانت حقيقية من حيث الرسالة:
ثمة جيل جديد يريد أن يُرى ويُسمع… على طريقته.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


المغرب الآن
منذ 2 أيام
- المغرب الآن
طه فحصي (طوطو) بين صدمة التلفزيون العمومي وسؤال التعبير الفني: هل نعيش أزمة فهم أم أزمة رقابة؟
رغم أن سهرة الفنان المغربي طه فحصي، الملقب بـ'طوطو'، قد جذبت جمهورًا قُدّر بأكثر من 400 ألف متفرج، وهو رقم قياسي في تاريخ مهرجان 'موازين'، إلا أن بثها عبر شاشة القناة الثانية فجّر جدلًا سياسيًا وثقافيًا واسعًا أعاد إلى الواجهة سؤالًا مؤجلًا في المغرب: أين تنتهي حدود حرية التعبير، وأين تبدأ رقابة المرفق العمومي؟ الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري (الهاكا) توصّلت بشكاية رسمية من حزب العدالة والتنمية، اتهم فيها القناة العمومية بخرق دفتر التحملات من خلال عرض 'محتوى غير لائق'، تمثل في ظهور الفنان بقميص يحمل عبارة 'سلكوط' تتوسطه نجمة العلم الوطني، وترديد عبارات وصفت بـ'النابية'، قيل إنها تشكل تهديدًا للسلامة النفسية للأطفال وتخلّ بالكرامة الإنسانية. بين الاحتجاج الأخلاقي وحق الجمهور في الاختلاف ما تراه بعض الجهات إخلالًا أخلاقيًا، يراه جمهور واسع شكلاً من أشكال التعبير الفني الحديث. طوطو، الذي يُصنَّف ضمن أبرز وجوه الراب المغربي، لم يخرج عن خطه المعروف؛ لغة الشارع، التعبير الجريء، وملامسة المسكوت عنه. فهل نحن بصدد هجوم على فنان أم على جيل بأكمله؟ في المقابل، يرى المنتقدون أن بث هذا النوع من الحفلات عبر الإعلام العمومي يدخل البيوت دون فلترة، مما يفرض على المؤسسات احترام الذوق العام ومراعاة تصنيف الفئات العمرية، كما هو الحال في السينما والمنصات الرقمية. لكنّ هذا الطرح، ورغم وجاهته الظاهرة، يصطدم بحقائق أخرى: ألم تستضف نفس القناة فنانين عالميين بأداءات وملابس أكثر جرأة؟ لماذا لم تتحرك 'الهاكا' حين عُرضت أعمال درامية ومشاهد أكثر حدة؟ الراب كصوت اجتماعي واحتجاجي: هل يخيف المؤسسات؟ الراب، بحسب محللين، ليس موسيقى ترفيهية فقط، بل هو فن احتجاجي يعكس القلق الاجتماعي والهامش الثقافي. لذلك، فإن الهجوم على طوطو لا يمكن فصله عن توجّس السلطة الثقافية من الأصوات التي لا تخضع للتهذيب المؤسساتي. في هذا السياق، يقول الناقد الفني عبد الرحيم الشافعي إن التناقض في التعامل مع الفنون يشي بازدواجية واضحة في المعايير، مشيرًا إلى أن 'كثيرًا من المنتقدين يجهلون عمق ثقافة الراب ولا يتعاملون معه كحركة ثقافية بل كمجرد استعراض لغوي فجّ'. ما بين الساحة العمومية والشاشة العمومية: أين المسؤولية؟ مفيد السباعي، مدير أعمال ومنتج فني، يدعو إلى التمييز بين حدث يقع في فضاء مفتوح يُقصد طوعًا، وبين محتوى يدخل البيوت عبر الإعلام العمومي. وهو بذلك يلفت إلى مسؤولية التحرير داخل القنوات الرسمية، لا بمعنى الرقابة المسبقة، ولكن في الحد الأدنى بضمان ملاءمة العرض للفئات المختلفة من المتلقين. الهاكا في اختبار جديد: هل نحمي المشاهد أم نحاصره؟ الهاكا اليوم تقف أمام سؤال مبدئي : هل تُعنى فقط بتطبيق القانون الحرفي، أم بإعادة تعريف علاقتها بالجمهور في زمن الانفجار الرقمي؟ وهل تتحمل القنوات العمومية وحدها مسؤولية 'فلترة' المحتوى، بينما يُعاد بث المشاهد نفسها على اليوتيوب وتُشارَك آلاف المرات على TikTok؟ خلاصة وتحفيز للتفكير: هل نحن مستعدون لفن لا يشبهنا؟ ما يكشفه الجدل حول طوطو يتجاوز أغنية أو لباس، ليضع المجتمع المغربي أمام مرآة جيله الجديد. جيل لا يتحدث بلغة النخب، ولا يعبّر بالقوالب المألوفة. الأسئلة التي يطرحها هذا الحدث كثيرة: هل نُريد فعلاً فنا يعكس صراعات الواقع، أم نفضّل عروضا مؤدبة تُهدّئ الضمير العام؟ هل المؤسسات الثقافية قادرة على احتواء هذا الجيل، أم ستكتفي بلعب دور الرقيب؟ كيف يمكن للمغرب أن يُواكب تحوّلاته الثقافية دون أن يفقد بوصلته الأخلاقية؟ قد لا تكون سهرة طوطو مثالية من حيث الشكل، لكنها بالتأكيد كانت حقيقية من حيث الرسالة: ثمة جيل جديد يريد أن يُرى ويُسمع… على طريقته.


أخبارنا
منذ 2 أيام
- أخبارنا
"السلكوط" تخرج "طوطو" عن صمته.. توضيح "فني" زاد الموضوع إثارة وجدلا
بعد الجدل الواسع الذي رافق ظهوره الأخير في أضخم سهرة ضمن فعاليات مهرجان "موازين"، بسبب ارتدائه قميصاً كُتبت عليه عبارة "سلكوط" التي تُستعمل عادة في الدارجة المغربية للدلالة على شخص "قليل الحياء والتربية"، خرج مغني الراب الشهير "طه فحصي"، المعروف بلقب "الغراندي طوطو"، عن صمته ليوضح معنى هذه الكلمة التي أثارت ضجة واسعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي. وارتباطا بما جرى ذكره، نشر "طوطو" عبر خاصية "الستوري" على حسابه الرسمي في "إنستغرام" صورة توضيحية أوضح من خلالها أن كلمة "SALGOAT" هي اختصار لعبارة إنجليزية مركبة تعني:"Street Art Legacy Greatest Of All Time"، أي "إرث فن الشارع الأعظم في كل الأوقات"، مؤكدا أن استخدامه للكلمة لم يكن يحمل أي إيحاء مسيء أو مبتذل، بل هو تعبير فني يحمل طابعاً رمزياً يعكس رؤيته الفنية ومكانته في ساحة الراب. ورغم كل التبريرات التي قدمها عبر ستوريات نشرها على حسابه في "انستغرام"، لم ينجح "طوطو" في تهدئة الانتقادات التي وُجهت له، خاصة من طرف فعاليات تربوية وثقافية رأت في تصرفه رسالة سلبية موجهة لفئة الشباب، متهمين إياه بـ"الترويج لقيم الانحطاط الأخلاقي" وتغذية ثقافة التمرد والتفاهة. بعضهم دعا حتى إلى تدخل وزارة الثقافة من أجل "وضع حدود لما بات يُروج له من فوق المنصات باسم الفن". في مقابل ذلك، اعتبر عدد من أنصار "طوطو" أن عبارة "سلكوط" لم تُفهم في سياقها الحقيقي، وأن من ينتقده (طوطو) يتعمد تجاهل رمزيته كشخصية فنية متمردة تترجم واقع جيل بأكمله، جيل يتخذ من الراب وسيلة للتعبير عن التهميش والغضب الاجتماعي. في خضم هذا الانقسام، يبقى الجدل قائماً، بل ويتجدد كل مرة مع كل ظهور أو تصريح جديد لطوطو، الذي يبدو أنه اختار طريق "الصخب المدروس" كعلامة مسجلة لمسيرته الفنية.


الجريدة 24
منذ 2 أيام
- الجريدة 24
جدل يطال الشكاية التي توصلت بها "الهاكا" ضد بث سهرة "طوطو" على "دوزيم"
تفاعل مجموعة من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، مع الجدل الذي أثاره بث سهرة مغني الراب "الغراندي طوطو" ضمن فعاليات مهرجان موازين، على شاشة القناة الثانية، معتبرين أن الشكاية التي تقدم بها حزب العدالة والتنمية لدى الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري "الهاكا"، خطوة "مبالغ فيها". وشدد العديد من النشطاء، على أن سهرة "الغراندي طوطو"، كانت ناجحة، وأن الأغاني التي قدمها في الحفل لا تسيء لأي جهة من جهات، معتبرين أن نقلها للجماهير المغربية على القناة الثانية أبان على مدى نجاح العرض الغنائي الذي أتحف به الأخير جمهوره. وكان حزب "المصباح" قد تقدم بشكاية لدى "الهاكا" مساء أمس الأربعاء، ضد القناة الثانية، بسبب بثها الحفل الذي أحياه الرابور "الغراندي طوطو" ضمن فعاليات مهرجان موازين. واعتبر الحزب، أن "دوزيم" خرقت مقتضيات دفتر التحملات الخاص بها، بعد بثها سهرة "طوطو"، التي ظهر فيها بلباس يحمل عبارة "سلكوط"، وردد خلالها مجموعة من الأغاني التي تضمنت كلمات "ساقطة".