
الحرب كصراع لغوي (3)
لم تسلم الكتب المقدسة نفسها من توظيف المغرضين لبلاغتها، فى تأويلات فاسدة، كى يبرّروا القتال، وهى مسألة إن كانت ظاهرة بشدة فى أدبيات الجماعات والتنظيمات المتطرّفة والعنيفة والإرهابية التى توظف الإسلام فى تحقيق أهدافها، فإننا نراها حاضرة بقوة فى «الحروب الصليبية»، وفى توظيف «الكتاب المقدس» لتبرير الاستعمار، بل تبرير العذاب الأليم الدائم والمقيم لشعوب بأكملها، بل وحتى إبادتها أحياناً.
ولا تقتصر الاستعارة فى مجال الحرب على العبارات، وإنما تمتد إلى الصور والرموز، فتنظيما «القاعدة» و«داعش» اتخذا «راية سوداء» تسبق مقاتليهما فى المعارك التى يخوضونها، زاعمين أن راية الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) كانت «سوداء»، ثم ظهر تنظيم فى العراق مثلاً، بعد انكسار داعش على أرض الرافدين، يحمل «راية بيضاء» يتوسّطها رسم لأسد. وكان الفرنجة يرفعون «الصليب» أثناء زحفهم الاستعمارى على الشرق، بعد أن وظّفوا استعارات لفظية حاشدة صورت العرب والمسلمين على أنهم «برابرة» و«كفرة» بينما هم كانوا «المخلصين» و«المؤمنين»، وقد جاء بوش الابن ليستعمل لفظ «البرابرة» قُبيل الهجوم الأمريكى على أفغانستان فى أكتوبر من عام 2001، قاصداً بهم حركة طالبان والقاعدة، ووقتها عاد البعض إلى استعارة نبوءة نوسترادموس الشهيرة التى توقع فيها حدث 11 سبتمبر والحرب التى تقوم بسببه، والتى قال فيها: «نار تزلزل الأرض، تخرج من مركزها، ستسبّب هزات حول المدينة الجديدة، وستتصارع صخرتان كبيرتان لفترة طويلة وستلون أريثوسا نهراً آخر بالأحمر». ويكون المتصارعون فى الحروب بحاجة ماسة إلى المجاز، ليس فقط فى الدعاية أثناء المعركة، حيث اللغة ذات الجرس والإيقاع المدوى، الذى لا بد أن يجارى دقات طبول الحرب، وإنما أيضاً فى الادعاءات التى تعقب توقف القتال، ويبدأ كل طرف فى رواية ما جرى من وجهة نظره، التى تخدم مصالحه، ويسعى إلى إقناع الشعب بها، وتسجيلها فى كتب التاريخ.
ولعل الشاعر الكبير محمود درويش قد تمكن من التعبير عن هذه الحالة فى روعة وإيجاز حين قال:
«مجازاً أقول: انتصرت.. ومجازاً أقول: خسرت
ويمتد وادٍ سحيق أمامى.. وأمتد فى ما تبقى من السنديان
وثمة زيتونتان.. تلماننى من جهات ثلاث
ويحملنى طائران.. إلى الجهة الخالية
من الأوج والهاوية.. لئلا أقول: انكسرت.. لئلا أقول: خسرت الرهان»
ويمتد حضور المجاز فى الحروب إلى مساحات يندلع فيها قتال من نوع جديد، ليس حول وصف ما جرى، وإنما فى صياغة المصطلحات والتعبيرات المجازية، التى لا تلبث أن يُذاع صيتها، ويرسخ وجودها، ويردّدها الناس كمسلمة لا تقبل النقاش ولا الجدل.
فنحن مثلاً حين نسمع كلمة «حرب» فى زماننا هذا فإن أول صورة ترتسم فى الذهن هى انطلاق نيران كثيفة من مختلف أسلحة القوات البرية والبحرية والجوية. ومثل هذه النار لا يمكن أن تكون باردة، إلا على سبيل المجاز. لكن نظراً لأن اندلاع مواجهة مباشرة بين القطبين العالميين آنذاك، الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتى المنهار، صار ضعيف الاحتمال، فى ظل رفض الشعوب الغربية لحرب أخرى بعد حربين عالميتين مدمرتين، ومع نتاج سباق التسلح الرهيب بين القوتين العظميين الذى وصل إلى مستوى «الردع» المتبادل، فقد ساد ارتياح لصك الغرب مصطلح «الحرب الباردة»، وتداولته الأغلبية الساحقة من الساسة التنفيذيين والدبلوماسيين والباحثين والكتاب فى مختلف أنحاء العالم على أنه مسلمة، لا تقبل الجدل والنقاش، أو أن كثيراً منهم لم يفكروا أصلاً فى مراجعته. فبينما أدارت واشنطن وموسكو حروباً بالوكالة، ومناطحة قوية بين أجهزة المخابرات، وصراعاً أيديولوجياً حاداً بين الليبرالية والشيوعية، كانت الحركة الدبلوماسية الدائمة، ومحادثات التسلح، والخطابات المتبادلة التى تتّسم بها العلاقات المباشرة بين الشرق والغرب، توحى كلها بأن هناك ارتياحاً لإضافة كلمة «الباردة» إلى «الحرب»، ولكل ما يرتبط بها من مفردات مثل «جليد» و«ذوبان» و«برود» و«صقيع».. إلخ، وجميعها استعارات مستقاة من أحوال المناخ والطقس إلى السياسة الدولية فى أعلى صورها، كان بوسعها أن تُلفت الانتباه إلى جمود العلاقات بين القوى الكبرى، وهى وافقت رغبة الغرب فى هذه اللحظة.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ ساعة واحدة
- الشرق الأوسط
العراق: «صراع أجنحة» داخل السلطة القضائية
أصدر مجلس القضاء الأعلى العراقي، الأحد، بياناً شرح فيه تفاصيل ترشيح القاضي منذر إبراهيم حسين لرئاسة المحكمة الاتحادية، على خلفية استقالة رئيسها جاسم العميري. و«الاتحادية» هي أرفع محكمة مهمتها «فحص دستورية القوانين والأنظمة النافذة في العراق، وإلغاء ما يتعارض منها مع أحكام الدستور». وطبقاً لبيان المجلس، فإن «اللجنة المخصصة لاختيار رئيس المحكمة المنصوص عليها في المادة (3- أولاً وثانياً) من قانون المحكمة الاتحادية العليا وافقت على إحالة رئيس المحكمة الاتحادية العليا الحالي القاضي جاسم محمد عبود للتقاعد لأسباب صحية، وترشيح نائب رئيس محكمة التمييز الاتحادية القاضي منذر إبراهيم حسين بدلاً منه. وتمت مفاتحة السيد رئيس الجمهورية (عبد اللطيف رشيد) لإصدار المرسوم الجمهوري بالتعيين». مجلس القضاء الأعلى: الموافقة على إحالة رئيس المحكمة الاتحادية العليا القاضي "جاسم العميري" إلى التقاعد لأسباب صحية ويرشح القاضي "منذر إبراهيم" لرئاسة المحكمة خلفاً له.طار #خور_عبدالله — A.H (@A_H_P_R) June 29, 2025 وتتكون المحكمة الاتحادية العليا، طبقا للمادة 3 - أولاً، من رئيس ونائب للرئيس وسبعة أعضاء أصليين، يتم اختيارهم من بين قضاة الصنف الأول المستمرين بالخدمة، ممن لا تقل خدمتهم الفعلية في القضاء عن 15 سنة. رئيس مجلس القضاء فائق زيدان (إعلام القضاء) وتنص المادة في بندها الثاني، على أن يتولى رئيس مجلس القضاء الأعلى، ورئيس المحكمة الاتحادية العليا، ورئيس جهاز الادعاء العام، ورئيس جهاز الإشراف القضائي، اختيار رئيس المحكمة ونائبه والأعضاء من بين القضاة المرشحين مع تمثيل إقليم (كردستان) في تكوين المحكمة. وبعد عملية الاختيار ترفع الأسماء إلى رئيس الجمهورية لإصدار المرسوم الجمهوري بالتعيين خلال مدة أقصاها 15 يوماً من تاريخ اختيارهم. «فـــائـــدة»:الإستقالة الجماعية لقُضاة المحكمة الإتحادية العليا «غير الشرعية» يعني أن ثمة «أوردراً» قد وصل إليهم بالإستقالة!وذلك لإسقاط جاسم العميري ومحكمته! ولضمان أن تكون المحكمة الإتحادية العُليا القادمة «تابعة» لإقطاعية مجلس القضاء الأعلى بالكامل!ولا يُمكن أن يصدر هكذا... — د. يحيىٰ الكبيسي (@DrYahyaAlkubisi) June 19, 2025 وطبقاً لبيان مجلس القضاء، فإن المرشح الجديد لمنصب رئيس المحكمة الاتحادية، القاضي منذر إبراهيم حسين، من مواليد بغداد (1963) وحاصل على شهادة القانون من كلية القانون في «جامعة بغداد» سنة 1989، ومتخرج من المعهد القضائي سنة 1998، وعمل في محكمة التمييز الاتحادية منذ عام 2018، ويشغل حالياً منصب نائب رئيس محكمة التمييز الاتحادية، ورئيس الهيئة الجزائية فيها، كما أنه عضو احتياطي في المحكمة الاتحادية العليا. المحكمة الاتحادية العليا في العراق (واع) ورغم حديث بيان مجلس القضاء عن الأسباب «الصحية» التي أدت إلى إحالة رئيس المحكمة السابق جاسم العميري إلى التقاعد، فإن صراعاً كان محتدماً بين العميري ورئيس مجلس القضاء فائق زيدان، انتهى بنجاح الأخير في إزاحة العميري وترشيح نائبه في محكمة التمييز القاضي منذر إبراهيم حسين، ليشغل منصب رئاسة المحكمة الاتحادية. ويشغل زيدان إلى جانب رئاسة مجلس القضاء الأعلى، منصب رئيس محكمة التمييز. وتتحدث مصادر قضائية عن «صراع الأجنحة» داخل السلطة القضائية، وقد تفجر أكثر من صراع خلال الأشهر الماضية بين فائق زيدان وجاسم العميري، وانتهى بخروج الأخير من حلبة الصراع. مقر «مجلس القضاء الأعلى» وسط العاصمة العراقية بغداد (إعلام حكومي) وقدّم الأعضاء التسعة في المحكمة الاتحادية وضمنهم الرئيس جاسم العميري استقالة جماعية في 19 يونيو (حزيران) الحالي، نتيجة الصراع المتفاقم بين مجلس القضاء والمحكمة الاتحادية، لكن الاستقالة أدت عملياً إلى إزاحة الرئيس من منصبه وبقاء بقية الأعضاء، ما يمهد الطريق أمام عودتهم إلى المحكمة بعد اختيار الرئيس الجديد للمحكمة. ورغم الجهود الحثيثة التي بذلها العميري خلال الأيام العشرة الأخيرة لاحتواء الصراع بين المحكمة ومجلس القضاء ومحكمة التمييز، فإن مساعيه لم يكتب لها النجاح نتيجة الرفض الذي قوبل به من قبل رئيس مجلس النواب محمود المشهداني ورئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد. وكان العميري قد تقدم بطلبين إلى الرئيسين المشهداني ورشيد يطلب فيهما، دعوة ائتلاف «إدارة الدولة» المهيمن على الحكومة، للانعقاد من أجل التداول بشأن «التنازع بين قرارات المحكمة الاتحادية العليا وقرارات محكمة التمييز الاتحادية، ودعوة خبراء دستوريين وقانونيين لحضور الاجتماع وإبداء الرأي بهذا الشأن». لكن طلبه قوبل بالرفض من قبل الرئيسين، وجاء في رد رئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد على طلب العميري، أن «هذا التوجه (الطلب) يتعارض ومبدأ استقلال السلطة القضائية الوارد في المادة 87 من الدستور التي تنص على أن السلطة القضائية مستقلة وتتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها وتصدر أحكاماً وفقاً للقانون». أنصار مقتدى الصدر خلف صورة كبيرة لرئيس السلطة القضائية فائق زيدان كُتب عليها «فاسد» وعليها علامة «إكس» (أرشيفية - أ.ف.ب) وحتى مع الطابع القطعي وغير القابل للنقض بالنسبة لقرارات المحكمة الاتحادية، فإن محكمة التمييز الاتحادية التي يرأسها رئيس مجلس القضاء فائق زيدان، قامت بوقت سابق بتجاهل الأمر الولائي الذي أصدرته المحكمة الاتحادية مطلع أبريل (نيسان) الماضي، المتعلق بالإيقاف المؤقت لتنفيذ قانون العفو العام، وباشرت التمييز بإجراءات إطلاق سراح المشمولين في العفو بعد التصويت عليه في البرلمان من دون أن تأخذ بنظر الاعتبار أوامر المحكمة الاتحادية. ورفضت محكمة التمييز كذلك، مطلع شهر يونيو الحالي، حكماً صادراً عن المحكمة الاتحادية، ويتعلق بعدم دستورية المادة 35 بقانون التقاعد الموحد، الأمر الذي يكشف عن حجم الصراع القائم بين أجنحة السلطة القضائية. ويعتقد مهتمون في الشأن القضائي، أن القاضي فائق زيدان كسب جولة الصراع الحالية، وتمكن من إزاحة خصمه رئيس المحكمة السابق.


عكاظ
منذ ساعة واحدة
- عكاظ
أمير تبوك يطلع على تقرير «الشؤون الإسلامية» بالمنطقة
اطّلع أمير منطقة تبوك الأمير فهد بن سلطان بن عبدالعزيز، على التقرير السنوي لأعمال فرع وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد بالمنطقة. جاء ذلك، خلال استقباله بمكتبه في الإمارة أمس، مدير فرع وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد بالمنطقة عبدالله محمد المشيقح، حيث اطلع على ما احتواه التقرير من إنجازات ومشاركات الفرع الفاعلة، وكل ما يتعلق بخدمة بيوت الله من أعمال الإنشاء والترميم والصيانة، مثنياً على جهود فرع الوزارة وما يقوم به من أعمال جليلة، مشيراً إلى أن ذلك يأتي امتداداً للرعاية الشاملة والاهتمام المتواصل من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي العهد. أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ ساعة واحدة
- الشرق الأوسط
بعد الصدر... العبادي ينسحب من الانتخابات العراقية المقبلة
بعد أن بدد «التيار الصدري»، بزعامة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، آمال مَن كان يراهن على إمكانية عدوله عن مقاطعة الانتخابات إلى المشاركة فيها، أعلن ائتلاف «النصر» بزعامة رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي انسحابه منها أيضاً؛ احتجاجاً على دور «المال السياسي» وغياب الضوابط المانعة لتوظيفه في هذه العملية الديمقراطية. وفيما حدد الصدر في أكثر من تغريدة وبيان له، أن السبب الرئيس الذي يحول دون استمرار تياره في خوض الانتخابات هو الفساد المالي والسياسي، فإن ائتلاف رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي قرر الانسحاب من المشاركة في الانتخابات المقبلة، المقررة خلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل؛ بسبب هيمنة «المال السياسي» الذي يكاد يكون العنوان الأكبر للانتخابات المقبلة. زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر (إكس) ولم تنفع المساعي التي بذلتها قوى سياسية وحزبية في ثني «التيار الصدري» عن المقاطعة. وبقي زعيمه مصراً على عدم المشاركة، رغم إلزامه أعضاء تياره تحديث سجلاتهم الانتخابية. وتقول أوساط «المفوضية العليا المستقلة للانتخابات»، إن لـ«التيار الصدري قوائم مسجلة داخل المفوضية تحت مسميات عدة». ولذلك، لم يتضح بعدُ ما إذا كان زعيمه سيدعو جمهوره الكبير الذي يعد بالملايين إلى انتخاب إحدى تلك القوائم، أم أن المقاطعة ستكون شاملة...كما لم يتبين بعدُ ما إذا كانت القوائم المذكورة قد تم تسجيلها باسم التيار، أو باسم أطراف قريبة منه. أما ائتلاف «النصر» بزعامة رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، فقد أبلغ السبت، القوى السياسية، بمن فيها تلك التي يتحالف معها وهي تحالف «قوى الدولة الوطنية»، انسحابه من المشاركة في الانتخابات المقبلة لكي يصبح ثاني ائتلاف شيعي يقرر ذلك. الآلاف من أتباع الصدر في مظاهرة بساحة التحرير وسط بغداد (د.ب.أ) وقال الائتلاف في بيان له: «ائتلاف (النصر) بزعامة حيدر العبادي يحيط الرأي العام علماً بأنّه في الوقت الذي يؤمن بالعملية الديمقراطية ورافعتها الانتخابات، وفي الوقت الذي يؤكد بقاءه ضمن تحالف قوى الدولة الوطنية، فإنّه لن يشارك بمرشحين خاصين به، وسيكتفي بدعم من يراه صالحاً وكفوءاً ضمن مرشحي التحالف». وأضاف: «ائتلاف (النصر) يرفض إشراك مرشحيه بانتخابات تقوم على المال السياسي وتفتقد إلى الحزم بفرض الضوابط القانونية المانعة من التلاعب وشراء الأصوات، وتوظيف المال العام والمال الأجنبي واستغلال موارد الدولة»، مبيناً أن «مصداقية الكيان السياسي وأخلاقياته مرتبطة بسلوكه السياسي، وسلوكه السياسي هو الذي يحدد وزنه وتأثيره». مع تبدد آمال ملايين المنضوين ضمن «التيار الصدري» بالمشاركة في الانتخابات، وهو ما سيفرض عملية تنافسية كبيرة بين القوى السياسية، لا سيما في العاصمة بغداد، فإن القوى الشيعية التقليدية التي تعد نفسها الوريث الشرعي للتيار، ستبدأ بتنفيذ خططها التي تهدف إلى طرح نفسها بوصفها «البديل الطبيعي مذهبياً وسياسياً». موظفو لجنة الانتخابات يفرزون بطاقات الاقتراع في مركز اقتراع في مدينة الصدر شرق بغداد (أرشيفية - أ.ف.ب) ومن جهتها، بدأت «المفوضيَّة العليا المستقلّة للانتخابات» التدقيق في قوائم المرشّحين التي قُدِّمتْ من قِبَل التحالفات والأحزاب السياسيَّة، عقب انتهاء مهلة الترشيح الرسميَّة يوم الخميس الماضي. وأفاد رئيس الفريق الإعلامي في المفوضيَّة، عماد جميل، بأنَّ هذه المرحلة تشمل مراجعةً شاملةً للوثائق المقدَّمة من قبل المرشّحين والتحقّق من استيفائهم شروط الترشّح. وأضاف أنَّ «شُعب المرشّحين في مكاتب المحافظات تتولّى الآن تدقيق الأسماء والوثائق، تمهيداً لإرسالها إلى الجهات المختصَّة، لفحص الخلفية القانونية والعلمية للمرشّحين خلال مدة لا تتجاوز 15 يوماً». رئيس حكومة العراق محمد شياع السوداني (رويترز) وفي السياق ذاته، أعلن مصدر رسمي أن زعيم ائتلاف «الإعمار والبناء» رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، سوف يخوض الانتخابات المقبلة بنحو 470 مرشحاً يتوزعون في بغداد وباقي المحافظات العراقية. وحمل السوداني الرقم واحد في بغداد، كما أن رئيس البرلمان العراقي السابق وزعيم تحالف «تقدم»، محمد الحلبوسي، قرر الترشح في بغداد بدلاً من محافظة الأنبار تحت الرقم واحد. رئيس مجلس النواب السابق محمد الحلبوسي (د.ب.أ) وفيما توجد أسماء أخرى ضمن قائمة التنافس على بغداد، فإن الرقم واحد المتمثل شيعياً بالسوداني، وسُنِّياً بالحلبوسي، يعني نوعاً جديداً من التنافس للحصول على أعلى نسبة تمثيل للمكونَين فيها، سيما أن السوداني سيستفيد من غياب «التيار الصدري» للحصول على المزيد من أصوات الصدريين، في حين قد يعني حصول الحلبوسي على رقم واحد في بغداد، أو حصوله على نسبة أصوات عالية داخل المحافظة وحزامها السُّنّي، تغييراً في المعادلة المذهبية في العاصمة... وهو ما يشكل قلقاً لدى العديد من الأوساط السياسية الشيعية.